عرض مشاركة واحدة
  #105  
قديم 02-17-2017, 03:16 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/01_02_17148592663790712.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
<<37>>


~ جوليا ~


عند مغادرة لوريوس كانت أنظار روز وسوبارو مسلطة علي ، وظلا صامتين منتظران مني أن أخبرهما بما يحصل ..
قلت وأنا أعطي سوبارو ظهري : وكأنني سأشبع فضولكما بمجرد أن تنظرا إلي هكذا ..


أمسكتني روز حينها وقالت: جوليا أخبريني ماذا تخفين عني ؟؟ من شيبا ؟؟ وما الذي بينك أنت وسوبارو ؟؟ لماذا أشعر بأني لا اعرف شيئا عنك ؟
قلت ببرود : قصتي مع شيبا شيء من الماضي ، أما الشيء الذي بيني وبين سوبارو فمجرد مزحة ..


أتاني صوت سوبارو الجاد من خلفي : ولماذا لازلت تصرين على أنني أمزح معك بشأن طلبي ؟؟
قررت تجاهله فبعد معرفتي به أدركت أي نوع من الأشخاص هو ، هو هادئ ولا يحب التحدث كثيراً ، لكنه يستمتع بإستفزاز الآخرين والتلاعب بهم، وهو لا يتصرف بجدية مطلقاً رغم مظهره الذي يدل على عكس ذلك..


بعد دقائق شعرت بأحدهم يوخزني من الخلف ، لأدرك أنه سوبارو دون غيره بلا شك ، فهو الشخص الجالس خلفي فقط ..
ظل ينغزني مراراً وتكراراً وأنا أتجاهله ، هو سيمل ويتوقف من تلقاء نفسه ، ولا رغبة لدي في الدخول للشجار معه ..

مرت الحصص الأولى ولوريوس لم يعد بعد ، وفي موعد إستراحة الغداء أعطيت لسوبارو الغداء الذي أعددته له هو وروز، لكنه وقف قائلاً : سأعود قريباً ..

غادر سوبارو وشرعت أنا وروز في الأكل ، لكن الغريب أن روز لم تتفوه بكلمة واحدة على الرغم من أنها كثيرة الكلام ، وهذا أكد لي بأنها غاضبة مني ..
روز صديقتي لكن لا يعني هذا أن أخبرها بأمور لا فائدة منها ، وهي سترضى من تلقاء نفسها بالتأكيد ..


بعد دقائق سمعت صوت سوبارو قادم من السماعات المثبتة في الفصول ، وكان يقول حينها بصوته البارد : إلى جميع من يسمعني ، أنا سوبارو صديق جوليا وروز ، أتحدث إليكم من غرفة الإذاعة لأخبركم بالحقائق التي كنتم تجهلونها ، وكل ما سأقوله هو الحقيقة فقط ، جوليا التي شيع بأنها هربت من المنزل كانت مختطفة ، والشخص المسؤول عن ذلك هو رجل يدعى ساي وأخته التوأم هي المعلمة راي ، هدفهم من إختطافها كان لغرض الإنتقام مني أنا وروز ، ولهذا لم يتواصل مع والديها ، بل كان يرسل أوامره إلينا ، وكنت أنا وروز نتعاون مع بعضنا لتلبية طلبات الخاطف من أجل جوليا
..


نظرت حولي فإذا بهم جميعاً منصتين إلى كل كلمة كان يقولها سوبارو ، وهو يتابع كلامه : لقد كان هدف ساي من كل ما فعله هو تشويه سمعتنا قبل أن يقتلنا ، لنعاني قبل أن ينهي حياتنا ، لقد طلب منا سرقة بعض الأغراض وأنا نفذت طلبه فأصبحت سارقاً في أعين الجميع ، وأما روز فقد شيع أنها قاتلة والدتها وأخيها ولم يكن ذلك سوى جزء من خطتهم الخبيثة ، وقد أفلحوا في ما أرادوه فها أنتم الآن تنظرون إلينا بإستصغار واحتقار دون أن تدركوا الحقيقة ، لن أجبركم على معاملتي بطريقة لطيفة ، لكنني أريدكم أن تحسنوا معاملة جوليا وروز ، وإن كانت جوليا قد قست عليكم فأرجوا أن تعذروها ، فما مرت به كان تجربة مؤلمة حقاً لن يتحملها الرجال أبداً ، فكيف بفتاة ؟؟ هي عانت بما فيه الكفاية فلا تزيدوا عليها بتصرفاتكم الوقحة ، وإذا لم تستطيعوا تقبلها فتجاهلوها ، لكن لا تلاحقوها بنظراتكم المليئة بالإحتقار أو تقذفونها بالكلمات الجارحة ..


انتهى من إلقاء محاضرته وأنا أسمع صوت ضوضاء من الغرفة الذي هو فيه ، لاشك بأن بعض المعلمين قد اقتحموا غرفة الإذاعة ليوقفوه ..
عدت أتناول طعامي وكأن شيئاً لم يحصل ، لألمح إحدى الفتيات تتقدم إلي بخطوات مترددة ..

رفعت رأسي وقلت : ماذا تريدين يا يونا ؟؟
قالت بإبتسامة متوترة : لا لاشيء ، لكن ... أردت فقط أن أقول بأنني في صفك يا جوليا ، وسأمنع كل من يحاول إيذائك ..
ابتسمت لها لتبادلني الإبتسامة بسعادة، وعدت أتناول طعامي ، بينما هي بدأت تثرثر مع روز مستفسرة عن الأوامر الذي أُرسلت لها هي وسوبارو ..


أما بقية الموجودين فقد كانوا يتناقشون فيما بينهم عن الذي سمعوه ، ثم تقدم إلي طالب آخر في صفي ، وقال بعد أن وضع يده على طاولتي : أنا لازلت لا أصدق حتى الآن ، أشعر وكأنها قصة خرافية تم اختلاقها من قبلك أنت وروز وسوبارو لجذب الإهتمام فقط ..


وضعت أعواد الطعام جانباً ووقفت لأكون أقرب إليه وقلت ببرود : وماذا سأستفيد إذا كان كل ما حصل كذبة مختلقة كما تقول ؟؟
- بالطبع أردت حصول ذلك عمداً لجذب الأنظار وتحقيق الشهرة ..
- وهل أنا حمقاء لأفعل ذلك ؟؟


تدخلت يونا قائلة : هي لم تكذب مطلقاً ، ولو كانت كذلك فلا أظن أنهم سيجعلون الأمر يصل إلى ماوصلت إليه الآن ، وماكانت الشرطة ستستطيع التعاون معهم على هذه الكذبة ..
حدق فيها بإصرار قائلاً : أليس والدها يعمل في مركز الشرطة ؟؟ إذاً لن يكون الأمر صعباً عليها ..


كان الإثنان يحدقان في بعضيهما بتحدي ، ويبدو أنهما سيدخلان في شجار إذا لم أوقفهما ..
أبعدتهما عن بعضهما ووقفت بينهما قائلة : جيل هذه الأيام لا يمتلكون وسيلة للتفاهم سوى الشجار ، ألا تستطيعون أن تتصرفوا بنضج قليلاً ..
ضحكت يونا حينها وقالت : أنت تتحدثين كما لو أنك عجوز ..


نظرت إلى الطالب الذي ينظر إلي بترقب ، لأقول له : ما حصل لم يكن قصة مختلقة ، وأنت حر في التصديق أو التكذيب ، أنا لن أجبر أحداً على أي منهما ..
عدت لأجلس في مكاني بينما ابتعد عني ذلك الطالب ، وعدت لأتناول غدائي وكأن شيئاً لم يكن ، لكن هذه المرة قطع أكلي دخول لوريوس إلى الصف ووقوفه بجانبي ونظراته تخبرني بأن لديه شيء ينوي قوله لي ..

تركت أعواد الطعام مجدداً وقلت بملل : يبدو أنني لن أهنأ بالأكل هذا اليوم ، ماذا تريد مني أيضاً !!
أشاح بوجهه قائلاً : لا شيء أيتها الكاذبة ..
قلت وأنا أنظر إليه بجدية : لوريوس إسمعني ماقاله سوبارو كان مجرد كذبة ليس إلا ، وأنا لم أخدعكما بما قلت ..

نظر حينها إلي متحدثاً بسخرية : أووه فعلاً !! وهل كان ليتسلل إلى غرفة الإذاعة ويعرض نفسه للعقاب إذا ......
قاطعته بثقة : فعل هذا لأنه يشعر بالذنب فقط ، ولأننا أصدقاء ولم يكن هناك سبب ثالث لما حصل ..
قال متصنعاً اللامبالاة : نعم نعم وكأني سأصدق ..


دقائق قليلة حتى عاد سوبارو إلى الصف لأقول مبتسمة : ماذا فعلوا لك بعد أن ألقوا القبض عليك ؟؟
جلس في مكانه مجيباً بغيظ : سأضطر إلى تنظيف دورات المياه لمدة أسبوع ، تباً هذا كثير جداً ..
ضحكت حينها وقلت : تستحق ذلك ماكان يجب عليك أن تتسلل إلى غرفة الإذاعة وتتفوه بأمور لا جدوى منه ..

حملق في عيني مباشرة وقال بنبرة مقصودة : ألست شاكرة لي على ما فعلته من أجلك ؟؟
أدرت ظهري بإتجاهه وأنا أجيب ببرود : مطلقاً ، فأنا لم أجبرك على القيام بذلك ..
تعمدت تجاهله بينما سمعت روز تقول بامتنان : شكراً لك يا سوبارو على مافعلته ..
ليرد عليها سوبارو : لا أريد سماع كلمة شكر ، أريدك أن تساعديني في التنظيف ..
قفزت روز من مكانها وقالت بإنفعال : لا وألف لا ، مستحيــــــــــــــل ..
- ألست من قال لي بأن أحاول توضيح سوء الفهم للجميع ؟؟ إذاً أنا وأنت مشتركان في الجريمة ، ويجب أن نتعاقب معاً ..


استمر حينها الإثنان بالشجار ، وأدركت أنهما أصبحا مقربين جداً ، يبدو وكأن صداقتهما قد أصبحت أقوى بعد كل ما حصل معهما ، ومن الجيد أن روز بدأت تتحدث مع الفتيان ، وبلى شك ياماتو أصبح قريب منها أيضاً ، وهذا أمر رائع ومفرح ،لأن عقدتها تجاه الذكور قد تلاشى ..

مر اليوم المدرسي بشكل ممل لم أسلم فيها من نظرات المعلمين ، وانقضى هذا اليوم أخيراً ..
أمسكت حقيبتي بعد أن جمعت فيها أغراضي وقلت متعمدة إغاظة سوبارو : سنغادر الآن يا سوبارو ، وأنت تأكد من تنظيف دورة المياه جيداً ، وسأكون ممتنة لو نظفت الممرات أيضاً ..
رمقني بنظرة غاضبة عكس نبرة صوته الجامدة : أغربي عن وجهي يا ناكرة الجميل ، يامن لا تقدرين تضحية أصدقائها ..
لوحت له بيدي مودعة : وداعاً يامن يحب إستفزاز الآخرين وإختلاق الشائعات ..


غادرت الصف في حين كانت روز تنظر إلى الخلف بشفقة وتسير بتباطؤ ، لأقول بإستغراب : مابك يا روز ؟؟
ردت بإرتباك : عندما كنت مختطفة عوقبت بتنظيف صفنا والصف المجاور ، وسوبارو كان يساعدني دائماً ، أشعر أنه من الدناءة أن أتركه لوحده بعد أن كان يساعدني ..

قلت حينها بإبتسامة : حسناً إذا أردت إنتظاره فلا مانع عندي ، لكنني يجب أن أغادر فأنا كما تعلمين يجب أن أجهز أغراضي لأنتقل إلى منزل جدتي في الغد ..
بدت روز حينها مضطربة ، وعلمت مايدور في رأسها لذا ابتسمت مطمئنة : إبقي هنا ، وأنا أستطيع تجهيز أغراضي لوحدي ، لذا لا بأس ..

تركتها وسرت متوجهة نحو المدخل ، لكنني لمحت المدير واقفاً بالقرب من الباب ، ويبدو أنه كان ينتظر أحداً ، عندها عدت أدراجي محاولة ألا أدعه يراني أو يتحدث معي ، فأنا حينها لن أستطيع تمالك نفسي ..

- جوليا إنتظري قليلاً ..
أصبت بالإحباط حين سمعته يناديني ، فكرت في تجاهله لكن ناراً تشتعل في جوفي أجبرتني على الإلتفات إليه قائلة بنبرة ساخرة : ماذا هناك أيها المدير عديم الفائدة ..
أنكس برأسه دون أن يقول شيئاً وأنا أشعر بالذنب بسبب ما قلته ، لكنني في الوقت ذاته أشعر بنشوة إنتصار ..

أنا أتفهم أنه كان مجبراً على مجاراتهم ، لكن ...
لكن لا يعني هذا أن يعرض حياة آخرين للخطر ، في الأمس كنت أفكر فيما سيحصل لو لم يُلقى بالقبض على هؤلاء المجرمين ..
كانوا بالتأكيد سيكملون سلسلة جرائمهم ويموت العديد من الأبرياء ، والمدير سيظل صامتاً مضحياً بحياة المئات من أجل إبنيه ..


سمعته يقول : جوليا لم أظن أنك ستحقدين علي حتى بالرغم من أنك عرفت بأسبابي ، كنت واثق من أن الآنسة يومي ستغضب ولا أظن أنها ستسامحني بسهولة ، لكن أنت كنت أتوقع منك غير ذلك ..
تكلمت بسخرية وأنا أشعر بالغضب في داخلي : نعم سأسامحك بسهولة جداً ، وكأنني لم أتعرض لشيء ، وكل ما حصل معي يُعتبر لسعة بعوض لن أحس بألمها ، بل سأكافئك أيضاً على جبنك وسكوتك ، وسأكون ممتنة لك على مساعدتك للمجرمين في تعذيبي ..


ثم قلت بإنفجار وغضب لم أستطع أخفائه : أأنت غبي ؟؟ لقد عانيت الكثير والكثير وأنت كنت تنظر إلي بصمت ، وفي النهاية تريد مني مسامحتك بسهولة ؟؟ وكأنني سأفعل ذلك ، هل مسامحتي لك ستنسيني شعور الإهانة والألم التي ذقتها ؟؟ أنت لم تكتفي بالسكوت وحسب بل قمت بجلد الآنسة يومي بقلب بارد جداً ، أإنقاذ طفليك تعني التضحية بنا ؟؟ أنا حقاً لا أستطيع مسامحتك ..

أنهيت عبارتي وركضت مبتعدة ، سأجرحه أكثر إذا بقيت أطول معه ، أصبحت أركض وأركض محاولة إطفاء نار الغضب المشتعلة في جوفي ، مررت من جانب النهر لأقرر إلقاء نفسي فيه ..
قفزت إلى النهر وتبلل جسدي بالكامل، ولكن هذا لم يجدي نفعاً ، فلا زلت غاضبة ، ولا أعلم كيف أستخرج هذا الغضب مني ..
وضعت يدي على رأسي متمتمة : إهدئي يا جوليا إهدئي ، لا تغضبي أكثر من ذلك ..


لم تجدي هذه الكلمات في تهدئتي، ماذا أفعل الآن ، أرغب في ضرب أحد ما بقبضتي ، لن أرتاح حتى أقاتل أحدهم ..
فجأة سمعت صوت أبي الذي كان واقفاً على ضفة النهر : جوليا إذا بقيت في النهر لوقت أطول ستمرضين ، أخرجي من هناك حالاً ..


خرجت من النهر دون أن أتفوه بكلمة ، وبدأت السير متوجهة نحو المنزل ، وأبي كان يلاحقني ..
دخلت المنزل لأجد أمي بإستقبالي ، وفور أن رأتني هكذا أتت إلي مسرعة وقالت بذعر : لماذا أنت مبللة هكذا ؟؟
بذلت جهداً كبيراً في الأبتسامة لها مجيبة : لقد سقطت في النهر ، سأذهب لأغير ملابسي حالاً ..


صعدت إلى غرفتي بخطوات ثقيلة ، وأخذت حماماً سريعاً وارتديت ملابس ملائمة للمنزل ، ثم نزلت إلى الأسفل ..
وجدت أبي واقفاً بزي عمله في إنتظاري ، قلت وأنا أنزل من السلالم ببطء : لماذا كنت بالقرب من النهر يا أبي ؟؟ هل كنت تراقبني ؟؟
- في الواقع نعم ، لقد كنت أرافقك حتى أتأكد من سلامتك ..


ثم صمت قليلاً ليردف : بالمناسبة يا جوليا ما رأيك أن تأتي معي لنتدرب قليلاً ، فنحن لم نتدرب منذ مدة ..
أومأت برأسي بسرعة فالتدريب فرصتي لأستنزف كل غضبي وطاقتي ، لأستطيع أن أعود بذهن صافي ..
توجهنا نحو غرفة واسعة وفارغة من الأثاث بجدران مبطنة تمنع أذيتنا ، تم تجهيز هذه الغرفة خصيصاً لنتدرب فيه أنا وأبي ، أما جودي فهي لم تحب أن تتعلم فنون القتال ولهذا كنت الوحيدة التي تستخدم هذه الغرفة مع أبي ..

بدأت أنا وأبي بالقتال ، وأبي كان يتفادى ضرباتي بمهارة فهو من علمني ولهذا يفهمني جيداً ويجيد قراءة حركاتي ..
استمرينا في القتال لعدة ساعات وعندما أنهكت تماماً ألقيت بجسدي على الأرض وقلت وأنا ألهث بإرهاق : أنا أستسلم لقد تعبت ..
جلس أبي بجواري مبتسماً : أنت تتحسنين يوماً بعد يوم ..
- لكنني مهما فعلت لن أستطيع التغلب عليك ..


لم يقل أبي شيئاً ، وبقينا صامتين لدقائق ثم قرر أبي كسر هذا الصمت حين نطق : جوليا ألا ترين أنك قسوت على السيد كازوما ؟؟
أصابني الإكتئاب حين تم ذكره ، ولم أرد عليه في حين أكمل : هل تعلمين ما هي مشكلتك يا جوليا ؟؟ عندما تغضبين لا تخرجين مشاعرك مطلقاً ، وتظلين تكبتين على نفسك لمدة ، وعندما لم تعودي تطيقين التحمل أكثر تنفجرين في وجه أي شخص أمامك ، وأنا واثق من أنك ستندمين على هذا بعد أن تهدئي ..


جلست برشاقة وقلت بشيء من الندم وأنا أمسح قطرات العرق عن جبيني : أنت محق يا أبي ، لكنني فعلاً لا أستطيع أن أمسك لساني عندما أرى المدير ، وأضطر دائماً إلى إلقاء بعض الكلمات الجارحة عليه
و أردفت بصوت حاد : ثم أنني غاضبة عليه كثيراً ، فهو قام بجلد الممرضة ، وعندما كانوا يعذبونني كان يقف معهم ولم يحاول ردعهم ولو قليلاً ، أبي أنا لن أسامحه بسهولة مطلقاً ..


نظر إلي أبي وقال بصرامة : أنت لست غاضبة منه إلى هذه الدرجة ، لكنك قررت أن تصبي جام غضبك عليه ، فأنت لم تنوي الإنفجار في وجه صديقيك روز وسوبارو مع أنهما كانا السبب الرئيسي في تعذيبك ، لأنك ترين بأنهما قد عانيا بما فيه الكفاية ، ولم تنوي أن تغضبي على الآنسة يومي لأنها لاقت ضرباً مبرحاً ، والوحيد الذي لم يعاني كالبقية هو كازوما لذا جمعت كل غضبك وسلطيه عليه ، أنت لست عادلة مطلقاً ، لو أنك غضبت على كل شخص لما تملكك كل هذا الغضب تجاه السيد كازوما ..

لا أعلم لماذا كلمات أبي جعل جسدي يرتعش بشكل غريب ، هناك طاقات في داخلي لم أستطع إخراجها ، ولا أعلم كيف أقوم بذلك ، لكمت الأرض بقبضتي لكن دون جدوى ، جسدي لازال يرتعش ..
بدأت أجر خصلات شعري بغضب ، ما الذي أصابني ؟؟
سمعت أبي يقول : ما بك يا جوليا ؟؟ بوحي بكل ما يجول في خاطرك..


فتحت فمي وبدأت أشعر بأن حلقي جاف تماماً ، ثم تحدثت بصعوبة : أنا عانيت كثيراً يا أبي ، الأيام التي قضيتها هناك كانت مليئة بالرعب ، لم يكن هناك أحد بجانبي ليساندني ، أنا كنت أتألم ولم يفكر أحد في مواساتي، كنت أعاني لأن المجرم كان يكره أصدقائي ، ذنبي الوحيد أنني كنت صديقة لهم ، ساي صرح لي بأنه لم يكرهني لكن ما أمر به سببه أخطاء أصدقائي ، أنا لم أرتكب أي ذنب إذاً لماذا كان يجب أن أعاني ؟؟ إذا كان ساي ينوي الإنتقام من روز وسوبارو لماذا أجبرت أنا على الخوض في تعذيب لم يكن لأحد أن يتحمله ؟؟ هذا ليس بعادل مطلقاً ، لست أنا من كان يجب أن تتحمل كل هذا ، كل ما حصل لم يكن عادلاً مطلقاً ..


أنهيت عبارتي والدموع تنهمر من عيني كالسيل ، لم أعد أستطيع التحمل أكثر ، لم أعد أستطيع إخفاء مشاعري أكثر ، إكتفيت من تمثيل الفتاة المثالية ، هذه هي الحقيقة التي كنت أخفيها ، أنا لازلت غير راضية بأن أكون الفتاة التي تتعرض للتعذيب من أجل ذنب ارتكبه أصدقائها ..


حينها شعرت بيدين حانيتين تحتضنانني ، ولم يكن ذلك أحد إلا أبي ..
قلت وأنا في حضنه بصوت متقطع : أنا فتاة حقيرة حقاً يا أبي ، فأنا أتمنى لأصدقائي أن يكونوا مكاني ..
تمتم أبي في أذني بحنية : لقد كنت تكبتين كل هذه المشاعر لذا كنت تتصرفين بغرابة ، ولكنك أخيراً أطلقت العنان لدموعك ، وأنا واثق من أنك ستكونين أفضل في الغد ، فقد بحت بكل ما في جوفك وهذا جيد ، وأنت لست حقيرة كما تقولين ، فمحاولتك لإخفاء غضبك على أصدقائك دليل على أنك صديقة جيدة كثيراً ، لكن حقارتك ظهرت عندما كنت تصبين جام غضبك على السيد كازوما المسكين ..


سحبت نفسي من بين ذراعيه وقلت وأنا أمسح دموعي : يبدو أن علي الإعتذار له ، وأنا الآن أشعر بأنني أفضل حالاً ..
هتف أبي بمرح : بالطبع عليك ذلك ، ولا تحاولي كبت إنفعالاتك مجدداً ، فهذا سيؤثر عليك كثيراً ..


تحدثنا قليلاً مع بعضنا ، وكنت أصف له كل ما كنت أخفيه عن الجميع من مشاعر غضب وحقد ، لأشعرها بعدها بالراحة وانشراح الصدر ..
أنا مهما تصنعت من قوة إلا أنني في النهاية كأي أنثى أخرى ، هذا الجانب الضعيف مني لا يعرفه أحد سوى أبي فقط ..


دخلت علينا أمي قائلة : إذهبا لتأخذا حماماً بسرعة ، فالعشاء جاهز منذ زمن ..
خرجنا أنا وأبي وكل منا توجه إلى غرفته ، أخذت حماماً للمرة الثانية وانتهيت من إرتداء ملابسي بعدها نزلت إلى المائدة التي كان الجميع متحلقين حولها ..

جلست بجوار روز وشرعنا في الأكل ، وجودي كانت تنظر إلي بين حين وآخر وثم تشيح بنظرها إذا تقابلت أعيننا ، لكنها تعاود النظر إلي عندما أنشغل ظناً بأني لم ألحظ نظراتها ..


لم أحب سؤالها عن سر نظرها أمام الجميع ولهذا عندما أنهت طعامها وغادرت لحقت بها إلى المطبخ ، وعندما كانت تغسل طبقها اقتربت منها هامسة : ماذا تخفين عني يا جودي ..
ذعرت جودي والتفتت إلي بغضب : أفزعتني أيتها البلهاء ، كاد الطبق أن يسقط من يدي بسببك ..
وقفت بجانبها قائلة : لماذا كنت تحدقين بي طوال الوقت ؟؟ هل تخفين شيء ..
أجابت بتوتر لم يخفى علي وهي تشتت أنظارها : أنت تتخيلين ذلك ، لم أكن أنظر إليك قط ..
- أووه فعلاً !!
- ماذا ألا تصدقينني ؟؟ >> قالتها جودي بغضب ..
- وكيف أصدق وأنت تتصرفين بتوتر وإرتباك ..


تركت جودي الطبق الذي في يدها وصرخت بغضب : قلت لا شيء أيتها الأخت الغبية ..
عندما غادرت جودي لم ألحق بها ، فأنا سأكتشف ما تخفيه عني عاجلاً أو آجلاً ..

عدت لغرفتي لأجهز أغراضي فأنا سأذهب إلى منزل جدتي في الغد ..
بينما كنت أوضب أغراضي دخلت روز إلى الغرفة وظلت تحدق فيني بصمت ، زفرت بضيق مابهم الجميع هكذا اليوم !!
قلت بإستغراب : ما بك ؟؟
- لماذا لم تخبريني بما حصل بينك أنت وسوبارو ؟؟
- ماذا تعنين ؟؟
- لماذا لم تقولي بأن سوبارو طلب منك .......
قاطعتها ببرود : لم يكن الأمر يستدعي أن أخبرك به ، فأنا كنت ميتيقنة بأنه كان كاذباً في طلبه ..

تمتمت بغيظ : لكن بمجرد التفكير في أنك أخفيت عني أمراً كهذا يجعلني غاضبة ..
لم أرد عليها فلا شيء يمكن أن أقول لها ، بينما هي أتت بجانبي وبدأت تساعدني ..

قلت حينها : أرغب في مقابلة ياماتو فعلاً لأشكره ..
روز : أنت محقة حتى أنا لم أقابله منذ مدة ، لا أعلم أين اختفى ؟؟ مع أنني ظننت أنه سيأتي لزيارتك بعد أن يعلم بعودتك ..
- لقد فعل ذلك في الامس ، لكن جودي طردته لأنها كانت غاضبة آن ذاك ..
- أختك البلهاء تلك تغضبني كثيراً ، كيف تطرد أحداً أتى للزيارة ؟؟ إنها وقحة ..
قلت ببرود : هي نسخة منك يا روز ..
قالت روز بإستنكار : ماذا !! هي نسخة مني ؟؟. لا تقارنيني بها يا جوليا ..


وبعدها قضينا نثرثر حتى موعد النوم ، وغرقت بعدها روز في نوم عميق عكسي تماماً ، أما أنا لم أستطع ذلك ، فقد بقيت أحاول التفكير في كلمات مناسبة للإعتذار من المدير ، وبقيت مستيقظة حتى وقت متأخر وبعدها نمت دون أن أشعر ..

***
~ كازوما ~


حل الصباح وأخذت طفليّ إلى الحضانة ، ومن ثم ذهبت إلى المدرسة ..
أكاد لا أصدق أن جوليا غاضبة علي ، كنت أقول في نفسي دائماً أنها ستتفهمني حتما ، لكن تصرفاتها فاجئني كثيراً ..

لا أستطيع لومها ، لذا سأظل أتحمل إهاناتها وسأحاول كسب مودتها مجدداً ..
في منتصف الدوام سمعت صوت هاتفي الذي يعلمني عن وصول رسالة إلى هاتفي، حين امسكته كان المرسل هو والد جوليا ، وكانت الرسالة عبارة عن دعوة لحضور حفلة صغيرة سيقيمونها في منزلهم مساء هذا اليوم بمناسبة عودة جوليا إلى المنزل ، وأخبرني أيضا ألا أخبر جوليا عن هذا فهو يرغب في مفاجئتها ، ويجب أن أكون متواجداً في الساعة السابعة بالضبط ..


ترددت في الحضور ، لكنني شعرت بأنها فرصة ممتازة لأبين لها صدق أسفي ، وسأعطيها هدية كذلك حتى تسامحني ..
استعديت أنا وطفلاي جيدا للذهاب إلى منزل جوليا ، وقد اشتريت في طريقي هدية بسيطة لجوليا تعبيرا عن أسفي علها تسامحني ..

قال كيم بإستغراب : أبي إلى أين نحن ذاهبون ؟؟
أجبت مبتسماً : إلى فتاة الحلوى ..
تهلل وجهه سعادة حين ذكرتها ، لتقفز كين بحماسة : أستعطينا الحلوى مجدداً ؟؟
- نعم يا عزيزتي ..


كنت أنظر إليهما كيف يبدوان سعيدين ، لم أظن أنهما سيتعلقان بجوليا هكذا ، يبدو أن لديها سحراً تجذب الأطفال إليها ..

عندما وصلنا أنزلتهما من السيارة وضغطت على جرس الباب ، وما هي إلا ثواني حتى فتح لي السيد روك الباب ، وحين رآني إبتسم في وجهي مرحباً بوجودي ..


دخلت إلى المنزل لأجد سوبارو جالساً على الأريكة أمام التلفاز، جلست بجواره قائلاً : هل أنهيت تنظيف دورة المياه ؟؟
أجاب دون أن ينظر إلي : لست متأكداً من ذلك ..
ابتسمت رغماً عني و قلت : أأنت غاضب على ما فعلته ؟؟ صدقني لم أكن أرغب في معاقبتك لكن لو علم الطلبة بأنني سامحتك سيكررون فعلتك ولن يكون هناك إنضباط ، لذا كان يجب أن أعاقبك ..

إلتفت إلي سوبارو أخيراً وقال : أنظر إلى طفليك كيف يحدقان بي ..
إلتفت إلى كيم وكين لأراهما يقفان بعيداً ويرمقون سوبارو بنظرات خائفة ، قلت بإبتسامة : إذا لم ترد إرعابهم فمن الأفضل أن تنزع ضماداتك ..


تجاهلني سوبارو ولم يرد علي وأنا لم أتوقع شيئا غير هذا ، ثواني معدودة حتى سمعت صوت إمرأة ترحب بي ، وحين إلتفت وجدت إمرأة أنيقة في الثلاثين من عمرها تتقدم نحوي ، استنتجت حالاً أنها والدة جوليا ، لذا صافحتها وبدأت أتحدث معها عن جوليا وأمتدح أخلاقها في المدرسة ودرجاتها في الإمتحان ..


كان يبدو عليها الفخر كلما امتدحت إبنتها ، وهذا شيء طبيعي جداً ، فلو تم مدح طفلاي لشعرت بما تشعر به الآن ..
قلت وأنا ألتفت يمناً وشمالاً : بالمناسبة سيدة كينور أين هي إبنتك ضيفة الشرف ؟؟
ردت ببشاشة : بقية الحضور لم يأتوا بعد وروك طلب من جودي وروز أن يشغلاها قدر الإمكان خارج المنزل حتى يكتمل الحضور ..
- ومن الذين لم يحضروا بعد ؟؟


أجاب السيد روك عوضاً عن زوجته : لقد طلبت من ياماتو الحضور بالإضافة إلى الآنسة يومي ..
ارتبكت من سماع اسم الممرضة ، لم أظن أنهم سيرسلون لها دعوة أيضاً ، قلت بشك : هل فعلاً هذه الدعوة مجرد حفلة عادية ؟؟ أشك أنك تنوي القيام بشيء آخر يا سيد روك ..
- أصبت يا سيد كازوما ، أنوي أن أروي للجميع ما حصل ، فأنا متأكد من أنكم ترغبون في معرفة كيف سارت الأمور ، وكيف قمنا بمداهمتهم دون أن يشعروا بنا ، وهناك أمور مهمة يجب أن تعرفها روز ..

قاطع حوارنا صوت رنين الجرس ، ليعلن عن قدوم ضيف جديد ، بدأت أخمن هوية الضيف ، هل سيكون ياماتو أم ستكون الممرضة ؟؟
ارتحت حين سماعي لصوت ياماتو المرتبك وهو يقول : شكراً لإستضافتك لي سيد روك ..

دخل ياماتو وحين رآني ظهرت عليه معالم الدهشة والتفاجؤ ، ثم قال بعدها : ماذا تفعل هنا يا حضرة المدير ؟؟
أجبت بمرح : ماذا تعني بسؤالك هذا ؟؟ ألا ترغب برؤيتي ؟؟
رد بسرعة ونفي : لا مطلقاً لم أعني ذلك ، لكن لم أظن أنكم مقربون حقاً ..


تدخل سوبارو بعد أن نهض من مكانه ، وقال بنبرة ساخرة وهو يرمق ياماتو بنظرة حادة : إذاً أفهم من كلامك أنك تصنف نفسك مقرباً من جوليا ؟؟ ألازلت تظن هذا بعد كل ما قلته لك سابقاً ؟؟ لا تنسى أنك تخليت عنها في الوقت الذي كانت جوليا بحاجة ماسة إليك ..
أطرق ياماتو برأسه دون أن يجيب على سوبارو ، بينما قال السيد روك مستفسراً : ماذا تعني بأنه قد تخلى عنها يا سوبارو ؟؟ ياماتو من دلنا على طرف الخيط ، ولولاه لما كنا لنتمكن من القبض على ساي ومنظمته ..
قال سوبارو وقد لمحت على شفتيه إبتسامة ساخرة : وهل أتى إليكم مرة ثانية ؟؟ لا أظن ذلك صحيح ؟؟ لأنه قد تخلى عنا بكل بساطة حفاظاً على سمعته بعد أن أدرك بأنه ليس هدفاً للخاطفين ..


صرخ حينها ياماتو بإنفعال : لم يكن هذا هو السبب يا سوبارو ، لا تقم بتأليف أسباب غبية من رأسك ، سمعتي لا تهمني مطلقاً ، لكنني آذيت أبي وتسببت في إصابته بنوبة قلبية ، بعد ذلك بدأت أشعر بالذنب ، ولهذا قررت إطاعته وعدم مخالفته ، وكانت أوامره هو أن أترككم ..
تمتم سوبارو حينها بسخرية : أووه حقاً ؟؟ ولماذا أنت هنا الآن إذا كنت تطيع أوامر والدك ؟؟ إعترف بأنك لم ترغب بأن تخاطر بنفسك ، وبعد أن انتهى الخطر عدت مجددا لتمثل دور الصديق الجيد ..


كان ياماتو على وشك أن يجيب عليه ، لكن السيد روك قال بصرامة : كفا عن ذلك أيها الشابان ، أنا لم أدعكما لتتشاجرا في منزلي ، بقيت ضيفة واحدة ويكتمل الحضور ، وبعدها ستقبل ضيفة الشرف ..
سكت الإثنان إحتراماً للسيد روك ، لكن نظراتهما كانت لتحرق الآخر من حدتهما ..

رن هاتف السيد روك ، ليقول لزوجته : إنها جودي ، يبدو أن جوليا سئمت البقاء خارجاً ..
لتقول زوجته : رد عليها علها تريد شيئاً مهماً ..
أجاب السيد روك على هاتفه ، وتركيزي منصب نحوه لأعرف ما يدور في الإتصال ، لكن سوبارو ناداني وبدأ يتحدث معي ، فلم أستطع سماع ما كان يقوله السيد روك ..
عندما أنهى السيد روك إتصاله ، قال بتذمر : جودي لم تستطع منع جوليا من العودة ، هم في طريقهم إلى المنزل الآن ..


قالت السيدة كينور : ولماذا أنت منزعج من هذا ؟؟
- هناك ضيفة لم تأتي بعد ، لا أعلم ما الذي يؤخرها ..
- لا بأس من حضورها في منتصف الحفل ، المهم لنجهز المفرقعات استعداداً لدخولها ..
أطفؤوا المصابيح وغرق المكان في الظلام ، والجميع يترقب دخول جوليا ، وعندما سمعنا صوت مقبض الباب يُدار ويُفتح أطلقنا جميعاً المفرقعات للتراجع جوليا إلى الوراء قليلاً قائلة : ما الذي يحصل هنا ؟؟ لا أظن أن اليوم عيد مولدي ..


تقدمت والدتها وقالت بعد أن أعادوا إضاءة المكان : إنها حفلة بمناسبة عودتك إلى المنزل سالمة ..
دخلت جوليا إلى االمنزل ومن خلفها روز وأختها الصغرى جودي ، وفجأة قفز التوأمان بإتجاهها بحماس وهما يصرخان في آن واحد : فتاة الحلوى لقد اشتقنا إليك ..
احتضنتهما جوليا وقالت بإبتسامة : وأنا كذلك أيضاً ، لم أتوقع وجودكما ..


تقدمت إليها وقلت بتردد : لقد أتيا مع والدهما ، ألديك إعتراض في هذا ؟؟
نظرت إلي جوليا لثواني بينما تصلبت في مكاني ، وشعرت بصعوبة في التنفس ، وبدأت أتصبب عرقاً على الرغم من برودة الجو ..
تفاجأت حين ابتسمت إبتسامة عريضة وقالت : لا مطلقاً ، أنا سعيدة حقاً بحضورك أيها المدير ..

شعرت براحة كبيرة حين رأيت إبتسامتها ، هل يعقل بأنها قد عفت عني ؟؟
لا لحظة ، جوليا بارعة في تزوير الإبتسامات ، وربما فعلت ذلك لأنها أمام والديها فقط ..
شعرت حينها بإحباط شديد ، ثم عدت أنظر إليها لأجد ياماتو يتقرب منها بخطوات مترددة ، ويقول بصوت مرتبك : مرحباً بعودتك يا جوليا ، سعيد لأنك بخير ..


تهلل وجهها حين رؤيته وبدى عليها السعادة حقاً ، عكس مظهرها حين رأتني ..
قالت بصوت متحمس : ياماتو لقد اشتقت إليك كثيراً ، لم أتوقع حضورك ، أنا سعيدة حقاً برؤيتك ، أشعر وكأنني لم أرك لسنوات ، أنا ممتنة لك جداً وآسفة لأنني سببت لك وللبقية الإزعاج ..
- لا مطلقاً لم تسببي أي إزعاج ، بل أنا من يجب أن يعتذر لأنني لم أستطع مساعدتك بشكل جيد سعيد لأنك بخير ..

لترد جوليا بإبتسامة : لقد فعلت كل ما تستطيع فعله ، بالمناسبة آسفة على ما فعلته جودي الغبية ..
ثم رمقت جودي بنظرة جعلتها تتقدم من ياماتو وتقول بطريقة مجبرة : آسفة لأنني طردتك بالأمس ..

أخذوا يتحدثون بسعادة وروز معهم ، لكن سوبارو كان يقف على بعد مسافة منهم موجها نظراته إلى ياماتو..
جر سوبارو ياماتو وهمس في أذنه ببضع كلمات ، جعلت ملامح وجهه تتغية مئة وثمانين درجة بعدها لاحظت أنه لم يعد كما كان ، ويكتفي بجمل قصيرة ثم يعاود الصمت ، أما سوبارو فلم تخف علي إبتسامته الخبيثة ..


انتابني الفضول لمعرفة ما قاله ، لذا اقتربت منه وقلت : أيها الماكر ما الذي قلته لياماتو لتجعله ينقلب هكذا ؟؟
نظر إلي بطرف عينه متمتماً : لا شأن لك ..
- أنت وقح ، كيف تقول هذا لمدير مدرستك ؟؟
- أنت هنا مجرد رجل عادي ، لا أهتم إن كنت مديراً أو رئيسا ..


همست بنبرة مقصودة : حسناً سأريك ما بإمكان الرجل العادي أن يقوم به ..
قلت بصوت جهوري حتى ألفت الأنظار إلي : اسمعوني جميعاً ما رأيكم بأن نجعل سوبارو يغني لنا ؟؟
انفجرت حينها روز بالضحك لتشاركها جودي الضحك كذلك ، وقالت جودي وسط ضحكها : وهل جننا لنوافق على ذلك ؟؟ أخشى أن يكون ......
بترت عبارتها حين داست جوليا على قدمها ، وجعلتها تخرس تماماً ..

حين صمتت جودي كتمت روز ضحكتها رغماً عنها ، بينما قال السيد روك معتذراً : جودي البلهاء لا تعرف كيف تختار ألفاظها ، أرجوا أن تعذروها ..
بينما قالت السيدة كينور بصرامة : إعتذري يا جودي حالاً ، وأنت كذلك يا روز ، ماكان يجب عليكما أن تضحكا بهذه الطريقة المخزية ..


تبادلت الفتاتان النظرات ، ويبدو أنه لا رغبة لهما في الإعتذار ، ليقول سوبارو حينها بلا مبالاة : لا بأس لم أغضب مطلقاً ..
ثم نظر إلي متابعاً : وإن كان هناك من يجب أن أغضب عليه فهو الشخص الذي اقترح هذه الفكرة الغبية ..

قاطعنا جميعاً صوت جرس الباب ، لأصيب بالتوتر من جديد ، هذه المرة ستكون الآنسة يومي من تدق الجرس بالتأكيد ..
وقفت من مكاني وقلت : أريد الذهاب إلى دورة المياه ، هلا دللتموني عليه ..
وقفت جوليا وقالت : سأرافقك اتبعني ..


سرت خلفها مبتعدين عن الجميع ، وبعد أن غبنا عن أنظارهم إلتفتت إلي جوليا وقالت : لماذا أنت مرتبك هكذا سيد كازوما ؟؟
بلعت ريقي وقلت : ولماذا أنت مرتاحة جداً ؟؟
إبتسمت بهدوء : وكيف لا أكون كذلك والجميع من حولي سعداء ؟؟ بالمناسبة أنا آسفة على تلك الكلمات القاسية التي وجهتها إليك ، كنت غاضبة حينها وكانت الكلمات تخرج من تلقاء نفسها ..
- وكيف استطعت مسامحتي بهذه السرعة ؟؟ أنا أشعر بأنك تكذبين ..


هزت رأسها نافية وقالت : لا مطلقاً ، فقد استطعت التنفيس عن غضبي ، ولم يعد في داخلي أي كراهية أو حقد ..
إرتسمت على شفتي إبتسامة راحة بعد أن إلتمست الصدق في كلماتها ، ثم قلت : أتمنى لو كان العالم بأجمعه يمتلكون نفس طيبة قلبك لكنا الآن نعيش بسلام ..
ضحكت جوليا ضحكة قصيرة وقالت : أنت تمتدحني كثيراً يا سيد كازوما ، سأصاب بالغرور على هذا المنوال ، على أي حال لا تطل البقاء في دورة المياه ، ويجب عليك مقابلة الآنسة يومي عاجلاً أو آجلاً ، التهرب لن يفيدك ثم لا تنسى أنها ستلحظ طفليك لتعلم أنك موجود ..


شهقت بقوة وقد تذكرت أمر التوأم للتو ، قلت بسرعة : أرجوك يا جوليا إذهبي وأحضريهما إلي ..
رفعت حاجبها الأيمن مستنكرة : أتنوي الإختباء حتى مغادرتها ؟؟ لا تستطيع ذلك مطلقاً ، قم بمواجهتها وكف عن التصرف بجبن ..
تجاهلت ما قالته ، وعدت لآخذ طفلاي وأخبئهما معي ، لكن ولأعود للغرفة التي كنت فيها كان يجب أن أمر على المدخل ، وعندها تقابلنا لألعن نفسي على غبائي ..


***


~ يومي ~


على الرغم من أنني كان يجب أن أذهب إلى منزل جوليا في االساعة السابعة ، إلا أن هناك أموراً أشغلتني ، فلم أستطع القدوم إلا في الثامنة والنصف ..


إعتذرت لوالديها على تأخري وقد تفهما وضعي ، وبعد أن هممت بدخول المنزل كانت المفاجئة هنا ..
تجمد هو بمكانه وأنا الأخرى لم أستطع أن أبعد نظري عنه لثواني، لكن عندما استعدت السيطرة إلتفت لأهم بالخروج وأنا أقول بهدوء : المعذرة لكنني سأغادر الآن ..
أمسكتني السيدة كينور بسرعة وقالت : ولماذا ؟؟ أهناك شيء أزعجك ؟؟
شددت على حقيبتي مجيبة : لا ، كل ما في الأمر أنني تذكرت أن لدي عمل يجب أن أقوم به الآن ..


تصرفاتي المريبة لن تجعلها تصدقني حتماً ، وهذا ما حصل بالتحديد ، فهي لم تدع يدي ، وبقيت ممسكة بي حتى الآن ..
حينها تحدث السيد روك : آنسة يومي أفضل أن تبقي فهناك شيء مهم سأقوله يتعلق بقضية الإختطاف ..
وددت لو أبقى حقاً ، لكن إذا كان ذلك الأناني موجوداً فأنا لن أبقى ، إما أنا وإما هو ، أحدنا يجب أن يغادر ..

تحقق ما كنت أريده حين سمعته يقول بصوته الرجولي الذي لا يستحقه : سيد روك أنا آسف لكنني مضطر إلى المغادرة الآن ، تلقيت إتصالاً من أحدهم للتو وهو يطلب مساعدتي ، لذا لا أستطيع البقاء ..
أصدر السيد روك تنهيدة طويلة ، أتبعها بكلامه : أنتما توقفا عن التصرف بطريقة طفولية ، أدرك أن كلاكما لا يرغب في رؤية الآخر ، لكن إذا استمريتما في الهرب هكذا فلن تحل الأمور بينكما ..


لم أستطع تمالك نفسي أكثر ، فالتفت إليه وقلت مشيرة بسبابتي إلى السافل كازوما : سيد روك أنت تقول هذا لأنك لم تمر بما مررت به ، هذا اللعين قام بجلدي دون أدنى رحمة ، وكل هذا من أجل طفليه ، إنه شخص قاسي وأناني، ولازلت مصرة على أنه يستحق أن يُعاقب على فعلته ، بمجرد أن أغمض عيني تعود إلي تلك الذكرى وأشعر بالحرقة في ظهري ، والشعور المؤلم والمخيف لا يغيب عن ذاكرتي ، يجب أن يعاني كما عانيت ..


انهيت عبارتي ودموعي الغبية بدأت بالهطول ، أنا لم أرد البكاء أمامه ولا إظهار ضعفي كذلك ، لكن الكلمات وحدها لم تكن كافية لتعبر عن ما أشعر به ، لتبدأ دموعي بمؤازرة كلماتي ..



خيم الصمت على المكان وصوت شهقاتي المتقطعة هي وحدها التي تُسمع ، لم يتفوه أحد بكلمة ، ولم يكن هناك شيء يمكن أن يخفف عني ذلك الألم الذي عانيته ..
ظل الوضع على ما هو عليه لدقائق قليلة ، لتقاطعنا جوليا بنبرة متحمسة : آنسة يومي لقد أتيت ، سعدت حقاً برؤيتك ..
صمتت حين انتبهت إلى الأجواء المشحونة بيننا ، لذا قالت بإستغراب : ما بكم جميعاً ؟؟ ولماذا الآنسة يومي تبكي ؟؟


استدرت مرة أخرى وهممت بالمغادرة من جديد ، لا أنوي البقاء هنا مجدداً ، لكن من أوقفتني هذه المرة هي جوليا التي قالت : آنسة يومي لن تخرجي من المنزل إلا بعد أن تحل الأمور بينك أنت والسيد كازوما ..
تفاجأت حين سمعت هذا ، لاشك أنها كانت تعلم ماكان يدور بيننا قبل دقائق ، لكنها كانت تتصنع الغباء ..

لم أجد الوقت الكافي لأجيبها ، فقد سحبتني جوليا من معصمي وأدخلتني المنزل رغماً عني ، وعندما مررنا من عند السافل أمسكت يده بيدها الحرة وبدأت تجرنا نحن الإثنين حتى وصلنا إلى غرفة كبيرة نوعاً ما كان فيها مجموعة من الأشخاص ..
قالت وهي تقف أمام الباب فاردة ذراعيها : لن تخطيا خطوة إلى خارج المنزل حتى تسوى الأمور بينكما ..
أشحت بوجهي بعيداً عنهما فلا نية لي برؤية وجهه وقلت بصوت مختنق : جوليا لو طلبت منك مسامحة ساي فهل ستفعلين ذلك ؟؟
- ولماذا تسألين هذا الآن ؟؟
- أجيبيني وحسب ..
- لا أعلم ، سأفكر بالأمر أولاً ثم أقرر ..

لم أستطع أن أتمالك أعصابي أكثر ، فالتفت إليها وصرخت بحنق : لا تتصرفي وكأنك الفتاة المثالية طيبة القلب ، أدرك أنك ستجيبين على سؤالي بالنفي أي تردد ، فهو قد آذاك كثيراً بشكل نفسي وجسدي ، ولكن ولأن كازوما لم يجلدك فقد استطعت مسامحته بكل يسر وسهولة ، أما أنا فلن أستطيع ذلك مطلقاً فهو قد آذاني بشدة ، وأنت رأيت ما حل بي بعد جلده لي
. ..


أمسكت جوليا كلتا كفاي وقالت وهي تنظر إلى عيني : أتظنين أنك وحدك من عانى ؟؟ إذا كنت تظنين ذلك فأنت مخطئة تماماً ، فروز وسوبارو وياماتو وحتى السيد كازوما وطفليه وأسرتي جميعهم عانوا مثلك ، لذا جميعنا نفهم معاناة بعضنا ، ويجب عليك أن تعذريه فهو وأنت لم تكونا سوى ضحايا ، وأنا واثقة من أن السيد كازوما يشعر بالذنب ومسامحتك له سيستغرق الوقت الكثير ، ولكن و إلى ذلك الوقت حاولي ألا تزيدي عليه بكلماتك القاسية ..


لم استطع أن أرد عليها بشيء ، كلامها ألجمني وجعلني أعجز عن التفوه بكلمة ..
لتتركني جوليا وهي تقول بإبتسامة : صمتك يعني موافقتك ، هذا جيد ، وأنت يا سيد كازوما إعتذر لها مجدداً أرجوك ..
سمعته يقول بهدوء : لقد اعتذرت لها مسبقاً ..
- لن تخسر شيئاً إذا اعتذرت لها مجدداً ..
زفر بضيق وقال : آنسة يومي أنا آسف على ما فعلته ..


شددت على يدي محاولة تهدئة نفسي ، يبدو وكأن إعتذاره ليس صادقاً مطلقاً ..
سرت بسرعة نحو إحدى الأرائك وألقيت بثقلي عليه ، سيكون من الحكمة أن أتجاهله وحسب ، انتبهت لوجود شخص بجواري ، رفعت رأسي لأرى وجهه وحينها أصدرت شهقة قوية جعل الجميع يلتفت إلي ..
ابتعدت عنه وأنا أقول بتوتر : أهذا أنت ؟؟
نطقت روز : مابك متوترة هكذا ؟؟ هل فعل ياماتو لك شيئاً ..

قلت بإرتباك وأنا أنظر إليه : أمم أنا آسفة على ما فعلته سابقاً ..
نظر إلي ياماتو بإستفسار : وما الذي فعلته ؟؟
- لقد صفعتك ذات مرة ألا تذكر ؟؟
توسعت حدقتا عينيه وقال : أووه صحيح ..
ثم أردف مبتساماً : لا بأس ، فأنت لم تؤلمينني حتى أنني نسيت أمر الصفعة..
ضحك ضحكة قصيرة مختتما جملته وأنا أنظر إليه بإعجاب ، إنه فعلاً شاب رائع فعلى الرغم من أنني سمعت بأنه من عائلة ثرية إلا أنه يبدو متواضع جداً ، لم أظن أن هناك شبان في مثل مكانته الإجتماعية بهذا التواضع ، ظننت أن هذا النوع من الشبان قد انقرضوا ..

بقينا نتحدث مع بعضنا وأنا أتجنب السيد كازوما بصورة واضحة ، وهو لم يحاول أن يتحدث معي ..
بعد قليل أخبرتنا السيدة كينور أن العشاء جاهز ، وكانت قد أعدت مجموعة من الأصناف المختلفة من الطعام ..


***


~ سوبارو ~


بعد أن انتهينا من تناول العشاء عاد الجميع يثرثرون في أمور غبية ، وأنا أنظر إلى السيد روك منتظراً منه أن يفتتح الموضوع الذي جمعنا بشأنه ، لكنه كان منشغلاً بالثرثرة مع السيد كازوما ..

تنحنحت ليصمت الجميع منتظرين ما سأقوله : سيد روك ألم تستدعنا لهدف آخر غير الإحتفال ؟؟


- أوه صحيح لقد تذكرت ، لقد كنت أنوي وضع النقاط على الحروف حتى تكونوا جميعاً على بينة لما يحصل ، فأنا متيقن أنكم جميعاً ترغبون في معرفة أدق التفاصيل المتعلقة بالقضية ، لنبدأ معك يا كازوما ، أخبرنا كيف انضممت إليهم ؟؟

تحدث السيد كازوما : لقد أتيت إلى المدرسة في وقت مبكر كما أفعل دائماً ، وكنت أدور في ممرات المدرسة ، لمحت الآنسة راي تدخل صف روز وسوبارو ، وكنت أعلم بموضوع إختفاء جوليا ، انتابني الفضول فاختلست النظر إليها ولاحظتها حين وضعت شيئاً في درجهما ، شككت في أمرها لكنني لم أردها أن تراني ، فتصرفت وكأن شيئاً لم يكن ، ولم أكن أعلم بأنهم قد ثبتوا كاميرات مراقبة في المدرسة كلها من أجل مراقبة تحركات روز وسوبارو ، وقد رآني ساي وأنا أختلس النظر إلى راي حينها تصرف بسرعة ، وكان من سوء حظي أن المعلمة التي في الروضة التي فيها طفلاي كانت من ضمن العصابة ، فأمرها ساي بأن تربطهما وتلتقط صورة لهما بذلك الشكل حتى يهددني بهما ، في نفس اليوم وصلت لي رسالة على هاتفي المحمول عندما كنت في مكتبي ، وكان فيها صورة طفلاي المربطان ، وقد كُتب فيها أن حياتهما ستكون في خطر إذا أخبرت أحداً بما رأيت صباح هذا اليوم ، وأتتني المعلمة راي في الوقت ذاته وأظهرت لي حقيقتها ، حينها لم أكن أعلم كيف سأتصرف ، لكنني حين علمت أن جوليا في قبضتهم رغبت في رؤيتها لحمايتها منهم
.........


قاطعته الآنسة يومي بإستنكار : ماذا !! حمايتها ؟؟ كفاك كذباً فأنت لم تفعل شيئاً لها......
قاطعتها جوليا بهدوء : آنسة يومي إهدئي قليلاً حتى نسمع بقية القصة ..
صمتت الآنسة يومي رغماً عنها ، ويبدو أنها غاضبة حقاً فهي لم تكف عن طرق الأرض بقدمها بشكل متواصل ، بينما أكمل السيد كازوما : كانوا ينوون أخذي وقتلي حتى يسكتوني ، لكن لم تكن لديهم خطة مناسبة لذلك ، فأخبرتهم برغبتي في الإنضمام إليهم ووعدتهم بخدمتهم بولاء ، وفعلت كل هذا من .....
- من أجل أن تنقذ حياتك ، أليس كذلك أيها الأناني ؟؟
لم يخف علي غضب السيد كازوما حينها على الآنسة يومي لأنها قاطعته للمرة الثانية ، بينما تدخل السيد روك هذه المرة وقال بصرامة : آنسة يومي أرجوا أن تلتزمي الصمت ، إنها المرة الثانية التي تقاطعينه فيها ..


أشاحت الآنسة يومي بوجهها بغضب ، بينما كان يتمتم السيد كازوما بشيء في نفسه وهو يرمقها بنظرات نارية ، ولكن ما قالته روز جعله ينتبه على نفسه : سيد كازوما أكمل أرجوك ..


- كنت أدرك أنه لو تم حبسي فلن يستفيد أحد ، وأنا أحببت أن أنضم إليهم حتى أكتشف مخططاتهم الإجرامية وأحاول تسريبها إلى رجال الشرطة ، ظننت أن الحصول على موافقتهم لن يكون بالأمر السهل ، لكنني تفاجأت حين وافق ساي على هذا بسرعة ، عندما أنضممت إليهم ظننت أنهم سيطلقون سراح طفلاي لكنهم لم يفعلوا ذلك ، بل استخدماهما كوسيلة لتهديدي إذا فكرت في خيانتهم ، لم يكن ساي يثق بي مطلقاً ولهذا كان يضع جهاز تنصت على ملابسي ويراقب كل تحركاتي ، لم أستطع أن أفعل ما خططته فقد كان ساي ذكياً حقاً ، عندما تم تعذيب جوليا للمرة ......


قاطعه هذه المرة شهقة قوية كانت والدة جوليا من أصدرتها ، لتتبع الشهقة بقولها : تعذيب ؟؟ أي تعذيب ؟؟
ثم نظرت إلى جوليا : ألم تقولي بأنهم لم يقربوا منك إطلاقاً ؟؟


اندهشت حين أدركت أنها لم تخبر والدتها بشأن ما مرت به ، يبدو أنها لم ترغب في أن تقلق والدتها ، نظرت إليها لأرى ما ستقوله وكيف ستتدارك الأمر ..
قالت جوليا بإبتسامة هادئة : لم أرد أن أخبرك يا أمي لكنهم منعوني عن الطعام مرة ليوم كامل ، وكنت آن ذاك أتضور جوعاً ، وكان هذا هو طريقتهم في التعذيب ..
ردت جودي وهي تضيق عينيها : أنت تكذبين بالتأكيد أليس كذلك ؟؟


رمقتها جوليا بنظرة حادة جعلها تسكت مباشرة ، وأما السيدة كينور فيبدو أنها قد صدقت ما قالته جوليا ..


بينما أكمل السيد كازوما : عندما منعوها عن الطعام لم أكن آن ذاك معهم ولهذا لم أستطع أن أمنعهم ، لكن عندما انضممت إليهم وكانوا يرغبون في منعها من الطعام مجدداً فبدأت أحاول أن أقترح عليهم فكرة أقل شراً ، لكنهم لم ينصتوا لي ، و أجبرت على مطاوعتهم في ذلك ، ولهذا أنا آسف حقاً يا جوليا ، لم أكن ذا أهمية عندهم ولهذا لم يكن ساي ينصت إلى ما أقول ، لم أعد قادراً على السكوت أكثر ، فخطر في ذهني فجأة أن أوصل رسالة مبهمة إلى سوبارو حتى يوصلها إلى ياماتو ، فقد علمت بأن ياماتو غير مراقب من قبلهم وكان يستطيع أن يتصرف بحرية وهو الوحيد الذي كان يستطيع الذهاب إلى مخفر الشرطة ، وكنت أرغب من رجال الشرطة أن يتتبعوا تحركاتي بعد أن يخبرهم ياماتو بأن الرسالة كانت مني ، و ظللت أتعمد زيارة منزل ساي بشكل دائم حتى يراقبوا منزله ويدركوا بأن جوليا محبوسة هناك ، ولكن الشك قد انتاب ساي فجأة ، وإذا قتلني قبل أن تلاحظ الشرطة تصرفاتي فستضيع كل مخططاتي سداً ، فأُجبرت حينها على تأكيد ولائي بجلدي للآنسة يومي ، لكنني أقسم بأنني كنت أتقطع في داخلي مع كل صرخة كانت تصرخها ، وأنا نادم أشد الندم على ما فعلته لها ، لكن لم يكن أمامي خيار آخر ، ولهذا أرجوا أن تتفهمني ..
انتهى السيد كازوما من سرد قصته ، وبقي على السيد روك أن يروي لنا كيف ألقى بالقبض عليهم ، ويبدو أنه قد فهم نظراتي ، ولهذا قال : أنا ممتن كثيراً على ما فعله السيد كازوما ، فلولا رسالته تلك لبقيت عاجزاً عن إيجادكم حتى الآن ، لقد أحسن كثيراً حين اندمج مع المجرمين من أجل أن يتجسس عليهم ، وبفضله استطعنا إنقاذ جوليا والآنسة يومي وروز وسوبارو ، ولو لم يكن موجوداً لما توصلنا إلى مكانكم ، بعد أن أتاني ياماتو وأخبرني بكل شيء بدأت أراقب المدرسة ، وأنا لازلت حتى الآن لا أعلم من أين علم سوبارو بشأن ياماتو الغير مراقب ، وكان لابد لي من أن أتوصل إليه حتى أراقبه فهو بلا شك كان سيقودنا إلى وكر العصابة ، في يوم من الأيام دار بين ياماتو وسوبارو حوار مبهم في إحدى المقاهي ، وكنت قد أمرت أحد رجالي بملازمتهم وكان قد سمع حينها ما دار بينهم وسجل حوارهما ، وعندما ذكر كازوما مدير مدرسته أدركت أنه هو من أوصل الرسالة ، فبدأت بمراقبته ، وكما قال فقد لاحظت بأنه يرتاد منزل ساي بكثرة ومجموعة من الأشخاص يأتون كذلك من وقت لآخر ، وكانت تصرفاتهم مريبة جداً ، من ضمن الأشخاص الذين كانوا يرتادون منزل ساي كان هناك شخص مغطى بالضماد بسبب تشوه في وجهه سببها زيت حار سُكب عليه ، كان الشخص الأنسب ليحل محله أحد رجالي بما أن ملامحه ليست واضحة ، وأي شخص يمكن أن يمثل دوره ، ألقينا بالقبض على ذلك الشخص في إحدى الليالي ، وحل محله أحد رجال الشرطة البارعين في تقليد الأصوات ، فأخذنا نستجوبه ، في بداية الأمر لم يستجب لنا ، ولكنه بدأ يجيب عن أسئلتنا بعد استعمالنا لأساليب التعذيب معه ، وأفصح لنا عن كل ما فعلوه ، وبين مهمته لنا والتي كانت حراسة السجينتين في المساء ، وأخبرنا بأسماء جميع من في العصابة ليتعرف عليهم الشرطي الذي سيحل محله ، تنكر الشرطي على هيئته واندمج معهم وفي اليوم الذي قرروا فيه قتلها أخبرته بأن يقترح عليهم فكرة لعبة الصائد والفريسة في إحدى المناطق المهجورة حتى نلقي بالقبض عليهم بسهولة وطلب منهم أن يتكفل هو بقتلهم وحده ، لكنهم رفضوا وقرروا المشاركة جميعاً ، وأنا حسبت حساباً لذلك ، فقبل ذلك اتفقت مع صاحب المنزل المجاور أن يختلق كذبة السرقة التي حصلت معه ، حتى لا يرتابوا من وجود رجال الشرطة القريبين من المنزل ، وحين بدؤوا اللعبة ذهب الشرطي إلى يوما وصعقه حتى أغمي عليه ، وقلد صوت يوما وأخبر الجميع بأن يجتمعوا معاً فهناك أمر طارئ ، صدق المغفلون ذلك واجتمعوا حينها اقتحمنا المكان وألقينا بالقبض على الجميع ، وهذا كل ما حصل ..


نظرت إليه بإعجاب ، لم أظن أن السيد روك ذكي إلى هذه الدرجة ، لقد حسب حساباً لكل شيء ، وحتى أنه وضع خططاً ثانوية ، فلو كان أحد آخر غير السيد روك لربما فقط جهز للقبض عليهم في ذلك الحي المهجور ، ولكن السيد روك وضع في ذهنه أنهم سيرفضون الفكرة ، فجهز خطة أخرى ..


قلت بإبتسامة : فعلاً أنت مذهل سيد روك ..
- شكراً لك على إطرائك ، لكنني أرى بأن المذهل هنا هو السيد كازوما وأنت ، فالطريقة التي ابتكرها السيد كازوما لإيصال المعلومة كانت فعلاً عبقرية ، وأنت أحسنت حين فهمت رسالته ..
قفزت جودي فجأة وقالت : أريد أن أرى الطريقة المبتكرة التي تمتدحها يا أبي ، أنا بالتأكيد سأستطيع فهمها فأنا ذكية كما تعلم ..


حك السيد روك رأسه وقال : ليس لدي نسخة من تلك الورقة ولا أتذكر ما كان مكتوباً ، لكن بما أن كازوما كاتبها فهو يتذكر بلا شك ..
تحدث كازوما : آسف لكنني لا أتذكر فعلاً ..
بان على وجه جودي الإحباط ، لأقول بهدوء : أحضري قلماً وورقة وسأكتب ما كتبه ، فأنا لازلت أتذكر ترهاته التي كتبها ..


خرجت جودي من الغرفة بحماس لتحضر ما طلبته وما هي إلا ثواني حتى عادت ، أمسكت الورقة والقلم وكتبت ما كتبه كازوما ، بعد أن انتهيت ناولتها الورقة ، قال السيد كازوما : كيف لك أن تتذكر يا سوبارو ؟؟ يبدو أنك تمتلك ذاكرة قوية حقاً..
- لقد قرأت ما كتبته ملايين المرات حتى أفهم ما كنت تريد إيصاله لي ، كيف لي أن أنساه بعد هذه المرات ..


قالت روز التي كانت تنظر إلى الورقة : سيدي المدير أنت سيء حقاً في تأليف الأشعار ..
ضحك السيد كازوما بإحراج وقال : أعرف ذلك لاداعي لأن تخبريني بذلك ..


كانت روز وجودي والآنسة يومي يحاولون فهم الرسالة ، أما جوليا وياماتو فجالسين في مكانيهما بهدوء ..
قلت محاولاً إستفزاز ياماتو : ياماتو لماذا لا تلقي نظرة على الورقة أيضاً ، أم أنك تشك في ذكائك ولا ترغب في إحراج نفسك عندما تعجز عن فهمها ..
قال ياماتو بهدوء على غير العادة : حسناً أروني الورقة سأحاول فهم ما كتب فيه ، ولكنني لست واثقاً من مقدرتي على ذلك ..
- نعم فأنت غبي في نهاية الأمر ..


لم تخف علي نظرات جوليا المتفحصة ، يبدو أنها أدركت أن هناك شيء بيننا ، وليست هي الوحيدة التي شعرت بذلك ، فحتى السيد كازوما لم ينزل نظره عني ، حسناً أنا لا أهتم حتى لو اكتشف العالم كله بأنني أكره ياماتو ..

أطالت جوليا النظر إلي وأنا أتظاهر بأنني لم ألاحظ ، لكن عندما سئمت من نظراتها ، رفعت بصري بإتجاهها ، لتتقابل أعيننا لثواني ثم تشيح بوجهها بعيداً ، وتقف متوجه نحو المجموعة التي لازالت تفكر ...

أمسكت الورقة وبدأت تتأملها لثواني ، بعدها أخذت تتحدث مع من حولها بصوت خافت وما هي إلا دقائق حتى صاح الجميع عدا جوليا : لقد فهمناها أخيراً ..
ابتسم السيد روك وقال : إذاً لتشرحوا لي كيف استطعتم إيجاد الرسالة المقصودة ..

تكفلت روز وجودي بشرح الأمر بحماس كما لو أنهما من حلاها حقاً ، مع أنني واثق كل الثقة أن جوليا من استطاعت ذلك وقد شرحت لهم الأمر ..
صفق السيد كازوما بعد أن أنهت الفتاتان شرح الأمر وقال : أحسنتم حقاً ، أنا أقر بذكائكم جميعاً ..
إبتسمت بسخرية حين ظهر على وجهيهما ملامح الفخر والغرور ، فعلاً إنهما متشابهتين تماماً ..

تحولت تعابير السيد روك إلى تعابير جادة ، وقال بصرامة : روز أليس لديك نية في معرفة مكان السيد كيداي ؟؟
شهقت روز حينها : صحيح كنت أرغب في رؤيته منذ مدة ، لكنني لا أعلم إلى أين ذهب ..


نظر السيد روك إليها لمدة ، ثم نطق أخيراً : اسمعيني روز ، أنا لم أشأ إخبارك بذلك ، لكن مثل هذا الأمر لا يجب إخفائه عنك ، هل تعلمين من تسبب بمقتل والدتك وماركو ؟؟
طريقته في الحديث جعلها مرتبكة ، وهذا كان واضحاً من إبتسامتها المصطنعة عندما أجابت : أليس ساي ورجاله المسؤولون عن هذا ؟؟


أومأ السيد روك برأسه متمتماً : نعم صحيح ، لكن الشخص الذي نفذ هذه الخطة هو كيداي أحد رجال ساي ..
قفزت روز من مكانها قائلة بإعتراض : هذا غير صحيح ..
كان وجهها محتقناً بالإحمرار ، وحاجبيها معقودتان ، ويبدو أنها لا تنوي التصديق ..

حتى أنا كنت أشك في أمره ، فعندما أتت إلي روز وأخبرتني بأن زوج والدتها هو من أشار إليها بالهرب بدأت أشك بشأنه ، هو تعمد فعل ذلك لإلصاق التهمة بها أكثر ، ووسائل الإعلان نشرت بأن عائلتها كانوا يسيئون معاملتها ، ولم يكن لأحد ليعرف ذلك فقد كانت روز تتكتم الأمر ، إذا الشخص الذي يعيش معهم هو من أخبرهم بهذا ليكون سبباً لإدانتها
..

كل الأدلة كانت تدل على ذلك ، لكن يبدو بأن روز البلهاء لم تستوعب الأمر بعد ..
قال السيد روك بهدوء : مهما حاولت تكذيب الأمر فهذا لن يجدي ، فكيداي محبوس الآن ، وقد شهد المجرمون على ذلك ..
غطت روز أذنيها رافضة سماع ما يقوله السيد روك ، وهي تهز رأسها بالنفي بشكل جنوني ، ثم صرخت عالياً : أنا أثق بالسيد كيداي ، أنتم مخطئون بلا شك ، السيد كيداي طيب جداً ، لم يعذبني كما فعل والد ماركو ، يستحيل له قتل أحد ، لا شك بأنه ضحية من ضحايا ساي ورجاله ..


الجميع كانوا يرمقونها بنظرة شفقة ، إنها تضع ثقتها عند شخص لا يستحقها مطلقاً ، وقفت جوليا من مكانها وأمسكت بيديها لتبعدهما عن أذنيها ثم ابتسمت في وجهها بهدوء قائلة : مهما كانت الحقيقة مرة فيجب عليك تقبلها ، فالتكذيب لن ينفي الحقيقة وسيتسبب لك بالألم فحسب ..
دفعتها روز بقوة لترتد إلى الخلف وقالت بعينين ممتلئتين بالدموع : أنت لن تفهميني مطلقاً يا جوليا ، فأنت تعيشين وسط عائلة تحيطك بالحب والحنان ، أما أنا فلم أشعر بذلك إلا مع السيد كيداي ولهذا أنا لن أصدقكم مطلقاً ، وأنا متيقنة كل اليقين أنه بريء من هذه الإتهامات الباطلة ..

ثم تابعت بعد أن سُكب دموعها بصمت : لقد عمل جاهداً لكسب المال من أجل أن يتمكن من الزواج بأمي ليقف بجواري ويساندني ، فهو صديق والدي المقرب ولهذا يراني كإبنته تماماً ، ومن المستحيل أن يتسبب في قتل أحد ..

تحدث السيد روك مجدداً : يبدو أنك لم تعرفي حقيقة العلاقة التي بين والدك وبين كيداي ، هما ليسا كما تقولين مطلقاً ، من الواضح أن كيداي استطاع خداعك بكذبة حقيرة ، ولم يفصح عن نواياه الحقيقية ..
صاحت بغضب : لماذا أنت مصر على إظهاره بمظهر الكاذب ؟؟
- لأنها الحقيقة التي يجب عليك معرفتها وتقبلها يا روز ..

نطق السيد كازوما بهدوء : أكره قول ذلك لكن كيداي أحد رجال ساي ، وهو المتسبب في قتل والدتك وأخوك ، حتى أنه اعترف لي بذلك وكان يقولها بفخر دون أي ندم ..
انهارت روز على الأرض بعد أن خارت قواها ، وتفاجأنا حين بدأت بالضحك وسط دموعها ، بدت كالمجنونة حينها ، حتى أن جوليا أصبحت قلقة عليها : روز لا تتصرفي بهذه الطريقة ، أنت ترعبينني
..
رفعت روز رأسها وعلى شفتيها إبتسامة عريضة يشق دموعها : طوال السبعة عشر عاماً الماضية وأنا أعيش حياة خالية من السعادة ، ودائماً أتفاجأ بجميع من حولي وأكتشف أنهم مجموعة من الحثالة لا يستحقون ثقتي ولا محبتي ، يبدو أنه قد كتب على حياتي التعاسة المؤبدة
..
ثم وقفت متابعة حديثها وهي تشير إلينا جميعاً بسبابتها : حتى أنتم ستظهرون على حقيقتكم قريباً ، ستحاولوني خداعي لكسب ثقتي ثم تطعنونني في الظهر كما فعل السيد كيداي ووالد ماركو من قبله ، ولهذا وقبل أن يحصل ذلك أنصحكم بالإبتعاد عني ، ولن أقع في فخكم مطلقاً ..


قطبت جوليا جبينها وتحدثت بذات نبرتها الهادئة : أي فخ تتحدثين عنه ؟؟ روز لا تجعلي المدعوا كيداي سبباً لفقدانك الثقة بمن حولك ..
صفعتها روز حينها صفعة جعل الجميع يتفاجؤون من تصرفها هذا ، لتتبعها بقولها : أنت آخر من أريد أن أسمع هذا منها ، تقولين بأننا أصدقاء إلا أننا أبعد ما نكون عن ذلك ، دائما تخفين عني الكثير من الأمور ولا تفصحي عن أي شيء مطلقاً ، تسمينني صديقة وأنت لم تشاركيني أسرارك يوماً ، ولم تأتي لتشكي لي همومك ولو مرة ، أنا متأكدة من أنك تهدفين إلى شيء ، وهذا هو سبب بقائك معي حتى الآن ..


أنهت روز جملتها لتتفاجأ بصفعة قوية على وجهها جعلها تسقط أرضاً ، وصوت صراخ جودي التي صفعتها تبعت صوت سقوطها : من أنت لتمدي يدك على جوليا ؟؟ بدل من أن تكوني ممتنة لها لبقائها مع فتاة مثلك تتهمينها بأمور باطلة ؟؟ جوليا .....
قاطعها صوت جوليا الصارم : جودي عودي لمكانك ..
إلتفتت جودي إليها قائلة بحنق : هل تسكتين عليها بعد كل ما قالته هذه الهوجاء ؟؟ دعيني آخذ حقك يا جوليا بما أنك لا تقدرين على ذلك ..

اقتربت جوليا منها ، وأمسكت يدها التي صفعت روز ، ثم ضربتها بخفة قائلة : ضربتك أشبه بضربة مصارع أيتها البلهاء ، لا ترفعيها على أحد مجدداً هل فهمت ؟؟
- لكن ...
- هل فهمت يا جودي ؟؟

توترت جودي من نبرة جوليا التهديدية فأومأت برأسها وعادت إلى مكانها ، بينما نقلت جوليا نظرها إلى روز التي لازالت على الأرض ، مدت يدها لتحثها على الإمساك بها ، لكن روز أشاحت بوجهها وانفجرت بالبكاء من جديد ، و صوت نحيبها كان أعلى من السابق ..
جلست جوليا بجوارها ثم بدأت تتحدث بصوت يغمره الحنان : أنا لست غاضبة مطلقاً منك يا روز ، فأنت كنت غاضبة جداً ولهذا تفوهت بأمور لا تعنينها مطلقاً ، أنا أفعل هذا أيضاً لأنني عندما أكون غاضبة أقوم بجرح الأشخاص الذي من حولي دون قصد وفي النهاية أشعر بالندم وأنا أدرك أنك ستشعرين بهذا أيضاً عندما تهدئين ..

ثم وضعت يدها على رأس روز وتابعت : جميعنا يا روز مررنا بمواقف صعبة ، جميعنا تجرع المرارة واليأس ، لكن الشيء الذي يجعلنا نكمل مسيرنا هو وجود أشخاص حولنا يدعموننا ، لا تلتفتي للأشخاص السيئين ، بل انظري إلى من يقفون معك في المحن ، عندما تم إختطافي هل كنت وحيدة يا روز ؟؟ بالتأكيد لا فسوبارو وياماتو كانا معك يساندانك أذاً فهما حقاً صديقان وفيان لا يجب عليك أن تتخلي عنهما ، انسي والدتك وماركو فهما أصبحا جزئاً من الماضي وجميع الأمور الذي تسببا فيها أصبحت مجرد ذكرى ستزول حتماً ، عيشي الحاضر ولا تدعي الماضي يؤثر عليك لتصنعي لنفسك مستقبلاً مشرقاً
..


بعد هذه المحاضرة الطويلة التي ألقتها جوليا عم الصمت في المكان ، حتى أن صياح روز قد خف كثيراً ، نظرت إلى ياماتو مباشرة لأرى كيف ستكون ردة فعله من كلمات جوليا ..
وكما توقعت كان مطرقاً برأسه دلالة الإنكسار ، وهو يشد على قبضته بقهر ، إنه يتصرف هكذا لأنه يعلم أنه عكس ما قالته جوليا ، فقد تخلى عنا عندما كنا في محنة صعبة ، أي أنه ليس إلا مجرد خاائن ، حتى لو لم يرونه الآخرون هكذا ً، إلا أنه يعرف نفسه حق المعرفة ، وبالتأكيد رؤيته منكسراً هكذا يبهجني بشدة ..

فجأة قطع علينا هذه الأجواء صوت طرقات قوية على الباب جعل الجميع يذعرون ، نظرت إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الحادية عشرة ، من يا ترى سيأتي بهذا الوقت ويطرق الباب بهذا الشكل المزعج ؟؟
وقف السيد روك وقال : إبقوا هنا ، سأذهب لأرى من بالباب ..


نهاية الجزء ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس