الموضوع: وريث الظلام
عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 02-17-2018, 04:25 PM
 
الجزء السادس عشر [ مواجهة الظلام ! ]

الجزء السادس عشر
[ مواجهة الظلام ! ]



كنا متواجهين , الآن لا أدري ما الأفكار التي تتخبط برأسي , أو أن كنت أساسا أفكر ! , هذه ليلة مصيرية , و ستحدث بها أشد الأمور التي نخشاها , أو أخافها أنا ..!
, اعترف بأني مرعوبة الآن ورجفة تمر بي من آن لآخر , لكني يجب أن اتشجع , منذ أن رأيته يخرج هذا الشيء الكبير الأحمر اللامع و أنا لم استبشر بخير ..!
لوح به قليلاً جانباً وهو يتأمله , دآنييل هذا الشاب الذي لا يهتم للنتائج فقط يفكر و يفعل , وليحدث ما يحدث .. عيناه تقولان بأن النتائج سنتعامل معها لاحقاً .
و لا يبدو عليه القلق من شيء .. لكنه فكر بعض الشيء بأمري , و أنه ربما أموت ..
ربما لأن عائلتي التعيسة منذ زمن بعيد و الظلال تحاول العبث بها .. لكن هل سأنهي أنا هذه السلسلة من الألآم التي تسببها هذه الوحوش الغامضة !

نظر بعينيه المشتعلتين نحوي لقدمي أولاً .. ثم رفع بصره إلي , لم ينظر في عيني لا أدري لم كان يحدق جانباً إلى كتفي ربما..
سألته بخفوت شديد : و الآن.. ماذا ؟!.
حرك المنجل بهدوء وهو ينظر إليه , همس : أكسر .. ختم والدي .. و هذا الذي يقلقني . ربما لن يتحطم جيداً.
اخافني كلامه , يعني بأنه ربما ستحدث مصيبة .. أو بالأحرى ستحدث مصيبة !
لكنه نظر في عيني و قال : سأحاول بضربة واحدة منذ البداية , إن رأيتك تتألمين و لن تتحملي هذا فسأتوقف فوراً , لا تقلقي لديك نوعين من الحماية ..
حلقي جف بشدة , أومأت و لم أنطق و ظللت متجمدة بمكاني و قدمي ثابتتين في الأرض تماماً , تقدم مني بضع خطوات ثم حرك ذراعه أمام وجهي , لأرى جسدي يشع فجأة بضوء أزرق خافت يحيطني بهالة , هذا الضوء كأنه أمواج بحر غريبة تتموج محيطة بي تماماً .. حتى أنني أرى دانييل من خلف الأمواج الخفيفة هذه ..
قلت بتوتر : دآنييل...؟
_ هذا هو ختم سيد الظلام , هيا سأكسره .. مستعدة !
جائتني رغبة رهيبة لقول لا دع كل شيء كما هو لا تفعل ~.~" لكني أومأت بهتزاز و عقلي المتجمد لا ينفعني الآن بشيء.. رفع دانييل المنجل عالياً و ألتمع بلون أحمر دامي , ثم همس بشيء ما وهو يهبط به علي و فوق رأسي , شهقت وأنا أغمض عيني وأضم نفسي رعباً..
شعرت بضربة قوية صفعتني بوجهي و انفكت قدماي الثابتتان و جسدي حلق عالياً بعيداً , تأثر رأسي بشدة و كأنني اصطدمت بجدار ما بقوة ... آخذ الصداع يقسم رأسي نصفين من حدته و جسدي يتنفض و كأن عظامي تسحق ببطء !!
ارتطمت بالأرض لا أصدق بأني ضربت بهذه القوة لأطير بعيدا عن مكاني ... تدحرجت ثم توقفت و انفي بالأرض .. حاولت ان اتحرك قليلا , لكن عظامي تحطمت بالفعل .. تباً .. الآلآم تعود ..
رأيت سائل أحمر يخرج من فمي و انفي و على عيني .. بدأ كل شيء يقلب أحمراً ... تأوهت ... آآآآه مالذي حدث...؟!
سمعت صوت دآنييل يلمسني : لقد صديت الضربة .. لقد تصدى الختم للضربة , لقد خِفت كلآرا ...
تأوهت مجدداً و صدري مسحوق فوق قلبي .. تبا لك دآنييل , أكرهكم جميعاً ~.~ سأموت لكن بعذاب و ألم كله بسببكم .. وحوش بلا رحمة .. وهو يريدني ألا أخاف !!
رأيته و أنا أتنفس بصعوبة كان يساعدني لأنقلب على ظهري .. قلت : آسفة إن كنت خائفة .. فجأة تخلت عني الشجاعة !
_ وأنا آسف أيضاً .. الختم لم يخدش حتى !
مسح الدماء عن وجهي بيده و قال بعبوس : هل تريدين أن نحاول مجدداً ؟!
تأوهت متألمة : هل علي أن أقف ؟!
لا أدري ما نظرته لأن عيني تؤلمانني بسبب الدماء لكنه أطال النظر قليلا , ثم همس : كلا أبقي هكذا .. اهدئي اتفقنا ..
كدت اقول , أنا بحال ممتازة جداً .. فقط افعل ما تشاء ... لكن حلقي مملوء بالدماء التي بصقتها بألم ~.~ أني في حال مزرية تماماً..
ظهر منجله مجدداً يشع بقوة , لمسني دآنييل قليلا على كتفي , فظهر الختم مجدداً . إن لم يتحطم الختم هذه المرة سأموت أنا حتما , كنت أشعر بقرب حتفي .. ربما أن مت سأوفر الكثير من الجهد و الوقت !

نظرت نحوه و عيوني تؤلمني بشدة , لا تجعلني أتألم كثيراً أرجوك , قلت هذا بقلبي , لا أريد أن أتألم بشدة و أموت متقطعة هكذا بشكل بشع .. من سيجمع اشلائي إذن..؟
نظرت نحوه , لكن أخفض منجله و ابعده ...ما...؟! لماذا ؟! سألت بصوت خفيض : ماذا تفعل ؟!.
هز شعره الأسود و قال بعبوس : لا .. ستموتين .. قد يحطم المنجل البوابة , لكن الختم .. اللعنة لمَ والدي قوي جدا ><!!
زفرت بتعب , و قلت : لا يمكن تحطيم البوابة قبل فتح الختم ..
ثم حاولت الجلوس بدل أن أكون مستسلمة نائمة على الأرض العشبية الباردة .. هو حتى لم يقدم المساعدة , حدق بي طويلا ثم همس بتفكير عميق : لا يمكن فتح الختم بأي شكل كان .. إلا ..

توقف عن الكلام ثم التفت بعيداً يمشي خطوات بطئية فوق السهل , مالذي يفعله الآن ؟؟ , هتفت بتعب من خلفه :
_ مهلا ! , إلا ماذا ؟!... دآنييل أ...
قاطعني ببرود وهو يلتفت إلي من بعيد : لا يمكنني فعل هذا كلآرا .. أنت تجعلينه مستحيلاً...!
توسعت عيناي , رددت بصدمة : لا يمكنك فـ.... آآ .... أنا أجعله ماذا ؟!.
رفع كفيه بعلامة استسلام غريب .. و تابع بعبوس : هذه الطريقة لن تنفع , سوف تتقطعين لذرات و لن يتحطم الختم , لن أفعل هذا ..
تقطعت أنفاسي و أنا جالسة على الأرض هكذا أحدق به واقفاً بعيدا قليلا عني ..في ظلمة الليل لا أرى جيداً ..
قلت وأنا أشعر بألم شديد في صدري : مالحل.. إذن ؟!... مالذي تفكر به ؟!.
رد بهدوء بارد يقلقني بشدة : أفكر بأن أتوقف هنا .. كانوا .. محقين .. ستبقين هكذا إلى الأبد..
شعرت بعيناي ستخرجان من مكانهما من شدة ماحدقت به مصعوقة , مالذي يعينه !, مالذي يعـ.. أهو يستسلم ؟!

هززت رأسي غير قادرة على التفكير جيداً .. دآنييل لا يستسلم مستحيل ! بما يثرثر أصلاً , يتوقف !! ,
قلت بضنى : لا أفهم .. أنت .. أنت ستنسحب ؟!
_ سأترك كل شيء... نعم , و هذا لأجلك .. لقد تخلصنا من الجزء المظلم الذي بك , أليس كذلك؟ .. هذا هو الأسوأ , لكن البوابة و الختم لن يزولا .. إلا .. بزوالك أنتِ .. وهذا لن يحدث...
أخذت انفاسي تتسارع و قلبي يضخ بقوة , اجتاحتني الحرارة والبرودة في نفس الوقت... أسيترك كل شيء... بي إلى الأبد ...! , لن أعود طبيعية , ولكني سأظل خطراً إلى عائلتي... ذلك الشيء سيظل يطاردنا بقية حياتنا ما دامت بي البوابة التي صنعها... سأجلب لعائلتي و لحياتي البؤس أكثر و أكثر..
قلت بصوت يترجف : لـ... لا تفعل .. أ .. أرجوك.. لنستمر حتى النهاية .. حـ.. حاول مجدداً ... أو بأي طريقة أخرى...!
_ كلآرا ألا تفهمين !!!
صرخ بوجهي بحده أخافتني , حدقت به بقلق رهيب و طنين مؤلم برأسي , هل صرخ بي قبل قليل بي ؟!. لا أصدق ..
ولم ارتجف بعنف هكذا و أشعر بخوف رهيب يحيطني و ألم شديد منتظر و... ظلام ... دآنييل سيتركني... لا يمكنه !! مالذي سأفعله , سأموت...! سأموت معذبة...!
جائني صوته بحده خافتة تخرج من بين أسنانه يقاطع كل تخبطات عقلي :
_ تحدثت طويلاً إليك , بأني لن استمر ... إذا رأيت هذا ... كنت سأتأكد من شيء و أخبرتك بالفعل , إن رأيتك ستموتين بهذا سأتوقف عن كل شيء... أنا أتوقف هنا , هذا يكفي.
اعطاني ظهره و مشى مبتعداً , لا يمكنه ... مـ.. لااا ..

شفتي ارتجفتا و عيني تحترقان , أهي دموعي .. قلت بألم شديد في كل أنحاء جسدي و قلبي
_ أنت تتخلى عني ... دآنييل ... تتخلى عن كل شيء... و تعطيني ظهرك .. هكذا بـ..بـ..ببساطة...
توقف وهو ينظر نحو من فوق كتفه , كان عيناه كالحمم المتجمدة لا أفهمها , رد ببرود :
_ هذا .. لم يكن بسيطاً .. أؤكد لك بأن الوضع رهيب .. لقد منحتك قوة , و سلسلة .. لكنهما لم يحمياك جيداً , أنظري لوجهك الدامي , و جسدك متحطم تماماً ربما لن تستطيعي الوقوف لوقت طويل .. ضربة كتلك من منجل القمر الأحمر .. كانت كفيلة بالقضاء على جيش من وحوش الظلام , ضربة واحدة فقط ... و لكنها لم تخدش حتى الختم .. كادت تقتلك ... افيقي أيتها الانتحارية .. موتك لن يحل كل شيء... ربما ستبقى البوابة بجثتك .. و سيتخاطفها الوحوش و سيقطعونك لذرات ان استطاعوا ! و لكن الختم سيتلاشى بموتك .. لأنه معتمد على حياتك ..
شعرت بشيء حارق كالنار يمشي على وجهي ببطء يأكلني .. قلت بصوت ضيعف متألم : أحرق جثتي إذن ..
_ لن أفعل كلآرآ ! , تماسكِ فقط الآن ..
صرخت به بحرقة : أتمسك بماذا ! , أنت كنت أملي الوحيد .. أيها اللعين النذل ! قلت بأن أثق بك ! حقير خائن جبان ! كل ما عليك فعله هو قتلي و أحراق جثتي ..! أتتخلى عني الآن ؟!!.. و تطلب مني أن أتماسك !!... ربآآآه سأموت حقا بسببك... أتمسك بماذا ؟! أتمسك بماذا ؟؟! و أنت تتخلى عني, وأنت أ.....!
ولكن ضرب شيئا ما فوق عيني ..
ظلام اطبق .. و جليد .. جليد أحاطي بجسمي ... ظهرت لي الهالة الزرقاء , و مشى بها خط أبيض يتكسر.... شيئا ما خدشه .. هذا الختم الأزرق خدش .. و ....

_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآه ه ه ه !!!
صرخت بألم رهيب و كأن سيفاً بارداً غرز بمنتصف صدري تماماً على قلبي , أمسكت بقلبي أتلوى يمينا و يساراً , ليخرجه أحد ... ليساعدني أحد ... آآآآه المزيد من الألم و سأموت...!
طوخ , شيئا ما يضرب بمكان ما ... ثم تلاشى السيف فجأة و اختفت الهالة الزرقاء .. هتف بصوت عالي
_ لقد كسر الختم ..! اهربي كلآرا...


طرفت بعيني كثيراً بالظلام ... وقد أخذت الألآم تتراجع بشكل مفاجئ .. مالذي يجري ...؟! , لكن أخذت ملامح المكان تظهر ببطء ... صخور ... برودة .. صخور سوداء كثيرة و جبال و شقوق كل شيء أسود حالك..! شهقت برعب , لقد عدت لهذا المكان المريع المظلم .. كيف حصل هذا !!


تلفتُ حولي بخوف , بدأت أشياء سوداء تتجمع حولي بسرعة و عيون حمراء متشققة تظهر .. كنت جالسة ساقطة على الأرض ,
حاولت النهوض لكن ذراعي و ساقي ترتجفان بعنف و ألم.... لم اقدر على النهوض من هذا الجليد الأسود الذي تحتي...
تأوهت و الوحوش تنهض متشكلة من طولها الرهيب فوق رأسي تنظر نحوي إلى أسفل أخذوا يحومون حولي و أنا جامدة بمكاني ...
مالذي يفعلونه , أنهم يدورون حولي فقط و كأنهم ينتظرون فرصة ما...؟!
إني هالكة ..!
ظهر شخص ما من بعيد ولوح بشيء لامع بيده أرى ظله فوق صخرة ما , التفتت الظلال كلها نحوه و ثبتت عن الحركة , و لكن شيء ما أمسك بي من الخلف من وسطي
و سحبني بقوة ارتفعت بها عن الارض من شدة السرعة ..
وقعت بين ذراعي أحدهم شهقت وأنا أنظر لملامح مظلمة : من ؟ !
_ لنهرب من هنا سريعاً , لن يجمدهم رآف طويلاً..
أنه صوت ليونارد , آووه كم أحببته الآن , تعلقت به بقوة و هو يركض بي بسرعة رهيبة بينما الاشياء السوداء بدأت تظهر من الارض طويلة جداً بعيون مشققة و أذرع طويلة جداً ,
تجاوزها ليون بسرعة و أذرعها أمامنا تخترقنا وكأنها شفافة ..
صرخت باختناق ونحن ندخل في فجوة بين صخور مدببة كبيرة ... أنزلني على الارض لأن الفجوات ضيقة وهو يمسك بيدي قائلاً بصوت خافت
_ سوف نخرج من الجانب الآخر .. لا تفلتي يدي..
لست أفكر أبداً في هذا ليون أخرجني أرجوك , ذلك اللعين الخائن تركني ورآءه , كنا منحيي الظهر وندخل من فجوة لأخر أعمق و أظلم ,
همست بقلق وأنا أشعر ببرودة الصخورة تلسعني
_ ليون.. لـ...
همس يهدئني : ستخرجين من هنا قريباً كلآرا , اهدئي..
لست أفهم ما حدث في وقت قريب عندما تحطم الختم , أو مالسبب .. لقد انقلب كل شيء فجأة في ظلام ..
خرج ليونارد ليستقيم وهو يسحبني معه ليضع ذراعه خلف ظهري وهو ينظر عالياً بعيونه الحمراء الداكنة ,
تراجع خطوة مفاجئة وهو يشدني معه قائلا : تبا , هذه الاشياء الطائرة...!

لم أفهم ما يقصد إلا عندما دوى صرآخ عالي يفتت الصخور !! و ظهرت طيور ضخمة سوداء بلا عيون و لكنها بفم كبير حاد كالسكين ..
هجمت علينا بسرعة رهيبة , طرحني ليونارد أرضاً معه وهي تشق الهواء من فوقنا , كانت عشرة أو أكثر ..
ارتفعت عالياً ثم هبطت مجدداً صارخة بصوت مزعج حاد جداً .
التمعت عيون ليونارد وهو يقول بغيض : لست متفرغاً لك أنت أيضاً...
صفق بيديه معاً ثم انحنى ليمسح على الارض الصلبة المتجمدة , تراجع بسرعة وهو يمسك بيدي قائلا :
_ هذا سيتكفل بكم .. لنجد أقرب بوابة لنا كلآرآ..
بينما نحن نفر هاربين التفتُ خلفي لأرى الأرض التي مسح علينا ليون تنشق متفتته ليظهر وحش ضخم مريع وكأنه دب وحشي لكنه أضعاف حجم الفيل بعشرات
يمسك بفأس كبير بين مخالبة , صرخ بقوة جلجلت الأرض ثم أخذ يضرب الوحوش الطائرة مقطعاً إياها كقماش أسود رديئ , ما تبقى منها فر هارباً ..!

انزلقنا الى الأسفل قليلا بينما ليونارد يقول بنفاذ صبر : أين اختفى دآنييل بحق الآله ! , عليه أن يكمل ما بدأ به , لا أصدق بأنه حطم الختم ..
كنت أسأل نفسي نفس السؤال !, رغم أنني كرهته بشدة الآن , لقد تخلى عني بالفعل .. لكنه لم يحطم الختم بل...
رأيت ظلا يقف أعلى الصخور هناك , ظل وحش طويل له ما بدى كعباءة سوداء متشققة تتطاير ورآءه و عيونه الزرقاء المشعة تحدق بنا و تراقبنا...
شهقت : هنالك شيء في الأعلى ..!

رفع ليونارد رأسه ينظر حيث أحدق , فعض شفتيه قائلاً : آوه , هذا .. أحد أتباع سيد الظلام , أنه يراقبنا فحسب .. و الأخبار ستصل السيد بالطبع , تباً .. لن يعجبه ما يحدث !.
تمسكت بيدي ليونارد بكلا يدي , رغم أن يديه باردة لكن ليست ببرودة الجليد التي أشعر بها الآن .. " هآي , يجب أن نرى بعضنا البعض .. تخلي عن يدي الحارس و سوف ترينني ..."
تلفت حولي في الظلمة , و قلبي بالكاد يرسل النبضات , هذا الصوت الشبية بفحيح الافاعي , أنه ..
الظل يحدثني ...!
" ... تخلي عن يديه .!! ألست تريدين تصفية بعض الامور معي... كلآرا ... يجب أن نرى بعضنا أليس كذلك ؟! وأنت تودين لو ترينني...
أني أسمع كل حرف نطقتيه منذ أن وضعت بك البوابة... أني أعرفك جيداً .. أتريدين قتلي... تخلي عن يديه الان !! "

التفت ليونارد فجأة نحوي و حدق بي وهو يقترب مني أكثر ليحيطني بذراعيه : أنت مزرقة جداً ! يا ألهي كيف ادفئك هنا ! لا يمكننا فتح بوابة بأنفسنا هنا و إلا لفعلت سريعا! , يجب أن نجد أقرب بوابة للخروج... لا تتركي يدي كلآرا ستختفين برمشة عين ! وحشي هناك سوف يحمي هذا المكان مؤقتاً...
كنت متجمدة حقا لكن ... ليس بسبب البرودة , بل بسبب صوته ... الظل ذو العيون المشققة الحمراء...!
أنه كالشيطان المرتبط بي... يجب ... يجب علي التخلص منه بنفسي...
ابتعدت عن ليونارد بسرعة و قلت و يدي بيده : يجب أن اواجهه بنفسي..!
توسعت عينيه وهو يقول بصدمة : لـ...لا كلارا....!
تركت يده بسرعة و ركضت بعيداً عنه ... ولكن لم اركض سوى خطوتين حتى غرقت بدوامة ما فتحت تحتي تماماً و التهمتني...
شهقت و أنا اقع رأسا على عقب و صراخ ليونارد يدوي برأسي...!
وقعت لكن بلا ألم وسط... أهذا كوخ ؟!

رمشت بعيني كثيرا وأنا أضم جسدي بقوة كبيرة .. حولي ما بدا كخشب أسود مصفوف و هناك نافذة الى الظلام و باب فقط ..
غرفة صغيرة ككوخ سيء لسفاح ما .. لا يزال كل شيء معتم قليلا.. و الهواء ثقيل و قلبي يؤلمني يطلب الرحمة...!
دعوت بقلبي كثيراً , ثم التفت لأرى الظل... لأراه أخيراً... ها هو قاتل أمي...!

كنت اعصر يدي بقوة معاً وقد تجمدتا لا اشعر بالدم فيهما ابداً .. وبينما أحدق بالشقين الأحمرين رافعة رأسي نحوه أنه طويل يصل للسقف.. آآخ ما هذا... هل بدأ يقاتلني...؟!
لا أعرف كيف ولكن بشكل غريب تكون الانبوب الفضي بين يدي المتشابكتين وقد آلمني ظهوره المفاجئ... كيف أصبح معي...؟! كان مع....
" هآي , أخيراً يا بوابتي نلتقي بشكل جيد...!"
عدتُ وحدقت به و أوصالي ترتجف , برداً رعباً... هو سريع جدا سيقتلني برمشة عين..! بالاضافة , ليس هنالك من يدعمني , من يساعدني...
لقد تم التخلي عني.. في أحلك الأوقات و أظلمها .. اعتقد بأني لن اسامحه , سأموت دون أن يعلم عني أي أنسان..!
_ يبدو عليك البؤس و الخوف... لكني انظري ما فعلته بذراعي الحقيقية...
رفع ذراعه السوداء وكانت متقطعة من الاسفل و يقطر منها سائل أسود مقزز .. تبا كيف أحمي نفسي...!
ظهر صوته مجدداً لا أعرف من أين , لأنه لا يمتلك سوى رأس و عينين حمراوين مخيفتين..
_ نحن متصلين بالفعل , وكنت أود قتلك و قتل عائلتك , لكن تغيرت خططي قليلا ... أريد أن ابقيك حية , بجانبي يا بوابتي , كي أدخل و اخرج كيفما اشاء بلا عيون سيد الظلام و حلفائه .. أنت فرصة نادرة .. إن البوابة تعيش معك و تموت معك و ربما اجد طريقة لأخراجها منك وقتلك بعدها بالطبع...

لم أجد صوتي بعد .. ظللت متجمدة أحدق به , مال الظل برأسه قليلا محدقا بي ,
ثم همس : آووو .. هل فقدت روحك القتالية , ربما لا يوجد أحد من ابناء دمك قربك هنا... أنتِ لا تحبين الحياة كلآرا أليس كذلك؟؟ , ها أنت مستسلمة أمامي... لكن أن وجد والدك بين مخالبي فسوف تقاتلينني بالطبع.
صدمت مما يقول , هل هذا حقيقي...؟! حسنا لا أحب الحياة أنها كريهه ! لكني أريد عائلتي الآن..

_ حسنا يا بوابتي العزيزة أبقي مكانك حتى افصلك عن هذا الجسد المتجمد الخاوي من الروح...
في ثانية قبل أن ينهي كلمته و ينحني باتجاهي , شعرت بشيء ما دافئ مس كتفيّ .. من الخلف شيء... ما خلفي....!

هجم الظل علي بسرعة رهيبة لولا أن جسدي تحرك من تلقاء نفسه بشكل صدمني , تحركت ذراعي و امسكت بالانبوب بقوة ثم ظهر السيف لامعاً بقوة يشق الظلام... تراجع الظل محدقا بي بشرر " هذا ممتع , أشعر بهالة غريبة معك , وقوة ما .. بالطبع تلك السلسلة معروفة تماما في عالمنا... أتظنينها تحميك ؟! , أنها فقط تجعلك تتنفسين هوائنا و ترين ظلامنا... ستموتين الان سأخرج روحك... "
شهقت وأنا أٌتكلم بغضب : لن تفعل... لقد .. قتلت أمي... سأقتلك أنا.. !
تحرك نحوي بسرعة و ظهرت له أذرع كثيرة طويل كالسكاكين تحاول ضربي من كل اتجاه و بصعوبة أنا أتصدى لها , لكنه فاجئني بضربة قوية على وجهي..
فطرت بقوة لاصطدم بجدار الكوخ و اسقط... سقط السيف بعيدا عني...

_ " ستموتين , أنت ميتة ! "
مددت يدي لأخذه , لكنه بعيد...و اسرع الظل نحوه... صرخت لا يمكن !, لكن شيء ما خلفي مد يده شاهدت هالة بيضاء و طار السيف من تلقاء نفسه ليصبح بين يدي و مرة أخرى أشعر بأن جسدي و ذراعي اللتان تمسكان بالسيف يتحركان بقوة غريبة لا أعرف من أين أتيتني...! شيء ما يدعمني من الخلف...! شيء ما يقاتل معي ...!

شعرت بالراحة بشكل غريب وثقة عمياء بدأت تحيطني , سأقتل هذا الظل الحقير...!



هاجمني مجدداً يضربني بقوة و سرعة , لكني اتصدى له , و بحركة غريبة خاطفة جدا قطعت أحد أذرعه لتطير بعيداً , صرخ بصوت أصم اذناي و جلجل المكان , فارتعبت منه ..
عينيه احمرتا بقوة وهو يحدق بي بحقد رهيب " أيتها البشرية الضعيفة تجرؤين ثانية لقطع ذراعي ..! ساقطع ذراعيك بالمقابل قبل قتلك..."

فجأة اختفى من أمامي فشهقت و أنا التفت خلفي بنفس الوقت ضربني بقوة في صدري فسقط السيف من يداي
وأنا اطير لارتطم بالجدار في الأعلى و أقع أرضاً شاعرة بتحطم أضلاعي... لم اقدر على النهوض..
لقد أمسك بي بأحدى اذرعه وهو يقرب وجهه البشع الاسود المشهوة بلا ملامح و عينيه المشقوقتين وهو يحدق بي بينما يضغط على عنقي يخنقي بقوة
و كأنه سيفصل رأسي عن جسدي... آآآآه اتركني أيها الوحش...!
" الان لاحظت ... أنتِ تملكين عينا ذلك البشري , عيناه يغيضانني و كأنهما يتحديانني .. و لديك روح ما هنا ...
هه مستحيل أن تقاتليني بهذه القوة المثيرة للشفقة وحدك .. انظري الان كيف سأقطع ذراعيك..."
ألقى بي بقوة على الجدار و كأن ظهري قسم نصفي لكني لم أقع شيء ما يقبض على يداي , فأصبحت معلقة وكأنني ضحية في مذبحة ..!
تألمت بشدة من كتفي و شعرت بأنهما سنفصلان حقاً .. آآآه فليساعدني أحد... دآنييل...!
طار نحوي و وجهه يقابلني , وهو يرفع أحد اذرعه التي تشبة السكاكين , لديه اذرع كثيرة لما هو غاضب على اثنين فقط قطعتهما ... آآآآآآآآه دآننييييييل لن اسامحك...! ,
رباه سأموت الآن حقاً .. اغمضت عيني بقوة شاعرة بسكين بارد حاد يسير على ذراعي ..!

" هذه لحظة الانتقام , أليس هو جميلاً ؟ "
رفع ذراعه عاليا فوقه ثم هبط بها على رأسي , صرخت بقوة , لكن ... لم أشعر بشيء , سمعت صوت ضربة !
فتحت عيناي بسرعة و حدقت بالظل الشرير وقد طار بعيداً حتى اصطدم بالجدار ثم سقط ارضا متكوراً !
مالذي حدث ؟!. فكت يداي من التصاقهما بالأعلى و سقطت على ركبتي... جاهدت للتنفس و أنا اشعر بالدم يجري مجدداً في عروقي , لم يجرحني ..
لكنه نهض مجدداً وطار إلي , فركضت بسرعة الى الجانب الاخر , أين السيف؟؟... أين السيف تباً !!... هذا الكوخ يبدو بلا نهاية رغم ظلامه و صغره ..
قفزت متدحرجة بعيداً عندما كاد يمسك بقدمي ... لكنه لحق بي و رأيت ذراعه السوداء أمام عيناي فأغمضتهما بسرعة و حف شيء ما وجهي كالنار , صرخت متألمة و أنا أقع ... عيناااااي ... عيناي تحترقان...!
" أتصرخين من مجرد لمسة , ما رأيك بهذا إذن...! "
شعرت بشيء ما يضربني بوسطي , آآخ ظننتها طعنة ! , لكن عيناي لا أقدر على فتحهما ...أنهما تؤلمانني بشدة !.

تنفست بصعوبة و أنا ساقطة أضم جسدي كله بذراعيّ , الوضع يسؤ ... شعرت به قريبا من , البرودة و رائحة العفن والموت يطوف حولي , هو لا يستطيع قتلي سريعاً , شيء ما يصده ..!
حككت عيناي بقوة لعلي أرى شيئا لكنهما اطبقتا معاً و كأن صمغاً جمد فوقهما , نهضت ارتجف بعنف سوف اقع .. سوف آه...

شعرت بشيء ساخن قليلا بالنسبة للبرودة يقع بين يداي , أنه السيف , أمسكت به بقوة و أنا أرهف سمعي .. لكن صوته أتى من لا مكان معروف ..
" كيف ستقاتلينني وأنت لا ترين , ولا أي شيء يمكنه مساعدتك .. أني ظل لن تشعري بي حتى... "
تحركت يداي فجأة و صدت ضربة ما قوية دوى صداها في الظلمة , لا اقدر على التحكم بجسدي جيداً , أني ارتجف و أتألم و اشعر بالضعف و البطء و يكادان ساقاي يتهاويان بي...
لكن شيء آخر يمسك بالسيف معي , و يدعم ظهري من الخلف ..!
لست أدري ما هو , أهي السلسلة ؟!.

تحركت مجدداً بسرعة لأبتعد , ثم ضربته , أنه قريب , ضربته مجدداً فصرخ لكن السيف عالق .!!!
تأوهت وأنا أحاول جره , لكن جائتني ضربة حارقة على يدي لسعتني بقوة لكن لن أفلت السيف ..لا ...
غرزت السيف أعمق ثم ركلت بقدمي أمامي بقوة فشعرت بها تخترق سائل ما بارد جداً !

" ستموتيــن !! " صرخ الظل بحده و كأنه تألم ! , سحبت السيف بقوة و ثبتت قدماي على الأرض ثم بقوة و حرارة شعرت
بها تسري فوق يدآي ضربته مجدداً في الأعلى , فصرخ بقوة هزت الأرض التي تحتي , صرخت برعب و أنا أتهاوى إلى أسفل....
لكني أمسك بحافة ما عند آخر لحظة... ولا شيء قربي اتحسسه , بدا و كأني سأقع في فراغ أسود...

صرخت مجدداً بألم وأنا أحاول التماسك بأي شيء لكني انزلق... رباه سأسقط..
" هذه نهايتك... سأقتلك... "
ضرب شيء ما حاد أصابعي المتمسكة بالحافة الزلقة , فصرخت متألمة , سيقطع أصابعي.. النجداة... فتحت عيناي فجأة و أنا أرى نفسي على حافة الموت حقاً .. كانت دوامة مميتة تدور أسفلي و كأنها تجذبني وكل شيء مائل نحوها ..!

وهو يقف فوقي عالياً بعين واحدة !!! حمراء , و عينه الأخرى تصب سائلا أسوداً , قد شقها السيف واقتلعها من مكانها. و اذرعه اليسرى كلها مقطعه بينما بقي ذراعان له في جهته اليمنى !!.. لا اشعر بنفسي أتنفس , لكن شعرت بالسعادة لهذا ..
صرخ بحده عالياً ثم هوى بذراعه على يدآي , لكنه لم يصل إلي , خرجت عيناي من مجريحهما و أنا أرى ظلا آخر يخنقه من الخلف ويعصره وهو يجره بعيدا عني...

هذا الظل الذي أعرفه , أنه لم يمت من تلك المرة...!

انزلقت مجدداً ربآآآه ... ومع صراخي المفاجئ دفعت من الخلف عالياً وكأن رياحاً شديدة اقلعت بي , سقطت على الارض و تماسكت ,
ثم رأت السيف يلع في الظلمة فهرعت نحوه بكل ما استطيع , رأيت يدآي على ضوءه الخافت , مدميتان و بهما شق عميق في راحتي , لا أدري لما عقلي لا يوصل ألم هذا...؟!
لكن يجب أن أقضي عليه بسرعة قبل أن يستوعب جسدي و عقلي ما يحدث فيؤلمانني أكثر فوق هذا...!

قيده الظل بقوة في الزاوية وهو يلتف حوله كالحبال السوداء , وصاحب العين الحمراء يصرخ و يحاول تقطيعه... اقتربت منهما و أنا أتمنى أن تكون هذه الضربة الضربة القاضية ...!!
رأتني عينه فصرخ بي بصوته المخيف " اضربيني يا كلآرا و سيموت هو معي...! سيموت... "
تجمدت فجأة أحدق بهما , لكن جائني صوت هسهسة أعرفها ...
" هذه فرصتك كلارا اقتليه !!... اقتليه ما دمت ممسكا به حتى الان ... اضربيه على رأسه بقوة... مالذي تنتظرينه...؟! "
سأل قلبي مصدوماً لأجل هذا الكائن الذي يقاتل معي " أستموت...؟! "
" لن تقتليني ... بل ستقتلينه هو... الآن افعلي...!! سيكون كل شيء بخير , كلآرا... ستكونين بخير.. تشجعي قليلا بعد.. "

لا اعرف كيف ترجم عقلي كلامه , لكني عدت للتماسك بقوة و ركضت اقترب منهما , طعن الوحش الظل بقوة ثم ضربه بعيداً عنه , ثم هجم علي أيضاً ,
رفعت السيف بسرعة لا اعرفها وهو يسقطني أرضا ضربته بقوة في رأسه !!!
ولكنه طعنني في بطني بنفس الثانية , صرخت و صرخ هو بقوة و انفجر بوجهي شيء ما أسود , أخذت أتلوى على نفسي متألمة ,
و الدماء تسيل مني بلا شيء, لست أرى السائل الأحمر الساخن , لكنه مؤلم...!

حركت نفسي و نفضت ما كان على وجهي , فتحت عيناي مجدداً و أنا أرى حولي بركة من الرماد المتكوم الباهت ونصفه يتطاير بالهواء ,
كنت غارقة وسطه فزحفت بألم وقبضتي مشتدة متصلبة على السيف ودمائي متجمدة عليه....

... هل مات ؟!... هل قتلته ؟!! ما هذا الصمت الرهيب المفاجئ , صمت ثقيل هبط بقوة هنا...
أين اختفت كل الصرخات و الضربات و التأوهات والوعيد بالموت...!!

هل انتقمت حقاً..! , لدماء أمي ...؟! هل خلصت نفسي من هذه الفوضى , والظلمة و البرودة و الألم...
هل سيكون والدي و جيني بأمان ..؟؟!

زحفت قليلا بعد عن رماد ذلك الوحش , لأجد في الزاوية عن ملتقى جدارين أسودين عاليين , كومة رماد آخرى... رماد يلمع وكأنه رذاذ من فضة...!!
زحفت نحوه مختنقة بألم , هل هو... ذلك الظل...؟! أرجوك... لا تكن ميتاً...!
أهو أنت.... لمست رماده يدي المدمية , ناعم , دافئ قليلا... ظل السيف بجانب رأسي وعيني يؤلمانني بحرقة , و ألم لم ينتهي بعد... ألم بقلبي...
أرجوكم , ليجد أحد ما جثتي هنا... بمكان وسط الا مكان و يخرجني... و يدفنني...

ربما مت... لكن الحمد لله , قطعة واحدة على الأقل ...!





الجزء 16 [[ أمر مفقود ! ]]




كلآرا ...! كلآرا..... كلآرا..... هناك أصوات كثيرة تناديني.. حتى أنا لا أدري أين أكون...؟!

أني تائهة , فليجدني أحد ما و ليعيدني لنفسي..و كأنني أطل من أعلى , أرى والدي و جيني بحجره وهو يداعبها , ما هذا المكان ؟!. آآه منزلنا القديم ..!!
دخل أحدهم الغرفة !!... آآآآه أنها أمي !! .. أميييي... أنها تبدو سعيدة ضاحكة , جلست معهم على الأريكة و هم يضحكون , شعرت بالسعادة , أجل .. كل شيء بخير .. سأطفو إلى الأعلى فقط .. جيني ستكبر بين الحنان و الحب والسعادة..
ولكنها لن تذكر أختها الكبيرة ..
آووه فجأة تألمت , أريد اللحاق بجدي برآين فقط... سأطير إلى هناك..
" كـــلآرا...!! "
آوووف ما هذا الأزعاج...؟! , " كـــلآرا ابنتي !! "
تجمدت عن الطفو... هذا صوت أبي !!!... أبي... شهقت أحاول مناداته... أنه قريب... أبي أمسك بي ... أرجوك...!!
ضغط شيء ما على يديّ , و شعرت بأني أقع رأسا على عقب من مكان سحيق , صرخت ... آآآآآآآه !!

شعرت بأجزاء جسدي المتحطم , و الأرض الباردة تحتي والهواء الصقيعي يحيطني .. أشعر بأحدهم قربي , مالذي جرى و كأنني عدت من مكان بعيد...
_ كلآرا صغيرتي... كلآرا... ردي علي..
فتحت عيني بوسعهما !! , يا ألهي !!! والدي هنا... و أنا أشعر بهذا المكان... والدي كيف جاء... كيف...؟؟؟!!!!
تأوهت و أنا أشعر بذراعيه حولي و اسمعه همسه فوق رأسي .. : " يا ألهي !! , حمدا لله .. حبيبتي أنت بخير...! "
تألمت ولا أقدر على تحريك أي شيء في ما عدا عيناي... قلت بألم : أبي... أبـــي أنت هنا...!
_ أنا هنا صغيرتي ! , أنت بأمان .. أنك معي...!
ولكن... و لكن هذا ... نحن لا نزال بعالم الظلام هذا ...؟! و كيف جاء أبي إلى هنا بحق ال....؟! هذا خطر مميت عليه !!!
شهقت الهواء بالكاد و أنا انتفض لأتحرك , لكني لم اقدر سوى على تحريك ذراعي لأمسك بوجهه و أنظر بعيناه الزرقاوين الداكنة و بالظمة بالكاد أرى ملامحه و اشم رائحته , أنه أبي بالفعل...؟!! تبا...أهذه خدعة ما !!
_ ككـ.. كيف أتيت...؟! أبي أن ال....
قاطعني بهدوء وهو يحرك يده ليلمس وجهي برقة : آآششش , سنخرج بشكل ما.. اهدئي صغيرتي.. سأحملك..!
و رأيته !! لا أصدق... رأيته ... أنه الجرس الضائع !! أنه الجرس الصغير الذي اضعته منذ زمن طويل... مربوط بخيط ما برسغ أبي , يرن بخفوت و يهتز ..!!
قلت و والدي يهم بحملي : لالالا... مهلا... لا يمكننا التحرك لأي مكان.. أعني.. هذا المكان المظلم...
رد علي بهمس غير مصدق : مهما يكن , لقد شعرت بأني سأفقدك لقد شعرت بالرعب ! , لقد اخذوا ابنتي لا أدري أين !! لكني وجدتك... حمدا لله , صغيرتي أنا سأحميك...!
كيف أتى إلى هنا !!! لا أصدق... لا أصدق هل ما زلت أحلم ؟؟؟؟؟!!!
حملني على ظهره , وأنا اتشبث به بقوة , و اشعر بالدفء البسيط ولكن أخيراً .. اسمع خطواته تتكسر فوق رماد الأرض الكثير جداً .. كان يسير نحو ما بدا كشق ما , الخارج يبدو أكثر اضاءة بقليل من هنا...!
كنت أريد تحذيره أو ما شابة فهذا أمر لا يصدق , لكنه سبقني قائلا بهمس لاهث :
_ اعرف بأن هناك ممر ما مشع قريب قادني إليك .. سأجده الآن.. لا تخافي اتفقنا..
حاولت شهق الهواء , و عقلي يعمل ببطء , لا شك بأن الجرس به قوة ما أجهلها جعلت والدي يجدني و....!
ما أن خرجنا قليلا , حتى سمعت أصواتا و ارتجت الأرض من حولنا... تماسك أبي وهو يمسكني بقوة . ثم ظهرت أمامنا أسراب كثيرة من فوق الأفق من بعيد , ظلال وكأنها تنسكب على الأرض مسرعة نحونا... حشود و حشود من الأسود المخيف ..!
شهقت برعب : أبي انتبه..!!
التفت أبي خلفه و اخذ يركض بصعوبة من فوق الصخور السوداء المعرقلة الحادة , خشيت بشدة عليه , ولكن ما الأمل نحن لن نقدر على الفرار بسرعة من وجه تلك الوحوش.... لقد قضي علينا...
كاد والدي أن يقع لكنه تمالك نفسه , فصرخت بصوت مبحوح : أبي !! اتركني , سأركض معك...!!
_ لا... لا... اهدئي فقط...!
نظرت للخلف , و شهقت , هاهم !!! أنهم ورائنا تماماً ظلال متوحشة بأسنان بارزة فقط و بلا عيون و مخالبها بطول الباب ستقطعنا ألآف القطع بضربة واحدة... ولكنها كثيرة جداً .. جدا كالسيل الأسود ... آآه سنموت لا أمل...!!
فكرت بثانية , أين هو السيـــف ؟؟!!!! لقد اضعته ... مجدداً...!!!
عندما عدت للنظر إلى الأمام لا أدري مالعمل ؟! , رأيت شيئا لا يصدق , هناك ظلال أخرى !! تصطف أمامنا بانتظام و كأنها بانتظارنا أو... لكن... هذه الظلال الطويل بلا ملامح تبدو منتظمة و على اكتافها خط أزرق يضيء قليلا و أمامها يقف ظل وحيد بعيون زرقاء وامضة كبيرة و ما يشبه العباءة ترف ورائه ..!
ما هذا ال.........

صرخت أنا و والدي معا و حفرة غريبة تفتح من أسفلنا لنقع منها و تغلق فوقنا , عبرنا حفرة أخرى ثم آآآخ !!
فتحت عيني ووجدت أبي بقربي ساقطين على الأرض خلف صفوف الوحوش المنظمة هذه و كأنه جيش ما.. احتظنني والدي بقوة وهو ينهض و أنا اقف معه بينما هو مشدوه جداً... و أنا تبعته بسرعة غير مصدقة ..

كانت هناك حقا معركة تدور بالأسفل , بين الوحوش المخيفة تلك وهذه الظلال ذات الخطوط الزرقاء , كان الظل ذو العيون الزرقاء الواسعة المضيئة يقف أمامنا تماما و يمد ذراعه الطويلة جدا أمامنا وكأنه يحمينا من السقوط لأسفل حيث القتال...
تراجع أبي خطوتين وهو يحميني... لكن آه وودت أن أرى مالذي يجري...؟!
_ ها أنتما هنا...!
التفتنا بسرعة و أنا أشهق مجددا أمام عيون رمادية باردة مضيئة , في البداية هتف قلبي "دانييل"... لكنه لا... كان هذا...!!
حرك سيد الظلام رأسه ببرود و كان هناك ظلين ذو عبائات زرقاء قاتمة وعيون زرقاء يحدقان بنا , ولكن خرج من خلفهما , "ليونارد" و "رافييل" .. هرعا إلينا و قال ليون وهو يحيطني بذراعيه على وشك حملي :
_ سأمسك بـ كلآرا سيد مونـد , اهدئ أنتم بأمان الآن...
بينما رافييل يدعم أبي ممسكا بذراعه , تحدث والدي بصوت مضطرب قلقا وهو ينظر نحوي :
_ أنا لن أسأل ما هذا المكان ! , لكننا يجب أن نخرج منه , اعتقد بأن كلآرا اصيبت بخطب سيء..!!
رفع سيد الظلام يده البيضاء المعاكس تماما لملابسه و رداءه الأسود قائلا بنبرة باردة آسفة غريبة :
_ كما تشاء تماماً , ها هي البوابة سأفتحها في منزلكم , أتريد بقاء الفتية لديك يا سيدي ؟!
قال والدي وهو يتنفس بصعوبة و يمسك بيدي بقوة : أ.. أجل .. تركت طفلتي مع الفتيات..
فتحت البوابة شق صغير مضيء جدا و والدي يجعلني أدخل أولا مع ليونارد وهو تبعني بسرعة مع رافييل ..
اختفى الضوء القوي و كل شيء تحول بسرعة مخيفة...
فها نحن بردهة منزلنا.. نظرت حولي برعب وأنا لا أكاد أحمل نفسي , كان ليون خلفي يمسك بي بقوة , التفت لأكلم أبي .. لكن رأيته شاحب جدا , نظر نحوي لثانية و همس لي بتعب :
_ أنت بأمان صغيرتـ...
ثم سقط مغشيا عليه !!!!
صرخت بقوة لا أصدق مالذي جرى لأبي ؟!!! القيت بنفسي عليه و رافييل يحاول معرفة مالذي جرى , وضعت رأسي على صدره أبكيه و أناديه... لكن تنفست براحة قليلة لأنني شعرت بصدره يعلو و يهبط... ثم فجأة اصبت بالعمى و قلب كل شيء أسود..
هتفت برعب و أنا اتشبث بجسد أبي : ليووووووووون لقد عدنا لعالم الظلام ... ليوووووون ساعدناااا.. لقـ...

شعرت بذراعين ورائي و ليونارد يهتف في اذني : لا لا لم تعودي كلارا !!! أنها فقط صدمة لعينيك هذا الضوء... اهدئي فقط و اغمضي عينيك ستكونين بخير ! ستكونون بخير... اهدئي... راف اطفأ كل الأضواء...!!
اخذت اتنفس الهواء ! , أحقا ما يقول ...؟! تحسست الأرض من وراء أبي .. شيء ناعم... آآآه سجاد... أننا لا نزال بالمنزل... شعرت بأنني غبت عنه دهراً...!!
كانت ذراع ليونارد فوق ظهري يمسح علي مهدئا , لكني بكيت قائلة بصوت لا اعرفه : ومالذي حدث لأبي...!
سمعت همس رافييل يجيبني من مكان قربي ربما جالس أمامي : أنه فقط تأثير عالم الظلام عليه , مثلما حدث معك أول مرة.. سيفيق قريبا أنه يرتاح فقط.. لكن جربي الآن افتحي عينيك..
أغمضت عيني بقوة ثم فتحتهما ... ظلام !! تبا الظلام مجددا..., شهقت مجددا وجسدي يرتجف : لا... لا أرى شيئا...!!
هدئي ليون وهو يمسك بكتفي : ربما يجب أن تنامي قليلا.. أنت بأمان كلآرا يا عزيزتي اهدئي... لقد انتهى كل شيء...
سمعت رافييل يتحرك وهو يقول بهدوء : أجل , هيا سنذهب جميعا لغرفة والدك جيني هناك مع الفتيات..
حاولت الوقوف وساقي ترتجفان بعنف , فأمسك بي ليونارد , ولم أعد اهتم بالتساؤل عن ذلك الشخص !!
همس رافييل : سأحمل السيد موند..
حاولت السير و يداي أمام وجهي ,لكني ليون جذبني و حملني بين ذراعيه ثم صعد الدرج خلف خطوات رافييل , فتح الباب و دخلنا لأسمع صوت الفتيات يشهقن , وشعرت بـ تيرآ تقترب مني بسرعة وهي تتحسس وجهي و عيناي بيديها الناعمة الباردة ..
_ يا ألهي , مالذي جرى لـ كلآرا...؟!
_ عينيها اصيبتا بصدمة من الضوء لقد بقيت وقتا طويلا في العالم المظلم , لكن سترى قريبا , كلارا قوية وكذلك السيد موند... يجب ان يرتاحا قليلا فقط..
قلت بنفسي ببرود يجب أن أنام لعدة سنوات على الأقل حتى ارتاح حقا...!!
أجلسني ليون على الأريكة وقلت بسرعة : أين جيــني ؟!
اجابتني داليا بهدوء : أنها نائمة الأن في سريرها هنا.. ارتاحي فقط كلآرا..
سألت مجددا و ليون يجعلني اضطجع رغما عني : كـ..كم مضى من الوقت...؟؟
أجابني هو هامسا واضعا يده برقة على عيني : أربعة وعشرين ساعة و الآن أتت ليلة آخرى.. نامي ريثما نعالجك...!
شعرت برغبة في الصراخ بقوة و البكاء في أرض خلا ! , أنني لم أتمم ما أردته , و والدي جاء للبحث عني و الرعب يتملكه .. كيف لا أعرف , و مالذي جلعني على قيد الحياة لا أعرف ..!

لا ارغب بالعودة لهذا الواقع , لكني لا استطيع ترك والدي ولا جيني , ولا هو والدي يريد العيش من دوننا... حسنا , لكن انتهى كل شيء .. كما اسمعهم يهمسون... اراحتني يد ليونارد الباردة على جبيني ... أنه هو الصديق الحقيقي..
مرت فترة هادئة ثم بدأت اسمع همسات .. أنها همساتهم..
_ اصابات كلآرا ليست بالبسيطة هذه المرة , تبا لقد تحطمت كل اضلاعها ما عدا اثنين !
همس ليونارد قريب مني , و جاء صوت رافييل من عند ساقي : لكن قلادة دآنييل حمتها بشكل رهيب..
_ أنها ليست القلادة .. أنها لا تحمي ..!
_ ماذا ؟!. كيف بقيت على قيد الحياة إذن ؟!
_ لا أدري... الوضع سيء جداً , سيد الظلام غاضبا جدا ولقد انهى المعركة قبل قليل..!
_ آه سيقتلنا لأننا اطعنا ذلك المجنون...! أين هو على أية حال..؟!
_ دآنييل لم يقدر على دخول عالم الظلام ذلك الوقت راف...
_ أهذا حقيقي !! لماذا ؟!" سأل رافييل بصدمة شديدة وصلتني ...شعرت بضربات قلبي تفور بدماء حارة و امعائي تتقلص , سمعت اجابة ليون الباردة :
_ لا أدري أسأل سيد الظلام !...
_ .. لكن مالذي فعله ..؟!
_ لست واثقا وهذا سر لا ينبغي لأحد معرفته , كما أن سيد الظلام بدأ خطط جديدة مع جيوشه هناك...
_ أكل هذا بسبب مشكلة كلآرا...؟!
_ المشكلة بالبوابات و كلآرا و دآنييل فعلا أمرا فضيعاً , أنت رأيت كيف جنت وحوش الظلام اللاعاقلة هناك..
همهم رافييل بشيء ما ذكر اسم دآنييل , ثم همس بهدوء : سيد الظلام سيجد حلا بالطبع , ولكن أين اختفى ذلك الوريث؟!
تنهد ليون هامسا : لا أحد يعرف مالذي حدث تماماً , ربما كلآرا رأت شيئا ما..
ماذا ؟؟؟!! , أنا لم أرى أي شيء... بالكاد كنت أرى هناك..؟! لا أفهم ما يقصدون...؟!و أين ذهب دآنييل ؟!
هزأ رافييل ببرود : المصيبة التي تبينت والتي سندفع ثمنها جميعا هو خداع دآنييل لنا بقوله أن سيد الظلام يعرف مالذي نحن على وشك فعله ! , سيقتلنا حتما أو سيسجننا في شقوق الظلام إلى الأبد..!
همس ليون وهو يزفر : آآه سحقا معك حق.. لقد خيبنا أمل السيد.. يا ألهي أتمنى أن تهدئه السيدة دراكنس قبل أن يقتلنا..!
حاولت العودة للتنفس طبيعيا , فقد كنت كاتمة أنفاسي دون أن اشعر , دآنييل مالذي فعله ؟!... أني لا استطيع الفهم الآن أي شيء , عقلي يثقل و التعب يطبق علي..

بعد مضى فترة هادئة ناعمة ودافئة من الظلام المحبب اللطيف ..
أول شيء سمعته هو صوت زقزقة العصافير.. ثم احسست بيد ناعمة للغاية تداعب وجنتي و صوت رقيق يهمهم عند أذني
_ كلالا ؟؟... دادادا... كلالا...؟ تاتااااا ><!
صرخت باذني عند الكلمة الأخيرة ففتحت عيني بقوة و أنا أشهق قائلة : أين أنــــــــــا ؟!!



آآخ طرفت بعيني متألمة . ضوء...>< آخ .. حككتهما و استنشقت الهواء المنعش , وليس هواءا ثقيل بارد يؤلم الصدر...
_ ها قد استيقظت اختك الكبرى جيني , لا داعي للصراخ فهي مرهقة كفاية..
مسحت عيني مجددا وأنا اسمع داليا تتحدث بنعومة , و وقع بصري أخيرا إلى الاريكة التي نمت عليها و الغطاء ثم الى الطفلة التي في حجر داليا الجالسة قربي , ابتسمت لي و صرخت جيني بصوت عال : تاااااا تااااااااا
وهي تصفق بيديها بمرح ثم تمدهما إلي ! , جلست على الاريكة مرة أخرى و اخذتها بهدوء من بين ذراعي داليا ثم ضممتها إلي اقبلها و اشعر بدفئها و رائحتها , آآآآوه المهم هو أن طفلتي الصغيرة بخير.. و والدي...
نظرت نحو السرير و توسعت عيني , والدي لا يزال نائما , دخل من الباب رافييل و تيرآ و ليونارد من خلفهم , قال رافييل بهدوء ناظرا نحوي : هاي أنت بخير كلآرا..
رددت بهدوء مستغربة أنه هو أول من سألني : أ..أجل >.> .. لكن أبي...؟!
_ والدك بخير , نحن نراقبه كلآرا , تلك المرة لقد نمت يومين كاملين.. مواجهة الظلام ليست شيئا سهلا..
ابتسم لي ليونارد بشكل شاحب , ثم تقدمت تيرآ لتمسك برسغ والدي تتفحصه , قال ليون هامسا لـ رافييل :
_ لقد ابعدت بعض المتطفلين عن المنزل , فنحن لسنا في وضع يسمح للزيارات !
وقالت تيرآ وهي تحدق بوالدي : همم السيد موند نائم تماما... أنه ليس مغشيا عليه و...
قاطعتها بهدوء و أنا أحرك قدمي و أقف باتزان : آآه , لا بأس أنا سأوقضه..
تحركت لأجلس بهدوء على طرف السرير و اراقب ملامح أبي , آه يبدو بخير جداً , ليس مثلي عندما انقلب شعري أبيضا و وجهي أقرب للرمادي و عيني محمرتان كالوحوش..!!
مسحت على وجنته هامسة عند أذنه : أبي... أبي.. أفق .. أبي حبيبي..
لكنه لم يحرك رمشا , وضع تيرآ يدها على كتفي قائلة برقة : لنحاول لاحقا , نحن لا نعلم ربما يحتاج لمزيد من النوم , تعالي لتأكلي شيئا , فـ جيني منذ أن رأتك ترفض أكل أي شيء قبل أن تفيقي...
وقفت و نزلت للمطبخ مع تيرآ و ليونارد الذي يسير ورائي خوفا من أن أقع فجأة على وجهي , و جيني بين ذراعي تيرآ تثرثر عليها " تاتا همممم !! "
كنت و كأنني أرى المنزل أول مرة , كل شيء يبدو هادئا طبيعيا براقا ربما زيادة عن اللزوم , أو أن عيني بدأتا تكرهان الضوء ؟!
جلسنا على المقاعد و أجلست جيني على الطاولة أمامي و قدميها الصغيرتين الناعمتين على ركبتي , بينما جلس ليونارد بجاني و تيرآ تعد القهوة وتخرج المربى من الثلاجة , داعبت جيني قليلا ثم نظرت نحو ليون , كانت عينيه زرقاوين غائمتين بلون محمر خافت !.
همست له بهدوء : آ... هل هنالك شيء ما خاطئ بي...؟!
طرف بعينيه ثم همس وهو يهز رأسه : لا .. خرجت من المعركة ببضعة كسور فقط ولكن لا أجزاء ظلاميه.. أنك صافية تماما كلآرا و دافئة..
حسنا , يعني بأني بشرية تماما , لكن هذا ذكرني بحديث الأمس السري.. ربما شعرا بي مستيقظة , لكن لا مشكلة لديهما على ما اعتقد...
شعرت بقليل من التوتر و القلق... ربما تسببت بالمشاكل هناك..

قلت بهمس هادئ و عيوننا متشابكة : إذن.. دآ.. دآنييل نجح في خطته , اعني , التنقية و.. كل شيء ؟!
أنا غير واثقة أبدا... و جسدي يرتجف عندما نطقت اسمه.. رفع ليونارد رأسه قليلا وعينيه تضيقان قليلا فقط , وكذلك احسست بنظرات تيرآ وهي تجهز الشطائر , أجابني بهمس :
_ حسنا , أجل .. لقد قتل الوحش الذي بداخلك و تحطم الختم لا نعلم كيف و كذلك دمرت البوابة.
ثم صمت تماما , لا يريد نقاش الموضوع الآن , لكني بحاجة لمعرفة مالذي حدث , هناك أمور مريبة حدثت فجأة..
قلت بهدوء و أنا احكم أمساكي بـ جيني : آممم .. ولكن.. أ.. أين اختفى دآنييل , عندما وجدت نفسي واقعة بعالم الظلام.. لا أعرف كيف...؟!
تنهد بوضوح : آآه أتريدين الحديث عنه الآن ! , تناولي شيئا أولا ..و أخبرك بأنني أنا أيضا أجهل الكثير مما حدث..
زفرت بعبوس و اقفلت الموضوع مؤقتا فقط , كان قلبي يخفق , مالذي جرى لـ دآنييل !! , ربما اضطر لتركي , لكن... لكني كدت أموت... و يئست كثيراً و حتى الشجاعة والثقة تخليتا عني , لقد أصبت بالرعب حتى الموت... كنت أريد بشكل مميت أي أحد قربي , لكن ...لا ... دائما يظهرون بعدما أتعذب و اتقطع و أوشك على الرحيل إلى الأبد..

شعرت بأنني أكرههم , أحقد عليهم بشدة لا أريدهم , لكن ليس ليونارد و تيرآ وداليا و رافييل.. لكني تعبت و أريد أن يكون الأمس آخر عهدي بذلك المكان البائس المظلم...!
بعد الإفطار رأيت الساعة تشير نحو التاسعة , داعبت جيني كثيرا بغرفة والدي , يا لها من كائن حي ظريف جميل مليء بالدفئ و الحب و الرقة , ويست تلك الكائنات المظلمة الشنيعة التي مللت منها !!!

تركتها تلعب و جلست قرب والدي أراقبه , كانت معي في الغرفة داليا و تيرآ , لكن خرجتا لتتحدثا بالممر .. انتبهت لنفسي أخيراً , يجب ان استحم من كل شيء.. و ألقى بكل هذه الملابس بعيدا... خرجت للفتيات و قلت بهدوء
_ أنا سأستحم في الأسفل...
تبسمت لي تيرآ وقالت داليا بمرح : حسنا , دوري لأداعب جيني .. أني لا أمل منها الملاك الصغير الجميل..
نزلت بهدوء و رأيت الشابين واقفين أمام ممر باب غرفتي يتهامسان , بما يتحدثان , بالطبع صمتا عندما رأياني..
قلت ببرود وأنا اتسأل عما يتكلمان , وربما لا احتاج للتساؤل حتى : هلا سمحتما..
ذهبا بصمت نحو ممر المطبخ المقابل للردهة , دخلت غرفتي , و اغلقت الباب , كل شيء بمكانه , سريري مرتب و الستائر مسدولة , اقتربت ببطء من وسادة السرير و رفعتها .. لأجد الورقة التي كتبها , قطعة ورق صغيرة , امسكت بها و قطعتها قطعا صغيرة ولم أفتحها , هي بمثابة وصية غريبة الطابع .. لكن هذا لم يعد يهم... حتى لو مت لاحقا بأي سبب...
اخرجت لي جينزا و قميصا , ثم أخذت حماما دافئا منعشا , لم أغلق الدوش حتى انتهت كل المياه الدافئة !!
ما أروع الدفء.. و الضوء و الحياة..!
خرجت بهدوء إلى الردهة و وجدتهما صامتين رافييل يقف مراقبا من عند النافذة وليون جامد بهدوء قرب المدفئة , نظر نحوي بصمت , خطوت في الردهة فتأوه هو... يعرف ماذا أريد , أحب ليونارد أنه يفهمني, بالرغم من ضجره مني...!!
قلت بهدوء و رافييل يعي بأني خلفه لكنه لم يلتفت نحوي : أود معرفة كيف دخل أبي إلى هناك !
اجابي ليون ببطء : لا نعرف حقا , كان ذلك الجرس مربوط برسغه فقط , ربما له علاقة ما..
سألت بقلق خفي : هل والدي حقا بخير ؟! , أعني أنا اذكر بأنني أصبت بتلك المرة عندما اغشي علي , لكن.. أبي لم يصب بشيء صحيح ؟!.
قال ليون مجددا بهدوء : لقد تفحصناه جيدا, أنه لم يصب بشيء كلآرا..

ابتعلت لعابي و قلت : حسنا.. هل.. هل .. السيد..آ .. السيد آه.. داركنس غاضب منا...؟! أعني أتسببنا بشيء ما ؟!
التفت رافييل فجأة قائلا بحده خافتة : تسببنا ؟! , أنه هو من تسبب.. لا شك بأنه أول من يحاسب ! , ألم تدركي بأن الختم لن ينكسر أبدا بسهولة , و دانييل استخدم سلاحه الخاص وهذا ممنوع قطعا ضد البشر , و المصيبة ضد ختم السيد أيضا ><! دآنييل هذا لقد خدعنا جميعا !!!
ترددت و توترت كثيرا ,أنا السبب أيضا بشكل ما .. أصراري على الثأر وهذه المشاكل..
قلت بقلق : ها أنا بخير و...

قاطعني ليونارد بصوت خامل هادئ لكن واضح النبرة : هذا ليس شيئا لنتكلم عنه أبداً .. أنت قد تبدين قطعة واحدة لكن شاهدت أشياء لم يفترض بك رؤيتها و تسببت لك بإضرار حتى لو أصلحناها , نحن من المفترض أن نحميكم لا أن ندفع بكم للخطر.. السيد موند غافل الفتاتين بشكل ما , وظهر بشكل مفاجئ في عالم الظلام لأجل أن يجدك بينما نحن عجزنا عن ايجادك و انقاذك..
!
أكمل رافييل بعبوس يخيف : باختصار لقد فشنا فشلا رهيباً ذريعاً في المهمة التي أوكلها إلينا , لقد جمعنا باعتبارنا النخبة الأقوى , لكن دآنييل تسبب بدخولك لعالم الظلام مجدداً , و أنا بالكاد صددت الوحوش الهائجة و ليونارد أضاعك بذلك المكان... سيد الظلام لا ينطق من شدة غضبه.. ولكن باعتبارنا اطعنا الوريث الرئيس علينا فهو سيتلقى العقوبة الأقسى...!
نظرت نحو حذائي متوترة , تبا... مالذي يجب فعله الآن..

تحدث ليونارد بهدوء : يجب أن ننتظر فقط كلآرا , الأوامر الجديدة , ربما سيد الظلام سيقوم بزيارة خاصة هنا...
نظرت نحوه بقلق اعرف بأنه يستطيع قراءة الافكار بشكل ما.. قلت آسفة : أنا من ترك يدك ذلك الوقت ليون , و رافييل فعل كل ما بوسعه ..
همست بقلبي , لكن دآنييل .. لا عذر لتركه لي أو لا سبب واضح...! آوووه أنا أيضا سأعقاب لأني أردت ذلك أن أدخل إلى هناك و أقاتل و وجودي سبب الفوضى...! لكني اعتقدت بأن الظل سيأتي لعالمنا و ليس أن اسقط أنا في أرضه..!!

حل المساء بهدوء ولكن لم أشعر بالهدوء أبداً في الأجواء بيننا , رافييل بارد قاسي النظرة و يشيح بوجهه عني و كأن مشاركة في جريمة ما , أو ربما هو يشعر بالتوتر أيضاً , ليونارد صامت جداً و هادئ , وكذلك الفتاتين و جيني لا تكف عن اللهو و اللعب بالمكعاب الملونة التي لا أعرف من جلبها...؟!

اصبحت غرفة نوم والدي غرفة الاجتماع , فعندما أجلس بها أنا و جيني بالطبع تبقى معنا تيرآ و داليا اللتان اخبراني بأن والدي غافلهما لأخذ دش ما ثم اختفى فجأة عن شعورهما .. كان قد سأل بالطبع عني عندما تأخرنا , اخبرته الفتيات بالحقيقة .. أنني خرجت مع الفتية كي اتخلص من ملاحقة الظلال... و يبدو بأنه لم يشعر بالارتياح أبداً لغيابي..
آآآووه أبي الحبيب , مؤكد بأنه مر بلحظات قلق رهيبة علي , مؤكد بأنه يتساءل أين أكون و مالذي يحدث.. بهذه الأفكار شعرتب لابذنب يعتصرني و يخنقني و كدت على وشك البكاء أمام الفتيات فجأة.. لن أجعل والدي يعاني بسببي , يكفي ما حدث , هو يعرف ببعض الأمور الأساسية كالوحوش التي تحاول إيذائنا , لكنه لا يعلم تماما مالسبب , ولا أريده أن يعرف.. كي لا يؤذى أكثر من ذلك...
جلبت لنفسي فراشا لأني أريد النوم هنا و جلست مع جيني ألهو معها أحاول تهدئة نفسي..

ثم أخيراً نامت الصغيرة عند التاسعة والنصف ليلاً .. بينما أشعر أنا بالأنهاك والحكة الغريبة التي انتابتني مع حلول الليل في قدمي اليمنى.. رفعت البنطال لعل شيء ما قرصني.. لكن صدمت وأنا أحدق غير واثقة من عيناي .. ما هذا ؟!..
كانت هناك علامة نجمة رباعية فوق كاحلي مزرقة قليلا لكن واضحة الخطوط وكأنها عميق تصل إلى عظمي !!
شهقت أنادي : تيـــرآآآآآآ !!
عادت لتدخل بسرعة الغرفة تيرآ وليونارد و رافييل و داليا خلفها...
جثى ليون بسرعة أمامي وهو يحدق بالعلامة الغريبة و تحملق البقية حولي... لمسها قليلا ثم سألني : هل تؤلم ؟!, كيف ظهرت ؟!
قلت بانفاس متسارعة : رباااه لا أدري ><! أنها لا تؤلم , لكن أرجوك لا تقل لي أنه بسبب ذلك المكان !!.
قال رآفييل ساخراً وعابسا بنفس الوقت : عالم الظلام لا يجعل البشر يخرجون منه بسهولة هكذا و بلا هدية !
لم أرد أن أصرخ وكأنني أنفجر مع أني وددت هذا , لكن والدي و جيني نائمين هنا..
قلت برعب وأنا أنظر لـ ليون : أرجوك .. مالسبب ؟!... ربما لأنني.. بقيت طويلا هناك... ربما شيء ما بداخلي مجدداً... آآه..
كدت أبكي لكن تيرآ قالت بسرعة بصوت بطبيعية : لا , هذا شيء مشابة لترك وصمة لوجودك اعتقد بأن الظلام يتعرف إليك..!
حدقت بها و عيوني تؤلمني من شدة التحديق , لا تمزحي معي أنت أيضا تيرآ !!!
_ هذا صحيح بنحو ما.. لم يبقى بشري هناك لفترة طويلة كالتي قضيتها كلآرا.
تحدثت داليا بهدوء يقلقني وهي تنحني لتتأمل العلامة و تكمل : الأمور التي كانت معك تحميك بشكل ما.. منذ أن وقعت بالظلام , لذا هو لم يحاول قتلك بشكل مباشر , كما أن ذلك اللعين متوعد بك , لكن ها أنتِ سحقته لرماد .. ربما الظلام معجب بك.. لكن هذا غريب و مضحك..
قال رافييل بعبوس : .. بشكل ما .. هذا ما قاله سيد الظلام منذ زمن طويل لنا.. الظلام يملك قوى غريبة تستجيب و تعاون الكره و و الآفعال الشريرة..! , ولهذا نحن نضع الحواجز و نبحث عن القوى الجيدة بداخله.. لكن لا أظن بأن كلآرا ستنجذب إلى هناك مجددا...!
قلت برعب لا أصدق ما يتحدثون به : هذا غير حقيقي !! .. مالذي تتفوهون به ! وكأن الظلام شيء ما حي !!.
قال ليونارد بهدوء وهو يمسك بيدي : بالطبع لا داليا و رافييل مهووسين قليلا.. دعك منهما , هذه العلامة ناجمة فقط عن قتالك ذلك الوقت.. لدينا نحن أيضا علامات لمعاركنا.. اهدئي فقط...
لكن فجأة صدر رنين خافت اكتسنا بالفعل رغم خفوته , ذلك الرنين المعروف.. رنين الجرس الصغير بحجم الأظفر في رسغ أبي.. تحرك لوحده... و فجأة رمشت الأضواء , و مرت رياح باردة كالصقيع بطيئة و ثقيلة..

تشبثت بقوة واقتربت من جسد ليونارد وأنا أكاد اغرز أظافري بذراعيه .. قلت برعب: لا... لا أرجوكم... لا...
هدئني ليون وهو يحيطني بذراع هامساً بتوتر أحسه : آه كلآرا... لا تخافي.. اعتقد بأن سيد الظلام آتٍ...!


بالفعل , انطفأ الضوء قليلا ليحلك المكان تماماً , لكن عادت الاضائة فوراً بعد ثلاث ثوان أو أقل , لنجد الرجل الطويل ذو الرداء الأسود و الملابس الرمادية المشابهة لعينيه الهادئتين – يقف عند مدخل الغرفة , نظر ببطء نحونا جميعاً...

ثم قال بهدوء شديد : مساء الخير !.
أومأوا قليلا , لكن ليونارد من استطاع النطق قائلا بهمس هادئ : مساء الخير سيدي..
ضاقت عينيه المعدنيتين قليلا ليقول بهدوء وهو لم ينظر نحوي : ألم يعد بعد ؟!.

من يقصد ؟!... ارتجف قلبي بقلق... تحرك بهدوء خطوتين للأمام وهو ينظر نحو أبي النائم بهدوء على السرير , همس ببرودة حركت الهواء المتجمد : لم يعجبني ما يحدث , و ما حدث قبلا... لذا سأتكلم معكم لاحقا , دعوني أنا و كلآرا هنا.. و اطلبوا منه المجيء الآن !.

تحرك ليونارد قليلا لكني متصلبة ملتصقة به ~.~ عيب علي يجب أن اتشجع ! ,و أترك ليون أشك بأني تركت علامات عليه حتى وهو مصاص دماء ذا بشرة حديدية..
بينما أحاول دس رأسي خلف كتف ليون , سمعت صوت سيد الظلام الهادئ البارد يحدثني : ألا تريدين التحدث معي كلآرا بشأن ما حدث ؟!. يجب أن تفسرا لي أنت و دآنييـل ما فعلتماه , قبل أن أقرر أي عقاب..!
تركت ليونارد قبل أن أعرضه لموقف محرج فنهض هامسا لي : ليس هنالك ما تقلقين بشأنه..!
_ نعم تماماً , لنهدأ الآن اتفقنا ! " وافقه سيد الظلام ببطء من مكانه عن طرف سرير أبي , خرجوا جميعا و بقيت أنا متشجعة للنظر في عينيه الرماديتين كالسحاب المنذر بعاصفة هوجاء مريعة..! على الأقل عيني دآنييل تتقلبان بالذهبي أحيانا..~.~"
لكن عيناه كانتا منخفضتين قليلا ينظر نحو... شهقت بلا قصد , لقد رأى العلامة الغريبة التي ظهرت !!
قال بهدوء وهويلوح بيده بحركة صغيرة ليغلق الباب لوحده : اجلسي على الاريكة كلآرا..
جذب هو كرسيا ليجلس بهدوء عليه , بدا المكان معتما قليلا و كأنني مجرم مكبل أمام محقق قاسٍ في غرفة صغيرة مقفلة تماماً.. سألني بهدوء :
_ متى ظهر هذا ؟!
أيقصد العلامة , آخ ما غيرها , قلت و أنا احاول الاسترخاء فوق الأريكة : آه... قبل دقائق في الحقيقة انتبهت لها..! "فكرت لم تكن موجودة عندما استحممت ! "
_ أنها لا تؤلم , أليس كذلك ؟!.
هل يعرف ما تكون ...و... , فجأة قال بعيون تبرق بالفعل كالبرق بين السحب الداكنة : بالطبع أعرف ما تكون...!
الويل لي , أنه يقرأ أفكاري !! حاولت تهدأت نفسي... فقال هو بهدوء و أقل برودة : كان عليكما أن تطلعاني عما تريدان فعله, لم اعتقد بأنك شخص يسعى للثأر كلآرا.. بدوت لي مسالمة جداً..
لا أدري لم قلبي بدأ يضخ بقوة , هل يقصد بأني خيبت أمله ؟!.. ووه , أهو حقا كان يفكر بي هكذا ؟!... مهلا هل كان يهتم حقا لأمري و لما يحد...
_ بالطبع كنت مهتماً لك و لعائلتك !
قاطعني ببرودة كالصقيع ! , فقلت خجلة و متوترة لحد كبير : آسفــة.. أعني.. لم...
رفع يده ببطء قائلا : على العموم الذنب ليس ذنبك تماماً , أنه ذلك الشاب الذي يجيد أخفاء الأمور عني.. ها هو آتٍ.. استحق ما حصل له .. كان عليه أن يفكر بما فعل...
دآنييل !!... مالذي حدث له..؟! ولكنه كان... طرق الباب بهدوء و فتح لـ.... أراه .. شعرت بأني لم أره لسنوات !!.. كان بنفس لباسه الأسود و قميصه الذي بلا أكمام , لكنه يبدو أنحل بكثير .. عظام وجنتيه بارزتين حادتين قليلا و ظلال قاتمة أسفل عينيه الذي يبدوان سوداوين قاتمتين .. بينما عضلات ذراعيه مشدودة و عروقه الزرقاء بارزة و شفتيه مطبقة تماما وكأنه لم يتحدث لفترة طويلة !!
نظر نحو سيد الظلام بطرف عينيه بلا التفات كامل , تقدم دآنييل خطوتين فقط كي يغلق الباب و يقف عنده وكأنه حارس ما , أو ربما مستعد للمغادرة فوراً وغير راضٍ للكلام ..!
لم استطيع أن ابعد عيني عنه , وهو حتى لم ينظر لأي أحد منا , كان يحدق .. في الفراغ بعيون خاملة بلا حياة !
قال السيد دآركنس بنعومة باردة وهو ينظر نحوي أولاً : جميل لقد اجتمعنا.. أولا كلآرا , أني فقط ألومك على شيء واحد وهو سعيك للانتقام بعشوائية هكذا.. فذلك الوحش لم أكن لأتركه بلا جزاء بعد كل ما فعله.. لكن بسبب أنه كان مرتبط بك بشكل ما فأنا تريثت قليلا بشأن قتله , لهذا سيكون عقابك فقط بعد موافقه السيد موند والدك..
لا أدري لكني لم أشعر بالاطمئنان .. عندما يعلم والدي بكل شيء , سيمنح سيد الظلام الأذن لعقابي آهئ...~.~"!
راقبته بهدوء وهو يلتفت لينظر نحو ابنه الصامت كالأموات , قال بهدوء لكن بجدية إليه : أنت مدين باعتذار إلى كلآرا و والدها و أنا , و رفاقك هناك.. ربما لم تشفى تماماً لكن يجب عليك أن تعود الآن للبداية و توضح لنا كل شيء..
انتظرنا تقريبا عشر ثوان مراقبين أنا وسيد الظلام دآنييل ليتحدث , بدا آه كتمثال جامد و ظننا بأنه فقد وعيه أو نائم.. بماذا يفكر كل هذا الوقت .. كما أن والده يبدو عليه الصبر الشديد , أهذه عادة دآنييل إن تعرض للتوبيخ أن يتجاهل و يصمت أو...!
_ أنا لم أكن أريد العودة بهذا الشكل , لو انتظرت للغد... لكن.. بما أنك اجبرتني فأنا سأؤخر اعتذراي الذي تظنون بأني مدين لكم به..!
تحدث بصوت خافت بارد لكن يبدو مجهداً بعض الشيء و لباقة ممزوجة بسخريته المعتادة لكنه مرهق ولا يبدو لي بمزاج للكلام أبداً...!!
شعرت بألم في قلبي , هو أمامي الشخص الذي لطالما تسائلت عنه .. لكنه لا يبدو بخير , لا شك بأن امراً ما رهيبا حدث له.. ولـ...
قاطع شعور بالقلق صوت سيد الظلام الجدي البارد : لقد سببتما اضطرابا رهيبا في الظلام , جنودي بالكاد هدؤوا الأوضاع , أنك ممنوع من دخول عالم الظلام هذه الفترة و الثاني سنتحدث عنه في مكان آخر , و الثالث عوقبت به بالفعل , أنت لن تقدر على استردادها.. ربما هي أمامك لكنك لن تعود كما كنت.. و أحاديث أخرى تتضمن والدتك و كونك الوريث من بعدي.. هذه سنتحدث عنها لاحقاً ..
شعرت بأن قلبي هوى في ظلام مريع خاص به , دآنييل في ورطة حقيقية.. لكن مالذي فقده ولا يمكنه اعادته ..!
قلت بقلق ولساني غير قادر على الصمت : لكن .. سار كل شيء جيد في البداية , لقد خلصني دآنييل من... آه البوابة و الخـ... و ذلك الجزء من الوحش...
ارتبكت بشدة لأن سيد الظلام نظر نحوي فارتفعت ضربات قلبي ولم أريد قط أن أنطق شيئا عن ختمه !! , اختطفت نظرة نحو دآنييل , لكنه لم ينظر نحوي بل بعيداً .. آآآه سأكمل على آية حال : ..لـ... لكن حدث شيء لم نتوقعه آه لم أفهم ال...
قاطعني سيد الظلام بهدوء ناعم ربما خصص هذه النبرة لي كي لا أجزع : لقد حدث الكثير بالفعل , سأريك مالذي حدث فعليا في البداية فقط.. أنكما تعرفان مالخطأ لكنكما لا تدركان كيف حدث هذا... يفترض بأن خطة دآنييل تسير جيداً ... لكنه عرف بأن لا يمكنه تحطيمه هكذا , فسخر منك و أنت تأثرت كثيرا و حطمت الختم من داخلك , هذا ليس بشيء طبيعي ولم يحدث من قبل , البوابة تملك مشاعر و تثور و تغضب وتفقد الثقة ثم تحطم الختم ..!
نظرت به بصدمة ... أحقا ما يقول ؟!... لكن... هذا يغير كل شيء ظنناه ! و ما ظننته أنا بأن دآنييل يتخلى عنه , هو خدعني فقط لأجلي.. لكن ذلك كان مؤلماً جدا و صادماً لي..

تابع ببرود وقد غابت سخريته التي قبل قليل وهو يلقي بنظرة مخيفة إلى دآنييل : بعد تحطم الختم التهمتك بوابة الظلام التي بداخلك و لم تتدمر إلا بعد تدمر صانعها .. الذي... قتلته أنتِ... وهذا فعل غريب ولا أظنه يحمل عواقب جيدة... أن تدخل بشرية مثلك عالم الظلام و تقاتل به وحشا .. أنكم شجعان حسنا .. لكنه نوع الشجاعة الذي تخالطه الحماقة !
قلت بصوت متكسر ضعيف وأنا أشعر بالبؤس و الذنب وكل الأمور المتعبة للقلب : لم نظن أنه... يمكنني هذا ببساطة , أعني آسفة لأنني أردت الانتقام لأمي وجداي..!

بعد كلمتي الأخيرة كنت ألتقط انفاسي التي توترت منذ دخولهما ,وتغيرت نظرة دآركنس نحوي اختفى لمعان عينيه لكنه بقي يحدق بي لثوان طويلة بدت نظرته مشفقة قليلا نحوي أو متفهم ربما .., ثم حرك رأسه قليلا لينظر نحو وجه أبي النائم , همسه صدر بهدوء من زاويته المعتمة :
_ هذا.. لا يمكننا لومك عليه , لقد أظهرت شجاعة عجيبة لا يمكن لأي كان أن يمتلكها...
قلت بسرعة و تعب : لم أكن لا استطيع هذا لولا دآنييل..! لقد فعلنا أمرا ما لكن أموراً أخرى تداخلت لا اعتقد بأن...
قاطعني ببرودة مشابة لنبرته التي يخصصها لـ دآنييل : لستِ ناجية من العقاب كلآرا حتى تدافعي عن دآنييل !.
أحمر وجهي اشعر بحرارته تآكلني , هل هذا حقا ما أفعله...؟! تابع وهو ينظر نحو ابنه نظره باردة : كل شيء يمكن أن يهون إلا اخفاء الأمور عني !.
_ ما كنت لتوافق !!.
تحدث دآنييل بهدوء فجأة و نظرت نحوه , لا تزال عينيه غائمتين داكنتين , تابع بهدوء مؤدب : كنا نحاول أن نعيد كل شيء لطبيعته , لا يمكن لـ كلآرا أن تعيش فترة طويلة من حياتها بذلك الشكل البؤس و الظلال تحيطها .. لذا خططنا لكل شيء و بمسؤليتي كـ رئيس لحرس البوابات لا يمكنني فقط ألا أفعل شيئا.
رد سيد الظلام ببرود : لم تجعلها تدرك خطورة الأمر.. و ظهر أيضا أنك أنت تجهل خطورة ما سيحدث.. لذا سأعفيك عن مسؤليتك حالياً و أجعل ليونارد هو الرئيس ..
لكن دآنييل لم يظهر متأثراً , وكأن أمرا عاديا يحدث , قال هو بتهذيب هادئ : حسنا سيدي كما تشاء .
نظر نحوه سيد الظلام من طرف عينيه وقال ببرود : لا تظهر نفسك مهذباً أمام كلآرا فهي تعرف حقيقتك..
رد دآنييل بأدب يخفي سخرية اعرفها : لكني أفعل هذا أولاً لأجل أمي , سيدي!.
لأول مرة في حياتي أرى ابتسامة كهذه تشق ثغر "سيد الظلام" ببطء وكأنه يقاوم ظهورها التمعت عينيه بجمال الفضة في الظلام... و كأن الدف غمر الغرفة فجأة .. دف هادئ داكن مريح و يبعث على الاسترخاء...!
نهض بهدوء , وهو يقول بنعومة : ستدفع ثمن هذه الكلمة لاحقاً ! , لكن الآن.. يجب أن تجلب شيئا ما يعجل بإيقاظ السيد موند لأن عالم الظلام مسه بسؤ لم يلاحظه الحراس.. فهو لن يفيق حتى سنوات..
شهقت مصدومة فجأة ماذا ؟!!!... عقد دآنييل ذراعيه قائلا ببرود : لكنك منعتني من دخول ذلك المكان...!
تنفست بصعوبة ونظري يرتجف نحو والدي النائم بلا حركة : لكن.. مالذي حدث لـ أبي !!.
حرك سيد الظلام يده فوق جسد أبي ليرد ببطء : لأنه كان جريحا قبل دخوله الظلام , هوائنا مسموم و قد تسرب السم ببطء كـ لص يتسلل لم يلاحظه أحد في دم والدك .. ولاشك بأنه جرح نفسه متعمداً حتى تسقط قطرة دماء على هذا الجرس ليتبعه نحو سليله أو ابنته التي من نفس دمه.. لا أعرف كيف علم والدك بهذا أو ربما فعله غريزياً.. لكنه فعل أمراً سحرياً..
هذا أمر جديد لا معقول ... لقد جرح والدي نفسه كي تبعني .. يجد شخصا من دمه عن طريق هذا... الجرس لكن ظننت..
قلت بسرعة : لكن هذا الجرس لا يعتبر بوابة إلى ذلك المكان أو...
رد علي وهو ينظر عالياً : لا ليس كذلك , ولكن يجب أن يدمر حتى نحافظ على أمنكم , هو أداة للتحذير لكنها اداة مصنوعة من روح جدك المقاتل أليس كذلك ؟, لكن... كانت به قوة عميقة وجدتك... قوة حب والدك بالطبع , هو سيفعل المستحيل كي لا يفقدك..
لسعت عيناي بألم .. طوال هذا الوقت كان والدي شديد القلق علي أو يفقدني..
قلت و أنا أجثو على الأرض قرب سريره لأمسك بيده ذات الخيط المربوط به الجرس : ولكن أنا سأموت لو فقدته...
شعرت بلمسه لطيفة سريعة مرت على كتفي و سيد الظلام يقول بهمس هادئ : لن يحدث هذا أبداً , سأرسل دآنييل هذه المرة فقط لجلب شيئا للمساعدة..
التفت نحو ابنه وقال بهدوء : اذهب لجلب صخرة من صخور الضوء الأزرق , هي ستمتص السم من جسد السيد موند..
_ أجل فوراً..
نهضت أنا قائلة : لكن.. هل سيذهب أحد من ليون أو راف لمسـ...
قاطعني السيد درآكنس ببرود : كلا ! وحده سيذهب و يجلبه , لأن هذا خطأه.. حتى وهو بنصف قوته..
حدقت بـ دآنييل , أنه ليس بكامل قوته.. وقد يتعرض لعوائق..أو...!! لكن تابع سيد الظلام قوله لي : لا تقلقي سيجلبها بسرعة لأجل والدك.. وأن تأخر أو قتل بنصف الطريق سآمر بشخص آخر لجلبها ويجب أن تكون هنا قبل حلول ليل الغد أفضل.. التأخير ليس جيداً...
ثم حدث أبنه ببرود : سأفتح لك منفذاً صغيراً بما أنك لا تملك القدرة لهذا الآن..
لماذا يتحدث بهذه البرودة نحو دآنييل أنه ابنه~.~".. أعلم بأنه خطأنا كلانا لكن.. دآنييل ليس بخير الآن.. يجب أن يساعده أحد..
تحرك دآنييل ليغادر الغرفة , و نظر نحوي سيد الظلام بهدوء قائلا : سيشفى والدك تماما و بسرعة لا تقلقي , حتى لو فشل دآنييل يمكننا جلب الحجارة بسهولة , لكن بنصف قوته هذا عقاب آخر جيد له..
قلت بقلق و أنا لا استطيع النظر نحو عيني سيد الظلام الباردتين : آآه لكن كيف... أعني أين نصف قوته الثاني.. وأيضا...
قاطعني بنعومة : آووه لم تعرفي أنه منحك إياها .. ولكنه لن يقدر على استردادها.. وهي لن تفيدك كثيراً الآن ستتلاشى لأن جسدك لن يستوعبها , فعل هذا بشكل ما.. لكنه ساعدك بلا شك في قتالك أليس كذلك ؟!.
اظهر لي ابتسامة جانبه صغيرة و أنا أحدق به بتجمد , مهلا لا استطيع استيعاب كل ما يقوله.. هنالك الكثير مما قال شديد الاهمية.. أعني .. هل كانت قوة دآنييل من يساعدني ذلك الوقت ولكن كيف... آآه رأسي سينفجر...~.~!!
_ و الآن أنا مغادر , بالنسبة للعلامة التي ظهرت بساقك , أنها لا شيء يؤذي لا تقلقي.. عمتم مساءاً..

أظلم المكان فجأة و حلت رياح باردة لعبت حتى بشعري , ثم عادت الأضواء , و بقيت أنا وحدي في الغرفة...لقد غادر الجميع و لم يشفي أحد فضولي حتى الآن.. هناك خيوط تنتهي بي لكن لا أحد يخبرني بكامل التفاصيل !!

فتحت الباب أريد أن أخرج لأجد الرفاق كي اسألهم أي شيء , لكن طآآخ , آه كدت اقع و أنا اصطدم بصدر ليونارد..
الذي قال بهدوء وهو يمسك مرفقي : أأنت بخير...؟!
_ كلا أشعر ببعض الصداع..!
أومأ برأسه قائلا : لقد وضع سيد الظلام حاجز حول الغرفة لم نسمع ما قاله لك , لكن دآنييل كان هنا..!
أهذا ما حدث !.. قلت و أنا أحدق خلفه لكن لا وجود لأحد : أين البقية ؟!
_ في الأسفل , جئت لأطمئن عليكم.. مالذي حدث تبدين في غاية التوتر...؟!
قلت بقلق وأنا اضع يدي على قلبي المضطرب : دآنييل ليس بخير , أنه مرهق و يقول السيد داركنس بأنه منحني نصف قوته هذا الأحمق حتى أنه لم يقل لي هذا ...!
طرف ليونارد بعينيه ثم قال بهدوء :.. حسنا اعتقد بأن هذا جيد لك..!
قلت بسرعة : آآه لا بالطبع , أنها لن تفيد و ستتلاشى , و دآنييل لا يقدر على دخول ذلك المكان ببساطة ..
_ بالطبع زيادة على كونه نصف بشري...! " تدخل فجأة رافييل و من خلفه الفتيات..
قالت تيرآ بقلق : معها حق ! هذا ليس أمرا سهلا... دآنييل سيكون بخطر , أظافة إلى أن سلسلته بعنق كلآرا..
قال ليونارد ببرود : يجب أن تبقى السلسلة لدى كلآرا حتى تشفى كليا من تحطم عظامها و اعضائها , إذا نزعت منك وأنت لم تشفي كليا ستضعفين و تموتين !
هذا شيء جديد سيء آخر ..!!... نظرت و تحسست عنقي , قلت برعب وارتجاف : لقد اختفت السلسلة !!!
قال رافييل ببرود و ملل : لم تختفي ! أنها بداخلك !!..
طيب يمكنني تصديق هذا ..!!! فهدأت اركز على ضربات قلبي... ثم قلت لهم : ألن تذهبوا لمساعدة دآنيـ...
لم أكمل حتى قاطعني رافييل ببرود : بالطبع لا !. لا شأن لنا بهذا و سيد الظلام لم يأمرنا , كما أنه يعاقب بهذا.
قلت بحده خافتة انتبهت لحركة يد جيني النائمة : لا يمكنه أن يعاقب وهو مرهق و مـ...
قاطعني رافييل مجدداً لكن بعيون حاد : بالطبع و أين لسانك أمام سيد الظلام عندما قال هذا...!
تبا له >< أكرهه رافييل أكرررررهه لماذا لم أقل لسيد الظلام بأنني لا أرغب بوجوده !!...

قال ليونارد ببرود : لننزل للأسفل..
قالت تيرآ : سأبقى هنا.. , وقالت داليا بهدوء : سأدور حول المنطقة سريعا..
ماذا ! أين يذهبن الفتيات و يتركنني ..مع هذا القطب الجنوبي و ليون الذي يبدو بمزاج عكر صامت !
نزلت إلى الأسفل حيث المطبخ وهم يتبعونني , فتحت الثلاجة لأخرج لي بعض العصير قلت لهما من باب الأدب : هل تشربون شيء ما؟!.
أجابني رافييل ببرود من الخلف : ليس هذا النوع من الشراب !.
بينما قال ليون بهدوء وهو يأخذ كأس زجاج فارغ : سأستعير هذا , سأغيب دقائق قليلة فقط..
لا أدري لكنه اختفى بسرعة , نظرت متسألة نحو رافييل , فقال لي ببرود : ذهب لرؤية دآنييل ! ربما سيعطيه بعض من قوته..
قلت و أنا ألتفت حولي بقلق : أجل .. أعني... هو لن...
قاطعني ببرود : لكن سيعلم سيد الظلام بهذا و.. سيغضب من ليونارد وهو أصلا غاضب منا جميعاً , كما أننا يجب أن نغادر قريبا..!
قلت بدهشة : تغادرون ؟!.
رد ببرود : ماذا ! , أتريدين بقائنا هنا إلى الأبد ؟!. ستنتهي هذه الفوضى قريبا و ما أن يفيق السيد موند حتى نغادر , لقد أمرنا بهذا سيد الظلام قبل أن يغادر المنزل منذ دقائق ..!
قلت مأخوذة لا أدري بما أفكر : هل سيكون كل شيء بخير ؟!. اعني لا وجود لـ...
قاطعني مجددا بملل : أجل , فالبوابة الأقرب لهذا المكان قد دمرها رئيسنا الأحمق أعني المحترم بعدما خرجتم بالأمس.. لكنها بعيدة جداً وليس خطراً عليكم أبداً ,أنها لا تفتح إلا بأمر من سيد الظلام !.
قلت بصدمة : دآنييل دمر بوابة !!.
رد علي بحده خفيفة : ربما اعجبه فعل هذه الأمور , لا أدري لما مزاجه حاد جداً ويريد تدمير كل شيء يوصل إلى هنا...
بدأ رافييل يعطيني أخبارا جديدة مريعة صادمة !!... أهذا حقيقي..! مالذي يجري للجميع لقد جنّو !!!
_ ولكن هل السيد داركنس يعلم ؟!..
_ بالطبع علم بهذا ! , اعتقد بأن الوريث قد جن ! , و ربما يجب أن يبحث عن وريث آخر !.
رددت بحده عليه كيف يقول هذا : لا تتكلم عن دآنييل هكذا ! , أليس صديقك ! عليك أن تحترمه أكثر..
قال بملل وهو يلوح بيده و يجلس على طرف الطاولة : كلا لسنا أصدقاء , تجمعنا المصالح المشركة لكن كونه رئيس الحرس أنا احترمه !.
_ إذا كان هذا هو احترامك فـ وفره لنفسك ! " رددت بحده قاسية .
_ استرخي أننا لا نتأذى من مجرد كلمات تافهة مثلك , و تتسبب بتحطيم ختم سيد الظلمة !.
ها قد انقلب يسخر مني ! , قلت : أتمزح معي !. الجميع يتأثرون مهما يكن بما ينطقه اللسان !.و أنت لست استثناءً حتى..!
التمعت عينيه , فقلت ضاحكة أشير إليه : هاه أنظر لنفسك قد بدأت تغضب !.
_ حسنا استمعي يا حمقاء !... لا تعتقدين بأنك تحت حمى سيد الظلام بأمان , لا اعتقد بأن تجربة مرورك من عالم الظلام مرتين هي بالسهلة .. ستطبع بعقلك إلى الأبد..
تنفست بعمق و كأس العصير بيدي و كأنني بدأ أشعر بالبرودة , قلت بهدوء وأنا احتسي قليلا من الشراب و أجلس على أقرب كرسي :
_ لا اعتقد بأني سأنسى أو أحاول حتى , لكن هذا ليس المهم .. ما يشغلني هو...
نظرت نحوه : كيف يمكن لـ دآنييل أن يستعيد قوته أو يصبح أقوى؟!
رفع حاجبيه ببرود وهو يردد بسخرية : يستعيد أو يصبح أقوى !.. هل تمزحين ؟! لا يمكنه هذا !.
قلت بحده : بلى مؤكد بأن هنالك طريقة ..!
_ سيد الظلام بنفسه قال بأن هذا لا يمكن ! , لقد سلمها لك و أنت أضعتها , بلهاء !!
كيف يشتمني ببساطة هكذا, قلت له بحده : توقف عن السخرية مني و إلا سأطردك خارج منزلي ولن أسمح لك بالدخول..!!!
قال ببرود وهو يتأمل قبضتي التي أهزها أمامه : طيب , رغم أنك مضحكة بالفعل !.
قلت له ببرود : و لكن لا أذكر بأنه اعطاني القوة.. أعني .. هناك أمور مشوشة...!
رد بلا مبالاة : مؤكد بأنه قام بفقدك الوعي.. ذلك اللعين يجيد التحرك بالخفاء , لا أصدق بأن سيد الظلام لم ينتبه لتحركاته و نحن سخر منا و قال بأن السيد موافق !. لقد خادعنا جميعاً وأنت مشتركة في جريمة تشجيعه..!
لا يهمني .. شربت العصير بالكاد , لقد اصيب دآنييل بالضعف لأنه أمدني بقوة, لكن مع هذا أنا أصبت بالكثير , ولا يمكنه هو استرداد قوته وهي ستتلاشى .. و الآن مالذي بيدي لأفعله.. لقد ظلمته قبلاً ~.~ و اشعر بالذنب الشديد نحوه و نحو هذه الفوضى التي حدثت و بسببها والدي بحث عني إلى هناك..

دآنييل لم يتركني قط و قام ما بوسعه لمساعدتي , مع أنني أجهل كيف , أهو ذلك الشيء الخفي الذي كان يمسك معي السيف و يدعمني...! آآه , كيف فعل هذا بعدما سلمني القوة.. ؟! كان علي أن أتحدث معه لكنه غادر سريعا...
...لكن أنا حقا فقدت وعيي بفترة ما قبل أن أدخل عالم الظلام...! مالذي حدث ؟, حتى قلبي يضخ الدم بقوة متوتراً..
جرعت كل العصير و انتابني التعب والنعاس من كل ما يحدث قلت له وأنا أنهض : متى تعتقد بأنه سيعود ؟!
رد ببرود : ربما سيقع في مشكلة أو يقتل , لا أضمن أي شيء.. و لن أتحرك حتى يأذن لي سيد الظلام..

لم أرى ليونارد , لكني صعدت للأعلى و تلحفت بغطائي بعدما ألقيت التحية على تيرآ ثم غبت في نوم عميق متعب تتخلله أحلام غريبة و أصوات غير واضحة ... اعتقد بأني سمعت رنين جرس طفيف في مكان ما... واعتقد بأني رأيت دآنييل يقف بعيدا هناك .. هل يمكنني الكلام معه.. حتى لو بالأحلام...؟!



__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس