عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 05-05-2017, 04:35 PM
 
البارت السابع بعنوان المكالمه الهاتفيه

[frame="3 80"]ضاع صوتها الرقيق الحاد في ثنايا الهتافات، التي تعالت حالما أعلن السيد هاري عن ابتداء المهرجان السنوي ((للبلاد السعيدة)) ، حاولت أن ترفع صوتها قليلا لكن عبثا تحاول ، ففرح الأطفال طغى على رغبتها بإسكاتهم ،
حتى أنيتا العابسة دوما ابتسمت وراحت تصرخ كبقية الأطفال ، فما كان منها إلا أن ابتسمت بهدوء واتكأت إلى الطاولة الخشبية الموضوعة خلفها ، نظرت إلى الأطفال بحنان وراحت تحسدهم على براءتهم ، وسرعان ما غزت الذكريات رأسها ،ذكريات عنها وعن كايل عندما ذهبا إلى مدينة الألعاب وضاعت هناك ، وذكريات عن عيد ميلادها 16 وكيف حاول كايل أن يحمل تلك الكعكة الكبيرة ،و انتهى الأمر بوقوعها فوق دايزي التي قذفته بالكريما جزاء لفعلته ،والعديد العديد من هذه الذكريات.
_بماذا تفكر الأميرة؟؟
التفتت إلى نيكول الذي همس لها بهذه الجملة ،وعلى وجهها ابتسامة مشرقة وهي تقول:
_لا شيء ،كنت أفكر فقط بطفولتي وكيف قضيتها واستمتعت بها .
ابتسم باشراق هو الآخر ،وقال:
_هـــــــــــــــــا ، سأكون سعيدا بالاطلاع على بعض هذه الذكريات التي لا تنفك تسرقك منا .
اتكأ إلى الطاولة بجانبها وراح يتطلع إلى الأطفال بابتسامة غزت ثغره الرقيق :
_بالنسبة لطفولتي فقد أمضيتها في مضايقة ساندرا وتعذيبها ، كما كدت أصيب أمي بالجلطة مرتين أو ثلاثة، وكنت سأذهب إلى السجن وذلك لدخولي في قتال شوارع.
_كـــــــــــــــــــــــــــــــــاذب.
هذا ما صرحت به ساندرا وهي توجه نظرات عينيها اللوزيتين إلى شقيقها الذي قال متحديا:
_ألم تهربي من الصف أنت وسوزي الغبية ،عندما وضعت ذلك الضفدع بين كتبك؟؟
اهتزت ساندرا للذكرى وصدت عن شقيقها بقرف ، استندت إلى الطاولة على الجهة الأخرى لدايزي بعيدا عن نيكول، الذي أخذ يضحك بشماتة ،نفضت ساندرا يديها كأنما بفعلتها هذه تتخلص من تلك الذكرى المقززة التي أثارها نيكول ، التفتت إلى شقيقها وقالت معاتبة:
_لا زلت ترفق لقب الغبية بسوزي، على الرغم من كل الوقت الذي قضيتماه معا .
التمعت عينا دايزي بالمكر وهي تهز رأسها بخبث وتهمهم بالإيجاب ، في حين اقتربت سان منها وأخذت تتلو عليها العديد من المواقف التي مرت بنيكول ولوسي ،وعلى الأغلب أنها لا تشمل أي شيء ذكرى صحيحة، لكن دايزي كانت تستمع بإنصات ،وتهز رأسها وفجأة رفعت رأسها وصوبت نظراتها النافذة نحو عيني نيكولوس، وسرعان ما أمسكت بياقة قميصه وجذبته لتصطدم عيناها بعينيه ،اللتين أخذتا تبحثان عن مهرب من نظراتها الخبيثة ، سألت دايزي بهمس:
_كيف كانت قبلتك الأولى نيكول؟؟
احمر نيكول خجلا واضطرب ،ولكنه قال :
_أنا لم أنلها بعد .
أمعنت دايزي النظر في عينيه أكثر وهي تعيد:
_كيف كانت قبلتك الأولى نيكول ؟؟
بدى الإصرار جليا في عينيها ،مالذي تريده منه ؟؟ ولم لا تصدقه ؟؟ أمسك بيديها وأبعدهما برفق عن قميصه، وقال بثقة :
_أقول لك لم أنلها بعد !! ألا تصدقين ؟؟
تنهدت دايزي بأسف وهي تقول بخيبة:
_ يا إلهي ،تجاوزت الثانوية ولم تنل قبلتك الأولى بعد!!
رفع نيكول حاجبيه باستغراب وسأل بهدوء:
_وهل نلتها أنت ؟؟
صرخت به دايزي وهي تجيب بعاطفة جياشة صادقة:
_لن يقبلني سوى زوجي ،فهمت؟؟
تراجع قليلا للخلف ،وقال بارتباك :
_أجل فهمت .
_ياله من تعيس حظ ذاك الذي سيتزوجك .
صوته الساخر ولكنته المتقنة ،وتلك النبرة الكسولة في صوته تثيرها وتحفز روح القتال لديها ،وتفجر كل الطاقات المخبأة المخفية خلف وجهها الجميل الساحر وعيناها الواسعتان الخلابتان ، وجسدها الرقيق الممشوق وصوتها الهادئ و الحاد في نفس الوقت:
_مالذي تريده سيد سو؟؟
سألته بهدوء وهي تدقق النظر بملابسه ، يبدو مختلفا اليوم فشعره مرتب على غير العادة، وهويرتدي قميصا قمحي اللون وعليه العديد من الخطوط المتداخلة باللون الأسود ،كما أنه وأخيرا يرتدي بنطالا استطاعت التعرف على لونه إذ أنه باللون الأسود الحالك ،على الرغم من أن ملابسه كانت جيدة إلا أنها لم تستطع أن تمنع لسانها من إطلاق تعليق ساخر :
_هل أخطأ أحدهم ونظف فرشاة الدهان بقميصك؟؟
بان على وجهه السخط ،لقد استيقظ صباحا وهو مصاب بصداع رهيب إذ كان عليه أن ينجز بعض الأعمال الخاصة بالشركة مساء أمس ، ولكن يبدو أن الأمور معقدة جدا، فهو في إجازة و الشخص الوحيد الذي يعتمد عليه في إنجاز أعماله - ابن خاله ( ليسندر) – سافر إلى جزر الكاريبي لإنجاز صفقة مهمة من ثم سيأخذ إجازة،وهو لا يملك شخصا آخر ليعتمد عليه ،فما كان منه إلا أن أقام اجتماعا الساعة 12 ليلا ، انتهى الساعة 4.5صباحا ، وكانت كل العثرات قد أزيلت ووضعت خطط مستقبلية ،كما أمر بعقد اجتماع كل ليلة يبدأ الساعة 11 ليبقى مطلعا على كل مايجري.
نظر إليها بملل وهو يقول:
_لا أيتها الفأرة ،لقد ظننت أنه سيعجبك لهذا ارتديته !!
حدقت في عينيه بتمعن،ثم مدت يدها إلى جبينه في حين أنه قطب حاجبيه فرفعت يدها الأخرى وفرقت حاجبيه، ومن ثم أزالت يديها معا ،وقالت متسائلة وقد قطبت كما فعل أندريس قبل قليل:
_حرارتك معتدلة ، كنت أظنك مريضا بحيث أنك تريد أن ترتدي شيئا يعجبني .
مد يده وفرق حاجبيها ،فابتسمت وقد تسللت حمرة الخجل إلى خديها ،في حين نظر نيكول إليهما وهو يهز رأسه بمكر ويهمهم بكلمات غريبة .
التفتت إليه دايزي تسأله عما يقول ،فهز رأسه موحيا إليها ألا تهتم ،لكن أندريس قال بوضوح:
_لا تفكر حتى في ذلك نيكول .
التفتت إليه متسائلة:
_ماذا تعني؟؟
وضع أندريس يده على رأسها وبعثر شعرها وقال مبتسما:
_ أنت لازلت فتاة ساذجة .
لم تنتبه إلى ما قاله وإنما تركيزها كان منصبا على يده التي تبعثر شعرها ، كانت تحس بشعور قوي ...............
شعور يدفعها لأن تثور وتصرخ في وجهه وهذا بالضبط ما فعلته أمسكت بيده وأبعدتها بقسوة عن شعرها وراحت تصيح:
_أتعلم كمية الجهد الذي تكبدته هذا الصباح لأقوم بتنسيق شعري ؟؟ بالطبع لا !! لقد كان علي أن أضع عليه حوالي 50 مادة حتى أستطيع ضمه لبعضه .
ساندرا ونيكول ...... الصدمة........خيبة الأمل ......لم يكونا يتوقعان هذه النتيجة على عكس أندريس الذي يبدو أن النتيجة أسعدته إذ افتر ثغره عن ابتسامة جذابة وهو يراقب تصرفاتها الطفولية ،كيف تقفز ؟ كيف تصرخ؟ كيف تعاتبه وتؤنبه ؟ يبدو أن إزعاجها يسعده .

صوت ضعيف محبب للجميع جذب انتباههم وهو يقول:
_أندريس هاتفك النقال يرن،وأنت دايزي لديك مكالمة من والدك.
قالت دايزي ببكاء مصطنع:
_لماذا يحق له أن يحمل هاتفه النقال بينما لا يسمح لي بذلك؟؟
أبدى السيد هاري أسفه لهذا الأمر،وقد لانت ملامحه،وقال:
_والدك طلب ذلك ،أما عائلة أندريس فلم تشترط شيئا !!
بان على دايزي خيبة الأمل ،ولكنها أخفتها خلف ابتسامة رقيقة رسمتها على ثغرها الصغير الذي يعلوه أنف صغير شامخ ،وسارت خلف السيد هاري إلى منزله الصغير الدافئ المكون من غرفة نوم واحدة وحمام ومطبخ صغير عصري وغرفة جلوس ومكتب .
أشار لها على هاتف أسود اللون موضوع على منضدة مكتبه ،سماعة الهاتف موضوعة على المنضدة وهناك أصوات خافتة ومشوشة تصدر منها ، أومأ لها السيد هاري مبتسما ثم انسحب،أغلقت الباب الخشبي الثقيل خلفه ثم سارت إلى المنضدة ،توقفت لبرهة تستجمع أنفاسها الخائفة ،تحس بأن الهواء سيتلاشى وأنها ستختنق ،صرخت لنفسها:تمالكي نفسك يا فتاة إنه والدك ، وليس من المفترض أن يتصل عندما يحدث سوء فقط ،أنتما على علاقة جيدة وأنت ابنته الوحيدة وهو يريد أن يطمأن عليك وحسب .
رفعت السماعة بيدها الرقيقة حتى وصلت إلى أذنها التي زينت بحلق فضي اللون كان مخفيا خلف شعرها الذهبي، الذي تركته ليسترسل على ظهرها بعد أن بعثره أندريس ويئست من إعادة رفعه مرة أخرى، مررت لسانها على شفتها السفلية التي كانت تهتز باضطراب ،وقالت :
_مرحبا .
جاءها ذلك الصوت الرجولي الدافئ، الذي لطالما اعتادت عليه في صغرها يقول بوضوح يوحي بأن صحة والدها في تحسن:
_ فتاتي الصغيرة ،كيف حالك يا ابنتي ؟؟ تتركين والدك هكذا من دون أن تتصلي به ؟!
اضطربت في البداية ولكنها سرعان ما تنهدت براحة للتحسن الذي طرأ على والدها ، جلست إلى كرسي المكتب المريح وردت براحة بلغت مسامع والدها:
_أنا بخير ، ميدي هنا ،وأنت تعرف مادامت ميديا هنا فأنا بخير حتما.
على الطرف الآخر جلس رجل قوي البنية ذو شعر أشقر تخلله الشيب وعينان بنيتان ، إلى كرسي مريح يبدو قديما وفخما ، الحطب يحترق أمامه في الموقد المذهب الذي يعتليه تلفاز ذو شاشة مسطحة ، كان يحمل في يده كوبا من القهوة الساخنة التي يتصاعد بخارها ويدخل إلى رئتيه مانحا إياه شعورا بالدف، وباعثا في نفسه بعض الذكريات عن زوجته الجميلة، التي كانت تعد له القهوة كل صباح قبل ذهابه إلى العمل ،وتحضر له كوبا آخر عندما يعمل في منتصف الليل ، جاءه صوت ابنته الرقيق الذي يذكره بصوت زوجته الراحلة يقول:
_ أنا بخير ،ميدي هنا وأنت تعرف مادامت ميدي هنا فأنا بخير حتما.
ابتسم برقة ووقار ،ولكنه أخذ يتصنع الحزن وهو يقول:
_إذا أنت لا تحتاجين إلى رجل عجوز مثلي هذا!! ما تريدين قوله ،صحيح؟؟
ها قد عاد حس الفكاهة إلى والدها الذي لطالما امتاز بمرحه وحبه للجميع ،قالت بدلع وغنج:
_ أبي لازلت في 45 من عمرك ، لست كبيرا إلى ذاك الحد ، وأنا في الحقيقة أفكر في تزويجك .
قهقه والدها من الجهة الأخرى ثم قال وعيناه تلتمعان ببريق خافت:
_ هذه هي ابنتي إنها تفهمني تماما.
شهقت دايزي ،وقالت بفرح وحماس:
_أنت صادق أبي !! كان عليك أن تتزوج قبل عدة سنوات عندما كنت في الثلاثينات من عمرك .
وصلتها تنهيدة والدها المتعبة عبر الهاتف ،ثم صوته الحزين يقول:
_كان صعبا عليدايزي، أنا ووالدتك تزوجنا عندما كنا في 20من عمرنا وعندما بلغنا 23 من العمر وهبنا الله فتاة بالغة الجمال والرقة هي أنت ، لكن والدتك لم تستمر كثيرا لقد تركتني بعد 6 سنوات دايزي أي عندما كنت في الثالثة،لقد كنت أحبها ،هي الوحيدة التي وصلت إلى قلبي واستطاعت فتحه ،هي من علمني كيف أحيا وأستمتع بالحياة ،لقد كانت أجمل هدية في حياتي ،وعندما رحلت تركت لي أجمل هدية مشتركة حظينا بها ألا وهي أنت .

سالت دموع دايزي على وجنتيها ،وصبغت خدودها باللون الوردي اللطيف بدت كدمية بل كأميرة قادمة من بلاد الأحلام البعيدة بشعرها المتهدل على وجهها وجلستها الرقيقة الواثقة ، ردت دايزي على والدها من بين شهقاتها :
_لا زلت أبكي كلما سمعت هذه القصة منك أبي ،رغم أنك قلتها لي مرارا ،إلا أن دموعي تنسكب حالما أسمع هذه الكلمات تنساب من بين شفتيك .
جففت دموعها بأطراف أصابعخها المرتجفة، وهي تقول:
_ربما لأنك أحببت أمي بحق !! إنني أستشعر الصدق في كلماتك وهذا ما يهز كياني .
جاءها صوته الحنون بعيدا وهو يقول:
_دايزي يا ابنتي ، إن أردتني ألا أتزوج فلن أفعل ؟؟
وعلى الفور جاءه الرد بالنفي، إذ قالت:
_لا أبي ، أنا حقا أريدك أن تتزوج وتعيش حياتك ،يكفيني أن أعلم أنك أحببت أمي.
_وسأظل أحبها حتى آخر نفس لي .
قالها والدها بهدوء ، ناقلا ذلك الهدوء الذي يشعر به لابنته الغالية .
همست بهدوء:
_أحبك أبي.
فقال بهدوء يشع حبا :
_وأنا أحبك يا فتاتي الصغيرة .
صمت قليلا ، ثم وضع كأسه على الطاولة الزجاجية أمامه وهو يقول:
_كيف هي الحال مع السيد سوفاكيس ؟؟ سمعت من السيد هاري أنكما على خلاف دائم !!
قالت دايزي بتعجب:
_أندريس ؟؟ تقصد أندريس ؟؟
تمتم والدها بموافقة فتابعت:
_إنه شخص مزعج يعتبر الجميع أقل منه شأنا ، لا يهتم إلا لكبريائه اللعينة لقد وصفني بالمدللة.....
قاطعها والدها:
هذا ما أنت عليه!!
صرخت بعتاب:
_أبـــــــــــــــــــي !!
لم يقل شيئا فأكملت :
_ إن لديه ذوقا سيئا في اختيار الملابس ،لا يجيد ترتيب شعره فهو مشعث دائما على الرغم من أنه يبدو ناعما فهو يتحرك كلما هبت نسمة هواء ولو كانت بسيطة ، ثم.....هل تصدق لقد دعاني بالفتاة الساذجة قبل قليل؟؟
بدت على ثغر والدها ابتسامة غامضة وهو يقول:
_لو لم يكن أندريس عندك لكنت مللت منذ زمن .
صمتت قليلا تفكر فيما قاله والده فاستنتجت أنه صحيح ،فهي تملأ وقتها بالشجار معه ومعاتبته وتأنيبه ، استغل والدها الصمت وقال :
_صفيه لي .
_لم أفهم .
فقال :
_أقصد شكله :طويل ، قصير ، نحيف ، سمين............
وضعت دايزي قدمها اليمنى على اليسرى وأغمضت عينيها وهي تقول:
_ حسنا ، إنه طويل حتى بالنسبة لي بحيث يتوجب علي أن أرفع نفسي عند مخاطبته ،جسده مفتول بالعضلات ولكن ليس بشكل مبالغ فيه ،مما يعني أنه معتدل البنية ولكنه مع ذلك قوي !! له شعر أسود حالك كالليل ،وجبهة سمراء عريضة، وعينان زرقاوان حادتان كعيني الصقر ، له أنف مستقيم أرستقراطي شامخ وفم قاس ، عندما يغضب تصبح تقاطيع وجهه قاسية وحادة وأحيانا ساخرة ،وعندما يكون مسترخيا وهذه حالة نادرة تكون تقاطيع وجهه لينة ومسترخية ، هو وسيم لا أنكر ذلك ولديه جاذبية كبيرة ولكنه مع ذلك .........أكبر مزعج، غبي ،أحمق
منحرف، ساخر رأيته في حياتي .
ردد والدها من خلفها:
_(( وعندما يكون مسترخيا وهذه حالة نادرة)) كيف تريدينه أن يسترخي دايزي، وأنت تحومين خلفه على الشاردة والواردة ؟؟
دلكت جبينها بتعب وهي تقول:
_حسنا سيد مارك ،هل لي أن أعلم لم تدافع عنه؟؟
أجاب مارك بهدوء:
_لقد التقيته ،وهو شاب نبيل وقوي ويعتمد عليه .
تنهدت دايزي بغضب وهي تسأل :
_ما دمت التقتيت به فلم تسألني عنه؟؟
مارك مراوغا:
_لا شيء دايزي .
_أبــــــــــــــــي!!
مارك متجاهلا نبرة العتاب في صوتها :
_ اذكري لي صفة حسنة واحدة فيه.
قطبت دايزي بتركيز وهي تقول:
_ إنه حنون ،حسبما أظن !! متفهم وصبور ، فعلى الرغم من أنني أزعجه إلا أنه لا يغضب ويثور بسرعة وإنما يبتسم بهدوء ، ابتسامته دافئة نوعا ما وهو يحب الأطفال جدا.
مارك بلهجة ذات معان كثيرة لم تخف على دايزي:
_ قلت لك صفة واحدة ،فإذ بك تذكرين الكثير !!
دايزي باتهام :
_ أبي أنت تعرف أنه عندما أبدأ بالكلام ،فإن أحدا لا يستطيع أن يوقفني ؟!
كل ما سمعته كان قهقهة خافتة ، لم يرقها المسار الذي آل إليه الحديث فقالت :
_ حسنا أبي دعنا من أندريس المتوحش ، وحدثني عن الصفات التي تريدها في عروسك المستقبلية .
نظر مارك إلى كوب القهوة الفارغ أمامه ثم حول نظره إلى إناء الأزهار الذي يحتوي أزهار ذات لون أحمر وأبيض منسقة باتقان ،وأجاب:
_أريدها أن تكون في نفس عمري تقريبا أي لا يقل عمرها عن 37 سنة ، معتدلة القوام لا طويلة ولا قصيرة ، لها شعر أسود طويل وعينان عسليتان ،ليس شرطا أن تكون إنكليزية ، وأريدها أن تكون هادئة ومتزنة ،رقيقة لطيفة،
وتحب الأزهار .

صفرت دايزي بإعجاب، وهي تقول:
_ هل علي أن أقول لك أنك تحسن الاختيار، وأن لك ذوقا رائعا؟؟
مارك بتفاخر :
_ماذا علي أن أقول ؟؟هذا ما تعلمته من عيشي مع فتاتي الصغيرة !!
دايزي برقة :
_ أرى أن صحتك تحسنت أبي .
مارك براحة:
_ هذا كله لأن فتاتي الصغيرة كبرت و بدأت تسمع الكلام.
عادت الدموع تنسكب بغزارة على خديها الرقيقين ،وهي تقول:
_لقد اشتقت إليك أبي ،ألم تشتق إلي؟؟
قبض بهدوء على يد الكنبة وهو يقول بتأثر:
_ آآآه يا حلوتي ، كبف تقولين هذا ؟؟ ولكن أرجوك لا تبكي ، لا تهدري تلك الحبات اللؤلؤية إنها غالية جدا .
صمت برهة ثم تابع بحب :
_ ليتني بجانبك لأمسح هذه الدموع وأمنع انسكاب المزيد منها !!
جففت دايزي دموعها ،وقالت بهدوء:
_لا تقلق أبي ، سأكون بخير وعندما أعود سأجد لك زوجة مناسبة ،أحبك أبي إلى اللقاء.
_وأنا أحبك أيضا ، إلى اللقاء.
قالها وأغلق سماعة الهاتف بعدها وجلس يحدق بالنار التي تلتهم الحطب محولة إياه إلى دفء ، سمع صوتا عند الباب فنهض مسرعا وأمسك هاتفه النقال ،و مفاتيح سيارته في الوقت الذي طرق فيه الباب ،فأجاب :
_ تفضل.
أطلت سيدة معتدلة القوام ذات شعر أسود طويل فيه بعض الخصلات البيضاء التي تضفي على شعرها مزيدا من الجمال ،بحثت بعينيها العسليتين عن مصدر الصوت، حتى وصلت مارك الذي كان يرتدي البالطو الأسود الخاص به فوق بذلته الرسمية ،ابتسمت بود وهي تقول:
_سيدي أنا ذاهبة ، تريد شيئا؟؟
التفت إليها وعلى ثغرة ابتسامة لطيفة ،وقال:
_لا يا آنسة أنا خارج أيضا .
قالت باسمة:
_حسنا جدا .
وخرجت وهي تجر الباب حتى أغلقته ، أما هو فارتدى وشاحا أسود اللون وحمل ساعة يده ،وأسرع يجري حتى يلحق بها ،سار بهدوء في الممر حتى وصل آخره حيث وجدها تباشر بارتداء معطفها ، وقف خلفها وتناوله من يدها ثم قال بدماثة:
_ اسمحي لي آنستي .
أومأت بهدوء باسمة ،وتركته يساعدها ، انتظرها حتى أنهت إغلاق أزرار المعطف ثم سألها بسلاسة:
_ كنت أتساءل يا آنسة أوليفيا إن كانت لديك مشاغل هذا المساء؟؟
هزت رأسها نافية ، فبلغت ابتسامته عيناه اللتان تألقتا ببريق خافت ، وقال:
_إذا ، هل تشرفينني وتقبلين دعوتي لتناول العشاء معي هذه الليلة؟؟
بدى الارتباك على وجهها وهي تقول:
_لا يا سيدي ، لا أريد أن أشغلك عن أعمالك .
قال بمكر:
_ليس لدي أعمال وإنما كنت أفكر بأخذ نزهة ،وذلك أن فتاتي الصغيرة عودتني على ذلك، وبما أنها في أستراليا فلم أخرج منذ مدة ،فما رأيك ؟؟ هل تقبلين الخروج مع عجوز وحيد مثلي ؟؟
صرخت محتجة:
_أنت لست عجوزا !!
أدركت ما قالته متأخرة ، إذ بان الانتصار في عينيه وهو يقول :
_حسنا هل هذه موافقة أم ماذا؟؟
حاولت التهرب قائلة:
_ لا أستطيع الذهاب بهذه الملابس؟؟
نظر لها بهدوء وتقييم ،ثم قال:
_إنها مناسبة تماما .
قالت مراوغة:
_أنا متعبة .
فقال مضللا :
_لو كنت كذلك ،لما كنت واقفة تجادلينني هنا،صحيح؟؟
لم تعد تعرف مالذي عليها فعله ،فانتهز هو الفرصة ووضع ذراعه على حافة الباب متكئا إليها حابسا أوليفيا بين جسده وبين الباب ،هتفت بغضب جعل وجهها يحمر وينتفخ :
_ سيد بريسكوت ،نحن لسنا أطفالا .
أجاب بتسلية،وقد أعجبه وجهها الغاضب :
_بالتأكيد لا ،ولسنا عجائز كذلك!!
لم تجد مهربا فرضخت للأمر الواقع ،ابتسمت ابتسامة جعلت قلبه ينبض بقوة ،فيما هي تقول:
_حسنا سيدي ،أنا موافقة .
قال بشرود وهو يحدق في عينيها :
_مارك .
قال مستغربة:
_ماذا؟؟
أفاق من شروده واستقام في وقفته وهو يقول:
_نادني مارك .
تنهدت بعمق وقالت:
_حسنا ........مارك.
ابتسم وقال:
_جيد جدا.......أوليفيا.
فتح لها الباب وقال بوقار تفضلي آنستي ،مرت أمامه وهي تبتسم لحركته فيما تذكر هو قول دايزي (( عندما أعود سأجد لك زوجة مناسبة )) ابتسم وهو يقول في نفسه :
_لا تتعبي نفسك دايزي ،لقد وجدتها كل ما عليك أن تأتي فقط.



جلس أندريس إلى مكتبه الفخم وهو يضع هاتفه النقال على أذنه ويستمع للطرف الآخر بانصات ،وفي الوقت نفسه يبحث بين أوراقه ، ويبدو أنه وجد تلك الورقة التي يبجث عنها ، فأبعد باقي الأوراق من أمامه ثم أرخى نفسه إلى ظهر كرسي المكتب ذي اللون الأسود ووضع الورقة لتنتصب أمامه وقال :
_وجدتها ليسندر .
رد الطرف الآخر:
_حسنا على ماذا ينص العقد ؟؟
بعثر أندريس شعره وهو يقول:
_إنه ينص على تزويدهم بمركب بحري صغير، يكون مجهزا لنقل الركاب وحسب ،يتسع لسبعة أشخاص ، ويحتوي على غرفة نوم ،وحمامين ،وغرفة طعام صغيرة باللإضافة لحجرة القيادة ، وسأرسل لك نسخة عن العقد لترى الأمور الباقية .
أجاب الطرف الآخر :
_حسنا أندريس ، هل انتهينا الآن؟؟
ترك أندريس الورقة تسقط على الطاولة أمامه ،وقال براحة:
_أظن ذلك .
ليسندر وقد بدت الراحة جلية في صوته :
_حمدا لله على ذلك، يا إلهي !! يفترض أننا في إجازة ؟؟
أجاب أندريس:
_نحن الاثنان نشكل العقل المدبر والمنفذ للعائلة ،ولا يمكن أن يستغنوا عنا أبدا .
ليسندر يدرك هذا الأمر، لذا ما كان منه سوى أن حول دفة الحديث ،وسأل:
_كيف هي أنيتا ؟؟
أندريس بحنان:
_لديك شقيقة رائعة ياابن الخال ، ولكن ألا تظن أنها هادئة أكثر من اللازم؟؟
وصلته ضحكة عالية من بعيد ، قال ليسندر من بين ضحكاته:
_ أنت تعلم أنها دائما هادئة عندما تكون بعيدة عني ، ولكن عند حضوري لا تبقي شيئا إلا وتقوم به.
ابتسم أندريس وهو يجيب بهدوء:
_تريد أن تجعلك فخورا بها .
ليسندر وقد أدرك أن حزن أندريس الدفين قد تحرك من جديد:
_ أنا فخور بها حقا يكفيني أنها شقيقتنا .
أغمض أندريس عينيه وقد خنقته العبر :
_أنت أفضل شقيق قد يحظى به المرء ،ليسندر .
ابتسم ليسندر وهو يقول:
_ ولأنني كذلك فإنني سوف أزورك، فاستعد للزيارة .
تهلل وجه أندريس فرحا وهو يسأل :
_متى ؟؟ متى ستأتي ؟؟
_لا أعلم حتى الآن ،ولكنني سأعلمك حين أقرر السفر .
أندريس بحبور:
_حسنا إذا ،أراك لاحقا يا شقيق.
_أراك لاحقا ،ولا تنس أن تسلم لي على دايزي .
_في أحلامك أيها الغبي.



_لا تنسوا أن تخبروا أندريس ودايزي .
هذا ما قاله السيد هاري لنيكول ،ساندرا ،صوفيا وميديا بعد أن شرح لهم فعاليات الاحتفال والواجبات المفروضة على كل منهم .
أومأ نيكول بالإيجاب ،فابتسم السيد هاري وانسحب للخارج ، سألت ميديا وهي تلقي نظرة على العدد الكبير من العمال والأشخاص الذين يهتمون بالأطفال ويعتنون بهم :
_ سان ما هوعملكم هنا؟؟
سان بود:
_ نحن نشرف على الاحتياجات العامة ، بإمكانك القول أننا نمثل الإدارة هنا ، نحضر الأساتذة المختصين،
الطباخين والمهرجين في الاحتفالات ،نوفر الأسرة والمقاعد والغرف والبيوت حتى تكفي جميع الطلاب ،
أنا أشرف على الطبخ والديكورات، أمي على النظافة وكل ما يتعلق بالأمور الصحية ،أما أبي فيهتم بالحدائق والأزهار وتنسيقها ،ونيكول يشرف على الأمور برمتها الحسابات،الهندسة ، عملي،وعمل والدي كذلك ،تسجيل الأطفال وتحقيق متطلباتهم.
نظر الجميع إلى نيكول الذي أشاح بوجهه وهو يقول :
_لا تهولوا الأمر ، إنه شيء بسيط!!
سان بتقدير :
_لا تصدقوه إنه عمل متعب ،فيوم مرض السنة الماضية سهرنا أنا ،وأمي ،وأبي، والسيد هاري كذلك لننجز العمل الذي يقوم به ، وقد نال التعب منا تلك الليلة ،أنا حقا لا أعلم كيف يقوم بكل ذلك ؟؟
صوفيا بحماسها الاعتيادي:
_نيكول ،أنت رااااااااااااااااااااااائع رااااااااااائع ،لا بد أن والديك فخوران بك .
تمتم نيكول بهدوء:
_نعم صحيح.
سان وهي تتفاخر بشقيقها:
_لا تعلمان كم كنا سعداء، عندما نال شهادة الماجستير في إدارة الأعمال !!
هتفت صوفيا :
_ هو وأندريس درسا نفس التخصص ،ولكن أندريس نال شهادة الدكتوراة .
نيكول بخفوت :
_أنا أسعى للحصول عليها ،وسأفعل بإذن الله .
كانت ميديا تحدق بنيكول مشدوهة ودون علمها ،ابتسمت بهدوء ولم يلحظ أحد ابتسامتها سوى دايزي التي أقبلت من بعيد وهي تقول:
_ سأعطي الشخص الذي جعل ميدي تبتسم ما يريد.
حدق الجميع بميدي التي سرعان ما احمرت وجنتاها، وراحت تردد بارتباك:
_ماذا بكم ؟؟
صوفيا باندفاع :
_لقد كنا نتحدث عن نيكول .
_ حسنا إذا ،لقد عرفنا السبب .
هذا ما قاله أندريس الذي انضم إلى الاجتماع الصغير المقام ،التفتت إليه ميدي وخداها يشتعلان وقالت بغضب:
_أندريس هلا احتفظت بكلامك ؟؟
أندريس بهدوء:
_حسنا حسنا ،اهدأي ،أنا أعتذر ،حسنا؟؟؟
تدخل نيكول وعلى ثغره ابتسامة جذابة وقال لميدي:
_أعذريه لم يقصد شيئا .
ازداد احمرار خديها فاتسعت ابتسامته وهو يكمل:
_حسنا أندريس ،دايزي لقد قررنا أن نضيف لعبة جديدة إلى قائمة الألعاب المقترحة في المهرجان وهي لعبة الحقيقة ،سنجمع الأطفال في حلقات وسيطرح كل واحد سؤال والسؤال الواحد سيجيب عليه كل أعضاء المجموعة، وكذلك سنفعل نحن ،وهذا حتى نتعرف على بعضنا أكثر ،موافقون؟؟
أندريس بهدوء:
_لا مانع لدي .
دايزي وهي تهز كتفيها:
_لا مانع لدي كذلك.
صوفيا بحماسها الدائم:
_هذا راااااااااااااااائع.
ساندرا بابتسامة:
_سيكون الأمر رائعا.
نيكول محدثا ميديا:
_ماذا عنك ميدي؟؟
ارتبكت ،وتعثرت في الحديث ،ولكنها في النهاية قالت :
_حسنا.
نهضت وهي تحاول لملمة شتات نفسها ،وقالت بهدوء:
_ علي أن أذهب أعذروني .
وانطلقت في طريقها ،في حين ابتسم أندريس واقترب من نيكول وهمس له :
_ رفقا بالفتاة، ألا ترى مالذي تفعله بها؟؟
ابتسم نيكول مجددا ولم يعلق .




ارتمت ميدي على سريرها الواسع ودفنت رأسها في الوسادة ،وهي تحاول التقاط أنفاسها ، فكرت باضطراب:
_ ماذا بي ؟؟ لم يحدث لي هذا كلما ابتسم؟؟ لماذا يضطرب قلبي بهذا الشكل؟؟ هل هذا شيء عادي؟؟ لا ...يستحيل أن يكون هذا عاديا !! لم يحدث لي هذا من قبل ، كلما رأيته يضحك أو يتحدث أشعر أن قلبي سيخرج من مكانه ،أشعر بالضياع ،ولا أعود أشعر بكياني ، فهل هذا الأمر طبيعي ؟؟ فليخبرني أحد، رجــــــــــاء!!

[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس