عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 03-29-2018, 11:09 PM
 
بثنايا غيهب أسُّها عتمة الروح سكنت دواخله ...
و ارتطمت أفكاره الهائجة بمخاوف لم يستطع بترها تعقل و حكمة ....
لهاث انقطع بعد فترة يجهل كنهها و مدتها ليقف أمام لافتة ذلك المتجر ، كان يهرب من بشري عنيد لم يستطع تجاهل حربهم الباردة الصبيانية ...
باردة!...لا أظن ..
بل هي حرب دامية بالمصطلح الأولى و بيد مطاردهِ خنجرٌ معقوف!!
اقترب من بوابة المتجر الذي بدى على بعد مسافة بسيطة و جليٌّ كونُهُ مهجوراً كما هذه المنطقة النائية ليدخل مؤتمناً نفسه تلك الجدران المتصدعة...
جلس هنيئة ليسترد طاقته التي ذهبت مع خطواته الهلعة ، لم يصدِّق أنَّه نجا من ذلك الجاني ذو الفكر الإجرامي البحت ، لأجل ما لا يستحق!
ابتسم ابتسامةً باهتة للأمان الذي يستلهمه بين هذا الديجور المرافق للزَّمان ربما ، إلاَّ أن نذير ما لا يتوقع قد أعاده لصواب موقعه ، أصواتٌ تداخلت بين نياحٍ خافتٍ و أنينٍ تتداولُهُ نوتاتٌ مختلفة من الدَّرجاتِ المتفاوتة ...
ضيَّق وسع عينيه الداكنتان بصبغة نبتة الزيتون المخضرَّة و استقامَ فضولاً ليتَّجِه يسرى مجلسِه ملاحظاً تلك اللائحة الفاحمة التي خُطَّ عليها بخطٍ يناقضها ...
*في غيهب روحك تكن فريسة حق *

نطق بإستهزاء و يده تتصفح خصلات شعره القهوائي مبعثرة ركوده: وااااااو، أمر مثير هنا ، لا أعلم من يحب لعبة الألغاز مثلي ..لكنني سأشكره بعد بعض التسلية .
انطلقت ضحكة خفيفة منه قبل أن يمد كفه اليسرى التي تعلن عن كونه أعسرا كما عُسر حظه نحوَ مِقْبَضِ البابِ الرمادي الذي يواجه ...

لا يَعْلَم ، أ صوتُ صراخ دَوَى تواً أم صوتُ قهقهةٍ تعلُوا مِنْ أَسْفَلِ هذهِ الدرجاتِ الخشبيةِ المهترئة، لكن على ما يبدوا ..هنا خطبٌ يَبْعُدُ عَنْ توقعاته المحدودةِ و المرحةِ فراسخَ عديدة.. !

لثوان رؤية الفتى باتت ضبابية ،قبل أن يدعك ناظريه ملتفتاً للسُّورِ الذَّهَبي العَتِيقَ على جانبيه ، تمسَّك بها كخيوط نجاةً من أمرٍ مهولٍ يستشعره ، و حادث نفسه بالعودة للخلفِ قبل أن يهبط في وادٍ لا يبدوا منه خير بتاتا...

أدار جسده قليلا ليستوعب ، أن لا طريق سوى ما أمامه ، فما خلفه ليس إلاَّ فراغ لا يشاركه أمر ..!
ازدرء ريقه و قرب حاجبيه العريضان قليلا ، حاول محاربة ما يرى بمطنقِ عقلِه... لكن لا يقينَ سيصل مفاهيمه إلاَّ بعد الوصول لذلك المقصد و دخول السرداب الذي حدّّده موقفه منتهى مغامرته .....

الأصوات تعلوا و تخفت ، تعلوا و تخفت... و من ثم تعلوا و تخفِت و رأسه يقاوم صداعاً لا مثيل له !

ربما أخذ َ خمسة عشر دقيقة في نزوله ، و يواجه تلك المساحة الخاوية مما ينقذه ...

أجسادٌ و جثثْ ..بل بقايا عضامٍ أكلها الدَّهر بتآكلٍ عظيم هي ما رأى ...
فكَّر بسر ما يجري ...لا جزماً ، هو فقط يود الخروج ...
تلمَّسَ الجدرانَ و أطرافَ أصابعِه تعكس ارتجافَها فوق تلك الجدرانِ القصيرة نسبياً ، الغبار يخنقه و هو يستنشق أنفاسه بطمع ..!
حتى ابتعد فزعاً .. من أمرر حقَّ أن يكون جللاً...
تلك الحروفِ الداميةِ الظاهرةِ على ذلك الجدارَ الحجري ...
صرخ صرخةَ اعتراضٍ هستيري لما يرى حتى كادت حبالَهُ الصَوتيةِ أن تنقطع : مستحيل...من يفعل هذا المقلب ...؟؟؟!!!!!!

ابتعد قليلًا متماًّ بصرخة جهورية أخرى و ذراعيه تبعد كل ما تقع عليه ذهولاً: ....ليس مضحك ..توقف ، أرجوك ...

ارتمى جسده ناظراً لحروف إسمه المدماة على تلك الصخور ...

" ف ر يـ د"

غير مدركٍ أنَّ تلك الدماء دماءه ..!
__________________
















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم


رد مع اقتباس