عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 01-18-2018, 07:01 PM
 
الفصل الثاني.

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://e.top4top.net/p_74644baq2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://e.top4top.net/p_74644baq2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





- ذكرى عابِرة –
وضعَتْ كأسَ العصِير على الطاوِلة ثمّ أخذتْ حقيبتَها وهمّت بالذهاب، إلا أنّ صوتهُ منعهَا حينما ناداها بقلق: ( شيفا ) أحقًا ستمتطين الباخِرة إلى (آناماريا) ؟
اخذتْ بضْع ثوانٍ من الصَمْت لتُجِيبَ بعدهَا: أجل، لقد عزمتُ على ذلك ( سيفُون ).
نظرتْ نحو فتى السادِسة عشرة بهدوء، تأمّلت قسماتِهِ القلِقَة، عيونهُ الحزِينَة وعرفتْ رغبتهُ الشديدة في أن يحتضنهَا كي لا تذهب. تبسّمتْ إليه وسألتهُ ممازِحة : ماذا ؟ أحقًا أنتَ حزينُ لفراقي يا فتى ؟
اشتعلتْ خدودهُ بالحمرةِ الخجِلة، كيف لا وهي التِي اعتنتْ بهِ منذُ أن كان فِي السابِعة من عُمره، كلامها لم يكونا إلا غرّين، هي لم تكنُ أكبر من اثنتي عشر عامًا حينهَا، وأضحتْ كأختهِ الكُبرى من بعدِهَا. استوقفهَا مُجددَا بأن سأل: اعتناقُ مذهب الترحَال، هل ستكُونين بخير بعده؟
زفرتْ بهدوء، أشاحَت بوجهِهَا عنهُ قليلًا لتُجِيب بحِيرة: ليس هُناكَ شيءٌ أفضَل لفعْلِه، الترحالُ سيكُون ممتعًا، ولعلّ فيهِ مِن التكفِير ما يُنزِلُ رحمةَ الربِّ عليّ.
- الكثيرون اعتنقوا هذا المذهب السيء، الترحالُ ليس جيدًا، الكُل يعلمُ ذلك، خاصةً في مملكةِ (آناماريا)!
لا تريدُ جدالهُ حقًا لأنهَا تعرفُ أنهُ على حقٍ فيما يقول، هي أنتهتْ مُسبقًا مِن الترحَالِ في مملكةِ ( سيفيت) التي تقطنُ فِيهَا، ولم يعد هناك شيءٌ هنا لتبقى من أجلِه.
- هل أنتَ واثقٌ من رغبتِكَ في البقاء ( سيفون ) ؟
انزعجتْ عيناهُ وأجاب بغضبٍ بسيط: أجل أنا واثِق، وعليكِ أن تكوني كذلكَ أيضًا!
ابتسمتْ برفْق، لوحّت لهُ الوداع وسارتْ إلى حيثُ الميناء، تاركةً إياهُ بقلبٍ يعرفُ أنها لن تعُودَ إليهِ أبدًا!
- النهاية –



تسيرُ الأحصِنَة بسرعةٍ متوسِطَة، تقُودُ العربة عبرَ الطريقِ الوعِر فيمَا يمْتطِي التاجِرانِ حصانينِ منفردين ويتقدمانِ العربة ببضْعةِ أمتار. تشعرُ بالضعفِ والفتُور، وكأنما جسدهَا ليس ملكًا لهَا، يرفضُ الإستجابَة لأبسطِ الأوامر وليستْ تشعرُ بهِ حقًا؛ ولهذا لم تستطِع حتى أن تقاوم أخذها عنوة، فما كان لها إلا الإستسلام. الخواءُ الذي يسكنهُ الصدى هو أفضلُ تعبيرٍ عمّا هو حالُ رأسهَا، وهي لا تزالُ تشعرُ بالبردِ من بللِ ملابِسهَا بماء البحر المالِح كإضافةٍ لحالِهَا.

حرّكتْ عينيهَا مُتساءِلةً عن وضعِ الآخرين، وجوههمْ مضطربةٌ تحاولِ تزييفَ الهدوء، لا خيارَ آخر لهم، فهم هنا مسجونونَ إلى أن تُغلّ أياديهم لأعناقهم بالسلاسِل، وتعلَّمَ أجسادُهم بضربِ السياط. عاشتْ بعضَ المُغامراتِ قبلًا، في مملكةِ ( سيفيت ) إلا أنهَا لم تكُ بهذا الخطرِ قبلًا.

تنهدتْ مُبتَسِمةً بسُخريَة، وصمتُ بني البشرِ من حولهَا يأكلها كالعضال، وكأنما كُلٌ منهم يغرقُ في دوامةٍ مِن الخيالاتِ التي تنتهي بنهايةً واحِدة.. انسكابُ دمائهم على قارعةِ الطريق! توقفتْ العربةُ فجأةً لتعود للواقِع، رمقتِ المكانَ من حولهَا، سوقُ العبيد هُنا مُزدهرةٌ أكثر مما كانت عليهِ في عالمها، أخافها عددُ الناس والعبيد، إزدرتْ ريقهَا فيمّا همّ أشقر الرأسِ بوضعِ عباءةٍ عليهَا، مغطيًا إياهَا بالكامِل، همسَ بخبث: ستكونينَ حديثَ المدِينةِ اليوم، لا تمرغّي سمعتي بالوحل، فهمتي ؟

جرّوهم جميعًا، وبدأو بعرضهم واحِدًا تلو الآخر حتى أتَى دورهَا، وقفتْ وهي لا ترى شيئًا بفضلِ العباءةِ الوسِخة التي غطيتْ بها، اصاختِ السمعَ إلى حديثِ ذي الشعر الأشقرِ المملوء بالسعَادة: سيداتِي وسادتِي، أكابر ونبلاء مملكةِ ( سافانا ) العريقَة، قد سعِدتُم بلا شَك بالمعروضاتِ السابِقَة، إلا أنّ ما لديّ الآن لهو مفاجأةٌ سارّةٌ لكم..

صمت رامقًا وجوههمْ المُتحمِسَة، عرفَ نصِيبهُ مِن الثراءِ وضمَن حياةً رغِيدَةً بفضلِ سلعتِهِ النادِرَة، تنحنحَ ليُكمَل بصوتٍ رزين: جمِيعُنَا عانينَا مِن بطش ذوي الرؤوسِ السوداء، ومن هو خالدٌ منكم يتذكرُ جيدًا ما أنزلوه بنا قبل أن تنقذنا عائلة ( فون فيرانِسيس ) من بطشهِم، أعلمُ ما يجري في عروقكم عند ذكرهم، تريدون محقهم محقًا! تريدون إنزالَ أشدِّ أنواعِ الألمِ بهم، أليس كذلك ؟

اتسعتْ ابتسامتهُ حالمَا تحمَّسوا مع كلماتِه، رفع العباءةً صارِخًا: اليوم لديكم فرصةٌ الثأر ونيل المجد! لتتمعنوا جيدًا في صَيدِ اليوم!
حلّ الصمتُ للحظاتٍ طوِيلة، وعشراتُ الأعينُ المنبلِجَة ترمقهَا إمّا بغضبٍ أو بصدمَة، تراجعَ البعضَ هاربًا عند رؤيةِ شعرهَا إلا أن أغلبهم مكثَ مكانَه، يتصيدونهَا كنسورٍ جائِعَة، سرى الخوفُ عميقًا فيهَا، إلا أنهَا أبقتْ وجههَا صامِدًا متخشبًا، صرخَ أحدُ النبلاء مُزايدًا : 500 روبين!
ابتسم الأشقرُ مُسائِلًا: من يزيد؟
- 700 روبين.
- 950 روبين.
-1200 روبين.

لمعتْ عيناهُ جشعًا، وشعرَ أن الغنَى الذي زحفَ خلفهُ قبلًا قد أتى إليه بملئِ إرادتِه، سرتْ قشعريرةُ السرور في جسدِه حينما سمِع أحد النبلاء وقد أتى برقمٍ مُخيف: 3600 روبين. نظروا إليه بسخط، وريثُ عائلةِ ( ميريقولد ) وقد تبسّم مغتّرًا بما لديه من أموال، قال بنبرةٍ مستفزة: حسنًا، رغم أنها لا تستحقُ هذا المبلغ حقًا، إلا أن نُبلَ دمِي يحتمُ عليّ إستعادةَ الشرفِ المفقُود!. ضحكَ ضحكةً عاليةً بعدهَا فيما تحيَّر الباقُون فيما إن كان عليهم زيادةُ السِعرِ أم لا؟

لم يشعُر أيٌ منهمْ، بمن كان واقِفًا بعيدًا عن الأنظَار، ينظرُ إلى زريبةِ الحيواناتِ المُتكتِلةِ هُنا، مُزدريًا إياهُم فردًا فردًا، يحاوِرُ نفسهُ عنهم، أيُ كتلةٍ مِن الفسادِ بصقتهم خارِجهَا؟ أيُ عجينةٍ مقيتةٍ استخدمتْ كي تُعجن أنفاسُهُهم وعظامُهُم بِهَا؟. بقيَ مُراقِبًا، مُتأمِلًا مَن تُشاطِرهُ صفة السوَاد، هو لم يرَى غريبًا بشعرٍ أسودَ قبلًا، لذا شدَّتِ إنتباههُ بعضَ الشيء.

إلا أنَّه لم يقررْ شرائَهَا إلا حينما شاهدَ ابتسامَة السخريةِ التي علَتْ وجههَا بعدمَا سمِعَت كلام وريثِ ( ميريقولد )، ابتسمَ باهتمام، سرعانَ ما تلاشتْ بسمتهُ فسارَ بين ضجيجِ الحشُود، صوتُ خطواتِه أخرسهُم رعبًا، ازرقّت وجوههم وانحنوا أمامهُ خاضعِين، ما أتى بهِ إلى هنا؟ تساءلوا جميعًا، هل ينوي أن ينزل بنا بلاءً ؟ كان هذا ما يهابونَه.

اصفّر وجهُ البائِع حينما رآهُ يتوسطُ الناس بهيبتِه، لم يستطِع الحديث إلا بعدَ مرورِ دقيقةٍ كامِلة، حياهُ بارتجافِ صوته: ( فانغ لي رين – ساما! ) يا لهُ من شرفٍ أن نراكَ هنا!
شعرٌ أسودُ طويل، بشرةٌ شديدةٌ البياض، عيونٌ ناعِسةٌ ذاتُ نظرةٍ جامِدَة، ثاقِبة ومرعِبَة، يهابونه، يخشونه ولا يرجونَ رؤيتَه، ألقى بكيسِ النقودِ عليه مُتحدثًا بعلُو: 5000 روبين، سأشتري الفتاة.
- ب-بالطبع سيدي! إنهَا لك.
جرهَا بقوةٍ من سلاسِلهَا مُسلِمًا إياهَا إليه، ناولهُ مفتاحَ الأصفادِ تاليًا، تكلم شاكِرًا: شكرًا لسخائكَ سيدي، أتمنى أن تخدمك جيدًا!
فرّ بعدهَا، دون أن ينظرَ خلفه، بقيتْ عيونهُ تتأمّلُ جمال عيونها الفضية الحادّة، سألهَا على حين غرّة: ما اسمك يا فتاة؟
صوتهُ سلِسٌ عميق، كتهويدةٍ قادِمةٍ من أعماقِ بحيرةٍ مُتجمِدَة، اجابتهُ دون وعيٍ منها: ( شيفا فيرميليون ).
ابتسامتهُ التي ظهرتْ على محياهُ كانت كحركةِ الرمالِ حينمَا تحملهُ الرياحْ، كصوتِ صقرٍ جارح يتغنّى بهِ الصيادُون، رفع ذقنهَا بهدوءٍ مُتحدثًا: ( فانغ لي رين )، منذُ اليوم.. أنتِ أمَتِي.



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-08-2018 الساعة 09:57 PM
رد مع اقتباس