عرض مشاركة واحدة
  #177  
قديم 08-24-2017, 05:22 PM
 





الزهرة السابعة و السبعون : فلوريس بيوبلو 1.
" - : مـ ما هذا... أنا أهوي إلى الأسفل ... غريب... مع أني كُنتُ أحدقُ بظهرِ والديَ قبلَ لحظة... معَ ذلكَ لا أبصرُ الآنَ سوى الظلام... لم أعد أميّزُ إن كُنتُ أهوي حقًا أم أنها مخيلتي فقط... كُلُّ ما أشعرُ بهِ هوَ اللاشيء، كما لو كُنتُ أعومُ في الفراغ، فراغٌ غيرُ محدود.. و عتمةٌ دمساء... و.. اللاشيء."
كوخٌ بنيَ بجذوعِ الشجرِ عسليةِ اللونِ مرتبةٌ أفقيًا فوقَ بعضها بعضًا تتشبثُ ببعضها بتلكَ الحبال النباتية خضراء فاقعة اللون، السماءُ فوقهُ تشعُ زُرقةً كما لَم تفعل من قبل، و الشمسُ تمطرُ بأشعتها الدافئة على المكان، بينما نباتاتٌ بأشكالٍ عجيبة تحتلُ الأرضَ فبعضها سياطٌ متسلقة أو عواميدٌ خضراء مقوسة بنهاياتٍ حلزونية مدورة تكتسيها الأشواك و حتى زهورُ عبادِ شمسٍ تكادُ تطالُ السماء فتمردت بعضُ الأغصانِ و النباتات المتسلقة لتزحفَ على السقفِ المثلث لذلكَ الكوخ، أما داخلهُ، طفلٌ أشقر تربعَ متكئًا على الجدارِ و عيناه الخضراوتانِ تركزانِ على الكتابِ بينَ يديه، و قريبًا منهُ تستلقي بنية الشعر على معدتها و تسندُ كوعيها إلى الأرضِ ثُمَّ خدها على راحتها اليسرى بينما تقلبُ صفحاتِ الكتاب المستلقِ أرضًا بيدها اليمنى ملوحةً بقدميها في الهواء و ابتسامةٌ لطيفة مرسومةٌ على شفتيها
لم يدم ذلكَ السلامُ طويلًا فإذ بأشقرِ الشعرِ يرمي كتابهُ في الهواءِ فيضربُ الأرضَ بقدميهِ هاتفًا : تبًا لهذا !، سأموتُ مللًا !!.
استلقى أرضًا يحدقُ بالسقفِ لتقلبَ الفتاة صفحةً من كتابها فتقولُ : اخفض صوتكَ إتشان..
اكتفى الاشقرُ بالهمهمة إيجابًا دونَ أن يحركَ ساكنًا لينهضَ بعدَ مدةٍ متوجهًا نحوَ تلكَ المرآة الكبيرة المعلقة على الحائط و التي تكادُ تطالُ الأرضية و السقف لولا بضعِ سانتيمترات حالت بينها و بينَ ذلكَ.
تذمرَ هامسًا بينما يطالعُ إنعكاسهُ عليها : أتمنى أن يحدثَ شيءٌ مثيرٌ للاهتمام.. كأن يخرجَ إنعكاسيَ من المرآة مثلًا..
ابتسمَ ساخرًا في النهاية قائلًا : و هذا أمرٌ مستحيل...
توهجت المرآة حلقيًا كسطحِ الماءِ إذ بشيءٍ يخرجُ منها و تزامنًا مع توسعِ عيني الأشقر خرجَ شخصٌ ما من المرآة فعلًا، ابتعدَ الأولُ ليسقطَ الأخيرُ على الأرضية
قالَ الأشقرُ بفزع : واااااههه !!!، لقد خرجَ فعلًا !!!!
تقدمت الطفلة منهُ مع ابتسامتها المعتادة لتقول : تعلمُ أنَّ هذا مستحيل صحيح ؟، إتشان.
أشارت إلى الطفلِ المستلقي أرضًا لتقول : انظر !، إنَّ شعرهُ أسودٌ على خلافك.
هتفَ الأشقرُ فزعًا : أنتِ تركزينَ بالجزءِ الخاطئِ من الموضوع !!
نظرَ أشقرُ الشعرِ نحوَ أسودهِ ليلتقطَ عصا تقليبِ الحطبِ فيبدأ بوكزِ الأخيرِ بها
قالَ : كيفَ لشخصٍ ما أن يخرجَ من المرآة فجأة على أيِّ حال ؟.
قررَ الأشقر أخيرًا قلبَ أسود الشعر على ظهرهِ ليبرزَ وجههُ بوضوحٍ أخيرًا ، كانَ بشعرٍ أسودَ فاحم و بشرة بيضاء كغيومِ الصيفِ تمامًا، لمسهُ الأولُ بحذرٍ شديدٍ مستعملًا طرفَ إصبعهِ ليتحسسَ برودةَ جسدهِ كما لو كانَ أحدَ الأموات
فزعَ ليهتف : هـ هذا الشخص... ميت ؟.
ازدردَ ريقهُ مقطبًا حاجبيهِ ليقتربَ من النائمِ بحذرٍ شديدٍ فوضعَ أذنهُ فوقَ صدرِ الأخيرِ يستمعُ إلى نبضاتِ قلبه
قالَ هامسًا : نبضهُ ضعيف...
وضعَ يدهُ أمامَ أنفِ أسود الشعر ليردف : و.. نفسهُ طبيعي...
توجهَ أشقرُ الشعرِ نحوَ بنيتهِ واضعًا العصا بينَ يديها فقال : ساتشي، احملي هذهِ قليلًا.
أومأت الطفلة باستغرابٍ بينما توجهَ هوَ نحوَ أسودِ الشعرِ مجددًا مشرعًا بسحبهِ من قميصهِ إلى خارجِ الكوخِ و بنية الشعرِ تلحقهُ بترددٍ حتى ابتعدا بضعَ أمتارٍ عن المنزل بشقِ الأنفس ، أخذَ الأشقرُ عصاهُ مجددًا و وقفَ ينتظرُ إفاقةَ ضيفهِ القادم من المرآة بصحبةٍ كستنائية الشعرِ، لم تمضِ مدةٌ طويلةٌ حتى أفاقَ أسودُ الشعرِ و ما كانَ أولُ ما يبصرهُ سوى تلكَ العينان الخضراوتان الواسعتانِ تحدقانِ بهِ عن قرب
نهضَ فزعًا يزاحفُ إلى الخلفِ فهتف : و- واااااااهه، مـ.. مـ مـ مـ من أنتِ !!.
و ما لبثَ حتى حجبَ الشمسَ بساعدهِ متذمرًا : ساطع !!.
التفتت الطفلة نحوَ الطفلِ بجانبها تشيرُ نحوَ أسودِ الشعرِ بسببابتها فقالت بهدوء : لقد أفاق ، إتشان.
رفعَ أشقرُ الشعرِ عصاهُ في وجهِ أسودهِ ليقول : ابتعدي عنهُ ساتشي !!، إنهُ خطر !.
هتفَ أسودُ الشعرِ منزعجًا : عن ماذا تتحدث !، ليس وكـ -
حدقَ أسودُ الشعرِ بعيني الطفلانِ أمامهُ ليهمس : لون عينيهما.. مختلف..
هتفَ أشقرُ الشعرِ بعناد : هذهِ جملتي أنا !، جميعُ سكانِ هذهِ القرية بعيونٍ خضراء إلا حظرتك !، من تكون !!
حدقَ بهِ أسودُ الشعرِ فاغرًا فاهُ بذهولٍ ليهتفَ بعد بضعِ وقتٍ بفزع : بـ.. بـ بـ بشر !!
رفعَ أشقرُ الشعِر أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا : هاه ؟، بالطبعِ نحنُ كذلك !.
ازدرد أسودُ الشعرِ ريقه و عادَ إلى الخلفِ أكثر ليقول : و- وااااههه، لستَ تملكُ أنيابًا كبيرة صحيح ؟، كما أن أظافركَ لا يبدو أنها مخالب... لـ لن تقومَ بأكلي صحيح ؟.
رفعَ أشقرُ الشعرَ حاجبهُ الآخرَ كذلكَ ليقولَ مستغربًا : و لِمَ قد أفعلُ ذلكَ ؟، على أيّ حال أأنتَ بخير ؟، أمتأكد أنك لم تصدم رأسك أو تجنَ من الجوع ؟.
ردَّ أسودُ الشعر : لـ لأن البشر مخلوقاتٌ مخيفة تأكلُ الكائنات الأخرى .. لن تأكلني لأنني شيطان صحيح...
عادَ أشقرُ الشعرِ خطوةً إلى الوراء قائلًا : شـ شيطان..
هتفَ مردفًا : أوليسَ العكس !، أنتم مسوخٌ مرعبة تتغذى على دماء البشر !!.
تقدمَ أسودُ الشعرِ من أشقرهِ ليقولَ منزعجًا : غيرُ صحيح !!، نحنُ لا نؤذي شيئًا أو أحدًا !!.
هتفَ الأشقر : كما لو أنني أصدقك !!.
اقتربت بنية الشعرِ من أسودهِ فقالت : هيي، أدعى سارا... و هوَ إدغار... ماذا عنكَ ؟.
ازدردَ راين ريقهُ فهمس : ر.. راين...

رد مع اقتباس