عرض مشاركة واحدة
  #67  
قديم 10-29-2016, 09:50 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://d.top4top.net/p_145wzuq2.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

٢٦

~
سوبارو ~

خرجت من المنزل بعد أن اتصل بي السيد روكاوا وأخبرني أنه ينتظرني خارجاً لأتوجه إلى عملي ..
عندما وصلت إلى السيارة وكزني السيد روكاوا وأشار إلى الخلف وهو يهمس : أنظر من وراءك ..

إلتفت إلى الوراء فإذا بي أرى ياماتو يقف على بعد مسافة مني وينظر إلي مندهشاً ..
تمتم حينها ياماتو : سوبارو أجبني بصراحة ماذا تخفي عنا ؟؟

أسندت ظهري إلى السيارة وأدخلت كفي الأيسر في جيب بنطالي ، ويدي الأخرى إتكأت عليها ، وقلت بهدوء : أأنا مجبر على الإجابة ؟؟

إبتسم ياماتو إبتسامة باهتة مجيباً : لست مجبراً ، لكننا أصدقاء ولا يجب أن نخفي شيئاً عن بعضنا البعض ..

لم أستطع مجاملته أكثر من هذا ، آن الأوان لأُظهر له حقيقة مشاعري نحوه ..
قلت بنبرة قاسية : أصدقاء !! هه لا تضحكني ، أنا لم أعتبرك صديقاً في يوم من الأيام ، أنا لا أراك سوى شخص بغيض كرهت ذكراه مذ أن كنت صغيراً ..

تمتم ورائي كالغبي والصدمة تعلو وجهه : شخص بغيض تكرهه !! هل هذه هي نظرتك إلي ؟؟

هز رأسه محاولاً طرد هذه الكلمات ، وقال بنبرة متوترة وبإبتسامة قلقة : أنت تمزح معي أليس كذلك ؟؟

قلت وأنا أرمقه بنظرة متعالية : ولماذا قد أكذب ؟؟ هذه هي الحقيقة التي كنت أخفيها عنك أيها الثري المغفل ..

تحولت ملامح وجهه بشكل ملحوظ ، ثم انقض نحوي وأمسكني من ياقة قميصي وصرخ عالياً وهو يهزني بعنف : أيها الغبي ماذا تقول ؟؟ هل فقد عقلك أم ماذا ؟؟ هل تدرك ما تقوله ؟؟

كلماته وصريخه لم تحرك فيني شعرة واحدة ، كنت أنظر إلى وجهه المحتقن بالإحمرار ببرود ، بينما هو كان مستمرا في الصراخ عالياً ..

توقف فجأة بشكل مريب ، ثم ابتعد عني ببطء ، وأنا أنظر إليه بإستغراب ..

قال وقد على وجهه إبتسامة عريضة مصطنعة : لا بد أن الخاطف قد أمرك بقول هذا لي ، أليس كذلك ؟؟
ثم صمت لثواني وأكمل بعدها وهو يهز رأسه بإيجابية : قل نعم يا سوبارو ، أنا متأكد أن هذا هو تفسير ما يحصل ..


هززت رأسي نافياً وأنا أقول : لا لم يحصل ذلك ، وإنما أنا أقول هذا بملئ إرادتي ..

قال وقد عاد وجهه إلى الشحوب : ولماذا يا سوبارو ؟؟ لماذا تخدعني وأنا اعتبرتك صديقي المقرب ؟؟ ماذا فعلت لك لتكرهني ؟؟

صمت قليلاً وأنا محتار هل سأخبره عن سبب بغضي له أم لا ؟؟ أنا على يقين أنني إذا أجبت على سؤاله سأندم لاحقاً ، لذا قلت بهدوء وأنا أدير ظهري بإتجاهه لأهم بالدخول إلى السيارة : لست مجبراً على الإجابة ..

أمسكني ياماتو قبل أن أدخل إلى السيارة : سوبارو أنا حقاً لا أصدق ما تقوله ..

شعرت بالغيظ الشديد منه ، لذا دفعته بقوة ليسقط أرضاً والتفت إليه نصف إلتفاتة وقلت بصوت جامد : الأيام ستثبت لك مدى كراهيتي لك إذا لم تصدقني الآن ..

دخلت إلى السيارة وأقفلت الباب ، ليتبعني السيد روكاوا الذي كان يستمع إلينا بصمت ..


ظل ياماتو يطرق النافذة ويتحدث إلي من خلف الزجاج ، لكنني كنت أتجاهله تماماً ..
قال السيد روكاوا بهدوء : أننطلق الآن ؟؟
أجبت بذات نبرته : نعم ..
-
هل أنت متأكد ؟؟ إلا تريد قول شيء له ؟؟


فكرت لثواني وقلت وأنا أفتح نافذة السيارة ، ليندفع ياماتو إلي مسرعاً واللهفة تبدو عليه ، قلت بهدوء : صحيح نسيت أن أخبرك ، لا تخبر روز بما حصل إن كنت لا تريد زيادة الصغط عليها ..

أنهيت جملتي وأشرت للسائق بالإنطلاق ، وذهبنا بعيداً عنه تاركين ياماتو الذي لا أعلم كيف يشعر الآن ..


أسندت ظهري إلى الوراء وأغمضت عيناي بهدوء ، مرت عدة ثواني كان الصمت هو سيد المكان قبل أن يتحدث السيد روكاوا : من هي روز التي لا تريد منها أن تتضايق من ما سمعه ياماتو ؟؟
أجبت ببرود : مجرد زميلة في الصف ..
قال بنبرة ممزوجة بشك : أأنت واثق أنها مجرد زميلة لك ؟؟


لم أعر نبرته الشاكة إهتماماً ، فجدالي معه لن يجدي نفعاً ..

ثم قلت مغيراً الموضوع بعد أن نظرت إليه : هل فعلت ما طلبته منك سيد روكاوا ؟؟
أومأ رأسه مجيباً : نعم ، لكنني حتى الآن لازلت راغباً في معرفة السبب ..

قلت بنبرة تنذر بغضبي : قلت لا تسألني عن السبب أبداً ألا تفهم ؟؟
قال السيد روكاوا وعلامات الغيظ بادية على وجهه : حسناً لن أسأل تباً لك يا سوبارو ..
تجاهلت ما قاله وعدت أتأمل الشوارع وعقلي مشغول بروز الآن ..


***


~
روز ~

على الرغم من أنني في منزلنا إلا أنني لا أشعر بالأمان إطلاقاً ، لم أمكث في غرفتي خوفاً من أن يقوم أحد بإقتحام غرفتي من النافذة ، ولن أستطيع حينها طلب النجدة ، وتعمدت البقاء في غرفة المعيشة على الأريكة البنية وفي يدي حقيبة يد صغيرة أخفي فيها أهم شيء عندي أستطيع استخدامه وقت الخطر ..


حالة الرعب التي أنا فيه الآن سببه الرسالة التي تلقيناها أنا وسوبارو لهذا اليوم ، والتي كان محتواها هو أن جريمة قتل ما ستحصل قريباً ، ويجب أن نكون مستعدين ..


هذه الرسالة بثت الرعب في داخلي ، ولو لم يكن سوبارو معي لتهدئتي لما علمت ماذا كنت لأصنع ، بقينا في المدرسة نترقب إقتراب الخطر في أي وقت ومن أي مكان وبأي وسيلة ، كنت أخاف من أي حركة قريبة مني ، ومن أي صوت يصدر ..

بقيت أهلوس طوال الوقت ، وعندما انتهى الدوام المدرسي شعرت بالراحة كثيراً ، لكن سوبارو أخبرني ألا أفرح كثيراً فربما هو يستهدفنا خارج المدرسة ، ليعود الشعور الذي لم يفارقني سوى لثوان..


أوصلني سوبارو إلى المنزل بنفسه ليطمئن على سلامتي ، وأوصاني بأن لا أخرج من المنزل ، وأخبرني بشيء لم أعرف ماذا يقصده ..
لقد قال أنه سيرسل لي من يحرسني من حيث لا أعلم ، لكني لا أظن أنه سيستطيع جلب الحراس لي ..


كنت أقضم أظافري بتوتر وأنظاري مشتتة نحو المكان كله ، لمحت زوج والدتي قادم نحوي ، لأقفز بعدها وأنا أقول بحدة : لا تقترب مني ، ابقى بعيداً عني ..
نظر إلي بإستغراب وهو يقول متسائلاً : ولماذا ؟؟
أجبت بحدة : لأنني لا أثق بالغرباء ..

إبتسم بوقار وأخذ يقترب مني وهو يقول بحنان : أتقولين عني غريب ؟؟ أنا كيداي زوج والدتك لست بغريب أبداً ، بل من العائلة ..

كلما كان يقترب مني كنت أتراجع إلى الخلف بقلق ، لكنه كان يتقدم بخطوات واثقة ، جعلني أضطر إلى إدخال يدي في الحقيبة وأخرج شيئاً أسود صغير رفعته بذراعاي وأشرت به إلى وجهه بيدين مرتعشتين ..


توقف السيد كيداي فور أن رأى ما بحوزتي ، وعلت الصدمة ملامحه ، ويبدو أن الصدمة قد ألجتمه ، فهو لم يتفوه بكلمة واحدة ..

قلت بصوت مبحوح : تراجع بسرعة إلى الوراء إن كنت لا تريد مني أن أطلق عليك النار ..
نطق السيد كيداي أخيراً بعد صمت وأخذ يتمتم بصدمة : مسدس !! من أين أتيت به يا روز ؟؟

قلت وأنا أحاول إخفاء إرتعاش صوتي : نعم مسدس وهو حقيقي ، وأنا لن أخبرك بالمكان الذي أخذته منه ..

قال وقد تغيرت ملامحه إلى القلق : روز لا تكوني حمقاء ، وأبعدي سلاحك لنتفاهم بالحوار ..

قلت وأنا أهز رأسي نافية : لا لن أبعد سلاحي ، فأنا متأكدة من أنك ستهجم علي لتقتلني إذا ما أرخيت دفاعاتي ..

رفع حاجبه الأيمن وقال بإستنكار : أقتلك !! ماهذا التفكير الغبي ؟؟ أنا لست بمجرم لأفعل ذلك ..
صرخت غاضبة : كفاك كذباً ، أنا متأكدة أنك ترغب في قتلي ، لكنني لن أسمح لك بذلك ..
أطلق السيد كيداي زفيراً طويلاً ، ثم قال بعدها بهدوء : صدقيني يا روز أنا لا أنوي فعل شيء لك ، كل ما أردته هو أن أري لك صور والدك والدليل هو ألبوم الصور التي معي ..

لوح بألبوم الصور أمامي ، وأدركت أنه صادق فيما يقوله ، لذا أنزلت السلاح وعدت أجلس على الأريكة ، وحين جلس السيد كيداي بقربي قفزت من مكاني مبتعدة ...

لكنه أمسك بيدي قائلاً : لا شيء يستدعي الخوف يا عزيزتي ، اجلسي لنشاهد الصور معاً ..
قلت وأنا أحاول سحب يدي : لا أريد رؤية الصور معك ، دعني وشأني ..



نظر إلي بإستغراب قائلاً : ألا ترغبين فعلاً برؤية والدك ؟؟
أجبت بعنف : نعم ، فلماذا أنظر إلى صور رجل بغيض مثله ؟؟
قال السيد كيداي بإستنكار : رجل بغيض ؟؟ أتقولين هذا عن والدك الذي أحبك من أعماق قلبه ؟؟

قلت وأنا أنظر إليه بطرف عيني : لماذا تتحدث كما لو أنك كنت تعرفه ؟؟
أجاب حينها : ببساطة لأنني كنت صديقه المقرب منذ الطفولة ..

تفاجأت حقاً مما قاله ، وقلت غير مصدقة : أنت ووالدي صديقان ؟؟
جذبني من يدي لأسقط على الأريكة ، وقال مجيباً : نعم صديقان ، لقد كان رجلاً رائعاً بحق ، وكم أنا فخور بأنه صديقي ..
ثم أردف وهو يلتفت إلي والجدية تعلو وجهه : لكن لا تخبري والدتك بهذا الأمر يا روز ..
-
ولماذا ؟؟

أجابني وهو يفتح ألبوم الصور : لا أريدها أن تعلم فقط
..
ثم أشار بسبابته على صورة قديمة كان فيها شابين جالسين على قارب خشبي قديم ، وينظران إلى عدسة الكاميرا وعلى شفتيهما إبتسامة مرحة ، وقال بعدها : انظري هذه صورة لي ولوالدك عندما كنا في سنك يا روز ، لقد كنا آن ذاك في مسابقة لتجديف القوارب ، لكننا للأسف لم نفز ..

وأكمل يريني الصور التي كانت جميعها توجد فيه صورة والدي وصورته ، وكان يروي قصة كل صورة ..

حينما كان يروي لي عن مغامرات أبي شعرت بالحنين في صوته ، ومن خلال ما يرويه اكتشفت شخصية أبي ، لقد كان شخصاً متهوراً وعنيداً ، لكنه مع ذلك لطيف ويحب مساعدة الغير ..


انتهينا من مشاهدة الصور ، وكانت هذه اللحظات من أجمل اللحظات في حياتي ، وتمنيت لأول مرة أن أرى والدي ..
مات أبي عندما كنت صغيرة جداً ، ولا أمتلك أي ذكريات عنه ، وأمي لم تخبرني يوماً عن أبي وكل الصور قد احترقت بطلب من والد ماركو بعد زواجه من أمي ..


سمعت السيد كيداي يقول : هل تعلمين لماذا تزوجت من والدتك ؟؟
قلت بهدوء : لا لا أعلم ..
قال حينها : لقد تزوجتها من أجلك يا روز ، من أجل أن أبقى بقربك وأحميك ..


جوابه كان كالقنبلة التي نزلت فجأة ، لا أعلم ماسر الشعور الغريب الذي انتابني ..
قلت بسرعة : كاذب كاذب كاذب ، أنا أعلم أنك كاذب ..
قال بحنان : أنا لا أكذب يا روز ، هذه هي الحقيقة ، عندما تزوج والدك من أمك سعدت له كثيراً ، لكنني في الوقت ذاته حزنت عليه ، فوالدتك كانت معروفة بالطمع ، لكن والدك أحبها بصدق وقبل بها وبعيوبها ..


ثم أكمل بنبرة حزينة : عندما حملت أمك بك كان سعيداً جداً ، وكان يترقب قدومك بفارغ الصبر ، وفي يوم ولادتك كاد أن يطير من فرط السعادة ، لكن سعادته لم تكتمل ، ففي مساء اليوم الذي ولدتي فيه انهار والدك فجأة ، وبعد أن ذهبنا به إلى الطبيب علمنا أنه مريض بمرض خطير وأنه لم يتبقى من حياته إلا القليل ، بعد أن علم والدك بذلك ظل ملازماً لك حتى مات ، أما والدتك فبعد موت والدك كانت سعيدة للغاية فقد ورثت مال والدك كله ، بعد سنوات تقدم لخطبتها والد ماركو الثري لتوافق والدتك بسرعة ، كنت أراقب الوضع بصمت فقد كنت آن ذاك شخص ميسور الحال، ولا أملك المال الكافي للإعتناء بعائلة بأكملها ، ولأنني كنت أعلم أن والدتك لن توافق علي إذا لم أكن أملك المال ، لذا قررت العمل جاهداً لأكسب المال الذي يمكنني من أخذك معي بعد أن أحسست بالمعاملة السيئة التي تتلقينها ، وعملت لسنوات طويلة جداً لأستطيع أخيراً كسب المال ، وما أسعدني أكثر خبر موت والد ماركو الذي أتاح لي الفرصة لخطبة والدتك ولأكون بقربك ..


احترت حقاً أأصدقه أم أكذبه؟؟ أنا في حيرة حقاً ..

قاطع تفكيري صوته الجاد وهو يسأل : روز أجيبيني بصراحة ، من أين أتيت بالمسدس الذي معك ؟؟
شتت أنظاري هنا وهناك ، وقلت بتوتر : لست مجبرة على الإجابة ..

ثبت رأسي بيديه ليجبرني على النظر إلى عينيه مباشرة ، وقال والجدية تعلو وجهه : روز ليس أي شخص يمكنه حمل السلاح ، يجب أن يكون لديك تصريح لحمله ، والمسدسات لا تُباع في أي مكان ، لذا أخبريني من أين أتيت به ، ثقي بي أنا سأساعدك ..

عيناه تقولان أنه صادق في كل كلمة يقولها ، لذا قررت إخباره بالحقيقة

-
لقد وجدته ملقى على الأرض قبل سنتين عندما تعرضت ذات يوم لمحاولة إعتداء ..
علت الصدمة ملامحه وقال بخوف وقلق : محاولة إعتداء ؟؟ متى حصل ذلك ؟؟ وأين حصل بالضبط ؟؟

أجبت بهدوء وأحداث تلك الليلة المأساوية تُعاد أمامي :
حدث ذلك بعد موت والد ماركو بيومين ، عندما كانت السعادة تغمرني ، فقد تخصلت أحيراً من سبب تعاستي في الحياة ، شعر كل من أمي وماركو بذلك فهما يعلمان أنني أكرهه بسبب تعامله السيء معي ، وتلقيت في ذلك اليوم ضرباً مبرحاً ، وبعد أن فرغوا من ضربي ألقوني خارج المنزل ، حينها أتاني فكرة جنونية ألا وهو الهرب من المنزل بلا عودة ..

ثم صمت وأنا أشعر بمدى غبائي حينما قررت ذلك ، آه كم أنا غبية فعلاً ..
سمعت السيد كيداي يقول وهو يحثني على المتابعة : أكملي يا روز ، ماذا حصل بعد ذلك ؟؟


قلت وأنا أنكس براسي : ذهبت بعيداً عن المنزل وسرت في الشوارع والطرقات دون هدف ، وكانت الشمس آن ذاك قد قارب على الغروب ، وعندما كسا السماء نفسه بالرداء الأسود بدأت أخاف كثيراً ، وقررت الإختباء في زقاقة ضيقة ، بقيت أحتضن جسدي وأنا أنظر إلى حولي بقلق ، كنت خائفة كثيراً فأنا في حياتي لم أُقدم على خطوة متهورة كالتي فعلتها ، فاجأني صوت قطان يتشاجران على قمامة ملقاة بجانبي ، حينها لم أستطع أن أتمالك نفسي أكثر وأصبحت أبكي في الظلام وحيدة ، لم يكن هناك أحد بجانبي ليواسيني ويخفف عني ...



لم أستطع أن أكمل وقد تهدج صوتي ودموعي بدأت بالإنسكاب مواساة لنفسي ، من المؤلم أن يكون الشخص وحيداً ، من المؤلم ألا يقف أحد بجانبك وقت الشدة ..


امتدت يد السيد كيداي ليمسح دموعي بأصابعه ، وقال بحنية : لا داعي للبكاء يا روز ، فأنت الآن لم تعودي وحيدة ..
قلت بصوت مختنق : لم أعد وحيدة ؟؟ ومن حولي الآن ؟؟

قال وهو يعد بأصابعه مبتسماً : أنا وصديقك الذي أوصلك إلى المنزل ..

نظرت إليه متفاجئة فهو قد رآني عندما عدت برفقة سوبارو ، أيمكن أنه يراقبني ؟؟

حينها قال السيد كيداي ضاحكاً : لا داعي للتفاجؤ هكذا ، لقد رأيتك من نافذة الغرفة صدفة ، وحزرت حينها أنه صديقك ..
قلت بإبتسامة وارتياح : نعم هو صديقي ويعدى سوبارو ولدي صديق آخر يدعى ياماتو ..
ثم صمت قليلاً لأردف بحزن : وقد كنت أمتلك صديقة تدعى جوليا لكنها مُختطفة الآن ..


قال السيد كيداي : نعم أعرفها إنها إبنة جارنا السيد روك ، لقد سمعت بقضية إختطافها ، أرجو أن تعود سالمة ..
قلت من أعماق قلبي : أرجو ذلك حقاً ..


قال السيد كيداي : هيا أكملي ما بدأته يا روز ، أم أن هذا سيُشعرك بالحزن ؟؟ إن كان كذلك فلست مجبرة على الإكمال ..

أجبت بهدوء : لا لابأس سأكمل ، فأنا منذ زمن وأنا أكبت هذا السر في داخلي ، وأشعر أنني بحاجة إلى إخبار أحد ما ..

وضع يده على رأسي وابتسم بطريقة تريح النفس قائلاً : وأنا سأصغي لك بكل جوارحي، وسأساعدك حتماً ..

إبتسمت له بإمتنان وأكملت سرد القصة : بينما كنت أبكي وحيدة في الظلام ، سمعت صوت خطوات تقترب مني ، عندما رفعت رأسي رأيت وجه رجل ثمل قريب مني ، ارتبعت بشدة خصوصاً بعد أن بدأ الهجوم علي محاولاً إنتزاع ملابسي بعنف ...

كان جسدي يرتعش وأنا أتذكر تلك اللحظة التي لا زالت متعلقة في ذاكرتي ، وكلما اقترب أحد مني بطريقة مفاجئة تعاود تلك الذكرى بالظهور ..

أكملت بصوت مرتعش : بصعوبة استطعت الإفلات منه ، ولمحت قطعة خشبية ملقاة على الأرض بجانبي ، التقطتها وضربته بها ليسقط أرضاً وهو يتأوه متألماً ، فأنا استهدفت قدمه التي يقف عليها ، قبل هروبي لمحت المسدس ملقى على الأرض لذا التقطته وهربت مبتعدة وبعدها عدت إلى المنزل ، كان لذلك الحادث أثر كبير على نفسي ، كنت في البداية لا أطيق الذكور بصفة عامة بسبب ما ألاقيه من ماركو ووالده ، لكن كراهيتي لهم ازدادت عندما مررت بذلك الموقف ، وبعدها قررت تغيير نفسي تماماً ، وأن أخفي ضعفي خلف قناع القوة لأبرهن لمن حولي أنني قوية لكنني أفشل في هذا دائماً ..


ابتسم لي السيد كيداي بإبتسامة مريحة وقال : روز الناس ليسوا سواسية ، حتى لو مر مجموعة من الرجال السيئين فلا يعني أن البقية هم كذلك ، لذا لا تحكمي على عامة الناس بسبب تصرفات بعض الأشخاص ..
قلت معلقة على ما قاله : أنت محق يا سيد كيداي ، فنظرتي تغيرت قليلاً عن سابقتها بسبب أنني قابلت سوبارو وياماتو ..

صمت قليلاً وأنا أتذكرهما لأكمل ضاحكة : صحيح أن سوبارو غريب الأطوار قليلاً ، وياماتو يحب إغضابي دائماً لكنهما فعلاً طيبان جداً ، ويُعتمد عليهما في الشدائد ..
هتف السيد كيداي بمرح : وأنا ؟؟ ألم أغير من نظرتك للذكور ولو قليلاً ؟؟
أجبت بشكل صريح : لا أبداً ، ففي النهاية أنا لم أعرفك إلا قبل يومين ..

صمت السيد كيداي قليلاً ، ويبدو عليه الشرود ، لذا لم أحب قطع أفكاره وتركته وشأنه ..


قال فجأة بعد صمت دام لدقائق : روز هل رأيت وجه الشخص الذي هاجمك ؟؟

استغربت سؤاله ، لكنني هززت رأسي نافية وأنا أجيب : لا لم أره فقد كان الظلام دامساً وكنت آن ذاك فزعة ولم أستطع التركيز على ملامح وجهه ..

وضع يده تحت ذقنه بتفكير وهو يتمتم : ماذا كان يفعل ذلك الثمل بالمسدس يا ترى ؟؟ أخشى أنك ستقعين في ورطة إذا ما عرف أحد بوجود المسدس معك ..

قلت بقلق : هل ستخبر رجال الشرطة ؟؟
قال وهو يلتفت إلي بهدوء : لا تقلقي لن أورطك أبداً ، وإخبار رجال الشرطة بالأمر ليس بجيد فقد لا يصدقونني بما أنه لا دليل لدينا ..
قلت بإستغراب : إذاً ماذا ستفعل ؟؟
-
لا أعلم لكن يجب أولاً أن أجد صاحب المسدس ..

صمت دون أن أقول شيئاً ، وأخذت أفكر إذا كان يمكنني أن أخبره برسائل الخاطف ، فأنا على يقين أن الخاطف لن يستطيع مراقبتي في منزلي ..

فتحت فمي لأنطق بكلمة لكنني قررت التراجع بسرعة ، فربما ستقع جوليا في خطر نتيجة تهوري ..
انتبهت إلى صوت السيد كيداي وهو يقول : اسمعيني يا روز أعطني المسدس لأحتفظ به عندي ..

حينها تراجعت إلى الوراء واحتضنت الحقيبة التي تحتوي على المسدس وقلت بخوف : لا لن أعطيك إياه مهما حاولت ..
قطب حاجبيه وكأن ردي لم يعجبه وقال : روز هو ليس بلعبة لتبقيه عندك ..
قلت وأنا أقفز مبتعدة : لن أعطيك إياه أبداً أبداً ، لقد أبقيته عندي لسنتين ولم يحصل شيء لذا يمكنني الإحتفاظ به حتى تجد صاحبه ..

زفر السيد كيداي بقلة حيلة وقال : حسناً لكن لا تُخرجيه مجدداً فلا أريد لوالدتك وماركو رؤيته ..
قلت له : لا تقلق هذا لن يحدث ..

فاجأني صوت والدتي التي دخلت للتو وهي تقول : ماذا تفعلان أنتما هنا ؟؟
نقلت ببصري نحو السيد كيداي الذي أجاب وهو ينهض من على الأريكة : كنا نجلس جلسة تعارف هل لديك أي اعتراض ؟؟
مر السيد كيداي من جانب أمي التي قالت : جلسة تعارف !! هه يال السخف ..

قالت هذا وهي تستدير خارجة من الغرفة ، لتلحق بالسيد كيداي ، بينما قررت أنا البقاء مستيقظة طوال الليل لأضمن سلامتي ..

***


في صباح اليوم التالي


~
كازوما ~

ألقيت نظرة على ما كتبته على جهاز الحاسوب ، وحينما أنهيت مراجعة ما قرأته ابتسمت برضى ..

أتاني صوت ناعم من جانبي يقول : لماذا تبتسم بهذا الشكل ؟؟ أتفكر بالقيام بشيء ما ؟؟
نظرت إليها بطرف عيني وقلت بملل : هل أنت حمقاء ؟؟ لقد قرأت ما كتبته لذا لا داعي لأن تشكي بما سأفعله ..

قالت راي وهي تعيد قراءة السطور التي كتبتها : لكنها ليست ذات معنى وأنا أخشى أن تكون شفرة سرية أو ما شابه ..

انفجرت ضاحكاً بسخرية على ما قالته ، بينما هي قد قطبت حاجبيها منزعجة ، لذا تمالكت نفسي وقلت وأنا أخفي إبتسامتي قدر الإمكان : عن أي شفرة سرية تتحدثين ؟؟ هي عبارة عن أبيات شعرية من تأليفي ..

ثم أردفت وأنا ألتفت إليها وأهتف بمرح : ألا أبدو كشاعر محترف قد اعتاد على كتابة الشعر لسنوات طويلة ؟؟
عبست راي وهي تهز رأسها ساخرة وشعرها الناعم يتمايل مع حركتها : أتسمي الخزعبلات التي كتبتها شعراً ؟؟ أنت أحمق ..

قلت بغيظ : ألا تستطيعين المجاملة قليلاً ؟؟ إنها المرة الأولى التي أحاول فيها كتابة أبيات شعرية ، لذا لا تحطميني من المحاولة الأولى ..

قالت راي وهي تقف مبتعدة : آسفة أنا لا أجيد المجاملة ، يجب أن أغادر الآن ، وأستعد للحصة الأولى ..
قلت لها : لماذا تظلين ملازمة لي من الصباح الباكر ؟؟ أخشى أن تنتشر إشاعات سيئة عنا ..

قالت راي وهي تمسك مقبض الباب لتستعد للخروج : ساي أمرني بهذا وأنا لا أستطيع رفضه ..
أملت فمي بسخرية وقلت : لا داعي لأن تراقبينني فأنا أعلم أن هناك كاميرات مراقبة في مكتبي ، وأداة تنصت على ردائي ..


إلتفتت حينها راي وقالت بعد أن احتدت ملامح وجهها : كيف علمت بهذا مع أنني كنت أحرص على تثبيت أداة التنصت في ملابسك بطريقة خفية ؟؟
قلت ببرود : أدوات التنصت تُحدث تشوشاً في الإتصالات عند استخدام الهاتف المحمول ، كان يجب أن تكوني على اطلاع بشأن هذا ..

قالت وهي ترمقني بنظرة غريبة : كازوما لا تنسى أن حياة ابنيك أهم من حياة تلامذتك ، وإذا ما أحسسنا بأي تصرف مريب يصدر منك فــ...........

قاطعتها بحدة : أعرف هذا جيداً ولا داعي لتذكيري يا راي ، كما أنك تعيدين هذه الجملة مئة مرة في اليوم ..
ثم أردفت بصرامة : أرجو أن تغادري الآن يا راي ..

احتدت ملامح راي وقالت غاضبة : تحدث معي جيداً يا كازوما هل تفهم ؟؟
قلت بإستياء : راي غادري مكتبي بسرعة أنت فعلاً مزعجة ..
هتفت حينها راي وقالت غاضبة : سأريك يا كازوما أقسم أنك ستندم ..

أنهت عبارتها وغادرت مكتبي بعد أن أقفلت الباب بأقوى مالديها ، لم أعر تهديدها أي اهتمام ، فأنا واثق أن ساي لن يعيرها أي اهتمام حتى لو كانت أخته ..

عدت أنظر إلى شاشة حاسوبي وفي أعماقي أتمنى أن يفهم مقصدي ، في النهاية هو ذكي ولابد أنه سيلاحظ حتماً ..

نهاية الجزء ..

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس