كانت تُمطر ، بغزارة ، كنت أركض بأقصى ما لدىّ ممسكة بكف أخي الأصغر فى يدي غير عابئة بالطين الذى يدمر حذائي الأبيض الجديد ، لِمَ أركُض ؟! لأنّ خلفنا فتيان عِصابة !
أنا المُخطئة ببقائي خارجًا إلى هذا الوقت وفى تلك المنطقة !!
رمشت عيوني العسلية مُقابلة عين الشمس ؟! هل حلّ الصباح ؟! متى ؟!
نهضت عن الأرض ، لحظة !! أين أنا ؟! أخذت أتلفت حولي.
-جوي !!
صرخت باسمه وصرخت لكن لم يأتني رد ، كنت فى حقلٍ أخضر جميل مملوء بالورود البيضاء.
مهما ركضت هنا وهناك وحاولت الخروج يبدو الحقل وكأنه لا منتهٍ ، تعبت فجلست أرضًا مُغلقة عينيّ مُحاولة تذكُر كيف جئت إلى هنا من الأساس .
خطوات شخص يركُض خلفي ، لا .. أكثر من شخص ..
صوت سلسلة حديدية كالتى يضعها فتيان العصابات فى احزمتهم ، رائحة دخان السجائر .. ثم ..
لا أتذكر !!
كنت أنا وجوي عائدان من المشفي ، أبي مريض منذ فترة وأمي لا تعلم لأنهما مطلقان لذلك لم نخبرها أين كنا ذلك اليوم .
تأخر الوقت و.. نعم نحن لا نسكن فى أفضل حي وحولنا فتيان عصابات وبائعوا المخدرات وفتيات الليل والأسوء لكن نحن لا نملك المال لنسكن فى منطقة أخرى !
لم أملك النقود لأعطيها لهم ..
توسعت عينايّ رُغمًا عني ووقفت : يا إلهي أنا ميتة !!
لقد قام بطعني فى معدتي عندما لم أملك ما أُعطيه !! لم يبد طبيعيًا البتة ، من يقتل شخص فقط لأنه لم يملك المال ؟! هو بالتأكيد تحت تأثير شيءٌ ما !
قام بتف سيجاره وركض مبتعدًا التوتر فى خطواته !!
أنا أسقُط أرضًا ، دمي ينتشر حولي ، جوي يبكي ...
أنا أبكي ...
يدي تسقُط عن وجهه الصغير ...
مرت فترة لا أعلم إن كانت طويلة أم قصيرة ، أعلم إن روحي فى مكانٍ ما بين الحياة والموت ، أعتقد أن جسدي بمشفي ، أكاد أشعُر بأنابيب موصولة بأنفي ، مازلت أشعر بجسدي نوعًا ما ، جوي يأتي للتحدُث إلىّ من وقتٍ للأخر وكذلك أمي ، حاولت إجبار جسدي على النهوض لكن لا فائدة !! أنا لا أتحرك !!
لقد أتي جوي ، إنهُ يبكي ، أمي تلوم أبي على ما حدث لي ، خلافهما قد ازداد ، مرت ستة أشهر وهما الآن متفقان على فصلي عن الأجهزة ، أنا ميتة إكلينيكيًا !!
انتظروا !! أنا حية !! اخبرهم جوي !!
مازال يبكي وهو يمسك بيدي : أرجوكِ سامانثا .. إن كُنتِ ترينَ أي نورٍ سيري تجاهه !
ماذا ؟ أسير بأتجاه النور ؟! أيعتقد أنني لم أُحاول هذا ؟! ما من نور !! أنا عالقة هنا !!
- ليتني استطيع الهرب من ذلك الواقع المشابه للحلم وتلك الحياة التى بلا معني والدراسة التى ستجعلني أعمل وظيفة لا أهتم لها والعمل الذى سيستعبدني والأصدقاء المنافقون والأهل الطيبون .. وكل شيء !! فقط كل شيء !! أنا سامنثا لم أطلُب أن أولَد من الأساس وأيًا كان المكان الذى جئت منهُ أنا أرغب فى العودة إليه !! أريد العودة للوطن !!
حاولت ايقاف دموعي ، أشعر بألم فى قلبي ، أنا مُجرد روحٍ الآن مع ذلك أتألم !
وكأنني أسمعُ همسًا : تعالي ...
نظرت خلفي ، نور !!
ضحكت وبدأت فى الركض تجاهه يلفح الهواء وجهي لسرعتي : أخيرًا !
أخيرًا ساستيقظ من هذا الحلم ! إلى عالم اليقين !