عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 02-21-2018, 05:55 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]




الفصل الثامن
***********
عاد فارس أدراجه الى منزله وهو شارداً فى كلام صديقه بلال وأخذ يسمعه يصدح فى عقله ويتردد صداه بداخله مرات ومرات
-شوف يا فارس اللى حصلك ده سببه حاجات كتير أوى ولو بصينا على الاسباب الدنيويه اللى أنت بصيت عليها وركزت كل تفكيرك فيها مش هنلاقيلها حل ابداً لان الفساد هيفضل موجود
عاوزين نبص لأسباب تانيه ..الاسباب الحقيقيه يا فارس..أنت يا فارس عرفت الحرام والحلال ورغم كده تماديت فى الحرام وفضلت نزواتك ودنيتك على حساب أخرتك علشان كده التوفيق مبقاش حليفك وبعد عنك ...وأنت ربنا بيحبك أنه أبتلاك فى الدنيا علشان يفوقك وترجعله أحسن ما كان الحساب يجمع فى الاخره ..
وأنا مش هتكلم كتير أنا هقولك حديث النبى صلى الله عليه وسلم
" و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " ...عارف معنى الكلام ده ايه..معناه انك ممكن يكون جاي للأنسان رزق من ربنا فى اى حاجه سواء بقى فلوس، أولاد ،عريس ،عروسه، شغل ..اى حاجه ..وييجى الانسان يرتكب ذنب ولا معصيه فيحرم من الرزق اللى كان جايله ده..ويقعد يقول ليه وعلشان ايه ويبص للأسباب الدنيويه وميخدش باله أنه ممكن يكون أتحرم منه لانه أرتكب معصيه تغضب ربه
عاد من شروده إلى أرض الواقع دفعة واحده عندما اصطدم بمهرة التى كانت تعبر بوابة بنايتهم وهى تبكى بشدة وتفرك عينيها ...حاول أن يحدثها ولكنها أسرعت للداخل فى غضب ..لحق بها ووقف يسد الطريق أمامها وقال بأسف حقيقى:
- متزعليش بقى خلى قلبك أبيض ده أحنا أصحاب من زمان يعنى
صاحت وهى تبكى:
- برضه مخصماك ومش هكلمك ..وانا قلبى مش بيضا
ضحك وهو يقول:
- لاء انتى قلبك بيضا أنا عارف
جلس على أول درجة من السلم ليمنعها من العبور وأستند براسه على قبضته وقال:
- ولو مصلحتنيش هفضل زعلان على طول..ثم استدرك بمكر:
- لكن لو صلحتينى هاجبلك هديه كان نفسك فيها من زمااااان اوى
قالت بلهفه وهى تمسح دموعها بكلتا يديها:
- بجد هتجبلى العروسه اللى طالعه جديد اللى أسمها باربى
أومأ برأسه فى تأكيد وهو يقول:
- ايييون...بس أصبرى عليا يومين لما أقبض مرتبى
ضحكت بشدة وأخذت بيده فى سعاده وهى تتقافز يمنة ويسرا...هدأ حركتها وقال مستدركاً:
- قوليلى بقى كنتى بتعيطى ليه؟!
مطت شفتاها وهى تقول بحزن:
- كنت رايحه ألعب مع البنات فى الشارع اللى ورانا بس مرضيوش يلعبونى وقالولى أنتى أوزعه وصغيرة ..قعدت أحلفلهم أنى عندى 11سنه بس محدش صدقنى وقالولى أنتى كدابه أنتى عندك 7سنين
ونظرت إليه وقد أغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول:
- والله أنا مش كدابه يا فارس ومش بحب حد يقول عليا كدابه
حركت دموعها وطريقة بكاؤها أشجانه وقال فى عطف:
- بصى يا مهرة متروحيش تلعبى معاهم تانى ولما حد يضايقك تانى متعيطيش أبدا خليكى قويه اللى مش مصدقك عنه ما صدقك
أنهمرت دموعها وهى تستمع إليه ثم قالت:
- وانا ذنبى ايه أنى شكلى أصغر منهم ..حتى صحابى فى المدرسه بيضحكوا عليا
لا يعلم فارس لماذا ذكرته بنفسه وبحاله تذكر كلماته مع الدكتور حمدى
وهو يقول له < طب وانا ذنبى ايه أنى ساكن فى مكان زى ده وأن ماليش وسطه >

شعر أنه لابد أن يعلمها درساً ..لا بل يريد أن يلقن نفسه هذا الدرس أولاً.. نظر لها بجدية وقال:
- شوفى يا مهرة أنتى أه شكلك اصغر من سنك لكن أنتى ذكيه جدا وكل الناس بتحبك ...وتقدرى تتفوقى وتبقى اشطر منهم كلهم ..ولما تكبرى هتبقى أحسن منهم كلهم أن شاء الله لما تتفوقى عليهم بعقلك مش بشكلك ولابجسمك ...ذاكرى وأتشطرى وابذلى مجهود كبير وخلى المدرسين يعجبوا بيكى وبشطارتك ويحبوكى ..هتلاقى صحابك فى المدرسه هما اللى عاوزين يصاحبوكى ويلعبوا معاكى ويذاكروا معاكى كمان علشان يتعلموا منك...أنتى تقدرى تغيرى مستقبلك بعقلك ومجهودك مش بطولك ولا بشكلك...
نظر فى عينيها التى كانت تنظر له بأهتمام وأنصات وتحاول استيعاب جميع كلماته وقال:
- فهمتينى يا مهرة
حركت راسها موافقةً ببراءه وهى تقول:
- فهمت
شعر بأنتشاء شديد يغزو كل كيانه وكأنه رسم صورة ذهنية لعقله ووضع فيها كل ما يحب أن يضع كل فى مكانه تماماً...
سيأخذ بالاسباب الدنيويه ويجتهد وفى نفس الوقت ستكون الاخرة هى غايته وليس الدنيا كما كان يفعل من قبل ..نعم هذا هو ما يريد أن يقوله لنفسه..أبذل مجهود وأجعل الصبر حليفك والاخرة غايتك ولن يضيعك الله ابداً وستأتى الدنيا لك راغمه وستمتلكها فى يدك وليس فى قلبك


جلست عبير بجوار أختها عزة وهى تتفحصها قائلة:
- يعنى مردتيش يا عزة على كلام ماما
نظرت لها عزة فى توتر وهى تقول :
- اقول ايه بس يا عبير ..اصلا بابا مش هيوافق
تدخلت والدتها قائله:
- أختك بتسألك على رايك مش على رأى ابوكى
فركت عزة كفيها فى توتر شديد وقالت بتلعثم:
- أنا اصلى اتفاجأت ومحتاجه وقت افكر يا ماما
أرتسمت علامات الغضب على وجه والدتها وهى تهتف بها:
- تفكرى فى ايه هو عمرو غريب عاوزه تعرفى اخلاقه ولا مش عارفين أهله
أنكمشت عزة من ردة فعل والدتها الغاضب وأحمر وجهها ولاذت بالصمت فنهضت عبير وهى تقول لوالدتها:
- معلش يا ماما سيبيها دلوقتى من حقها تفكر برضه وبعدين الجواز ده لازم يكون فيه قبول فسيبيها تفكر براحتها
نهضت والدتهما فى تبرم وهى تتمتم:
- بنات آخر زمن
أغلقت عبير باب غرفتهم واقتربت من أختها وجلست بجوارها وهى تضع ذراعها على كتفيها وقالت بحب:
- أنا حاسه بيكى يا عزة..متفتكريش أن محدش حاسس بيكى
تسللت دمعة خارج مقلتيها معلنة عن قلق وخوف واضح وهى تقول بخفوت:
- لا يا عبير مش اللى فى دماغك سبب ترددى
ابتسمت عبير وهى تمسح عبرتها بئاناملها وقالت بحنان:
- مش مهم ايه السبب..المهم اننا نعرف رايك فى عمرو..طيب أنتى حاسه بقبول ناحيته ؟
أبتعلت ريقها بصعوبه وقالت:
- عادى يا عبير مش حاسه برفض ولا بقبول عادى يعنى...أن أصلا طول عمرى بتعامل مع عمرو على أنه أخويا مش أكتر فطبعا مش هكون بكره واحد بحسه زى أخويا وفى نفس الوقت مش بحبه
أبتسمت عبير وهى تقول :
- طب ايه رأيك لو بابا وافق تدى لنفسك فرصه وتبدأى تعامليه بطريقه مختلفه ...ثم ضحكت وهى تتذكره وقالت:
- وبصراحه الطريقه المجنونه اللى طلبك بيها تخلينى متأكده أنه هيقدر يخليكى تحبيه وأستدركت وهى تقول:
- بصراحه يا عزة ده شكله بيحبك أوى ياريت تفكرى تانى وتدى نفسك فرصه وتديله هو كمان فرصته
لوحت عزة بيدها متبرمه وهى تقول:
- بتكلمى كأن بابا وافق خلاص
شعرت عبير بمزيج مختلط من المشاعر وهى تقول :
- ملكيش دعوه ببابا ..بابا كان دايما يشكر فى عمرو وهو لو رفض يبقى مفيش غير سبب واحد وأنا ان شاء الله كفيله أنى اقنعه
هتفت عزة حانقه وهى تنهض واقفة:
- أنتى مالك عاوزه تخلصى مني كده ليه يا عبير
وقفت عبير وهى تضع يدها فى خصرها وتنظر لها نظرة ذات معنى وتقول:
- أنا مش عاوزه أخلص منك ولا حاجه أنا عاوزاكى أنتى اللى تخلصى بقى
استدارت عزة بأرتباك وأعطتها ظهرها وهى تقول بتلعثم:
- أخلص من ايه
وقفت قبالتها ونظرت لعينيها بعمق وهى تقول:
- تخلصى من المشاعر السلبيه اللى كابسه على نفسك دى..واللى مخلياكى مش عارفه راسك من رجلك ومأجله حياتك كلها بسببها...أنتى صحيح بقالك مدة طويله قريبه من ربنا وبطلتى حاجات كتير كنتى بتعمليها بس مع الاسف لسه محتفظه بالسلبيه دى جواكى ومفيش حاجه هتخرجك من الدوامه دى غير عمرو ..انا متأكده
رفعت عزة كتفيها وهى تنظر لعبير بدهشه قائلة:
- ومالك متأكده كده ليه
ضحكت عبير وقالت:
- منا لسه قايلالك مجنون وبيحبك وزى ما ماما قالت كده عنده أستعداد يفضل يلف ورا بابا لحد ما يقنعه يعنى مُصر عليكى يعنى من الاخر كده رخم وهتحبيه يعنى هتحبيه والواد قمر برضه متنكريش
نظرت لها عزة بدهشه لما تقول وقالت :
- يا سلام يا سلام أومال حفظ ايه ومسجد ايه اللى بتروحيه
ضحكت عبير وقالت بخبث:
- آه ...هنبدأ الغيره بقى.....

خرج باسم من حجرة مكتبه وقال موجهاً حديثه لدنيا:
- تعالى شويه يا أستاذه دنيا لو سمحتى...ثم عاد الى مكتبه مرة اخرى
نهضت دنيا وهى تحاول أن لا تصطدم بنظرات فارس الناريه وتوجهت الى حجرة مكتبه ولكنها مل تنسى تنبيهات فارس له سابقاً بأن تترك الباب مفتوحاً ..جلست أمامه بتسائل وكانت تتوقع بحكم عمله كمسؤل عن ملفات القضايا فى المكتب أن يكون الحدث حول ذلك ولكنها وجدته ينظر لها مبتسماً وهو يقول:
- مش أنا هفتح مكتب خاص بيا
تعجبت للحظات وهى تنظر إليه بدهشه فما شأنها بذلك..وقالت بلامبالاه:
- مبروك يا استاذ باسم..بس أنا ايه دخلى فى الموضوع
أتسعت ابتسامته أكثر وهو يتفحصها بجرأه ويقول:
- أنا عاوزك تيجى تشتغلى معايا فى المكتب..
باغتها بطلبه فارتبكت وصمتت برهة لتفكر فى الامر فقطع شرودها قائلاً:
- هو أنتى مرتبك هنا كام؟
علت دهشتها وقالت بسرعه:
- ما حضرتك عارف
فأومأ برأسه وقال بثقه:
- مرتبك عندى هيبقى ضعف مرتبك هنا 3 مرات..ها قولتى ايه ثم استدرك قائلا بسرعه:
- بس ده فى الاول لكن بعد لما تاخدى خبره ممكن يبقى ليكى نسبه فى القضايا وأنتى وشطارتك ومش بتكلم فى كلام فاضى أنا بتكلم فى ألافات
أدارت عبارته راسها وقالت بتسائل:
- وحضرتك أخترتنى أنا ليه بالذات
قال بجرأة وصراحه:
- بصراحه عجبتينى
دنيا باستنكار:
- عجبتك يعنى ايه
رمم عبارته المتصدعه وحاول أن يجعلها أكثر تهذيباً وقال:
- قصدى يعنى بيعجبنى مجهودك فى الشغل وطموحك العالى اللى هيموت فى المكتب ده وبالمرتب اللى بتقبضيه هنا
صمتت وهى تنظر امامها بشرود تفكر فيما يقول فقال مؤكدا :
- على فكره معايا ممكن فى من الايام تحطى يافطه باسمك جنب يافطتى ويبقى ليكى مكتب خاص تستقبلى فيه زباينك ..ها قلتى ايه
نهضت واجمه وهى تقول ببطء:
- أدينى فرصه افكر
فقال موافقاً:
- فكرى براحتك عموما انا لسه قدامى مش أقل من شهرين علشان انقل شغلى هناك

أنتهى اليوم كالعادة وطويت الملفات والمستندات ..وقفت بجواره لتستقل سيارة أجره كما تفعل دائما لا يرحل قبل أن يطمئن عليها .. وضع بعض الحدود بينهما فى التعامل فى حدود علاقة الخطبة التى تربط بينهما ولكنه لم يستطع ألانتظار أكثر من هذا ..أنها لم تجيبه ولم تعطى قرارها حتى هذه اللحظه ...ألتفت إليها قائلا بجديه:
- دنيا..أنتى مردتيش عليا لحد دلوقتى فى موضوع كتب الكتاب ده
زفرت بضيق قائلة:
- أنا مش عارفه أنت مستعجل كده ليه..انا وافقت على كل كلامك اللى قلته..مبقناش نتكلم ولا نتقابل حتى النظرة مبقتش تبصهالى وانا كل ده متكلمتش ووافقتك... ايه المطلوب منى تانى
شعر بكلماتها تقطر حنقاً وضيقاً من هذا الوضع فقال مؤكداً:
- ماهو علشان كده أنا مستعجل على كتب الكتاب ..علشان نخرج ونتقابل واعرف أكلمك وأتكلم معاكى براحتى
نظرت فى ساعة يدها تستعجل الوقت وهى تقول :
- مش هينفع يا فارس كتب كتاب دلوقتى خالص نستنى شويه لما ظروفنا نتحسن..هو أنت مش بتقول عاوز تاخد الماجيستير فى اقرب وقت خلاص بقى ركز فى الرساله بتاعتك وحاول تخلصها بدرى ولما تخلصها يا سيدى نبقى نشوف هنعمل ايه..لكن الاستعجال بتاعك ده هيبوظ كل حاجه وهيعطلنا جامد وان كان عليا يا سيدى أنا هستناك انا مش عارفه أنت قلقان ليه كده

أنكمشت فى فراشها كما تفعل دائما عندما تواجهها مشكله وظلت عبارات باسم تتردد فى اذنيها :
- مرتب 3 أضعاف ...وفى المستقبل يافطه جانب يافطتى... نسبه من القضايا
ظلت تقارن هذا الوضع بتلك الذى ينتظرها فى مكتب الاستاذ حمدى مهران نعم هى تحب العمل فى هذا المكتب بصحبة فارس ولكن إلى متى ستظل هكذا تجد وتعمل فى أرهاق وتعب والمقابل ضعيف ولم لا تغير حظها بيدها فى مكان آخر بمقابل افضل...
ولكن ترمومتر فطرتها الانثويه مازال يعمل والذى أنبأها بأن باسم لم يريدها الا لرغبة فى نفسه وأن الاسباب التى قالها جميعها كاذبه بل وتنطق بالكذب ..هل تستطيع أن تحسم أمرها وتعمل معه ولكن تنتبه لنفسها وتحسب ألف حساب لكل كلمه وكل حركه وكل ردة فعل..أم تبقى كما هى
ولكن حتى لو وافقت هلى سيوافق فارس..بالطبع لا ..سيرفض أيما رفض وسيتمسك برايه بل ومن الممكن أن يخيرها بينه وبين العمل مع باسم...
وظل تسأل نفسها فى تردد وقلق ...لا بد من حل ما يرضى جميع الاطراف ولكن اين هو


خرج والد عزة من المسجد الصغير بعد صلاة أنتهاء صلاة العشاء وهو يبحث عن حذائه بين كوم الأحذيه أمام المسجد وقف يبحث بعينيه عنه حتى وجده اخيراً أنحنى ليلتقطه ولكنه فوجىْ بمن يسبقه اليه ويناوله اياه بأبتسامه ودوده ...فابتسم شاكراً وهو يقول:
- متشكر أوى يا عمرو يابنى
أتسعت أبتسامة عمرو وهو يقول:
- العفو يا عمى..أستنى حضرتك أجيب الحذاء بتاعى ونروح سوا وظل يتلفت حوله وهو يقول بتمثيل مكشوف:
- ياترى راح فين مع أنى لما باجى اصلى هنا كل يوم كل يوم بحطه فى نفس المكان
تبسم والد عزة وهو يشير لقدم عمرو قائلاً:
- ما أنت لبسه أهو يابنى
نظر عمرو الى قدميه بصدمه واضحه وهو يقول:
- ايه ده مش معقول ...لبسنى أمتى ده
ضحك والد عزة وهو يقول:
- طب لو ماشى يالا أنا مستعجل
سار عمرو بجوار والد عزة بمنتهى الادب والتواضع وهو يتصنع الوقار قائلاً:
- بس انا دايما باجى اصلى هنا هو حضرتك مبتجيش بأنتظام ولا ايه
ضحك الرجل مرة أخرى فمحاولاته مكشوفه دائما وقال:
- معلش بقى يمكن مش بنتقابل من الزحمه ولا حاجه
سارا بعض خطوات فى سكون غير مناسب لشخصية عمرو ولذلك لم يحتمل كثيراً وقال بشغفه المعهود:
- حضرتك مردتش عليا يا عمى فى موضوع الانسه عزة
وقف والد عزة ونظر اليه بملامح جامده وقال:
- لا رديت عليك وقولتلك ربنا ييسر الامر لما نشوف أختها الاول
قال عمرو بضيق:
- ياعمى طب انا كده مفهمتش حاجه ..أنا كده متعلق
تابع والدها بنفس ملامحه الجامده:
- عاوزنى أكسر قلب بنتى الكبيرة ؟
قال عمرو بتبرم واضح:
- لا يا عمى أكسر قلبى انا براحتك
مشي بجواره حتى وصل الى منزله وهم بالصعود ولكن عمرو لم يتركه لا يزال يلح بأستماته ووالدها يؤجل باستماته ايضاً وأخيراً قال :
- طيب يبنى ربنا يعمل اللى فيه الخير..سبنى أطلع بقى
أوقفه عمرو مرة أخرى وهو لا يعلم ماذا يقول كان يأمل فى أن يقنعه بالموافقه ولكن محاولاته جميعاً باءت بالفشل الذريع قاطع شروده صو وال عزة وهو يقول بضيق:
- ممكن بقى تسيبنى أطلع ولا هتفضل وافقلى كده على السلالم
ابتسم عمرو ابتسامه مصطنعه وهو يقول :
- طب استنى حضرتك بس عاوز اقولك على حاجه وبعدين أطلع
عقد الرجل ساعديه أمام صدره بضيق وقال بغضب :
- أتفضل يا سيدى ...قول
رسم عمرو ملامح الجديه على وجهه وقال بأهتمام:
- كان فى مره فى بلد اوروبى فيه أقليه مسلمه ناس بيصلوا العصر فى المسجد
بعد ما خلصوا صلاة ..دخل عليهم واحد ماسك سكينه كبيرة وقال:
- مين فيكم هنا مسلم؟
الناس بصت للسكينه اللى مع الراجل ومحدش أتجرأ ينطق الا واحد بس هو اللى أتشجع وقال :
- أنا مسلم
فالراجل أخده بره المسجد بعيد شويه عن الناس وقاله انا مسلم فى السر ومحدش يعرف وجبت خروف وعاوز أدبحه على الطريقه الاسلاميه بتعرف تدبح وتسلخ
فالراجل قاله :
- أنا بعرف أدبح لكن مبعرفش اسلخ روح شوف حد تانى بيعرف يسلخ
بعد ما دبحوا الخروف الراجل رجع للمسجد تانى وكان ماسك السكينه وفيها دم الخروف وقال للناس:
- مين فيكم مسلم تانى
الناس كلها بصت للسكينه اللى فى ايده وأترعبوا ومحدش نطق لكن شاوروا على الامام اللى كان بيصلى بيهم وقالوا:
- ده مسلم
فالامام أتخض وقالهم :
- فى ايه ..هو علشان صليت بيكم ركعتين خلاص بقيت مسلم ؟؟؟؟!!
أنفجر والد عزة ضاحكاً وبعد فتره من الضحك .. باغته عمرو مرة أخرى قائلاً بلهفه :
- ها يا عمى وافقت على الجواز !!!!!!!
------

الفصل التاسع
***********
صعد والد عزة الى شقته أخيراً والابتسامه تعلو شفتيه على أثر النكته التى ألقاها عليه عمرو منذ قليل جلس بين زوجته وبناته أمام التلفاز وهو يضرب كفاً بكف ويقول :
- أما والله حاجه عجيبه
نظرت له زوجته بأهتمام وابتسمت هى الاخرى لرؤيتها ابتسامته وقالت:
- خير يا ابو عبير هو ايه اللى عجيب
ألتفت إليها بابتسامته وهو يستند بساعديه الى حواف مقعده ويقول:
- البشمنهدس عمرو يا ستى...بقاله كام يوم مش سايبنى فى حالى وعمال يلف ورايا زى النحله ..
حانت منه ألتفافه إلى عزة التى اشاحت بوجهها سريعاً ونهضت قائلة:
- طب أنا هدخل أنام بقى تصبحوا على خير
اقتربت عبير من والدها على المقعد المجاور له وهى تتسائل:
- هو كلمك تانى يا بابا؟؟
هم أن يجيبها ولكن والدتها قاطعته قائله:
- قالك اشتغل ولا لسه يا ابو عبير
أشاح بوجهه عن زوجته ونظر الى عبير مرة أخرة وقال:
- يشتغل ولا ميشتغلش دى حاجه تخصه هو وانا مالى
ثم نهض واقفاً وهو يقول:
- انا هدخل اريح شويه تصبحوا على خير
تبعته عبير بنظرها حتى دخل غرفته واغلق بابها خلفه فنهضت واقفةً وهى تقول لوالدتها:
- ماما ممكن أدخل أتكلم مع بابا شويه لوحدنا
نظرت لها والدتها بدهشه قائلةً:
- خير يا عبير فى ايه
أقتربت منها وهى تقول بجدية:
- بصى يا ماما أنا فاهمه كويس بابا رافض عمرو ليه وعمال يأجل فى موضوعه مع عزة وأنا بصراحه محتاجه اتكلم معاه فى الحكايه دى مينفعش أسكت أكتر من كده
نهضت والدتها بموافقةً منها لكلام ابنتها وهى تقول:
- طب تعالى معايا
وضعت عبير يدها على كتف والدتها وقالت برجاء:
- معلش يا ماما خلينى اتكلم معاه لوحدى ..أنتى عارفه بابا لما بيلاقى أكتر من حد بيتكلم فى نفس الموضوع بيقفل
فكرت والدتها قليلا ثم قالت بايماءه بسيطه:
- طب خلاص اللى تشوفيه يابنتى خبطى عليه الاول بس براحه كده ليكون نام ولا حاجه
وقفت عبير امام غرفة والدها وطرقت الباب بخفه وقالت بهدوء:
- بابا حضرتك نمت؟
أتاها صوته قائلاً:
- أدخلى يا عبير
دخلت الغرفه وجدته يجلس على الاريكه بجوار النافذه فاتحاً لمصحفه امامه ويقرأ فيه قليلا قبل النوم كما هى عادته دائماً
نظر لها مبتسماً بحنان وهو يقول:
- تعالى يا عبير
جلست بجواره على الاريكه وقالت برجاء:
- بابا أرجوك توافق على خطوبة عمرو وعزة
صمت برهة وقال بضيق:
- وياترى بقى مين اللى قالك تيجى تقوليلى كده أمك ولا عزة
ابتلعت ريقها وقالت بوجل:
- بابا ..انا عارفه حضرتك بتاجل الموضوع ده ليه ..وصدقنى يا بابا انا الحكايه دى متفرقش معايا خالص بالعكس والله أنا أتمنى ان عزة تتخطب النهارده قبل بكره
وخفضت نظرها وقالت بخفوت:
- لو سمحت يا بابا متخالنيش أحس أنى واقفه قدام سعادة اختى ومستقبلها
هتف مستنكراً:
- ايه اللى بتقوليه ده يابنتى وأنتى عرفت منين ان سعادتها فى الجوازه دى
ابتسمت بمرارة وهى تقول:
- يا بابا حضرتك طول عمرك بتشكر فى عمرو وزى ما حضرتك قلت من شويه انه عمال يلف زى النحله وبيزن عليك ليه بقى اكون انا السبب انى اضيع على اختى واحد بيحبها وكمان عارفين اخلاقه واهله وكل حاجه عنه
تذوقت مرارة ابتسامتها لاول مره وشعرت بها تغص حلقها فابتلعتها برضى وهى تقول:
- الحمد لله يا بابا انا عارفه اان كل شىء نصيب وانا هيجيلى نصيبى لحد عندى سواء دلوقتى ولا بعدين...لكن أنا عمرى ما هبقى سعيده ابدا وانا رابطه اختى جنبى كده وهى ذنبها ايه طيب
نظر لها والدها بمشاعر مختلطه بين الفخر والحزن وهو يقول:
- ونعم العقل والايمان يا بنتى أنا كنت بقول لامك عبير قاعده طول النهار تسمع فى شرايط وداخله وخارجه تحضر دروس فى المسجد ومكنش عاجبنى ..مكنتش أعرف أنك بتستفيدى بيها بالشكل ده ..ربنا يرضى عنك يابنتى
لمعت دموع الفرح فى عينيها وهى تقول بلهفه:
- يعنى حضرتك وافقت يا بابا
ابتسم وهو يربط على ساعدها قائلا:
- بينى وبينك ... أه وافقت
نهضت فى سعاده وهى تهتف بفرحه حقيقة:
- أنا هروح ابشر ماما



أحتضن فارس "عمرو"بشدة وهو يقول بسعاده مازحاً:
- مبروك يا عمرو أخيراً يا اخى هتدخل القفص برجليك
دفعه عمرو بخفه وهو يتكلم بشغف كعادته:
- بطلوا قر بقى دى يدوب أبوها وافق أنى اروح أتقدم رسمى
ثم فرك كفيه بتوتر بالغ قائلاً:
- أنا هموت من القلق يا فارس..كل ما أتصور نفسى وأنا قاعد بتكلم معاها على أنى خطيبها بقى وكده..ياه أحساس جامد اوى ..ثم تابع بنبرة حائره:
- تفتكر هتوافق عليا يا فارس ولا أنت رايك ايه
شعر فارس بالحيره وقال متسائلاً:
- الله...أومال ابوها وافق على اي اساساً
تناول عمرو بعض قطع الشيكولاته أمامه وهو يجلس الى مائدتهم الصغيرة وقال:
- وافق أنى أتقدم واقعد أتكلم معاها..ماهو ده طلبها يا سيدى عاوزه تتكلم معايا الاول قبل ما تقول رأيها النهائى علشان تستخير
ومد يده مرة أخرى الى شبطة الشيكولاته ولكن فارس ضربه على يده قائلاً:
- كفايه بقى دى لو مهرة عرفت أن حد كل من الشيكولاته بتاعتها هتخرب الدنيا
خطف عمرو قطعة أخرى وهو يقول :
- خلاص يا عم اللى جابلك يخليلك أخر واحده بس ومتقولهاش ماشى أنا مش قدها يا فارس
ضحك فارس وهو يقول:
- طالما جبان كده يبقى متمدش ايدك على حاجتها أحسنلك
ثم اردف بأهتمام:
- بس أنا خايف من حاجه يا عمرو
عمرو وهو يبتلع قطع الشيكولاته بصعوبه:
- خايف من ايه؟
مط فارس شفتيه وهو يقول:
- لو المقابله دى على اساسها عزة هتحدد هى هتوافق ولا لاء يبقى فى خوف كبير بصراحه ..اصلك هتفضحنا انا عارفك
لم يلحظ عمرو نبرة المزاح فى عبارة فارس فقال بجزع:
- ليه يا فارس ..طب قولى بسرعه اعمل ايه الله يخليك
أكمل فارس طريقته المصطنعه وهو يقول:
- بص أنت تحاول ..تحاول يعنى تبقى مؤدب كده ومحترم وذوق وظريف وهادى وعاقل ..كده يعنى ..انا عارف أن موضوع هادى وعاقل ده صعب عليك بس معلش حاول
فرك عمرو راسه وهو يقول :
- هحاول...!!

-يلا يا عبير كل ده بتلمعوا الصالون...كانت عبير منحنيه تزيل بعض أثار التراب فى غرفة الاستقبال فأعتدلت وهى تجيب والدتها:
- خلاص يا ماما أنا خلصت أهو
أقبلت والدتهم مسرعه وهى تنهرهما قائلة:
- معقوله كده الناس زامنهم جايين ولسه مخلصتوش ..ونظرت الى عزة وقالت بعتاب:
-, انتى كمان لسه مجهزتيش نفسك هايجوا يلقوكى بترابك كده ؟؟؟؟؟
زفرت عزة بضيق وهى تهتف ساخطه:
- يا ماما يعنى اقطع نفسى يعنى وبعدين فى ايه ما الشقه نضيفه أهى ..
قالت والدتها وهى تدفعها للخارج:
- طب روحى يا فالحه جهزى نفسك بسرعه خلاص زمانهم جايين
خرجت عزة وهى تتمتم ببعض الكلمات معترضه بينما نظرت الام الى عبير وهى تجتهد فى أبراز جمال الغرفه وهى تصلح من شأنها بأهتمام فأقتربت منها وقالت برفق:
- عقبال يومك يا عبير يا بنتى
أستدارت لها عبير وهى مبتسمه فوجدت نظرة مشفقه تطل من عيني والدتها غاصت تلك النظرات فى قلب عبير حتى شعرت أنها شجته نصفين ..قاتلت حتى تستطيع رسم ابتاسمة عذبه على شفتيها وقالت تداعبها:
- أيه بقى يا ست ماما أنتى عاوزه تخلصى مننا كلنا علشان الجو يخلالك انتى وحبيب القلب ولا ايه
ضحكت أمها وقد تلاشت نظرة نظرة الحزن من عينيها وقالت :

- انتى بس لو تعقلى كده وتشيلى البتاع ده من على وشك وانتى خارجه كده والعرسان تشوفك بدل ما انتى مخبيه نفسك كده محدش عارف انتى حلوه ولا وحشه
قالت عبير بثقه وهدوء:
- يا ماما اللى هيجى يتقدملى علشان انا حلوه ولا اللى هيخاف يتقدملى احسن اكون وحشه..الاتنين ميلزمونيش وقلتهم أحسن ومش طالباهم بصراحه
فقالت أمها وهى تدفعها هى الاخرى للخارج:
- طب يالا روحى شوفى أختك بتعمل ايه يا أم لسانين

تجهز البيت وتزين لاستقبال جيرانهم الاعزاء عمرو ووالده ووالدته
وبعد الترحيب والاستقبال الحار وعبارات الود والمحبه جلس الجميع فى غرفة الاستقبال حيث قال أبو عزة بترحاب شديد:
- واحشنى والله يا ابو عمرو الواحد مبقاش يشوفك غير كل فين وفين
شد والد عمرو بيده على يد والد عزة وهو يقول بمرح:
- بكره تزهق مني يا ابو عبير ما احنا هنبقى نسايب بقى
ضحكا الرجلان بينما قالت والدة عمرو أومال فين عروستنا يا ام عزة مكسوف ولا ايه
نهضت الام واقفةَ وهى تقول بابتسامه واسعه :
- هروح أندهلها حالا
دخلت الام فوجدت عزة تكاد تبكى وهى تقول لعبير مش عاوزه اخرج يا عبير طب خلى مامته هى اللى تيجى هنا
قاطعهم والدتها وهى تهتف بها بصوت خفيض:
- تيجى هنا فين يا بت أنتى
حاولت عبير دفع عزة تجاه والدتهما وهى تقول بتشجيع:
- يابنتى أطلعى أومال هتكلمى معاه ازاى هو مش أنتى اللى طلبتى تقعدى معاه الاول
أخذتها والدتها من يدها كالاطفال وخرجت بها وهى خافضة راسها الى الارض خجلا من الموقف وقفت والدة عمرو وأحتضنتها وقبلتها بشدة وهى تضغط على ساعديها مره وعلى ظهرها وكتفيها مرة أخرى وتقول:
- ماشاء الله ماشاء الله أزيك عروستنا عامله ايه
أجابت عزة بخفوت:
- الحمد لله يا طنط
أجلستها بجوارها ...حيث قال والد عمرو:
-والله كبرتى يا وزه بقالى كتير مشوفتكيش عامله ايه يا بنتى
ابتسمت عزة فى خجل وهى تقول بصوت غير مسموع :
- الحمد لله
كان عمرو مسلط نظره عليها يريد منها ألتفاته واحده فقط ولكنها لم تفعل لم تنظر اليه ابدا حتى عندما تجرأوقال لها:
- أزيك يا أنسه عزة
أومأت براسها ولم ترد ..لاحظ ذلك والدها أنها لم ترفع عينها لعمرو قط ولم تجبه ايضاَ على سؤاله ....فنهض وهو يقول موجهاَ حديثه لزوجته:
هاتلنا بقى يا حاجه العصير هنا وخدى الولاد بره فى الصاله يقعدوا يتكلموا مع بعض شويه
نهض عمرو من فوره فى سرعة وسعاده بينما وقفت عزة على مضض وخرج ثلاثتهم ...
جلست عزة على المقعد المواجه لغرفة الصالون حيث يقع عليها نظر والدها كما تم الاتفاق مسبقاَ معه وجلس عمرو على المقعد المجاور وذهبت والدتها للمطبخ لاحضار العصير التى كانت عبير قد أتمت أعداده وأعطته لوالدتها على الفور
خرجت من المطبخ ووضع أكواب العصير امام عزة وعمرو وعادت لغرفة الصالون مرةأخرى
ظل عمرو يعصر ذهنه ليتذكر وصايا فارس ولكنه لم يتذكر شىء على الاطلاق فقرر أن يتصرف بنفسه ..فألقى نظرة على غرفة الصالون ثم نظر إليها يتفحصها وقال بصوت تسمعه هى فقط:
- أزيك يا وزه
ألتفتت اليه باستنكار فشعر أنه ارتكب جرماَ فقال بتلعثم:
- قصدى أزيك يا أنسه عزة
خفضت نظرها مرة أخرى وهى تقول:
- الحمد لله كويسه
مسح عمرو راسه وقال بتردد:
- طيب انا سامعك لو فى حاجه عاوزه تسالينى فيها
ألقت عليه نظرة خاطفه أنهتها سريعاَ وقالت بجديه:
- أنا كنت عاوزه أعرف بس أنت عاوز تجوزنى ليه واشمعنى أنا يعنى ؟؟
باغتته بالسؤال ..شعر بالارتباك وصمت قليلا وهو ينظر اليها ...فقالت :
- ايه مش لاقى أجابه ولا محرج تجاوب
رفع حاجبيه بدهشة وقال:
- يعنى ايه محرج أجاوب
أرتسمت على جانبى شفتيها ابتسامة سخريه صغيرة وهى تقول:
- يعنى محرج تقولى أنك زيك زى شباب كتير عاوز يتجوز وخلاص ومش فارق معاك انا بالذات يعنى .. علشان كده محرج تجاوب ...صح؟
زال الارتباك الذى كان قد شعر به كلياَ وشبك اصابع كفيه امامه وهو يتكأ الى ركبتيه وقال بثقه:
- لا مش صح
فقالت بسرعه :
- أومال سكت ليه مكنتش محضر أجابه
هز راسه نفياَ وقال بثقة أكبر:
- لاء مش علشان مكنتش محضر اجابه ...علشان خايف اجابتى تسببلك أحراج
رفعت كتفيها وأخفضتهما سريعاَ وهى تنظر إليه قائلة:
- لا عادى ..مفيش أحراج ولا حاجه
نظر فى عينيها بعمق وقال بهدوء:
- علشان بحبك
أحمرت وجنتيها تلقائياَ وخفضت عينيها فتابع حديثه:
بحبك من زمان ..من زمان أوى ...من واحنا لسه فى الثانويه العامه..بالتقريب كده من ساعة ما مشاعرى ابتدت تتحرك أساساَ وأعرف الحب
كانت تستمع اليه فى توتر وحياء وتكاد تقطع شفتاها من كثرة الضغط عليها بدون وعى
فقال وهو مازال ينظر اليها ويتابعها حركاتها وسكناتها:
- عرفتى بقى مكنتش عاوز اجاوب ليه
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا ...كلماته ونظراته أخترقت خجلها وشعرت انه يرى قلبها من خلف ضلوعها وهو ينبض بعنف ويتابع أندفاع دماء جسدها كله من خلف شراينها ألى وجهها وراسها ...لامت نفسها على السؤال الذى طرحته والذى كان السبب فيما قال
كانت تعرف ان عمرو جرىء ومندفع ولكن لم تكن تعلم انه من الممكن ان يقول ما قال بهذا الشكل المفاجىء والصريح لابعد الحدود بل وكأنه كان يود أن تسأله هذا السؤال ليفصح عن مكنون قلبه ومشاعره تجاهها
فنهضت وقد تحشرج صوتها وهى تقول:
- طب عن أذنك
ودخلت فى سرعه فى أتجاه غرفتها وهى ترى ما حولها باللون الاصفر أو هكذا يبدو...
استقبلتها عبير وهى تنر لوجهها بدهشه قائلة:
- جيتى بسرعه كده ليه هو أنتى لحقتى تتكلمى معاه
وضعت عزة كفيها على وجنتيها تتحسس حرارتهما وهى تقول باستنكار:
- لو كنتى سمعتى كلمه واحده من اللى قالهالى كان زمانك قمتى من بدرى
أبتسمت عبير وقالت بشغف:
- قالك ايه
نظرة لها عزة بخجل وقالت بخفوت:
- سألته سؤال واحد بس وياريتنى مكنتش سألت أحرجنى اوى يا عبير ووقالى..قالى بحبك من زمان
ضحكت عبير ثم وضعت كفها فوق فمها لتكتم ضحكتها وقالت:
- مش بقولك رخم ......
نظرت لها عزة بعتاب وقالت:
- فرحانه فيا يا عبير ماشى
عبير:أبدا والله بس مستبشره خير ..ها رايك ايه بقى
قالت عزة بشرود:
- مش عارفه يا عبير محتاره اوى ومش عارفه اقرر لسه
عبير:طب بقولك ايه أنتى تستخيرى الاول وبعدين تقررى وان شاء الله خير

غادر عمرو واسرته منزلهم وجلست والدة عزة وزوجها فى غرفتهم وهى تقول:
- ها يا ابو عبير رايك ايه
قال بتاكيد:
- مانتى عارفه انى معنديش مانع يا ام عبير المهم راى عزة كلميها وشوفى نرد عليهم نقولهم ايه
قالت بلهفه:
- لا كلمها أنت هى بتسمع كلامك
هز راسه نفياَ وقال :
- لاء هتكسف مني...انتى امها..كلميها واعرفى منها بالظبط رايها ايه ولو عاوزه وقت تفكر براحتها خالص الولد اصلا لسه قدامه شويه

دخلت والدة عزة غرفة بناتها وجلست بجوارهم لتعرف رايى ابنتها ولكنها وجدتها مرتبكه ولم تحدد رايها بعد ومازالت متردده فقالت لها عبير:
- خلاص يا ماما أحنا اتفقنا أنها تستخير الاول وبعدين نشوف
نظرت عزة الى والدتها وقالت برجاء:
- ماما انا عارفه انك انتى وبابا متحمسين لعمرو وبتحبوه بس من فضلكم متغطوش عليا وسبونى افكر على مهلى
قالت والدتها بدهشه :
- ومين قالك انى جايه اضغط عليكى..انا جايه اعرف رايك بس مش أكتر
عزة:يعنى بابا مش هيغط عليا علشان اقول رأى بسرعه؟
الام:لاء بالعكس ده هو اللى قالى أسيبك تفكرى براحتك وقالى انه مش مستعجل علشان عمرو لسه قدامه شويه على ما يجهز
نظرت لها عزة باستنكار وقالت بحنق:
- اومال لما هو مش مستعد دلوقتى مستعجل ليه وكان عمال يزن على بابا كل شويه
استندت والدتها الى ظهر السرير ورفعت حاجبيها وهى تقول مداعبه:
- أصله خايف حد تانى ياخدك منه.....
ضحكت عبير من اسلوب والدتها وطريقة القائها للعباره وشعرت عزة بالدماء تتصاعد لوجنتيها مرة اخرى...تباَ لهذا العمرو الذى يدفع الدماء الى راسها بين الحين والاخر بكلماته سواء ألقاها هو ام ارسلها لها عن طريق غير مباشر


******************


أنطفأت الانوار وخلد كلً الى فراشه وقد سكنت العيون ولكنها لم تستطع النوم جافاها النوم وعصتها عيناها فلم تستجب لها ظلت مفتوحةَ طوال الليل ...عبير...ولكن من هو الذى سيستنشق عبيرها المقيد بداخلها ومتى سيخرج للنور

...مابكى يا عبير لماذا تعانين ما هذه المرارة التى تشعرين بها ...بل وتتذوقينها على شفتيكِ ..لعلها مرارة الوحدة ..نعم هى ذاك..الوحدة التى تشعر بها رغم كل البشر حولها والاهل والجيرة الطيبه ..ولكن..هى أمرأة..أنثى رغم كل شىء..بداخلها طاقة حب لا تعرف كيف توجهها والى من تمنحها .هى أنثى أتمت الثلاثون من عمرها ومازال فراشها بارداً خالياً.. بل ومتجمد ولو أن لم تكن أختها تشاركها نفس الغرفه لشعرت انها ملقاة بالصحراء تكاد وحوش وحدتها تلتهمها وهى فريسة وحيدة...بلا مأوى ..فاين هى المأوى واين هو المستقر الدافىء ..نعم ملتزمه ومنتقبه ولكنها ليست متبلدة المشاعر ..متجمدة الحس..ليست جماد..ولكن ايضاَ ترفض أن تكون ريشة بمهب الريح لتحركها الشهوات كيف تشاء فتذهب مترنحه وتعود خاوية...فتتلمس ركعتين فى جوف الليل تناجى ربها ..يارب عجلى الخلاص والمفر.....
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]


__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب