عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم 03-26-2017, 10:10 PM
 




قراءة ممتعه :

قبل ربع ساعة من بدء الحصص كنت ألبس زيي المدرسي وأعدل شعري أمام المرآة ، فكما هو واضح الأزياء موحدة هنا ، شخصيا ، أظن اللباس الموحد يترك مسحة نظام على الطلاب وتضيف تنسيقا لهم ، إنها أفضل من الملابس العادية حيث يكون الكل مختلفا ،
أكملت تسريح شعري وربطته ، وتأكد من أدواتي قبل أن أستجمع قواي وأخرج نحوها ... خطواتي تتسارع طردا مع تسارع شهيقي وزفيري ، وحين أقلب نظري على الوجوه أجد الكل سعيدا بهذا اليوم الروتيني في جداولهم والجديد كليا بالنسبة لي ، تظل ابتساماتهم تكبر وتكبر وتختم بقهقهات عاليه قبل أن يضمحلوا من امامي بدخولهم للثانوية ، عددهم كبير بالرغم من انه أقل بقليل من طلاب ثانويتي القديمة ،
حسنا ، هاأنذا الآن أخطو للداخل ، بدأت مباشرة في وضع خطة للساعات المواليه ، لديّ بضع دقائق لآخذ جدولي الزمني وورقة تأكيد حضوري وأعرف مكان فصلي من الإدارة ، لكنّ الحل لا يتبدى لي إلا من خلال سؤال أحد الطلاب ، لنبدأ إذا ..
أوقفت بلباقة فتاة ذات نظارة سميكة إمارتها الحكمة وسألتها :" أين تقع إدارة الثانوية ؟" ،
بتوتر ردت :" أ.. أنا .. ل.. لا .. أعرف ." وسارعت بالإختفاء عن ناظريّ .. غريبة الأطوار
تقدمت نحو مجموعة فتيات أنيقات كنّ على مقربة مني وسألتهنّ نفس السؤال ، إلا أن الإجابة لم تقدم لي بل رحنّ يسألنني بدورهنّ عن هويتي ومسقط رأسي ،، ونحو ذلك ؟؟ مزعج ..
إبتعدت عنهنّ معتذرة ودخلت أحد الممرات ، كان واسعا لكنه يكتظ بالتلاميذ الوالجين والخارجين من الأقسام ، دبّ الخوف مجددا في عروقي وأنا أمشي وسط هؤلاء الغرباء ، أكره هذا الشعور وسأكرهه أكثر إذا لم أجد مكتب المدير حالا ، كما أنني لست مستعدة للمزيد من الردود المستفزة وخيبات الأمل .
أخذت خطواتي تثقل أكثر بمرور المزيد من الوقت وكست مخيلتي أفكار عديدة جعلتني أمشي بلا هدى وأنتقل من ممر لآخر دون ان أحاول إيجاد مكتب المدير .. كنت غائبة عن الوعي .. وما أيقظني من غفلتي هو صوت مدوي لشاب يسرع بزلاجته يناشد الجميع بالإبتعاد /، جريت نحو مكان آخر لكني أحسست بيد أحدهم تضرب بخفة على تكفي فانتفضت بشدة ، ليضحك فتى من ورائي قائلا :" لا عليكِ لقد أوقعت مفاتيحك ، غريب انك لم تنتبهي ،" مدّ بالمفاتيح لي فالتقطتها بإبتسامة صفراء تعلو محياي ، كيف لألآّ يكون اسقاط المفاتيح دون الشعور بذلك مشكلة يسيرة ؟ هذا كان ليؤدي لسرقة شقتي ،، تأكدت هذه المره من وضع المفاتيح في مكان سري داخل الحقيبة ، وانتهزت الفرصة لأسأل ذاك الفتى :" من فضلك هلاّ تدلني على مكتب المدير ؟ " ، ظهر عليه الإندهاش كالاطفال وهو ينظر لي و استفسر :" جديدة ؟" أومأت بأن نعم ، فأخذ بالشرح :" عليك أولا أن تسلكي هذا الممر ، ستجدين الخزائن استديري لليمين لتجدي ..إلخ "
بعد ان أنهى كلامه وجدني لم أفهم شيئا ، فصاح بطريقة مفاجأة :" آلي ، تعالي لحظة " ، استدرت نحو الخلف لأجد فتاة رحبة الوجهِ تقبل نحونا ، ألقت عليهِ التحية وسألت ببساطة :" من هذه ؟" أجاب بآلية :" طالبة جديدة ، أيمكنك أخذها لمكتب المدير ؟ لدي مباراة الآن ولا أستطيع فعل ذلك " ، وافقت آلي على أخذي ، فشكرت الشاب على تعاونه ، الذي قال بودّ :" حظا جيدا ، أنا جوش على أية حال ، " رديت : " وأنا استيرا ، تشرفنا " ، ابتسم لنا مانحا لي ولآلي بعض الخصوصية ، أخذت أشق طريقي معها نحو مكتب المدير ، وتبين لي أنها ثرثارة لحد ما ، إذ في خضم ذلك دار بيننا الحوار التالي :
_ استيرا أنا آلي
_ أوه ، نعم ، تشرفنا
_ سعدت بلقاءك ، هل أنت من هنا ؟
_ مدرستكم لها سمعة جيدة ، لهذا اتيت
_ آها .. حسنا ربمنا ليس عليّ سؤالك عن مدينتك ، هل أعجبك المكان ؟ إنه كبير
_ نعم إنها واسعه
_ فيها العديد من الحجرات والأقسام و المخابر ، حتى إنهم يملكون قاعات رياضية عديدة و غرفا خاصة للنوادي ، ظننت في البداية أن هذا مبالغ فيه ، لكن المؤسسة بحد ذاتها جيدة و المعلمون لطفاء ،
_ هذا جيد
_ بالحديث عن النوادي ، هل تحبينها ؟
_ لا أظن ذلك
_ هل ستشاركين في الألعاب الرياضية ؟
_ لا .. لن أفعل
_ ربما عليك فعل ذلك لتكسبي بعض الشهرة ، الشهرة هنا لنا مقدرا مميز ، فالشهرة تعني السمعه الطيبة تقريبا
_ لا أهتم فعلا لذلك
_ حسنا ، إذا ما اهتماماتك ؟
_ لا يوجد شيء محدد
_ ألا تحبين الحديث عن نفسكِ كثيرا ؟
_ كيف ؟
_ لا عليكِ لم أقل شيئا ذا أهمية ، إذا ما رأيك أن نحاول ان نتقابل في استراحة الغداء هناك ما عليكِ أن تعرفيه
_ حسنا .. هل اقتربنا من مكتب المدير ؟
_ نعم نعم إنه قريب جدا .. ، ما الرأي الذي كونته عني وعن جوش ؟ أقصد ربما يمكنك التسكع معنا قليلا من حين لآخر
_ شكرا لك ، لا أظن أن لدي متسعا من الوقت ، يجب أن أدرس أكثر
_ لا بس بأوقات قليلة من الراحة
قطعت آلي حديثها بوصولنا لمكتب المدير وهناك ودعتها ، وتخلصت من كلامها ، أخذت المعلومات التي احتجتهامن المدير ، عليّ في الغالب صعود الكثير من السلالم لأعثر عليه ، ربما عليّ البدء بالبحث عنه من الآن بمفردي دون اللجوء لأحد ، لكن مجددا قابلت آلي في الطابق الثاني وأطملنا الصعود معا ، عادت لثرثرتها وكنت أحاول البقاء لطيفة لحد ما ، أظنها تملك تفهما لا بأس به ، إذ أنها تتوقف عن السؤال ولا تلح عليه حينما أغير الموضوع ، مما أخبرتني به أنّها وجوش صديقان منذ وقت طويل ، وأنّ صفها يحوي العديد من المرحين من بنات وبنين ، وتمنت لو أنني معها في القسم ، ختاما سألتني عن رقم حجرتي فاخبرتها به ، لتطلق تلك الصرخة العظمى ... فكنت انا وهي في نفس الصف ولمدة عام كامل ...
ـ
دخلت زويا الغرفة الفسيحة حيث كست الألوان اللأحادية مظهرها وشملت كل الأغراض فيها ... بسلاسة وخفة نزعت الستائر لتستبدلها بأخرى ، وفتحت النوافذ على مصراعيها ، غيرت الأغطية والبطانيات لتضع كل ذلك في سلة الغسيل الكبيرة ، ثم باشرت بنفض الأرائك ومسح الغبار والزجاج خاتمة ذلك بمسخ الأرضية ، . أخيرا أنهت عملها هنا وآن لها أن تقوم بعمل آخر ، قبل أن تغلق الباب توجهت عيناها تلقائيا للمزهرية على الطاولة المستديرة ، كيف لها النسيان ؟؟ جرت لتنفض عنها غبارها وتأكد من تنسيق أزهارها ، لكن جهازا مقعرا شديد الصغر سقط بين يديها من جوف إحدى الأزهار حيث كان مثبتا برحيقها ، تسائلت في نفسها : ما هذا زويا ؟ يبدو آلة ما ، هل هو إختراع جديد يساهم في إنماء هذه النبتة إنماءا سريعا أم ماذا ؟ لم يخبئة السيد راوند هنا بالذات ؟ ، لم تجد جوابا تقنع به نفسها ، امالت شفتهاالسفلى بإنزعاج وهي تتذكر كيف طلبت منها نورا عدم تنظيف غرفة راوند أمس لأنه لا يرغب بذلك وفي النهاية تلقت منه اللوم على عدم تنظيفها ، كم هي مقيتة تلك المرأة ؟ ما شأنها براوند ؟ كانت زويا لتسألها عن الجهاز لكنها لن تفعل ،ستنفجر تلك المرأة في وجهها وتتهمها بالسرقة ومن يدري ربما ستطردها ، ستسأل راوند مباشرة ، أو ستصعد مياشرة للطابق الأول وتضعه في الخزانة لتسأل عنه راوند فيما بعد .
ـ
أخذت استيرا مكانا شرقيا قرب النافذة في طاولة كانت الأخيرة ، كون كل الأماكن الباقية محجوزة ، إرتأت عدم التركيز في اي شيء آخر سوى كتابها ، لكن نظرات الطلبة لها كعنصر جديد جعلها تشعر بالتوتر مجددا وتتمنى وجود أحد ما قربها ولو كانت آلي ، على كل .. بدأ التوتر يتلاشى بمجرد دخول استاذ العلوم وإلقاءه تحية الصباح ، ثم بدأ درسه دون مقدمات ، أنصتت استيرا لأسلوبه الواضح في الشرح وهي تطمئن نفسها من حين لآخر :" سأستمع لما يقوله الآن وأحاول فهمه ، ولاحقا سأراجع كل ما تراكم عليّ من دروس كي ألحق برتم دروسهم " ، كسحاب ثقال تدفعها الرياح مرت الحصص بين همسات التلاميذ ، وتفاجأ الأساتذة في نهاية حصصهم بطالبتهم الجديدة التي تطلب الإمضاء على ورقة تأكيد حضورها في يومها الأول ، قبل خروجها من القسم لإستراحة الغداء ألقى عليها البعض التحية وأظهروا استعدادهم لمساعدتها ان دعت الحاجة ، فشكرتهم بإمتنان كبير على تعاطفهم ، يظهر أنهم لطفاء :، ما لبثت بعدها ان نزلت لتأكل طعامها اختارت احدى الطاولات الفارغة ، ثم ما كادت تضع اللقمة الأولى في فمها وتبتلعها حتى فاجأها جلوس كل من آلي وجوش و صديق آخر لهما قائلين انهم يودون الإنضمام لها ،
بدأ جوش الكلام : - استيراأمن الأفضل أن نناديك استرا ام آنسى استيرا ؟
عقدن استيرا حاجبيها وردت : - لا اسمي المجرد لا يكفي
خاطبته آلي : - لسنا في مكان عمل سيد جوش ، أو لربما ترانى في عصر الرسميات ؟
- شكرا للتوضيح ، رد جوش بسخرية
اقحمت آلي محتوى الملعقة في فمها و خاطبت رفيق جوش :
- كريس كيف حال اختك ؟ هل خرجت من المشفى ؟
أجاب كريس بلامبالاة :- عادت لسابق عهدها قبل اسبوع ، وهي تزاول الدراسة الآن
وادخل جوش نفسه في الكلام قائلا : أخبرها عما فعلته لك في عيد ميلادها .
وهنا رمى كريس الملعقة وعلت ابتسامة وجهه و هو ينظر للجميع ساردا قصته معها بتشويق :
- حلّ يوم ميلادها وهي في المشفى وكانت قبل ذلك تكتب رسائل يوميا فيعا عبارة : " أريد 500 دولار أصرفها كيفما أشاء مع كعكة ميلادي من شخص لا يطالب بالمقابل" ، وتخبئها تحت وسادتها لا يراها احد ، لكني كنت على علم بذلك ، وقررت تحقيق ما أرادته ، لذلك جمعت مصروفي واستندت من أصدقائي إلى أن قارب المبلغ على بلوغ الـ 500
لكن الأقدار شاءت ان لا أكمله كله وفي ليلة ميلادها قدمنا لها الهدايا و الحلوى ، وأعطيت لها مبلغ 400 دولار مخبرا اياها ان شخصا ما اتى بالمبلغ لها وانه لا يريد أي مقابل ، وكان في نيتي أن اعلماه بما فعلته بعد أن تتحسن حتى لا تشعر بأني أطلب منها مقابلا او أني أفضل منها حالا ،
انتظرت بعدها ليالي واياما لأرى ما ستكون ردة فعلها ، وعلمت أنها صرفتها في يوم تسوق ضخم رفقة أمي بعد سماح إدارة المشفى بذلك "
قاطعه جوش هنا : - ولم تسأل أختك عن الذي قدم لها ذلك ؟
فاستفسرت آلي :- مالذي فعلته انت ؟ هل اعترفت ؟
أكمل كريس بحسرة مصطنعة : بعد أيام قادني الفضول للبحث في غرفتها عن الرسائل التي كانت تكتبها فوجدت آخر رساله مفادها : " اشكر من اهداني ذاك المبلغ الضخم وأظن انه أحد والداي ، لكني اعلمه ان أخي الحقود الحسود البخيل قد سرق لي 100 دولار ، على الاغلب سيستخدمها في شراء العاب الفيديو السخيفة فأرجو ان تمنع عنه ذلك و تفسد له ما سيستخدم أموالي في شراؤه "
تعالت ضحكات آلي وجوش وقالت إستيرا بابتسامه صفراء :
- أختك مرحة ، ألم تعترف بعدها لها بالذي فعلته ؟
قال كريس وهو يحك شعر رأسه : - انها تنظر لي شزرا في كل مره أمر بحانبها ، أخاف أن لا تصدقني
صرخت آلي :- انظروا المعلمة ديانا عادت سححقا عل ستدرسنا ؟
علق جوش بصدمة : - لا أصدق ما أرى ، أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها
وأضاف كريس بإنزعاج وهو يخاطب استيرا : - صديقيني عليك الانضمام لنا في كرهها
- لم ؟ ، سألت استيرا بهدوء
فاجابت آلي :- تعاقبنا دوما بالحجز وتقول إنها تفعل ذلك لمحبتها العظيمة لنا
قال جوش : - تكتب الدرس وتشرحه مره واحدة فقط حتى يتسنى لها الوقت للعبث بحاسوبها
أكمل كريس : - لا اظنها تعرف أي معلومة عن المادة التي تدرسها فدائما هي تسأل ونحن نجيب
نظرت له استيرا بدهشة قليلة ارتسمت على لامحها وقالت : أليس هذا عملها ؟
رد ّت آلي : - إن كريس مجنون نوعا ما لذا لا تهتمي بما يقوله
نظر لها كريس عاقدا حاجبيه فيما واصلت إبداء كرهها للأستاذة ديانا
واستيرا تستمتع ، وما كادوا ينهون ذلك حتى دخلوا في جدال جديد مضحك عن اساتذتهم
وبأحاديثهم المرحة سحبوها ولو لدقائق معدودة من تفكيرها العقيم في مستقبلها حالك السواد .
ـ
فيما يترائى الأفق أمام عينيه ويبدأ بالتمني والتهلل لما سيكون الأمر عليه
لما سيجده إن تفرغ لإدارة شركة والده ، وما سيخسره إن ترك جامعته ..
حائر بسعاده ، وإن كان السعادة لم تكن يوما في حيرة ..
فهي ليست ملازمة للنفوس المرتاحة ابد الدهر ،
حيرة هي محصورة بين جميل واجمل
وشظايا نار ولهبها ..
حك عينيه و عاد لتحليل الوثائق أمامه مدة ربع ساعه قبل ان يقرر إستدعاء مساعده جون
دخل جون كعادته مسرعا غير آبه بوقع خطواته المزعجة وأناقته المبالغ فيها ، وقف أمام راوند قائلا :
- لم دعوتني سيد راوند ؟
رد الآخر بهدوء : - لم ار لك حسا ولا همسا منذ الصباح
- أتمزح سيدي ؟
- وهل تراني كذلك ؟
سعد جون في داخله لكنه تماك نفسه ان قال : - جيد أن تهتم بموظفيك
- حقا ؟
قالها راوند وهو يحدق في شاشة هاتفه وبدا كأنه أجاب دون وعيي
فقال الآخر باستعداد تام : - أظنك تريد مني خدمة ما ؟
- أحضر لي الملف الذي نتج عن الإجتماع الأخير لمدراء الفروع أريد الإطلاع عنه سريعا قبل إقبالهم غدا ،
و غير لي القلم الذي اوقع به ، لا تنسى أيضا إحضار كوب قهوة ساخن لي بعد نصف ساعه
مع نسخ عن جميع الرسائل الواردة في بريد الشركة هذا اليوم ، وأعلمني كذلك عندما يصل ضيف الشرف .
حسنا ؟
أومأ جون بسرعه وهرب من المكان ليحاول تنفيذ كل الطلبات دون أن يستأذن من راوند قبل خروجه ،
فيما اهتم راوند بالمحتوى الذي عرضه هاتفه أمامه وبسرعه شكل رقما واتصل به
الشكوك تراوده وعليه سريعا ان يقطع الشك باليقين .
رد مع اقتباس