عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 05-05-2017, 04:30 PM
 
البارت السادس بعنوان شكر جزيلا

جلست ميديا تسرح شعرها بعناية وهي تنظر للمرآة بشرود ،لم تنتبه لدايزي التي دخلت إلى الغرفة واتجهت لنقف بجانبها إلا عندما سمعت ذاك الصوت المألوف يقول لها بقلق:
_لقد قيل لك أنهما بخير وأنهما لم يصابا بأذى فمالذي يقلقك.

توقفت ميديا عن تسريح شعرها قليلا ومن ثم وضعت الفرشاة على الطاولة أمامها ،وأخرجت شريطة وردية اللون وربطت بها شعرها ،بعد ذلك التفتت إلى دايزي وهي تقول بقلق بينما ملامح الخوف والارتباك واضحة على وجهها:
_هل تظنين أنه أصيب بأذى ؟؟
كورت يديها في حضنها ثم أكملت:
_ليتني لم أتعلم الكاراتيه!! على الأقل كنت أضمن أنه لن يصاب بأذى.

كتفت دايزي يديها وقالت بنفاذ صبر:
_قلت لك أنه سيكون بخير، ثم إنه ليس من ذاك النوع من الناس الذين ينزعجون بمجرد ضربة ،يحتاج نيكول لقذيفة مدفعية لينزعج.

حولت بصرها للنافذة وقالت:
_إنه لا ينزعج من أندريس فكيف سيفعل منك.
_آااااااه دايزي أنت تعلمين أنا دائما أتفق مع من لا تفعلين.

بان على دايزي الغضب ونفاذ الصبر ،فسارعت ميديا تمسك بيدها ومن ثم تجرها وراءها وهي تردد:
_عليك أن تطعمي الأطفال هيا.

اجتازت الفتاتان الطريق الترابي المؤدي إلى الغرفة الرئيسة للطعام ،ومن ثم صعدتا الدرجات الثلاث الخشبية المؤدية إلى بهو الغرفة، دخولهما لفت الأنظار فكما هو معتاد ،فتيات لندن الثريات يرتدين أفخر الملابس غير أن ملابس ميديا كانت أقل لفتا من تلك التي ترتديها دايزي ،تولت الأخيرة القيادة فأمسكت بيد ميدي وسارت بها إلى طاولة فارغة متجاهلة انتقادات أندريس وتعليقاته الساخرة حول تأخرها وعن كونها قدوة سيئة .
جلست الفتاتان إلى المائدة وميديا تكافح لكبت ابتسامتها ،لاحظت داي ذلك فتنهدت وقالت بهدوء:
_هيا ميدي أفصحي عما في داخلك.
اقتربت ميديا منها وهمست لها قائلة:
_قلت لي في أول مكالمة أن أندريس شخص غبي ،دميم ،متوحش وأن شخصيته أبعد ما تكون عن الدماثة.
ابتعدت قليلا ،ثم قالت وهي تميل رأسها ناحية أندريس الذي ظهرت تقطيبة ما بين حاجبيه وهو يستمع لأنيتا التي تربعت على عرش حضنه:
_هذا الوجه الإنجليزي اليوناني أبعد ما يكون عن الغباء.
قالت دايزي بملل:
_إذن لقد لاحظت؟!!
ابتسمت ميديا وقالت:
_أوه أجل رغم أن ملامح وجهه يونانية، إلا أن ذلك البرود الإنكليزي يجري في دمائه، ثم انظري إليه إنه يجيد الإنجليزية ويتحدث بها بطلاقة تامة.
قالت ذلك وهي تشير لدايزي إلى الملاحظات التي ألقاها حالما دخلتا،ثم تابعت:
_أما عن القبح فتعلمين أن ذلك ليس صحيحا البتة ،ولو كان متوحشا كما قلت لما كانت تلك الطفلة التي تبدو وكأنها ابنته تجلس في حضنه !!
دايزي ببرود:
_سيكون مخيفا لو كانت تلك ابنته ألا تعتقدين ذلك؟؟
ضحكت ميديا ضحكة موسيقية وأجابت:
_أنت لم تعطني الفرصة لأرى إن كان شخصا جيدا أم لا.
قفزت دايزي بفرح وقالت:
_هل ستحللين شخصيته؟؟ أنا واثقة من أنك ستصلين إلى نفس استنتاجاتي.

جاءها صوت ساخر من خلفها يقول:
_لسوء حظك أيتها العجوز الشمطاء ،لست فأر تجارب تلقين عليه تعاويذك لاختبارها .
استدارت دايزي وقالت بازدراء:
_حتى الفئران تخجل أن تشبه بها سيد سو.
قطب أندريس وردد :
_سيد سو ...... سيد سو........
دايزي ببرود:
_اسم عائلتك طويل لهذا اختصرته.
وخلافا لما توقعته تجاهلها، والتفت إلى ميديا مبتسما،ثم انحنى وأمسك يدها ولامسها بشفتيه وقال بدماثة:
_حمدا لله أنه يوجد آنسات يعرفن معنى الأنوثة على هذا الكوكب ،أهلا وسهلا بك آنستي.
اعتدل في وقفته وقال:
_آنسة ميديا راسل على ما أعتقد؟
ابتسمت ميديا بخفة وهي ترد على استقباله اللطيف بابتسامة مهذبة دون أن يخفى عليها غضب دايزي ،
ولكن ونظرا لأنها تعرف طبع دايزي ردت على تحية أندريس قائلة برقة:
_شكرا لك سيد سوفاكيس.
رد عليها بلطف:
_نادني أندريس فلا داعي للرسميات ميديا.
غمزته قائلة:
_كما تريد أندي.
شعر أندريس بالخطر يحيط به ،فتلك الشرارات التي تنطلق من عيني دايزي لا تنبئ بالخير ،وكما توقع لم تنس دايزي أن ترميه بإحدى تعليقاتها اللاذعة :
_لربما من الأفضل أن تناديه ديدي فهذا الاسم يليق به.
ظهرت علامات الاستياء على وجه أندريس الذي قال:
_أترين أنك من يسعى اإلى المشاجرات دائما أيتها الفأرة؟؟
اهتزت دايزي غضبا لهذا النعت، فرفعت إصبعها ناحيته وهي تقول باشمئزاز:
_أنت أيها الغول ،يا وحش المستنقعات ماذا تظن نفسك؟؟
رد هازئا:
_أظن نفسي غولا يتغذى على الإنكليزيات المغرورات!!

استمر هذا النقاش الحاد وارتفعت أصواتهما تملأ المكان وميديا واقفة تنظر إلى الوضع ببلاهة ،وتفكر: لم أكن أتوقع أن دايزي يمكن أن تصبح بتلك الوحشية إلا عندما تواجه سيلفيا .......سيلفيا يا إلهي عليها أن تخبر دايزي عن الأمر ، أخذت نفسا عميقا ومن ثم جهزت قبضتها وقامت بضرب الطاولة ،فحطمتها إلى نصفين .نظر لها كل من في القاعة بخوف وكذلك دايزي وأندريس اللذان توقفا عن الشجار يحدقان بما فعلته ميديا ،فكرت دايزي :يا إلهي لقد أصبحت قوية!! وسرعان ما افتر ثغرها عن ابتسامة وهي تقفز إلى صديقتها تحتضنها بسعادة و تقول بفرح:
_هل حصلت على الحزام الأسود أم ماذا؟؟
ميديا بخفوت:
_بلى، لقد كان كما قلت ،سهلا ولا يحتاج إلا إلى القليل من الشجاعة وأنا حقا شاكرة لك على التدريب .

تحولت نبرتها إلى الجدية وهي تقول :
_علي أن أقول لك شيئا مهما والآن!!

خافت دايزي قليلا ،أيكون قد حدث شيئ لوالدها؟؟شهقت بصوت عال وأخذت تحث ميديا على إكمال كلامهاوهي ترتجف،لاحظت ميديا ارتجاف دايزي فأحطاطتها بذراعيها وأخذت تربت على ظهرها قائلة :
_لا تقلقي لم يحدث أي شيء لوالدك ،و إن كان يهمك فكايل بخير أيضا.

رفعت دايزي رأسها دهشة لذكر ذلك الاسم والتفتت إلى ميديا كأنما تسألها إن كان الموضوع بخصوص، كايل أومأت ميديا برأسها إيجابا و قالت ترد على تساؤلها:
_أجل الموضوع بخصوصه وسيلفيا كذلك.
تمالكت دايزي نفسها عند سماعها لاسم كايل ،لم يجرؤ أحد غير ميديا على التفوه بهذا الاسم ،هذه الصراحة التي تتمتع بها صديقتها مخيفة.

أمسكت دايزي يد ميديا تريد أخذها إلى مكان آخر ليتحدثا غير أن نيكول صاح من خلفهما:
_إلى أين؟؟ إنه وقت الغداء.
واتجه مسرعا إلى دايزي وانتزع يديها من يدي ميديا وهو يقول :
_لا يجب على الأميرات أن يسرن مع الساحرات ،فقد تنقلب الساحرات عليهن في أي وقت.
لم تخف لهجته المبطنة بالسخرية على أي من الذين كانوا في القاعة،أحنت ميديا رأسها بحزن بينما التفت له دايزي وقالت بغضب:
_ما هذا الكلام ؟؟ نيكول اعتذر حالا؟؟
رد بغرور:
_ولم علي أن أفعل ذلك؟؟
_لأنك أسأت لها !!

ودخلا في مشادة عنيفة بينما ميديا محنية رأسها تراقب المشهد بحزن ودموعها بدأت تنهمر كحبات لؤلؤية ،
أخذت شهقاتها تعلو وتعلو حتى تحولت لآلئ الدموع إلى شلالات والبكاء الصامت إلى بكاء عال مرير تتبعه العديد من الشهقات .توقفت دايزي عن مشاجرة نيكول واتجهت بسرعة إلى ميديا تحتضنهاوتواسيها ،ورويدا رويدا بدأت شهقاتها تقل ودموعها تجف، ولم تعد ترتجف كما في السابق ،ضمتها دايزي في حنو وهي تقول:
_لا بأس ميدي ،اهدأي كل شيء بخير.
رفعت ميديا رأسها والدموع لا تزال معلقة برموشها وأومأت بهدوء،نظرت إلى نيكول وقالت بخجل وارتباك:
_أنا آسفة لم أكن أقصد ما فعلته معك صباحا، الأمر هو أنني كنت منهكة ومتعبة ،هل أنت بخير؟؟
ارتبك واحمر وجهه فاستدار وأعطاها ظهره ليغطي خجله وهو يفكر: يا إلهي إنها تبكي وهو يكره دموع الفتيات إنه ضعيف أمامها ماذا عليه أن يفعل الأفضل له أن ينسحب حاليا،قال بهدوء وهو يعطيها ظهره:
_أجل.....أنا بخير .
نظر إليها ولاحظ الدموع في عينيها فتنهد بتعب و قال ببطء:
_أنا آسف إن كنت قد آذيتك ،أتمنى لك إقامة سعيدة معنا .
قال جملته الأخيرة وهو يبتسم ثم أكمل طريقه وأخذ ذراع أندريس يجره وراءه وقال بصوت عال:
_الأميرات لديهن كلام يردن التحدث به ،ونحن ليس علينا أن نقترب حتى ينتهين.
غمزهن بلطف وسار يدفع أمامه أندريس الذي كان يطلق العديد من الشتائم باليونانية ،آخرها جعلت الفتاتين تحمران خجلا،بحيث صرخت عليه دايزي :
_ألم أقل لك لا تكرر هذه الشتيمة؟؟
التفتت إلى الخلف تنظر بشر إلى ميديا التي بدأت تضحك بخفوت ثم أخذ صوت ضحكاتها يرتفع ويرتفع،
انتظرتها دايزي حتى انتهت ثم قالت لها بعتاب مصطنع:
_وأخيرا انتهيت !!
تنفست ميديا بعمق وابتسمت باشراق ثم قالت:
_أنا متأكدة أن العطلة التي سأقضيها معكم ستكون ممتعة جدا.
كورت يديها وقالت بارتباك:
_ونيكول يبدو لطيفا أيضا.
دايزي بسخرية:
_لطيفا فقط؟؟
غضبت ميديا وقالت:
_منذ ثوان كنا نتشاجر.
قاطعتها دايزي :
_تقصدين: كنتما تتشاجران فأنا من كانت تصيح ،إن كنت تذكرين؟؟
توهج خدا ميديا بلون وردي خفيف وقالت بخفوت:
_دايزي ، أنت تشبهين نيكول تارة غاضبة، وتارة أخرى سعيدة يبدو أن لديكما انفصاما في الشخصية.
حدجتها دايزي بنظرة نارية أسكتتها وجعلتها تتراجع عن كلامها.

جلسا بعيدا عن الفتاتين يراقبانهما ،كان نيكول ينظر لميديا ووجهه محمر بشدة ،نظر أندريس لحيث ينظر هو ثم تمتم بكلمات غريبة،التفت إليه نيكول يسأله عن المعنى ،فقال أندريس بكسل:
قلت الحب من أول نظرة.
ارتبك نيكول وازداد احمرار وجهه ،فأشاح بنظره بعيدا عن أندريس الذي تنهد وقال بهدوء:
_عندما دخلت كنت أظنك مقبلا على حرب، ولكن أن تؤول الأمور لهذه النتيجة بسبب دموع فتاة ،واااااااااااو هذا فوق التصور .
لكزه نيكول ،وقال بارتباك ظاهر:
_عندما قدمت كان كل همي أن أزعجها ولكن المشكلة ليست فيها أو أنني أحبها كما تقول أيها الغبي، وإنما أنا ضعيف أمام دموع الفتيات بشكل عام.
أندريس بمكر:
_إذا لماذا كنت تنظر لها؟؟
نيكول ببلاهة:
_أيها الغبي!! كنت أنظر لدايزي وليس لميديا ،لقد كانت الأخيرة تريد أن تقول لها شيئا مهما.
تنهد أندريس وأراح رأسه لمسند الكرسي وقال مراوغا:
_مهما قلت فلن أصدقك .
_لا يهم سواء صدقتني أم لا.

قالها وهو مغمض العينين وعندما لم يجبه أندريس شعر بأن الصمت طال ، ففتح عينيه ينظر إلى القاعة التي اكتمل عدد الأطفال فيها وانتظموا في أماكنهم ،ثم حول نظره إلى أندريس الذي تبدو التسلية جلية على وجهه،فكر في نفسه :لقد عرفت ،معركة أخرى بالتأكيد .وهذا ما حدث بالضبط ،إذ صاح أندريس بصوت عال :
_أيتها الخادمة !!هلا أحضرت الطعام نحن جياع؟؟
شيء سريع مر بجانب نيكول واتجه ناحية أندريس الذي أمسكه بسهولة ،نظر الجميع إلى دايزي التي تقف في نهاية القاعة تشتعل غضبا ،فكر أندريس بسخرية :لقد عرفت نفسها ،ولم تخف عليه تلك النظرة الحاقدة في عينيها فقال :
_لأنني رجل لطيف وسمح فسأسامحك لأن هذا الصحن أفلت من يدك ،أنا أعلم أنك تعانين من مرض ما يجعلك غير قادرة على التركيز.
مع آخر كلمة قالها انهالت عليه الصحون واحدة تلو الأخرى بينما كان هو يلتقطها ويجمعها كلها, واحدة فوق الأخرى.وعندما انتهت حمل كومة الصحون واتجه ناحيتها وأراد أن يعطيها إياها ،لكن النظرة المتمردة التي بانت على ملامحها منعته، وأخبرته شرارات عينيها أنه إذا اقترب فسوف تحطم الصحون فوق رأسه ولذلك أوقع الصحون التي تحطمت واحد تلو الآخر لتملأ الأرض بالزجاج المهشم المكسر، صرح أندريس بحزن زائف:
_آاااااااااااااااااااسف دايزي. هلا جمعته ؟؟
وجهت إليه نظرات حاقدة حارقة ،ولكنها لم تقل شيئا وإنما انحنت ببطء وأخذت تجمع الزجاج ،وشعرها يغطي على عينيها ، أثناء جمعها للزجاج جرحت إصبعها فسارعت ووضعته داخل فمها . انحنى أندريس حتى وصل مستواها، وأخرج إصبعها من فمها ونظر إليه ،وقال بهدوء:
_الجرح ليس خطيرا .لا تقلقي دايزي .
أومأت برأسها ونهضت بدون أن تقول أية كلمة واتجهت إلى المرحاض المرفق بالمنزل وغسلت إصبعها ونظفته من الزجاج العالق فيه . أغلقت الصنبور والتفتت إلى الخزانة الصغيرة المعلقة على الحائط خلفها ،فتحت بابها بهدوء فصدر عنه أزيز مزعج ،أخرجت مطهرا أصفر اللون موضوعا في زجاجية ذات لون داكن وبعض القطن وضمادة.فتحت علبة المطهر ،ووضعت القليل منه على القطن ثم وضعته على إصبعها وضغطت عليه بقوة ، نظرت إلى القطن نظرات فارغة ،سارحة.

كايل........لقد اختفى منذ عدة سنوات ...... 3سنوات بالتحديد لسبب تافه .........على أية حال هذا ما اعتادته ،فقد كان طفلا مشاكسا في صغره وتسبب لوالده بمشاكل كثيرة ،وبعد كل مشكلة كان يختفي تاركا والده ووالدها يواجهان ما خلفه وراءه بإهمال .......لربما كان يشعر بالفراغ لأن والدته توفيت أثناء ولادته ،ولأن والده كان يعمل طوال النهار،لكن هذا لم يكن خطأ والده فقد أراد أن يلبي كافة احتياجات ابنه ،ولو لم يعمل بجد لما دخل كايل أفضل مدارس إنجلترا ،ولما حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة أوكسفورد.

ابتسمت دايزي لهذه الذكريات التي أخذت تداعب ذهنها فجأة ، حملت الضمادة وخرجت إلى الغرفة المجاورة، وهي غرفة صغيرة ذات جدران عالية وسقف مزخرف ،فيها نافذة واسعة أسدلت عليها ستائر بنية ثقيلة ، تحجب ضوء الشمس بصورة شبه جزئية عن الغرفة، حيث استطاعت أشعة الشمس اختراق هذه الستائر بشكل قليل معطية بذلك ضوءا خفيفا للغرفة ومضفية عليها جوا ثقيلا يبعث على النعاس،ولكنه رغم ذلك مريح. يوجد في الغرفة العديد من الرفوف المحملة بكتب مختلفة الألوان ،كل منها يتناول موضوعا مختلفا عن الآخر ،وهي مرتبة حسب مجالاتها ،فهناك قسم للطبخ ، وآخر للتاريخ ،وغيره للجغرافيا ،والأدب ........والعديد العديد من المجالات المختلفة.
تجاوزت دايزي الرفوف متجهة إلى أريكة مريحة ذات لون تبني لطيف ،نفضتها من الغبار ثم جلست على طرفها وأبعدت القطنة ولفت يدها بالضمادة.

صوت كسول نبهها إلى أنها ليست وحيدة في الغرفة، حين قال:
_ لماذا تهولين الموضوع؟ إنه مجرد جرح صغير !!
ابتسمت بهدوء ،ورفعت يدها تغطي عينيها من أشعة الشمس التي مالت قليلا ملقية بتلك الأشعة الباهتة عليها،وقالت بهدوء:
_كايل كان يفعل هذا لي دوما عندما كنت أقع أو أجرح ،كان يخاف علي كثيرا وأظن أن هذه أصبحت عادة.
ابتعد عن إطار الباب الذي كان يستند إليه ،واقترب منها بهدوء ،وقال بحذر منتقيا كلماته عالما أنه يخوض في شيء خطر:
_هل يمكن أن أسأل :من هو كايل؟؟

لاحظ أن قسمات وجهها لانت قليلا عند ذكر اسمه وأن ابتسامتها قد اتسعت ،رفعت عينيها إليه وقالت باسمة:
_إنه الشخص الذي قضيت معه طفولتي ،وهو الشخص الوحيد الذي استطعت الاعتماد عليه ،بالتأكيد لا أنسى ميديا ولكن ....ميديا أعرفها منذ الصف السادس بينما كايل......

صمتت قليلا كأنما تتذكر كل الأيام التي قضتها مع كايل ،في حين تجهم وجه أندريس يفكر بهذا الشخص الذي استطاع أن يأسر دايزي بسحره ،شعر كأنما طعنه أحد في صدره ،فمجرد التفكير بأن دايزي تحب ذاك الذي يسمى كايل يؤلمه.....ولكنه لا يعلم السبب !!
جلس بجانبها ورسم على وجهه ابتسامة حذرة مرتبكة ، ولم يفت هذا الارتباك دايزي ،التي سرعان ما قطبت حاجبيها ونظرت إليه بتصميم ،قطب أندريس كذلك ونظر إليها متجهما وقال :
_لا تقطبي . من علمك هذه التقطيبة؟؟
كانت إجابتها أن مدت يدها وفرقت حاجبيه ، ابتسم قليلا لحركتها ثم أخذت ابتسامته تتسع وتتسع حتى تحول الأمر إلى قهقه عالية ،خلفت صداها في أرجاء الغرفة.

ثم ..............هدوء تام.........هذا ما كانت عليه الغرفة بعد أن أنهى أندريس ضحكة ،اعتدلت دايزي في جلستها وتململت قليلا،التفت أندريس إليها وقال بلطف:
_هل كايل حبيبك؟؟
هزت رأسها نفيا ،فقال :
_عشيقك؟!
احمرت وجنتاها وهزت رأسها بقوة نافية ذلك الادعاء،ابتسم برقة وقال وهو يمسك يديها بين يديه:
_صديقك؟!
قالت بهدوء:
_إنه أقرب ما يكون إلى الأخ ،إنه أخي بالرضاعة ،فقد توفيت أمه بعد ولادته مباشرة ،فقامت أمي بإرضاعه .

أخذت نفسا عميقا وأكملت:
_أنا وهو في نفس العمر،أنا أكبره بأسبوع كامل .
صمتت من جديد ثم عادت وأكملت وقد شقت ابتسامة فاتنة طريقها إلى ثغر دايزي:
_رغم أنه ليس شقيقي إلا أنه يشبهني ،لنا نفس الطباع وكذلك شكل العينيان ولكن عيناه خضراوان وشعره أغمق من شعري فهو بلون العسل .

شعر أندريس بأن ثقلا انزاح عن صدره بعد أن عرف هذا الذي يدعى كايل ومن يكون بالنسبة لدايزي،وقد عزى ذلك لرقة قلبه وتأثره الذي ورثه عن والدته !! ولكن ...........................
نهض أندريس ،ثم جذبها لتقف وقال بمرح أضاء عينيه :
_قلت أنكما عشتما زمنا طويلا ،وأنا متأكد بأنه لن يستغني عن الذكريات التي قضاها معك ،ولن يجعلها تذهب مهب الريح بسبب خلاف بسيط بينكما.

رفع يديه إلى وجهها ورفعه لتقابل عيناه عيناها ،فدايزي وإن كانت طويلة ذات 175 سم إلا أن أندريس يفوقها طولا ويشعرها بالضآلة ،ابتسم في وجهها بسخرية كسرت ذاك الجو الساحر الهادئ الذي كان بينهما وقال:
_يالك من مربية سيئة !! لقد تركت الأطفال جوعى وهم في أمس الحاجة إلى الغذاء، فلديهم مسابقة اليوم.
في البداية ذهلت دايزي للتحول الذي طرأ على أندريس ولكنها ابتسمت بتحد بعد ذلك ،وأبعدت يديه عنها،وقالت مشيرة إليه :
_لا تنس نفسك سيد سو ،فأنت مشرف على الأطفال وهاقد تركتهم ولحقت بي .
كتفت يديها وقال بخبث:
_لربما على السيد هاري أن يعاقبك بالنوم في مهجع الأطفال مجددا؟؟
قهقه أندريس بصوت عال ،وقال:
_لقد كنت نائما عند أنيتا لأنها طلبت ذلك ،وليس لأنني كنت معاقبا .
استدار عنها ومشى بخطوات ثابتة راسخة على الأرضية الخشبية متوجها إلى الباب ذي اليد الذهبية ،وضع يده على اليد ،وضغط قليلا ،ثم التفت إلى دايزي وقال مبتسما:
_لديك صديقة لطيفة .
تبعته إلى حيث توقف ،وضعت يدها على كتفه وشكرته باليونانية لاستماعه لها والتخفيف عنها،لم يجب وإنما أمال رأسه بخفة ،وفتح الباب وخطا خارجا ودايزي تتبعه مبتسمة.

وصلا صالة الطعام الكبيرة ،وما إن أطل أندريس حتى هرعت أنيتا إليه تحتضنه بشدة ،رفعها أندريس عاليا وأخذ يكلمها بينما التفتت دايزي لبقية الأطفال وقالت:
_والآن سنتناول الطعام وهو عبارة عن: سلمون مدخن ،سلطة خضراء ، الكاري بالأرز واللحم المشوي.
اهتزت القاعة فرحا ،في حين أكملت دايزي:
_المقبلات :خبز محمص والقليل من العصير ،أما الحلوى فكعكة الفراولة.

تعالت صيحات الأطفال تشكر دايزي في حين هرع نيكول إلى دايزي واحتضنها بقوة ،وعندما سألته عن سبب ذلك،أجابت ساندرا ضاحكة من خلفه:
_نيكول وأندريس يحبان كعكة الفراولة كثيرا .
وافق نيكول بحماس بينما أشاح أندريس بوجهه واتجه ليجلس في مقعده،نظرت دايزي إلى الأخير بسرور وابتسمت بود قائلة في نفسها:
_شكرا جزيلا لك. ش
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس