عرض مشاركة واحدة
  #233  
قديم 08-08-2016, 02:47 PM
 



الفصـل الثامن و الثلاثـون
*منافستي المدللة*





"ها ها ستجني على نفسك إن حاولت إزعاج صغيرتي !"

التفت آلويس نحو خاله و عيناه تلتمعان إثارة "حقا ؟!"

اقترب من العربة التي تجلس فيها لونا باسترخاء .. كانت ترمقه بنظرة متمعنة حادة .. مد يده و أمسك أنفها الصغير ثم بحركة سريعة أبعدها "لقد أخذت أنفك !"

كور يده و كأنه يقبض على شيء ما داخلها .. فصاحت الطفلة مذعورة : "أنبي !"
ضحك آلويس بأخبث ضحكة عنده "سأرميه في سلة القمامة !" و اتجه نحو السلة في زاوية الصالة و هو يراقب تعابير وجهها الخائفة باستمتاع بالغ.

صرخت باكية "لا .. أنبي !"

انحنى وليام أمامها ثم لمس أنفها بطرف سبابته و قال بابتسامة مطمئنة : "انظري ! أنفك لا زال في مكانه ، لوني !"

توقفت عن البكاء فجأة و رفعت كلتا يديها الصغيرتين لتتحسس مكان أنفها .. هتفت بسرور : "هنا ! أنبي .. هنا !"

كاد آلويس حينها أن يسقط مغشيا عليه من الضحك.
كان أفراد العائلتين كذلك يراقبون ما يحصل و هم يضحكون إلا إدمون .. ثبت عينيه على آلويس رافعا حاجبه الأيسر في استنكار "يا لك من شرير أيها الصعلوك الصغير !"

قهقه آلويس بتهكم "و يالسذاجة ابنتك يا خال !"

"ليس كل الأطفال شياطين مثلك كما تعلم !"

تشكلت على وجهه تكشيرة غرور و تعال .. و التفت نحو الصغيرة التي أخرجها شقيقها من العربة و حملها بين ذراعيه .. هي بدورها نظرت إليه لكن بعدائية واضحة "سولوك !" هتفت بحنق مرددة - مع بعض التحريف - كلمة "صعلوك" التي وصفه بها والدها قبل لحظات.

هذه المرة كان إدمون من ضحك "أحسنت صغيرتي !"

لم تضحك إيفا كما فعلت حينما بدأت لونا تبكي على أنفها بل قالت ببعض التأنيب "كف عن تعليمها الشتائم ، إن قاموسها مليء بما يكفي !"

"يجب أن تتعلم كيف ترد على من يحاول إهانتها !" رمقها بنظرة استياء من طرف عينه "تستائين حين تشتم ابنتك الصغيرة طفلا من ذات جيلها ، لكنك لا تعترضين حين يقلل آلويس من تهذيبه أمامي بل تضحكين باستمتاع !"

لم تتكلم إيفا و إنما أدارت وجهها جانبا لتخفي ضحكتها ، هي تحب إدمون دون شك ، لكنه دوما ما يتباهى أمامها بذكائه و عبقريته ، لذلك تستمتع حين يكسر أحد ما غروره العظيم الذي لا يفارقه ، لاسيما إن كان من يقوم بذلك فرد من العائلة.

"تفضلوا إلى غرفة الضيوف !"

قال السيد إيفرهارت بابتسامة لطيفة و تقدمهم إلى الغرفة .. بينما ذهبت السيدة إلى المطبخ لتحضر بعض الكعك و المشروبات.

و فيما الايون يتبعون مضيفهم .. ضربت لونا على كتف وليام وهتفت بإلحاح "أنزل ! أنزل !"

استجاب شقيقها سريعا لمطلبها و أنزلها إلى الأرض .. مد لها يده ليمسكها و يلحقا بباقي الأسرة غير أنها تجاهلته و سارت مبتعدة عنه "ما بها ؟!"

ناداها والدها وهو ينحني و يفتح ذراعيه لها "تعالي يا صغيرتي !"

لكنها - و لأول مرة في حياتها - لم تلتفت إليه و واصلت طريقها بهمة ! استقام إدمون و تبعها بنظراته المندهشة و هي تتجه نحو آلويس ثم تتوقف أمامه.
رفعت عينيها و نظرت إليه بهدوء بينما يراقبها هو بابتسامة سخرية "هل جئت لتعتذري ؟!"

أطرقت الصغيرة رأسها و تمسكت يداها ببعضهما بصورة بدت للمشاهدين تعبيرا عن الندم و طلبا للعفو.

خلل آلويس أصابعه في شعره بتبجح و اكتسبت ابتسامته ترفعا و غرورا حين قال : "حسنا انحني و قولي سامحني يا مولاي ! حينها قد أفكر في العفو عنك !"

عادت لونا لتتطلع إليه بعينيها الجميلتين ثم بلمح البصر .. ركلت ساقه بقدمها الصغيرة "أحمك ، سولوك ، سولوك ، أحمك !"

ثم انطلقت راكضة بأسرع ما يمكن جسمها الضئيل و احتمت خلف أبيها.

ظل الجميع مصدومين لبعض الوقت ثم انفجرت الضحكات مدوية في أرجاء المنزل.
كان وجه إدمون مزرقا يكاد يختنق من شدة الضحك ، رفع ابنته ثم احتضنها بقوة "هذا ما كنت اتوقعه من أميرتي !" والتفت نحو آلويس بنظرة شامتة.

كانت ابتسامة آلويس المغرورة قد تحجرت من الصدمة و هذا يحدث لأول مرة ! لكن لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى ضحك هو الآخر و قال : "أول مرة في حياتي ... أرى بطريقا يركض !" معلقا بسخرية على مشية لونا.

أشارت لونا نحوه و هتفت : "اسمت ! اسمت ! اسمت !"

تنهد آلويس تنهيدة ضجرة ثم قال بتهكم : "يا لملل ! على الأقل نوعي في الشتائم !"

ألقت عليه نظرة ساخطة فابتسم و مد لها لسانه "احترقي بغيظك !"

نظرت كارولينا إلى جوزيف ضاحكة : "ما بال هذه العائلة العجيبة ؟!"

بادلها زوجها الضحك "منذ ولد إدمون و هذه الأسرة لم تعد طبيعية !"


*****

في غرفة الضيوف توزع الحاضرون على شكل مجموعات من ثلاثة ، يتناقش جوزيف و إدمون مع السيد إيفرهارت بخصوص دراسة آلويس .. حيث قدمت مدرسة للعباقرة و الموهوبين دعوة خاصة لآلويس للدراسة فيها مجانا ، كان الايون على وشك الموافقة على نقله لتلك المدرسة قبل أن يضيف السيد إيفرهارت : "لكنها في ستراسبورغ !"
عندها انقلب تأييدهم لرفض قاطع لا يقبل النقاش ، فما الفائدة من إتمانه عند أسرة هولندية إن كان سيعود إلى فرنسا المكان الأخطر بالنسبة له ؟!

أما كارولينا و إيفا فلم يكن حديثهما مع السيدة إيفرهارت أكثر من ثرثرة لتمضية الوقت.
سارة كعادتها انتأت بنفسها بعيدا عنهم و وقفت تشاهد المدينة بصمت من خلال النافذة المفتوحة .. في الوقت الذي يجري وليام خلف شقيقته المشاكسة ليطعمها كعكتها ، كانت كعكة الفراولة تلك هي المفضلة عندها لكنها لم تأكل منها إلا القليل و ذلك كي تتسلى بجعل أخيها يتعذب في ملاحقتها .. إنها طفلة شريرة أحيانا ً!

زفر آلويس متململا ثم قفز من كرسيه و سار حتى وقف بجانب إدمون "أنا ضجر ، لنلعب الشطرنج !"

اضطر أن يقطع حديثه مع السيد إيفرهارت ليرد على ابن أخته "ليس الآن ، فأنا أتحدث مع السيد إيفرهارت !" و استأنف كلامه مع الرجل الآخر.

أمعن الصغير النظر فيه ببرود ثم تقوس فمه مشكلا تكشيرة خبيثة "هل تخشى أن تخسر كما حصل في آخر مرة ؟!"

قطع حديث للمرة الثانية و أدار وجهه إليه بتقطيبة خفيفة و شفتين مكورتين "متى ستتعلم الأدب أيها الشقي ؟!"

رد بذات الابتسامة الماكرة : "علمني حين تتعلمه أنت !"

زادت العقدة فوق عينيه حدة ، دنا منه قليلا "افتح فمك !"

تراجع آلويس و هو يضحك ، فاعتدل إدمون في جلوسه عابسا "أشك أنك تملك لسانا واحدا داخل فمك الكريه هذا !"

و بعد أن اعتذر من السيد إيفرهارت نهض واقفا "حسنا .. أيها الصعلوك الصغير لنلعب الشطرنج !"

بسرعة جلب آلويس رقعة الشطرنج و وضعها على طاولة مربعة ثم جلس هو وخاله في مواجهة بعضهما.
معتبرا من خسارته السابقة وضع إدمون جل تركيزه على اللعبة ، كان جادا تماما وكأنه يباري شخصا بالغا و ليس طفلا في السادسة ، و هذا ما يجعل آلويس مستمتعا باللعب مع خاله أكثر من أي خصم آخر ، فهو لا يكره بقدر أن يعامله الناس كطفل لا يفقه شيئاً.

كانت سارة وحدها من تتابع لعبهم أما الباقون فبدوا مشغولين بأحاديثهم الخاصة .. حتى هتف إدمون فالتفت الوجوه إليه "لقد فزت ! انتهت اللعبة أيها الصغير !"

هتف آلويس بذات النبرة العالية "لم أخسر !"

قطب إدمون حاجبيه و قال مصرا : "بل خسرت كف عن التكابر !"

"لم أخسر !"

"خسرت !"

"لا"

"بلى"

"لا"

"بلى"

صاحت سارة وقد ضاقت ذرعا بهما "كفا عن ذلك كم أنتما مزعجان !"

وقفت السيدة إيفرهارت "سأذهب لأحضر كتيب القواعد !" و غادرت الغرفة سريعا .. ثم عادت بعد فترة قصيرة وفي يدها الكتيب.

نظرت إلى الرقعة و موضع القطع عليها .. كان ملك آلويس الأسود محاصرا من قبل القطع البيضاء الخاصة بإدمون بطريقة لا تسمح له بالتحرك في اي اتجاه .. قلبت السيدة صفحات الكتيب بحثا عن حكم هذه الحالة .. ثم رفعت عينيها عنه و وزعت نظراتها بين المتنافسين و هي تبتسم ابتسامة أشبه بالضحكة : "إنه تعادل !"

ارتفع حاجب آلويس بطريقة هازئة و ابتسم "أرأيت قلت لك أني لم أخسر !"

ركز إدمون نظراته غير الراضية على وجهه "كنت محظوظا ، فقد سحقت كامل جيشك تقريبا !"

"ليس مهما بما أن الملك في أمان !"

"الملك لا يحصل على هذه الأهمية المبالغ فيها إلا في هذه اللعبة الوهمية ، أياد الجنود هي من ترفع عرشه و حين تسقط ينهار ملكه و لا يغدو لوجوده قيمة ، يد الجندي المقاتلة أثمن من تاج الملك المرصع بالجواهر ، تذكر ذلك جيدا أيها الصغير !"

"المهم أنك لم تفز في النهاية !" قال آلويس بسخرية استفزازية متجاهلا حكمة خاله.

حدجه منافسه بنظرة شديدة البرود "أدفع نصف ثروتي لأعرف من أين لك لسان العفريت هذا !"

تنحنح جوزيف آيون بصوت مرتفع ليلتفت الجميع نحوه .. كان ينظر إلى ابنه نظرة ماكرة تبطن نوعا من التهديد و كأنه يسأل (هل أتكلم ؟!)
زم إدمون شفتيه الحمراوين و بسرعة أدار وجهه للجهة الأخرى .. كان يعرف تماماً ما بجول في خاطر أبيه.

ضحكت كارولينا و قد فطنت بدورها لما يلمح إليه زوجها .. تحدث أخيرا موجها كلامه لإدمون : "هل تذكر يوم جاء زوج عمتك ماري لزيارتنا في حفل عيد ميلادك العاشر ؟! لا أظنك كنت يومها أكثر تهذيبا من آلويس !"

تحدثت سارة بسخرية : "كما تدين تدان !"

أضافت إيفا "من شابه خاله فما ظلم !" ثم غرقت في نوبة من الضحك.

التفت إدمون إليهم بوجه جامد و عينين ملولتين .. كاد أن يتكلم لولا أن لونا وقفت أمام الحضور بوجه غاضب و صاحت مشيرة لكل واحد منهم على حده : "اسمت ، اسمت ، اسمت ، اسمت ، اسمت ، اسمت !" باستثناء وليام الذي توقف عن الضحك قبل أن يصله الدور.

عندها تبسم إدمون ابتسامة رضا واسعة "هذه هي ابنتي الرائعة !"

قهقه جوزيف و قال : "الابنة سر أبيها فعلا ! نسخة طبق الأصل من أخلاقك الحسنة !"

لوح إدمون بيده و قال منهيا الموضوع : "أجل أجل ، لنكمل اللعب يا صاحب السمو !"

أعاد الاثنان ترتيب قطعهما فوق الرقعة استعدادا للبدء بالجولة الثانية .. اقتربت لونا من مكانهما ثم التقطت كتيب القواعد - الذي تركته السيدة إيفرهارت على حافة الطاولة حيث وضعت رقعة الشطرنج - التفت والدها إليها مبتسما بفخر و هو يراها تقلب الصفحات و تمعن النظر فيها باهتمام و كأنها تفهم جيدا ما كتب فيها ..

"ما الذي كتب هنا لوني ؟!" سأل إدمون برقة

رفعت إليه عينيها المماثلتين لعينيه ثم عاودت إخفاضهما نحو الكتيب لتتفحص ما كتب فيه .. مررت سبابتها الصغيرة فوق بعض الكلمات و الرسوم البيانية ثم نظرت إلى أبيها و هتفت بسعادة : "ستلنج !"

أخذها في حضنه و طبع قبلة على خدها "أحسنت حبيبتي ، ذكية كأبيك !"

كان آلويس ينظر إليهما نظرة استخفاف باردة قابلها إدمون بأن تبسم محاولا استفزازه و إثارة غيرته : "انظري إليه إنه يغار منك !" التفت إلى ابنته و أعطاها وصيته "اسمعي يا لوني أريدك أن تكبري و تسحقي هذا المتعجرف بذكائك ! اسحقيه سحقا ! جيد ؟!"

هزت لونا رأسها مطيعة و عادت لتواصل مطالعة الكتيب .. و عاد إدمون كذلك ليبدأ مع آلويس الجولة الثانية.
كان الاثنان يلعبان بجدية كاملة فلا أحد منهما يقبل الخسارة.

اشتعلت عينا إدمون إثارة و هو يحرك فيله ليطيح بحصان آلويس "ها قد طار حصا... "

توقف عند هذا الحرف و بقي فيله معلقا في الهواء أعلى الحصان الأسود .. إذ وصل أذنيه وقتها صوت مزعج ... صوت تمزيق !

أدار عنقه ببطء كالرجل الآلي .. كان يخشى أن يكون الأمر كما توقع ، لكنه لم يقدر أن يتفادى الحقيقة المرة ، لذلك أرغم نفسه أن يشاهد ابنته .. تمزق أوراق الكتيب ثم تكورها و تحشوها داخل فمها !

بقي متجمدا على وضعيته فمه مفتوح و ذراعه مرفوعة .. و لم يكد يرمش بعينه حتى دوت الضحكات الصاخبة في أركان الغرفة.

نظرت لونا حولها باستغراب فيما تمضع الأوراق في فمها الذي امتلئ بها .. ما المثير للضحك يا ترى ؟! أمن الغريب أن يلتهم الشخص كتابا ؟!

كانت طاولة الشطرنج تهتز بسبب ضحك آلويس ، ضحك و ضحك و تأرجح كرسيه حتى انقلب به إلى الخلف .. ومع ذلك ظل يضحك ! لم يضحك في حياته كلها بهذا القدر !

حرك إدمون جسده المشلول أخيرا و قال محاولا ترقيع الموقف : "أ ها ها ها ما أخف دمك يا لوني !" استدار نحو الباقين الذين واصلوا الضحك بهستيرية و قال : " لقد قامت بذلك لترسم البسمة على وجوهكم فقط !" عاد ليلتفت إليها : "و الآن هيا أخرجي الأوراق من فمك يا صغيرتي ! هيا افتح فمك ! قولي آه !"

امتنعت لونا و غطت فمها بيديها .. بدا أنها استساغت كثيرا طعم الورق ، ظلت تتلذذ بطعمه حتى ابتلعته كله في النهاية.

تخدثت إيفا بصعوبة "ابنة .. أبيها !" بالكاد نطقت كلماتها بسبب الضحك ،
وليام كان يذرف دموعا ، و سارة تتشبث بالنافذة لئلا تسقط.

نظر إدمون إلى زوجته ببرود : "لا شك أنها ورثت ذلك منك أنت !" أدار عينيه نحو ابنته و أردف بتأنيب : "إنهم جميعا يسخرون منا يا لوني ، أنا مستاء مما فعلتي !"

خطت لونا مقتربة منه و رفعت عينيها المستعطفتين إليه .. لكنه أعرض بوجهه بعيدا.
طأطأت رأسها بحزن .. و فجأة واتتها فكرة جديدة فانطلقت بسرعة نحو الكتيب و مزقت ورقة أخرى منه.
كورتها ثم قدمتها لأبيها بابتسامة مشرقة "كل ! هادا سهي !"

عندها بلغ إدمون حده و لم يستطع الاحتمال أكثر .. دفن وجهه بين يديه و اهتز ضاحكا.
وقف آلويس و هو يترنح و قال ساخرا : "هيا اقبل دعوتها و كل بالصحة و الهناء !"

ود إدمون أن يرد عليه لكنه لم يقدر كان يوشك أن يختنق.

مسح آلويس دموعه و نوبة الضحك التي أصابته تخف تدريجيا "ابنتك هذه آفة يا خالي ! آفة بمعنى الكلمة ! أي بشر هذا الذي يلتهم الكتب بهذه الشراهة ؟! أشك أنني سأقدر على هزيمتها إن كانت تنظر إلي كوجبة عشائها !"

عبست لونا و اغرورقت عيناها ثم قفزت إلى أبيها وانفجرت باكية في حضنه .. أوقف إدمون الضحك - تقريبا - و ربت على رأسها مواسيا "لا بأس عليك يا صغيرتي ! لا تبكي ! لا تأبهي لما يقوله هذا المغرور !"

عاد آلويس ليضحك ساخرا "لا تبكي يا آكلة الورق ! سأعطيك كتابا لذيذا مع التوابل و الصلصة !"

رماه إدمون بنظرة تقريع - مع أنه يضحك بين الفينة و الأخرى - "لا تسخر من ابنتي الرائعة أيها الصعلوك ، أنت فقط تحترق من الغيرة لأنها أفضل منك !"

صفر آلويس متعجبا "أفضل مني ؟!"

رد والدها بثقة عظيمة : "أجل ، ابنتي هذه ملكة ! انتظر فقط و سترى !"

أرجع الصغير ظهره للوراء و انفجر ضاحكا "الشيء الوحيد الذي أود رؤيته هو الاخرق الذي سيجني على نفسه بالزواج من ملكتك الفريدة !"

"استمر ! استمر في السخرية قدر ما تشاء ، و ذلك الاخرق الذي تتحدث عنه لا يستبعد أن يكون أنت !"

"أنا ؟! لو لم تبقى في الدنيا كلها غير ابنتك لن أفكر حتى مجرد التفكير في الزواج منها !"

"أوه أجل أنت تقول ذلك الآن لأن ابنتي ما تزال طفلة ، لكنك ستغير رأيك تماما حين تكبر ، ستأتي إلي و تركع على ركبتيك أمامي لتطلب يد ابنتي آكلة الورق كما تدعوها ! تذكر ما قلته لك و سجل ذلك عندك يا وليام !"

"أفضل الموت على ذلك !"

"ستفضل الموت على أن تحب فتاة غير ابنتي ، سترى !"

قطب آلويس جبينه .. لم تعجبه هذه الثقة التي تتحلى بها كلمات خاله ، جعلته يبدو مهزوما و هو يكره ذلك جدا.
حول نظراته نحو لونا و التي كانت تنظر إليه من الفتحات بين أصابعها نظرة حاقدة .. إنه لا يكرهها .. لكن من المستحيل أن يحبها !










رد مع اقتباس