عرض مشاركة واحدة
  #154  
قديم 03-06-2018, 02:10 AM
 

أنَّ تَشَكَلَ وُجُودَهُ فِي هَذَا السِرْدَابْ وَ هَذَا العُمُقْ يَكَادُ يَكُونُ كَإنْبِلَاجِ نُقْطَةٍ مِنَ العَدَمْ
كَبُرُوزِ نُتُوءٍ فِي ارْضٍ مُسَطَحَة بِشَكْلٍ مُغَايِرْ لِقَوَانِينْ التَوَاجُدْ, هَذَا حَتْمًا مَا كَانَ يَجُولْ
فِي دَيْجُورِ عَقْلِهِ المُعْتِمْ, وَ قَطْعًا لَمْ يَغِبْ عَلَى ذِهْنِهْ كَوْنُ العَدَمْ بَادٍ كَ تَكَوُرٍ مِنْ آلَمْ
بَعْدَ قَطِيعَةٍ مِنْ حَيَاة, اوْ كَخُدْعَةٍ كَوْنِيَة يُمَازِحُ بِهَا العَالَمُ اشْقِيَائِهِ المُنْهَكُونْ, اوْ حَتَى
قُشْعَرِيرَةٍ حَارِقَة فِي مِتْنِ حِكَايَة تَغْدُو بَعْدَ ثَوَانٍ اسْطُورَة ثُمَ مُزْحَةً ايْضًا.
دَوَى فِي اعْمَاقِهِ هَوْلُ الشُعُورْ اكْثَرْ, احَسّ مَعَ ضِيقِ السِرْدَابْ عَلَى صَدْرِهْ بِإسْتِحَالَةِ
الوُجُودْ تَقْتَرِبُ مِنْهُ, تَرَائَ فِي بَالِهِ انَ كُلُ الفَجَائِعِ الّتِي مَرَّ بِهَا, كُلُ الاصْوَاتِ الصَارِخَة
وَ الفَوْضَى الهَجِينَة وَ حَتَى المَوْتْ, اهْوَنُ مِنْ هَذَا الصَمْتْ, اهْوَنُ مِنْ غَيَاهِبِ صَمْتِ
الرُوحْ وَ الذَاكِرَة. فَكَرَ مُجَدَدًا الشَغَفْ أكَانَ هَذَا حَقًا السَبَبْ فِي كُلِ هَذِهِ الكَوَارِثْ
أكَانَ الأمْرُ مُنْذُ البِدَايَة فَلْسَفَة غَيْرْ مَنْطِقِيَة أمْ رُعُونَة وَ نُزُقٌ شَيْطَانِيَة, احَسَ بِثُغْرَةٍ فِي
اعْمَاقِهْ مَعَ كُلِ فَكْرَة وَ تَشْبِيهْ اوْ حَتَى مُحَسِّنْ تَزْدَادْ وَ تَتَسِعْ وَ كَأنَ العَدَمْ يَبْتَلِعُهْ
يَخْنِقُهْ وَ يَحْرِقُهْ.
لَاحَظَ قَبْلَ انْ يَتْرُكَ القَلَمْ انَّ سِرْدَابَ الكِتَابَة يُعِيدُهُ فِي كُلِ مَرَة إلَى نَفْسِ النُقْطَة
إلَى العَدَمْ حَيْثُ بَرَزَ وُجُودَهُ لِأوَلَ فِكْرَة.


~

رد مع اقتباس