عرض مشاركة واحدة
  #94  
قديم 01-13-2017, 10:44 PM
 

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قراءةممتعة


كنت غاضبا جدا ، عندما أخبرتني إستيرا بما فعلته عمتي ، ليست مسؤولة عنها فكيف تتجرأ على الصراخ في وجهها؟
؟أتظن أننا نعتبرها من أفراد الأسرة ؟
هاهي الآن تدخل غرفة المعيشة وعلى وجهها علامات التعجب ، تكلمت بسرعة وبنفاذ صبر :
" كيف تصرخين في وجه إستيرا ؟ أنا من يقرر ماعليها فعله ، حسنا ؟ ولن أجبرها على شيء ، هي
فتاة ذكية وتدرك ما عليها فعله ، مرت بفترة صعبة وكل ما تحتاجه هو بعض الوقت لتعود كما كانت ... "
فتحت فمها لترد ّ فلن أترك لها مجالا بقولي :
" لا أريد سماع أي شكوى من هذا القبيل ، كونك أخت والدي لا يعني أننا نعتبرك عمة راعية لنا ، ما تزالين غريبة عنّا ، هذا واضح ؟؟ "
راقبتها وهي تحملقق في ّ بدهشة ثمّ قالت بصوت حزين :
" أعلم ذلك ، تسرعت عندما فكرت أنكما تعتبرانني عمة حقيقية لكما ، لكن لا بأس ، معك حق ... "
استدرت كي لا أقابل وجهها ... عليها أن تخرج الآن ، وبدلا من ذلك ، سمعت صوت تنهيدة منها قبل أن تقف أمامي وتسلمني مطويات وهي تشرح :" هذه مطويات أفضل المدارس إنتقيتها اليوم من أجل إستيرا ، فكرت أنها تريد بداية جديدة ، أي أصدقاء جدد ومدرسة جديدة ، لا أحب رؤيتها منعزلة هكذا ، أريدها ان تعلم أن هناك أخرى تنتظرها ما رأيك أن تفكر أكثر وتقنعها إذا إقتنعت أنت بهذا ؟ "
لم أجد ما أقوله فجلست أتفحص المطريات واحدة تلو الأخرى ، وبعد أن فرغت من ذلك ركزت نظري عليها :
" أليست مدارس داخليه ؟ "
أجابتني وهي تجلس على الأريكة :" إنها كذلك ، هي أفضل المدارس هنا ، نستطيع من خلالها ايجاد الطريقة الأمثل للتعامل مع استيرا بمساعدة كبرى من الاساتذة ،ففي مثل هذه المدارس تتم مراقبة وتقييم كل طالب على حدة ، وتقديم الأحسن "
كلامها مقنع إلى حد ما ، يجعلني هذا أفكر في فعالية هذا

ـ

هل قالوا من قبل إن الإنتظار مضني ؟ إنه متعب ، متعب أكثر من اي شيء ،
خاصة إن كان احد مكونات مزيج
الوحدة والعتمة ، هذا الإنتظار يأخذ كل يوم خلية من خلايا القلب
الجزع فيعتصرها ويهذبها أمام اخواتها ... ينسي الواحد ان الحياة تستمر ،
يجعله يرتدي نظارات التشاؤم الأبدي ، وصدى معزوفة الموت يتراقص داخل اذنيه ،
كيف للشخص أن يحيى دون نشاط يزاوله ؟ ودون ضجيج الشوارع ؟
دون نسمات السماء ؟ كيف له ان يتحمل هبوب عواصف الشقاء وضربها لوجدانه ؟
كيف وكيف وكيف ؟ إنه لا يملك إلا ان يتساءل وينتظر ...

ـ

حملت هانفي بعد أن اكملت عملي لوقت متأخر ، لا شك ان راوند يستطيع إرسال أحد ما ليقلني ، سأهرب من هنا قبل أن تنادي عليّ مهمة أخرى ، حقا انا متعبة الآن ..
أخذت أحدق في شاشة الهاتف أنتظر الرد وعقلي شارد الخلد

ـ

إستلقي على بطنه تاركا ظهره في يد المدلك ذو الأيدي المرنة وهي تتحرك بخفة ،،
إمتدت يداه إلى سيجارته ليسحبها من فمه ويملأ المساحة المحبطة به بهواء خانق كثيف ،
لا يكاد يصدق أنه يستطيع فعل ذلك ، هذا حلم لا بد من العيش فيه والشعور به ،
أغلق فمه وهو يقرأ الخبر الذي نقل له للتو ، فزاده فرحا ،وتجلى له أنه قريبا سيملك ما يريد ...

ـ

كانت السيدة تفرك يديها بقلق وهي على الرصيف تنتظر السيارة لتعيدها للبيت ،
ومه هذا لديها ما تقلق أكثر بشأنه ، رنّ هاتفها فوجدت أن راوند يخبرها بأنه سيصل قريبا
فتنهدت وأعادت الهاتف لحقيبتها ...
مكثت قليى تطلق زفرات متتاليه ، ما قطعلها عليها سوى ظهور سيارة راوند من بعيد
في حين كان أحد آخر يطرق كتفها مدا لها بملفات قائلا :
" الملفات التي طلبتها سيدتي حول .. "
جعلته يصمت بقولها السريع : " شكرا ،، وداعا "
ثم ركضت لتقترب أكثر من السيارة "
صعدت بسرعة فأدار راوند المحرك متساءلا بلا تعابير :
" تعملين كثيرا هذه الأيام ، هل هذه ملفات خاصة به أيضا ؟ "
ردت : " نعم هي ملفات مهمة أجري حولها بعض التدقيق والتنقيب "
وعلى نحو غامض نظرت لما هو خارج النافذة وهي تكمل بهمس لا يسمع :
" ملفات مهمة ستغير الكثير "

ـ

كان عليّ بعد الساعة التالية عودة راوند وعمتي الجلوس في غرفة المعيشة والاستماع للكثير من الكلام منهما ، فهي تعتذر وتبرر وهو يوافقها الرأي ويلح علي أن أُسعد بإعتذارها وأقبله ، وحينما فرغا من ذلك الكلام جعل إتصال أو عمل ما نورا تهب لغرفتها تاركة إياي وحدي مع راوند ، استفتح الأخير كلامه الذي بدا كأنه محاضرة صعبة الفهم :
" استيرا لقد فكرت كثيرا فيما قالته نورا ، و ... حسنا لقد وجدت أنه من الممتاز أن تعودي لمزاولة الدراسة ..
إن أردتِ بالطبع "
خفضت بصري .. هل يقول هو هذا الكلام ؟ أم أن نورا أقنعته بشكل ما ؟ جاء صوته مرة أخرى :
" لا بأس إن لم تودي ذلك في الوقت الحالي ، يمكنك التفكير بروية في الأمر ، لكن -حتما - يجدر بك إخباري
أتودين الإنتقال لمدرسة أخرى أم لا ؟ فإنه من المهم أن نبدأ الآن بالتحضيرات لعودتك إن أحببت البدء بمدرسة أخرى"
ضغطت ببطء على شفتي السفلى ... لا يهم كم أنا مستاءة بالحديث حول الأمر .. لا يهم كم انا غير جاهزة لبد الدروس .. لا يهم كم انا مشوشة ..لا يهمني أي شيء من هذا القبيل ...عليّ أخذ قرارات واعية ... لقد غبت كثيرا ، لم أعد أحتمل قضاء الوقت كله هنا ، ومع هذا لا أحب الخروج ن هل علي الضغط على نفسي إذن ؟؟
هل سيكون والداي سعيدان بي ؟ هل علي الإنتقال لمدرسة أخرى ؟
هل سأكون على استعداد لمزاولة الدراسة ؟ أسئلتي كثيرة لكن الأهم ...
هل سأستطيع تقديم نجاح لهما ؟ علي ّ أنْ ...
وقفت وقلت ببطء :" سأفعل ذلك ، سأعود للدراسة .. لكن في مكان آخر ، أريد تحقيق أعلى الدرجات في ثانوية مميزة ... سأتحدى كل شيء لأجعل والديّ فخورين بي ، "
فتح راوند علينيه وقال بسعادة تعكس نبرته الهادئة قبل قليل :
" حقا !! إنني حقا سعيد ... تعالي لتختاري أي المدارس تودين الإنضمام لها ؟ "
وهكذا سحبني معه لندخل غرفته لنبدأ بمناقشة الخيارات المتاحة ، وانتهيت بإنتقاء ثانوية داخلية
خمة مميزة ، لكنها ... في مدينة أخرى ,
في صباح الغد ، بعد الفطور أخذت أحزم حقائبي وأنا شاردة تماما ، كلي قلقة مما انا مقبلة عليه ،
وكلما نظرت لأجزاء خزانتي التي تفرغ شيئا فشيئا يراودني الخوف ...
سيحضر لي راوند رداء المدرسة مساءا
وفي الغد سأذهب بالقطار إلى هناك ، إني متوترة ...

ـ




رد مع اقتباس