عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-07-2017, 09:16 PM
 
ذهبية ~ ابنةُ البحر

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/07_05_17149417658225371.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


ابنةُ البحر



جميلة


كانت " أمل " تعيش في ملجأٍ للأيتام ...
توفّي والداها غرقًا , فأُخِذَت إلى ذلك المكان الرّمادي الكَئِيب
حيث كانت تعمل كلّ يوم مع الأيتام الآخرين
في مسحِ الأرض المُشقّقة,و تَوضيب الموائد البسيطة ,و ترتيب القاعات القديمة
لأنّ المكان بيتهم... ذلك البيت الذي لا حبّ فيه و لا حنان ,
لا يوجد فيه أبٌ ولا أمٌّ بَل مُربّيات صارِمات, و مُديرة قاسية تُعامل الأطفال كأنّهم سُجناء عندها, و من يخطِئ خطأة صغيرة يُعاقَب بشِدَّة.

أمل طفلة ذكيّة , حفظت توجيهات أمّها و أبيها عندما كانا على قَيد الحياة ,كاحترام الكبير , الأدب في الكلام, و الحِفاظ على النّظافة , و لأنّها تحبّ والدَيها كثيرًا كانت تنفِّذ ما تتذكّره من كلامهما , لذلك أعطتها المديرة مكافأة ذات يوم , حيث قالت لها:
-اختاري ما تريدين فعله اليوم
-هل أستطيع الذّهاب إلى البحر؟
- حسن سيأخذك العَم" مَنصور " إلى هناك
نادت المديرة على الآذن العجوز منصور, و أوصته أن يأخذ البنتَ إلى البحر و يعود بها عند الغروب.

سارتْ أمل بسعادة مع العم منصور, حتّى وصلت إلى حيث أبصرت البحر الفيروزيّ و رأت شُعاع الشّمس على المَوجاتِ التي تلعب مع النّسيم...
جلسَ الرّجل العجوز سارحًا و تركها تمشي على مهلٍ وقدماها تغوصان في الرّمل الذّهبي النّاعم مع كلّ خطوة , حتّى وصلت إلى منطقة صخريّة مُنخفضة تلتقي مع المياهِ , هناك جلسَت تنظر إلى زَبَد البحر و تستمع إلى صوتِ الأمواج ,
و تتساءل يا ترى أين غرق والِداها؟

لقد كانت معهما في نزهةٍ بحريّة, فهبّت عاصفة و اشتَدّ المَوجُ فأُغمي عليها , عندما استيقظت أخبرها الصّيّاد الذي أنقذها من الغرق أنّه لَم يستطِع إنقاذ الآخَرين.
تنهّدت بحزنٍ و همستْ:
-بابا...ماما ...كَم اشتقتُ لكما
دمعت عيناها الحلوتان ومن خلال الدّموع ظنّت أنّها رأت بين الأمواج ذيلًا بألوانِ قوس قزح, اعتقدتْ أنّها سمكةٌ كبيرة غريبة, ولَم تهتمّ بها بل غطّت وجهها بكفّيها
وهي تقول :
-ليتني غرقتُ معكما.
وراحت تبكي ,عندها سمعت صوتًا يقول بعطف:
-أبواكِ سقطا في البحر إذًا؟

أبعدت يديها عن وجهها المبلّل بالدّموع , لترى فتاةً جميلة بشعرٍ أزرق لمّاع
و بذرّاتٍ فضّيّة تغطّي بشرتها كرداءٍ من الجِذع إلى...الذّيل الملوّن!
نهضت أمل و هي تشهق:
-يا إلهي!أنتِ لستِ سمكة كبيرةً ا؟!أنت عروس البحر!
-اششش اخفضي صوتكِ , لا أريد أن يعرف البشر بوجودي .
نظرت أمل إلى ناحية الآذن العجوز , و طمأنت الحورية:
-لا تقلقي , العم منصور كبير بالسّنِّ و لن ينتبه لشيء.
فابتسمت المخلوقة البحريّة اللطيفة و هي تقول:
- جيّد ...إذًا هو لن ينتبه إن أخذتكِ معي.

أمسكت الحوريّة بيد أمل و سحبتها , فغاصت معها و هي تغمض عينَيها و تقفل فمها خوفًا من المياه المالحة التي غمرتها, لكنّها لَم تعُد خائفة و هي تتنفّس بشكل عاديّ , ففتحت عينيها و الحوريّة تخبرها:
-اطمئنّي ...البحر قد أخذ والديك يومًا , لكنّه الآن سيكون كما تريدينه أنت...اليوم سيدلّلك البحر كأنّكِ ابنتِه!
نظرت صديقتنا الصّغيرة إلى كلّ الاتّجاهات باندهاش ,و الأسماك العجيبة تسبح مِن حولها و تلعب بشعرها الذي راح يتماوَج تمامًا مثل شعر الحوريّة.
تكلّمت عروس البحر بصوت لطيف:
- هيا معي.

اكتشفت أمل وهي تحرّك يديها و ساقَيها أنّها تستطيع السّباحة بسهولة!
فانطلقت مع الحوريّة و هي سعيدة برؤية عالَم البحار حقيقةً أمام عينيها...
رأت المرجان بألوان متنوّعة و أشكال لا تخطر على بال إنسان, داعبتْ بيدها مخلوقات المُحيط البَديعة التي لَم تُذكَر في كُتبنا نحنُ البشر, و وصلتْ إلى قاع المُحيط حيث الكنوز مِن لآلئ نادرةٍ و أحجارٍ باهرة و كلّ ما تحبّ العين أن ترى!

كانت طوال الوقت مذهولة و في الوقت نفسه حزينة!لأنّ أباها و أمّها غرقا في البحر بدلَ أن يشاهدا جماله...
وهناك في القاع المَليء بالعجائب , همست عروس البحر:
-انظري مَن أتى لرؤيتك.
انتبهتْ أمل إلى أنوارٍ على يمينها و يسارها, اتّسعت عيناها و هي تهتف :
-أبي؟أمي؟لا أصدّق!
عانقتهما باكيةً بسعادة:
-أنتما هنا !معي!
قالت الأم بحنان:
-نحن دائمًا معك حبيبتي.
قال الأب بمحبّة:
- هنا في قلبك يا أميرتي الحلوة.
ثمّ ابتعدا قليلًا و الأب يتابع:
-أنت فتاة شجاعة و طيّبة.
و الأم تهمس:
- نحبّك جدًّا.

مدّت أمل يديها إلى الضّوء الذي ذاب كالسُّكّر في الماء ...
و اختفى الوالدان الحبيبان ,فصاحَت :
-بابا!ماما!لا ترحلا! !

ربّتَت الحوريّة على كتفها وهي تُراضيها:
-لا تحزني ,أنت شجاعة مثلما قال بابا, لذلك ستعيشين حياتك و تنجحين فيها أليس كذك؟
ردّت أمل ببراءة:
-نعم, و لكن ...وحدي؟
ذكّرتها الحوريّة:
- لستِ وحدك, ألم تقُل ماما أنّهما دائمًا معكِ؟
هزّت رأسها كأنها تقول"أجل", فتابعَت عروس البحر:
- و كلّما استطعتِ , تعالي إلى هنا , سنلعب معًا و سآخذكِ لرؤية أشياء أخرى كثيرة لَم ترَيها اليوم, و ستحضر روحُ أمّك و أبيك كما حصل اليوم...حسنٌ؟
تفاءلت أمل و قالت بسعادة:
-نعم!
همست الحوريّة:
-أمّا الآن...حان وقت العودة إلى الشّاطئ.

سبحت الإنسيّة مع الحوريّة إلى أن بدأ ضوء الغروب الأحمر يظهر ,فهمت أمل أنّهما قريبتان من سطح البحر فعانقت الحوريّةَ قائلة:
-شكرًا لك يا صديقتي...إلى اللقاء.
فأجابت :
-سأكون بانتظار لقائنا ...يابنة البحر.

تمسّكت أمل بالصّخور و صعدت لكي تجلس في نفس المكان الذي التقت عنده بتلك المخلوقة العجيبة, نظرت إلى شمس الغروب التي كانت تهبط خلف البحر لتنام بهدوء, ثمّ التفتت إلى جهة العم منصور, فرأته قادمًا نحوها وهو ينادي:
- حان وقت العودة إلى الملجأ.
حين اقترب رآها مبلّلة بالكامل فسألها مستغربًا:
- ماذا حصل لك؟
فتحت فمها لتخبره عن رحلتها مع عروس البحر لكنّها تذكّرت أنّ صديقتها الجديدة لا تريد أن يعرف البشر عنها
فقالت ببراءة دون أن تكذب:
-غصتُ في عمق البحر
-مهلًا !ماذا؟
تركته مُحتارًا و سارت أمامه, فهزّ رأسه وهو يتبعها قائلًا بتعب:
- المهمّ أنّكِ بخير.

التفتت ضاحكةً لأنّه لَم يفهم شيئًا, و ألقت نظرة أخيرة على الأمواج الهادئة التي تعكس لون الشّفق , في قلبها وعدٌ لنفسها
بأنّها ستستمرّ في هذه الحياة ...شُجاعة و طيّبة, و ستعمل دائمًا بتوصيات والدَيها
ليُسمَح لها بزيارة البحر من جديد ...مرّاتٍ و مرّات

النّهاية


كيف أنتم قرّائي الرائعون؟
كانت تلكَ مشاركتي بمسابقة القصص القصيرة للأطفال.

أتمنّى أنّها قد نالت إعجابكم
و أن تعطوني رأيكم و هل تناسب الأطفال فعلا؟
كما ترون هي خياليّة ,مختلفة عن اول قصة وجهتُها للاطفال
فتلك كانت واقعية و فكرتها أبسط من هذه.
سأحبّ أن تُطلِعوا أقرباءكم من الأطفال على هذه القصة لنرى ما رأيهم

في أمان الله

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________








التعديل الأخير تم بواسطة آميوليت ; 05-08-2017 الساعة 01:42 PM
رد مع اقتباس