عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-29-2018, 03:54 PM
 
الجزء الثاني من ضحايا الذئب الأسود

الجزء الثاني
بعد مرور عدة أيام على الحادثة المريعة التي حدثت لزوجة يوسف وابنه، ادا فقد الأخير رجليه بعد أن مزقها (الذئب الرهيب)، أصبحت التعاسة والألم تمنع يوسف من نعيم الراحة، فلم يكن يأكل كما كان، ولم يكن يكن ينام الليل، بعد أن هم بالبحث عن (الوحش) والقضاء عليه ثأرا لما فعله.
كان يملك بندقية عتيقة، لم يستخدمها منذ زمن، منذ أن كان صيادا قبل أن يشتري المزرعة، وهم بأن يقتل بها (الذئب الرهيب) لكنها كانت معطلة نتيجة لمرور الزمن.
توجه مباشرة إلى مالك (تاجر الفرار) لكي يستدين منه مرة أخرى رغم أن دينه السابق لم يسدد، لكن الأخير رفض، وطلب منه أن يسدد دينه الذي عليه قبل أن يتوجه إلى الشرطة شاكيا إياه.
كان مالك خسيس الطبع والخلق محبا للمال حبا جما، لدرجة أنه في يوم عزاء زوجة يوسف أتى يسأله عن ماله الذي استدانه منه، ولم يراعي مصيبته التي هو فيها، بل وهدده للمرة الأولى بإحضار للشرطة.
بعد أن رفض مالك أن يدين يوسف، وأمره بأن يسدد دينه قبل أن يشكوه للشرطة، لم يكن يوسف يملك مالا لإصلاح بندقيته، فقرر إصلاحها بنفسه وأخذ يسهر ليلا على إصلاحها، مستعينا بالعمل الالهاء نفسه عن ألم وحرقة التفكير بما حدث.
كان يتوقف أحيانا عن العمل، حينما يتذكر زوجته وما تعرضت له، وتبدأ الدموع تنهمر على خده، والحراقة والألم تعتصر صدره، لكنه بسرعة إلى عمله، حينما يتذكر أنه يعمل من أجل الثأر.
وبعد عدة ليالي من العمل، تمكن يوسف أخيرا من إصلاح بندقيته لكي يثأر لزوجته، وأصبح جاهزاً لذلك، لكن مشكلة ما تمنعه من ذلك.
كان يجهل مكان ذلك (الذئب الرهيب)... يعلم بأن أغلب الذئاب القريبة منه تسكن جبال السندان، وتشكل قطعان في تلك المنطقة، مما يجعل مهمته خطيرة جداً، ولكنه على كل حال قرر الذهاب إلى هناك، و التخييم قرب الجبال العالية برفقة أبنه الصغير (حمزة)، الذي لم ليتركه بعد الحادثة الشنيعة.
توجه إلى إحدى غابات الصنوبر القريبة جدا من سلسلة الجبال، وهو يحمل أمتعته وابنه على ظهر، إلى أن وجد المكان المناسب الذي يستطيع من خلاله أن يرى جبال السندان بشكل واضح، وقرر التخييم فيه.
أقام خيمته الصغيرة له ولابنه، وأضرم النار خارجها، ثم وضع قدره فوقها وطبخ حساء له ولحمزة الصغير.
جلس الاثنان مرتكزان على صخرة رمادية كبيرة، وسط أشجار الصنوبر العالية، ينظران إلى النجوم اللامعة والقمر الساطع الذي يعلو جبال السندان بهدوء تام، إلى أن سمع يوسف صوتا كان في انتظاره.
كان صوت عواء ذئاب عالي، قادم من جهة الجبال، ويبدو أنه قريب جداً.
جهز بندقيته العتيقة، وأصفا نيرانه التي ضرامها سابقا، ثم حمل أبنه على ظهره، بعد أن ربطه بقطعة قماش سمكية تحيط بهما، وتوجه مباشرة للجبال حتى وصل إلى سفوحها.
قال حمزة :أبي أنا خائف، أرجوك دعنا نعود أدرجنا.
رد يوسف :لا تخف يا بني.
ثم أكمل بصوت لا يسمعه غيره:سنثأر لأمك الليلة.
كان منظر الجبال مهيبا وجميلا في نفس الوقت. يكسوها لون رمادي باهت، ويعلوها ثلج أبيض ناصع البياض، لكن ما أفسد جمالها في نظر يوسف على الأقل، هي الكهوف الكثيرة المنتشرة على امتداد البصر، غير تلك المخلوقات المتوحشة التي تسكنها.
كانت الجبال عالية جداً، ولم يكن يوسف ليصل إلى أعلاها لو لم يكن هناك طريق مؤدي إلى قمتها.
كان الطريق متعبا جداً ليوسف، وحينها اقترب من الكهوف، توقف واستراح بالقرب من صخرة عملاقة على جانب الطريق، وبمجرد أن جلس لبضع ثواني حتى سمع أصوات خطوات خفيفة تعبر الطريق من خلف -خلف الصخرة- حينها التف بحذر وهو على وضعيته وأبنه بجانبه وأرى قطيعا من الذئاب.
قال حمزة بقلق :ذئاب يا أبي ذئاب!
رد والده: اششش، لا تقلق فأبوك بجانبك يا صغيري.
كان القطيع يتبع ذئبا لم يره يوسف بعد، متوجهين إلى غابات الصنوبر، عابرين الطريق الذي سلكه يوسف في الصعود، وما أن ابتعدوا حتى تركوا ذئبا منهم ورائهم، يتفقد المكان قبل ذهابهم إلى الأسفل.
كان ذئبا أبيض كالثلج، ذا لثة سوداء حالكة السواد، ذا حجم متوسط مثل باقي الذئاب.
بعد لحظات هم الذئب باللحاق بمجموعته، بعد أن استدار تاركا يوسف وأبنه خلفه، لكن رائحة البشر قد اوقفته، وقبل أن يعي لمجموعة محذراً، قفز يوسف عليه، و أطبق على فكيه كي لا يصدر صوتا. ثم غرسا سكينا في صدره حتى سال دمه على الثلج الابيض، وسحبه إلى الحافة من غير أن يراه حمزة، ورماه منها إلى غابات الصنوبر، بعد أن ارتطم بعدة صخور قبل ذلك كادت أن تفكك لحمه.
أخذ يوسف أبنه حاملاََ إياه على ظهره، ثم توجه إلى أحد الكهوف القريبة منه، ودخل إليها بحذر.
كان كهفََا مظلمََا طويلا جدََا، حتى أن يوسف ظن أن ضوء النهار لا يستطيع إن يصل إلى آخرها كما فعل هو.
حينما وصل يوسف إلى آخر الكهف، وجد شيئا ما داكنََا شديد الظلمة متكورََا على نفسه، حاول لمسه، وبمجرد أن فعل ذلك حتى تحرك هذا الشئ.
كان صغير ذئب شديد السواد، لطيف الشكل، كبير قليلا عن حجم صغار الذئاب، اقترب من يوسف مداعبََا إياه وأخذ يطلق صوتََا لطيفََا جدََا، ثم رفع رأسه وأخذ ينظر في عيني يوسف، وبمجرد أن فعل حتى بانت ليوسف ما هيته.
كان يمتلك عينان من لهب تشبه تلك التي رآها في بيته ليلة مقتل زوجته إن صح التعبير، رأى من خلالها ذكرى دخوله البيت عائدََا باللعبة التي اشتراها لابنه، حينما راي الدماء والاحشاء تملأ الغرفة، وفور تذكره لذلك، عاد غضب تلك الليلة وحزنها، وتذكر قسمها بأن يثأر لذلك، فأخرج سكينه الصغيرة، ونحر عنق الذئب المسكين، قم ألتفت إلى حمزة قائلََا:لا تنظر له.
فأوما برأسه ايجاباََ مذهولا مما رآه.
بعد ذلك، خرج يوسف من الكهف، تاركا خلفه صغير الذئب الذي قتل زوجته، ممسكا بندقيته حذرََا من أية أخطار، مستعدا لقتل (الذئب الرهيب).
توجه مباشرة إلى الطريق الذي صعد منه، لكن قبل ذلك قابل (الذئب الرهيب) ومجموعته.
كشر الذئب عن أنيابه المخيفة، وأخذ يزمجر بصوت مكتوم، ويرمق يوسف بعينيه المخيفتين ذاتها التي رآها لأول مرة، لكن باغته يوسف بطلقة تحذيرية في الهواء، جعلته يتراجع هو ومجموعته للوراء.
كان يريد أن تكون الطلقة في قلبه - قلب الذئب - لكن الذئاب من حوله ستنقض عليه أن فعل ذلك، وابنه معه، فتخلي عن ذلك لوقت لاحق.
كان (الذئب الرهيب) هو قائد المجموعة، فهو الذي يتقدمهم، ويبدو أنهم عادوا حينما لاحظوا اختفاء أحدهم، أو أنهم رأوا الذئب الابيض ميتا في الأسفل.
أخذ يوسف يتحرك نازلََا الطريق بخطوات متراجعة، إلى أن ابتعد عنهم، بينما حمزة مذهول مما رآه متسع العينين، ثم أكملا طريقهما إلى المخيم الصغير.
وصل إلى المخيم، ثم أعد فراشه وفراش حمزة، وأخذ يتبادلان الحديث لبعض الوقت ثم نام كل منهم بعد ذلك.
يتبع…

التعديل الأخير تم بواسطة السمو2000 ; 01-30-2018 الساعة 08:42 AM