عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-18-2016, 06:13 PM
 
ختم برونزي | تحت براثن النمر


احسنت النقل
Zizi

الوحوش عدوة الإنسان ومن الناس من استطاع أن يجعلها ذليلة منقادة مطيعة وهم المروضون . فهذا مروض اعتاد أن يلاعب جراء النمور مثل الكلاب ، يداعبها ويمرغها ضاحكا مقهقها ، وهو لا يدري أن ضحكاته العالية ستنقذه يوما من الموت وهو :
تحت براثن النمر
كان الملعب غاصا بالنظارة ، وكان الجو ثقيلا إذ الحيوانات متوترة الأعصاب تأبى الخضوع لأوامر المروض ، وتمتنع عن القيام بدورها في اللعب . و لكن بعد جهد استطاع المروض أن يحمل النمور على القيام بأدوارها المعتادة ، ومغادرة القفص الحديدي إلا واحدا، ذلك الذي كان يحبه أكثر من سواه ، فقد أبدى عنادا ، وأبى أن يبرح مكانه . فما كان من المروض إلا أن جلده بسوطه جلدة عنيفة ، وتقدم إليه رابط الجأش ، ولكنه في هذه اللحظة زلقت رجلاه ، وسقط على الأرض . وفي لمحة البصر انقض عليه الوحش . وفجأة انبعثت أصوات الرعب من حناجر النظارة ، فغطت كل شيء في الملعب... لحظات مهولة شاهد المتفرجون بعدها أمرا عجبا ، شاهدوا المروض ينفلت من براثن الوحش ، ويستوي واقفا ، و الحيوان الضاري وقد سكن غضبه ينصاع لأمر المروض ويلحق بالنمور الأخرى . قال المروض : ( لا أعلم ما دهاني . واني لم أفكر في خطورة الموقف ولا في الموت حين رأيت النمر يهجم علي ، فانطلقت أقهقه قهقهات متوالية ، دون وعي ) . أما النمر فقد تذكر ... لقد وجد نفسه أمام الضحكات العالية التي كان يرسلها سيده وهو يلاعبه ويدحرجه على الأرض حين كان جروا لم يتجاوز من العمر أربعة أشهر . تذكر النمر كل ذلك ، فتراجعت مخالبه وأنيابه عن الفتك بالرجل الذي رعاه صغيرا . و العجيب في الأمر أن المروض أعاد في الغد نفس الدور رغم الخطر الذي كان يتعرض إليه . فكان يجلد النمر ويتهاوى على الأرض ، وحين ينقض عليه الوحش يرسل قهقهاته المعتادة ، فلا يجد الحيوان بدا من تركه ومن مغادرة القفص واللحاق ببقية النمور . وهكذا أضحى هذا المروض ونمره ذائعي الصيت في مشارق الأرض ومغاربها .

مترجم
عن ف. ميري
(نفسيات حيوانات)
رد مع اقتباس