عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 04-20-2018, 08:57 PM
 
فضي





[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





هالة






[4]


ما أقسى اللحظات وأصعبها, كيف آل الحال بهذه الصورة في ساعة من الزمن!, ربما لو كان في قلب الحدث لكان أهون عليه من مرارة الهلع والصدمة الملمانِ به الأن, كيف له التصديق والإستيعاب, فعيناه المرتجفتان لم تُبصرا غير بِحار من الدم وتمدُدَ لجثثٍ غير محدود, حتى الأبنية الحجرية لم تسلم, فالكثير منها تهدّم وتراكم حطامه كأنّ زلزال أصابها, والبعض الأخر تولت آلسنة النيران المشتعلة أمرها, أراد الفهم ,أن ينقذ نفسه التائهة بين الوهم والحقيقة , لكن لا جدوى فالجنون لحظتها أقرب إليه من كل شيء, والشلل فرض نفسه على لسانه, ليحرمه حتى من الصراخ .فتحرك بخطى عاجزة يعبر تلك المناظر . أبسط وصف يُجسّدُها أنها مجزرة بشرية تجرّدَ جزارها من إنسانيته , دخل ساحة القصر المحترقة لتتثاقل نفسه ويرتعب قلبه حين أبصره من بين إثنين سابحاً في دمائه مثلهما , ركض صوبه من فوره محررا لسانه من الشلل, ليصرخ بخوف بالغ:
" أبـي! "
وصله فرفعه على يمناه, لتسري الفاجعة لأعماقه بشكله الموحي بموته, هزّه منادياً له بصدمة :
" أبي أتسمعني؟...أجبني أرجوك"
ناشده بالإسيقاظ ,كرر عباراته الخائفة المترجية آملاً صحوه, تحقق له ذلك عندما لحَظ تلك العينين المغمضتين تحاول الإنفتاح , فتوغله السكون الحزين حين رأى زرقتهما المتألمة , بدت خالية من ضياء الحياة.
أراد النطق فسبقه دمعه بالإنهمار معبراَ عن ما يختزنه من وهن حزين, فما إستطاع سوى أن يهمس بتأثر واضح:
" أبـي!"
أنّى له الإحتمال وهو يُبصر ما آل اليه والده, هيبته وشموخَه زالا وذهبا إثر الإحتضار المُلم به, بالكاد رمق إبنه بنظرات حانية, ليتكلم بخفوت تعب:
" الحمدلله ...خفتُ الّا أراكَ قبل رحيلي"
أثرته كلماته لتجعل دموعه تفيض دون توقف, فنطق بقلب متألم :
" لا تقل ذلك ستكون بخير "
كرر مقولته في محاولة ليُطَمْئِنَ نفسه, لكن هيهات كيف سيطمئِن وقد راح والده يسعُل دماً ليؤكد لحظة الوداع, وداع الروح لجسده,فأضحى ممسكه في غياهيب الجنون , عقله غاب عنه وقلبه ما عاد يثبت من شدة خفقاته المرتجفة , لحظات مريرة أففدته حواسه , فليس بوسعه فعل شيء,الجميع قٌتل ومن ضمنهم الأطباء, كيف سيُنجِدُ أباه من الموت !, فتراوحت صراعات الحلول المعدومة

تدور في نفسه عله يجد ما يغيثه, فنتبه لهدوء نوبة السعال التي أصابت والده, تمعنه ليراه يُخرِجُ من جيبه تلك القلادة الكريستالية, فمدّها له قائلا بجد تعب:"خذها...إنها تعود إليك بعد ثماني سنوات من إخفائها عنك"
إستلمها منه بتعجب جاعلاً من الصمت سيده ليفهم مقصده, فأتم إرياس بعناء:
" كنتَ مريضا بالحمى حينها فظهرت قربك وتحسن حالك بعدها...أخفيتها عنك لخوفي عليك لأنك أنت صاحبها.. تمنيت الا يأتي هذا اليوم يوم رجوعها إليك"
صمت قليلا , ليكمل بأسى:" إنها ترجع إليكَ الأن فقد آن أوانها فإحمي بها الأخرين"
عاوده السعال المميت , ليتقطع فؤاد إبنه عليه, ويجعله يتكلم بحزن بالغ:
" أبي تماسك أرجوك...تماسك"
أمضي لحظات في عذابه, وما إن كف السعال عنه حتى عاد ليكمل مسابقا حلول أجله:
" ثلاثة يحملون مثلها ...جدهم لتعرف منهم كل شيء"
ثم أغمض عينيه الزابلتين مصيبا آليكس بالهلع عليه, فهمس بصدمة :
" أبي "
تسرب همسه لأذني مناديه, لبجعله يعيد فتح عينيه, ويرمقه بنظرات تجمعت بها مشاعر عدة, فمدّ يدهالوهِنة ليلامس بها وجهه المبلل بالدموع, قائلا بهدوء :
" عدني أن تعيد الأمجاد الى هذه المملكة ...عدني بذلك"
تأثر عميقا بكلماته المودعة, فأمسك بيده الملامسةوجهه ناطقا بحزن :
" لا تقل ذلك ...أنت من سيعيدها كما كانت بل أفضل ..أنت فقط يأبي"
خنقته العبرة لتجعله يقطع حديثه ويخفض من رأسه بحيث لا تُرى ملامحه الكسيرة, ما كان سيجرؤ على رفعه بعدها وقد حانت تلك اللحظة التي لم يتوقع حضورها يوماً, لولا الهمس الدافيء الذي إفتحم قلبه:
" إهتمّ بنفسك"
فرفع رأسه سريعا لتصدم عيناه بإبتسامة والده الدافئة, كيف رسمها وسط معاناته, بل مازال يحتفظ بها حتى بعد أن أغلق عينيه الطيبتين للمرة الأخيرة, إنها النهاية كما بانت,

ومع ذلك رفض التصديق, وراح يناديه بكل ما لديه من عبارات الترجّي, لعله يراه يصحو مجددا, للأسف لم تكن هناك جدوى , فسلّم أمره للواقع لقد مات هذا ما تيقنه بتحديقه به, فتفاقمت صدمته ولم تكن لدموع عينيه المرتجفتين سوى الإنجراف كالسيل, فساندتها قطرات المطر التي هطلت تواً , فإشتد نزولها لتجعل صدى صوتها يصدح الأفاق مصحوباً بتلك الشهقات الباكية .

فتح عينيه بحزن يلتمع فيهما, غلفه السكون الوجم والعجز , بدى ضعيفا حتى في نهوضه من الأرض الحجرية التي كان نائمابها, فتكررت على رؤياه تلك اللحظة المفجعة له, التي لم تفارقه حتى في منامه, فجرت دمعة من عينه دون شعور منه, لتجعله يشعر بالإختناق ويحرر رغبته بالبكاء, فمهما حاول جمح حزنه العميق لن يقدر ولن يثبت, بل سينهار في كل لحظة .
قام بضم ركبتيه إليه ليُتكِئ رأسه بهما حاجبا عن نفسه وميض النور الذي تسلل إليه من عين الشمس المشرقة الأن,

فأنارت قليلاَ من ظلمة الكهف القابع به ,و الكامن خلف سلسلة من الأشجار عند تلٍ صغير.

في عتمة ما رفضت المعالم بها الوضوح عدا تلك الوجوه المألوفة , بدى على أحدها أنه بلغ مجمع السعادة, فما كان يحلم به منذ أمد طويل تحقق, بل سينال أكثر من مناله, فتحدث بتملق سعيد مخاطبا أرجواني الشعر :
" ألم يحن وقت تعريف نفسك وبسيدك! "
تبسّم المعني بسخرية ليجيبه بنوع من الخباثة :
" بعد أن صرنا شركاء تستطيع أن تعرف منأكون...انا سكِنر اليد اليمنى لسيدي"
لسبب ما لم يرتح قلب ويليام الناظر إليهما, للحظة لا يصدق ماجرى, كان كلمح البصر ومريع الأثر , فظل يترقبهما بعين باهتة تعيسة.
سأل هلان مجددا :
" لِما دمرنا المملكة؟ ألم يكن الأفضل ضمها لنا!"
رمقه محادثه بنظرة جلها الإنزعاج فصرح بما فيه بطريقة جادة:
" أنت تسأل كثيراً...أنصحك بحفظ لسانك حتى لا تلقى ما لا يسرك منّا وأعلم جيّدا أن كل ما نقوم بههو لأمور تخص سيدي وحده "
أوحت كلماته بالتحذير كما فهما هلان منه, فاختفى بعد تصريحه كما يختفي الظل في الظلام, جاعلا الثوران المنزعج يغزو حاقد القلب, لكن رويدا رويدا تلاشى غضبه بتذكره نصره, فإمتدت إبتسامته بغرور, وإلتفت خلفه حيث إبنه الجالس بعيدا عند أحد الزوايا, ليلمح شرود عينيه الرماديتين السابحتين بعيدا, راحتا تسترجعان ما حدث, حين إخترق سيف والده جوف عمه دون تردد, بالرغم من ترجيه لوالده بالعزل عن مبتغاه, زاد أساه بعمه الذي لم يدافع عن نفسه حتى سيفه أبقاه في غمده .صوت صارم قطع تذكره,ليجعله ينتبه لقوله الجاد:
" ماالذي يدعوك لشرود هكذا.. ?"
حول عينيه نحوه بعد ما سمعه, فصرّح بغير تردد:
" لِما قتلت أخاك! "
غضب بشدة فأجابه بإنزعاج تام:
" لم يكن أخي يوما ...تربيتُ معه تحت ظل رحمة أبويه لا غير "
زهل ويليام كثيرا,

فتكلم بما أصابه من زهل مصدوم:
" ولكن يبقى أخاك أنت تربيت معه كما ذكرت"
فاض غيظه بكلماته, فتلفظ بقسوة:
" لا تعد ذكر ذلك على مسامعي مرة أُخرى...لا أريد سماع سيرته"
ثم إبتعد يخطو بين الظلمة متبعا قوله بحرقة:
" كل ما يثيرني هو إختفاء ذلك الآليكس...كان من المفترض أن ينتهي كما أنتهى والده للأبد"
توغل الحزن قلب ويليام لقسوة أبيه, فأزاح بعينيه المتأثرتين جانبا, ليحدث نفسه الكيئبة بأسى :
" ليس المهم أين إختفى ...بل المهم أنه مايزال حياً"

مملكة النورـ تلك الأسطورة الأمنة, تجرّدت من معانيها الشامخة, فغدت مقبرة للموتى المتعفنة في العراء, أختنق الهواء بنتانة الروائح الفائحة من الجثث, لتجلب الغربان بكثرة متلذذة بمائدة وفيرة .
خراب شامل ما كانت عليه, أوحت أنها مهجورة لسنين عدة وليس ليوم واحد, مرت زوبعة ريح طفيفة تكفلت بإسقاط باب أحدالمنازل المهدمة, فإزدات الصدمة على تلك العيون المحدقة , ثلاثة شبان توسطوا الشارع, بان عليهم الهلع من مناظر لم يتوقعوا إبصارها, دمار وموتى أخر ما يتصوره العقل في هذه المملكة ,فصاح أحدهم بصدمة :
" أهذه هي أعظم مملكة!..أأنت واثق أنك لم تخطئ ياكين? "
أجابه المعني بحسرة بعد أن أغمض عينيه الخضراوتين بتأثر :
" للأسف تأخرنا تأخرناكثيراً "
ثم إلتفت نحوهما قائلا بأسى :
" هيا علينا أن نواري جثثهم"
فتح أشقر الشعر فاه ببلاهة قائلا بعدم تصديق:
" هل أنت تمزح إنهم شعب كامل كيف سندفنهم جميعا ونحن ثلاثة فقط! "
تجاهله كين فتقدم بهدوء يتبعه الشاب الثالث هادئ الطبع جاد الملامح, فاستاء الأشقر منهما ولم تكن له حيلة سوى الإنصياع فقط,.فمضى الوقت حتى الشمس توارت مختبئة, ليحلَ الليل محلها, والثلاثة مازالوا في شغلهم, ربما هم في حاجة لإسبوع لينهوا ما بدأوا به.



أطياف من الماضي حامت حوله, ذكرته بمن لن يعود, خُيلت له تلك الإبتسامة الدافئة العذبة لتغرق عينيه الزرقاوتين في دموع كادت تهطل منه, حاول الثبات قليلا لكنه إنهار بألم, رمى بظهره أرضا , وهمس ببرود :
" ليتني مِت ...ليتني مِت قبل هذا"
ثم إنقلب على يمناه متجنبا النور المنبعث إليه, إنها الشمس أشرقت مجددا, لم يعد يدري كيف يمضي الزمن أو الى أين سيقوده حاله المزري .
فسقطت منه كلاتا القلادتين اللتين منحهما إليه والده بحركة إنقلابه , تملكه الزهل حين راءهما ,فسبح عقله من فوره يتذكر ما قاله أبوه عن الكريستالية الحمراء, إنتابه بعض التعجب, فحقيقتها مبهمة له, ثم حمّلق بالذهبية متذكرا وصية والده بإعادة المجد للمملكة, وتذكر لحظة إستلمها منه في تلك الليلة مع كلماته الطيبة العطوفة.
فنهض يجلس ببطء كئيب, ورفعهما محدقا بهما بتعاسة, ثم أغمض عينيه هامسا بأسى:
" أبي"
بعد عمل شاق دؤب تمكن الثلاثة من إنجاز إنساني, تطلب الأمر منهم الجهد والوقت معا, فنال التعب من ذلك الأشقر المرتمي بجسده دون مبالاة كالأطفال تشبه من حيث الفوضوية, جمّع بعض من أنفاسه المضطربة ليصيح كالأبله :
" سجّل أيها التاريخ ثلاثة فقط دفنوا المئات المئات بل الألاف من الموتى"
فاتبع مقولته بضحكة ساخرة من نفسه المتهالكة بالتعب .

نظر كلا رفيقيه إليه بيأس من حاله, لم يكونا أفضل منه , فالإرهاق بان فيهما , خاصة فضي الشعر الطويل المسترسل أسفل ظهره, تعمق قليلا بفكره في أمر يشغله , جاعلا من الأخر الذي يقربه يخاطبه بهدوء جاد بعد أن لمح شروده :
" ما الأمر ياكين! "
إنتبه له ليجبه بهدوء بعد أن نهض واقفا:
" لا شيء...كنت أفكر به ،علينا إيجاده سريعا"
تعجب كلاهما , فإندفع الأشقر ناهضاً من رقوده , ليتكلم بإستغراب شديد:
" لكنّ الجميع قُتِلوا ...ماذا لو كان من ضمنهم! "
أجابه بهدوء واثق :
" تريث في الحكم يا مانكس...فهناك ما لفت نظري"
زادهما قوله تعجباً, بينما هو تقدم بخطاه قائلا ببعض الجد :
" تعاليا معي"
فلحقا به بصمت رغم جهلهما لما يقصد,

فوصلوا إلى حديقة القصر الخلفية, حيث شاهدوا أثار قدمين تسببها وحل المطر, فتكلم كين بثقة:
" الأثر سببه المطر الذي نزل قبل الأمس ...وحسب خبرتي الطبية جميع القتلى ماتوا قبل هطول المطر"
لم يفهم مانكس قصده, فتمتم بإستياء :
" وماذا يعني ذلك؟ "
رد صاحب الملامح الجادة بهدوء عوضاً عن المعنّي :
" هذا يعني أنّ هنالك من نجى"
فأيده كين بثقة:
" كما قلتَ يا سيمون هناك من نجى منهم... سيفيدنا إن كان يعلم شيئاً"
بعدها تبعوا الأثار التي قادتهم نحو ذلك الكهف القابع خلف الغابة الخاصة بالقصر.
أخذهم الزهول قليلاً بطبيعة المكان المتمتع بها القصر, لكن ذلك لم يأخذ كثيرا من تفكيرهم الذي إقتصر بمن سيجدوه داخل الكهف, بحيث باشرت أقدامهم بالمضى مقتحمة له, ربما سيجدون أملاً كما ظنوا, لكن أخذتهم الدهشة بخلوه من أي مخلوق.
هنا تمتم مانكس بتذمر معلناً نفاذ صبره:
"والأن ماذا برأيك أن نفعل! ...لم نجد طرفا يقودنا لما تسميه رابعنا"
كلماته المحبطة لم تؤثر في كين, بل سكنه الهدوء وهو يتفحص الكهف المظلم بعينيه, ثم نطق بجد :
"الناجي الوحيد ... لا أظنه إبتعد كثيرا سنجده"
صمت قليلا, ليكمل بثقة لمعت في عينيه الخضراوتين:
" سنستدل به لنعلم ما نريد أو ربما يكون هو ما نريد "
جذبت عباراته الواثقة إنتباهما , لتزرع شيئا من الأمل الذي هدره الإحباط .

بهذا بدأت رحلة البحث لكِلا الطرفين,هم من ناحية, وآليكس الذي غادر المملكة من ناحية أُخرى, بعد أن إرتدت نفسه ثوب الهدوء والجمود


" يُتبـْع "...







[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

-


__________________






سُبحان الله العظيم
سُبحان الله وبحمدِه

التعديل الأخير تم بواسطة Mārionēttē ; 11-15-2019 الساعة 03:22 PM
رد مع اقتباس