الموضوع: وريث الظلام
عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 02-17-2018, 03:59 PM
 
(( الحراسة وحرس البوابات ! ))

(( الحراسة وحرس البوابات ! ))


احاطني والدي بذراعه خلف ظهري و جلسنا على السرير .., و لكن انظمت لنا والدة دانييل دون زوجها , نظرت نحو الشابين نظرة ذات معنى , فرأيت ليونارد و دانييل يغادران بهدوء ...
أما السيدة فسكبت لنا بعض العصير . .
و جلست على الكرسي أمامنا , بعد أن شكرها والدي و تبادل بعض الكلمات المهذبة معها قالت هي بلطف :
_ نريد أن تبقى كلارآ هنا الليلة إلى حين أن يصل بعض الأشخاص الذين ننتظرهم .
سأل والدي بهدوء وهو يمسح على ظهري : فقط ليلة واحدة ثم تعود للبيت ؟.
ابتسمت : أجل , لقد اكتشفت كيفية تشغيل دائرة الحماية سيد موند .. زوجي مستاء جداً مما حدث , لكن الآن نحن نقوم بوضع خطة محكمة .. حرس البوابات تلقوا الإنذار. لقد قابلت فعلاً تيّرآ و ليونارد ..
أجاب والدي : أجل , لقد جئت معها , أنها شابة حاذقة جداً .. لكن ..
و نظر نحوي وهو يقربني منه بحماية قال : ستحمون كلارآ بكل قوة , أليس كذلك ؟!. بينما أنا أكون عند جيني...
حدقت بـ أبي , بينما قالت السيدة فلور بكل ثقة : بالطبع , أنا الآن اعتبرها كابنتي , كما أن زوجي مهتم جداً بسلامتها , وسيكون دانييل معها طوال الوقت ..
قلت بتوتر : آآ .. وو .. ولكن ماذا عن والدي و جيني و.. المنزل لقد...
ردت علي بلطف : لقد نمت لثلاث أيام عزيزتي , وقد تولينا الأمر .. كما أن ليونارد و تيّرآ يصطحبان جيني الصغيرة و والدك السيد موند طوال الوقت .. لا يمكنهم ترك المنزل هناك فجأة , لكن الآن اصلحنا أهم الأمور .. بقي فقط أن تشفي أنتِ عزيزتي..
حدقت بها قليلاً , ثم إلى والدي الذي قبل رأسي وهو يقول يطمنأنني : نامي بأمان الآن حبيبتي .. سأراك غداً .. كل شيء سيكون على ما يرام ..
همست : أبقى قربي لحين أن أنام ..
ظللت أمسك بيد أبي كل الوقت حتى داهمني النعاس و نمت بعمق , وبلا أحلام أو كوابيس ...
استيقظت فجأة و حدقت بالسقف , هه الجو هادئ جداً بمنزل كبير كهذا ... كما يبدو .. كما أنني اسمع صوت البحر بعيداً...!!
وقفت ببطء و مشيت إلى الباب , فتحته بهدوء و أنا اتساءل .. هل أبدو متطفلة ؟!. لكني أملك ملايين الأسئلة و احتاج لرؤية شخص يستطيع اجابتي .. كتلك السيدة الجميلة ...! نعم سأبحث عنها .. فـ دانييل من المستحيل أن ينطق بشيء...
و ليونارد كما أعرف عند والدي و جيني ...
مشيت خطوتين فقط خارج الممر ثم تسمرت ... سمعت أصواتاً خافتة .. فنظرت بقلق و قلبي يخفق بقوة فجأة ...
كان ذلك الرجل والد دانييل .. لا أدري مااسمه .. أو ربما سمعته و نسيت .. صوته الهادئ العميق مميز جداً... و قد عرفت صاحب الصوت الآخر أيضاً ...
انصت بهدوء , فأنا لم أقصد التطفل .. لكن قدماي لم تقدران على العودة للغرفة ^^"..!!
_ داليا و رافييل قادمان الليلة .. سيمهدان الطريق , الصبية تحتاج للحماية حتى من الصدمات النفسية...
_ أجل يا والدي ..
كان صوت دانييل خافتاً مؤدباً , و لا يبدو سعيداً... لذا استرقت النظر أيضاً... آآوه والده بهي الطلعة وذو تجسد جميل , كما أنه يرتدي الأسود كلياً وبلا معطف هذه المرة , تبدو عضلاته واضحة من تحت القميص مرفوع الأكمام مع أنه مسترخٍ ...
بينما دانييل يلبس تيشرته الذي بالأمس ويبدو هادئاً جداً و عابساً قليلاً و شعره الداكن غير مرتب تماماً ... لم استطع رؤية ملامح والده .. آحم آحم والده يوصيه علي ^.^!!...
_ أريدك أن تراقبها و تقوم بحمايتها طوال الوقت .. ليونارد و الآخرون سيتناوبون على حماية السيد موند و الطفلة , لكن كلآرا تحتاج لحماية من نوع آخر .. أنت تعرف ما أعني دان , أليس كذلك ؟!.
_ أني أفهم هذا أبي .. لكن , لا أريد حمايتها .
صدمة ×.×...!!!
ماذا يقول هذا الغبي !!!... آآآه ... ومالذي سيحدث لي ان لم يحميني *()*"...!!!
_ حقا ! , و لمـاذا ؟!.
سأله والده بكل هدوء , و حدقت أنا به بكل عصبية >.< ... هذا الولد ال....
رد ببطء : يمكن لـ ريفر أو ليون أو حتى تيّرآ حمايتها و أنا سأتدخل فقط عند الضرورة ..
فكرت بعبوس , ومن يظن نفسسه هه أنه قوي جدا أم أحمق جدا...!!.
_ أنهم أقوياء و يقومون بواجبهم على أكمل وجه , مع هذا .. أريدك أن تكون معها , نوع الحماية الذي توفره لا يصلح لوالدها أو للطفلة , بل لها ...
همس دانييل متذمراً : يالا الحظ ...!
_ أنها هي المسكينة هنا ! , ولأنها تملك البوابة التي تستطيع السيطرة عليها .. كن سيداً مهذباً معها , و كذلك بقية الحرس , لا تثيروا اعصابها , و إلا فسوف يكسر ختم البوابة الذي وضعته مؤقتاً لها ...
كان دانييل ينظر بتركيز إلى والده و عيناه بلون العسل الداكن ...
أكمل والده بنبرة هادئة غريبة : ....و إذا كُسـر .. فـ سوف أكون مستاءاً جداً .. وهذا ليس أمراً جيداً , أليس كذلك ؟!.
فجأة وافق دانييل بهدوء : سأحميها بنفسي...!
وضع والده يده على كتفه و قال بنعومة : أشكرك... سأذهب الآن ..
شهقت و تلفتُ حولي , ثم بسرعة إلى غرفتي... حمدا لله أن قدمي سليمة جدا الآن يااي اصبحت اركض برشاقة ^.^"...
جلست مؤدبة على سريري ... أفكر بما سمعته ... إذن والده قام بوضع مااسمه ؟!... آه ختم على البوابة الموجودة بي حتى لا تمر تلك الوحوش البشعة المنظر و الفعل عبري... و هناك أشخاص آخرون أيضا... حراس لحماية البوابات ... و لكن ...
أهم شيء و أسعد شيء... هو أنهم لن يغضبونني أو يحزنونني و سيكونون مهذبين معي ^()^.... واااااووو ... هذا حسن , الآن ذلك المدعو دانييل سيتلقى تأديباً شديداً في تعلم الاساليب الجيدة في التعامل ... آفف دائما ما يجرحني و حان الوقت الآن ليكون مؤدباً معي ...
فجأة طرق الباب فكدت اضحك من شدة فرحي .. لكني تماسكت وقلت بهدوء : ادخل ..
دخل دانييل و قد بدل ثيابه لـ قميص فاتح وقد شمر عن ساعديه و بنطال رمادي فاتح و بين يديه صينيه الإفطار ...
وضعها أمامي و قال ببرود وهو يرمقني بنظرة غريبة : هيا تناولي افطارك .. والدي يريد ان يتحدث معك لاحقاً , وهناك بعض الأشخاص يجب أن ترينهم...!.
مؤدب هاه ! , أنه يتأمر علي .. وكأني خادم أو ماشابه .. انتظر حتى أرى والدك و اخبره عن تلك الأيام السوداء ..
_ ولماذا تحدقين بي هكذا...!
رددت بحقد دفين : لأنك كريه ربما !!. ليتك مثل أبيك ...
تغير لون عينيه سريعاً من الرمادي البارد إلى العسلي المشتعل وهو يكرر ببطء
_ كريه !.
تراجعت بجسدي للخلف بقلق .. ربما سيلقي بتعليمات والده عرض الحائط و يقتلني هنا...*.*"...
لكن فجأة قال بهدوء مع أنه عينيه لا تزلان تلمعان : كوني فتاة طيبة و تناولي إفطارك .. سأخرج قليلا , لكن أن اردتِ شيئا نادني و سآتي حالاً...
تحرك خطوة للخلف .. لكني قلت سريعاً : مهلاً...
توقف و نظر نحوي ... فسألت سريعاً : هل سيأتي ليونارد اليوم ؟!.
حدق بي لثانية قبل أن يقول ببرود : لا .. هو عند والدك و اختك .. سيأتون أشخاص آخرين .
فصمت أنا افكر بالمجهول ... لكن فجأة قاطعتني نبرته الساخرة : آآوه لا تحبطي هكذا , سترينه لاحقاً...!.
تغير وجهي و أنا أحدق به , قلت بحده : أخرج فقط من فضلك...!
مع أن نبرته ساخرة و باردة إلا أنه دائما يحافظ على عبوسه ... بوجهي فقط ... آفف ما هذا الشخص ؟!!.
حاولت الاسترخاء و تناول بعض الطعام , ثم وقفت أمام النافذة أحدق بالبحر ... لا أدري أين نحن ...! لكن المنظر هنا خلاب جداً اعجبني للغاية . الشاطئ الأبيض جميل جداً و السماء رائعة , لم أرى أي شخص أبداً يتمشى .. و بدا الجو هادئا و مسالماً جداً...
_ هل اعجبك المنظر ؟ , تعالي لنتمشى قليلا خارجاً ..
التفت عندما سمعت الصوت الرقيق و ابتسمت لأم دانييل و هززت رأسي موافقة .. خرجنا معاً , و كنت أتأمل المنزل , لم يكن فخماً جداً , لكنه واسع , و حديث الطراز و هادئ الاثاث و لطيف الرائحة .. باختصار كان المنزل رائعاً ينم عن الدفء ..!
تمشينا جنباً لجنب و احذيتنا بأيدينا و اقدامنا في الرمال الدافئة .. كنا صامتتين نستمع فقط لصوت الموج و النورس .. ابتسمت براحة شديدة و تنشقت الهواء .. و اخيراً بعض الهدوء و الجمال والضوء ... راقبت قدمي التي كانت مصابة في يومٍ ما .. تبدو بألف خير ... رغم أني أخشى انتكاساً ما .. لكني متأكدة بأننا سنجد حلاً ...!
_ هل نجلس قليلاً ؟!
سألتني بلطف , فقلت موافقة : أجل ..
جلسنا أمام الشاطئ ننظر للبحر مد البصر ... قالت بهدوء : حري بك أن تستلقي حتى يزول أكبر قسم من التوتر , أنا أحب أن أفعل هذا ..
استلقينا معاً على ظهورنا , و ضحكنا قليلاً ونحن نتكلم عن الجو الرائع و نعلق على أشكال الغيوم اللطيفة ..آوه ما أجمل والدته , أنها ملاك ~
بعدها اتكأت على ذراعها و اقترحت : تعالي لنأكل بعض الفطائر بالفراولة التي أحضرها بمهارة شيف عالمي !.
وقفنا في المطبخ العصري الجميل , و أخرجنا طبق الفطيرة ذات الرائحة الرائعة ... تنشقت الرائحة .. و طافت ذكرى بعقلي .. شاهدت أمي ... وهي تحضر طبق فطيرة أيضا .. لكنها فطيرة توت و مربى الفراولة و التفاح ...
ألتمعت عيناي و أنا أتذكر يديها .. ثم صعودا إلى وجهها الضاحك المشرق .. تنصحني بأكلها كاملة .. و لأنني أنا لا أتناول سوى لقمة أو اثنتين .. فأنا لا أكره المربى لكنه ليس المفضل لدي ..!!
_ كلآرا ؟!.
نبهني صوتها الناعم بهدوء .. فمسحت دموعي بسرعة و قلت دون أن أنظر إليها : تبدو لذيذة ..!
يبدو بأنها لاحظتني , قالت بنبرة حنونة : استرخِ فقط حبيبتي .. كل شيء يسير دائما في طريقه إلى الإصلاح .. الجيد يبقى جيداً حتى النهاية و السيء ينال جزاءه العادل آجلاً أم عاجلاً !.
غمغمت : معك حق ..
_ هل تبقى قطعة لي ؟!.
كنت أقضم قطعتي ولم التفت للمتكلم .. قالت السيدة فلور بحنان : بالطبع لك قطعة عزيزي , تعال...
اقترب دانييل بهدوء و وقف بالجانب الآخر للطاولة الرخامية الباردة .. و مد يده ليأخذ قطعة بنفسه وهو يشكر أمه .
رفعت بصري و تبادلنا التحديق ... علاما يحدق هذا ال ... الغير مؤدب ...!!
قال فجأة لي و عيناه الرماديتان لا تطرفان : إن انتهيتِ هناك من ينتظرك ..
تركت ما بيدي و قلت بهدوء للسيدة متجاهلة كلياً ذلك الولد : لقد انتهيت ..
أنه لا يريد حمايتي لما يرغم نفسه على هذا .. و لمَ لا يريد أصلاً ؟! .. أنا لم أفعل له شيئا سيئا .. مهما يكن !.
ابتسمت لي أمه و قالت وهي تضع ذراعاً خلف ظهري : هيا بنا كلآرا...
دخلنا في الردهة الواسعة .. و رأيت بضعة ظلال واقفة في الظلام , ثم أضاء الجو أكثر بشكل مفاجئ .. رأيت والد دانييل يقف في الطرف البعيد و يده على أريكة فاخرة بينما يلبس الأسود .. فتاة ذات شعر أشقر قصير , كانت بغاية الجمال , بملابس أنيقة , وابتسامة خلابة ... فتاة أخرى ببدلة سوداء كلياً و شعر أحمر جداً و قصير حتى أذنيها وهي صامتة جدا تتأملني .. و فتى شاب غريب للغاية و مخيف بنظرات عينيه الدموية .. و ملابسه السوداء و تجهمه الغريب .. كانوا جميعاً معاً يحدقون بي ...
قال دانييل من جانبي وهو يشير إلى الشقراء : هذه تيّرا !..
و أخيراً تيرا ! التي يذكرها الجميع ... صديقه ليونارد !!... أنها جميلة جداً و كأنها من عالم الجنيات ..لكنها تبدو لي مغرورة قليلا !
_ وهذه داليا , و ذاك هو رافييل ... هذه كلآرا بالطبع !.
اشار نحوي بملل بيده , فرفعت أحد حاجبي .. لا يزال متعجرفاً , ليتني اكلم والداه عنه و عن تصرفاته تجاهي .. أنه يعتبرني حشرة يجب التخلص منها !!...
_ هذا لك !.
تحدث المدعو رافييل بصوت كالجليد وألقى إلي بعصا فضية صغيرة , فلتقطتها مبهورة ... آوه هذه العصا التي شهدت المعركة ...!! ضربت بها أحد أذرع الوحش فانقطعت .. لا أدري كيف فقدتها . و كيف وصلت إليه !.
همست بضعف : كيف.....!
_ وجدناها فقط .
فجأة تحدث والد دانييل بهدوء عميق اخترق الصمت : هل رأيتم هذه الفتاة أمامكم ؟! , جيد .. أني أريدها سالمة تماماً بلا أي أذى أو خدش .. أريدها أن تبقى على مدار الثوان تحت نصب أعينكم .. و إن ... حدث خلل ما .. فسيعاقب المسؤل على يدي , يجب أن تبقى كلآرآ سالمة !.
كان عيناه تلمعان في زاوية العتمة التي يقف بها .. و بدا الجميع مصممين جداً فجأة وهم يثبتون أعينهم علي جيداً .. أعتقد بأن أوامر هذا السيد "المخيف" صارمة جداً...!! و لكني ارتحت بعض الشيء .. لن يظهر الشبح أو الظل مجدداً إلا سيواجة هؤلاء المرعبين ..!!
أكمل السيد بعد ثوان من الهدوء , بصوت رقيق أكثر : ستذهبين بالطائرة إلى بلدك , لا يمكننا نقلك ببساطة بطريقتنا الخاصة , أنتِ الآن .. كما يقولون مطلوبة بشدة في العالم الآخر ..
استغرقت ثانيتين بطيئتين حتى استوعب أنه يتحدث إلي , فنظرت إليه بتوتر .. ثم شاهدت شبح ابتسامة منه .. قلت بحرج :
_ آه , مفهوم !.
شعرت بيد دافئة على كتفي , و همست والدة دانييل : ارتاحي فقط لا تتوتري , غدا فجراً تبدأ الرحلة , ستستغرق فقط ثلاث ساعات و سيكون معك هؤلاء الصحبة , دانييل و رافييل و تيرا و داليا كلهم متهمين بك ..
قلت و حنجرتي جافة من التوتر : أجل..

لم يتحدث معي أحد اصطحبتني والدة دانييل فقط لغرفتي بعد أن تناولنا أنا و هي و دانييل العشاء في المطبخ و لا أدري إين اختفى البقية ... تمنت لي ليلة طيبة .. و قالت بأن التذكرة و بطاقاتي الخاصة كلها في حقيبة سوداء صغيرة فوق الطاولة .. كما أنهم قد جلبوا لي قميص آخر و بنطال و معطف طويل أبيض !.
نمت بعق شديد , حتى هزتني يد ما ... فتذمرت , أريد النوم أكثر .. فأنا أشعر بالتعب ..
_ كلارآ أفيقي لقد تأخرنا !!
فتحت عيناي بثقل ولم أرى سوى الظلام .. لكن صوت دانييل اخترق أذني مجدداً بحده : كلآرا !!!!
حككت عيناي بسرعة و توتر , قلت بضيق : لقد أفقت .. لقد افقت لا تصيح هكذا ..!!
ضربت زر الأضاءة بجانبي .. و رأيته يقف مرتديا الجينز الأسود .. حرك يده بنفاذ صبر : هيا بسرعة بدلي ثيابك سآخذ حقيبتك معي .. نحن بالأسفل ننتظر , يمكنك فقط شرب فنجان قهوة !!
و خرج بسرعة و بيده حقيبتي السوداء .. غسلت وجهي و سرحت شعري بيدي و لففته ثم ارتديت الثياب التي جهزت بالأمس و أمسكت المعطف الأبيض الثقيل بيدي ..
هبطت الدرج بسرعة , و وجدتهم مجتمعين بالأسفل .. كان هناك والديّ دانييل أيضا... حيتني فلور بقبلة على وجنتي و تحية صباح لبقة جميلة .. بينما الجميع صامتين بوجهي .. احسست بأني فرد غير مرغوب فيه ما عدا تجاه السيدة الجميلة !
قال والد دانييل بهدوء بارد بينما أشرب أنا قهوتي بسرعة جالسة على كرسي المطبخ :
_ سيكون كل شيء بخير .. أنا لا أحب أن تحدث المفاجئات !.
فكرت بنفسي .. تجمعنا هذه الصفة يا سيد آرثر .. فأنا أيضا أمقتها بشدة مهما كانت !!.
كانوا متحملقين حولي , ثم خرجنا الى المرآب , و معنا والدي دانييل أيضاً .. فتح لي المدعو رافييل الباب الخلفي .. فجلست بارتياح في سيارة رياضية سوداء لا أدري ما هي ... جلست بجاني الفتاة ذات الشعر الأحمر "داليا" بصمت .. و جلست في المقعد الأمامي تيّرا ... ثم السائق .. دانييل .. سمعت حركة في الخلف .. فلتفت .. كان رافييل يركب سيارة آخرى صغيرة زرقاء اللون ..
ودعتني فلور بابتسامة جميلة .. فحييتها بحزن لفراقها , فقد كانت رائعة جداً معي و هي طبعاً الأكثر بشرية هنا , لقد ذكرتني قليلاً بأمي ... فتنهدت بحزن و نحن ننطلق و الشمس لم تشرق بعد .. حسدت هذا المدعو دانييل .. لديه كلا والديه , و هذا الثراء , و القدرة , و حسنا لديه الجمال .. وسيم للغاية .. وفوق كل هذا يتصرف و كأن الحياة لا تعجبه !.
وصلنا للمطار و نزل الجميع .. سلمت بنفسي التذكرة و بطاقتي الخاصة , بينما يقف خلفي دانييل و المدعو رافييل هذا .. و بعيدا قليلا الفتاتين الصامتتين ..
صعدنا الطائرة كأي ركاب عاديين .. مع أنني أعلم بأن ولا واحد من رفقاي هؤلاء طبيعي ..!!
قررت أن أكمل نومي بالطائرة , و شعرت بسعادة رهيبة عندما كان حجزي باسم السيد داركنس والد دانييل بالدرجة الأولى !!
استرخيت بمقعدي , لكني تشنجت فجأة عندما جلس بجانبي دانييل .. و أمامي داليا و رافييل و خلفي تيّرا ... شعرت بأننا عصابة ما !.
لم ألقي نحوه ولا أي نظرة ولا بالاً ... أغمضت عيني و تنهدت بتعب معنى لا تزعجني ... ثم نمت بضيق قليل ...
_ كلآرا ... هيه !!
همست بانزعاج : آووه ~~" ... لا .. ابتعد ..
_ هل هي تحلم ؟!.
قال شخص ما , رددت بهمس متضايق دون أن افتح عيني : لا .. أنت تزعجني .. أريد النوم !.
_ لا سنصل قريباً , افيقي حتى تتناولي الطعام ..
شعرت بقبضته القوية على ذراعي , فأفقت بغضب .. وحدقت بهم .. اعتدلوا كلهم في اماكنهم و حدق بي دانييل بعيون رمادية باردة .. أشار على صينية الطعام بجانبي وقال :
_ يجب أن تأكلي .. هيا كلي ..!
قلت بضيق : سآكل فقط اصمت ..!!
رأيت ألتماع الغضب بعينيه ... لكنه صامت خخخ !!.. لا يستطيع ان يتشاجر معي .. على العموم هو المخطئ .. أنه لا يكف عن ألقاء الأوامر علي حتى و أنا نائمة ...
أخذت آكل بلا شهية .. ثم راقبت السحاب الأسود الثقيل من النافذة بجانبي طوال العشرون دقيقة المتبقية .. لم أعرف حتى الآن المنطقة التي كنا بها .. التي كان بها منزل عائلة هذا المتعجرف ..
ظهر صوت الكابتن يطلب منها أن نضع الأحزمة لأجل هبوط الطائرة , كانت السماء تمطر مطراً خفيفاً لكن الجو معتم جداً و كأننا قرب منتصف الليل ..
عبثت كثيراً بالحزام و لم اقدر على ربطه بسبب يديّ المرتجفتين ربما استشعرت البرودة , قام دانييل بصمت بمساعدتي و أنا لم اشكره !.
حمل حقيبتي و عند نزول الركاب طلب مني بهدوء غريب : ارتدي معطفك ..
كنت أمسكه بذراعي , ففعلت بكل برود و بلا أي كلمة , نزلنا نحن الخمسة معاً يقودنا رافييل و دانييل بجانبي دائما أنه لا يحاول أن يتأخرني أو يسير أمامي ... لا شك بأن والده طلب منه هذا...!
سرنا خارجاً .. و فاجئتني الرياح الباردة .. و قبل أن أفعل أنا قام دانييل مجدداً بزر معطفي حولي جيداً و رفع قبعتي فوق رأسي !
لا أذكر جيداً متى كان بهذا القرب معي , تصرفاته المؤدبة هكذا تجعله أكبر من عمره بعدة سنوات ! , يجب أن اعترف أنه وفي جداً و مخلص بعمله .. فعندما يقوم بفعل شيء فهو يبذل جهده , لقد أخرجني من حفر عالم الظلام الواحدة تلو الأخرى و أنا فوق ظهره .. و تركني استريح قليلاً مع أن الوضع لا يسمح و لا يساعد بهذا ..
نظرت إليه متعجبة لكنه لم ينظر نحوي .. يروقني صمته و هدوئه .. بدا كسيد مهذب حقاً !.
مشينا معاً بسرعة تحت المطر و كانوا يقودونني إلى سيارة داكنة واقفة جانباً .. فتحها رافييل بسرعة و قفز لمقعد السائق .. جلست داليا في المقعد الأمامي و تيرا من الخلف .. جلست أنا مرغمة بالمنتصف و دانييل دخل ليجلس بجانبي ..
جررت نفسي بحذر لألتصق بـ تيّرآ بعيدا عنه و جسده البارد هذا .. انطلق رافييل بسرعة مخالفة , فكدت أذكرهم بأن المطلوب حمايتي و ليس قتلي ..!
فجأة همست لي تيّرآ بلطف هادئ : اهلاً بعودتك للديار .. استرخي فقط لا يوجد ما يقلقك !.
نظرت بعينيها اللتين بلون الزمرد الأزرق الغريب , همست شاكرة : .. أجل .
كنت أفكر فقط و أنا أسمع صوت المطر على السيارة السريعة بأنني أخيراً سأرتمي بين ذراعي والدي و أعصر جيني حبيبتي بين ذراعي ..
توقفنا أمام منزلي المضاء و رأيت خيال أبي يقف خلف نافذة الباب يفتحه .. نزل دانييل سريعاً و كذلك البقية وأنا من فرط استعجالي كدت اتعثر و أقع أمام الجميع .. لكن حمدا لله لم يحدث هذا ..
هرعت لأبي بسرعة وهو يمد ذراعيه لي .. ضممته بقوة .. آووه أبي .... لا شك بأنه مرعوب بسببي ..!
تمتمت بذنب : أبي هل أنت بخير ؟!.
عانقني بقوة : أنا بخير جميلتي ! , المهم هو أنتِ .. يا حبيبتي أنتِ تسيرين مجدداً !!.
قلت لاهثة من فرط الحماس : أجل .. أبي , أين جيني ؟!.
_ في الداخل حبيبتي .. تعالي هيا .. من فضلكم أدخلوا ..
احاطني بذراعه يقربني لقلبه .. راودني احساس رهيب فضيع مرعب تجاه أن كل شيء سيء يهدف لأذية أبي ..! يا رباه لا لن افقده مهما كان الثمن .. سأحميه ..!
دخلنا للردهة و وجدت ليونارد يقف و يحمل جيني بين ذراعيه .. رأتني الصغيرة فهللت بسعادة : كلالا .. كلالا !!
اقتربت بسرعة منه و أنا آخذ جيني من ذراعه بحماس .. ضممت الصغيرة الناعمة بقوة اقبلها بخوف .. فضحك ليون من خلفي و قال يطمئنني وهو يضع يده على ذراعي : هدئي من روعك , فهي تشعر بأنك خائفة !.
نظرت إليه و قلت بتوتر : آوه .. أنت محق ..!
عندما انتبهت للجميع يحدقون بي .. قلت بتوتر و أنا أنظر لأبي بجانبي : أبي .. هل تعرف بأن ...
ضاق جبينه و قال ببطء وهدوء : ربما اعرف بما فيه الكفاية .. ارتاحي صغيرتي.
تحدث دانييل فجأة : سنكون هنا دوماً سيد موند , نحن سنحميكم من المتمردين الظلاميين , خاصة كلارآ , سنرافقها بالتناوب إلى المدرسة أو أين مكان آخر .. لكن أنا سأكون معها دوماً .
قال والدي : لقد حدثني السيد دراكنس و قام بوضع حماية حول المنزل , لكن أنا اثق بكم .. و أفضل أن تقيمون هنا معنا !.
حدقت بأبي ثم بالفتية هؤلاء الغريبين .. بأي وضع آخر سوف أرفض بقوة أن يكونوا على مقربة منا !! أنهم مثيرون للقلق و التوتر و الريبة .. ألا يرى والدي بأنهم أقرب إلى مصاصي دماء و وحوش متحولة .. اصبحت محترفة بهذا ~~" ...
لكن ربما .. سنرى على مر الأيام ..
وقفت عند نافذة غرفتي منتصف الليل لا اصدق بأن دانييل بالغرفة الأقرب لي في هذا الطابق .. و البقية في الأعلى .. ليونارد و رافييل معاً بغرفة الضيوف ,
تيّرآ و داليا في غرفة الضيوف الآخرى بالأعلى .. لكن في الواقع لأحد بغرفته .. الجميع يتمشون خارج المنزل و داخله و حولي أيضاً ..
أعرف بأن ذلك الولد الغير لبق يقف خلفي تماماً و أنا أراقب ليون و تيّرآ يتمشيان ببطء و مراقبة حول المنزل ..
.
أنهما صديقين كما أعرف سابقاً لكنهما يتحدثان قليلاً فقط أمامي ..!
_ لقد قارب منتصف الليل , و منذ ساعتين قلتِ لوالدك بأنكِ ستنامين الآن !.
كان صوته خافتا لكن بارد و متهم .. رددت بهمس : لن اذهب للمدرسة غداً .
وعيناي مشغولتان بمراقبة الظلام و الشخصين الصامتين الذين يتمشيان فيه .
جاء صوته الضجر من خلفي : توقفي عن النظر إلى ليون و ركزي معي .. لأنك ستذهبين للطبيب لوك غداً...!
التفت أحدق به وهو يقف في العتمة .. لم يكن هناك شيء واضح أبداً حتى عينيه قاتمتين ..
قلت ببطء و برود منزعجة من مقاطعته لي : أنظر لقد ناقشنا هذا قبل ساعات قليلة !.
_ لكن تلك الحلول غير مقنعة .. نحن و والدك تابعنا النقاش بعدما ذهبت للعب مع جيني !.
شعرت بالحرج قليلا و كأنه يتهمني مجدداً , لكني اشتقت لصغيرتي جيني كثيراً ... أكمل هو ببرود قادم من ركنه المظلم :
_ رافييل سيرافقكم بسرية معي .. و بقدرته الخاصة سيقنع الطبيب .. لقد ذهبت مع والدك لشاطئ ما .. و سبحت قليلا .. و بمعجزة جميلة تحسنت فجأة خلال الثلاثة أيام تلك , فأصبحت قدمك متعافية تماماً ..
قلت بتوتر و خجل : لكني لا اسبح منذ زمن .. لقد نسيت ..!
حرك يده بملل و رد : لقد تعلمت مجدداً , لا تعقدي الأمور بسخافة فوق تعقيدها !.
حدقت به بحده : بسخافة ! لا تنطق هذه الكلمة , يمكنك أن تكون أكثر هدوئا معي !.
رد مع صرير أسنان مخيف : صدقيني أني أبذل جهدي!.
ابتلعت لعابي و هرعت إلى باب الغرفة ... سألني بضيق : إلى أين ؟؟!!
قلت و أنا أخرج : إلى أبي .. أريد النوم عنده ...!
_ لا يمكن أن تكوني جادة !!
و قطع جملته وهو يلحق بي بانزعاج .. لكن تقابلنا أنا و والدي على الدرج .. كان هو قادماً لرؤيتي .. ضمني قليلا بحنان
قلت بسرعة : أبي .. أريد النوم عندك...
_ حسنا صغيرتي , تعالي ..
التقت نظراتي مع نظرات دانييل , و بدا حقد رهيب بعينيه ... مابه ؟!. أنا لا أفعل شيئا خاطئ .. أني أبحث عن الدفئ بينما هو لا يجلب سوى البرودة !! .
كان السرير كبيراً و نمت بقرب جيني و والدي يمسح علينا بحنان , كنت نائمة كالأطفال بعمق و راحة شديدة ..
افقت فجراً , ولم أجد أبي بقربي , ولكن جيني بقيت نائمة .. نهضت و سرت إلى الأسفل , كنت اشعر بأن جسدي كله على ما يرام و لا يوجد ما يخيف ..
هبطت الدرج و أنا اسمع ثلاث أصوات تتحدث ..
عندما اصبحت بمنتصف الدرج , رأيت دانييل و ليون و تيّـرآ .. لا أدري بما يتهامسون لكنهم توقفوا و أخذوا يحدقون بي ..!
قلت بسرعة : أين أبي ؟!.
أجابني ليون بهدوء : أنه يجري مكالمة مع الطبيب لوك في الردهة ..
تدخل دانييل قائلا بنبرة متعجلة قليلاً : هيا تعالي لتتناولي افطارك ..
كنت أنزل خطوتين لكنه تقدم مني و أمسك برسغي ثم أخذ يقودني إلى المطبخ و الكل خلفنا .. جلست على الكرسي و قلت بضيق خفيف هازئ :
_ رغم أني أدل الطريق للمطبخ لكن أشكرك !.
_ هيا كلي هذا و كفي عن الكلام ..!
و وضع صحن الشطائر أمامي .. ثم قام و سكب لي بعض الحليب الساخن الذي جهزه أبي بلا شك ..
نظرت نحو ليون فهز كتفيه ببرود .. بينما قالت تيّرآ بمرح لطيف ونبرة جميلة : تبدين أفضل هذا الصباح , هل نمتِ بلا كوابيس كلآرا ؟!.
ابتسمت لها , و أومأت قائلة : أجل .. أفضل من النوم في غرفتي حيث البرودة...
قلت جملتي الأخيرة و أنا أرمق دانييل الذي كان يراقبني ببرود ..!
ابتسمت تيّرآ بشكل ذا معنى ثم غادرت ..بعدها بدقيقة غادر ليونارد . بقيت اتناول طعامي بصمت ثقيل لا أدري لم الدقائق تمر ببطء هنا ..
دانييل كالتمثال بلا حركة و بلا صوت يقف قرب الثلاجة ينظر باتجاهي ..
دخل والدي فجأة وهو يقول بسعادة : صباح الخير حبيبتي...
و قبلني على رأسي ثم سحب كرسيا ليجلس بجانبي , قال محدثا دانييل : أجلس داني هل تناولت شيئا ما ؟!.
_ شكراً سيد موند , لقد أكلت بالفعل ..
نظرت نحوه جيداً , كان يبدو أكثر شحوباً مع انطفاء اللمعان في عينيه و بدا غارقاً في الفكر و مشغول البال ..! شعرت بالغرابة نحوه لكني لم افكر به كثيراً ..
بعد الإفطار ذهبنا إلى المستشفى حيث عيادة الطبيب لوك ..
كان معنا رافييل و دانييل فقط .. جلبنا جيني أيضاً لأن لديها موعد للتطعيم ..!


تفاجئ لوك مني كثيراً بالطبع و سرّ أيضاً بتحسني .. صافحني بحرارة و أجلسني و قدم لي القهوة ثرثرنا كثيراً عني أنا و كم كنت معجزة و لدي أرادة ما كما وصفها الطبيب... لكني لا أرى هذا ... بالطبع لقد عالجني والد دانييل فقط .. اصابتي لم تتحسن بسبب البوابة .. و الآن أنا بخير لأنها اقفلت .. و لا أدري مالذي سيحدث بعد ..
فحصني جيداً مجدداً ثم ليطمئن أكثر اعطاني موعد أخير لنهاية الأسبوع .. واقفت على هذا و كذلك بدا أبي مسروراً...
في غرفة الأنتظار بالاسفل .. تركني أبي مع دانييل و ذهب كي تآخذ جيني إبرتها , رافقهم راف بالطبع .
جلست على الكرسي ارتاح , و جلس دانييل بجانبي .. مد لي بزجاجة عصير باردة .. فأخذتها و همست بعد ثوان من التردد :
_ شـ.. شـكراً ..
لكنه تحدث فجأة بنبرة منخفضة ناعمة : إن شعرتِ بأي سوء , اخبريني أنا أولاً .. اتفقنا ؟!.
نظرت إلى عينيه بهدوء , كانتا بلون العسل الأسود بلمعة ذهبية مريبة ..!! ما نوع مزاجه هذا ؟!.
قلت أجاري هدوئه : نعم , حسنا ..
تابع بتركيز خافت : ربما لا تثقين بي جيداً , لكن حاولي ..
ظلت عيناه تحدقان بي , و لم انتبه إلى أنه ينحني قليلاً باتجاهي مخفضاً رأسه لأجل أن يكون بنفس مستواي... هذا جعلني اتوتر جداً ... ولماذا يتحدث بهذا الشكل الغريب , أني أثق به حقاً رغم عجرفته !.
همس فجأة بتقدير غريب لا أدري من أين حل عليه : أنتِ شجاعة جداً كلآرا , ابقي هكذا حتى النهاية !.
خفق قلبي قلقاً غريب ... قلت بتوتر وصدق : آ .. لا يمكنني أن أكون وحدي في كل هذا... سأموت !. لن أقدر...
قاطعني فجأة وهو يمد ذراعه خلف ظهري على المقعد : لا لست وحدك , أنا هنا .. أننا هنا .. لن يموت أحد , ابقي قوية هكذا فقط ..
شعرت بكهرباء تسري في ظهري مع أن ذراعه لم تمسني قط .. لكن عيناه تأسرانني .. ذهب حار سائل يدور بداخلهما ..~
قلت اسأله بفضول بعدما زال الخوف بشكل غريب : هل عينيك بخير ؟!.
طرف بعينيه ببطء و ردد مستغرباً : و لمَ ؟!. أنهما بخير جداً !.
همست بخجل غريب احاطني و قلبي يخفق فضولاً : بالعادة آ... عندما تغضب تشتعلان بنيران صفراء , و عندما لا تبال تكون باردتين رماديتين .. لكن الآن... ما خطب الذهبي الدافئ هذا...!.
بدا هو أيضاً لا يدري بتغيرات ألوان عينيه !.. قال ببطء وكأنه يتذكر : أظنني أخذت صفات عيني كلا والدي ..
فتذكرت بأن لون عيني والدته فلورا هو الذهبي الداكن .. بينما والده ... فلون عينيه رمادي هادئ .. لكن مهما كان .. فـ عيني دانييل توضحان حالته الداخلية .. بشكل ما ... فابتسمت رغما عني لهذا الاكتشاف ~
_ و لمَ تتبسمين مع نفسك الآن ؟!.
صوت نبرته مسلٍ .. فحدقت به مستغربة تسليته .. وليتني لم أفعل .. لقد كان يبتسم هو أيضاً .. وقد كان بهذا القرب الشديد مني .. كانت ابتسامته كظهور اشعة الشمس اللامعة من بين غيوم سوداء ...!
لم أعرف بأن أنفاسي مكتومة لذا اخذت شهيقا واضحاً محرجاً ... و تلفت حولي , رأيت والدي من بعيد , فقلت انقذ نفسي : أنه أبـي...!!
في السيارة كان دانييل يقود و جيني كانت هادئ و صامتة تلعب بلعبتها في حجر أبي في الخلف.. فهمت بشكل ما أن رافييل قام بعرض قدرته الغريبة تلك و خفف من ألم جيني ..
صباح اليوم التالي كنت نائمة بغرفتي .. و لأن لا أريد أن أبدو طفلة مدللة تنام بغرفة والدها مجدداً .. لم أشعر بالبرودة تلك الليلة و قد كان دانييل يرقبني من حين لآخر .. لم يتحدث معي كثيراً وقت العشاء .. كان فقط يتهامس مع رفاقه و يضعون الخطط أو ما شابه ..!
قمت بتسوية شعري و ارتديت جينز قديم و كنزة صوف بلون الحليب و لفتت حول عنقي وشاح صوفي ناعم و خرجت ..
كان الصباح بارداً , و الشمس محجوبة بفضل غيوم داكنة تنذر بالعاصفة ..
هل يجب أن أذهب للمدرسة اليوم ~~" !.
في الممر رأيت دانييل يقف , قلت بحذر شديد وأنا أرمقه من طرف عيني : صـ..صباح الخير ..!
قال فقط بتعجل بارد : لقد تأخرت !. هيا لتناول الإفطار ..
كان والدي بالمطبخ و الفتاتين تهتمان بجيني التي فرحت لكل هذه الصحبة و الاهتمام .. بينما والدي يتحدث مع ليون و راف وهو يحضر القهوة .. بدا المطبخ الصغير الأنيق مزدحماً فجأة ..!
سحب لي دانييل كرسيا كي أجلس , قلت منزعجة قليلاً : لا تبالغ في افعالك رجاءاً.. أنا لست معاقة !.
اصطدمت بعينيه الرماديتين الداكنتين .. قال وهو يشد رسغي ليجلسني : بالطبع , اجلسي فقط ..
_ كلآرا صغيرتي...
قال والدي وهو يضع البيض و اللحم أمامي و يقبل جبيني , بينما ضممته أنا بذراع واحدة أحييّه .
فجأة غادر كل من بالمطبخ , و قالت تيرّآ وهي تمسك بجيني بشكل ممتاز : سآخذ هذه الملاك الرائعة للردهة معنا .
بينما تحدثت داليا بهدوء و ابتسامة لطيفة أول مرة أراها : سنكمل اطعامها هناك ..!
وخرج معهما رافييل و ليونارد الذي تبسم لي كتحية .. قال والدي بهدوء : هل أنتِ مستعدة للمدرسة حبيبتي ؟!.
_ أجل أبي ..
وكنت أقاوم رغبتي بالقول , لاااااااااا بالطبع .. أريد النوم في فراشي الدافئ حتى ثلاث سنوات ربما !.
لكن دانييل تدخل فجأة ببرود : يجب هذا .. لنرى ماذا يمكنك الفعل خارجاً ..!
فلم يعجبني مزاجه اليوم أبداً , شعرت بشيء غريب .. دانييل الذي بالأمس كان .. كان .. كيف اصفها , أكثر دفئاً , تفهماً , رعاية ربما ... وقد أعجبتني جداً نظرة عينيه و لونهما الغريب... آآخ متى تظهر تلك النظرة مجدداً...أريد معرفة سرها ~~"
لم عليه أن يكون قاسياً معظم الوقت كهذا ...! أكرهه ><!
قال والدي بهدوء مقاطعنا دوامتي التعسة لكنه كان يكلم دانييل : ستذهب معها صحيح ..!
رد دانييل بأدب و لباقة نحو أبي : أجل , و معنا ليونارد و تيّرآ . بينما سيبقى هنا رافييل و داليا...
نظر نحوي أبي و تبسم بحنان, قال يطمئنني : سيكون كل شيء بخير حبيبتي .. أليس كذلك ؟!.
و قبلني مجدداً على جبيني .. فشعرت بالحرج أمام دانييل .. و والدي مجدداً يحدث دانييل : أنتم تعلون بأنهما كل ما أملك .. لا يمكنني العيش بدونهما ..
نظرت نحو أبي و شعرت بعيني تحترقان , كان والدي يتحدث بغصة , فهمس دانييل بنبرة رقيقة مفاجئة : ستمر هذه المعضلة بخير , ولن أسمح بحدوث سوء ..!
حاولت بشدة أن أنظر في عينيه لكن لم اقدر من مكاني هذا وهو ملتفت تجاه أبي ..!
رأيت سيارتين مختلفتين أمام منزلنا بالاضافة إلى سيارة أبي العادية .. سيارة سوداء رياضية رائعة جداً و آخرى بلون الفضة صغيرة لكن تبدو ثمينة جداً ..
فتح لي دانييل الباب الخلفي للسيارة السوداء وكان يمسك بحقيبتي .. فجلست ثم أتى ليونارد و تسلم القيادة بينما تيّرآ بالمقعد الأمامي .. التف دانييل و جلس بجانبي في الخلف .. ثم لوحت لأبي مودعة و انطلقنا ..
قال دانييل بهدوء يحدث ليون : سأكون معها بكل الصفوف .. بينما أنت و تيرّآ تتبعان الجدول العادي , و تراقبان المنطقة ..!
رد ليونارد بعد ثانية : لا بأس , ما رأيك كلآرا ؟!.
ترددت كثيراً و توترت بسبب نظرة دانييل نحوي , قلت موافقة : أ.. أجل لا بأس !.
لكن هذا خطأ !!!. لا يمكنني تحمل دانييل معي كل الدروس !!. هذا مزعج ! , ثم آآخ تذكرت الفتيات لونا و سيلآ , كانتا متوترتين فقط بوجود ليون .. و الآن مع وجود دانييل هذا .. و تيّرآ أيضا و ليون سوف يتعقد الوضع ~~" !
وصلنا للمدرسة سريعاً و نزلت بحذر بينما هم يراقبونني , اخذت حقيبتي من دانييل ببرود و وضعتها على كتفي .. سار ليونارد و تيّرآ جنبا لجنب أمامنا و دانييل يسير بجانبي بهدوء و خطوات سريعة قليلاً ..
لاحظت بأن اغلب الطلاب التفتوا يحدقون بنا .. أو بالرفقة الجديدة ... باستغرب شديد و انبهار .. حسنا ليون و تيرّآ رائعي المظهر .. كذلك هذا البارد بجانبي ..! بينما أنا .. و بكنزتي هذه كان علي تبديلها ~~"!!!
دخلنا البناء و فجأة رأيت الفتاتين سيلآ و لونا تحدقان بي بانبهار .. قلت لمصطحبيّ : سأذهب إليهما لاطمئنهما أني بخير...
سعيت إلى الفتيات ببطء و حذر , فعناقتني لونا أولاً وهي تقول : آوه يا عزيزتي , أنتِ تمشين !. قلت لك بأنك ستسيرين مجدداً.
تبسمت لها و كذلك فعلت سيلآ و كانتا حقا سعيدتان بي ..
_ لكن...
قالت لونا بحذر و هي تنظر خلفي .. أكملت هي : من يكونوا .. أعني نحن نعرف ليونارد , لكن ذلك الفتى ينظر إليك و كأنه ينتظرك و أيضا الفتاة الشقراء خلابة جداً..!
قلت بتوتر خفي : أنهم .. أقرباء لي من طرف بعيد .. والدي دعاهم وقد تعرفين الآباء لقد أوصاهم بي ..
اقتنعت الفتاتين بشكل ما .. و دخلنا الصف الأول للرياضيات .. بعض الطلاب عرفونني وسلموا علي لتحسني بعد أن غبت ثلاثة أيام متتالية ..
كان دانييل و تيرآ خلفي يسيرون .. جلست فسحب دانييل كرسيا و همس لـ تيرآ بشيء ما .. ثم جلس بجانبي , بينما جلست هي خلفي تماماً ..
نظرت نحوه بتوتر و قلت : أن شعرت بالضجر لا تلمني !.
رد بهدوء وهو ملتفت كلياً باتجاهي : أني أشعر بالضجر منذ بداية هذه القضية , لكني لا أولمك !.
شعرت بلضيق من قوله ... هذه القضية التي يصفها غير مضجرة , أنها مؤلمة حد الموت .. أني أخاف كل يوم أن أفقد أبي أو جيني .. و أظل تعيسة وحيدة .. سأجن و سأموت خلفهما مباشرة أن حدث هذا .. آه يا ألهي هذا لا يمكن أن يحدث...!
وضعت يدي على جيني و ترنحت بدوار ..
جائني صوته قلقاً خفيفاً : كلآرا ! , مابك ؟!.
فتحت عيني و قلت بتعب دون أن أنظر إليه : أنه .. دوار .. مجرد دوار...
_ استريحي هكذا ..!
وضع يده الباردة على شعري من خلف رأسي ..و جعلني اضعه على الطاولة .. تنفست بعمق و هدئت قليلاً...
_ ربما بسبب هذه اللفافة تكاد تخنقك !. سأزيلها عنك .
تصرف من نفسه و يديه حول عنقي يبعد الوشاح .. ثم سحبه بلطف جانباً .. مال برأسه نحوي و سأل بهمس ناعم :
_ هكذا أفضل صحيح !.
فتحت عيني ببطء و رأيت عينيه ... و رأيت اللون الدافئ من العسل بهما .. مالذي يجري , أنه رقيق جداً هذه الثوان !.
قلت ببؤس : أجل , أفضل ..
بعد دقيقة اكتمل الطلاب و دخل المعلم , و انا رفعت نفسي وقد شعرت بالراحة أكثر .. قبل أن يبدأ بالدرس , قال بأن هناك طالبين جديدين , هما دانييل و تيّـرآ ...و اكتفى فقط بذكر اسمائهما .. لا أدري كيف سجلا بهذه السرعة .. لكنهما فعلاً بطريقهم الخاصة مؤكد ..
انتهى الصف الأول . و بدأ صف العلوم و كان مملٌ جداً و غابني النعاس و ترنحت بمكاني .. لكن لم أقدر على النوم بسبب نظرات دانييل التي تراقبني من ثانية لأخرى أظن بأن وجوده يجعلني متيقضة جداً ..!
اخيراً وقت الاستراحة , ذهبنا للخارج , و تيّـرآ جلبت لي الطعام المتنوع , وهم لم يأكلون , جاء ليونارد وسألني عن يومي .. ثم جلس بجانب تيّرآ التي تجلس قربي , بينما دانييل واقفاً بقربي ينظر حوله و كأنه يراقب ..
قال ليونارد يكلمه : لا يوجد شيء غير عادي ..
رد دانييل ببرود : لكنها لا تزال طليقة , فقط لو أمسك بها !.
نظرت نحوي تيّرآ و أنا بالكاد آكل طعامي , قالت بهدوء : ستظل تحوم حول كلآرا , لا شك بأنها أحست بأن الحراس هنا و ابتعدوا كثيراً ..
نظر نحوي دانييل فجأة , قال بهدوء : أنها لا تزال خبيثة مخادعة .. و تحب أن تحاول حتى تموت !.
شعرت فجأة بأن معدتي تتقلب و تفور ثم دوار ضرب رأسي , آه أنه غثيان ..!
نهضت و قلت بدوار : سأذهب لدورة المياه ..
و أتت معي تيّرآ وهي تضع يدها خلف ظهري , قالت بعطف : آسفة بسبب حديثنا هكذا أمامك ..!
قلت بشحوب و أنا أغسل وجهي بحذر : لا بأس .. لكني .. تذكرت...
همست تيّرآ وهي بقربي : تذكرتِ ماذا ؟!.
نظرت إلى عينيها الزرقاء و قلت باشمئزاز : جزء من ذلك الوحش بداخلي .. لقد تقطع يداه و بقيتا ...!.
لم استطع التحمل فأفرغت كل معدتي و رأسي يدور و يدور ... ثم غسلت مجدداً و تيرآ تهدئني و تساعدني .. بعدها تحسنت و شعرت بالحرج لضعفي ..
خرجنا معاً وكان دانييل و ليونارد ينتظراننا في الممر ..
سأل ليونارد بعيون ضيقة : لا تبدين بخير , هل ستكملين اليوم ؟!.
قلت بتردد : لا .. سأبقى .. والدي سيقلق بشدة أن عدت فجأة !. سيظن بأن هناك شيء سيء ..
قال دانييل بهدوء : أجل , لكن مالذي حدث لك .. هل يؤلمك شيء...؟!
رددت وأنا أنظر في عينيه الرماديتين : لا .. لا شيء يؤلمني..
و انتهى اليوم الدراسي بهدوء مريب ~
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس