عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 02-22-2018, 04:45 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل السابع عشر
------------



طرقت مُهرة باب شقة فارس وهى تمسك بيدها بطفلين صغيرين لم يتما السنتين بعد ..أبتسمت أم فارس وتفتح لها الباب وتنظر إلى الولدين فى يدها وقالت وهى تنحنى لتأخذ واحدا منهما وتلاعبه:
- تعالى يا أم العيال أدخلى
دخلت مُهرة وهى تضحك لمداعبة أم فارس وجلست ووضعت الطفل على قدمها وأخذت تهزة وتأرجحه وهى تقول:
- اه والله يا طنط أنا حاسه انى انا أمهم فعلا
أعطتهم أم فارس أحد قطع الالعاب الصغيرة وهى تقول:
- من يوم ما شوفتيهم بعد ما أتولدوا وأنتى شايلاهم بصراحه يا مُهرة أنتى شلتى عبء كبير عن عبير
وضعت مُهرة يديها فى خصرها وهى تقول بمشاغبة:
- يا سلام مش ساعتها كنتوا بتقولوا صغيره ومش هتعرف تخلى بالها منهم
وعزة مش مكفيها تاخد منهم واحد لا كمان كانت طمعانه فى اللى حطيت عينى عليه
ضحكت ام فارس وهى تقول باستغراب:
- هما طبق كشرى بتفرقى يابنتى دول أطفال صغيرة
- بس عرفت اخد بالى منهم ولا لاء
قالت أم فارس بإعجاب :
- بصراحه عرفتى وابصملك بالعشرة
دارت مُهرة ببصرها فى المنزل وهى تقول:
- هو فارس لسه مجاش من الشغل
ضربت أم فارس بيدها على جبينها وهى تقول متذكرة:
- الاكل على النار يخرب عقلك يا مُهرة نستينى
نهضت واقفة وتابعت وهى فى طريقها للمطبخ:
- ده زمانه جاى هو ومراته ..عازمها على الغدا عندنا النهارده
مطت شفتيها بأمتعاض وهى تقول بصوت عالى :
- الله يكون فى عونك يا طنط أنا عارفه هتستحمليها ازاى
خرجت ام فارس من المطبخ ونظرت إلى مُهرة بعتاب وقالت:
- لاء يا مُهرة محبش أسمعك بتقولى كده لو فارس سمعك هيزعل أوى دى مراته برضه
لوحت مُهرة بيدها وهى تقول معترضه:
- لاء مش مراته دى خطيبته بس
أبتسمت أم فارس وهى تقول :
- لاء مدام كتب كتابه عليها تبقى مراته
قالت كلمتها الاخيره وعادت للمطبخ ثانية تكمل ما بدأته من طعام الغذاء ..وضعت مهُرة الطفلين على الاريكة وأخذت تلاعبهما وتضاحكهما ببعض الالعاب ثم وضعتهم على الارض يمرحان بألعابهم ووقفت تنظر لغرفة فارس التى اعتادت الدخول إليها يوميا وهو غير موجود فى البيت ... وقفت وسط الغرفة تتأمل المكان حولها وكأنها تدخل لاول مرة وفعلت كما تفعل يوميا ..جلست خلف مكتبه الصغير وفتحت احد أدراجه وأخرجت بعض من صورها الذى أُلتقطت لها وهى صغيرة ومازال فارس محتفظا بها فى درج ذكرياته كما يسميه...تأملت صورها قليلا وهى تبتسم تارة لصورتها بشعرها الاشعث المتناثر وصورة اخرى بملابس العيد الجديدة وصورة جمعت بينهما وهما ينظران لبعضهما البعض ويخرج كل منهما لسانه للآخر بمشاغبة وهى تحمل دميتها المفضلة باربى هدية فارس لها...
أنتزعها من ذكرياتها صوت ثلاث طرقات على باب الشقه تعرفهم جيدا وتحفظ نغمتهم ..أعادت الدرج الى وضعه سريعاً وخرجت مسرعة فوجدت والدته قد سبقتها وفتحت الباب قبلها ورأت دنيا تدلف من الباب ونظرها مصوب بأتجاه مهُرة رغم أنها تقبل أم فارس وتصافحها ...دخل خلفها فارس يلقى السلام فوجد مُهرة واقفة مستندة على حافة باب غرفته المفتوحه
فابتسم لها وقال محذراً:
- عارفه لو لعبتى فى شغلى من ورايا هعمل فيكى ايه
قالت بأندفاع :
- لا والله ما لعبت فى حاجه
أبتسم فارس وهو يشير لدنيا موجهاً حديثه لمُهرة قائلا:
- مش هتسلمى على ابله دنيا
نظرت لها مُهرة فوجدتها تنظر لها ببرود وتبتسم لها ابتسامة صفراء فبادلتها نفس الابتسامه ونفس النظرة وهى تضغط كلمتها قائلة:
- اهلاً
نظرت لها دنيا بحدة وقالت:
- يصح بنت كبيرة كده تدخل اوضة راجل غريب هى مامتك مبتعلمكيش الحاجات دى ولا ايه
نظر لها فارس بضيق ولمعت الدموع فى عينيى مُهرة بينما قالت ام فارس وهى تنظر لها بجديه:
- هى مبتدخلش الاوضه وهو موجود
ثم تابعت بضيق:
- مُهرة غاليه عليا ومحبش حد يكلمها كده ابداً حتى لو كان فارس نفسه
عقدت دنيا ذراعيها امام صدرها وقالت بتهكم:
- يا طنط انا اللى مرات ابنك مش هيه
جذبها فارس من ذراعها برفق وقال بحسم:
- دنيا ..هنتكلم فى الموضوع ده كام مره مش خلصنا منه قبل كده ولا ايه
تحركت مُهرة بانفعال وهى تحبس دموعها وأخذت الطفلين وتوجهت بهما إلى الخارج واغلقت الباب خلفها بقوة وصعدت لشقتها
دخلت ام فارس المطبخ ودخل خلفها قبل راسها وقال معتذرا:
- أنا اسف يا أمى بالنيابه عنها معلش متزعليش علشان خاطرى
نظرت له أمه بعتاب وقالت :
- فهم مراتك ان مُهره زى بنتى واللى مبيحبهاش على الاقل يراعى انى بحبها وانها غاليه عليا
أحاط كتفيها وقال بحنو:
- ما انتى عارفه يا ماما ان مُهره غاليه عندى انا كمان وبعتبرها أختى الصغيرة ونفسى والله دنيا تحبها بس مش عارفه هى واخده موقف عدائى منها كده ليه
لاحت ابتسامة واثقة على شفتيها وقالت:
- انا بقى عارفه
رفع حاجبيه متعجباً وقال:
- عارفه ايه يا أمى
ربطت على كتفيه قائلة:
- مش وقته دلوقتى روح يالا اقعد معاها لتتقمص زى المره اللى فاتت وتاخد بعضها وتمشى
قبل راسها مرة أخرى وخرج من المطبخ متوجهاً إليها لم يجدها فى الصاله الخارجيه بحث بعينيه سريعاً فوجدها بداخل غرفته دلف خلفها فوجدها تنظر يمنةً ويسره وكأنها تبحث عن شىء ما لا تعرفه فقال:
- فى ايه بتدورى على حاجه ؟
كانت تظن أن مُهرة ربما تكون قد تركت لفارس رسالة أو شيئاً من هذا القبيل فى غرفته ولكنها قالت له :
- ابداً مفيش هو انا يعنى اللى اوضتك متحرمه عليا ولا ايه
لفها إليه ورفع راسها ينظر إليها وقال :
- دنيا ..أنتى اللى محرمه نفسك عليها ..هو فى حد يقعد كاتب كتابه 3 سنين
أزاحت يديه وقالت حانقةً:
- يوه بقى يا فارس انت كل ما تشوفنى تكلمنى فى الحكايه دى وبعدين ماهو عندك صاحبك عمرو مش ده برضه كتب كتابه معانا تقريبا ولسه مدخلش لحد دلوقتى
حاول فارس أن يتحكم بأعصابه وكتم غضبه حتى لا تستمع والدته لما يحدث بينهم فأخفض صوته وقال بضيق:
- وأحنا مالنا ومال عمرو وبعدين هو لو عليه كان زمانه دخل من زمان لكن ده من ساعة ما كتب كتابه وزى ما يكونوا بينتقموا منه فى شغلوا ومبهدلينوا فى مشاريع بره القاهره حتى مراته مبيشوفهاش غير مرتين تلاته فى السنه ...
و زفر بقوة ثم تابع قائلاً:
- وبعدين هو عنده مشكله فى الشقه لكن أحنا الشقه اللى هنتجوز فيها موجوده أهى وأنتى وافقتى لما كتبنا الكتاب وقلتى معندكيش مانع نقعد هنا
شعرت دنيا بالتوتر يسود بينهم وشعرت أن فارس غضبه يتصاعد فحاولت من تخفيف حدة النقاش قليلاً فغيرت نبرة صوتها وجعلتها أكثر نعومة وقالت:
- يا فارس ما أنت عارف ظروفى ده بدل ما تتفهم حالتى النفسيه بعد وفاة بابا الله يرحمه وبعدين مش أحنا كنا متفقين لما تخلص الدكتوراه علشان مفيش حاجه تعطلك عن الرساله وتخلصها بسرعه
وقبل أن يجيب سمع والدته تناديه من الخارج ..خرج إليها مسرعاً فقالت:
- الغدا خلص تعالى حط الاطباق معايا على السفرة وبعد كده تكملوا بعيد عن البيت
أنا وحده عندى الضغط ومش ناقصه حرق دم
*********************

أستيقظ بلال من نومه وهو يتململ فى فراشة نظر فى ساعته بعين مفتوحه وأخرى ..مغمضة هب واقفاً فى سرعة ليلحق بصلاة العصر فى المسجد ..توضأ وبدل ملابسه وسريعاً للخارج فوجد عبير تجلس بجوار والدته ويتسامران ..نظر لها بعتاب وقال:
- كده برضوا يا عبير ..أنا مش منبه عليكى تصحينى قبل الاذان بربع ساعه
نهضت وقالت معتذره:
- اسفه والله يا حبيبى كنت هدخل اصحيك من شويه والكلام خدنا انا وماما
نظر إلى والدته وهى تحمل طفله الصغير على قدمها وتلاعبه فقال وهو ينظر حوله:
- الله أومال فين باقى الولاد نايمين ولا ايه
ضحكت والدته وهى تقول:
- لا مش هنا اصلاً واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة
نظر لهم متعجباً وأتجه إلى الباب وهو يتمتم:
- واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة انا مش عارف هما دول ولادى ولا علبة ألوان
ألقى السلام وخرج وأغلق الباب خلفه متوجهاً للمسجد
جلست عبير وهى تحمل الطفل عن أم بلال وهى تقول:
- والله يا ماما أنا ما كنت عارفه هعمل ايه فى العيال دى لوحدى لولا أن ربنا من عليا بعزه ومُهرة وأنتى كمان يا ماما بتتعبى معانا اوى ربنا يخاليكى لينا
ربطت ام بلال على كتفها برضا وأردفت تقول:
- انا مكنتش مستغربه من عزه لانها كبيرة ماشاء الله وتقدر تخلى بالها من طفل صغير اللى كنت مستغربه منه بجد هى مُهرة ...تعرفى يا عبير لما شفتها فى فرحك حسيت أن البنت دى هتبقى قريبه مننا أوى وحسيت انى اعرفها من زمان ولما ولدتى وجبتى الاربعه ماشاء الله صممت تيجى تقعد معاكى وأمها بصراحه مقالتش لاء ...وفى أسبوع واحد كانت أتعلمت تتعامل مع العيال أزاى وتديهم الرضعه وتنيمهم والعيال كمان أتعلقت بيها أوى ..بس تعرفى يا عبير أمها كمان بتحبك أوى
ابتسمت عبير وهى تقول:
- أم يحيى دى غلبانه اوى يا ماما هى اللى شايله بيتها على كتفها جوزها اصلا بيخرج الفجر مبيرجعش غير بعد نص الليل ولا يعرف حاجه عن ولادوا ومكبر دماغوا ..لما كلمتها عن الصلاة لقيتها ياعينى متعرفش حاجه ومن ساعة ما اتعلمت وهى مواظبه عليها وبتحبنى أوى من ساعتها
أبتسمت لها أم بلال وقالت بحنان:
- انتى يا عبير بترضى ربنا علشان كده ربنا بيحبك وبيخلى الناس الكويسه كلها تحبك وتتعلق بيكى يابنتى
عاد بلال من المسجد فوجدهما فى مكانهما كما تركهما ..دخل وأغلق الباب خلفه ينظر إليهم بابتسامة وهو يردد دعاء دخول المنزل ..
- بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى ربنا توكلنا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقبلت عبير عليه بابتسامه فقبلها على جبينها وأتجه إلى أمه وقبل كفها وحمل عنها طفله الصغير فقالت عبير :
- ثوانى هحضر الغدا ..أوقفها نداء زوجها فالتفتت إليه متسائله فاقترب منها قائلاً:
- صليتى العصر
قالت بسرعة وهى تستدير للتوجه للمطبخ مرة أخرى:
- لاء لسه هحضر الغدا وأروح اصليه
جذبها من ساعدها برفق وقال:
- تعالى يا عبير عاوزك فى كلمتين
أخذها ودخل بها غرفتهم وأغلقها خلفه ...أستدار لها ينظر إليها وأبتسم وهو يقترب منها ويتحسس وجنتها بأنامله فى رقة وقال :
- على فكره انا زعلان منك أوى يا حبيبتى
قطبت جبينها وقالت بلهفه :
- ليه يا بلال أنا عملت ايه
قال وهو مازال يداعب وجنتها برفق:
- مش ملاحظه يا عيون بلال انك من ساعة ما ربنا رزقنا بالاولاد وانتى بتأخرى الصلاة
خفضت نظرها فى خجل وقالت :
- معاك حق يا حبيبى بس والله بيبقى غصب عنى ...بعمل حاجات كتيرة والولاد وشغل البيت بيخلونى باخرها غصب عنى
قبلها على وجنتها قائلا:
- روح قلبى ..أنتى عارفه كويس أن مينفعش نقدم اى حاجه على الصلاة مهما كانت الحاجه دى ايه ..عارفه لو أول ما سمعتى الاذان سبتى كل اللى فى ايدك وروحتى أتوضيتى وصليتى ...
هترجعى تلاقى الحاجه بتتعمل بسهوله ويسر أكتر من لو أخرتى الصلاه علشانها ...يعنى لو سبتى الطبيخ وروحتى صليتى هترجعى تكملى وأنتى مرتاحه والاكل هيطلع فيه بركة من ربنا ...
لو بداتى تتهاونى فى مواعيد الصلاه يا عبير هتلاقى نفسك يوم ورا يوم بتصليها قبل الوقت اللى بعدها بخمس دقايق وواحده واحده هتسيبى النوافل والسنن لانك بتصليها يدوب على الوقت
وواحده واحده هتلاقى نفسك بتجمعى الصلوات مع بعض ....ماهو الشيطان مش هيجى يقولك مره واحده كده سيبى الصلاه لاء..ده هيجبهالك واحده واحده الاول تأخريها وبعدين تسيبى السنن وبعدين تجمعى الصلوات وبعد كده الله اعلم ...وأنا عارف أن حبيبتى هتاخد بالها بعد كده ولو الولد بيعيط حتى ...صلى وانتى شايلاه مفيهاش حاجه
أبتسمت عبير وهى تمسك بيده التى سكنت على وجنتها قالت بحب:
- ربنا يخاليك ليا يا حبيبى ...انا مبسوطه بيك اوى يا بلال ..لو كنت اتجوزت راجل مش ملتزم كنت هلاقى مين ينبهنى ويقولى الكلام ده وبالطريقة دى
أبتسم وهو ينظر لعينيها وقال بحب:
- لا اعملى حسابك مش كل مره هتكلم بالطريقة دى ..المره اللى جايه فى ضرب ومش أى ضرب ده هيبقى ضرب بضمير وطبعا أنتى عارفه ضميرى ..فاهمانى
ضحكت عبير وهى تحمل الطفل قائلة:
- الا عارفه أنت هتقولى على ضميرك برضه ..انا هروح بقى اصلى وبعدين أحضر الغدا
لحق بها عند باب الغرفه وقال:
- لا بلاش تدخلى المطبخ
ألتفتت له بدهشة وقالت متعجبة :
- ليه
قال بحب وهو يمسح على شعرها:
- بغير عليكى من عيون البوتاجاز
ضحكت عبير وأحمرت وجنتيها وخرجت مسرعة توضأت وصلت العصر وأعدت الطعام كأحسن ما يكون.. ولم لا فلقد بثها حناناً فأطعمته جمالاً..جعلها ملكةً فوضعته على عرش قلبها وتوجتةُ حاكماً وملكته صكوك غفرانها
*******************************
أخذت عزة الهاتف وسحبت السلك خلفها ودخلت غرفتها وأغلقتها خلفها وهى تضع سامعته على أذنها وتسندها بكتفها وابتسامتها واسعة ثم قالت بصوت خفيض:
- وحشتنى
قال مداعباً:
- أيه الجرأة دى كلها وحشتنى مره واحده ..الله يرحم اللى كانت قاعده جنبى يوم كتب كتابنا ومكنتش عاوزانى ألمسها اصلاً
أحمر وجهها وقالت بعتاب:
- كده يا عمرو طب انا غلطانه مش هقولك حاجه تانى
قال بسرعة :
- لالالالالا بهزر معاكى يا شيخه أنتى ايه ما بتصدقى علشان تمنعى عنى الدعم السنوى
أتجهت إلى فراشها وهى تحمل الهاتف وكأنها تحمل قلبها بين يديها بعنايه وجلست عليه وقالت بشوق:
- بجد يا عمرو هتيجى أمتى وحشتنى جدا جدا جدا
أستلقى على فراشه ووضع يده تحت راسه وقال بهمس:
- وأنتى كمان يا حبيبتى وحشتينى اوى بس غصب عنى والله بس عموماً هانت كلها أسبوعين وتلاقينى عندك وساعتها بقى يا جميل هبقى عاوز عشره يكتفونى زى الراجل ابو عضلات ده اللى بيقعد فى المولد يقول عاوز عشره يكتفونى وبعدين يعيط ويقول وعشرين يفوكونى
- اسبوعين يا عمرو لسه أسبوعين كمان وياترى بقى زى كل مره هتيجى يومين وتمشى تانى
أراد عمرو ان يغير مجرى الحديث فهو يعلم انها ستبكى بعد قليل كعادتها وتطالبه بترك شركته التى أتعبتها شوقاً له منذ عقد قرانه عليها فقال :
- فاكره يا وزه يوم كتب الكتاب عملتى فيا ايه بقى فى عروسه تسيب جوزها زعلان وتقعد تاكل هى
ابتسمت وقد تذكرت ذلك اليوم وقالت :
- هو انا يعنى كنت باكل جوع انا كنت بهرب منك أنت مكنتش شايف شكلك ساعتها
ضحك ضحكات رنانه أختلج لها قلبها وقال:
- بصراحه معاكى حق أنا كنت عامل زى القطر اللى من غير سواق
وضحك مرة اخرى وأختلج قلبها وخفق مرة اخرى وهى تستمع لمغازلاته وأشواقه وأنهت المكالمه كما تنهيها كل مرة هاتفةً:
- عمرو أنت مش مؤدب ..
وتضع سماعة الهاتف بارتباك وقد تلون وجهها وتنهض مقطبةً جبينها وهى تتوعده فى داخلها بنفس العباره..
- ماشى يا عمرو مش هكلمك تانى بالليل ولو أتصلت مش هرد عليك....
************************************************

وفى الليل دخل فارس فراشة وأستلقى فى أرهاق شديد ..أمسك جبينه بيديه يشعربألم شديد فى رأسه ...نهض مرة أخرى وجلس خلف مكتبة الصغير يبحث عن حبات مسكنة للصداع تناول واحدة منها وشرع فى إغلاق درج مكتبة مرة أخرى فوقع بصره على الصور الفوتوغرافية الصغير مبعثرة داخله فأبتسم وقد علم أن مُهرة كانت تشاهدها وأغلقت الدرج سريعاً بحيث بعثرت ما به ...أعادها بعناية كما كانت سابقاً وهو يحاول أن يذكر نفسه بأن يحضر ألبوماً للصور لكى يحافظ عليها من أى اهمال قد يصيبها فهى تمثل حقبة مهمة من حياته منذ أن كان صبياً فى الحادية عشر من عمره ووُلدت مُهرة فى غياب والدها وحملها طوال الليل بعد أن اهملها الجميع فكان الجميع منشغلاً فى والدتها التى أُصيبت بنزيف حاد بعد ولادتها وأعطتها له والدته يحملها ويرعاها ووضعت بجوار كوب به ماءاً مختلطاً بالسكر ليسقيها حتى تعود إليه ونسيها الجميع معه...كان يسقيها تارة ويتأملها تاره ويدور بها فى الغرفه حتى يسكت بكاؤها الذى لم يطل كثيراً وأخذ يفكر فى اسم يليق بملامحها البريئة حتى بزوخ فجر يوم جديد كان قد أستقر على أسمها الجديد والذى استقاه من أسمه وقد كانت مُهرة ..أنتزعه صوت هاتفه النقال من عالمه الخاص وابتسم وهو ينظر لاسم المتصل وأجابه على الفور:
- حظك حلو لسه كنت هعمل الموبايل صامت وهنام
ضحك عمرو وقال مداعباً:
- والله وعرفنا الموبايلات والصامت والحركات ربنا يخاليك لينا يا شارع عبد العزيز
ضحك فارس لدعابته وقال :
- والله عمرك ما هتتغير ده أنت تستحق البهدله اللى أنت فيها
زفر عمرو بقوة وهو يقول:
- وأى بهدله يا فارس أنا مش عارف هو انا مهندس ولا متهم وواخدينه كعب داير
- وأنا مش عارف أنت متمسك بالشركة دى كده ليه طالما مطلعين عينك
- أعمل ايه بس يا فارس منا دخت على شغل كتير مش لاقى حتى نص المرتب اللى باخده من الشركه دى
- خلاص بقى أستحمل ومتشتكيش
- انا متبعبش من الشغل وأنت عارف انا بس مضايق علشان عزة كل ما أكلمها الاقيها مضايقه من كتر سفرى والشحططه اللى أنا فيها وعماله تزن عليا علشان أسيب الشغل وانا بصراحه مش ناوى أسيبه الا لما الاقى حاجه أحسن
- بصراحه معاها حق انا لو منها أصمم مش عارف هى ليه بتسمع كلامك
ضحك عمرو وقال بثقة:
- يابنى أنا محدش يقدر يقف قدام جاذبيتى ...واردف قائلاً:
- وبعدين خلاص هانت بابا كلمنى وقالى أن فى شقة على اول شارعنا هتفضى قريب وإيجارها معقول أوى وهو ظبط مع صاحب البيت خلاص ...المهم أنت عامل ايه وهتدخل أمتى لما تخلل ولا قبلها بشويه ؟!!!
نظر فارس أمامه وقال بحسم:
- خلاص يا عمرو انا مش هستحمل أعذارها أكتر من كده كبيرها معايا شهرين اخلص فيها الرسالة ومش هقبل أى تأجيل تانى خلاص
تحدث قليلاً مع صديقه وعاد إلى فراشة مرة اخرى مستعداً للاستغراق فى نوم عميق ولكن عقله كان شاردأً فى علاقته بدنيا ووضع امامه علامات استفهام كبيرة ..هل حقاً هى التى تؤجل الزفاف بدون اسباب مقنعه ام هو الذى كان يوافقها على أسبابها تلك وكأنه يرحب بالتأجيل ...كيف ستسكن فى شقة واحدة مع أمى وهما مشاعرهما متنافرة تجاه بعضهما البعض لن يستطيع أن يترك امه وحدها مهما كانت الاسباب وخصيصاً أن أمه أمرأة خلُوقة لا تؤذى احداً بلسانها ولا بافعالها ولا تتطفل على احد ولن تسبب لهما أى ضيق فى حياتهما الزوجية هى فقط تريد من يرعاها ويذكرها بدوائها ويتسامر معها قليلا حتى لا تشعر بالوحدة فهل هذا كثيراً عليها فى مثل هذا العمر ....
*************************************
وفى الصباح خرجت مُهرة لتذهب لمدرستها ولكنها توقفت فجأة أمام باب شقة فارس ولمعت عينيها بفكرة مراهقه مثلها ..صعدت مرة اخرى أربع درجات من السلم للخلف ووقفت تنتظره فهو يذهب إلى عمله صباحاً فى هذا التوقيت وقفت أكثر من ربع ساعة حتى سمعت مقبض الباب يدور من الداخل والباب يفتح فتصنعت النزول وكأنها قابلته صدفه ...أبتسم لها قائلاً:
- صباح الخير يا مُهرة رايحه المدرسة ؟
أبتسمت فى خجل وقبل أن تجيبه وجدته قطب جبينه وهو يقول بجدية:
- ايه ده يا مُهرة الحجاب صغير كده ليه
وضعت يدها على أطراف حجابها ونظرت إليه وقالت:
- مش صغير ولا حاجه ده كبير بس بلفوا بطريقة معينه زى صحباتى ما بيعملوا
حك ذقنه قليلاً ثم طرق باب شقته ففتحت والدته ونظرت لهما دهشة وهى تقول:
- ايه يابنى نسيت حاجه ولا أيه
أشار إلى مُهرة وقال بضيق:
- أه نسيت نسيت أخد بالى منها بقالى بفترة طويله ..خديها يا ماما لو سمحتى جوه خاليها تظبط حجابها
وقفت مُهرة أمام المرآه تعدل من حجابها سريعاً وهى تتمتم متبرمة:
- يا طنط كل صحابتى بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى أنتهت وألتفتت إليها قائله:
- ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت :
- أيوا كده كويس يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك اكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها وأستدار ليخرج متوجهاً لعمله وهو يقول:
- هجبلك النهارده وأنا راجع خمارات لف ...شغل الطرح ده مش عاجبنى
حملت مُهرة حقيبتها وخرجت تعدو لتلحق بمعاد المدرسة وأغلقت الباب خلفها ظلت أم فارس تنظر إلى الباب المغلق واجمةُ وبداخلها مشاعر كثيرة ودت لو كانت مخطأةُ فيها ...
-----------
الفصل الثامن عشر
----------




أستيقظت مُهرة فزعةً من نومها تصرخ باسم فارس وتناديه ..جلست على فراشها تلتقط أنفاسها بصعوبة .. كانت تبكى وهى نائمة على اثر حلم مفزع ولكنها فوجأت بالدموع تغرق وجهها وكأنها كانت تبكى فى الحقيقة لا فى الحلم .. مسحت دموعها التى شقت طريقها فى ثبات على وجنتيها وأخذت تمتم بالاستعاذة لتهدىْ من روعها قليلاً وهى تدور بيعينيها فى غرفتها لتتأكد أنها وحيدة فيها ولم يسمعها أحد ..نهضت متثاقلة من فراشها وهى تحيط جسدها بذراعيها لتبث الامان فى نفسها ..فتحت نافذة غرفتها ليتسلل ضوء القمر إليها ويغمر وجهها مداعباً لوجنتيها..
أطلت برأسها للأسفل لعلها ترى خيال ظله فى نافذته أو شرفته التى كانت غارقة فى الظلام أغلقت نافذتها وأتجهت إلى فراشها مرة أخرى ولكنها سمعت صوته يتردد فى عقلها وهو يقول:
- لو شفتى كابوس أتفلى على الناحيه الشمال ثلث مرات واستعيذى بالله من الشيطان الرجيم ويستحسن تقومى تتوضى وتصلى ركعتين علشان تطمنى
توجهت مباشرة إلى الحمام توضات وصلت ركعتين أدخلا الطمأنينة فى نفسها ثم عادت لفراشها وقد داعب النوم جفونها فتثاقلت وأستسلمت لنوم عميق

****************************

جلس فارس بجوار والدته حول مائدة الغذاء وبدأ فى تناول الطعام وهو يقول:
- متعرفيش مُهرة رجعت من المدرسة ولا لسه يا ماما
هزت والدته رأسها نفياً وابتلعت طعامها ثم قالت:
- لاء لسه عندها درس بعد المدرسة على طول ..بتسأل ليه؟
ترك الملعقة من يده ونظر إلى والدته متسائلاً:
- درس أيه ده وفين
نظرت إليه والدته بتفكير ثم قالت:
- مش عارفه درس أيه بالظبط اللى أعرفه أنها عندها دروس بعد المدرسه ..بطلت أكل ليه
تناول ملعقته مرة اخرى وقال بضيق:
- أنا مبحبش قصة الدروس اللى مالهاش مواعيد دى وبعدين ما تاخد الدرس فى بيتها
لازم تروح تتنطط عند الناس بره والله اعلم بيوتهم عامل أزاى وشكلها أيه وعندهم رجاله ولا لاء...صمت قليلاً ثم اردف قائلاً:
- لما ترجع ابقى نادى عليها علشان عايزها.. لما نشوف ايه حكاية الدروس دى
شردت والدته قليلاًً وهى تقلب طعامها فى طبقها عدة مرات حتى لاحظ هو ونظر إليها وتسائل بأهتمام:
- مالك يا ماما مبتكليش ليه
وضعت أمه معلقتها وشبكت اصابعها امامها وهى تستند بمرفقيها على المائدة ونظر إليه بعمق وقالت:
- تسمح ملكش دعوه بالحكايه دى ..مُهرة كبرت يا فارس ومينفعش تفضل تتعامل معاها كده وبعدين أخوها يحيى كبر وبقى راجل وهو اللى يقولها رايحه فين وجايه منين والكلام اللى أنت عاوز تعمله ده
قالت جملتها الاخيرة وهو ينظر إليها بدهشة لا يكاد يصدق ما يسمع فقال باستغراب:
- بتكلمى كده ليه يا ماما من امتى وانا مش مسئول عن مُهرة أنتى قولتيلى الكلام ده قبل كده لما جبتلها الخمارات وأنا مركزتش معاكى لكن لما يتعاد تانى يبقى فى حاجه انا معرفهاش
مدت يدها وربتت على يده وقالت بشفقة:
- انا عارفه انك انت اللى مربيها وبتعتبر نفسك مسئول عنها لكن يابنى دلوقتى الوضع اختلف مُهرة كبرت خلاص
ترك ملعقته ونهض وهو يقول بانفعال شديد:
- معنى أنها كبرت أنى خلاص أشيل أيدى من المسئوليه وكمان وأن عارف أن اخوها مكبر دماغه وبره البيت طول اليوم وأبوها مسافر وسايبهم ...
أعتدلت والدته وهى تقول :
- طب يابنى تعالى كمل أكلك مالك زعلت كده ليه
أتجه إلى غرفته وهو يقول باقتضاب :
- معلش يا ماما شبعت عن اذنك هدخل اريح جوه شويه
هزت والدته رأسها فى عدم رضا وهى تقول بأسف:
- ربنا يهدى الحال
دخل فارس غرفته متبرماً ألقى جسده على الفراش كما لو كان يدفع حملاً ثقيلاً عن كتفيه قد أثقله ...كيف يتركها وهى ...هى التى وُلدت ووُضعت بين ذراعيه مباشرة قبل أن تلامسها يدي والدتها وقبل أن يراها أخيها وقبل أن يعلم أبيها بأنها قد جاءت إلى الحياة..
هى التى كبُرت بين يدي وأحتوتها غرفتي لسنوات طفولتها ومشاغباتها وألعابها وسعادتها ومرحها بل وبكائها وتبرمها وضجرها وزرعتُ فيها القيم والاخلاق التى أُحبها وعاداتى المفضلة فأصبحت تتوقع تتصرفاتى قبل أن افعلها وعلمتُ عنها كل شىء بل وأكتشفتها كما أكتشفتنى فاصبحت كتاباً مفتوحاً أمامى خالى من الالغاز لاتوجد به علامة استفهام واحده ...ترددت كلمات أمه فى عقله مقتحمة ذكرياته مبعثرة افكاره وهى تخبره أن أخيها أولى بها لانها قد كُبرت..فوضع الوسادة على وجهه يريد اسكات هذه الكلمات التى غزة عقله وقال بعناد وبصوت مسموع ..لا لم تكبر مازالت طفلتى الصغيرة !!

*****************************

نقر عمرو بخفه نقرات بسيطه باب مكتب المهندس صلاح ثم فتحه وأطل برأسه داخله وهو يقول:
- صباح الخيرات
ضحك صلاح وهو ينهض ويتجه إليه ..عانقه بحرارة وهو يقول:
- حمدلله على السلامة جيت أمتى ؟
قال عمرو بمرح:
- لسه نازل من الجتر يا بشمهنديز
أهتز صلاح ضاحكاً وهو واضع ذراعه على كتف عمرو وقال:
- لاء شكلك أخدت الجنسيه من كتر قاعدتك هناك
جلس عمرو على المقعد المقابل للمكتب وقال برجاء:
- أبوس أديكوا بقى كفايه أنا لفيت جمهورية مصر العربية كلها هو أنا عملت فيكوا ايه علشان ترحلونى كل شويه كده
أختفت أبتسامة صلاح وجلس على المقعد المقابل لعمرو وقال بجدية:
- يعنى مش عارف عملت ايه حد قالك تتجوز
أستند عمرو بمرفقه على حافة المكتب ولوح بيديه قائلاً:
- هو انا عارف أتجوز ده انا كتب كتابى ومن ساعتها وانا متبهدل هى الشركه كل مشاريعها خارج القاهره ليه نفسى اعرف
مال صلاح للأمام وقطب جبينه قائلاً:
- أسمع يا عمرو أنت عارف أنى بحبك زى ابنى بالظبط وبصراحه كده أنا مش عاجبنى تصرفاتك أنت يابنى زى ماتكون عاجبك اللى بيحصل ومبسوط أن فى حد بيجرى وراك وعايزك
عقد عمرو يديه أمام صدره وقال معترضاً:
- هو انا يعنى عاوز أتمرمط كده فى كل حته شويه ..أنا بس والله عاوز أحوش قرشين علشان أعرف أجيب العفش ..ولو سبت الشغل دلوقتى يبقى قول على جوازى يا رحمان يارحيم ..أعمل ايه مضطر استنى واشتغل واسافر وأستحمل بعدى عن أهلى ومراتى لحد ما الاقى شغل تانى على الاقل بنفس المرتب اللى باخده هنا..
أسند صلاح ظهره الى المقعد وقال متسائلاً:
- يعنى جبت الشقه خلاص
قال عمرو بابتسامة واسعة :
- أه الحمد لله حاجه كده ايجار بس حلوه ومش محتاجه توضيب كتير يعنى تقريباً جاهزة
ابتسم صلاح وهو يقول متهكماً:
- يعنى عاوز ثلاث سنين كمان علشان تعرف تجيب العفش ؟!!
زفر عمرو بحنق وقال بضيق:
- والله منا عارف انا شكلى هطلب سلفه أنت ايه رايك
حك صلاح ذقنه وصمت قليلاً يفكر ثم قال:
- فى حل تانى غير السلفه اللى انا متأكد ان مدام إلهام مش هتوافق عليها
قال عمرو بلهفه:
- إلحقنى بيه قوام
صلاح :
- عندى واحد صاحبى عنده معرض كبير للاثاث هو بيبيع بالقسط أنا هروح معاك اعرفك المكان وأكلموا وهو هيظبطك فى حكاية القسط دى ان شاء الله متشلش هم
هب عمرو واقفاً وأمسك رأس صلاح وقبلها بقوة وقال:
- ربنا يخليك لينا يا كبير
ضحك صلاح ثم قال بجدية:
- عاوز نصيحتى ..أمشى دلوقتى قبل ما حد يشوفك ونتقابل بعد المغرب ونروح المعرض سوا
وبكره وبعده أجازه ممكن تاخد مراتك وتروحوا تنقوا العفش ...ثم أشار له محذراً وقال:
- ولما تنوى على المعاد الفرح أنا اللى هخدلك الاجازة بنفسى علشان محدش يقفلك فيها
عانقه عمرو فى سعادة ثم تركه فجأة وفتح الباب وفر هارباً ..
*********************************
كان فارس عائداً من عمله فى وقت الظهيرة وقبل أن يأخذ طريق المنعطف أذا به يصطدم بعمرو الذى كان يمشى بخطوات واسعه فى الاتجاه المعاكس وهو على عجلة من أمره تفاجأ فارس بعودة عمرو وهتف وهو يعانقه فى سعادة :
- عمور جيت امتى حمد لله على السلامه
عانقه عمرو بقوة وربط على ظهره وهو يقول:
- واحشنى يا ابو الفوارس والله أنا لسه جاى طاظه
فارس :
- ورايح على فين كده
مسح على شعره وقال بابتسامة واسعه:
- اصلى هروح عند عزة كمان شويه وقلت يعنى اجيبلها هديه بقالى كتير معملتهاش
ضحك فارس وهو يقول:
- ايه ده .. بقى عندك دم اخيراً مبروك يا اخى ..
عمرو :
- الله يبارك فيك عقبالك كده لما تتجوز وتريحنا منك
تذكر عمرو مقابلته مع صلاح فقال سريعاً:
- صحيح يا فارس ما تيجى معايا النهارده هروح معرض بيبع عفش بالقسط ايه رايك تيجى تتفرج..البشمهندس صلاح رئيسى فى الشغل يعرف صاحب المعرض وهيظبطلى موضوع التقسيط وان شاء الله هيبقى القسط حنين
لمعت عينيى فارس وقال:
- أنت وقعتلى من السما يابنى ده انا كنت فى مشكله بسبب الموضوع ده محتار هجيب العفش منين وبكام
ربط عمرو على ذراعه وهو يقول بغرور:
- خلاص نتقابل نروح سوا ..بس ابقى عد الجمايل بقى ها..
ثم أردف متسائلاً:
- هتناقش الرسالة أمتى ؟؟
قال عبارته الاخيرة وهو يرى فارس ينظر فى الاتجاه الآخر بتركيز فأعاد عبارته مرة اخرى ولكنه لم يجبه ايضاً بل وتركه وتحرك بسرعة ...تابعه عمرو بنظره فوجده يتحرك فى أتجاه مُهرة التى تسير بسرعه وكأنها تستعد للعدو وأخيه محمود يسير خلفها يحاول أن يتكلم معها ومن الواضح انه يضايقها
فُزعت مُهرة عندما تفاجأت بفارس مقبلاً عليها مسرعاً والشرر يتطاير من عينيه وهو ينظر لمحمود وقد احتقن وجهه ...أصفر وجه محمود عندما رأى فارس فى هذا الوضع وتسمر مكانه ..
أمسك فارس بتلابيب محمود وقال زاجراً:
- أنت راجل انت ؟!.. ده بدل ما تحميها
اقترب عمرو فى سرعه وخلص أخيه من قبضة فارس وهو يقول:
- معلش يا فارس أمسحها فيا
ثم نظر لمحمود مؤنباً وقال:
- كده يصح يا محمود برضه
شرعت مُهرة فى التدخل ولكن فارس نظر إليها بصرامة أخافتها وصاح بها:
- أمشى أطلعى على البيت وحسابى معاكى بعدين
خافت مُهرة وهرولت إلى المنزل سريعاً وهى تتمتم :
- يارب استر يارب استر
أطرق محمود رأسه أرضاً وهو يقول:
- انا مكنش قصدى أعاكسها أنا كنت عاوز أقولها أنى عاوز أخطبها وهى كانت مش عاوزه تسمعنى
أمسكه فارس من ملابسه مرة اخرى وقال بعصبية:
- تخطب مين يلا ..مش لما تبقى راجل الاول وتحافظ على بنات الناس
تدخل عمرو مرة أخرى وخلص أخيه وهو يحاول تهدأت فارس الذى أفلته
وتوعده بعينين تشعان غضباً وقال بلهجة صارمة :
- أنا مرضتش أمد أيدى عليك علشان خاطر عمرو بس ..لكن لو الموقف ده أتكرر تانى محدش يلومنى على اللى هيحصلك ..على الله تقرب منها تانى ولا حتى تيجى على بالك أنت فاهمنى يلا ولا لاء
قال كلمته الاخيره وتركهم وأنصرف فى غضب هادر ..نظر عمرو إلى أخيه محمود وقال بجدية:
- من أمتى وأحنا بنعاكس البنات فى الشوارع يا محمود عيب يا أخى ده انت حتى صاحب أخوها يحيى
قال محمود بضجر وهو يلوح بيديه:
- وهو ماله هو أبصلها ولا افكر فيها ..هو كان ولى أمرها وبعدين أنا غرضى شريف وهخطبها يعنى هخطبها
دفعه عمرو من كتفه بأتجاه البيت وهو يقول:
- طب أمشى بقى فورت دمى
وتركه وأنصرف فى طريقه وهو يتمتم :
- ايه البلاوى دى اروح للموزه بتاعتى أزاى وانا دمى فاير كده
*************************************
دلفت مُهرة باب شقتها وأغلقت الباب خلفها وهى تضع يدها على صدرها الذى كان يعلو ويهبط بسرعة ..تتنفس بصعوبة وقد تلاحقت انفاسها بشدة كأن أسداً كان يلاحقها ..أقبلت عليها والدتها مسرعة وهى تنظر لها بلهفة وقالت :
- مالك يا مُهرة فى حد بيجرى وراكى
حاولت ألتقاط أنفاسها وقالت وهى تجلس على اقرب مقعد:
- فارس شاف محمود وهو ماشى ورايا وكان هيضربه
- محمود مين صاحب يحيى؟! وكان ماشى وراكى ليه ده وعايز منك ايه
- بيقولى عاوز يخطبنى
جلست أم يحيى امامها وقالت بتفكير:
- هو قالك كده ؟!.......طب أزاى ده لسه طالب فى الجامعه
نظرت لها مُهرة وقالت متبرمة:
- طالب ولا مش طالب أنا اصلا مش طايقاه وهقول ليحيى ميدخلوش هنا تانى
قالت والدتها بسرعة :
- اسكتى أنتى ملكيش دعوه انا هبقى اشوف الحكايه دى
نهضت مُهرة وحملت حقيبة المدرسة فى يدها لتدخل غرفتها وهى تقول بحنق:
- حكاية ايه يا ماما ده ولد مش كويس وكمان شوفته مره وهو بيشرب سجاير ولو كلمنى تانى هقول لامه
قالت كلمتها الاخيره بعصبيه ودخلت غرفتها ..نظرت إليها والدتها وضحكت وهى تردد كلمتها الاخيره:
- هتقولى لامه !!!!!!...هتفضلى عيله لحد أمتى يا بنتى
****************************************
خرجت عزة من غرفتها سريعاً عندما أستمعت لصوت عمرو فى الخارج وهو يتحدث مع والدها بصوت مرتفع ويضحك بشدة ..تلك الضحكات التى تأسرها وتزلزل قلبها ..أصطدمت بوالدتها التى كانت متوجهة للمطبخ ..أتسعت عينيى والدتها وقالت بدهشة:
- خضتينى يا عزة بتجرى كده ليه
ارتبكت عزة وهى تقول:
- مفيش يا ماما تقريباً كده حد بينده عليا
نظرت لها والدتها بخبث وقالت:
- ياسلام ..يابت أتقلى شويه يقول عليكى ايه ...
ثم اردفت وهى تتجه للمطبخ :
- تعالى ورايا يالا خدى الشاى علشان تقدميه بدل ما تخرجى زى العبيطه كده
تبعتها عزة وبدأت فى صنع الشاى فدخل والدها المطبخ وقال وهو ينظر إليها:
- بتعملى ايه عندك يالا أطلعى سلمي على جوزك
لم تنتظر عزة كثيراً وأنطلقت فى سرعة إلى غرفة الصالون وبمجرد أن أن أقتربت منها وقفت وهندمت ملابسها وشعرها ثم فتحت الباب بهدوء ودلفت للداخل وقد تعلقت عيناها بزوجها الذى نهض واقفاً وعلى شفتيه أبتسامة عذبة وهو يكاد أن يلتهمها بعينيه ونظراته المشتاقه..
خطت فى أتجاهه ومدت يدها تصافحه فتناول كلتا يديها ورفعها لشفتيه وقبلها بشوق ثم وضعها على وجنتيه وهو يقول:
- وحشتينى جدااا يا حبيبتى
تأملت وجهه وهى تقول بحب:
- وأنت كمان
فرت دمعة من عينيها بدون شعور فمد يده ومسحهما وداعب وجنتيها وهو ينظر إلى عينيها التى تحمل الشوق المختلط بالحزن وقال :
- أنا مش هسألك الدموع دى ليه ..أنا عارف أنى مقصر معاكى بس والله غصب عنى
ابتسمت بأسى وقالت :
- حمد لله على سلامتك وأوعى تقولى انهم كلفوك بشغل فى حته تانيه زى كل مره
أبتسم وألتفت إلى الاريكه وتناول من عليها شنطة وأخرج منها علبة مستطيلة الشكل صغيرة وقدمها لها قائلاً:
- حبيبتى ممكن تقبل منى الهدية البسيطه دى
أخذتها عزة بلهفة وفضتها أمامه وأتسعت عينيها وهى تنظر إلى الهدية ثم تنظر إليه
وقالت بسعادة:
- الله ايه ده برفان
وضعت منها قليلا على يدها وقربتها من أنفها وأستنشقتها بنشوى وهى تقول :
- الله دى جميلة أوى يا عمرو ..متشكرة أوى يا حبيبى
أمسك عمرو كفها واستنشقه وهو يغمض عينيه أستمتاعاً برائحته ثم نظر لها وقال بشوق:
- البرفان ده ميتحطش غير ليا انا بس فاهمه ولا لاء
طرقت والدتها الباب ودخلت تحمل صينية الشاى أخذها عمرو من يدها ووضعها على الطاولة أمامه فقالت:
- الله ايه الريحه الحلوه دى
قالت عزة بسعادة:
- شوفتى يا ماما عمرو جابلى أيه
قالت والدتها وهى تنظر إليهما :
- يعيش ويجبلك يابنتى ..ثم نظرت لعمرو وقالت:
- عمك بيقول أنك هتروح تشوف المحل اللى هتجيب منه العفش النهارده يا عمرو
لمعت عينيى عزة سروراً وهى تنظر إليه فقال:
- النهارده ان شاء الله هروح اشوفه ولو الامور مشيت فى موضوع القسط ده هاخدكوا بكره ان شاء الله ونروح نتفرج وعزة تنقى اللى هى عايزاه فى بيتها
ثم قال موجهاً كلامه لأم عزة:
- انا عارف أنى طولت عليكم فى موضوع الفرح .. محدش بيكتب كتابه كل ده بس خلاص هانت أحنا نخلص موضوع العفش فى أسبوع إن شاء الله وبعدين نحدد معاد للفرح
وقصد أن ينظر لـ عزة ويتأمل عينيها فى أهتمام وهو يتابع قائلاً:
- فارس قالى أنه أحتمال كبير يدخل على أول الشهر بعد ما يناقش الرساله على طول وممكن نعمل فرحنا مع بعض...
لا يعلم عمرو لماذا كان يبحث عن علامه من علامات الحزن أو الاسى فى ملامحها وعينيها وهو يلقى هذا الخبر ولكنه لم يجد إلا السعادة والفرحه التى أجتاحت ملامح عزة وهى تستمع إلى بشرياته واحده تلو الاخرى وهتفت قائلة:
- بجد يا عمرو ... ثم عانقة والدتها وأحتضنتها بسعادة
قطع تصرف عزة هذا وسعادتها الكبيرة بما تسمع الشك باليقين فى قلب عمرو تجاه مشاعر عزه نحو صديقه وقال بمرح :
- مش هتغدونا بقى ولا ايه يا جماعه أنا واقع من الجوع

*******************************

- تعال اقعد يا فارس ..
نطق الدكتور حمدى بهذه العباره وهو يشير إليه بالجلوس وقد بدا عليه الاهتمام الشديد وهو يعتدل فى جلسته ويستند إلى المكتب بمرفقيه ويشبك أصابع كفيه فى بعضهما البعض ..كانت طريقتة توحى بأنه يستعد لالقاء حديثاً هاماً مما جعل فارس يشحذ حواسه كلها وهو ينظر إليه متسائلاً وهو يقول:
- خير يا دكتور قضية مهمه مش كده ؟
أبتسم الدكتور حمدى وهو يهز راسه موافقاً وقال :
- هى فعلاً قضيه مهمه ..يمكن أهم قضية فى حياتك
طلت النظرات المتسائلة من عينيى فارس ولكنه لم يعقب وترك المجال للدكتور حمدى ليشرح بنفسه فقال:
- فاكر يا فارس لما قلتلك انى بحضرك لحاجه مهمه أوى
هز فارس رأسه وهو يقول:
- أيوا فاكر يا دكتور
أردف الدكتور حمدى متابعاً:
- شوف يا فارس أنا عاوز تسمعنى كويس وتفهمنى ... أستدار فارس بجسده كله تجاهه وهو ينصت بأهتمام وتركيز حيث قال الدكتور حمدى:
- أنا نويت أسيب المكتب وأتفرغ شويه لبيتى ومراتى وولادى وبينى وبينك زهقت من الفساد اللى بقى متفشى حوالينا فى المهنه دى زى السرطان .. زمان كنت صغير وكنت بناطح وبحارب دلوقتى صحتى خلاص مبقتش تستحمل
قاطعه فارس وهو يقول بضيق:
- لا يا دكتور أنا مش معاك فى القرار ده لو سبنا الساحه للمفسدين يبقى كأننا بنساعدهم بالظبط
قاطعه الدكتور حمدى باشارة من يده وقال :
- استنانى لما أخلص كلامى يا فارس ...أنت كلامك صح وده اللى انا فكرت فيه ده غير أنى مهما كان مهنش عليا أرمى أسمى وتاريخى الطويل ورا ضهرى بسهوله كده واقفل المكتب ...ولما فكرت كويس ربنا هدانى لفكرة دخلت دماغى أوى وشايفها حل وسط هيريحنى وفى نفس الوقت هتبقى دى بدايتك الحقيقيه
جالت بخاطره افكار كثيرة متشعبه ومتشابكه كأشجار الغابات فبداية الحديث غير مبشرة بالمره ولكن نهايته لغز كبير ..قرأ
حمدى الحيرة فى عينيه فقال بحسم:
- أنت يا فارس اللى هتمسك المكتب كله بدالى ومكتبى ده هيبقى بتاعك والقاضايا اللى هتشتغلها هتتوزع على تلاته تلت ليا وتلت ليك وتلت للمكتب مرتبات ومصاريف
أتسعت عينى فارس من وقع المفاجأة ونهض بغير ارادة منه واقفاً وهو يقول بذهول:
- مش معقول ..انا مش مصدق يا دكتور ..
واشار إلى صدره وقد أزدادت قوة نظراته المتسلطة على الدكتور حمدى وهو يقول بعدم تصديق :
- انا ؟!!
أومأ الدكتور حمدى براسه وقال مؤكداً:
- ايوا يا فارس ..وبعدين مالك مستأل بنفسك كده ليه ..ده انت اقل من شهر وتاخد الدكتوراه
المفاجأة كانت كبيرة جدا على فارس فلم يكن ليصدق ما يسمع هل سيدير المكتب ويجلس خلف مكتب الدكتور حمدى ليأخذ مكانه ويشاركه نسبة الثلث فى أتعاب كل قضية !!
هز راسه يمنة ويسره وهو يحاول استيعاب الموقف جيداً ولكن الدكتور حمدى أعاد كلامه مرة اخرى وهو يؤكد له ما فهمه منه وأخبره أنه سينتظره حتى يعود من أجازة زواجة ليبدء مهام عمله الجديد بداخل مكتب الدكتور حمدى شخصياً

***********************************
أندفعت دنيا معانقةً لـ فارس وهى تهتف بأنفعال:
- بجد يا فارس أنا مش مصدقة يعنى المكتب ده كله هيبقى بتاعنا
عانقها بحب وقال ضاحكاً:
- ده انتى مفرحتيش كده يوم كتب كتابنا ولا حتى يوم الماجيستير
ضحكت وهى تبتعد عنه بنعومه وعينيها تكاد تنطق بالبهجة والسعادة وقالت وكانها لم تسمعه:
- طبعاً التلت ده هيبقى أكتر من مرتبك دلوقتى بمراحل يعنى هنجيب شقه فى حته حلوه..ونفرشها بمزاج ونجيب عربية وصفقت بيديها وهى تقول:
- وبعد شويه نحط أسامينا على اليافطة جنب اسم الدكتور
كان فارس ينظر إليها بتمعن وهى تتحدث عن المستقبل بكل تلك السعادة وتسرح بخيالها الممتد للافاق الشاسع وهى تنظر إليه ولكنها فى خضم تلك السعادة نسيته تماماً ولم تتحدث الا فى الماديات فقط ولم تحلم إلا بها وحدها .. أنتزعها من أحلامها وهو يقول :
- أنا مش هسيب أمى لوحدها فى البيت يا دنيا ومش هاخد شقه فى حته تانيه إلا لما هى توافق وترحب بكده وتوافق أنها تسيب بيتها وتيجى معانا
توقفت دنيا عن الدوران فى سماء أحلامها وطوت جناحى الامانى لتعود الى الارض مرة أخرى فى هبوط اضطرارى وقطبت جبينها وهى تقول بحنق:
- يعنى ايه الكلام ده ..حتى بعد ما اللى حصل عاوز تفضل عايش فى الحاره
أختلطت أبتسامته بقسمات حزن وهو يقول متهكماً:
- أنا مش عارف انتى ليه مصممه أنها حاره ..ما علينا حاره ولا مدق حتى مهما أختلفت المسميات مش هسيب امى لوحدها وأخذ نفساً عميقاً وأخرجه ببطء وهو ينوى حسم الامر قائلاً:
- والامر ده لازم يتحسم دلوقتى علشان ابدا فى تجهيز البيت ونجيب اوضة النوم بتاعتنا
نظرت إليه فى ضجر وضيق شديدين وقالت ساخرة:
- كمان مش هتغير غير اوضة النوم بس
أتجه إلى باب غرفة مكتبها ليخرج منه وهو يشعر ان فرحته قد أنطفات بكلماتها الاذعة وقال ببرود:
- لما اروح معرض الفرش مع عمرو هشوف هقدر أجيب ايه..المهم دلوقتى تعملى حسابك أن الفرح هيبقى بعد مناقشة الرسالة على طول...

************************************
لم تكن عزة لتصدق نفسها وهى تنتقل ببصرها بين أنواع الاثاث الجيدة امامها وقد اعجبت بتصميمها العصرى الانيق ومالت على عمرو وقالت بخفوت:
- بس العفش ده هيبقى غالى علينا ولا ايه يا عمرو
وضع اصبعه على فمه مشيراً لها بالسكوت وبدأ فى مفاوضاته هو وفارس مع صاحب معرض الاثاث حول الاسعار والقسط المناسب .. وجد فارس مبتغاه فى هذا المعرض وقرر ان ياتى بغرفة صالون اضافيه لاستقبال الضيوف وعاد لمداولاته مع صاحب المعرض وهو يتمنى أن يرى السعادة فى عينيى دنيا كما رآها فى تصرفات عزة حينما شاهدت الاثاث لاول مرة وابدت اعجابها الشديد به ...
وبدأت رحله تجهيز البيت وأعداده ونقل الاثاث إليه وقد بذل فارس مجهوداً أضافياً ليستطيع توفير كماليات البيت ليبدوا جديداً فى عينيى زوجته وفى نفس الوقت يضع اللمسات الاخيرة فى رسالة الدكتوراة وقد أطمئن قلبه إليها وخصيصاُ عندما سمع أطراء الدكتور حمدى عليها وعلى المجهود المبذول فيها ...
أنتهت جميع التريبات الازمه فى شقة الزوجية الخاصة بعمرو وكذلك شقة فارس وأصبحت كل شقة منهما جاهزة لاستقبال عروسها الجديد ..
لم تكن تفصل بينهما وبين حياتهما الجديدة إلا ايام قليلة ..ايام قليلة تفصلهما عن مستقبلهما الذى لم يكن أياً منهما يتصوره ولا يخطر بباله ..فإن الانسان مهما فعل لا يستطيع أن يمنع الاخرين من الأساءة إليه ...!
-------------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب