الموضوع: Neverland رواية
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 10-11-2017, 04:22 PM
 
الفصل الثالث : فنجانٌ منَ المصائب.
رفعَ فنجانَ شايهُ آخذًا منهُ رشفةً صغيرةً ثُمَّ باتَ يحدقُ بلونِ الشايِ الغنيِ بعيناهُ الذهبيتان.
كان آيدن يتشاركُ الطاولة معَ رجلٍ أشقرِ الشعرِ أسمر البشرة امتلكَ عينانِ بلونِ المحيط و قد بدا عليهِ كونهُ في أواخرِ عقدهِ الرابع.
أما خلفَ الأولِ فقد وقفَ كريس برسميةٍ و احترامٍ و الأهمُ هدوءٌ غيرُ معهودٍ منهُ.
كانوا داخلَ كوخٍ خشبيٍ تحيطُ بهِ غابةٌ مِن كُلِّ الجهاتِ وجين يقفُ خارجًا بينما يتثائبُ بمللٍ مِن أجلِ الحراسة.
أما داخلَ الكوخ فقد طالَ الصمتُ بينَ الثلاثةِ ليكسرهُ الأشقرُ قائلًا " أظن أنّ الوقتَ قد حانَ لتدخلَ في صلبِ الموضوع.. أمير آيدن."
أنزلَ آيدن فنجانهُ دونَ أن يرفعَ نظراتهِ المتأمِلَةَ عنهُ قائلًا بنبرة عميقة " أتعلمُ سعادة اللواء جوزيف ترانسي ؟، أنا رجلٌ واضح.. لذلكَ أريدُ إجابةً واضحة."
حدقَ بهِ جوزيف بصمتٍ مركزًا بتقاسيمِ وجهِ آيدن الذي رفعَ نظرهُ نحوَ الأولِ رامقًا إياهُ بنظرات هادئة ؛ راكدة ؛ خالية من أيةِ تعبيرٍ
سألَ " سمعتُ أنكَ تنوي ثورة ؟"
أمسكَ جوزيف بفنجانهِ بعدَ أن حدقَ بهِ قليلًا بدورهِ قائلًا " أميري... علكَ لا ترى ذلكَ لكن ظلمَ جلالتهِ قَد وصلَ معَ الشعبِ إلى الحضيض... في عالمٍ متوحشٍ كهذا.. نحنُ بحاجةٍ إلى ملكٍ متكاتفٍ لا إلى رجلٍ يرى كُلَ مَن عداهُ كالماشية."
هتفَ آيدن بشيءٍ منَ البرودِ في نبرتهِ و هدوءٍ " جوزيف !."
ازدردَ جوزيف ريقهُ ليرمقهُ آيدن بشيءٍ منَ الحدةِ فقالَ بنبرةٍ حملت بينَ طياتها تهديدًا " أخبرتكَ أني أريدُ إجابةً واضحة !، كُفّ عن اللفِ و الدوران."
انبثقت مِن عينا جوزيف نظرات مليئة بالثقة بعد أن أدركَ أن لا سبيلَ للطرقِ الملتوية معَ مَن أمامه فقالَ " أجل."
احتدت نظراتُ آيدن لتبرقَ مِنَ الضوءِ ما لا يبشرُ بالخيرِ فإذ بلهجةٍ محذرةٍ تنبثقُ مِن فاه قائلًا " تعلمُ أنّ عقوبةَ الخيانةِ هي الإعدام الفوري و إن كانَ مشكوكًا بها... و فوقَ كُل ذلكَ أنتَ تعترفُ أمامي ؟، ألا تهابُ الموتَ ؟."
أجابَ جوزيف واثقًا و لَم يتخلَ عن نظراتهِ الثابتة " مُستعدٌ لذلك."
لحظةُ صمتٍ أطبقت على المكان و آيدن و جوزيف يرمق أحدهما الآخر نظراتٍ مشحونة كسرتها ضحكةٌ عاليةٌ أطلقها كريس فجأة ليلتفتَ نحوهُ الاثنانِ بشيءٍ من الاستغرابِ فإذ بهِ منحنيًا ممسكًا ببطنهِ و قطراتُ الدموعِ عالقةٌ بين رموشهِ الطويلة
قالَ مِن بينِ ضحكاته " لا !، أعتذر !، أنا حقًا آسف !، لكن سيدي.."
مسحَ دموعهُ بمفاصلِ أصابعهِ و رفعَ رأسهُ نحوَ آيدن مردفًا " لقد سبقَ و أخبرتك !."
أخذَ آيدن نفسًا عميقًا و اعتدلَ في جلوسهِ موجهًا نظرهُ نحو جوزيف مجددًا و لا أحد يعلمُ ماذا يدورُ في رأسه مِن فكرٍ في هذهِ اللحظةِ فقالَ بهدوء " ثورتكَ لَن تحققَ شيئًا سوى وفياتٍ عظمى.. ذلكَ الرجلُ لن يمانعَ إعدامَ نصفِ المستعمرة لو عارضتهُ."
سألَ جوزيف باستغراب بعدَ أن قلبَ كلماتِ مقابلهِ في عقلهِ لكن دونَ جدوى " عفوًا ؟."
آيدن " إنقلاب... نحنُ سنقومُ بإنقلاب."
قالها آيدن بكل بساطة، كما لو كانَ يقولُ أمرًا مفروغًا منهُ كأنّ لونَ الماءِ شفاف مما دفعَ جوزيف بالتحديقِ بهِ بعيونٍ متسعةٍ محتارًا بما يجبُ أن يجيبَ فأردفَ آيدن
" سنقومُ بإسقاطِ الملكِ عَن عرشهِ... و سنحرمُ أخي الأكبر بليك من خلافة العرش، ما رأيكَ ؟، سعادة اللواء جوزيف ترانسي... ألن توحدَ قوتكَ معنا ؟."
ارتبكَ جوزيف ليسألَ بتردد " أنتَ لستَ جادًا سموكَ ؟."
فأجابَ آيدن بكلّ ثقة " أنا كذلكَ تمامًا."
نظرَ جوزيف إلى كريس بشيءٍ منَ الترددِ سائلًا " التنين كريس آلتر، و الوحش جين دويل مشتركانِ في الانقلابِ كذلكَ ؟."
أومأ آيدن بالإيجابِ فقالَ " ماذا قلتَ ؟، هدفنا واحد !."
سكتَ جوزيف قليلًا يقلبُ كلماتِ أميرهِ في عقلهِ ثُمّ قالَ " شخصيًا أنا موافق... لكن... أمهلني وقتًا آخذُ فيهِ رأيَ رجالي... بالطبع، فأنا سأحافظ على هويتكَ سرًا حتى النهاية سموكَ ."
وقفَ آيدن ليقفَ جوزيف بدورهِ مصافحينِ بعضهما فقالَ الأول " إذًا، أراكَ بعدَ ثلاثةِ أيامٍ سعادة اللواء... و آملُ أن يكونَ أنصاركَ قَد اتخذوا الموقف الذي أريد ."
لَم يقل آيدن جملتهُ بعشوائية، هو لَم ينطق شيئًا بعشوائية مِن قبل، لطالما وصفَ كريس بكونهِ مدققًا فظيعًا في الكلامِ لكنهُ لَم يهزم آيدن في ذلكَ و لو لمرةٍ رغمَ أنّ الأخيرَ لا يبدو عليهِ ذلكَ
فمهلةُ ثلاثةِ أيامٍ أعطاها دونَ السماحِ لمقابلهِ بالنقاشِ لأجلِ وقتٍ أكثرَ طولًا أو أشدَ قصرًا، فالوقتُ يمكنهُ لَو طالَ إحلال كارثةٍ لَو كانَ مَن تظنهُ حليفكَ عدوًا، و لو قَصُرَ لجلبَ الندم على قلوبِ المتسرعينَ في قراراتهم.
أومأ جوزيف إيجابًا و حملَ سيفهُ المسنود إلى قدمِ الطاولة فانحنى لآخرِ مرة قبل أن يخرجَ منَ الكوخِ و على الفورِ دخلَ جين سائلًا " إذًا ؟، كيفَ سارَ الأمرُ سيد آيدن ؟."
زفرَ آيدن مرتميًا على كرسيهِ مغمض العينينِ فقالَ " لا أعلم !، لا أستطيعُ إرخاءَ دفاعاتي بعد !."
فتحَ آيدن عيناهُ محدقًا بالسقفِ فقالَ بشيءٍ منَ الانفعالِ الطفيف " إنهُ كما قالَ كريس تمامًا !، ساذج رغمَ كونهِ في أواخرِ عقده الرابع !، بجدية ؟، لا يهتمُ إن مات ؟، أيدركُ ماذا سيحل بمناصريهِ إن ماتَ قائدهم ؟، بحقِ الجحيم أهناكَ أحمقُ كهذا على هذهِ الأرض ؟."
جلسَ كريس حيثُ كانَ يجلسُ جوزيف و أمسكَ فنجانَ الشاي أمامهُ قائلًا " أكرهُ قولَ هذا لكن.. أخبرتكَ !، إما أنهُ أحمقُ أو منافق ~"
ارتشفَ مِن فنجانهِ فبصقهُ سريعًا هاتفًا " فظيع !، إنهُ بارد !!."
قالَ آيدن بنبرةٍ عميقةٍ حملت الكثيرَ و الكثيرَ منَ الارهاق " في كل الأحوال نحن لا شأن لنا، سنستغل ما نستطيعُ استغلالهُ منه و فقط."
جلسَ جين على الأرضِ متربعًا فسألَ بسذاجة " إذًا ؟، ما الذي سنفعلهُ بقية اليوم ؟، أخبرنا أخيكَ أننا هنا لنتدربَ كما تعلم ~ ، لا يمكننا العودةُ بعد ."
أجابَ آيدن بنبرةٍ هادئة ؛ راكدة ؛ و عميقة " أجل... على أيةِ حال...
نحنُ سوف..."
دَست الشمسُ أشعتها بين وريقاتِ الأشجارِ لتنيرَ صباحَ تلك الغابة التي لا يشوب هدوئها سوى زقزقةِ العصافير
عقدَ أشيبُ الشعرِ حاجبيهِ بانزعاجٍ مهمهمًا ليأنَ بألمٍ فجأة، فتحَ عيناهُ بصعوبةٍ ليحدقَ بما حولهُ بوهنٍ فإذ بمشهدِ الغابة الذي طغى عليهِ الخضارُ يستقبلُ بصره.
نهضَ بتثاقلٍ ليحدقَ بجسدِ تلكَ النائمةِ قربهُ هامسًا " ليديا.."
أخذَ منهُ الأمرَ بضعَ ثوانٍ ليتذكرَ ما حدثَ لهُم، مِن الحريق الذي نشبَ في القريةِ و هجومِ الأمواتِ الأحياءِ عليها و حتى مطاردتهم مِن قبلِ أشخاصٍ بملابسَ سوداءَ حالكة.
أخذَ يتلفتُ حولهُ ليتأكدَ مِن خلوِ المكانِ منَ الأعداءِ فأدركَ أنّه قَد انتهى بهِ الأمر في شقٍ صغيرٍ بينَ جذورِ شجرةٍ كبيرة و الأرضِ و إن هذا ما ارتطمَ بهِ ليلةَ أمس
و لدجى الليلِ في ذلكَ الوقتِ دورٌ كبيرٌ في عدمِ ملاحظةِ المطاردينَ لهما
اعتدلَ آرثر جالسًا ليشهقَ متألمًا بسببِ جرحِ رقبتهِ و كتفهِ هامسًا " نسيتُ الأمرَ تمامًا "
و رغمَ الألمِ تحاملَ على نفسهِ متجاهلًا إياهُ فهزّ ليديا قائلًا " ليديا !، ليديا استيقظي رجاء !، لَقد حلّ الصباح "
همهمت الأخرى بانزعاجٍ و بعدَ بضعِ محاولةٍ أخرى أفاقت أخيرًا لتنتصبَ في جلوسها مطالعةً آرثر بوهنٍ للحظة
لكن و ما إن لمحت جراح الأخير التي لَم تتوقف عن النزيفِ حتى هتفت متشبثةً بملابسهِ " آرثر !، يا إلهي ما الخطبُ معَ كلّ هذهِ الجراح !، مِن أينَ جاءت !."
فجأة تذكرت ليديا ما حدثَ ليلةَ أمس لتحدقَ بالفراغِ بعيونٍ متسعة و قد عصفت داخلها أعاصيرٌ مِنَ المشاعر السلبيةِ فهمست " أمي ..."
ارتخت نظراتها و أدمعت عيناها لحظةَ أمسى مشهدُ طعنِ ذوي الملابسِ السوداءِ لوالديها يتكررُ مرارًا و تكرارًا داخلَ عقلها
شهقت إستعدادًا لنوبةِ بكاءٍ لولا كونُ آرثر قَد انهارَ أمامها فجأة و اضطربت أنفاسهُ متسارعةً دونَ سابقِ إنذار
هتفت ليديا بقلق تغلغلَ أعماقَ كيانها " آرثر !، عليّ أن أناديَ طبيبًا !."
ما لبثت أن نهضت حتى تمسكَ آرثر بساعدها قائلًا مِن بين انفاسهِ " لا.. لا بدّ أنّ رجالَ... الأمسِ.. لا يزالونَ يطاردوننا.. لا يجبُ على أحدٍ.. رؤيتي بهذه الهيئة .."
ليديا " لكن--"
مدّ آرثر يدهُ نحوها ببطء لتتمسكَ بها ليديا بقوةٍ فقالَ " سأكونُ بخير.. لا تقلقي ليديا."
Lydia's P O V
في تلكَ اللحظة.. أنا اعتقدت أن آرثر مذهلٌ فعلًا...
على الرغمِ مِن أنهُ المصاب هنا.. على الرغمِ مِن أني أنا مَن يجبُ أن أقولَ لهُ أنهُ سيكونُ بخير... إلا أنهُ هو مَن فعلها لأجلي ..
هو لا يزالُ يضعُ سلامتيَ أولًا قبلَ كُلّ شيء...
لقد قررت.. آرثر أنقذني.. تحملَ ألمهُ مِن أجلي .. لَم يتخلَ عني يومًا.. لقد قدمَ ليَ الكثير.. لذا... لقدَ حانَ الوقتُ لأردَ لهُ أفعاله !
آسفة آرثر.. لكني لا أريدُ فقدانَ آخرِ مَن تبقى مِن أسرتي !.
END P O V
دست ليديا أصابعها بينَ خصلات شعرِ آرثر الناصعة و مسدت على رأسهِ بلطفٍ قائلة " لا بأس آرثر... أعدكَ سأنقذُ كِلينا !."
سحبت يدها برفقٍ مِن بينِ يديهِ و نهضت تاركةً إياهُ يكافحُ لألا يفقدُ وعيهُ، هو امتلكَ رغبةً عارمةً في إيقافها لكن كيفَ لهُ أن يتحركَ و قد نزفَ ما نزفه.
التقطت ليديا حجرًا و أخذت تسيرُ في الغابة وَ تُعلِمُ على الأشجارِ خادشةً لحائها بما التقطتهُ لألا تضُلَ طريقَ عودتها
وَ مِن حيثُ لا تعلم هبطَ سهمٌ تحتَ قدميها لتشهقَ بفزعٍ فيحيطُ بها المتشحينَ بالسوادِ مِن كُلّ رُكنٍ و زاوية
تلفتت حولها علها تجدُ ثغرةً وَ لو كانت صغيرةً في تشكيلةِ أعدائها حتى وجدتها أخيرًا فهرولت هاربةً و الفزع يسيطر عليها.
أخذت تجري و تجري حتى هبطَ الملثمُ عسلي العينين أسمر البشرة و أحمرُ الشعر أمامها منَ العدمِ فجأة.
تراجعت ليديا إلى الخلف، تقدمَ هوَ إلى الأمام ، عادت تتراجعُ بضعَ خطوةٍ و هوَ يتقدمُ منها بدوره حتى تشبثت بفرعِ شجرةٍ فكسرتهُ مخبأة إياهُ خلفَ ظهرها لفترة
و لَم يمضِ منَ الوقتِ الكثير حتى رمتهُ أمامَ عدوها وما عيبُ المحترفِ إلا أنهُ يظنُ أيَ حركةٍ مفاجأة هجومًا مباغتًا فتراجعَ إلى الخلفِ قفزًا بينما هربت ليديا على عجل.
و بينما تجري وجدت كوخًا صغيرًا وسطَ الغابةِ فقررت الاختباءَ فيهِ إلى حينِ ابتعادِ مطارديها ففتحت البابَ على مصراعيه بقوةٍ شديدةٍ مما فاجأ آيدن ؛ كريس ؛ و جين، مدت يدها نحوهم هاتفة " ساعدوني !."
سيفٌ دخلَ منَ الخارجِ طائرًا فمرّ بجانبها ليُغرسَ في الجدارِ أمامها مما شلّ حركتها و دفعَ الثلاثةَ داخلَ الكوخِ لاستلالِ أسلحتهم .
أمسكَ عسليُ العينينِ معصمَ ليديا و لفّ يدها إلى الخلفِ دافعًا بها للإستلقاءِ على بطنها أرضًا ثُمّ اعتلاها قائلًا ببرود " سألتُكِ أينَ أشيبُ الشعرِ الذي كانَ معكِ ليلةَ أمس."
اتسعت حدقتا عيني آيدن ليهمسَ مصدومًا " أشيب ؟..."
هتفت ليديا بعنادٍ مِن فورها " لَن أخبركَ !."
ليسَ و كأنها ستتخلى عنهُ، وليسَ و كانَ عسلي العينينِ لا يدركُ هذهِ الحقيقة، لكن في الوقتِ ذاته ليسَ و كأنهُ سيتركها لتفعلَ ما تشاء فوجهَ حربتهُ إلى رقبتها قائلًا " أتودينَ الموتَ ؟."
كزت ليديا على أسنانها هاتفة " لَن أموتَ كذلكَ !."
سكتَ عسليُ العينانِ إستعدادًا للسخريةِ منها فسبقتهُ مردفة " هو أمسى قادرًا على الابتسامِ مؤخرًا !، لَن أموتَ و أتركهُ محطمًا و وحيدًا مجددًا !، لأننا عائلة !."
شهقَ عسليُ العينينِ إستعدادًا للهتافِ بها مخططًا لصبّ جامِ غضبهِ عليها لولا صراخُ آيدن الذي هتفَ قائلًا " إيزيكيل !، آمركَ بأن تتوقفَ حالًا !."
أجفلَ جين مِن فورهِ خوفًا فالتفتَ إلى آيدن هامسًا " مخيـ~ـف ، ظننت أنها أبواقُ نهاية العالمِ !."
سخرَ كريس مِن فورهِ فكيفَ لهُ أن يضيعَ فرصةَ السخريةِ مِن شخصٍ قريبٌ منهُ فقالَ " أقلبكَ غيرُ قادرٍ على التحملِ يا صغيري ؟، لا ألومكَ فلا تزالُ في السادسةَ عشرةَ !، لا بدّ أنّ هذا صعبٌ عليكَ ~"
هتفَ بهِ جين بغضبٍ طفوليٍ عارم " اخرس !!."
في نفسِ الوقتِ رفعَ إيزيكيل رأسهُ نحوَ آيدن ليقولَ متفاجئًا " سموُ الأميرِ الثاني آيدن !."
نظرَ إليهِ آيدن بحدةٍ كما تلكَ التي طغت على نبرتهِ " أتجرؤ على تهديدِ و إيذاءِ امرأةٍ أمامي ؟."
كانَ ذلكَ فعلًا ما يشعرُ بهِ آيدن، لكنَ سببًا آخر كانَ لديهِ لإيقافِ إيزيكيل - شعرٌ أشيب - هذه العبارة أعادت لآيدن أملًا ليسَ باستعادةِ والدتهِ لكن بمعرفةِ القليلِ عنها.
اخفضَ إيزيكيل رأسهُ مغمضًا عينيهِ فقالَ معتذرًا " فلتعذرني سموكَ، لكنَ هذهِ المرأة--"
ارتفعَ غضبُ آيدن اضعافًا فقالَ " لا أريدُ سماعَ أعذاركَ !، افلتها حالًا !."
هتفَ إيزيكيل مِن فورهِ " سموكَ !، قَد تكونُ معضوضةً مِن قبلهم !."
سكتَ آيدن لوهلةٍ لتمسكَ ليديا بنصلِ حربةِ إيزيكيل متسببةً بجرحٍ في راحةِ يدها فأخذت دماؤوها بالسيلان
قالت بصوتٍ خافتٍ لَم يخلو مِن نبرةٍ حادة " إنهُ ينزفُ الآنَ حتى الموت... و ها أنا ذا أنزفُ أمامكَ... المعضوضونَ... حتى و إن لَم يتحولوا بعد... هُم لَن ينزفوا قطعًا !."
تفاجأ إيزيكيل مستنكرًا، فكيفَ لها أن تكونَ على علمٍ تامٍ و درايةٍ بأمرٍ كهذا ؟، لَم يمنع نفسهُ منَ السؤالِ فسألَ " أنى لكِ معرفةُ هذا !."
آيدن " كلامها لا غبارَ عليهِ إيزيكيل.. أفلتها !... و عُد مِن حيثُ أتيتَ !."
انحنى لهُ إيزيكيل بصمتٍ ليقفزَ إلى الخلفِ فيختفيَ سريعًا ليتقدمَ آيدن مِن ليديا التي لا تزالُ تجثو ارضًا فسألَ بلطف " أنتِ بخير ؟."
تشبثت بملابسهِ هاتفةً و نبرتها ترتجفُ بشدة فقط كما يرتجفُ جسدها " آرثر !، سينزفُ حتى الموت !، رجاءً ساعدني !!."
أومأ لها آيدن بالإيجابِ و في عقلهِ تدورُ فكرةٌ واحدةٌ و هي الشعرُ الأشيب فقالَ " أجل ، اعتمدي عليَ."
نظرَ نحوَ كريس و جين مطالبًا إياهم باللحاقِ بهِ سريعًا فقالَ الأخيرُ بابتسامةٍ متكلفة " بجدية ؟."
ضربهُ آيدن على جبينهِ بخفةِ قائلًا " لا تتذمر !، اتبعني هيا !."
فما كانَ مِن جين سوى إتباعِ أميرهِ متمتمًا بكلامٍ غيرِ مفهومٍ فدلتهم ليديا على مكانِ تواجدِ آرثر و فورَ رؤيتهم لهيئة الأخيرِ تصنمَ الثلاثةٌ فزعًا لما تبصرهُ أعينهم
شابٌ مستلقٍ فوقَ بركةٍ منَ الدماءِ وَ بشرتهُ وصلت منَ الشحوبِ شحوبًا فاقَ الثلجَ بياضًا.
و أولُ مَن أجبرَ نفسهُ على العودةِ إلى الواقعِ كانَ كريس الذي أسرعَ إلى آرثر هاتفًا " الإسعافات الأولية !!."
أما آيدن فقد تصنم ؛ أحسَ بقلبهِ و قد توقفَ و هو لَم يتوقف حقًا، أحسَ بأنفاسهِ تنقطع و هي لا تزالُ مستمرة، أحسَ بدمِ عروقهِ يتجمدُ و هو يَغلي حرًا
كُلّ ذكرى لوالدتهِ عصفت في رأسهِ فجأة مهما كانت لحظات قليلة أو مواقفَ بعيدة آبيةً التوقف.
رد مع اقتباس