عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-25-2018, 08:34 PM
 
ضحايا الذئب الأسود

الجزء الأول
بعد يوم عمل شاق، خرج المزارع يوسف من مزرعته، كان قد هم بالذهاب إلى بيته حينها، لكنه تذكر الجائزة التي وعد أبنه بها بعد حفظه للحروف الهجائية التي هو نفسه لا يعرفها.
توجه مباشرة إلى أحدى محلات الألعاب البعيدة قليلا عن قريته، و أشترى لعبة باهظة الثمن مقارنة بما كسبه اليوم من المال رغم الدين الذي أثقله للتاجر مالك (تاجر الفرار).
كان مالك هو صاحب المزرعة، قبل أن يشتريها يوسف منه بالتقسيط، وبعد أن باع المزرعة أنتقل للمتاجرة بالفرار بعد أن سمع عن الرابح الوفير فيها.
بعد أن أشترى يوسف لعبة لصغيره، توجه مباشرة عائدا للمنزل، كان اشتياقه لعائلته شديدا،كأنه لم يتهم منذ سنوات رغم أنه لم يفارقهم إلا سويعات قليلة.
لم تكن هذه أول مره يشعر بالاشتياق، ففي كل يوم يشعر بذلك، لكنه في هذا اليوم قد ازداد.
اقترب يوسف من كوخه الذي أحاطت به الظلمة من كل مكان، كان كوخا خشبيا بالكامل، ولم يكن فيه سوى عدة حجرات صغيرة، إلا أنه في نظره يساوي الدنيا ومافيها طالما طفله وزوجته يعيشان فيه بأمان وسعادة.
حينما وقف عند الباب طرقه ثلاثا، مخبأ خلف ظهره اللعبة التي أحضرها لإبنه، ثم انتظر الرد منه لمهلة.
لم يكن هناك رد، حينها أخذ يصيح:يا أم حمزة،أفتحي الباب، لقد عدت من المزرعة ولدى مفاجأة لحمزة.
أنتظر مرة أخرى، لكن لم يجبه أحد، حينها شعر بأن شيئا ما قد يحدث، وبدأ القلق يعتريه.
دفع الباب بقوة كافيه لفتحه ثم دخل، ثم أخذ ينادي وهو يمشي بحذر، ويتفقد الحجرات قائلا:نسمة… حمزة… أين أنتما؟
كان المكان هادئا، من غير أي صوت، مجرد صمت قاتل، إلى أن سمع أصوات غريبة قادمة من حجرة نومه.
توجه نحو الحجرة مباشرة بخطوات حذرة، ثم دفع بابها الخشبي المهترئ بخفة كادت أن تصدر صريرا، وأطل برأسه من خلف الباب يتفقد مصدر الصوت.
رأى ما لم يكن يتوقعه يوما، منظر مفجع، رأى دماء دماء تملأ الحجرة، تلطخ أرضيتها وجدرانها، و أشلاء مبعثرة، تنتشر في أرجاء الحجرة بشكل مخيف ومروع،
كانت الغرفة مظلمة، غير ضوء شمعة خلف الباب يخفف من ظلمتها، وكان السرير قد اكتسى باللون الأحمر من دماء قد سألت عليه وعلى من حوله، وكان يبدو شيئا ما عليه بارزا أخفت ما هيته الظلمة، فاقترب يوسف من هذا الشئ وأمسك به، رفعه لأعلى لكي يراه، وإذ به رأس إنسان ليس بغريب عليه.
كان رأس أم ولده وزوجته (نسمة)، وكان مشوها جدا كأن وحشا قد انقض عليه، لم يكن ليعرفه لولا عيناه البنيتان وخصلات شعره السوداء.
لوهلة شعر أنه يعيش كابوسا مرعبا في نومه، لم يكن يعلم ما يحدث من حوله، كان مرعوبا جدا وخائفا، لكن كسر خوفه سؤال تبادر إلى ذهنه "ماذا عن ابني ؟".
أسقط اللعبة من يده، وأخذ يتعمن رأس زوجته والرعب ممسك بجفونه التي لاتكاد ترمش إلا أن سمع صوتا من أسفل السرير.
صاح قائلا بغصة من خوف وحزن وأمل بائس: حمزة؟
ثم أطل أسفل السرير، وإذ بطفله اضجع من غير أي حراك والدموع تنهمر من خديه قائلا بصوت منخفض كالهمس :أبي، هل ذهب الوحش؟
تسائل يوسف حينها في نفسه:أي وحش؟ من الذي يجري؟
لكن صوتا مرعبا متهدجا قادما من الجهة المظلمة في الحجرة قد قاطعه تاركا اياه متجمدا في مكانه.
كان ذئبا أسود كالظلام حالك السواد، لكنه ليس كأي ذئب، فقد كان ضخم جدا، من النظرة الأولى ليوسف أدرك أنه يرى وحشا ظن الناس أنه انقرض منذ زمن بعيد، أدرك أنه يرى (ذئبا رهيبا)
اقترب هذا (الوحش) والمظلمة تقترب معه إلى يوسف، ولم يكن ليراه الأخير لولا عيناه الذهبيتين المحمرتين كاللهب وأنيابه ناصعة البياض.
كان الدم يقطر من شعره الاسود، مع قطع صغيرة من أحشاء زوجة يوسف المسكينة، وكانت أنيابه بارزة، مستعدة للقضاء على يوسف، لكن الأخير استطاع إبعاده واخافته، حينما رماه باللعبة التي اشتراها لابنه الصغير.
هرب(الذئب الرهيب) من نافذة الحجرة، محطما إياها بجسده الضخم، تاركا خلفه ثقب واسع في جدار الكوخ كان نافذة في ما سبق، لحجرة أصبحت مليئة بالدماء والألم، بعد أن كانت في أمان وسلام.
يتبع...