عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 07-09-2017, 10:01 AM
 
تعدُّد الزوجات ليس بالأمر الجديد تاريخياً، فقد كان معروفاً عند أغلب الحضارات في السابق. وفي الجاهلية كان التعدُّد موجوداً، فكان الرجل يتزوج ما يشاء من النساء؛ بدون قيدٍ أو شرط. وعندما جاء الإسلام؛ لم يمنع التعدُّد في الزيجات، وإنما قنَّنها ووضع لها شروطاً. ففي البداية حدَّد التعدُّد بأربع نساءٍ فقط، ومنع الجمع بين الأختين، أو البنت وخالتها أو عمتها، أو ابنة اختها أو ابنة أخيها، أو أن تكون إحدى الزوجات أصلاً أو فرعاً للأخرى، فلا يجوز أن يجمع بين الأم وابنتها، أو الجدة وحفيدتها.
أباح الله سبحانه وتعالى التعدُّد لحكمة؛ وقنَّنه لحكمة، وجعل العدل أساس التِّعداد، قال الله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليتامى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مثنى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذلك أدنى أَلَّا تَعُولُوا)، فالأصل في الزواج التِّعداد؛ والاستثناء هو الاكتفاء بواحدة، وكان شرط التَّعدُّد هو العدل بين الزوجات، وهو الاستثناء ليكتفي بزوجة واحدة. وفي آيةٍ أخرى يقول الله عزَّ وجل (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما). وهذا جَزْمٌ من الحكيم العليم بأنه لن يستطيع الرجل أن يعدل بين نسائه، فكيف أباح التعدُّد واشترط له العدل في موضع؛ ثم يقول في موضعٍ آخر ولن تعدلوا؟
العدل بين النساء المقصود في الآية الكريمة الأولى، هو العدل في الإنفاق وفي المأكل والمشرب والمسكن، فتسكن جميع نسائه في نفس المستوى، فلا تكون إحداهن في حجرة صغيرة؛ وأخرى تتمتَّع بقصرٍ منيف. ويُعطي كلاً منهن نفس المصروف، فلا يُفضِّل واحدةً ويعطيها أكثر من الأخريات. والمأكل والمشرب على نفس الشاكلة، فلا يأتي لإحداهن بما لذَّ وطاب؛ بينما الأخرى تقتاتُ على البقايا.
أما العدل الذي أجزَمَ الله سبحانه وتعالى أنه لن يتم مهما حرص الزوج على ذلك؛ فهو العدل القلبي وليس العدلُ المادي. فلا يمكن لأحدٍ أن يعدل في الحبِّ لجميع نسائه،
والميل لزوجة يكون على حساب الأخرى، وهذا نوعٌ من الظلم المنبوذ، وهو منهيٌّ عنه في الآية الكريمة السابقة الذِّكر، وقال رسول الله عن ذلك (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل). فلا يميل نحو واحدة ويترك الأخرى لا يأتيها، فتكون كالمُعلَّقة، أي كالمحبوسة، أو التي لا تُعرف هل هي متزوجة أو غير متزوجة، فهذا ظلمٌ كبيرٌ لها والنهيُ عنه واضح وصريح، أبعدنا الله وإياكم عن الظلم وحمانا منه.

تعتبر الأسرة لبنة من لبنات الأمة وهذه الأمة تتكون من مجموعة أسر, يرتبط بعضها ببعض, فكلما كانت اللبنات قوية ذات تماسك كانت كذلك الأمة قوية ذات تماسك, وكلما كانت اللبنات ذات ضعف وانحلال كانت الأمة. تعتبر الأسرة ايضا نواة المجتمع والخلية الأساسية فيه, ونظام الأسرة هو مجموعة من المبادئ والتشريعات التي تنظم علاقة الرجل بالمرأة وهذه المبادئ تتناول الأسرة بالتنظيم بدءاً من تكوينها ومروراً بقيامها واستقرارها, وانتهاء بتفرقها, ومأ يترتب على كل ذلك من أثار قصداً إلى إرسائها على أسس متينة تكفل ديمومتها وإعطائها الثمرات الخيرة المرجوة منها
وهذه الأسرة حتى تتشكل لا بد من الزواج, فالزواج هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة ويفيد تعاونهما, ويحدد ما لكل منهما من حقوق وما عليه من واجبات .
تعدد الزوجات هي قضية اجتماعية متفشية في كثير من المجتمعات العربية ولها العديد من الجوانب السلبية في نظر البعض بسبب عدم تقبل نظرة المجتمع للزوجة الثانية . فهناك من يراها إنسانة ظالمة لأنها اقتحمت حياة امرأة أخرى لتشاركها زوجها وتهدم بيتاً زوجي لتبني بيتها وسعادتها على حساب الأخرين، فيما ينظر لها القليل على أنها إنسانة دفعتها الظروف للقبول بهذا الوضع. هناك العديد من التجارب الناجحة وأيضاً الفاشلة في مسألة زواج الرجل منش, تدخل الأهل, التركيز على العائد المادي (الإغراءات المادية) بالنسبة للبعض, الحفاظ على الأبناء, أن تكون المرأة عاقراً, . إلّا أن بعض الفتيات يرفضن مبدأ الزوجة الثانية ويفضلن أن يبقين طوال حياتهن عازبات على أن تشاركهن نساء أخريات في أزواجهن.
ورغم وجود حالات عديدة لتجارب غير ناجحة على صعيد تعدد الزوجات، إلا أن التجربة ما زالت تتكرر وبالخطوات نفسها، والسبب في ذلك يعود إلى طبيعة بعض الرجال التي تميل إلى التعدد بغض النظر عن الآثار المترتبة عليه سواء كانت إيجابية أو سلبية. مستنداً على تجارب آخرين ونجاحهم في التعدد. ، في حين نجد هناك مَنْ يغفل عن كثير من الحقائق أو يسيء فهمها وتقييمها، الأمر الذي يوقعه في ورطة. لكن لا يستبعد نجاح بعض تجارب التعدد، ويرد ذلك إلى قدرة الرجل في الأساس على العدل بين زوجاته وعدم التفريق المادي والعاطفي بينهن، والسعي إلى المساواة بينهن بقدر الاستطاعة حتى لا تنشأ عداوة وبغضاء بين زوجاته. كما تسهم في نجاح تلك التجارب طبيعة الزوجات أيضاً. فإن كان هدف الزوجة الرئيسي الاستقرار الأسري وتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة فإنها تسعى لإزالة البغضاء فيم بينها وبين الزوجات الأخريات، والسعي إلى إخماد صوت الغيرة المرضية من أجل أن تبقى الأسرة متماسكة.
ومهما حاول الزوج االمساواةالا انه لابد ما يصاحب تعدد الزوجات العديدمن الآثار الاجتماعية والنفسية على المرأة وايضا على الأبناء .بالنسبة للمرأة يمكن ان أورد بعض الآثار النفسية والاجتماعية والتي منها:
المشاكل والخلافات داخل الأسرة والتي قد تصل أحيانا الى الطلاق, التوتر وسرعة الانفعال, حيث أن المشاكل الأسرية وتفاقمها وعدم علاجها من أهم الأسباب المؤدية إلى الاضطرابات والأمراض النفسية كالإحباط ، القلق ،الاكتئاب ،الانفعالات الشديدة. عدم الشعور بالسعادة وسرعة الانفعال إلى جانب مشكلات النوم والأرق والانطواء والانعزال والخوف.”
أما الأبناء فهم دائما الضحية وهم الذين يحصدون العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية الناتجة عن تعدد الزوجات
فالأولاد يرون في الوافد الجديد خصما قويا، يعتقدون بأنه سينقص من حنان وعناية الأب أو الأم تجاههم، أمام هذا الوضع، يبقى من الأساسي بأن يُمنح الأبناء العناية اللازمة، بالاستماع إليهم ومعرفة ما يفكرون فيه وما يؤرق بالهم وما الذي يحسونه، من المهم جدا أن يشرح لهم بأن العلاقة الجديدة لن تؤثر على علاقة الأبوة أو الأمومة معهم، وخصوصا، سيكون من المجدي إبداء مدى الحب والعطف وسرعة الاستجابة لمتطلباتهم في المرحلة الأولى من العلاقة، إلى حين اعتيادهم على الوضع الجديد، لأنه وفي حالات كثيرة، لدى الأطفال ردود أفعال قوية لرفض الوضع الجديد
فيؤثر ذلك عليهم ويؤدي إلى عدم متابعة الأسرة لواجبات الأبناء ويضعف العلاقة بين الآباء والأبناء وشعور الأبناء بعدم تماسك الأسرة والتأثير السلبي على التحصيل الدراسي. ومن الآثار النفسية ايضا حدوث تغير سلبي في سلوك الأبناء بسبب فقدان الاطمئنان النفسي ما يؤدي الغيرة والحسد بين الأبناء والى الكره الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على شخصية الطفل ويخلق له المشكلات في المستقبل ،ويقلل من الاهتمام بالأبناء وفهم احتياجاتهم من قبل آبائهم ، ويعجز الأب عن السيطرة على خلافات الأبناء من أمهات مختلفة. كما أن تصرفات الابناء تتحول إلى حركات عدوانية إن كان مع الاهل أو حتى مع أصدقائهم وذلك نتيجة الاضطراب النفسي الذي يعيشه الطفل.
لذلك من الواجب على الأ ب
العدل بين ابناء الزوجات في المعاملة
عدم التفرقة بين ابناء زوجه عن زوجه اخرى
في الختام, على الرجل أن
يحكّم عقله جيداً عند اتخاذ قرار الزواج لمرّة ثانية أو رابعة ويراعي مشاعر أطفاله وزوجته الأولى حتى يتجنب هدم بيت الزوجية الذي كان قد بني على الحب والتفاهم والتضحية. صحيح أن الشرع حلل للرجل الزواج من أربع ولكن هناك شروط لهذا التحليل تحتّم عليه أن يتصف بالعدل والمساواة


وليس في الغالب كُل حلال يُعمل به أو يُتشبث به بِقوة فهُناك من الحلال ماهوا بغيض ومكروه فالطلاق حلال هل يعني ان الأنسان يتلاعب بمشاعر الآخرين ويُمشي الناس بهواه فيتزوج هذه ويُطلق هذه فقط لأنهُ حلال أن لم تكن حرام وكانت حلالً فالأشياء المترتبة عليها والتي تحدث بسببها قد يحدث فيها من الحرام الى مالا يصل اليه العقل في مُخيلاته .

شكراً لصاحب الموضوع.
__________________





التعديل الأخير تم بواسطة coolant ; 07-09-2017 الساعة 01:54 PM