عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 02-22-2018, 06:17 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل الحادي والثلاثون

--------






عانق فارس عمرو وربت على ظهره مطمئناً وأجلسه وجلس بجانبه ممسكاً بذراعة وهو يقول :
- متخافش يا عمرو أن شاء الله هتطلع منها بس أحكيلى كل حاجه حصلت معاك وأزاى حتة الاثار دى دخلت شنطتك ؟!
أستند عمرو برأسه بين كفيه وهو يهزها نفياً قائلاً بإنهيار:
- مش عارف يا فارس مش عارف
ثم رفع راسه إليه وقد بدا فى عينيه الرجاء وهو يقول :
- أنت مصدقنى يا فارس مش كده أنت مصدق أنى ماليش دعوه بالحاجات دى ولا أعرفها
أمسك فارس ذراعه وهو يشد عليه مطمئناً ويقول :
- مصدقك طبعاً يا عمرو أنت صاحبى وأخويا وأنا عارفك كويس .. بس براحه كده علشان نفهم أزاى ده حصل .. أحكيلى كل حاجه .. فى حد فى شغلك مضايق منك ولا بيكرهك ؟
ضرب عمرو كفيه فى بعضهما البعض وهو يقول :
- انا دماغى متشتته يا فارس مش عارف أجمع أى حاجه ..أنا علاقتى بزمايلى فى الشغل علاقة كويسه اوى ..
ثم تنبه فجأة وهو يقول بإضطراب :
- يمكن بس واحد هو اللى كان بيكرهنى فى الاول بس من فتره كده بقى كويس معايا خالص وبقينا اصحاب
عقد فارس بين حاجبيه وقال مكرراً :
- مين ده وكان بيكرهك ليه وبقى كويس معاك من أمتى بالظبط ؟؟؟
مسح عمرو وجهه بيديه بقوة نافضاً عن نفسه التشتت الذى يشعر به وقال :
- بص يا فارس أنا هحكيلك كل حاجه بس الكلام ده يبقى بينا وبين بعض علشان الكلام مايوصلش لمراتى بأى حال من الاحوال ..
أومأ فارس برأسه وهو يشعر ان المشكله أكبرمما كان يظن .. مال عمرو للأمام مستنداً على قدمية وبدأ يقص على فارس ما حدث له فى هذه الشركة منذ أول لحظة وطأت قدمه فيها وحتى هذه اللحظة كان فارس يستمع إليه مشدوهاً مما يقول ..
كيف تكون المهندسة إلهام بهذه الاخلاق وهى أخت الدكتور حمدى !!.. الرجل الذى لا يقبل قضية مشبوهة ابداً ومبادئة غير قابلة للمساومة أو التجزئة .. ماهذه العائلة الغريبة التى تحيط بالدكتور حمدى ألايكفى فى عائلتة شخص مثل باسم ابن خالته لتصبح إلهام أخته أيضا بهذا الانحدار الاخلاقى الذميم ..
أنتهى عمرو من سرد قصته على فارس الذى تمتم بحيرة :
- سبحان الملك .. سيدنا نوح كان نبى وأبنه كان كافر وسيدنا ابراهيم كان نبى وابوه كان مشرك بالله يبقى المفروض مستغربش من اللى بسمعه ده ..
ثم نظر إلى عمرو بريبة وهو يقول :
- علشان كده أهتمت أنها تطلعك بسرعه أنت لوحدك وقالتلك أن دنيا هى اللى قدمت البلاغ ضدنا مش كده ؟
قرأ عمرو الشك فى عينيى فارس فقال مدافعاً عن نفسه:
- متفهمنيش غلط يا فارس أنا متجاوبتش معاها أبداً فى اى حاجه أنت عارف أنا بحب مراتى قد ايه ومش ممكن أخونها
فارس:
- ولما هى الحكاية كده يا عمرو ليه وافقت أنك تكمل شغل معاها وتسافر تشتغل مشروع كبير زى ده لشركتها وكمان مع نادر اللى أنت عارف كويس أنه بيكرهك وعاوز يأذيك
قال عمرو مُطرقاً برأسه :
- دى غلطتى الوحيدة يا فارس واللى أنا مُعترف بيها .. بصراحة أنا كنت مصمم على الاستقاله علشان أبعد عن أى مصدر للفتن لكن لما لقيت نفسى هشتغل بعيد عنها وكمان الشغل هيجيب مبلغ كويس اقدر ابدأ بيه حياتى طاوعت نفسى وقلت وماله وياريتنى ما كنت وافقت
وضع فارس يده على قدمة مشجعاً وقال :
- أحكيلى بقى بالراحة كده ايه اللى حصل من أمبارح للنهاردة
مسح عمرو على شعره ثم قال بتركيز يحاول أن يتذكر كل شىء وقال :
- أنا المفروض كنت هاجى يوم الخميس بالليل بس طبعا زى ما قلتلك نادر كان صلح علاقته بيا من اسبوع تقريبا وبقينا اصحاب ..قابلنى يوم الخميس وقالى أنه مضطر يرجع القاهره علشان ظروف فى البيت عنده وهيجيلى الجمعه على بعد الظهر كده ويستلم هو الشغل مكانى واسافر أنا الجمعه بعد الظهر ..
انا طبعا كنت عارف أن كتب كتابك هيبقى بعد العشاء فقلت هلحق مفيش مشكله ... وفعلا نادر سافر يوم الخميس بالليل ... جهزت أنا شنطتى بالليل والصبح خدتها معايا الموقع وحطيتها فى كشك الراحه بتاع المهندسين اللى بنتغدى فيه فى مكان الموقع ..
وقلت علشان أول ما نادر يرجع أخد الشنطة وأمشى على طول من بره بره .. وفعلا جالى فى معاده بعد الظهر على طول وأخدت الشنطة وركبت السوبر جيت
وأنا جاى فى الطريق طلعت حملة تفتيش عاديه بس حسيت أنهم بيدوروا عليا أنا بالذات لانهم أهتموا اوى بشنطتى ولقيتهم مطلعين منها تمثال صغير شكله كده فرعونى مش عارف دخل شنطتى أزاى يا فارس.. ومن ساعتها وأنا هنا ...


********************************************


عاد فارس إلى بيته قُبيل الفجر بوقت قليل وهو يحمل هم الدنيا فوق راسة حزناً على صديق عمره ورفيق دربة .. كيف سيخرجة من هذه الورطة فهو لم يعمل فى مثل هذه القضايا من قبل ولكن كلام عمرو وحديثة أشعراه بأن نادر هو الفاعل هو من وضع قطعة الاثار فى حقيبة عمرو الخاصة عندما تركها عمرو فى مكان استراحة المهندسين اثناء العمل فالقاعدة تقول أذا أردت أن تؤذى أحدا فإقترب منه وأكتسب ثقته وأصبح صديقه لتعلم عنه ما يستحيل عليك أن تعلمه وأنت عدوه ..
من الواضح أن نادر هو من قام بترتيب كل شىء ليوقع عمرو فيما وقع فيه ...أستلقى فارس على فراشة بعد أن ابدل ملابسه .. نظر الى ساعة الحائط أمامه وزفر بضيق وهو يقول بحنق :
- طبعاً زمانها نامت مش معقول تفضل صاحيه لحد دلوقتى
سمع طرقاً خفيفاً على باب غرفتة فألتفت تجاه الباب وقال :
- أتفضلى يا أمى
فتحت أمه الباب ودلفت وقد بلغ القلق منها مبلغه .. أعتدل على فراشة فاقتربت منه وجلست بجوارة قائلة :
- عمرو عامل ايه يا بنى طمنى عليه
قال وهو يومىء براسة مطمئناً :
- متقلقيش عليه يا ماما عمرو كويس وموضوعه ده أن شاء الله يخلص على خير .. زمان والده وأخوه روحوا البيت وطمنوا مراته وأمه عليه..
قالت والدته بأسى :
- دى مراته يا عينى قطعت نفسها من العياط عليه وفين وفين لحد ما أمها هدتها وعرفت تاخدها معاها البيت .. وكلنا روحنا معاها حتى مُهرة ..
ألتفت فارس إلى والدته وقال متسائلاً بإنفعال :
- ومُهرة نزلت بقى بفستان الفرح كده فى الشارع
هزت رأسها نفياً وأردفت قائلة:
- مُهرة برضه هتعمل كده يا فارس .. دى غيرت هدومها ياعينى وفضلت مع عزة لحد ما هديت ورجعنا كلنا من عندها من ساعه كده ..وفضلت واقفة جانبى لحد ما اتصلت بيك وأنت قلتلى أنك جاى فى السكه ..
وجدت الابتسامة طريقها أخيراً الى شفتيه وهو يتسائل:
- تفتكرى زمانها نامت ؟
قالت بحيرة :
- مش عارفه يابنى .. ثم ربتت على قدمه قائلة:
- عموما أنت كمان شكلك تعبان أوى .. نام دلوقتى والصباح رباح
أومأ براسه موافقاً لها فتركته ونهضت وفتحت باب غرفته وخرجت وهو يتتبعها بعينيه الحائرتين .. يريد أن يتحدث معها على الاقل فى الهاتف ولكن يخشى أن تكون قد نامت فيوقظها ويقلقها بعد كل هذا العناء الذين عاشوه فى يومهم هذا ..
لم يستطع النوم تململ فى الفراش كثيراً دون جدوى نهض منه وجلس على طرفة وهو يفكر فى يوم عقد قرآنه الذى أنتهى بهذا الشكل المأساوى تركها وذهب دون أن ينظر لها نظرة واحده ..
نهض من فراشة ووقف أمام الفراش وهو يمسح على شعره متردداً .. هل يجازف أم ينتظر للغد ولكن فى الصباح سينطلق إلى عمرو مرة أخرى وبالتالى فلن يراها ايضا ألا أذا سمحت له الظروف فى المساء .. زفر بقوة وأتجه الى النافذة يفتحها ويستنشق بقوة لعله يتخلص من التردد الذى أعتمل بصدره ..
كان الشارع مُظلماً الا من بقعة صغيرة أمامه تعكس ضوئاً لغرفة عُلوية .. نظر للأعلى وقلبة قد استعاد الامل من جديد فتأكد أن غرفتها هى مصدر الضوء ..تيقن من كونها مازالت مستيقظة.. أتجه فوراً بأتجاه مكتبة وأخذ هاتفه النقال من فوقة وطلب رقمها الخاص بشوق كبير ..
أغلقت الكتاب التى كانت تقرأ فيه وألتفتت الى الهاتف الذى تضىء شاشتة بأسمه ويهتز مع أنتفاضة قلبها لا تعلم أيهما أسرع وأقوى .. تناولت الهاتف بأبتسامة كبيرة فهذه هى المرة الاولى التى سيتحدث معها بعد ان أصبحت زوجته ..
ظلت تنظر للهاتف بتوتر شديد والعرق يتصبب من جيهتها وقلبها يقفز بجنون يكاد يخرج من حلقها وفجأة توقف الرنين وأظلمت الشاشة مرة أخرى كما أظلمت الابتسامة التى كانت تنير ثغرها منذ قليل ..
حاولت أن تهاتفة هى ولكنها شعرت بخجل شديد وأمتنعت عن ذلك وأكتفت أن ترسل له رساله صغيرة تقول فيها :
- أنا صاحية
بعد ثوانى وجدت الهاتف يعلن أسمه بأصرار من جديد .. تنفست بعمق وأبتلعت ريقها وضغطت زر موافق
وضعت الهاتف على أذنها بإضطراب شديد فسمعت صوت أنفاسة المشتاقة وتسلل صوته الحانى بهدوء وخفوت الى أذنها ومنه الى قلبها وهو يقول :
- صحيتك ؟؟
هزت رأسها نفياً كأنه يراها وحاولت أن تُخرج صوتها بصعوبة فقالت بصوت مبحوحاً :
- لاء منمتش
أبتسم وهو يستمع لصوتها الذى غلفة الخجل فخرج مضطرباً وقال :
- كنتى بتعملى أيه
مضت تبحث عن حروفها فلم تجدها تبعثرت وتاهت فى سماء صوته الرخيم ..أعاد سؤاله مرة أخرى على مسامعها ..
فتماسكت قليلاً وقالت بإرتباك :
- كنت مستنياك
تنهد بقوة وهو يتكأ على فراشة وقال بهمس:
- أنتى كده على طول مبتعرفيش تنامى وأنتى قلقانه عليا ؟
مرت بها سحابة الخجل وأخذت بيدها الى سماء الحياء فأمطرت صمتاً له صوت كصوت الندى يقطُر على قلبة فينبت فيه الشوق الهائل والحنان البالغ وجد لذته على لسانه كما وجدها فى قلبة وكيانة وهو يقول أسمها بحب كبير :
- مُهرة
أختلج قلبها وهى تستمع الى اسمها يخرج منه بهذا الدفء وأجابته :
- نعم
أغمض عينيه يضم صوتها الخجِل إليه وقال ببطء :
- وحشتينى
لم تجبه على الفور فقال دون تردد :
- بحبك
تدرجت وجنتيها بحمرة الخجل وهى تبتسم بحب وقد خفق قلبها لكلمتة وللطريقة التى نطقها بها تشعر أنها تراه الان وتشعر بدفء كلماته التى أختلفت عن كل الكلمات ..أما هو فلا يعلم كيف أستمع إلى دقات قلبها وهو يطرق باب قلبه منادياً
مهلاً حبيبى مهلاً ..قد أنتظرتك دهراً
ذاب قلبى فى شفاهك فـ بهِ اليوم رفقاً
*************************************************


فى الصباح الباكر كان فارس يقف بجوار عمرو أمام النيابة ويتابع معه سير التحقيقات ...طلب فارس من النيابة تقريراً لمفتش أثار متخصص من هيئة الاثار للوقوف على صحة هذه القطعة الاثرية من زيفها...
وهل هى أصلية أم لا كما طالب بالافراج عن عمرو بضمان محل أقامتة لحين ورود التقرير المطلوب ... وبالفعل تمت الاستجابة لطلباتة وتم تحويل القطعة الاثرية لهيئة الاثار للكشف عنها وتم الافراج عن عمرو بضمان محل أقامتة ...
بعد خروجهما من النيابة وقف عمرو ينتظر فارس الذى كان يتحدث فى الهاتف مع الدكتور حمدى ويخبره بآخر التطوارات ويقول:
- بس أنا مش مطمن يا دكتور ممكن التقرير يجى بأن الحته الفرعونى دى سليمة وكده عمرو هيروح فى داهية
قال الدكتور حمدى مطمئنأ :
- أنت مش بتقول زميلة فى الشغل هو اللى أنت شاكك فيه وأن فى بينهم ضغائن خلاص سيبلى الحكاية دى هتكلم مع إلهام أختى واشوف ممكن تساعدنا أزاى
قال فارس بتوتر:
- لا بلاش يا دكتور
قال الدكتور حمدى متسائلاً :
- ليه يا فارس
حاول فارس البحث عن شىء آخر يقول غير الذى بداخله فقال:
- يعنى انا لسه مش متأكد مش عاوز نتهم حد ظلم
- ملكش دعوة أنت أنا مش هاتمه أنا هحاول أعرف بس أى حاجه عن شغله منها يمكن يكون بيشتغل فى حكاية الاثار دى من وراها ويوديها فى داهيه هى وشركتها .. ماهى الاثار دى محدش بيلاقيها فى الشارع كده الموضوع شكله كبير يا فارس
أنهى فارس مكالمتة مع الدكتور حمدى ونظر الى عمرو الذى كان يقف بجواره ويتحرك بشكل عشوائى بإضراب فقال فارس :
- ما تهدى شويه يا عم أنت خيالتنى
مسح عمرو على شعره بتوتر بالغ وهو يقول :
- أنا مش مطمن يا فارس القضية ممكن تلبسنى كده
حاول فارس تهدئته وقال :
- طب ايه رايك نعملهم مفجأة ونروح دلوقتى أنا كنت كلمتهم من ساعه وقلتلهم هنتأخر لو روحنا دلوقتى هتبقى مفجأة حلوه دى مراتك هتموت من القلق عليك
قال عمرو فى شرود :
- لاء انا عندى مشوار ضرورى لازم اروحه حالا قبل ما اروح
أمسكة فارس من ساعده وقال متسائلا :
- رايح فين يا عمرو
ربت عمرو على كتفه وقال مسرعاً :
- هقولك بعدين متقلقش عليا روح دلوقتى ومتخاليش حد يشوفك من عندى وانا ساعه وهاجى وراك على طول
قال عمرو كلمته ولم يعطى فرصة لفارس للمناقشة والسؤال وأنما أنطلق على الفور فى طريقة
**************************************


تناولت أم فارس قطعة قماش كانت بجوارها وقالت لام يحيى وهى تشاهدها بدقة :
- القماشة دى حلوة اوى يا أم يحيى تصدقى أنا عندى عباية من نفس نوع القماش ده وكنت بدور على واحده زيها لانها مريحانى أوى ..أنا هاشتريها منك وابقى هاتى غيرها
نظرت لها أم يحيى بعتاب وقالت :
- ده كلام برضه يا ست أم فارس دى هدية منى ليكى وبقولك ايه هاتيلى العبايه اللى بتقولى عليها وانا أفصلك أختها بالظبط .. ده أنا بقيت لهلوبة فى التفصيل
هزة ام فارس راسها نفياً وهى تقول بتصميم :
- انا ماليش دعوة بالكلام ده هادفع تمنها يعنى هادفع تمنها ثم ألتفتت إلى مُهرة وقالت وهى تمد يدها إليها بمفتاح الشقة :
- خدى يا مُهرة مفتاح الشقة وأنزلى هاتيلى العباية الكحلى بتاعتى علشان أمك تشوفها
وقفت مُهرة تنظر إلى يدها الممدودة بأرتباك فقالت أم فارس ضاحكة :
- متخافيش فارس مش جاى دلوقتى أتصل وقال هيتأخر
ضحكت أم يحيى وقالت :
- فاكره يا أم فارس لما قلتلك على مُهرة وهى صغيرة الله يكون فى عون جوزها من اللى هتعمله فيه
تبادلت معها أم فارس الضحكات وهى تحرك راسها موافقةً لها وقالت وهى تنظر ل مُهرة :
- هو حر بقى مش هو اللى مستعجل على الجواز
أحمرت وجنتها وألتقطت المفتاح سريعاً من يد أم فارس وقالت وهى تهرب من أمامهم :
- أنا هنزل بدل ما تتسلوا عليا
فتحت مُهرة باب الشقة ودلفت للداخل وعلى وجهها ابتسامة كبيرة .. أنطلقت على الفور تجاه غرفتة ودخلتها وأغلقت الباب خلفها ووقفت فى المنتصف تنظر لها بشوق كبير وكأنها تبثها حبها لساكنها وترجوها أن تنقل مشاعرها له عنده حضوره ..
جلست على فراشة ومسحت عليه برفق تتلمسه لمساً وتستشعر دفئة بعينين هائمتين .. أخذت وسادته وضمتها إلى صدرها برقة ونعومة وقبلتها بحب كبير .. حانت منها ألتفافة الى خزانة الملابس الخاصة بدنيا ..روادها شعور بالغيرة وأتجهت إليها وهى تدعو من قلبها أن تجدها خالية حاولت أن تفتحها ولكنها وجدتها مغلقة بالمفتاح فعلمت أنها مازالت محتفظة بملابس صاحبتها بداخلها ..
اشتعلت نار الغيرة بقلبها لمجرد وجود ملابسها معه بنفس الغرفة شعرت ان الدماء تصاعدت إلى رأسها بقوة وشعرت بحرارة جسدها التى أرتفعت بشدة وفى تلك اللحظة فُُتح باب الغرفة فجأة فصرخت وسقطت مغشياً عليها على الفور .. أنتابه الهلع الشديد عليها وهرول نحوها وهى ملقاة أمام الخزانة وحملها ووضعها على فراشة برفق وأخذ يبحث فى الغرفة عن زجاجة عطرة فوجدها أخيراً وأخذها وحاول أن يجعلها تشمها حتى تستفيق من غيبوبتها وأخيراً استجابت للرائحة النفاذة التى تسللت إلى عقلها فتحت عيونها ببطء واصدمت بوجهه وهو جالس بقربها على الفراش يمسح على وجنتها برفق وينادى عليها بقلق شديد جلست على الفراش فجأة وهى تنظر إليه بخجل وأضطراب وقالت :
- انا آسفة
أبتسم وهو يتأمل وجهها وشعرها ويمسح عليه برفق وقال بمرح :
- يعنى أول مرة اشوفك فيها يغمى عليكى كده
شعرت بارتفاع آخر فى درجات حرارتها ولكن هذه المرة من الخجل مسحت على وجهها وهى مطرقة بوجهها وقالت بخفوت :
- آسفة أنى خضيتك
رفع وجهها إليه ونظر إليها متأملاً :
- دى تانى آسفة على فكره .. طب آسفة التانيه وعرفناها آسفة الاولى ليه بقى
اشاحت بوجهها بعيداً تخفى أحمرار وجهها عن عينيه
وقالت وهى تضع خصلة من شعرها خلف اذنها :
- آسفه انى دخلت أوضتك كده
أعاد وجهها إليه مرة أخرى بأنامله وقال هامساً :
- أنتى مراتى يعنى تدخلى أوضتى براحتك وبعدين أنتى بتدخليها من زمان أوى ولا نسيتى
هربت الابتسامة من شفتيها عندما تذكرت خزانة الملابس فاشاحت بوجهها مرة أخرى ونهضت من فراشة مسرعةً وقالت بحنق :
- لازم أنسى طبعاً لانها فى وقت من الاوقات كانت متحرمه عليا وأظاهر ان الاوقات دى غالية عندك أوى
عقد حاجبية وهو ينظر إليها بتسائل وقال :
- أيه اللى خلاكى تقولى كده
أشارت للخزانة وقالت بضيق :
- علشان لسه محتفظ بهدومها فى الدولاب شكلها كانت هدوم غاليه عليك أوى ..ثم عقدت ذراعيها أما صدرها وقالت بغيرة واضحة :
- شكلها ليها معاك ذكريات كتير علشان كده مقدرتش تفرط فيها
رفع حاجبية ووضع يديه فى جيبيى بنطالة واقترب منها حتى وقف أمامها مباشرة وقال وهو ينظر فى عينيها:
- بس الدولاب مقفول بالمفتاح عرفتى منين أن هدومها لسه فيه
أستدارت وهى ترفع كتفيها وقالت متبرمة :
- باينه أوى مش محتاجه فقاقه يعنى
أبتسم وهو يكرر ورائها :
- فقاقة ؟!... وحشتنى اللغة بتاعتك أوى
أتجه نحو مكتبة وأخرج منها مفتاح صغير وعاد إلى الخزانة وفتحها بالمفتاح وقال وهو يشير إليها :
- اتفضلى شوفى الذكريات اللى بتقولى عليها
ألتفتت مُهرة إلى الخزانة فوجدتها خاوية فنظرت إليه بدهشة متسائلة فأومأ براسة وهو يقول :
- أيوة فاضيه .. علشان أمى كانت عاوزه تعلق البدل الزياده اللى زحمة دولابى فيها وأنا قفلتها بالمفتاح علشان أمى متعملش كده عارفه ليه .. علشان مش عاوز هدومى تتحط مكان هدومها من كتر منا بقرف كل ما افتكرها
وضعت راحتها على جانب رقبتها وهى مطرقةً براسها لأسفل فى خجل فقال بحنان وهو يداعب وجنتها قائلا:
- أنا ماليش ذكريات مع حد غيرك يا عبيطة .. ولا نسيتى أجمل الذكريات اللى قولتيلى عليها فى رسالتك وأنا فى السجن
رفعت نظرها إليه بتأثر وقد لمعت عينيها وهى تستمع إليه وهو يقول :
- الحب الحقيقى هو الذى يرسم لك طريقاً تتلمس فيه .....أجمل الذكريات
فرت دمعة من عينيها وهى تتذكر تلك اللحظات المريرة عندما أبتعد عنها غدرا وظالماً ..شعرت بيده وأنامله تمسح دمعتها فأغمضت عينيها واستمعت لصوته
وهو يقول لها همساً وبشوق كبير :
- من ساعتها وأنتى وحشانى أوى ومن ساعتها وأنتى بتهربى مني ومش عارف أشوفك ..شعرت بقربة ودفئ يديه المحيطة بوجهها وعمق عينيه .. رحلت فى عالم آخر لم ترد العودة منه ابداً بل قررت فيه الرحيل والعودة منه بغير دليل تنسج بيديها دروباً يحفها أريج الازهار بلاشاطىء بلا عنوان ولا رغبة سوى التعمق أكثر والإبحار...
أنتفض جسدهما على صوت والدته وهى تنادى عليها بعد أن اغلقت باب الشقة خلفها ... أبتعدت عنه سريعاً وهى تمسح وجهها بيدها بأرتباك وهو ينظر إليها نظرة جديدة عليها لم ترها فى عينيه من قبل ولكنها فهمتها فأخفضت نظرها خجلاً وأتجهت صوب باب الغرفة مهرولة وفتحته فوجدت والدته تبحث عنها فى الشقة عندما رأتها نظرت إليها بقلق وهى تقول :
- خضتينى عليكى يا مُهرة كنتى ... بترت كلمتها عندما رأت فارس يظهر خلفها .. نظرت إليه من خلف كتفها وابتسمت وهى تقول له بمكر :
- هو أنت هنا ..يبقى أنت بقى اللى أخرتها
اتجهت مباشرة إلى باب الشقة وهى تحاول تحاشى النظر فى عيني والدته
وهى تقول بخجل :
- أصل لما شفت فارس فجأة أتخضيت وأغمى عليا ..ثم قالت بإرتباك :
- انا طالعه بقى
فتحت باب الشقة ولكنه عقد بين حاجبية وهو يناديها فتوقفت ولم تلتف فتوجه إليها ووضع يده على الباب وهو يقول بجدية وهو يشير الى ملابسها وشعرها :
- هو أنتى نازله كده اصلا
نظرت إلى ملابسها وقالت بتلقائية :
- آه وفيها ايه
قال بضيق:
- يعنى ايه وفيها ايه .. خارجه من شقتك ونازله لحد هنا بهدوم البيت دى وشعرك كده يا مُهرة
تنحنحت مضطربة وقالت على الفور:
- منا قلت هنزل بسرعه وأطلع بسرعة مفيهاش حاجه
اشار إليها وهو يقول حانقاً :
- أنتى محجبة ولا لاء ..
نظر إليه بتسائل وحيرة فقال :
- محجبة يعنى شعرك ده وهدوم البيت حدودهم باب الشقة وبس .. لا سلم ولا بلكونه ولا شباك ..فاهمانى
أبتلعت ريقها وببلت شفاها وهى تقول بخفوت :
- حاضر بس أنا متاكده أن محدش هيشوفنى
وضع يده على كتفها وقال بجدية :
- متأكده منين مش يمكن تخبطى فى حد طالع ولا نازل صدفة ..ساعتها هتعملى ايه .. على ما تجرى بقى هيكون شاف جسمك وشعرك يا هانم
تدخلت والدته وقالت على الفور:
- هى اصلا مبتنزلش كده دى أول مره تعملها .. ثم نظرت الى مُهرة وقالت :
- أدخلى يا مُهرة خدى العبايه بتاعتى وطرحه البسيهم قبل ما تطلعى
دخلت على الفور لترتدى العباية وتضع على راسها الطرحة بينما قالت له والدته بخفوت :
- براحه عليها شويه يا فارس ..لما تخرج بقى ابقى صالحها .. أنا داخله اشوفها لتكون بتعيط ولا حاجه
دخلت والدته فوجدتها تلف الطرحة وتكاد ان تنتهى فربتت على كتفها وقالت مبتسمة :
- متزعليش ده بيحبك وبيغير عليكى
ابتسمت وهى تقول :
- منا عارفه
ضحكت أم فارس وهى تضرب يدها فى بعضهما وهى تقول لها :
- الواد كان بعقله يا عينى جننتيه فى يومين


************************************


خرج فارس من بيته فى المساء متوجهاً إلى مكتب الدكتور حمدى وفى الطريق صادف عمرو متوجهاً إليه تفاجأ عمرو به فى الطريق وقال :
- كويس أنى قابلتك يا فارس أنا كنت جايلك دلوقتى
وضع فارس يده على كتف عمرو وسار به فى طريقة وهو يقول :
- تعالى نتمشى سوى ونتكلم وأحنا ماشين
قال عمرو على الفور وهو يمشى بجوار فارس :
- الدكتور حمدى أتصل بيك النهارده ؟
هز فارس رأسة نفياً وهو يقول :
- لاء مكلمنيش بتسأل ليه ؟
ظهر التوتر على ملامح عمرو وهو يقول :
- أصلى قابلته النهاردة فى مكتب إلهام فى الشركه
ألتفت إليه فارس وتوقف عن السير وقال :
- فى ايه يا عمرو أتكلم على طول قلقتنى
قال عمرو على الفور :
- لما سبتك قدام النيابة ومشيت روحت الشركة وأنا مخنوق من إلهام ونادر وحاسس أن نادر عامل فيا كده علشان خايف أحسن أخدها منه .. دخلت عليها وأنا ثاير جدا وقعدت أزعق وجبتلها القديم والجديد كله وقلتلها أن نادر عمل فيا كده علشان خايف أخدها منه واتكلمت كلام كتير أوى وهى واقفة مش عارفه ترد عليا وواقفة تبصلى بذهول وكل اللى طالع عليها أزاى نادر يعمل كده ...
خلصت كلامى من هنا ولقيت الدكتور حمدى دخل علينا وبصلها بإحتقار بعد ما سمع كل حاجه وعرف اللى اخته بتعمله وقالها أنسى أن ليكى أخ اسمه حمدى ..
سبتهم ومشيت على طول لما شفت الالم فى عينه وحسيت أنه محرج منى ومش عارف يبص فى وشى علشان كده افتكرت أنه كلمك وقالك حاجه ..
أستمع فارس إليه بدهشة كبيرة وهو عاقداً لحاجبية وقال ببطء ثقيل :
- وطبعا تلاقيه توقع انى انا كمان عارف عن أخته الكلام ده ..
نظر إلى عمرو وقال بألم :
- وأنت بقى متوقع أنه يكلمنى .. طب هيكلمنى يقولى ايه
صمت فارس يفكر فى الحال الذى وصل إليه الدكتور حمدى وكيف ستعامل مع هذا الموقف المحرج فقال عمرو على الفور :
- فى حاجه كمان حصلت يا فارس
ألفت إليه فارس فقال عمرو :
- طلعت بعدها على هيئة الاثار من كتر منا كنت قلقان وعاوز أطمن ..قلت اسأل وأشمشم كده حوالين الحتة اللى راحتلهم من النيابة .. وقبل ما أدخل شفت نادر خارج منها ومعاه واحد كده معرفوش
أثارت كلماته حفيظة فارس وحواسة فقال بسرعة :
- تفتكر كان رايح ليه ومين اللى كان معاه ده
رفع عمرو كتفية بحيرة وهو يقول :
- معرفش يا فارس مش عارف انا هتجنن خلاص
وضع فارس يده على كتف عمرو قائلا:
- طب أنا دلوقتى هروح المكتب يا عمرو وهحاول أتكلم مع الدكتور حمدى وهشوف الحكاية وصلت لأية
ولما أرجع بالليل هبقى أكلمك تانى يالا روح أنت دلوقتى
دخل فارس حجرة مكتب الدكتور حمدى بشىء من الخجل وقال:
- حضرتك طلبتنى يا دكتور
أشار له الدكتور حمدى بالجلوس أمامة وقد بدا عليه الالم والاستياء ثم قال:
- أنا كنت متوقع برضه أنك هتتكسف تدخلى أول ما توصل علشان كده نبهت عليهم أول ما توصل تدخلي على طول
حاول فارس أن يحتفظ له بماء وجهه وقال:
- مش فاهم حضرتك تقصد أيه
أبتسم الدكتور حمدى بأسى وهو يقول :
- لاء أنت فاهم بس مش عاوز تحرجنى
صمت فارس ولم يجيبه فقال حمدى :
- لو سمحت يا فارس أنا مش عاوز أى كلام عن القضية دى فى مكتبى تانى ..أنا خلاص أتبريت من أختى ومش عاوز أى حاجه من ناحيتها تانى
رفع فارس رأسة إليه وقد فهم ما يرمى إليه فأومأ براسه وحاول أن يُخرج الكلمات منه بشكل تلقائى وقد حضرته فكرة وليدة اللحظه حتى يرفع عنه الحرج وقال :
- بعد اذن حضرتك يا دكتور أن كنت بفكر افيد أهل الشارع بتاعى ..والناس الغلابه اللى فيه وافتح مكتب خاص بيا هناك وتبقى الاتعاب على قد مصاريف القضية بس .... لان فى ناس كتير هناك أحوالهم المادية ضعيفة جدا وأصلا المرتب يدوب بيكفى اكل وشرب بالعافيه...
أعتصر الالم قلب لدكتور حمدى وهو يستمع إلى فارس واقتراحه وهو يعلم جيدا أن هذا الاقتراح ماهو الا محاولة منه لرفع الحرج الذى استشعره فارس بعد ان علم عن أخته الذى تفعله وهى متزوجة ... ولم يكن فارس مخطىءً فى ظنه لذلك قال حمدى وهو يومىء برأسه متفهماً :
- ربنا يوفقك فى حياتك يا فارس أنا مش هقدر أمنعك أنك تحقق ذاتك بعيد عني رغم أنى مش هقدر أستغنى عنك ولا عن مجهودك فى الشغل أبداً
قال فارس مبتسماً وقد أيقن أنه كان محقا :
- أنا تلميذ حضرتك يا دكتور أتعلمت منك أخلاق المهنة قبل ما أتعلم الشغل فيها ومن غير ما أكون بشتغل فى المكتب هنا أنا تحت أمرك فى أى حاجه سواء كان شغل أو غيره أنا مش هنسى فضلك عليا بعد ربنا
نهض حمدى وعانق فارس بمشاعر الابوة التى يشعرها تجاهه دائماً وربت على كتفه قائلا بمرح :
- هتنافسنى فى المحاكم يعنى وهتاخد مني الزباين
ضحك فارس وهو يشد على يده قائلا بتواضع :
- ده انا يدوب تلميذك يا دكتور


************************************


هتف عمرو فى الهاتف وهو يتحدث الى فارس قائلا :
- يعنى ايه سبت المكتب يعنى انا السبب
ضحك فارس وهو يقول :
- أنت السبب فعلا بس مش سبب حاجه وحشة أنت السبب فى انى ابدأ أحقق ذاتى وأعملى اسم كويس
هتف عمرو بإنفعال مرة أخرى :
- يعنى أنت هتشتغل القضية لوحدك ولا ايه
قال فارس مداعباً :
- ومالك مرعوب كده متخافش هجيبلك تأبيدة بس
صاح عمرو بضيق :
- يا فارس مبهزرش دلوقتى .. وقولى ناوى على ايه
قال فارس بجدية :
- أنا الاول كنت مستنى تقرير هيئة الاثار لكن بعد ما قلتلى أنك شفت نادر وواحد تانى خارج من هناك قلقت
- قلقت أزاى فهمنى
- مفيش حاجه تخلى نادر يروح هناك غير سبب واحد بس .. أنه يكون عاوز التقرير يطلع بطريقة معينة
عقد عمرو بين حاجبية وقال قلقاً :
- يعنى هيدفع فلوس علشان يثبت أنها سليمة يعنى ولا ايه معنى كده ......
قاطعه فارس قائلاً بثقة :
- بالظبط كده معنى كده أنها مش حقيقة ومزيفة لانها لو كانت حقيقة مكنش راح هناك
قال عمرو بشرود وكانه يحادث نفسه :
- حتى لو كده طب ماهو لو تحليلك ده صح يبقى برضه هروح فى داهيه لان التقرير هيطلع زى ماهو عاوز
قال فارس مطمئناً :
- متقلقش أنا واثق من تحليلى ولو التقرير طلع زى ماهو عاوز هشكك فيه وهطلب أن الحتة تتحال للجنه تانيه
قال عمرو ساخطاً :
- طب ماهو ممكن يرشى اللجنة التانيه برضه
قال فارس وهو يضيق عينيه بثقة :
- متقلقش ساعتها هسبقه بخطوة
تأفف عمرو بضيق وزفر ثم قال :
- طب وهو هيعمل كل ده ليه ما كان يحطها سليمة وخلاص
قال فارس متهكماً :
- أنت عبيط يابنى عاوزه يضحى بحتة سليمة ويخسر فيها ملايين .. لا طبعاً هو أحسنله يدفع رشوة كام ألف لكن يحطلك حتة بملايين لمجرد انه يوديك فى داهية لاء طبعاً...
ثم رفع فارس حاجبية وقال بتفكير عميق :
- وده بقى اللى بيأكدلى أن الواد نادر ده بيشتغل فى حكاية تهريب الاثار دى
استند عمرو إلى سور الشرفة وقال بتركيز :
- وانت جالك الاحساس ده أزاى ؟
جلس فارس خلف مكتبة واستند إليه وهو يعبث بصور مُهرة الخاصة بعقد القرآن والتى وضعتها والدته على مكتبه فقال عمرو بقلق :
- فارس أنت معايا
أنتبه فارس وقد شرد قليلا فى صور مُهرة وقال بسرعة :
- ها معلش يا عمرو انا معاك أهو
أعاد عمرو سؤالة من جديد وهو يقول :
- كنت بسألك أحساسك ده جه أزاى
قال فارس على الفور :
- بص يا عمرو الانسان لما بيحب ياذى حد أول حاجه بتيجى فى تفكيرة الحاجات اللى هو بيتعامل معاها دايما .. يعنى مثلا البنت اللى مش كويسه لما بتحب تبوظ اخلاق صاحبتها ولا جارتها ولا أى وحده تانيه شايفه أنها أحسن منها ..أول حاجه بتعملها أنها تحاول تخاليها تتعرف على رجاله أو شباب ليه عملت كده ؟.. لانها غارقانه فى المستنقع ده وده أول حاجه هتيجى على بالها ..
اللى بيشتغل فى المخدرات أو بيتعاطاها لما بيحب يأذى واحد تانى بيعمل ايه .. يحاول يخاليه يتعاطى معاه ولو صاحبه رفض بيفكر يوديه فى داهيه ويحطله مخدرات ويبلغ عنه .. واحد بياخد رشوة ولما يحب ياذى يعمل للى عاوز ياذيه قضية رشوة ويلبسهالوا ..
واللى حصلك مع نادر بيقول أن نادر ليه فى حكاية الاثار دى علشان كده لما فكر ياذيك فكر يأذيك بنفس الحاجه اللى هو دايس فيها .. فهمت
أعتدل عمرو وقال على الفور وكأنه قد تذكر شيئاً هاماً وقال :
- الله يفتح عليك أنت فكرتنى بحاجه مهمه مكنتش واخد بالى منها
أنتبهت حواس فارس وهو يقول :
- افتكرت ايه
قال عمرو بتركيز :
- فى مرة أخدت أجازة يومين ونادر هو اللى كان ماسك النبطشية بدالى ولما رجعت وبصيت بالنهار على الموقع لقيت اثار حفر على عمق أكتر من العمق المسموح بيه ولما سألته قالى انها غلطت العمال بس هو لحقها
مسح فارس على شعره وقال بقلق :
- أظاهر كده يا عمرو ان الموضوع كبير وخطير وأن نادر مش لوحده فيه ..المكان اللى بتبنوا فيه الفندق ده معروف أنه مكان اثرى واصلا مش عارف التصريح بالحفر والبُنى خرج ازاى للمكان ده ...
زفر عمرو وهو يقول بضيق :
- الموضوع شكله كبير علينا أوى يا فارس ... أنت لو بصيت على الاثار اللى خرجت بره مصر وشفت حجمها وعرضها هتعرف ان الاثار دى مش ممكن تكون أتهربت .. الاثار دى خارجه تحت عين أكبر راس فى البلد وباتفاق كمان
نظر فارس أمامة بعينين حازمتين وقال بأصرار :
- أنا بقى مش هسيب الموضوع ده يا انا يا هما ...


***********************************************
وفى احد الايام وفى الصباح وقف فارس ينتظر مُهرة أمام باب شقته وابتسم عندما وجدها تهبط إليه فى الملابس الجديدة التى اهداها اياها بمناسبة بداية عامها الدراسى الاول فى الجامعة .. نظرت إليه وابتسمت بخجل فقال وهو يتاملها بإعجاب وقال :
- قلتى دعاء لبس الثوب الجديد
قالت بدهشة :
- لاء هو فى دعاء للهدوم الجديدة
أبتسم وهو يومىء برأسة وقال :
- قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): من لبس ثوبا جديدا فقال:الحمد لله الذى كسانى هذا ورزقنيه من غير حول منى ولا قوة غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر)
كررتها خلفة بتلقائية فعقد جبينه وقال بضيق مصطنع :
- لاء مينفعش أطلعى غيريها
رفعت حاجبيها وقالت بأعتراض :
- ليه دى جميلة اوى وواسعه أأهى
صعد درجة من السلم ليقف أمامها مباشرة وقال وهو يداعب وجنتها :
- ماهو علشان كده عاوزك تغيريها اصلها حلوه أوى عليكى وخايف حد يبصلك
ابتسمت وهى ممسكةً بيده التى تداعبها وقالت بخجل :
- يالا بقى هتأخر كده
رفع يديها لشفاه وقبل اناملها وقال بحب :
- أتأخرى براحتك .. أنا اللى هديكى أول محاضرة يعنى هتروحى مع الدكتور
عقدت ذراعيها وهى تقول بعناد :
- انا بقى مبحبش الكوسة واصلا محدش هيعرف علاقتنا
ضحك ضحكات رنانة أهتزلها قلبها عشقاً ثم قال :
- علاقتنا ! هو انتى مش مراتى لا سمح الله
وضعت يدها على لحيته تمسح عليها وتخلل اصابعها برفق داخلها وهى تقول بشغف :
- أنا بحب أوى كلمة مراتى دى منك
تلاشت البسمة من وجهه وزاغت أنظارة وهو ينظر إليها شاعر باحاسيس قوية تجتاحه تجاهها قائلا بصوت رخيم :
- أنتى أتعلمتى الحركة دى من مين
قالت بحياء :
- أبلة عبير هى اللى علمتهالى وقالتلى انها هتعجبك
أبتلع ريقة وهو يقول بتماسك :
- كل اللى تقولك عليه ابقى اسمعى كلامها فيه ماشى
ضحكت وهى تقول :
- ليه بقى
أومأ براسه وهو يغمض عينيه قائلاً بمرح :
- علشان انا عارف أنها هتعلمك بضمير


******************************************
بحث فارس عن مكان يصلح ليأجرة وويبدأ فيه تأسيس مكتبة الخاص ويكون قريباً من شارعهم وأخيرا وجده على مسافة قريبة جدا منهم وبدا فى تاسيسة وحاول البحث عن بعض الاثاث زهيد الثمن ولكنه فى يوم من الايام تفاجا بدخول مُهرة عليه المكتب وهى تقول بسعادة
- يالا بسرعة يا فارس العربية واقفة تحت
نهض وهو ينظر إليها بدهشة وقال :
- عربية ايه يا مُهرة اللى واقفة تحت
قالت على الفور وهى تجذبه من يده :
- يالا بس الناس هتطلع الحاجه تعالى علشان تقف معاهم
وفجأة وجد بعض الرجال يدخلون عليه المكتب كل منهم يحمل قطة اثاث خاصة بالمكتب وبدأوا فى وضعها فى الداخل وهو واقف ينظر إليهم بدهشة .. جذبها من يدها الى أحد الاركان وقال بجدية :
- فهمينى ايه ده وجبتى الحاجات دى منين وازاى متقوليليش
قالت بمرح وأنفعال:
- انا عندى واحده صاحبتى فى الجامعه باباها عنده محل اثاث صغير كده على قدهم قولتلها مرة تجيبلى معاها كتالوج من المعرض ولما شفت الحاجات اللى فيه لقيتها حلوه ورخيصه شويه فنقيت واحد للمكتب هنا وأدتها العنوان وبس ..
قال بحدة :
- أنتى عيله وبتتصرفى تصرفات عيال والفلوس ؟هدفع فلوس الحاجات دى منين يا مُهرة
تألمت من قبضته قليلاً حول ذراعها وقالت بخفوت وهى مطرقةً للأسفل :
- الفلوس أدفعت خلاص متخافش
أرخى قبضته عنها وعقد حاجبية قائلا:
- جبتى الفلوس منين ؟
قالت ببراءة :
- بعت الشبكة بتاعتى اللى جبتهالى
نظر إليها لا يعلم ماذا يقول هل يحتد عليها وعلى تصرفها التى قامت بها دون الرجوع إليه أم يأخذها بين ذراعيه ويعانقها على تضحيتها بالذهب الوحيد الذى تملكة والذى كان عزيزا عليها فقال بنبرة معتذرة :
- بس الشبكة دى كانت غالية عندك أوى ليه عملتى كده
ظلت مطرقة ً براسها وهى تقول بصدق :
- هى كانت غالية عندى علشان هى منك أنت ,,بس أنت عارف انى اصلا مش بحب الدهب ولما لقيتك مزنوق فى فلوس العفش اللى هيتحط فى المكتب ملقتش قدامى حل تانى غير ده ومرضتش اقولك علشان عارفه انك هترفض
أكتسى صوته عذوبة ورقةً وهو يقول بامتنان :
- بس أنتى مكنش عندك غيره يا حبيبتى
نظرت له بعتاب وقال بخفوت دون أن تنظر إليه :
- انا معنديش غيرك أنت يا فارس ...





*************************************
بدأ العمل فى المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع الافتة التى تحمل اسمة .. دكتور فارس سيف الدين المحامى ..
ولكن أين يذهب فارس من اقداره هو مُهرة بعد اسبوع واحد من بداية العمل فى المكتب الجديد وذات مساء زاره أيو يحيى والد مُهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث فى الهاتف مع عمرو الذى كان يخبره أن التقرير قد أُعد أخيرا وذهب الى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا فى الغد على الفور أنهى فارس المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيب شديد ولكن وجههما كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران الى بعضهما البعض شذراً .. فقال فارس على الفور :
- خير يا جماعه ايه الحكاية


نظر ابو يحيى إلى عامر ومينا بثقة وكأنه يعرف الى أى جهة سينضم فارس وبدء فى سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع.......
-------
الفصل الثاني والثلاثون
------------
بدأ العمل فى المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع الافتة التى تحمل اسمة ..
دكتور فارس سيف الدين المحامى ..
ولكن أين يذهب فارس من أقداره هو ومُهرة ... فبعد اسبوع واحد من بداية العمل فى المكتب الجديد وذات مساء زاره أيو يحيى والد مُهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث فى الهاتف مع عمرو الذى كان يخبره أن التقرير قد أُعد أخيرا وذهب الى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا فى الغد للإطلاع عليه على الفور فقاطعه فارس وأنهى المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيبا ً شديدا ً ولكن وجهها كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران الى بعضهما البعض شذراً .. فقال فارس على الفور :
- خير يا جماعه ايه الحكاية
نظر ابو يحيى إلى عامر ومينا بثقة وكأنه يعرف الى أى جهة سينضم فارس وبدء فى سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع.......
بدء أبو يحيي فى الحديث قائلا :
- شوف يا فارس يابنى من مدة كدة مرات عامركانت عاوزه تشترى مكنة خياطة ومعهاش المبلغ كله لجأت لمراتى التانيه وطلبتهم منها ومراتى أشترطت عليها أنها تردلها المبلغ بعد كام شهر بس بزيادة 500 جنية دلوقتى بقى مراته جايه ترجع المبلغ من غير الزيادة والحريم اتخانقوا مع بعض حاولت أفهمه أن أحنا عندنا فى شرعنا أن العقد شريعة المتعاقدين وهما اتفقوا من قبل ما تاخد الفلوس ,, برضه مش مصدق
ويقولى ده حتى عندكوا فى دينكوا أسمه ربا حاولت أفهمه وأشرحله وأقوله أن السلف ده زى قرض البنك كده بالفايدة بتاعته مش ربا ولا حاجه .. ولا حياة لمن تنادى برضه راكب راسه ومش راضين يدفعوا الزيادة أتفضل بقى أنت فهمه يمكن يفهم منك أصله فهمه على قده شويه
هتف مينا أبن عامر بغضب :
- لو سمحت حسن ملافظك شويه يا عم أبو يحيى ولا يعنى علشان هو جوز بنتك ومتأكد أنه هيحكملك .. أنا اصلا مكنتش مقتنع أننا نيجي هنا ما أنا عارف أيه اللى هيحصل ..
تنهد فارس ببطء وهو يشعر أنه مقدم على مشكلة كبيرة سوف تحدث وقال ل مينا :
- وعرفت منين اللى هيحصل بقى يا مينا
لوح مينا بضيق وهو يقول :
- طبعا هتحكمله هو مش انت جوز بنته وغير كده هتقول ده مسلم ودول مسيحين يبقى احكم للمسلم اللى زيى ثم نظر إليه نظرة ذات معنى وهو يقول :
- مش كده برضه يا شيخ فارس
جذب عامر ذراع ولده ونهره بقوة قائلا:
- عيب كده يا مينا أحترم الدكتور وأنت بتتكلم قصاده
ثم التفت إلى فارس وقال معتذراً :
- أنا آسف يا دكتور أمسحها فيا معلش مينا لسه صغير وميعرفكش كويس زيى
ألتفت فارس إلى مينا وقال بهدوء :
- أيه بقى حكاية شيخ فارس دى تقصد بيها ايه
نظر له مينا بحنق ولم يجبه فكرر عامر أعتذاره ل فارس فقال فارس على الفور وهو ينظر ل عامر :
- أتفضل أحكيلى ايه اللى حصل يا عم عامر
قال ابو يحيى معترضاً :
- منا حكتلك الحكايه كلها يا دكتور هو هيقول ايه يعنى مختلف عن اللى قلته
نظر له فارس مبتسماً وحاول أن يعطيه احساس بأنه ليس ضده وقال :
- معلش يا أبو يحيى أى حد بيحكم بين طرفين لازم يسمع من الاتنين .. ربنا سبحانه وتعالى بيقول فى آيه فى القرآن الكريم وكان بيكلم فى الايه دى سيدنا داوود عليه السلام (﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ والايه دى نزلت بتحكلنا عن سيدنا داوود لما اتنين أخوات راحوله وواحد فيهم اشتكى من التانى فسيدنا داوود شافه مظلوم فعلا فحكم له من غير ما يسمع للتانى اللى هو اصلا كان واقف جانبه وسامع أخوه بيتكلم وعلشان كده سيدنا داوود فكر فى أن لو كان اللى بيشتكى بيقول غير الحق كان التانى أتكلم وقال أنه بيكدب لكن فسر سكوته بأنه عارف أن اخوه بيقول الحق علشان كده حكم بسرعه من غير ما يطلب يسمع من التانى ورغم أنه حكم صح لكن الايه دى نزلت تقولنا أن ده غلط وفيه خوف من اتباع الهوى هنا ...
علشان كده حتى لو انتوا الاتنين قدام بعض لازم اسمع من الطرفين قبل ما اقول أى حاجه ...
هز عامر راسه موافقاً بإعجاب وهو ينظر إلى فارس الذى كان يتحدث بطلاقة شارحاً الاية وسبب نزولها فقال :
- أنا كلامى مش هيختلف فى حاجه يا دكتور فارس هو نفس الكلام .. مراته سلفت مراتى واتفقت معاها على زيادة 500 جنيه بس مراتى خبت عليا موضوع الزيادة دى ومكنتش اعرفها ولما كنت قاعد مع الحج عبد الله وبحكيله قالى أن ده عندكو اسمه ربا يعنى انا مجبتش حاجه من عندى وده كده فى ظلم كبير لينا لاننا معناش المبلغ ده دلوقتى المكنه باظت ومستفدناش منها بحاجه
مال ابو يحيى مستندا بيده على مكتب فارس وهو يقول :
- طب أنا ذنبى ايه العقد شريعة المتعاقدين ومراتك وافقت من الاول
ابتلع فارس ريقة وهو يشعر أنه يقف بقرب فوهة بركان تكاد أن تنفجر فى وجهه فى أى وقت ولكن الحق احق أن يتبع ..سلم امره لله ونظر إلى عامر الذى كان ينتظر كلمة حق ..شعر بسخونه تسرى فى جسده فهو يعلم ماذا سيفعل به أبو يحيى أذا ما نصر عليه غريمه .. لكن هل يقول كلمة تقرب بينه وبين حبيبته وزوجته وتبعده عن الجنة وتلقى به فى الجحيم وبحسبة بسيطة حسم فارس أمره ونظر إلى عيونهم المتعلقة به وأخذ نفساً عميقاً وقال :
- عم عامر على حق ده عندنا اسمه ربا فعلا
ارتسمت ابتسامة رضا على وجه عامر بينما حدق مينا فى فارس بدهشةً وانفجر بركان ابو يحيى فى وجهه كما توقع تماماً وقال صائحاً :
- أنت بتنصره عليا يا جوز بنتى يعنى أنت موافق على اللى بيقوله ده
نهض فارس محاولاً تهدئته وقال على الفور :
- اسمعنى يا عمي بس أنا هافهمك ليه
صاح فيه ابو يحيى قائلا:
- كويس أنى عرفتك قبل ما أديك بنتى راجل بوشين صحيح أومال دقن وعاملى فيها شيخ وكمان بتنصر المسيحى عليا يا عم الشيخ .. ملكش عندى بنات للجواز عن اذنك
لحق به فارس عند باب الحجرة وجذبه من ساعده برفق محاولا إيقافه وتهدئته وهو يقول برجاء :
- هفهمك انا قلت كده ليه .. ده شرع ربنا مش كلامى
دفعه ايو يحيى بثورة عارمة وهو يصيح شرع ربنا ايه أنتوا كل واحد فيكوا يربى دقنه ويتاجر بشرع ربنا يا نصابين ...
قال كلمته بعد ان دفع فارس بقوة وصفع الباب خلفة بعنف
زفر فارس وهو يمسح بكلتا يديه على شعره بقوة وهو يقول :
- لا حول ولا قوة الا بالله ليه كده بس طب كنت استنى لما تفهم
تبادل عامر مع ولده مينا النظرات المتعجبة وأتجه عامر إلى فارس قائلا بأعتذار :
- انا آسف يابنى
رفع فارس رأسة إليه وقال بعدم تركيز :
- لا..لا وانت ذنبك ايه يا عم عامر
أقترب مينا من فارس وقال بإرتباك :
- أنا آسف انا كمان يا دكتور فارس مكنتش أعرف أنك هتيجى فى صف الحق مهما كان هو مع مين
حاول فارس أن يرسم ابتسامة مجاملة على شفتيه ولكنه عجز عن ذلك فعقله يدور ولا يعلم ماذا سيفعل مع والدها وماذا سيحدث بعد ذلك ..

***************************************

ظل والدها يصرخ فى وجهها صائحاً :
- هيطلقك يعنى هيطلقك وأنتى اللى هتطلبى الطلاق منه انتى فاهمه ولا لاء
أنسابت عبراتها وهى تهتف :
- ليه بس يا بابا طب حتى استنى لما تسمع منه
صاح بصوت هادر :
- اللى بقولك عليه تعمليه يا بت انتى والا والله أمك هرميها فى الشارع ومش هتلاقى مكان يلمها
بكت مُهرة بشده وجسدها يرتجف وينتفض بقوة وهى تستغيث بالله ان ينقذها مما تقاسيه ... تدخلت والدتها وقالت له بجمود :
- هو أنت كل ما يحصل حاجه تهددنى بالطرد والطلاق اأنت فاكرنى هترمى فى الشارع يعنى من غيرك
توجه إليها فى غضب عارم ولوى ساعدها خلف ظهرها وهو يصرخ فيها :
- ايوا هتترمى فى الشارع ياختى ولو مش عاجبك الباب يفوت جمل
دفعته بكل طاقتها بعيدا عنها بعد ان شعرت ان يدها ستكسر فى قبضته وهرولت نحو باب الشقة وهى تاخذ محفظتها وتجذب حجابها وتضعه على شعرها وهى تقول بغضب :
- سايبهالك مخضرة ابقى هات مراتك التانيه تعمرها بقى
خرجت وأغلقت الباب خلفها ونسيت أن ابنتها فى اشد الحاجه إليها غضبت لنفسها وانفجر بركان صمتها الذى كان هامداً طوال تلك السنوات والان انفجر ولكنه لم ينفجر فى وجهه وحده وأنما فى وجه مُهرة ايضا ..
فتحت أم فارس باب شقتها عندما سمعت الصوت الصارخ الاتى من شقة مُهرة فوجدت ام يحيى وهى تهرول هابطة للاسفل حاولت إيقافها ولكن عينيها كانت تتطاير منها الشرر وهى تصيح فيه وكأنه مازال يسمعها :
- روح هات الغندورة التانيه تقعدلك فيها أنا مستحملة وصابره بلاويك فى الاخر حصلت تمد ايدك عليا
لم تسمع نداءات ام فارس ولم تعيرها اهتماماً نظرت للاعلى لدقيقة ثم عادت الى شقتها مرة اخرى عندما سمعت صوت رنين الهاتف ... أجابته قائلة :
- السلام عليكم أيوا يا فارس
قال بسرعة :
- ماما مُهرة عندك ؟
قالت متعجبة :
- لاء يابنى ده أنا سمعت صوت خناق جاى من عندهم وشفت أم يحيى وهى نازله تزعق على السلم وبتقول انا سايبه البيت وماشيه شكل جوزها مد ايده عليها
سمعت صوت زفيرة الحار وهو يقول :
- أنا جاى حالا اقفلى دلوقتى
عاد فارس سريعاً الى المنزل فوجد والدته تنتظره على باب الشقة ويظهر عليها القلق الشديد وقالت سرعاً :
- ايه اللى حصل يابنى بينك وبين ابوها البنت كلمتنى ومفحومه من العياط مفهمتش منها حاجه كل اللى فهمته ان ابوها كان هيضرب امها وأنه عاوزها تطلب الطلاق منك
قال فارس بلهفة :
- مد أيده على مُهرة ؟
هزت رأسها نفياً وهى تقول :
- مش عارفه يابنى فهمنى طيب ايه اللى حصل
لم يستطع أن ينتظر أكثر من هذا صعد الدرج قفزاً حتى توقف أمام باب الشقة تنفس بقوة وطرق الباب لحظات وفتح والدها الباب وعينيه ينبعث منها الغضب والحنق قال فارس سريعاً :
- يا عمى عاوز اتكلم معاك الله يخاليك مش كده ...
قال والدها بغضب :
- قلتلك ملكش عندى بنات للجواز وياريت تطلقها بالذوق بدل ما نروح المحاكم
سمع فارس صوت بكائها من الداخل فأستشاط غضباً .. لايستطيع أن يراها أو يطمئن عليها وهى وحيده حتى والدتها تخلت عنها وتركتها معه بمفردها لم يستطع ان يتحكم فى أعصابه أكثر من ذلك فهتف فيه :
- وانا مش هطلقها دى مراتى ومش هطلقها حتى لو هى اللى طلبت الطلاق بنفسها وبعدين ليه كل ده كل ده علشان حكمت بشرع ربنا وأنت حتى مش عاوز تسمعنى لما اقول كل اللى عندى
لم يجد اجابة من ابو يحيى إلا أن صفع الباب فى وجهه مرة واحده بدون سابق انذار .. ضرب فارس سور الدرج بقبضته حتى آلمتة بشدة وهو يهتف بحنق :
- والله ده حرام حرام اللى بيحصل ده
لحقت به والدته وأخذته وهبطت به للأسفل وهى تقول :
- تعالى يابنى أستنى لما النفوس تصفى وبعدين نتكلم معاه تعالى أحكيلى أيه اللى حصل
أما فى غرفة مُهرة فقلد كانت تبكى وتشهق وهى تضع يدها على فمها حتى لا تصدر صوتاً يستفزه من جديد وهو واقف أمامها مصدراً لأوامره وهو يقول :
- مفيش خروج ولا دخول ولا جامعه ولا غيره خلاص وتليفونك هيفضل معايا .. وهجيب مراتى التانيه تقعد معاكى هنا وتحرسك ..ويبقى يورينى نفسه بقى سعادت الباشا الدكتور.. تراجعت فى فراشها حتى ألتصقت بالحائط وضمت ركبتيها إلى صدرها وهى تأن أنين المعذبين وتدفن رأسها بين قدميها وتشكوا بثها وحزنها لله وحده
وبالفعل هاتف زوجته الثانية وأمرها أن تاتى ببعض ملابسها لتكون بجوار مُهرة مراقبة لتصرفاتها فى غيابه وقص عليها ماحدث.. بالفعل كانت زوجته سعيده بما فعل بأم يحيى وأنها أنتصرت على ضرتها وآلمتها وستؤلمها أكثر حينما تنام فى فراشها وتتحكم فى أبنتها وجاءت مسرعة إليه ...
بات فارس ليلته وقد جفاه النوم وذاق السهاد مستلقياً على فراشة ينظر للأعلى يتأمل سقف الغرفة .. غرفتها فوقه تماماً لا يفصلهما عن بعضهما البعض سوى سقف الغرفة فقط ظل مصوب نظراته إليه تكاد أن تخترقه لتراها وترى حالها الان وتعود إليه تخبره عنها .. ماذا تفعل هل تبكى هل تضم قدميها إليها كما تفعل دائماً عندما تشعر بالوحدة ؟..
يود أن يمده يدها لينتشلها مما هى فيه يود أن يأخذها بين ذراعيه ويحتضنها بقوة ليشعرها بالأمان .. أنا هنا يا حبيبتى ..لا تجزعى ... لا تخافى ..لا تفزعى .. لاتحزنى .. أطمئنى وأسكنى صدرى كما سكنتى قلبى دائماً ...
وفى الصباح أخبرته والدته أن زوجة أبيها جاءت لتسكن معهم فى نفس الشقة أستشاط غضبا وهو لا يعرف ماذا يفعل لا يريد أن يتدخل بشكل أكثر قوة حتى لا تفسد العلاقات بين العائلتين أكثر من هذا وكان مضطراً للحاق بعمرو فى النيابه ليتعرف على نتيجة تقرير هيئة الآثار ..
توجه الى النيابة من جديد وهناك كانت النتيجة ليست مفاجئةً له بل كما توقع تماماً .. يقول مفتش الآثار الخبير بأن القطعة الآثرية التى عرضت عليه قطعة حقيقية غير مزيفة .. شكك فارس فى نتيجة الفحص وطالب بفحصها مرة أخرى عن طريق لجنة أخرى .. تم الاستجابة لطلبة وأعيدت لعرضها على لجنة أخرى ..
تقدم عمرو تجاه فارس وهو يقول بقلق :
- هنعمل أيه دلوقتى يا فارس
تنهد فارس وقد ظهرت علامات الأستياء على وجهه وهو يقول :
- زى ما قلتلك بالظبط هنسبقهم بخطوه المره دى
نظر له عمرو متعجباً وقال :
- مالك يا فارس فى حاجه مضايقاك
أومأ فارس براسه وهو يشعر أنه يحمل هماً تنوء منه الجبال وقص على عمرو ما حدث بالأمس مع والد مُهرة .. ما كاد ينتهى من حديثة حتى وجد والدته تتصل به بألحاح أجابها على الفور فقالت بإضطراب :
- مرات حماك التانيه خبطت عليا وقالتلى أن جوزها راح يشوف محامى علشان يرفع قضية طلاق
أغمض فارس عينيه وقال بحزن :
- طيب يا ماما اقفلى دلوقتى معلش وهبقى أكلمك تانى
نظر إليه عمروهو يقول في إضطراب :
- حصل ايه
خالطت ابتسامة متهكمة حزينة شفتيه وهو يقول :
- حمايا شكله كان بيتلكك علشان يطلقها مني راح يدور على محامى يرفع قضية الطلاق
وضع عمرو يده على كتف فارس وهو يقول مطمئناً :
- متخافش مش أنت واثق أنها عايزاك
أطلت نظرات القلق والحزن من عينيه وهو يقول :
- أنا خايف عليها اوى يا عمرو لوحدها فى وسط كل ده

*********************************************
ذهب فارس بصحبة عمرو كما أتفقا مسبقاً لهيئة الآثار ليحاول فارس أستباق نادر بخطوة كما كان يخطط من قبل .. صافحه فارس وهو يعرفه بنفسه ويقدم الكارت الشخصى الخاص به مبتسماً ... نظر مفتش الآثار الى الكارت ثم الى فارس متفحصاً له وهو يضيق عينيه ثم قال متسائلا :
- هو مش حضرتك كنت بتشتغل فى مكتب الدكتور حمدى مهران
أنتبهت حواس فارس وهو يومىء ببطء قائلا:
- ايوا هو حضرتك تعرفنى قبل كده
أبتسم الرجل وهو يهز راسه قائلا :
- سبحان الله الدنيا صغيرة أوى .. هو حضرتك مش فاكرنى ولا ايه يا استاذ فارس
تأمله فارس قليلاً محاولا تذكره ثم قال :
- الحقيقة هو شكل حضرتك مش غريب عليا بس مش فاكر بصراحه
استند الرجل إلى مكتبه وشبك اصابع كفيه فى بعضهما وقال بتاثر :
- مش فاكر الراجل اللى مراته رفعت عليه قضية طلاق وعلشان مكنش عاوز يديها حقوقها جالكوا المكتب بتاعكوا وكان عاوز يتهمها فى شرفها ظلم ويفترى عليها وأنت قعدت تنصحه وتقوله حتى لو هانت عليك مراتك أزاى عيالك يهونوا عليك تلطخ سمعتهم بالشكل ده وميقدروش يرفعوا راسهم قدام الناس بعد كده وفضلت تذكره بالله لحد ما قام مشى من قدامك وهو بيقول أنا مش عارف هو ده مكتب محاماه ولا جامع ..
أنتبه فارس متذكراً وهو ينظر إلى الرجل وقد عرفه وقال بدهشة :
- مش معقول!
أومأ الرجل براسه وهو يقول :
- شفت بقى الدنيا صغيرة ازاى ؟
أطرق فارس مفكراً وقد شعر برفض طلبه قبل أن يطلبه وحاول ان يبحث عن مخرج آخر لعمرو الذى كان ينظر إليهما بحيرة ودهشة لا يعرف ماذا يقول .. قطع مفتش الاثار شروده وهو يقول موجهاً حديثه لفارس :
- أؤمرنى يا أستاذ فارس حضرتك كنت جايلى ليه
رفع فارس رأسه ببط ونظر فى عينيه وهو يقول بأحباط :
- الحقيقة أنا كنت جاى متحمس بس دلوقتى مبقتش عارف هتساعدنى ولا لاء
نظر له الرجل بابتسامة ونهض من خلف مكتبة وجلس على المقعد أمامه ووضع يده على قدم فارس وهو يقول ممتناً :
- أنت ليك جميل فى رقبتى عمرى ما هنسهولك ابداً
علت الدهشة وجه فارس وهو ينظر إليه بصمت فاردف الرجل قائلا:
- أنا بعد ما مشيت من عندك فكرت فى كلامك كويس وضميرى فضل ينقح عليا وأنا بسمع كلامك عمال يدور جوا عقلى وفضلت طول الليل صاحى مش عارف أسمع أى حاجه غير الحوار اللى دار بينا فى المكتب عندك ... حسيت أنى ندل وأنى كنت هلوس سمعت ست شريفه عاشرتها سنين طويلة مشفتش منها غير كل شرف وامانه .. كنت هضيع مستقبل ولادى وسمعتهم علشان العند .. علشان بس أثبتلها أنها مش هتاخد منى حاجه غصب عنى بالمحاكم .. وأكتشفت أنى مقدرش أستغنى عنها وأن الموضوع كله كان عند فى عند .. روحتلها وأعتذرتلها وأتصالحنا ومن يومها وانا شايلك جميلك ده فى رقبتى وبدعيلك ليل نهار ...
رغماً عنه لمعت الدموع فى عينيه وهتف فى قلبه :
- يااااه يا ما أنت كريم يارب .. صحيح اللى عند ربنا مبيضعش ابداً
ربت الرجل على قدمة مرة اخرى وقال مطمئناً :
- قولى بقى أنت عاوزنى أساعدك فى أيه وأنا رقبتى ليك
خرج فارس وعمرو من هيئة الآثار وقد بدت السعادة فى عينيى كل منهما وقال له فارس بحماس :
- شفت بقى مش قلتلك أن ربنا مش هيسيبنا ابدا
رفع عمرو يده للسماء وهو يقول :
- الحمد لله يارب .. ثم نظر إلى فارس متسائلا وهو يقول :
- ودلوقتى المفروض هنعمل أيه الخطوه اللى جايه
أبتسم فارس بمكر وهو يقول :
- الخطوة الجايه هما اللى هيعملوها مش أحنا وساعتها هيبقوا كتبوا نهايتهم بأديهم

بمجرد أن أنتهى مفتش الآثار من وضع الملفات التى بيده فى درج مكتبه حتى سمع طرقات خفيفة على باب حجرته ورأى رجلين يراهما لاول مرة ... مد نادر يده يصافحه وهو يقول :
- أقدملك نفسى مهندس نادر
وأشار إلى صاحبة وقال :
- وده الأستاذ باسم المحامى ..
وأردف قائلاً :
- عاوزين حضرتك فى كلمتين وهنمشى على طول
أبتسم مفتش الاثار إليهما أبتسامة واثقة وقال :
- أتفضلوا .. خير يا بهوات
بدأ نارد فى مساومته فى التقرير الذى سيقدمة للنيابة عن قطعة الآثار ولكن الرجل تظاهر بالتردد قائلا بحنكة :
- بس المبلغ ده صغير أوى على العمليه دى
تدخل باسم وحاول أقناعه بطريقته الخاصه فى الحديث وأنتهت المقابله على وعد منه بالتفكير قائلا:
- أدونى يومين أفكر وبعدين تجولى نتكلم فى التفاصيل
تبادل باسم ونادر نظرات الانتصار وقال باسم :
- يبقى أتفقنا معادنا بعد يومين
خرج نادر بصحبة باسم من عند الرجل الذى تبسم بثقة وهو يخرج هاتفه النقال ليجرى أتصالاً هاماً ....
***************************************

- أيه أنت مش هتروح بيتك ولا ايه ...
قال فارس تلك العبارة وهو يمشى بجوار عمرو الذى كان يسير بجواره فى طريقة الى بيت والدته .. فقال عمرو:
- لا أنا هبات عند أبويا النهارده أصل حماتى تعبانه شويه ومراتى وأختها بايتين عندها
ثم ألتفت إلى فارس وقال متسائلا:
- وأنت مش رايح المكتب
هز فارس راسة نفياً وقد علت قسمات وجهه سحابة حزن وقال :
- ماليش نفس أعمل حاجه خالص يا عمرو ..أنا هروح البيت يمكن أعرف اشوفها ولا أكلمها
ربت عمرو على كتفه وحاول أن يكون مرحاً وقال :
- أنا مكنتش أعرف أنك هيمان أوى كده يا عم فارس
ألتفت إليه فارس بصمت حزين ثم سار فى طريقة ..
ودعه عمرو ثم دخل بيت والدته بينما دلف فارس إلى بنايته المقابلة له صعد الدرج ولكنه لم يطرق باب شقته وأنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل .. أفتقدها بشدة يريد أن يملىء عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط ,, وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله .. وأخيرا وضع رايته مستسلماً وهبط درجات السلم مرة أخرى متوجهاً الى شقته .. وضعت والدته طعام العشاء أمامه على المائدة وهو شارداً فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه أمام صدره وقد تقابلا حاجبية بشدة ..
وضعت يدها على يده وهى تقول بهدوء :
- مش هتاكل يا فارس
أوما برأسه وأمسك ملعقته وظل يعبث فى طبقة الذى أمامه وهو مطرق الرأس وقد عاد الى وجومة الدائم فقالت :
- يابنى مش كده ده أنت مكلتش من أمبارح ولا بتدوق طعم النوم حتى
تنهد بقوة وقال بأسى :
- مش عارف أعمل أيه يا ماما ياريتنى ما كنت كتبت الكتاب كنا عملنا الفرح على طول
رفع رأسه إليها وهو يقول بضعف :
- ماما أنتى مبتشوفيهاش خالص؟
شدت على يده وهى تقول بسعادة مصطنعة:
- شوفتها النهارده وهى نازله مع مرات أبوها وكان شكلها باين عليه أنها كويسه
نظر إليها بلهفة وقال على الفور :
- كلمتيها
أبتسمت وقالت :
- كلمتها وهى مرات أبوها هتمنعنى أكلمها كمان.. وبتسلم عليك وبتقولك متقلقش عليا
خفق قلبه وضغط على يد والدته دون ان يشعر وهو يقول :
- بجد يا ماما بجد كويسه
أبتسمت والدته وهى تؤكد له ما قالته ثم عادت لتكمل طعامها فى صمت بعد ان رأته قد بدا فى تناول طعامه .. نظرت إليه نظرة خفية بأسى وهى تهتف داخلها ..
- أقولك أيه بس يابنى أقولك الورده دبلت فى يوم وليلة من كتر الهم والبكى ..

وقفت مهرة فى الليل فى نافذتها ترجو أن تراه ولو لمرة واحدة تطل برأسها للأسفل بشدة لعلها تلمح ظله فتفاجأت بصوت زوجة أبيها تقول ساخرة من خلفها :
- أدخلى من الشباك يا بت أنتى ابوكى قال مفيش واقفة فى الشبابيك
ألتفتت إليها مُهرة وعادت الى الوراء وأغلقت النافذة بهدوء فهى لا تريد أن تدخل فى مجادلة كلاميه مع هذه المرأة على الاطلاق .. جلست على الفراش بعد أن أغلقت النافذة وتناولت أحد الكتب بجوارها وشرعت فى قراءتها فنظرت إليها زوجة أبيها نظرات ساخرة وعادت أدراجها من حيث أتت ..
بعد قليل دخل يحيى بعد طرق الباب عليها وأطل بوجهه فتبسمت له وقد لمعت الدموع فى عينيها فأقترب منها وجلس بجوارها وأمسك يدها وهو يقول بإشفاق :
- متزعليش نفسك بكره أبوكى يصفى ويرجع فى كلامه
أنسابت العبرات على وجنتيها وهى تقول متسائلة :
- ماما عامله أيه
أومأ برأسه وهو يقول :
- ما أنتى عارفه أنها قاعده عند خالتك وبتسلم عليكى وبتقولك متزعليش منها هى مشيت وسابتك فى ساعة غضب ومعرفتش ترجع تانى من لما أبوكى جاب مراته هنا
أطرقت براسها وقالت له متسائلة :
- وأنت يا يحيى قاعد فين دلوقتى؟
قال مبتسماً :
- عند واحد صاحبى هو مش من هنا أصلا من الارياف .. ومأجر أوضه هنا علشان الدراسه وأنا قاعد معاه ومرتاح متقلقيش عليا
أطرقت براسها ثانية وهى تقول بأسى :
- يارب دايما تبقى مرتاح يا يحيى
نظر إليها بشفقة ورفع وجهها إليه بيده وقال مبتسماً :
- هخاليكى تشوفيه متزعليش
أمسكت ذراعيه بلهفة وهى تهتف به :
- بجد يا يحيى
أشار لها أن تخفض صوتها ثم قال بخفوت :
- اه والله صدقينى بس أدينى يومين كده .. ماشى ؟..
أومأت برأسها فرحاً وهى تمسح دموعها براحتيها وهى تقول ممتنة:
- متشكرة اوى يا يحيى ربنا يخاليك .. بس يومين كتير أوى مينفعش قبل كده
كتم ضحكته وهو يقول بمرح :
- طب أعملى مكسوفة طيب ..
فكر قليلا ثم قال :
- طب أستنى
نهض وأتجه الى الباب ليطمئن أن زوجة أبيه لا تتجسس عليهما وبعد ان أطمئن تماماً أخرج هاتفه وهو يقول لها بخفوت :
- تعرفى توطى صوتك على الاخر وأنتى بتتكلمى فى التليفون ؟
قفزت من فراشها فرحاً كالفراشة وقالت بخفوت مماثل :
- ربنا ميحرمنيش منك يا يحيى
أشار لها أن تفتح النافذة وتطل منها وهى تتحدث حتى لا يظهر صوتها خارج الغرفة بينما وقف يحيى مراقباً من طرف خفى حتى لا يحدث أى هجوم مباغت من زوجة أبيه عليهما وهى تتحدث فى الهاتف ..
أنتفض فارس وهو مستلقى فى فراشة سابحاً فى شروده وذكرياته على صوت رنين الهاتف .. نظر إليه فوجد رقماً غريباً غير مسجل لديه فزفر بضيق ..تركه وعاد الى أسترخاءه وأفكاره من جديد وهو لايعلم أن نصفه الاخر الذى اشتاق إليه ويفكر فيه هو من يهاتفه الآن ...
جذب يحيى الهاتف من مُهرة ووضعه فى جيبه فى اللحظه التى دخلت فيها زوجة أبيه واضعة يدها فى خصرها قائلة :
- أنت هتبات هنا ولا أيه يا يحيى
تنحنح بحرج وهو يقول :
- لا أنا ماشى دلوقتى
قالت بابتسامة صفراء :
- براحتك يعنى أنا مش قصدى أمشيك ولا حاجه
ربت يحيى على كتف مُهرة وهو يقول بنظرة تفهمها :
- هجيلك بكره ماشى
أومأت له مُهرة برأسها وهى تمسك بيده التى على كتفها
خرج يحيى من غرفتها وأتجه الى باب الشقة مباشرة حتى لا يحدث احتكاك بينه وبين زوجة أبيه فينتج عنه مشكله اخرى مع أبيه ..
خرج وأغلق الباب خلفه بينما جلست مُهرة على فراشها محتضنة قدمها كما تفعل دائما وتنظر لأرضية الغرفة وكأنها تناديه وتحاول أن تخترقها لتراه ..
خرج فارس يقف فى نافذة غرفته يستنشق هواء الفجر العليل ويملىء به رأتيه بقوة ويزفر بهدوء وهو يسبح ويستغفر كما تعلم من بلال .. نظر للأعلى مرات عديدة يتلمس ظلها أو ضوء غرفتها سمع صوت هاتفه فهرول إليه ونظر فيه فظفر بضيق عندما وجد اسم عمرو هو المتصل .. كان يعتقد انها هى ولكن أنقطع الامل .. عاد مرة اخرى الى النافذة
وهو يجيب عمرو بحنق :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيه اللى مصحيك لحد دلوقتى يابنى أنت
قال عمرو مشاكساً :
- أنا كنت قلقان شويه وقفت فى الشباك لقيت العاشق الولهان واقف هو كمان عمال يبص لفوق يمكن يعرف يشوف الست جوليت ولا حاجه
نظر فارس الى البناية التى تقبع عن يمين بنايته قليلا فوجد عمرو يقف فى الشرفة ويشير إليه بيده واضعا الهاتف على اذنه وقال :
- معلش بقى شوفتنى أنا طبعا عارف أنك كان نفسك تشوف حد تانى النهارده
تنهد فارس بعمق وهو يقول بشوق :
- وحشتنى أوى يا عمرو
قال عمرو مبتسماً :
- معلش يا روميو أصبر بكره تبقى فى بيتك
هتف فارس بغضب وهو يضرب سور الشرفة بيده :
- أمتى بس يا عمرو وأزاى بعد اللى حصل ده
أنتفض جسدها وهى تجلس على فراشها ضامةً لركبتيها بعد أن سمعت صوته ياتى إليها ويتسلل الى مسامعها فى سكون الليل وقد نامت العيون وخلا الاحبة بعضهم الى بعض .. خرجت سريعاً من غرفتها لتتأكد من أن الجميع نيام ثم عادت الى غرفتها ووضعت حجابها على شعرها وفتحت النافذة وأطلت منها بنصف جسدها تقريباً فرأته وهو يتحدث فى الهاتف بغضب,, أبتسمت وهى تنظر إليه كم أفتقدته كم أشتاقت إليه وإلى نظرة عينيه العاشقة ... تفاجأ فارس بعمرو وهو يقول له بمرح :
- قول لجوليت تدخل جوه شويه لحسن هتقع كده
استدار فارس كليةً بجسده وهو ينظر للأعلى فرآها لم يستطع أن يتبين ملامحها جيدا وعينيها بسبب الظلام ولكن رآها ورأته أبتسم عمرو وعاد أدراجه الى الداخل وأغلق الشرفه ليتركهما وحدهما يخطفا من الوقت لحظات كفيله بأن تعيد إليهما الحياة من جديد..
أرسل لها قبلة فى الهواء بيده أستقبلتها بقلبها الذى عانقها بقوة وضمها داخله ككنز ثمين لا ينفك أن يتركه ابداً ..ضمت يدها الى صدرها وهى تنظر إليه كأنها تضمه هو .. لمحت والدها آتى من بعيد فأشارت إليه وعادت للداخل سريعاً ...... ... عاد فارس للداخل وحاله كحال الظمآن الذى بلل شفتيه بلسانه ........
***********************************************

ها يا حضرة الظابط أيه الاخبار .. قالها فارس وهو يجلس فى المقعد المقابل للضابط الذى قال بثقة :
- كل حاجه ماشيه زى ما أحنا متفقين بالظبط .. باسم ونادر هيتسجلهم ويتقبض عليهم متلبسين بالرشوة
أبتسم فارس بسعادة وهو يقول بأمتنان :
- الحقيقة يا فندم مش عارف أشكر حضرتك أزاى .. ثم تنحنح فى حرج وهو يقول بحيرة :
- هو ليه حضرتك عرضت عليا المساعده فى الموضوع ده رغم أن القضية مكانتش معاك من الاول وكانت مع ظابط تانى
أبتسم الضابط وقال :
- فاكر قضية القتل اللى طليقتك كانت ماسكاها أهو انا كنت الظابط اللى عرضوا عليه رشوة علشان يغير اقواله فيها من يومها وأنا متابع القضية دى وعرفت اللى حصل معاك وأستجدعتك أوى ده غير أنى كنت متأكد إن فى حد تانى بيساعد وائل وبيخططله من بعيد من غير ما يورط نفسه فى الحكايه ...
ثم استند بظهرة الى المقعد وهو يقول بتصميم:
- ولما عرفت موضوعك أنت وعمرو بالصدفه حبيت أساعدك وواحده واحده اتأكدت أن باسم ليه علاقة بالموضوع ده كمان واللى زى باسم ده عاوزله تخطيط جامد أوى وأدله قوية علشان نقدر نقضى على فساده ولا زم نحط أيدنا فى أيد بعض علشان نعرف نحوط عليه كويس أوى وميعرفش يطلع من ثغرات القانون اللى هو حافظها كويس ..
أستدرك فارس قائلا:
- يعنى خلاص مش فاضل غير التسجيل وبعدين نطلع أمر بالقبض عليهم
أومأ الضابط برأسه وقال مؤكدا :
- التسجيل هيتم بكره زى ما أتفقنا مع خبير الاثار فى نفس اليوم بالليل هنقبض عليهم إن شاء الله
نظر إليه فارس بإعجاب وهو يقول :
- نفسى اسألك سؤال بيلح عليا دايما
أومأ الضابط براسه فقال فارس :
- أنت ليه مخفتش لما وائل هددك
ضحك الضابط وقال :
- وائل ده كان شكله يضحك أصلا وبعدين بيعرض الرشوة بسذاجه غريبة كده علشان كده كنت متأكد أن فى حد وراه عاوز يوديه فى داهيه ..
ثم ضحك بشده وهو يتذكر جلسته مع وائل وقال :
- تصدق يا دكتور فارس أنى لما قلتله حرام وهنروح من ربنا فين قالى هو أنت مش مربى دقنك ليه
ضحك فارس وهو يقول :
- هو يعنى محدش بيرفض الرشوة غير اللى ملتحين بس أما حاجه عجيبه اوى
تنهد الضابط وقال بشرود :
- أعذره يا دكتور الناس واخده فكره عن الظباط أن كلهم زى بعض ..ثم استند بيديه على مكتبه وهو يقول بأسى :
- احنا فينا محترمين ومتدينين وأصحابى وأعرفهم شخصيا بس مع الاسف بالنسبه للفاسدين نكاد نكون مش باينين اصلا
شعر فارس بالاسى الذى يكسو نبرة صوته فأراد ان يغير مجرى الحديث بمداعبة وقال :
- بس أنت غيظته وقلتله أنك هتربي دقنك بس مش دلوقتى
ضحك الضابط ضحكات رنانه وهو يقول :
- تصدق والله مكنش قصدى أغيظه انا قلتله اللى فى قلبى
قال فارس بأهتمام :
- وهو شغلكوا يسمح بكده
زفر الضابط بقوة وهو يردف :
- وأيه اللى يمنع اذا كان فى ضباط مسلمين فى دول أوروبا ملتحين ومحدش بيقولهم حاجه وشايفين شغلهم تمام وهما فى دول نصارى أصلا ودين الدوله الاول النصرانيه حتى الدول اللى فيها بوذيين عندهم ظباط مسلمين ملتحين ومحدش بيتكلم معاهم ..
ثم لمعت عيناه وهو يقول بتحدى :
- بس عندى أمل فى بلدنا أنها هتتغير فى يوم من الايام ان شاء الله

*********************************************************
- أهلا أهلا أتفضلوا .. أتفضل يا بشمهندس نادر أتفضل يا استاذ باسم ...
أبتسم باسم وهو يجلس وينظر إلى مفتش الاثار بثقة :
- أفهم من المقابلة الحلوه دى أن التقرير خلاص اتكتب زى ما أتفقنا
هتف نادر :
- طبعاً هى دى عايزة سؤال
فرك الرجل يديه بشغف وهو يقول :
- ولو أنها مسؤلية كبيرة بس أنا مقدرش حد يقصدنى ف حاجه وأرجعه أيديه فاضيه
أستند باسم على مكتبه وهو يقول :
- وأحنا كمان مش هنرجعلك أيديك فاضيه
قال نادر بلا مبالاة :
- مسؤلية أيه بس ياراجل اللى بتتكلم عنها أنت كتبت تقرير زى اللى أتكتب قبل كده من واحد تانى خالص يبقى أنت معملتش حاجه جديده يعنى بالعكس ده أنت أكدت على كلام زميلك
أومأ باسم برأسه وهو يقول مؤكدا :
- بالظبط كده ومتخافش مش هيقدروا يشككوا فى ده كمان
قال الرجل بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه :
- لمؤاخذه يعنى فى السؤال هو أنتوا ليه بتدفعوا الفلوس دى كلها علشان القضيه تلبسوا أنتوا بتكرهوا أوى كده؟
قال له باسم بحدة :
- الموضوع ده ميخصكش أنت ليك تاخد فلوسك وخلاص
حرك الرجل رأسه وقال مؤكداً :
- معاك حق وأنا مالى خلاص أتفقنا تجولى هنا بكره الصبح ومعاكوا الفلوس وهوريكوا نسخه من التقرير اللى أتكتب
نهض باسم ونادر وهما ينظران الى بعضهما البعض بأنتصار وقالا بثقة :
- تمام أوى كده
*************************************

كان نادر بصحبة باسم فى شقتة الخاصة ليلاً بينما سمع باسم صوت رنين هاتف المنزل فقال نادر بقلق :
- أيه ده مين بيكلمك دلوقتى
نهض باسم متوجهاً إلى الهاتف وهو يترنح ثملاً وضع سماعة الهاتف على اذنه وقبل أن يجيب سمع صوت أنثوى يصيح به :
- أنتوا ايه اللى أنتوا عملتوه ده يا أغبيا
نظر باسم لسماعة الهاتف وهو يعقد جبينه بدهشة ثم أعادها على أذنه مرة أخرى وهو يقول بتشتت :
- أنتى مين يا ست أنتى
صاحت بغضب :
- أنت غبى أنت واللى معاك وهتدفعوا تمن غبائكوا ده غالى أوى
ضحك باسم وهو يقول بترنح :
- أهدى بس يا حلوة
صرخت فيه بشدة :
- بقى علشان أنت بتكره واحد والغبى اللى معاك بيكره التانى تقوموا تلفتوا النظر لينا ولشغلنا والعين تبقى علينا .. اللى عملتوا ده مش هيعدى بالساهل ابدا ... وأنهت المكالمة بعنف .. نظر باسم الى سماعة الهاتف بأستنكار وهو يهوى الى المقعد بجوار الهاتف ويهتف :
- طب متعرفناش طيب
نهض نادر قائلا:
- فى ايه يا باسم من دى
ناوله باسم الكأس فى يده وهو يقول مترنحاً :
- أشرب ياعم أنت خالينا نفرفش شويه أنت مالك رخم كده ليه النهارده

**********************************************************
جلست عزة بجوار عبير فى بيت والدتهما وهى تقول بأستنكار:
- يعنى أيه يا عبير يعنى الراجل المتدين بس هو اللى مش بيتخانق مع مراته
قالت عبير بثقة :
- لاء مش قصدى أنا قصدى أقولك أن الراجل الملتزم هو اللى ليه حدود حتى فى مشاكله يعنى بمجرد ما تقوليله اتقى الله يبتدى يراجع نفسه ويقول اللهم اجعلنى من المتقين ..
لكن الراجل التانى لو قلتيله اتقى الله هيصرخ فيكى ويقولك طب ما تتقيه انتى ياختى ولا ممكن يقولك قصدك ايه يعني ... قصدك انى كافر ..
قصدى ان الملتزم ليه سقف معين بيقف عنده مهما عمل بيخاف من ربنا فى الاخر ويخاف لو ظلمك ربنا يقتص منه فى الدنيا والاخرة
مطت عزة شفتيها وقالت باستسلام :
- فى دى معاكى حق عمرو ساعات لما بقوله اتقى الله يقولى لما تتقيه انتى الاول .. بس بصراحه ده كان قبل ما يدخل المعتقل مع فارس وبلال لكن من بعدها بقى أحسن كتير فى معاملاته كلها ..
ثم قالت بمرح :
- يعنى لو كنت أعرف كده كنت لما جه يتقدملى كنت قلتله لاء اقعد شويه مع فارس وبلال وبعدين ابقى تعالى اتقدم
حركت عبير رأسها وهى تقول :
- اه اه صح علشان كان قطع رقبتك ساعتها ولا انتى ناسيه انه كان حساس قد ايه من اى كلام منك على فارس فاكر لما زعل منك
زفرت عزة وهى تقول بحنق :
- متفكرنيش بالايام دى .. الحمد لله أنها عدت من غير ما حد ياخد باله من مشاعرى دى
رفعت عبير حاجبيها وقالت :
- ومين قالك ان محدش خد باله .. والدة فارس كانت واخده بالها والجديد بقى ان مُهرة كمان كانت عارفه
حدقت عزة بها وهى تقول :
- بتقولى ايه يا عبير .. مُهرة عارفه انى كنت بحب فارس ..
أومأت عبير برأسها مبتسمة وهى تضع ولدها على الفراش بعد أن نام على ذراعها وقالت بخفوت :
- أنتى فاكراها عبيطه ولا ايه ولا ناسيه انها كانت ملازمه لفارس ووالدته من وهى صغيرة وقاعده عندهم فى البيت على طول
أسندت عزة راسها على راحتها وهى تقول بحرج :
- يادى الكسوف .. وانا بكلمها عادى وهى بتكلمنى عادى ولا باين عليها حاجه
ضحكت عبير بخفوت وهى تنهض وتجلس على الاريكة بجوار النافذة فتبعتها عزة وجلست بجوارها وهى تقول :
- ده انا كده هتكسف احط عينى فى عنيها تانى
هزت عبير راسها نفياً وهى تقول :
- بتهزرى ... يابنتى هى عارفه أن الكلام ده كان زمان قبل ما تتجوزى عمرو
عقدت عزة ذراعيها امام صدرها وقالت بتبرم:
- وأنتى عرفتى ازاى اصلا توقع كده ولا هى لمحتلك
رفعت عبير كتفيها وقالت :
- مش هى دى المشكله دلوقتى أنا مش عارفه ايه اللى فتح السيرة دى ..أحنا دلوقتى فى مشكلة مُهرة وباباها لازم أكلم بلال يدخل ويحاول يحلها بطريقته... ياريتك يا عزة قولتيلى أول ما عمرو قالك
لوحت عزة بيديها وهى تقول :
- ياختى نسيت مش شايفه ماما كانت تعبانه ازاى
دفعتها عبير لتنهض وهى تقول بمكر :
- طب أمشى بقى شوفيلك حته تنامى فيها علشان عاوزه أكلم جوزى شويه براحتى
رفعت عزة حاجبها وهى تقول :
- بتطردينى من أوضتى أصلا ماشى يا عبير .. وبعدين أنتى فاكرانى ماليش جوز انا كمان ولا ايه طب انا بقى هروح البلكونه ونقعد نشاور لبعض زى الحبيبة ...
ثم ضحكت وخرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها
أخرجت عبير هاتفها وهاتفت بلال وبمجرد ان اجابها حاولت أن تغير نبرة صوتها وهى تقول :
- مين معايا
كان بلال مستلقياً على الفراش يستعد للنوم فابتسم وهو يتكا على جنبه الايمن وقال :
- حضرتك انتى اللى متصله
قالت عبير بدلال :
- طيب ممكن نتعرف .. اصل صوتك عاجبنى اوى
أعتدل جالساً على الفراش بحماس وقد أعجبته اللعبة وقال :
- بس أنا متجوز
رفعت كتفيها وهى تقول برقة :
- وايه يعنى الشرع محلل اربعة
قال هامساً :
- بس انا بحب مراتى ومفيش واحده غيرها تملى عينى حتى لو كان الشرع محلل عشره
كتمت ضحكتها وقالت بتبرم :
- خلاص بلاش جواز نتعرف بس
هتف ضاحكاً :
- أيه ده يا عبير أنتى أنحرفتى أمتى يا حبيبتى
ضحكت وهى تقول :
- ياسلام يعنى دى اللى وقفت عندها يعنى
قال بحنق :
- كده برضه تضحكى الضحكه دى وأنتى بعيد عنى طب انا هاجى أخدك دلوقتى
حاولت ان تخفض صوت ضحكاتها و تسائلت قائلة :
- ياسلام يعنى هتضحى بوقت نومك وتنزل وتيجى تاخدنى
همس قائلا بحرارة :
- الضحكه دى تخالينى أضحى بعمرى مش بنومى بس
قالت على الفور:
- لالا أنا بهزر معاك أهدى كده علشان احكيلك على حاجه مهمه اوى تخص فارس ومُهرة
أنتبه وأرهف سمعه لها وهى تقص عليه ما قاله عمرو لعزة فى الهاتف عن مشكلة فارس ومُهرة وحتى هذه اللحظة ......

****************************************
أستيقظت مُهرة فزعة على صوت صراخ زوجة أبيها وهى توقظها صائحه :
- قومى معايا ياختى بقولك قومى
نهضت مُهرة بفزع وهى تصيح :
- فى أيه
صرخت بوجهها :
- جيرانى أتصلوا بيا وقالولى أن شقتى أتسرقت قومى يالا تعالى معايا
نهضت مُهرة سريعاً من فراشها وتوجهت للحمام على الفور توضأت وعادت لحجرتها أرتدت ملابسها وزوجة ابيها تصرخ :
- بسرعة ياختى لسه هتقعدى تلفى عشر سنين فى الطرحة دى
قالت مُهرة بارتباك وهى تحاول لف خمارها :
- حاضر حاضر
غادرتها زوجة ابيها وهى ترتدى حذائها وعادت إليها تصرخ بها يالا يالا ...ارتبكت مُهرة اكثر ووضعت دبوس الحجاب فى يد أصبعها فتالمت بشدة وهى تنظر لاصبعها الذى أخذ يقطر بعض قطرات الدم وهى تبحث عن منديل ورقى لتضعه عليه
فصاحت زوجة ابيها بغضب :
- أنا هسبقك وتعالى ورايا يا غندورة متتأخريش ياختى أنتى عارفه البيت كويس
تركتها وهبطت درجات السلم فى عجلة منها ..لفت مُهرة الخمار مرة أخرى ووضعت الدبوس بحرص هذه المرة ثم أرتدت حذائها وهبطت تهرول على درجات السلم .. وفجاة شعرت بيد تجذبها بقوة وتدخلها للداخل ووجدت نفسها فى شقة فارس وبين يديه ...
---------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب