عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 05-05-2017, 11:37 PM
 
الفصل الرابع

الطائرة



سقط قلمُ الرصاص من يدها اليسرى ، وجدت الصعوبة في الإنحناء وجلبه ، لذا مدَّت يدها نحو حقيبتها السوداء وسحبت قلمًا آخر ، عيناها تناقلت من دفتر الرسم السميك إلى وجه ديفون النائم ، وصلت لـ آخر مراحل الإكتمال فقط احتاجت تضليل ملابسه لتصبح مثالية ، ولكنَّ الطائرة ارتجَّت بقوة وجعلها تهتز ، حقيبتها السوداء سقطت على الأرض ؛ فقد جلست بجانب الممر في حين ديفون أخذ المقعد بجانب النافذة ، تنهدت بملل ومن ثم أنزلت دفتر الرسم ، وقفت على أقدامها والتقطت حقيبتها معه القلم ـ الذي سقط سابقًا ـ بصعوبة بالغة حاولت فتح المقصورة فوقها لترمي حقيبتها للأعلى ، وبعد صراعٍ طويل وشتم أنجزت مهمتها ، ارتجت الطائرة من جديد مما جعل قلبها يبدأ بالنبض ، فـ أنيت لم تكن إلَّا صاحبة شك و توقعات سلبية.

أخذت نفسًا عميق ومن ثم نظرت لمقعدها ، لقد اختفى الدفتر ومعه لون وجهها ، تبعت الجسد الذي جلس بجانها ببطء ، أنامله الطويلة قد أحكمت القبض على الدفتر ، ينظر لتلك الإنحناءات بإعجابٍ وإنذهال تام ، جلست بهدوء مكانها ولاحظ ديفون حركتها ؛ ليلتفت بسرعةٍ هائلة ويرسم ابتسامة لطيفة على وجهه

ـ أخبرتني ليَّا بأنك تجيدين الرسم ولكن هذا أفضل مما توقعت !

ارتفعت درجت حرارتها أو هذا ما ظنَّته الهاوية بإتجاه مشاعرها ، فقط إحمرَّت وجنتاها على ذلك الإطراء ، سحبت الدفتر من يد ديفون ومن ثم عادت للوقوف وفتح باب المقصورة ؛ لإدخال الدفتر مكانه

ـ أن تُمسك ممتلكات الآخرين سلوكٌ فظ!
ـ أعلم ...

حرَّكت أنيت حاجباها بقرف نحوه من ثم أغلقت المقصورة ، لم تجد صعوبة في فتحها كالمرة الأولى ، نظرت أنيت لجميع الركاب ، معظمهم نائم ، الرحلة لإيطاليا طويلة جدًا وهم الآن فوق سماء فرنسا ، أنيت عادت تنظر لمقعدها وقبل أن تباغت بالجلوس عادت الطائرة للإرتجاج وهذه المرة كانت إرتجاجات متتالية ، أنيت سقطت جراء تلك الهزَّات ؛ وديفون أمسكها بصدرٍ رحب ، هي نظرت له بإحراج وتوتر وهو رفع حاجبه الأيسر ينظر لها بأقليَّة

ـ أظن مقعدك أكثر راحةٍ من حضني!

اندفعت بسرعة من ذراعيه لتجلس بتجحر مكانها دون أي رد فعل ...

ـ رُكَّابنا الكِرام ، نعتذر لهذه المطبات الهوائية ، ولكن سنخوض المزيد منها في الدقائق القادمة لذا أرجو الهدوء وربط الأحزمة ، ونتمنى لكم وقت سعيد !

كلا ديفون و أنيت رسموا ابتسامة ساخرة على أخر شيءٍ قاله ربَّان الطائرة " نتمنى لكم وقتًا سعيد " أي سعادة عندما تقفز طائرةً في السماء ؟

بعد دقائق وكما وعد الرَّبان كان الجميع يهتزَّ مع الطائرة ، كان الجو في الخارج ماطر ويميل للإعصار ، برقت السماء كل دقيقة مما جعل الأطفال يبكون بحرقة ، لم تهدء الأوضاع لخمس دقائق والفزع بدأ بأكل الركاب ، أنيت لم تكن أكثر من خائفة ، يدها تشبثت بالمقعد تحاول تهدئة أنفاسها ونظمهم ، و ديفون وجد الأمر مثير لسخرية

ـ لم أكن أعلم بهذا الجانب منك !
ـ ايُّ جانب ؟
ـ المرتعب !
ـ لست كذلك ...
ـ حقًأ
ـ ماذا عنك ؟ لماذا تبتسم هكذا؟

حاولت أنيت أن تشغل وقتها عن التفكير بالموت مع ديفون الذي ضحك بغرور ونظر لها بإستهتار

ـ إنَّها أول مرةٍ أخوض مطباتٍ هوائية ، ولكنَّها تشبه لعبة الأفعوانية !
ـ يا إلهي !! ... وهل سقوط الطائرة فوق بحرٍ لا يرعبك؟
ـ لا ... يوجد قوارب أمان وهذه السترات !

سحب ديفون سترة الإنقاذ البرتقالية من أسفل مقعده مما جعل أنيت تفزع لرؤيتها ، فهي لا تحتاج لهذا الشيء الآن

ـ أنيت إهدءِ لن يحدث شيء ... تفائلـ ـ
ـ رُكابنا الكِرام ، نأسف لإبلاغكم بأن المحرك الأيمن قد سقط وأننا سنهبط على أول قطعة أرض في الرؤية ...
ـ كنت تقول؟

شمت ديفون الرُّبان في نفسه ومن ثم بدَّل معالم وجهه لسعادة والطمانينية ، أنيت كانت مفزوعة وتعد للمئة ، هو اقترب قليلًا نحوها

ـ آه هيًّا سنهبط في فرنسا ... إنَّه حلم كل فتاة !