عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-11-2017, 04:42 AM
 
-الفصل الرّابع-

"الخُوف من الماضِي"

مرت ثلاثة أيّام على بقائها في هذا العالم والكوابيس لاتفارقُها..كان أغلبُ وقتها يذهب وهي تتجول في الحديقة,لاتعلمُ لما لكن كلما شاهدت تلك الشجرة يغلِبها الحُزن وفي الوقت ذاته لاتستطيع إبعاد عينيها عنها.
في هذه الأيام لم يُسمح لها بالخروج خوفاً على حالتِها الصحية وأيضاً خوفاً عليها بالإنهيار مرة أخرى,لقد عُين لها بعض الحراس لمُراقبتها في هذا القصر فكما قالوا ان المملكة غير مُستقرة بسبب الحروب والاعداء الذين يقتحمونها في السّر..منذ ذلك اليوم لم ترى ليام أبداً أخبروها أنه منشغل في هذه الفترة وخصوصاً أنه ولي العهد وبالنسبة للملك فهي لم تراهُ أبداً منذ مجيئها وكما قيل لها انه ليس في المملكة للوقت الحالِي.
تذكّرت سيسيليا أمها وما فعلته لها في ذلك اليوم:"حسناً الان على الأقل أصبحت أعلم لما تكرهينني لهذه الدرجة..".
"أه سيسيليا إذا انتِ هنا" رفعت سيسيليا عينيها إلى السماء لترى جولي بأجنحتها البيضاء وهي ترتدِي اللباسّ الرسمي للفرسان الملكيين ويبدو انها كانت تتدرب كالعادة في الساحة,رغم انها الاميرة لكنها تبذلُ الكثير من اجل مملكتها وهذا ماجعل سيسيليا تشعُر أنها لم تفعل أي شيء من أجل شعبِها..هبطت جولي على الأرض وإختفت أجنحتها.
تعجبت سيسيليا قائلة:"إ..إختفت".
"أتقصدين الأجنحة؟عندما أحتاج إليها تظهر لكن بالطبع استطيع إخفائها" واكملت قائلة وهي تشير للاعلى:"اجنحتي ضعيفة نوعاً ما وهي ليست كاجنحة ذلك المغرُور" رفعت عينيها للسماء لترى ليام وهو يتوجه للقصر,كانت اجنحته اكبر بكثير من اجنحة جولي,كان يرتدي اللباسّ الملكي باللون الأبيض المكون من قِطعتين مما يبدو انه قد رجع من إجتماعه بجنود المملكة.
"انه منشغل دائماً هاه.." اجابت جولي بمرح:"ماذا هل تشتاقين لذلك المغرُور؟" إحمر وجه سيسيليا واجابت:"ليس كذلك".
"في هذه الأيام أراكِ دائماً عند هذه الشجرة" ألقت سيسيليا نظرة على الشجرة وأجابت:"نعم أشعر أنني اهدأ عندما أقضي الوقت هنا".
"أتعلمين..هذه الشجرة هي بذرة مملكة لينيوس,تحمل القوة لتحمي هذه المملكة وهي التي تحافظ على إتزانها"إبتسمت سيسيليا وهي تتأمل بهذه الأغصان الرفيعة واوراق الساكورا التي تسقط منها:"لم أستطع ان أحافظ على شعبي من طُغيان أمي..اتمنى ان أكون يوماً ما بقوة هذه الشجرة".
أفاقت سيسيليا من شرُودها وحاولت ان تُلطف الحديث:"هيا لابد انكِ مشغولة ياأميرة" تجهّم وجه جولي قائلة:"لاأريد ان تناديني هكذا نحن أصدقاء فقط جولي ياسمُو الاميرة" ضحكت سيسيليا بخفة:"حسناً لكن يجب ان تخبري نفسكِ بهذا أيضاً" إبتسمت جولي بخجل:"اه حسناً ساحاول رغم أنني إعتدت على مناداتكِ بهذا" فجأة أُصدر صوت جرس مُدوي,كان الصوت يصلُ لانحاء المملكة.
"حسناً حسناً لابد ان الاجتماع قد بدأ سأذهب لأرى ليام لدينا بعض المشاكل التي تحصل ويجب حلّها,لاتبتعدي عن الحراس حسناُ؟اراكِ لاحقاً".
قررت سيسيليا ان تعود لغُرفتها وفي أثناء سيرها توقّفها صُداع شديد تهاوت نحو الأرض وهي ممسكة برأسها..أغمضت عينيها بشدة وهي تحاول ان تتفادى هذا الألم! هناك شيء ما مر على ذكراها "ما..ماهذا"هذا مانطقت به وهي ترى شخص ما مُلقى على الأرض ذو شعر اسود,كانت عينيه تراقبُها..نعم تراقبُها وتكاد ان تخترق جسدها,تلك العينين الخالية من الحياة..والدماء المحيطة به كما أن جدتها كانت بجانبة وتحاول ان تحميه لكن من ماذا..
اطلقت صرخة مُدوية تحرك جميع من في القصر باحثاً عنها..وصل شخص ما إليها وهو يحاول ان يهدأ من رعشة جسدها كان يرتجف بشكلٍ مهُول, حاولت ان ترى من هذا الشخص الذي يُحيط جسدها البارد بالدفىء"ما هذا..هذا الشعُور وكانه ينزع مني ألمي, شعره الأسود وعينيه تلك..ليام بالتأكيد انه ليام".
إقترب احد الحراس إليهم:"أرجوك ياسمُوك إن حاولت ان تأخذ ألم الاميرة أكثر من هذا ستنهار" لم يُجب ليام على ماقيل له وحاولت بكل ما اوتي من قوة ان يأخذ هذا الألم إلى ان إنهار بجانبها وأصاب وجهه الشحُوب والإرهاق.
كانت أشعة الشمس تدخل لهذه الغُرفة البيضاء وتحاول ان توقض تلك الحسناء ذات شعرِها الاحمر..واخيراً فتحت عينيها تحت تأثير ألم طفيف في رأسها"ياسمُو الأميرة هل أنتِ بخير؟" كانت تلك ليلين وعلامات القلق ظاهرة على وجهها, نهضت سيسيليا بتثاقل:"نعم..بخير" تذكرت ماحدث وقالت بإنفعال:"ليام ماذا حدث له!".
جلست ليلين بالقرب منها وهي تمسح على شعرها:"انه يأخذ قسطاً من الراحة,عندما سقطتي حاول أن يأخذ ألمك ولم يستطع ان يتمالك نفسه وسقط من الإرهاق" شعرت سيسيليا بالذنب:"انا السبب في هذا"أبعدت الغطاء ونهضت بسرعة,أمسكت بها ليلين:"ياأميرة أرجوكِ لايجب أن تُرهقي جسدك" لكن سيسيليا لم تستمع إليها وخرجت من الغرفة,إبتسمت ليلين قائلة:"مازالت لاتترك عِنادها عندما يتعلق الامر بالأمير..".
رأت إحدى الخدم في الممر وتوقفته قائلة:"أين يوجد الأمير" إنحنى الخادم لها قائلا:"إنه في نهاية الرواق سمُوك" وجهها الخادم وسارت سيسيليا خلفه إلى نهاية الرواق توترت قليلاً وهي امام غرفته لم تُدرك لما هي بهذا القلق لكن تشجعت وطرقت الباب..فتح الطبيب جاك الباب وإنحنى لها:"تفضلي أرجوكِ" دخلت سيسيليا الغرفة بقلق وهي ترى ليام المُمدد على سريره بهدوء"كيف أصبح حاله.."أجاب جاك:"لابأس كان مُستيقظ للتو إنه بخير لكن يحتاج للراحة" وأكمل قائلاً:"أرجوكِ إجلسي وأنا سأذهب لاجلب بعض الدواء له"وخرج فوراً.
إقتربت سيسيليا من سريره وجلست بالقُرب منه..لم تستطع ان تكتُم دموعها التي تسقط من عينيها حاولت لكن لم تستطع.
شعرت بيد تمسح دموعها التي سالت على وجنتها وشعرت بالدفىء الذي يصدر منها,لما تشعُر بهذا الألم عندما تراه؟هي فعلاً لاتعلم لما تتألم بوجوده وفي الوقت ذاته لاتشعُر بالهدوء إلا بوجوده "لما تبكين.."كان هذا مانطق به ليام وعينيه لم تفارق عينيها,هدأت قليلاً وأجابت:"أسفة..منذ ان اتيت وانا اسبب الفوضى لك" إبتسم ليام بتلك الإبتسامة القادرة على تشتيت قلبِها وجسدها باكمله:"لطالما كنتِ تسببين الفوضى لي سيلي" خجلت سيسيليا وتحاشت النظر إليه إلى الان لم تعرف لما هذا الشاب يجعل نبضات قلبِها تتسارع والان قلبها سيخرج عندما ناداها بسيلي..
وقعت عينيه على الجرح الذي قد خُط على جبينها:"هل انتِ بخير؟" لامست ذلك الجُرح وإبتسمت:"هذا لاشيء فقط بسبب ان جبيني قد ضُرب الأرض بشدّة".
أمسك بيديها وقبلها بلُطف قائلاً:"انا سعيد أنكِ بخير.." شيئاً فشئياُ شعرت أن الإرهاق يسيطر عليه واغمض عينيه بتعب..إبتسمت سيسيليا وهي تراه نائم بهذا الهدوء,شعرت بالإحراج لكن لطالما أرادت ان تُلامس يديها شعره الأسود الناعم..كان ناعماً بحق وكثيفاً.
لم تستطع ان تمنع نفسها من الإبتسام وهي تشاهده هكذا,شعرت أنها لاتستطيع ان تكون بهذا الهدوء والأمان إلا بجانبه..هي حقاُ لاتتذكر ماضيها معه لكن رغم هذا كانت تشعُر انه شخص عزيزُ على قلبِها.
"في منتصف الليل"
فتحت سيسيليا عينيها لترى انها نائمة على السرير لكن كان سرير ليام! نهضت بسرعة وعينيها تبحثُ عنه, رأت ظله الطويل أمام الشُرفة إقتربت إليه لتراه كان واقفاُ وسط ظُلمة الليل يُحدق في شيء ما يلمع في يده"هل انت بخير؟"إلفت إليها وإقترب منها كثيراً إلى ان أحاطها بذراعيه وكانه يخشى ان تختفي في هذه اللحظة"أرجوكِ لاتذهبي بعد الان.."





-سأكون بإنتظار تعليقكم على الفصل,دُمتم بوِد اعّزائي-
رد مع اقتباس