عرض مشاركة واحدة
  #92  
قديم 01-04-2017, 07:35 PM
 



قراءة ممتعة



تمتمت جورجيا :" كانت سهرتنا رائعةً أمس ، لو أنّ إيزابيلا أفسد ت ك لّشيء ،تركت ميري غسل الصحون وبدأت تقلد مدبرة المنزل العجوز ، في حركاتها قائلة :" مالذي تفعلنه ؟ هل هذا وقت مناسب للمزاح والضحك ؟ أخلدن جميعكنّ للنوم حالا ولا تثرن ضجةً ، هيا بسرعة ." أمالت شفتها بإستياء وعادت لغسل الأطباق ، فأكملت عنها جورجيا :" وأنتِ يا ذات الجدائل إبتعدي عن النافذة وتعالي للنوم كذلكَ ، لا أريد سماع أي شيء الآن ." لم تترك جورجيا أن قلدت كيف أعربت المدبرة عن إشمئزازها بحركة شفتيها وكيف أغلقت الباب بعنف ، ضحكا معا وعادتا للعمل فيما دخلت زويا لتعلن لهما :" تطلب منكما السيدة إيزابيلا إكمال عملكما و غسل الأفرشة بسرعة ". أطلقتا زفرة طويلة ، و سارعتا في العمل
ـ
إنه الأسبوع الثاني الذي تقضيه نورا هنا ، لم أدرك كيف أصبحت شخصا عاديا لا مبغوضا بالنسبة لي ، ربما سأعتاد عليها عمّا قريب . لم يفصل راوند بعد في قراره فعليا ، بدأت أقلق نوعا ما ، شحوبه يفزعني وأحاول التكلم معه في هذا، لكني لا استطيع ، أو بالأحرى لا اعرف كيف أبدأ ، واتراجع عن قول أي شيء . وبما أنه يقضي معظم الوقت خارجا فأنا احتاج لاستغلال فرصة ما بعيدا عن طاولة العشاء حيث نكون وحدنا وأتكلم معه .
نزلت اليوم الى الحديقة بعد وقت طويل من أن هجرتها ، ما تزال بديعة كما كانت ، وطيف والدتي يحوم هنا، أشعر به ، أأذكر يا ترى كم كوب شاي شربناه ؟ نعم أفعل ، هل أحفظ الأحادث التي دارت بيننا ؟ نعم أحفظها ، والأهم أني أذكر ملامحها الهادئة حينما تتبدل من فرح إلى حزن ، أو تتدحرج دمعة متحجرة إلى ضحكة عالية تطرب بها أوراق الأشجار ، وتتراقص من فرط سعادتها الأعشاب والأزهار ،
أماه إني أشتاق لكِ شوقا لا تخمد نيرانه
لا أجد له دواءا ، لا علاج يشفي أحزانه
أماه إني اتضرع لرؤيتكِ في منامي
وأجزع أن أتخيل إستحالة هذه الأماني
أماه إني ضائعة من بعدكِ شريدة
إجعليني لكِ رفيقة .. وإحميني من لقب الطريدة ...
شتّت نظري في الأرض ثمّ سرت بسرعة لأدخل ، لا أريد هطل الدموع الآن ، تعبت من ذاك الخيط الحار الذي يحرق خدي كلما فاضت مشاعري ، تعبت ...
أخذت أنسي نفسي وامشي بغير هنا في ممرات منزلنا ، أصرف نظري عن كل ما قد يجلب الحزن لي ، فجأة ، توقفت وأنا أرى نورا تقف أمام مكتب والدي تراقب ثقب الباب ، " مالذي تفعلينه ؟؟" خرجت تلك العبارة مني بشكل مفرط الإنزعاج فنظرت لي بشيء من الجزع ثم إبتسمت بأريحية متمتمة :" أخفتني إستيرا ،" ، عدت لأسأل بلهجة حادة :" لماذا تختلسين النظر ؟" لم ترد عليّ بسرعة بل قالت وكأنها تسأل :" كنت ألقي نظرة فقط " ، عقد يدي وانا أتكلم مجددا بهجوم :" ستدخلين كل الغرف يوما ما ، لكن ليس عليك إختلاس النظر ، ليس بيتكِ ، أتفهمين ؟" حركت يديها امامها وهي توضح :" لا ، لا ، لاأقصد إزعاجكِ عزيزتي ، سأهرب من هنا حالا إذا إستمريتي بالصراخ ", لم أردّ عليها كون 'عزيزتي' استوقفتني ، كيف لا وهي كلمة أمي ...
حينما عدت للواقع وجدتها قد شقت طريقها لتنزل فاستوقفتها :" نورا توقفي اريد منكِ شيئين ، أولا : هل يمكنكِ اخباري بما تكلمتِ به مع الخادمة في منتصف الليل يوم أمس ؟ أطلتما الحديث " استدارت لي بسرعة وقالت وهي تعقد حاجبيها :" هل تراقبينني ؟" ، أجبت بهدوء :" كنت مستيقظة في ذلك الوقت أشاهد التلفاز داخل غرفة المعيشة ، أي أستطيع رؤيتكما ، وسماع همهمتكما تحديدا "، ردت عليّ :" كنت أسألها عن وصفة إعداد الكوكيز ، ألم أخبرك أني اجيد الطبخ وإعداد الحلوى ، ستتذوقين ما أصنعه قريبا وحتما ستعجبين به ، ماهو الشيء الآخر الذي أردتِ أمري به " ـ أجبتها بآلية :"نادني استيرا فقط ، أحب أن يبقى لقيب 'عزيزتي' خاصا بوالدتي " ، اقتربت حينها مني وامسكت بكتفيّ قائلة :" حسنا ، سأفعل ،" ثم عادت لرسم إبتسامة وأكملت :" وأعدك إني لن ازعجك مرة أخرى أثناء مشاهدتك التلفاز أو بقيامي بالتجول في الفيلا دون علمك " ، ولم أشعر إلا وهي تضع اصبعها على حاجبي الأيمن معلقة :" أرجوكٍ أنزليه ، عندما ترفعينه هكذا توحي لي أني غبية أو شيء من هذا القبيل " استفقت حينها ، ومحوت أثر تكذيبها من وجهي ، ثم نزلنا.
ـ
في الغد على الساعه 10 صباحا ، أحذت نورا تعمل على حاسوبها ، فيما جلست أتراسل مع صديقاتي ، الجو جميل خارجا والهواء عليل ، ليته يدخل قلبي فينعشه . ركزت بصري على الحديقة الواضحة امامي لفترة من الزمن ، أحاول جعل أجزائي تتلاحم مع الطبيعة وما تحمله من ذكريات ، إلا ان رنين هاتف نورا المزعج أفقدني التركيز وعندما هممت بتنبيهها وجدتها تقف بغرابة كأنها تلتقط رائحة ما ، ، تمتمت بدهشة :" بنزين " حملقت فيها فصاحت:" رائحة بنزين قوية ، تعالي استيرا " جرت للخارج فتبعتها بإنزعاج وأنا أحاول معرفة ما تفعله وما البنزين هذا الذي تتكلم عنه ، لاحظت أننا أحطنا بركضنا كل مساحة الفيلا وما وجدته أنّ سائلا كالبنزين ذو رائحة لاذعه مسكوب على كل نواحي الفيلا ، كانت نورا لا تتوقف عن الشتم ، فيما ذهلت عن كل شيء وأردت معرفة السر أكثر من أي شيء آخر ، عندنا للنقطة التي إنطلقنا منها ففوجئنا بشخص يرمي عبوة ويُخرج كبريتا من جيبه ، إنها نفس الخادمة التي رأيتها تلكم نورا ، صرخت عمتي :" ماذا تفعلين يا مجنونة ؟" لترد الخادمة : سأنتقم ، سأنتقم ، سأحرق الفيلا وأدمرها كما دمروني حينما دخلت أختي السجن بسببهم ، رفعت صوتي وأنا أسألها :" هل نعرف أختكٍ أصلا حتى نسجنها ؟ كفي عن هذا الآن ." صاحت في وجهي :" دخلت السجن بعد ان كانت من الخدم المتواطئين مع اللصوص يا استيرا ، هل نسيت الحادث ذاك ؟ كانت قبل أشهر في بداية العطلة الصيفية ، أتذكرين ؟ " لحظظةة ،، إذن أولئك الخدم فعلا تعاونوا مع اللصوص في ذلك الوقت ، سمعتُ صرير أسناني وكنت لأرد عليها لولا انّ نورا قالت مهددة :" ضعي الكبريت جانبا وإياك والتفكير في رمي عود ثقاب مشتعل ، واغلقي فمك قبل أن أغلقك أنا " ، ردت الخادمة باستهزاء :" يا للعمة الحنون ،هل تخافين ان تصاب هذه الفتاة بأذية من أسلوب كلامي ؟ ليست سيدة عليّ وسأقول ما أريده فلست خائفة الآن ، سحبت عود الثقاب ... رأيتها وهي تشعله لترميه ,, لكن جسد عمتي ارتمى عليها فسقطتا وسقط عود الثقاب على العشب ، سارعت لإطفائه فيما كانت نورا تمسك الخادمة ، دخلت أنا بسرعة .. نادي بقية الخدم واتصلت براوند والشرطة ،
قبل وصول الشرطة نظف الخدم آثار البنزين بشكل جيد وبمجرد أن وطئ رجال البوليس الحديقة قاموا بأخذ الجميع للتحقيق ، راوند بدا قلقا جدا ، حتى إنه احتضنني فور رآني ، وقكما معا بشكر نورا على ما فعلته .. لا أحد يعلم ما كان سيحصل دونها ،
في مساء ذلك اليوم كان المنزل خاليا إلا منا نحن الثلاثة وجلسنا حول طاولة العشاء الخالية ،" لا يوجد خدم هل أشتري شيئا ما ؟ أقصد هل نطلب طعاما ؟؟ ؟ " قاطعت عمتي راوند وهي تقف بحماس :" ألا ترى أني هنا ؟ سأقوم بطبخ طبق رائع لكما " وسارعت للمطبخ ، لكنها توقفت فجأة كمن نسي شيئا وعادت لتسحبني مرددة : " ستساعدني استيرا اللطيفة ايضا ، كل ما سمعته من راوند إثر ذلك هو ضحكة مكبوتة ، ثم حرى وراءنا ، وجهتنا كانت المطيخ ، حيث اتخذ راوند مكانا في الزاوية وبدأ العبث في هاتفه تارة وإبداء تعليقاته المزعجة بكل برود عليّ تارة أخرى ، فيما لم تكف نورا عن نشر جو المرح في خضم هذا ، ومع أني لم اتجاوب مع أي منهما وتابعت الطبخ بهدوء ، فقد صرحت نورا لي انها استمتعت .
نسيت التكلم عن الأطباق ، صنعت انا حساء الشوفان ورتبت الطاولة ، فيما طبخت نورا طبق بط مشوي مع الخضار والسلطة ، ودنا هلاما في الثلاجة فاتخذناه تحلية خفيفة ، وكان من المقرر أن يقوم راوند بغسل الصحون كونه لم يساعدنا ، لكنه تظاهر بالتعب وركض لينام ، لم أحبّ غسل الأواني يوما ، فتبعته كذلك ، وأوضحت للعمة أنها تستطيع تركها ليغسلها الخدم غدا ، إلا انها وبدافع مجهول غسلتها جميعا ،
ـ
خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها ، بعد برهة رمت المنشفة على السرير وجالت بنظرها في غرفتها الجميلة ، ثم ابتسمت وحملت الهاتف لتقرأ آخر الرسائل ، رسالة وراء أخرى ، كم هي مشهور لوصول كل هذا الكم من الرسائل لها في يوم واحد ، فتحت إحداها وقرأتها مجددا ثم كتبت " تم " ، رمت الهاتف ثم قامت بتغغير ملابسها وتوجهت للنوم .
ـ
إنه الأسبوع الثالث الآن من دخول نورا لحياة كل من إستيرا وراوند وفيه عادت العمة لمزاولة عملها وقضاء فترات أقل في البيت ، ظهرت بمظهر المرأة العملة وأصبحت بشكل أو بآخر تملك ثقة أكبر في نفسها تجعلها تأمر الخدم دون إضافة ' من فضلك ' أو ختم كلامها بإبتسامة كما فعلت من قبل ، بل كثيرا ما واجهت تأخيرهم الغير مقصود بصراخ عائد توترها الشديد وتغير الأوضاع في مكان عملها بصفة سيئة ، - كما كانت تبرر ذلك لنفسها أو لإستيرا كلما صادف صراخها مرور الأخيرة –
على الساعة السابعة من ذات اليوم وجدت استيرا عمتها لدى الباب طالبة الدخول ، أدخلتها بسلاسة لغرفتها لكن بدل ان تطلب منها الجلوس ، تركتها واقفة منتظرة منها بدء الحديث ، لم يبد على نورا الإنزعاج كأنه أمر عادي وتكلمت بلطف :" أظنني أهملك استيرا لكنه وقت عصيب في العمل وأظن أنه سيتحسن قريبا وسنستطيع قضاء أوقات ممتعة معا " ، خفظت استيرا رأسها وقالت بهدوء :" لا أشعر بغيابك ، فلا تفكري أنك تحتاجيب لإجراء هذه المحادثة " ... رد قاس لمبادرة جميلة ، لكنّ إستيرا لم تفكر في جعله منمقا أو لطيفا بقدر كلام نورا ، فقط بمجرد سماعها لذاك الإعتذار ردت بما خطر لها ، ولم تشعر بالندم....
افتعلت العمة سعالا وهي تقول بقليل من الإحراج :" حسنا ... عل كل .... إنني ... نوعا ما ..... سعيدةة لهذا الكلام ... ثم إن لديّ أمرا هاما أود محادثتكِ بشأنه " .
ركزت استيرا بصرها عليها فأكملت :" أريد منكِ العودة للدراسة " ، جاءها الرد سريعا:" لن أفعل " ، لم تفاجأ نورا بالرد لكن لديها دافعا لتجيب :" بلى ، إلى متى ستظلين هنا دون عمل شيء ؟ سيطردونك إن واصلتِ التغيب ، لا تريدين أن يتم طردك صحيح ؟ "
أجابت استيرا بوجه بارد :" لا شأن لكِ بي " ،، وهنا زمجرت العمة : " أنا عمتك ، لست غريبة ، عليّ التدخل بك ، ستعودين للدراسة من اجل مستقبلك ِ ، أهذا واضح ؟ إن شئت غيري المدرسة لكنك لن تظلي عاكفة على الرسم والكتابة فقط ، هناك مستقبل بإنتظارك ، " لم تصدق استيرا ما تسمعه ... أصرخت في وجههت للتو ؟؟ ولربما لاحظت نورا تعابير وجها المتعجبة فنفضت رأسها وقالت بشيء من الإعتذار :" أرجوكٍ استيرا لا تفهي ذلك كما ترينه الآن ، أقصد أنكِ ..." ولم تكمل جملتها إلا وتمّ دفعها من قبل استيرا لتغلق الباب في وجهها ..
ظلت قليلا أمام الباب ثم تنهدت نادمة ونزلت ، فيما كانت استيرا ترتجف وهي تشكل رقما على هاتفها ،


...
الأم والأب :

الجد :

نورا :



ـــ


طلب خاص :
لمن يعرف أحد مشرفي القسم فليبعث لي برابط بياناته أحتاجه لأمر غاية في الأهمية



في حفظ الله


التعديل الأخير تم بواسطة أحلام هادئة ; 01-04-2017 الساعة 07:55 PM
رد مع اقتباس