عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 09-24-2016, 12:25 AM
 
>> 21 <<

~ جوليا ~
مرت ساعتان على مغادرة ساي والبقية ، وحتى الآن لم يحدث شيء ..
يبدو أنني كنت قلقة من اللا شيء ، سمعت الآنسة يومي تقول : ما بك يا جوليا تبدين شاردة الذهن ؟؟

قلت بإبتسامة باهتة : لا لاشيء ..
قالت غير مصدقة لما قلته : منذ أن استيقظت وأنت لا تبدين طبيعية ، هل حصل شيء بينما كنت نائمة ؟؟


لم أجب عليها وأنا لا أزال غير مصدقة بأن السيد كازوما متآمر مع خاطفي ، أنا الحمقاء التي ظننت أنه طيب القلب ..
أفزعني صوت الآنسة يومي وهي تصرخ في وجهي : جولياااااا أنا أتحدث إليك ..


قلت وأنا أبتسم ببلاهة : هاا ماذا قلت ؟؟
هزت رأسها بيأس قائلة : لا فائدة من التحدث معك ، يبدو أنك مشغولة البال كثيراً ، وهناك شيء ما يشغل تفكيرك ..

لم أرد عليها حين سمعت صوت صرير الباب ، ليظهر منها كل من السيد كازوما والمعلمة راي ..
تسارعت نبضات قلبي حين رأيتهم ، حدسي كان في مكانه ، هناك شيء غير سار سيحصل لي ..

تقدم الإثنان بإتجاهي ، والرعب يتسلل إلى قلبي ..
قالت الآنسة يومي وهي تشهق عالياً: هي أنت ألست معلمة الكيمياء ؟؟ ماذا تفعلين هنا ؟؟ هل أنت هنا لإنقاذنا ؟؟

أطلقت المعلمة راي ضحكة عاالية ، لتسألني الآنسة يومي : جوليا أليست هذه معلمة في مدرستك ؟؟ لقد رأيتها قبلاً ..
قلت بإبتسامة ساخرة : بلى هي معلمة في مدرستنا ، لكنها ليست هنا لإنقاذنا كما تظنين ..


تحدثت المعلمة راي بعد أن هدأت قليلاً : جوليا محقة ، فكيف لي أن أنقذك وأنا التي أمرت أخي بإختطافك ؟؟

قالت الآنسة يومي بصدمة : لكن لماذا ؟؟

لم تجب راي عليها وأخذت تفتح قفل الباب ، وبعد أن دخلت توجهت نحو الآنسة يومي ، ورفعت يدها عالياً لتصفعها على وجهها بقوة ..

وقالت بنبرة مليئة بالكراهية : هل عرفت لماذا الآن ؟؟
إندفعت نحوها بسرعة وغضب ، ووجهت نحوها لكمة على وجهها ، جعلها تسقط أرضاً..

قلت بنبرة حادة وأنا أرمقها بنظرات مرعبة : على الرغم من أنني لم أعتد على ضرب الإناث إلا أنك تستحقين ذلك ..
وأكملت بنبرة تحذيرية : إياك وأن تمسي شعرة من الآنسة يومي ، وإلا دفعت الثمن غالياً ..


وقفت الآنسة راي بمساعدة السيد كازوما ، ويبدو أنها لم تستوعب ما حصل لها ، قالت وهي تنظر إلي بصدمة : ماذا فعلتي للتو ؟؟

إبتسمت في وجهها بكل براءة ، كما لو أنني لم أفعل شيئاً ، وأنا أرمقها بنظرات غبية ، جعلها تستشيط غضباً ..
وصرخت عالياً : كيف تجرؤين على لكمي أيتها الحقيرة ؟؟

بعدها إندفعت نحوي بسرعة رغبة في الإنتقام مني ، لكنني لم أتزحزح ولو قليلاً ..
فلو أرادت ضربي فلا مانع عندي ..

أنا ضربتها لأنها آذت الآنسة يومي ، ولن أمنعها من ضربي إن أرادت ذلك ، فلا أظن أن الأمر سيكون مؤلمما ..


لكن السيد كازوما أمسكها وهو يقول : راي إهدئي قليلاً ، لا تنسي أننا هنا لإصطحابها معنا ، والسيد ساي هو من سيأخذ بثأرك ..

قالت بغضب عارم وهي تحاول الإفلاات من قبضة السيد كازوما : دعني لن أتركها وشأنها ، كيف تجرؤ على لكم وجهي الجميل ؟؟


قال السيد كازوما بحزم : يكفي يا راي ، فالسيد ساي سيغضب حقاً ، وأنت تعلمين ما سيحصل إذا ما غضب ..

هدأت الآنسة راي قليلاً لكنها لم تقل شيئاً ، ويبدو أن كلاهما يخشيان ذلك المدعو ساي ..
بينما نظر إلي السيد كازوما وقال : تعالي معنا يا جوليا ..

بلعت ريقي بخوف ، وسرت معهما على الرغم من معارضة الآنسة يومي،. لكنني وعدتها بأني سأحاول أن أعود إليها سالمة ، وغادرنا المكان تاركين الآنسة يومي غارقة في دموعها ..


كنت أسير معهما ووجهي مكسو بالبرود ، وتصرفاتي هادئة كثيراً ، على الرغم من أنني أكاد أموت خوفاً ، ولكنني لا إحب إبراز الجانب الضعيف مني ..

صرخت المعلمة راي فجأة : لماذا أنت صامتة ؟؟ هل تظنين أننا قد استدعيناك لنحررك ؟؟ توسلي إلينا واطلبي الرحمة والعفو ..
وقفت فجأة ، والتفت إلى الخلف حيث السيد كازوما والآنسة راي يسيران خلفي ..

شبكت أصابعي ببعضها ووضعتها أسفل ذقني وقلت وأنا أسبل عيني برقة ، وأقول بصوت ناعم : أرجوكما حرراني أتوسل إليكما ..

دفعتني المعلمة راي وقالت بغضب : هل تحاولين السخرية أم ماذا ؟؟

وقفت وأنا أقول ضاحكة : لا لم أقصد السخرية أبداً ، لكنني كنت ألبي رغبتك ، لماذا أنت غاضبة ؟؟

إلتفتت المعلمة راي إلى السيد كازوم وقالت وهي تشير إلي : هذه الفتاة لا تطاق ، إنها تدفعني للجنون ..

رمقني السيد كازوما بنظرة غاضبة وقال بحزم : جوليا لا تتصرفي بطريقة مزعجة ، والتزمي الهدوء ..

قلت بصوت خافت لكن مسموع : تباً عندما كنت هادئة لا يعجبهم الأمر ، وعندما أتذمر لا يعجبهم كذلك ..
أتاني صوت السيد كازوما من الخلف : كفاك تذمراً أيتها المزعجة ..



إلتزمت الصمت بعدها ، ودهشا كثيراً حين قادوني خارج القبو ، لأجد نفسي في منزل كبير أشبه ما يكون بقصر ياماتو ..
سرت وأنا أنظر إلى الخدم الذين ينظفون المكان ، وهم ينظرون إلي بإستغراب ..

توقفنا أمام باب غرفة بنية اللون ، فتحها لنا رجل مسن وانحنى لندخل إليها ..
وجدت أمامي منضدة طعام طويلة ، مليئة بكل ما لذ وطاب من الطعام ، وفي رأس الطاولة كان يجلس هناك ساي الذي ينظر إلي مبتسماً بغرابة ..


وقف ساي حين رآني وقال وهو يشير إلى المقعد المجاور له برأسه : مرحباً جوليا ، تعالي هنا وكلي ما شئت من الطعام ..

لم أرتح إطلاقاً ، وشعرت كما لو أن هناك فخاً أو خدعة ما ..
قلت مبتسمة : لا شكراً ، أنا لست جائعة أبداً ..

عندما أنهيت عبارتي تغيرت ملامح وجهه ، وانمحت تلك الإبتسامة التي كان يرسمها على وجهه ..

وقال بنبرة آمرة : قلت تعالي يا جوليا ، ولا مجال للرفض وإلا أرغمتك على ذلك ..

قررت مجاراته فيما يقوله ، لأرى مايهدف إليه ..
جلست حيث أشار ليعود هو بالجلوس في مكانه وتلك الإبتسامة الغريبة قد عادت إليه ..

قال لي مبتسماً : هيا تفضلي بتناول الطعام ، لقد أعددت كل هذا لك ..

إلتفت إليه وقلت مبتسمة : هل أنت من أعدها حقاً ؟؟ يبدو أنك بارع في الطبخ ، ولكن كيف فعلتها وأنت لا تستطيع تحريكهما بسبب أني خلعت كتفيك ؟؟.

أجابني : لا لم أقصد بأنني من أعددتها ، أقصد أنني أمرت الخدم بذلك ..

هززت رأسي بإيجابية وإنا أتمتم : هكذاً إذا ..



ثم وجهت ببصري نحو المعلمة راي والسيد كازوما وقلت : لماذا أنتما واقفان ؟؟ تفضلا بالجلوس وكُلا معي ، فالطعام يكفينا جميعاً إلا إذا ..
ثم صمت لثواني وأكملت بعدها بمكر : وضعتم شيئاً في الطعام ..


قال ساي لي : لا تقلقي فنحن لا نرغب بقتلك الآن ..
تمتمت ساخرة : إذا ستقتلونني لاحقاً ..

قال ساي بنفاذ صبر : جوليا كلي بسرعة وإلا حشوت الطعام في فمك بالقوة ..

نظرت إلى الطعام بتردد ، وأمسكت بعود الطعام ، والجميع ينظرون إلي بترقب ..

إلتقطت قطعة من السوشي وأخذت أتأمله ، أخشى أن يكون الطعام مسموماً ..
إرتعبت حين سمعته يصرخ بغضب : تناوليه بسرعة ..

إبتسمت بتوتر وأنا أقول : حسناً حسناً لا تغضب ..

وضعت قطعة السوشي في فمي ، وبدأت أمضغه ببطء ، ويبدو أنه لم يحتوي على السم كما كنت أظن ..

تناولت نوع آخر من الطعام ، ولم يكن هناك شيء غريب في الطعام ..
مع كل لقمة أتناولها تتسع إبتسامة ساي أكثر فأكثر ، والآنسة راي تنظر إلي بحدة وهي عاقدة الحاجبين ، أما السيد كازوما فكان ينظر إلي بجمود ..


لم أرتح للوضع أبداً ، لذا تركت ما في يدي وقلت : لقد شبعت ..
حينها قال ساي : يجب أن تتناولي الطعام كله ، فلن أدعك تذهبين قبل أن تنهيه ..

قلت له : لكن الفتيات يتناولن كمية قليلة من الطعام للحفاظ على رشاقتهن ، لذا لا أستطيع تناول الطعام أكثر من هذا ..

فجأة إنقض علي ساي ، وركلني بقدمه لأسقط أرضاً وقال والشرر يتطاير من عينيه : لماذا تحبين إستفزازي ؟؟ أنظنين أنني لا أعلم أنك تماطلينني دائماً بردودك السخيفة هذه ، ثم أن الإبتسامة السخيفة التي ترسمينها على وجهك دائماً تهدفين بها إلى إغضابي ، أليس كذلك ؟؟ أنت إنسانة لا تطاق أبداً ، لقد بدأت تثيرين أعصابي كثيراً بحركاتك هذه ..


قفزت جالسة بكل رشاقة ، وبما أن كلتا ذراعيه مصابتان ، أمسكت رأسه بكلتا يداي ، وضربت وجهه بركبتي عدة مرات حتى نزف أنفه ..


شعرت بأحدهم يجذبني إلى الوراء وهو يطوق كلتا يداي إلى الخلف ، ولم يكن ذلك سوى السيد كازوما ..
بينما هرعت المعلمة راي إلى أخيها الذي كان ينزف من أنفه جراء ضربي له ..

شعرت أنه الوقت المناسب للفرار ، أعدت بجسدي إلى الوراء حيث إقترب جسدي منه حتى كدت ألتصق به ، وبعدها ضربت معدته بمرفقي ، واستطعت الفرار منه ..
وبعدها أمسكته من ياقة قميصه وقلبته أرضاً بإحدى حركات الكاراتيه التي أتقنها ..

ركضت نحو الباب بسرعة وأنا أسمع الآنسة راي تقول بغضب : توقفي مكانك أيتها اللعينة ، لن نسمح لك بالفرار ..

لم أعرها أي إهتمام ، فهي لا تشكل خطراً علي ، وعندما خرجت من غرفة المائدة قابلت رجلاً عجوزاً أمامي ، يرتدي الزي الرسمي للخدم ..
وبين يديه قنينة زجاجية صغيرة كالعطر ، وجهها نحوي ، وبعدها رش القليل من السائل في وجهي جعلني أصاب بالدوار وأسقط أرضاً غارقة في الظلام ، مدركة أنه لم يكن سوى مخدر ..



=========================================

~ ياماتو ~

كنت مستلقياً على الأرض ، وبصري معلق بالسقف ، وأنا أشعر بالأرق ..
أنا خائف كثيراً مما سيحصل في الغد ، بعد أن فشلنا في تنفيذ أوامر الخاطف ..

صحيح أننا رسمنا خطة أخرى بعد فشلي ، لكننا لم نفلح في ذلك أيضاً ..

وقد كانت الخطة التي وضعناها تنص على أن نقوم بفعلها حين نراها في نهاية الدوام المدرسي ..

انشغلت أنا وسوبارو في رسم خطة محكمة ، ولم ننتبه إلى تلك السيارة التي أتت لتصطحب هانا بعد أن إتصلت هانا بوالدتها ..

وفي نهاية الدوام كنا عند البوابة نراقب الخارجين منها ، ولكننا لم نجدها ، وبعدها سألنا روز التي أخبرتنا بأنها غادرت مسبقاً ..
وبهذا فشلنا في الخطة وسوبارو كان غاضباً كثيراً ، وروز بدأت بالبكاء خوفاً على جوليا ..

وأنا كنت أحاول تهدئتهما وأنا أشعر بالخزي الشديد ..
وإذا ما حصل لجوليا أي شيء فأنا المسؤول عن هذا ، لأنني لم أستغل الفرصة الأولى ..

سحبت شعري بغيظ ، لماذا لم أقم بها ؟؟ لماذا لم أستجمع شجاعتي قليلاً ؟؟
شعرت حقاً برغبة في البكاء من شدة الغيظ ، فجأة سمعت صوت طفولي يقول : سيدي لماذا تسحب شعرك ؟؟


إلتفت إلى فيفي ابنة أخ آلبرت التي تنظر إلي بإستغراب ، قلت بإبتسامة باهتة : لا لا شيء كل ما هناك أنني غاضب قليلاً ..
تقدمت ناحيتي لتقف أمامي مباشرة وقالت بتساؤل : ولماذا أنت غاضب ؟؟

إبتسمت بألم وجذبتها بإتجاهي ، وأنا أشد من إحتضاني لها ، لتنزلق دمعة متمردة تعبر عن ما في داخلي من ألم وقهر ..
مسحت تلك الدمعة سريعاً ..

رأيت والدة آلبرت تدخل إلى الغرفة وتقول بإستغراب : مابك يا ياماتو تحتضن حفيدتي بقوة هكذا ؟؟ أترغب في خنقها ؟؟

انتبهت إلى أنني كنت أشد على الطفلة كثيراً ، لذا أبعدتها بسرعة وقلت بقلق : أنا آسف ، لم أنتبه لها ..

قالت لي والدة آلبرت بحنان : هيا تعال يا بني لتناول العشاء ..


على الرغم من أنه لا شهية عندي ، إلا أنني لم أحب أن أكسر بخاطر هذه السيدة اللطيفة ..
حنانها التي تغرقني فيها يجعلني حقاً أغبط آلبرت ، فأنا لم أذق طعم الحنان في حياتي ..
وتربيت بين أيدي الخدم ، لأن والدتي توفيت في يوم ولادتي كما قال لي أبي ..
ووالدي فهو لم يكن يعيرني. أي إهتمام ، وكنت لا أراه سوى في أوقات الوجبات ، وهو جاف جداً في تعامله معي ..


لذا فأنا لا أعرف حنان الوالدين ، لا أعرف سوى عطف الخدم ..

=========================================

~ جودي ~

على طاولة العشاء ، كان الصمت هو الجو السائد في المكان ،
كنت أنقل ببصري بين أمي التي يبدو على وجهها الشحوب ، وبين أبي الذي يبدو على وجهه الإرهاق حتى ولو حاول إخفاء هذا عنا ، والقاسم المشترك بيننا هي لمعة الحزن الموجودة في أعيننا جميعاً ..

أمي المسكينة لم تأكل سوى لقمة واحدة وهاهي تسرح بعيداً ، ويبدو أنها تفكر في جوليا ، لأنني لمحت طيف الدموع في عينيها الذابلتين ..

أما أبي فعلى الرغم من أنه يتناول الطعام إلا أنني واثقة من أنه لا يعرف ماذا يضع في فمه بالضبط ، فهو جالس معنا بجسده فقط ، وعقله في مكان آخر ..


أطلقت زفيراً عاالياً جعل أبي وأمي ينظران إلي بإستغراب ، تركت عيدان الطعام ووقفت قائلة : لقد شبعت ..


نظر أبي إلى صحني ووجدني لم آكل سوى القليل ، لذا قال بحزم : لن تغدري حتى تنهي طعامك ، أم أنك تريدين أن تفقدي وعيك كما حصل اليوم في المدرسة ..




كنت سأرد عليه ،لكن صوت جرس الباب أسعفني ، توجهت نحو الباب مهرولة ، وفتحت الباب من دون أن أعرف الطارق من شدة الحماسة ..
لكن حين رأيت وجه الزائر سارعت في غلق الباب ، لأسمع أبي يقول : من في الباب يا جودي ؟؟

أجبت عليه كاذبة : أمم إنه أحد المتسولين ..

لكن الجرس لم يسكت ، وظل الطارق مصر على الدخول ، حتى أن أبي وقف متوجهاً نحو الباب ..
لكنني اعترضت طريقه وقلت بتوتر : دعه يا أبي ، فهو سيمل إذا لم نرد عليه ..

لكن أبي أبعدني بخفة وهو يقول : سأرى إن كان يريد شيئاً ..

كنت سأمنعه ، لكن الوقت قد فات ، فقد وصلت يده إلى مقبض الباب وأدارها ، ليندفع الباب بقوة ، وتدخل جدتي المنزل كالإعصار وهي تقول بغضب وعينيها محمرتان : أيتها اللعينة ، كيف تجرؤين على إغلاق الباب في وجهي بهذا الشكل ؟؟

قال أبي بتفاجؤ : أمي !! ما الذي أتى بك ؟؟

إلتفتت إليه جدتي وقالت بحدة : هل تعني أنني ضيفة غير مرغوبة ؟؟

قال أبي بسرعة متداركاً الوضع : لا أبداً ، لم أقصد ذلك ، كل ما هنالك أنني متفاجئ قليلاً من زيارتك لنا ، بعد انقطاعك الطويل ..

قالت جدتي بسخرية : بعد إنقطاع طويل ؟؟ ألم تخبرك ابنتك عديمة التربية أنني أتيت قبل عدة أيام إلى المنزل ، ومن ثم قامت بطردي ..


نظر إلي أبي بسرعة وقال : هل هذا صحيح ياجودي ؟؟
صمت دون أن أجيب عليه ، فهو سيغضب مني كثيراً ..

وبالفعل هذا ما حصل فقد هتف أبي بغضب حين رآى صمتي : لماذا لم تخبريني يا جودي ؟؟ ولماذا تصرفتي بهذه الطريقة الشنيعة مع جدتك ؟؟

حينها قالت جدتي بسخرية : روك لاداعي لأن تغضب على ابنتك ، ففي النهاية سبب تصرفها هذا أنها غير متربية جيداً بما أنك والدها وتلك البغيضة هي والدتها ..

لم يرد عليها أبي ، ومن الواضح أنه لا يريد أن يدخل في جدال مع جدتي العنيدة ..

لتردف جدتي بعدها : وجودي لم تكن الدليل الوحيد على سوء تربيتكم ، فقصة هروب جوليا دليل آخر على ذلك ، كنت واثقة أنه لا شيء جيد يأتي من زواجك بتلك المرأة ، وها أنا أثبت كلامي بعدة دلائل قاطعة ..

لم أستطع إلتزام الصمت أكثر من هذا ، إن كان أبي بوسعه أن يتمالك نفسه فأنا لست مثله ، لذا قلت لجدتي بفظاظة دون أن أحسب حساباً لكلامي : إن كنت تتهمين أمي بسوء التربية فأنت تُعتبرين أحد الأمهات السيئات ، فلو كنت جيدة كما تظنين ماكان أبي سيتمرد عليك ويتزوج بأمي ، لذا أنت آخر من يتحدث عن التربية أيتها العجوز الساحرة ..


أنهيت كلمتي الأخيرة لأتفاجأ بصفعتين أتت من كلتا الجهتين على كلتا خداي ، وكانت واحدة من أبي وواحدة أخرى من جدتي ..

نقلت ببصري بينهما متفاجئة كثيراً ، ولساني انعقد من شدة التفاجؤ ، وبعدها بثواني ترقرقت الدموع في عيني ..
وضعت يدي على كلتا خداي وقلت وأنا أثبت ببصري على أبي : لماذا ضربتني يا أبي ؟؟ كل ما أردت فعله هو الدفاع عن أمي ، أنا لم أخطئ في شيء ..

قال أبي بحزم : دفاعك عن أمك لا يعني التطاول على جدتك هل فهمت ؟؟

لم بعجبني ماقاله أبي ، لذا قلت معترضة : لكن يا أبي هي من ......
قاطعني أبي بصرامة : لقد قلت هل فهمت ؟؟

لم أجب عليه ، ليقول أبي بهدوء : جودي ما تفعلينه لا يُعتبر دفاعاً عن والدتك ، فأنت بفعلتك هذا تبرهنين أن أمك لم تعرف تحسن تربيتك جيداً ، لذا تصرفي جيداً لتبرهني عكس هذا الكلام ..


أدركت أن ما يقوله أبي هو عين الصواب ، لذا رفعت ببصري نحو جدتي التي تنظر إلي بترقب ، وقلت مُكرهة : أنا آسفة على ما قلته ..

أطلقت جدتي ضحكة ساخرة وقصيرة ، وقالت بعدها : لا يهمني أمرك يا جودي، وأنا لا أهتم لما تقولينه ، لكنني هنا لأستفسر عن صحة الإشاعات التي انتشرت عن جوليا حول هروبها من المنزل ..



فجأة سمعنا صوت شهقة صادرة من الخلف، إلتفتنا جميعاً إلى أمي التي وقفت وقالت بصوت ضعيف : عن أي إشاعة ؟؟ وماذا تعنين بقولك إن جوليا قد هربت ؟؟ أليست جوليا مختطفة ؟؟



تذكرت أن أمي لا تعرف بعد عن تلك الإشاعة ، فهي منذ إختطاف جوليا لم تغادر المنزل قط ، ولم نسمح لأحد بزيارتها ..

نظرت إلى أبي الذي حذرني مسبقاً من إخبارها ، وكنت أنتظر ما سيفعله ..

حينها قال أبي بإبتسامة متوترة : جودي خذي والدتك إلى الغرفة ..
توجهت نحو والدتي لأخذها بعيداً ، لكن حين اقتربت منها دفعتني وقالت بغضب : روك أخبرني بما يحصل حالاً ، لا أريد أن أكون الحمقاء الوحيدة هنا ..

قال أبي : كينور إنها مجرد إشاعة كاذبة لا يستحق أن نلقي لها بالاً ..

تدخلت جدتي وقالت : إن كنت مصرة كثيراً على معرفة الحقيقة فأنا سأخبرك ، ابنتك جوليا قد هربت من المنزل بسبب أنها قد حملت بطفل غير شرعي ، ولم يتم إختطافها كما تظنين ..


تصلبت أمي في مكانها ، في حين أنني غضبت كثيراً من جدتي المتطفلة ، كنت سأصرخ في وجهها ، لكن سقوط أمي على الأرض أوقفني ..

امسكتها بسرعة قبل أن تصل إلى الأرض ، وأنا أحاول إيقاظها ، وقف أبي بجانبي وحملها بين ذراعيه متوجهاً بها إلى خارج المنزل ..
أدركت أنه سيأخذها للمستشفى لذا لحقته ، وحين مررت بجدتي رمقتها بنظرة نارية وتوجهت إلى السيارة ..


وضعها أبي في الخلف ، وأنا ركبت بجانبها واضعة رأسها على حجري ، وانطلقنا سريعاً نحو أقرب مستشفى .


عندما وصلنا وضعوها على السرير وبقيت أنا وابي خارجاً ، فجأة لمحت أحدهم قادم نحونا ، ولم تكن سوى جدتي الشمطاء ..
وقفت من مكاني وصرخت غاضبة : ماذا تفعلين هنا أيتها العجوز ؟؟ ألا يكفيك ما فعلته بأمي ؟؟
أمسكني أبي من يدي وجرني للأسفل قائلا بهدوء : هذا ليس الوقت المناسب للشجار ، نحن في المستشفى لذا إلتزمي الهدوء ..

توجهت جدتي نحو أبي وقالت : روك لدي سؤال واحد أتيت من أجله ..
أبي : وما هو ؟؟

صمتت جدتي لثواني ، لتقول بعدها بصوت مرتفع يدل على شدة غضبها وهي تشد على عكازتها : لماذا فعلت جوليا هذا ؟؟ تلك الحمقاء لماذا ولت هاربة ؟؟ حتى لو لم تقبلوا بها فأنا كنت سأحميها لو طردتها ، ثم لماذا لم تنتبه لها جيداً ؟؟ أليست جوليا إبنتك ؟؟

صراخ جدتي أفزعني ، وكلماتها فاجأني كثيراً ، أحسست في هذه اللحظة أن جدتي مهتمة بجوليا كثيراً ..
كيف لا وجوليا الوحيدة التي كانت تزور جدتي وقت مرضها ، وترسل لها الهدايا من وقت لآخر ..

سمعت أبي يقول بهدوء : أمي أنا واثق كل الثقة في جوليا ، وكل ما سمعناه هو مجرد إشاعات كاذبة ..
هتفت جدتي بإنفعال : وهل لديك الدليل على ذلك ؟؟ هل هاتفك الخاطف أو أرسل رسالة يطلب فيها الفدية ؟؟

حينها صمت أبي ولم يكن يمتلك الجواب ، لأتدخل مسعفة الموقف : صحيح أننا لا نمتك دليلاً مادياً ، لكننا جميعاً نعلم أن جوليا تهتم بالآخرين قبل نفسها ، ومن غير المعقول أن تسبب الحزن لأي شخص كان ، حتى لك أنت يا جدتي فعلى الرغم من أنك كنت دائما ما تصرخين في وجهها وتحرجينها أمام الجميع بطلباتك المستحيلة إلا أنها كانت تبتسم في وجهك دائماً ، وتنفذ كل ما ترغبين به حتى تصلح العلاقة بيننا ..

ثم صمت قليلاً والدموع بدأت تتجمع في عيني ، وأصبحت لا أستطيع رؤية ملامح جدتي جيداً ، لكنني أكملت ودموعي بدأت بالتساقط واحدة تلو الأخرى : حتى لو غيرت شخصيتها بسبب تلك الحادثة إلا أنها لازالت جوليا الطيبة واللطيفة ..


شعرت بيدي أبي وهو يحتضنني ، لأسمع جدتي تقول : حسناً يا روك أنا سأحاول جاهدة البحث عن دليل يقودني إليها ، وأنت يجب عليك العمل بالمثل ، وإذا ما طرأ أي جديد فيجب أن تخبرني هل فهمت ؟؟
أجاب أبي : كما تشائين يا أمي ، سأفعل ذلك حتماً ..
بعدها سمعت صوت خطوات جدتي تبعتد عنا ..

ابتعدت عن أبي قليلاً بعد أن هدأت ، لقد أصبحت حساسة مؤخراً ، لاحظت الطبيب وهو يخرج من الغرفة التي فيها أمي ، لذا هرعت إليه مسرعة وأبي بجانبي وقلت بلهفة : أيها الطبيب ماذا حصل لأمي ؟؟

نظر الطبيب نحو والدي وقال : لقد أصيبت بإنهيار عصبي ، كما أن جسدها ضعيف للغاية ويبدو أنها لم تأكل منذ أيام ، لذا قمنا بوضع المغذي لها ، وتستطيعون أخذها بعد إنتهاء المغذي ..

أنهى جملته وغادر المكان ، لندخل نحن إلى الغرفة لنطمئن على أمي الغالية ..


=========================================
=========================================


~ جوليا ~

فتحت عيني ببطء ليزعجني ذلك الضوء الذي اخترق عيني ، أغمضت عيناي مجدداً لثواني ، وعدت لأفتحها ، لتتضح الرؤية عندي ، وأجد ثلاثة أزواج من الأعين تنظر إلي بترقب ..

حاولت الحراك لكنني اكتشفت أنني مربطة على الكرسي ، وقد عدت إلى غرفة المائدة الذي حاولت الفرار منه ..

رأيت ساي وهو يقترب مني ببطء وعلى شفتيه إبتسامة غامضة ، خفت كثيراً مما سيفعله بي ، لكنني بادلته بإبتسامة غبية رسمتها على وجهي ..


قال ساي : أنت فتاة قوية ومميزة حقاً ، لو لم آخذ حذري لوليت هاربة ..
قلت مستفسرة : هل هذا مديح أم ماذا ؟؟

فاجأني حين ضرب رأسي برأسه وقال : بالطبع لا ، فكيف لفتاة مثلك أن تضرب وجهي الجميل ؟؟
ثم قرب وجهه مني وأنفاسه تلفح وجهي : أطفال هذه الأيام وقحون جداً ..


لكم كنت أرغب في أن أبصق في وجهه ، لكن أبي دائماً ما يحذرني من التصرف بتهور ..
فبوضعي الحالي لن أستطيع الفرار منه إذا رغب في قتلي ، لذا يجب أن أحسن التصرف وإلا دفعت حياتي ثمناً لتهوري ..

ابتعد عني أخيراً وهو يقول مخاطباً المعلمة راي : راي قومي بحشو الطعام في فمها حتى تمتلئ معدتها ..
نظرت إليه المعلمة راي قائلة بإستنكار : ماذا !! ولماذا أنا ؟؟
أتاها صوت ساي الحازم : راي إفعلي ما قلته من دون جدال ..


توجهت ناحيتي ويبدو عدم الرضى على وجهها ، وأخذت تطعمني اللقمة تلو الأخرى ، دون أن تترك لي فرصة للمضغ ..


أبعدت وجهي عن الملعقة الممدودة نحوي قائلة بفم مليء بالطعام : دعيني أبلع مافي فمي أولاً ..
حينها صرخت المعلمة راي غاضبة : وهل تظنينني خادمة لديك حتى انتظرك ، كلي بسرعة ..

قلت وأنا أبلع ما في فمي : فكي وثاقي ولن تكوني مضطرة لإطعامي، وسأخدم نفسي بنفسي ..


أفزعني ساي الذي صرخ بغضب : إبلعي لسانك أيتها الفتاة الخبيثة ، وإياك والتفوه بكلمة واحدة وإلا قطعت لسانك ..

قررت حينها إلتزام الصمت ، فهو يبدو غاضباً كثيراً ، وقد ينفذ تهديده ..
بعدها بدأت آكل وآكل دون توقف ، وبطني أوشك على الإنفجار ، لكني كنت أغصب نفسي على الأكل ..
لكن حين شعرت أنه لا مكان في معدتي للقمة أخرى قلت بهدوء : يكفي أرجوكم ، لقد امتلأ بطني ، وأشعر بالغثيان بسبب كثرة الطعام ..

ارتسمت إبتسامة خبيثة على وجهه ، جعلني أخاف منه ومن ما سيفعله الآن ، يبدو أنه يفكر في شيء ما حالياً ..

توجه نحو الباب وتحدث مع الخادم قليلاً ، وسمعته حين طلب من الخادم دلو متوسط الحجم ، وثلاث أقنعة وعبائات ..
استغربت من طلبه ، وكلي فضول لما سيفعله ..


بعد لحظات أحضر الخادم الطلبات ، إلتفت ساي إلى كل من المعلمة راي و السيد الخائن كازوما ولاحظت أن كلاهما ينظران إليه بترقب ، إذاً فلا أحد يعرف مايدور في رأسه الآن ..

قال وهو يأمر الخادم بإعطاء كل من الأقنعة والعباءة للمعلمة راي والسيد كازوما قائلاً : هيا ارتدوا هذا ولا تُظهروا أي شيء يدل على هويتكم ..

اردتى الجميع الأقنعة والعباءات التي غطوا بها رأسهم وجسدهم ، ولم يظهر منهم سوى أطراف يدهم وقدمهم ..


وقف ساي آمامي مباشرة وهو يقول بعد أن ارتدى العباءة والقناع بمساعدة الخادم : لقد قلت أنك شبعت حتى أنك تشعرين بأنك ستتقيئين أليس كذلك ..
أجبت بحذر : نعم ، لكن لماذا تسأل ؟؟

إبتسم في وجهي دون أن يجيبني ، وقال بنبرة آمرة للسيد كازوما : كازوما قم بفك الحبل الذي يربطها بالكرسي ، لكن أبقي يدها مقيداً للخلف ودعها تقف ، لكن كن حذراً فهي كمت تعلم تتقن فنون الدفاع عن النفس ..

فعل السيد كازوما ما طلبه منه ساي ، وأبقاني واقفة وكلتا يداي مقيدتان في الخلف ..


بعدها نظر ساي إلى المعلمة راي قائلاً : وأنت يا راي أمسكي بهذا الدلو قريباً منها ، ومهما حدث لا تُسقطيه أرضاً وإلا أسقطت رأسك عن جسدك ..
اقتربت المعلمة راي وهي تقول بتذمر : حسناً سأفعل لكن لم يكن هناك داعي لتهديدي ..


وقف بالقرب من المعلمة راي بعد أن سلم الدلو لها ، وقال بهدوء : راي قربي الدلو من فمها ، وأنت يا كازوما أمسكها جيداً ..


أدركت ما سيفعله بي ، ولكني ادركت ذلك متأخرة ، فقد سدد لكمة قوية في بطني بقدمه جعلني أُخرج كل ما أكلته ..

بعدما توقفت عن التقيؤ رفعت رأسي بقهر نحو ساي الذي صدحت ضحكاته عالياً ..
سمعت المعلمة راي تقول بغضب ، وقد وضعت الدلو أرضاً : ساي أيها اللعين لن أسامحك على هذا أبداً ، كيف تجرؤ على جعلي قريبة من القيء ؟؟

قلت محاولة كتم غضبي : أريد منديلاً لأمسح فمي ..
قال لي ساي : حسناً سنعطيك لكن أولاً يجب عليك بلع ما أخرجتيه ..
رمشت قليلاً غير مستوعبة لما يقوله ، قلت بإستغراب : ماذا تقصد ؟؟

أجابني بهدوء : كلامي واضح جداً ، يجب عليك شرب هذا القيء ..
قلت بسرعة : أفضل الموت على أن أفعل هذا ..
كنت أعلم أنك ستفضلين الموت على هذا ، لكن وبما أنك تهتمين بالآخرين قبل نفسك فلا أظن أنك ستوافقين على تعذيب السجينة التي معك أليس كذلك ؟؟


عضضت شفتي السفلي بقهر ، إنه يستغل طبيعتي التي تجبرني على التضحية بنفسي لإنقاذ الآخرين ..
لكنني لن أستطيع شرب هذا قطعاً ، حتى لو كان قيئي ، لا أعلم أي عقل قذر يمتلكه ..
حتى أشر الناس على وجه الأرض لن يخطر في باله مثل هذا النوع من القذارة ..


أنظرت إلى الأسفل حيث الدلو الممتلئ بقذارتي ، وشعرت بالإشمئزاز بمجرد التفكير في أنني سأشرب هذا الشيء ..

لم أستطع أن أفعلها مهما كان السبب ، لذا ركلت الدلو بقدمي ليُسكب أرضاً ..
ليصرخ ساي بغضب : ماذا فعلتي أيتها المعتوهة ؟؟
قلت بغضب : من المستحيل أن أشربه ، فحتى الحيوانات لن تقرب منه فكيف بإنسانة ؟؟
أجابني بغيظ : وهل تظنين أنك مخيرة ؟؟ إسمعيني بما أنك سكبته فيجب عليك لعقه كالكلاب ..

أشحت بوجهي بعيداً دلالة أنني لن أصغي لكلامه ، بعدها رأيته يبتعد عني ثانية متوجهاً نحو الخادم ، همس في أذنه ببضع كلمات ليغادر الخادم ..

بعد دقائق سمعت صوت صراخ قادم من الباب ، ركزت في الصوت لأدرك أنها صوت الأنسة يومي ..
دخلت الآنسة يومي خلفها ذلك الحارس الأصلع ، ما إن رأتني يومي حتى هرعت نحوي مسرعة ، لكن الحارس الأصلع أمسكها من شعرها قائلاً : إبقي قريبة مني إن أردت الحفاظ على سلامتك ..


نظرت إلى وجه الآنسة يومي المتورم من كثرة البكاء ، بينما سمعت ساي يقول : إذا هل ستغيرين رأيك أم تدعين هذه السيدة تتحمل عنادك ؟؟

صمت دون أن أجيب عليه ، ليكمل ساي كلامه :فكري ملياً ، نحن لن نعاقبك جسدياً ، لكن لو رفضتي تنظيف المكان بلسانك فالآنسة يومي ستتأذى جسدياً ، ولا أظن أنها ستتحمل التعذيب ..


أغمضا عيناي بقهر وأنا أهمس بضعف : حسناً سأفعل ما تأمره ، لكن دعوا الآنسة يومي وشأنها ..
ضحك ساي ضحكة قذرة وهو يقول : فتاة جيدة هيا إبدئي اللعق أيتها الكلبة المسعورة ..


جثوت على ركبتي بكل ذل ، وأنا أسمع المعلمة راي وهي تشمت بي وتسخر مني ، ونداء الآنسة يومي ، وضحكات ساي ، لم أظن أنني سأمر في موقف كهذا ..

رفعت رأسي فجأة وأنا أقول : أريد أن أعرف لماذا تفعلون هذا بي ؟؟
أجابني ساي وهو يتنهد : ها أنت تماطلين ثانية ..
صرخت بغضب : لست أماطل لكنني أريد أن أعرف الجواب بصورة واضحة ، لماذا يجب أن أتحمل كل هذا ؟؟ من هو الشخص الذي تنتقمون منه من خلالي ؟؟

لم يجبني على تساؤلاتي وإنما قال ببرود : لست مضطراً للإجابة عليك ، نفذي ما أمرتك به فقط دون مماطلة ، إلا إذا أردتي أن أعذب يومي عوضاً عنك ..


أشعر بنار تشتعل في جوفي من شدة الغضب ، صحيح أنني أتظاهر بالضعف دائماً وأسمح للآخرين بإذلالي ، لكن هذا يحصل عن رضى مني، لكن الآن كل شيء مختلف ، فكل شيء يحصل رغماً عن أنفي ..

لو كنت وحدي لاستطعت الفرار ، لكن المشكلة أن الآنسة يومي معي ، وهي تُعتبر نقطة ضعفي ..




=============================================

=============================================


في اليوم التالي

~ سوبارو ~

ركبت تلك السيارة السوداء الفاخرة على الرغم من أنني رفضت صعوده ، إلا أن السيد روكاوا أصر على إيصالي ..


قلت بغيظ : لم يكن هناك داعي لإيصالي ، فأنا أستطيع المشي ..
إبتسم السيد روكاوا لي قائلاً : يجب أن تسعد بذلك ، فأنت قد عدت إلى حياتك الهانئة ..
تمتمت بهدوء : لولا الحاجة لما عدت إليكم ..

ضربني السيد روكاوا على ظهري وهو يقول : أنت فعلاً غريب ، الكثيرون حول العالم يتمنون العيش مثلك ..

تأففت بصوت عالي دون أن أقول شيئاً ، ما فائدة هذه الحياة إذا كان الشخص الذي أريد منه أن يلتفت إلي لا يبالي ؟؟

ساد الصمت على المكان ، ليكسره السيد روكاوا : هل ستعود إلى عملك الآخر ؟؟
أجبت ببرود : ربما نعم وربما لا ، كل شيء وارد ..


صمت السيد روكاوا بعد أن شعر بعدم رغبتي في الثرثرة ، فبالي مشغول كثيراً بما سيرسله الخاطف لهذا اليوم ..
فنحن لم ننفذ ما طلبه الخاطف منا ، لذا أنا قلق على جوليا كثيراً ..

لاحظت أننا قد اقتربنا من المدرسة ، لذا قلت للسائق : أوقف السيارة هنا ..
نظر السيد روكاوا إلي بإستغراب قائلاً : لكننا لم نصل إلى المدرسة بعد ..
- صحيح فأنا لا أريد أن يراني أحد أخرج من هذه السيارة الفاخرة ..

نزلت من السيارة وركضت مسرعاً نحولمدرسة،. نظرت إلى ساعتي ، لقد قاربوا على الإنصراف ..

وصلت إلى المدرسة وأنا ألهث ، منتظراً خروج روز ، ولابد أن ياماتو في طريقه إلينا ..
بعد دقائق قليلة ، رأيت روز تخرج من المدرسة وهي تتلفت يميناً وشمالاً ..
توجهت إليها وأنا أبقول بلهفة : ماذا وجدتي اليوم يا روز ؟؟
قالت روز بشفتان ترتعشان : لقد أرسل قرصاً مدمجاً كما في المرة السابقة ، هل من الممكن أن الخاطف قد عذبها مجدداً ؟؟
- لن نعلم الجواب حتى نشاهد مافيه ..

بقينا ننتظر قدوم ياماتو الذي أتى بعد عشر دقائق ، لكن الغريب أنه أتى بسيارة أجره على غير العادة ..

سألت روز بفضول : لماذا لم تأتي بسيارتك الفاخرة ؟؟
إبتسم ياماتو قائلاً : أممم السيارة معطلة لذا أتيت بسيارة الأجرة ..


شككت في صحة كلامه ، لكن هذا ليس بالموضوع المهم ، فمحتوى القرص أهم الآن ..
إلتفت إلى روز وأنا أقول : روز لنذهب إلى منزلك ونتابع القرص على الحاسوب ..
تغيرت ملامح وجهها وهي تقول بتردد : أمم حاسوبي معطل ..

أدركت أنها لا تمتلك حاسوباً ، ولكنها تكره الإعتراف بهذا ..
نقلت ببصري نحو ياماتو الذي فهمني وقال : حتى أنا حاسوبي معطل ..

أيقنت هنا أن هناك ياماتو يخفي سراً ما ، لكن المشكلة أنه لم يتبقى غيري ، وروز وياماتو ينظران إلي بترقب ..
أنا لم أرد أن أدلهم على مكان منزلي ،لكن لاخيار آخر ..

زفرت بضيق قائلاً : حسناً تعاليا معي ..

سرت أمامهما وهما يلحقان بي ، حتى وصلنا إلى شارع فقير بمنازل مهترئة ..

وقفت أمام بوابة حديدية صدئة ، وفتحت الباب ليصدر صريراً مزعجاً ، وقلت ببرود : تفضلا ..

لم يغب عن ناظري نظرات الإشمئزاز والإستغراب الذي ظهرت على وجه روز ، ونظرات الشفقة التي كان ينظر بها ياماتو لي ..


منزلي كان عبارة عن غرفة واحدة فقط وحمام صغير ومطبخ ضيق ، يتوسط الغرفة طاولة خشبية مربعة الشكل ..
قلت لهما : تفضلا لماذا أنتما واقفان ؟؟

جلس الإثنان ، بينما توجهت نحو دولاب خشبي موجود في زاوية الغرفة ، والذي كنت أضع فيه ملابسي وبعض أغراضي ..
أخرجت حقيبة الحاسوب ، وجلست بين روز وياماتو ، وفتحت الحاسوب ووضعتها فوق الطاولة ..

مددت يدي نحو روز قائلاً : أعطيني القرص ..
أعطتني القرص وأثناء إنتظارنا سألني ياماتو : أين والديك يا سوبارو ؟؟
أجبت عليه : لقد توفيا ، وأنا أعيش هنا لوحدي ..

قطب ياماتو جبينه بإستغراب وهو يقول : لوحدك !! ألم تقل أن لديك أخاً يكبرك بعام ، أين هو ؟؟
نسيت أنني أخبرته بإمتلاكي لأخ ، لذا قلت : لقد توفي مع والداي أيضاً ..

نظرت إلي روز بحزن وهي تقول : هذا محزن للغاية ، لقد رحل الجميع تاركينك وحيداً ..
انظروا من يتكلم ، الفتاة التي تُعامل بقسوة من قبل والدتها وأخاها تقول ذلك ، هذا مضحك حقاً ..


نظرت إلى الحاسوب الذي فُتح أخيراً ، لكنني نقلت ببصري نحو روز قائلاً : روز مارأيك أن تعدي لنا بعض الشاي ..
صرخت روز غاضبة : وهل هذا هو الوقت المناسب لشرب الشاي ؟؟ إفتح الفيديو بسرعة ..

قلت متجاهلاً طلبها : إذا ما رأيك أن تعدي لنا بعض الطعام ؟؟
جذبني ياماتو بالقرب منه وهمس في أذني : سوبارو إلى ماذا تسعى بالضبط ؟؟
لأجيب عليه بذات النبرة الهامسة : روز فتاة وأنا أخشى عليها من أن تشاهد شيئاً لن تتحمله ، خصوصاً وأننا نعلم أن جوليا صديقتها وهي التي ستتعرض للتعذيب بلا شك ، يجب أن لا ندعها تشاهد ..
تمتم ياماتو : أنت محق ..

بعدها إلتفت كلينا إلى روز التي تنظر إلينا بغضب ، وصرخت قائلة حين أفرغنا من حديثنا : لماذا تتهامسان كما لو أنكما تخفيان عني شيئاً ؟؟
قال ياماتو : في الواقع نحن لا نريدك أن تشاهدي القرص معنا ..
- ولماذا ؟؟ >> قالتها روز بإستنكار ممزوج بالغضب ..


أجاب ياماتو وهو يشتت بأنظاره هنا وهناك : لأنك فتاة ، ولا أظن أنك ستتحملين مشاهدة ........
قاطعته روز بغضب وقد احتقن وجهها : جوليا صديقتي ومن واجبي أن أرى ما يحصل لها ، ولن تمنعني مهما قلت أو فعلت ..

لا جدوى من منعها فروز عنيدة ، لذا لم يكن هناك خيار سوى أن نبقيها معنا ..
قلت بهدوء : إلتزموا الهدوء حالاً ..

صمت الإثنان حين ضغطت على الفيديو الموجود داخل القرص ، ليظهر أمامنا ثلاثة أشخاص يغطون وجوههم بأقنعة وملابسهم بعباءة سوداء ..
وجوليا مربطة من الخلف وبجانبها أحد ما ممسك بها ، أمامها شخص آخر ممسك بدلو مقرب منها ، والثلاث يبدو مصاباً فكلتا ذراعيه معلقتان على رقبته بقطعة قماش بيضاء ..

اقترب الرجل المصاب من جوليا وأنا أنظر بترقب ، لأرى ما يمكن أن يصنعوه بها ، ركلها الرجل على بطنها لتصرخ روز فزعة ، حينها تقيأت جوليا كثيراً ، ويبدو أن معدتها كان ممتلأً بسبب كثرة ما أخرجته..

بعدها بدى وكأنهما يتجاذبان أطراف الحديث ، لكن المشكلة أن الفيديو لم يكن يحتوي على صوت ، لذا لا يمكننا سماع شيء ..


كنت أتأمل ملامح وجهها ، لأولة مرة أراها تُظهر تعبيراً غاضباً ، فأنا دائما ما أراها مبتسمة وأحيانا مرتبكة ، لكني لم أرى وجهها الغاضب أبداً ..

فجأة انقلبت ملامحها كثيراً وأظهرت تعبيراً يعبر عن مدى إشمئزازها ، وأنا كلي فضول لعرفة ما يمكن أن يدور بينهما ..
سمعت روز التي صرخت غاضبة : أريد أعرف عن ماذا يتحدثون لماذا لا ترفع الصوت ؟؟
أجبت بهدوء : الفيديو بلا صوت لذا ليس بيدي حيلة ، لنتابع علنا نفهم ..


بعد دقائق ركلت جوليا الدلو ليُسكب ما فيها ، وعلى وجهها علامات تحدي ، شعرت بأنني فهمت الأمر قليلاً ، لكنني انتظرت لأقطع الشك باليقين ..

بعدها دخل شخص يلف وجهه بالضمادات ومعه امرأة رأيتها قبلاً ، لكنني لا أتذكر أين ..
لكن روز قفزت قائلة : أنظرو إنها الممرضة يومي ..
قال ياماتو : إذا فهم خلف إختطافها أيضاً ..

كانت الممرضة يومي تبكي بشدة ، ولا أعلم لماذا ، لكنها بدت مختلفة تماماً عن جوليا القوية والمتماسكة ، والفارق بين شخصيتهما كبير جداً ..

فجأة جثت جوليا على ركبتيها وقربت وجهها من القيء ، لتشهق روز عالياً وتقول : مالذي تنوي جوليا فعله ؟؟
صرخت بغضب : تابعي بصمت أيتها المزعجة ..

لكنها رفعت رأسها قبل أن تفعل شيئاً لذا تنهدت بإرتياح ، لكن بعد دقائق أنزلت رأسها مجدداً ، ولمحتها تُخرج طرف لسانها للخارج وتقوم بلعق الأرضية ..


لم أصدق ما أراه ، جوليا تقوم بلعق القيء ؟؟ أي قذارة هذه ؟؟
إنتبهت إلى روز التي أمسكت بالشاشة وهي تقول وقد بدأت بالبكاء : جوليا أيتها الغبية لا تلعقي شيئاً قذراً كهذا ، إرفعي رأسك أيتها الحمقاء ، جوليا جوليا ..


كراهيتي نحو الخاطف تزداد أكثر فأكثر ، ما هذا التصرف الحقير الذي يعاملون بها جوليا ؟؟
أن الرحمة والإنسانية ؟؟ أي جنون هذا ، أي مجنون هذا الذي قد يطلب من فتاة أن تقوم بشيء كهذا ؟؟

ضربت بقبضتي الطاولة وأنا أتمتم بغضب : لن أسامحهم لن أسامحهم أبداً ..

سمعت ياماتو يقول بصوت مرتعش : ما حدث كان بسببي ، أنا الأحمق الذي جبنت ولم أنفذ الخطة ، أنا أسف يا جوليا ..
حينها إنقضت عليه روز وأخذت تضرب صدره بقبضتها الضعيفة وهي تقول والدموع قد بلل وجهها : بماذا سيفيدنا الأسف ؟؟ إضطرت جوليا للقيام بشيء قذر كهذا بسببك ، لن أسامحك يا ياماتو ، تباً لك تباً لك ..

كلاهما كانا منهارين ، وياماتو قد بدأ بالبكاء وهو يُحمل نفسه الذنب ، وروز تزيد عليه بكلماتها الجارحة ..

أمسكت روز وأبعدتها وأنا أقول بحزم : روز لست في موقف يسمح لك بإلقاء اللوم على ياماتو ، فأنت كان أمامك عدة فرص للقيام بذلك ، لكنك ترددت كما حصل لياماتو ، لكني لا أعني بكلامي هذا أن ألومك ، فالملام الوحيد هو الخاطف الذي لا يعرف معنى للرحمة ..

^^ نهاية الجزء ^^
رد مع اقتباس