عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 07-19-2016, 12:05 AM
Sia
 
شهقت الهواء بصعوبة وحاولت التراجع .. لكن لم أقدر... ظللت متجمدة لا أقدر على شيء...
_ دانييـل , توقف عما تفعله ..!
تحرك خياله و أغمض عينيه ليفتحهما ويظهر لونهما الرمادي مجدداً ... عندها فقط تنفست مجدداً و شعرت بالدم الحار يسيري بداخلي أخيراً.... مالذي فعله بي ؟!... تبا...
_ .. هذه بها شيء خاطئ... لا .. ليست ما نرى !.
ظهر صوته غريباً خافتاً و بارداً .. وهو ينظر ورائي حيث رفيقه ...
تقدم ليونارد ليصبح بجانبي ثم انحني قليلا ليحدق بوجهي وعيناي .. ضاقت عيناه وكأنني لمحت شيئا ما أحمر يمر بزرقتهما !!
_ أنا... أيضاً لست واثقاً مما أراه .. سيكشف كل شيء قريباً ..
حرك الشاب المدعو دانييل يده في الهواء وقال ببرود وحده خافتة : لا يهم أن عرفت أو لا .. المهم ألا تؤذي وإلا سنقتلها !.
من الذي يتحدثان عنه ؟!... أهي أنا .. ولم هذا الأبلة المخبول يتحدث عني وكأني جماد لا حياة لي و جماد بصيغة الغائب أيضاً ... تبا لهذه الأهانات !! ... لكن مهلاً... هل قال نقتلها ××"؟؟؟
تحدث ليونارد بحده خافتة أيضاً : لن نقتل بشرية ليس بعد...
_ لقد عملنا معاً طويلاً , لكن الآن نتجادل ... مالسبب ؟!.
و عادت عيناه نحوي وقد ومضتان بلون غريب... خفت بشدة هززت رأسي استوعب كل شيء... ثم نطقت أخيراً :
_مالذي تريده ؟!... مالذي يحدث...
أجابني بكل برودة اعصاب : لستُ أنا الذي يريد .. في كل الأحوال الهدف غامض قليلاً...!
اتسعت عيناي , وقلت بسرعة : أخبراني بوضوح تام مالذي يجري...؟! ثم كيف لكما أن تقتحمان منزل قرب منتصف الليل ؟!
هز "دانييـل" كتفه بملل واضح لكنه قال بقسوة ولفحة برد اجتاحه المكان بسرعة : إن لم نكن هنا فسيكون هناك شيء آخر أقل لطفاً منا ! , لذا وفري على نفسك الهستيريا و الهلع !.
ابتلعت لعابي و قلت وأنا أشعر بالبرد : هلا عرفتم عن نفسيكما مجدداً , ومالذي تفعلانه ؟!.
ضاق جبين الذي يواجهني والذي أشعر بأنه يود لو يقطعني على هذه اللباقة التي هبطت فوقي رأسي فجأة ..
أجابني ليونارد ببطء وصبر : هذا دانييل وأنا تعرفين من أكون .. تتذكرين طبعاً ذلك الزائر الأسود الذي سبب لك كسوراً رهيبة آه صحيح لا تذكرينها لقد عالجناها .. لكن حاولنا افقادك الذكرة كي تعيشي بهدوء غير أنها.... ماكانت الكلمة ..؟! هممم
زجر دانييـل بقسوة ولفحة هواء صقيعية آخرى تمر : لم تنجح !!..
_ نعم لم تفقدي ذاكرتك سوى مؤقتاً .. وسبب هذا أموراً أخرى .. المهم الآن أننا نحاول منع ذلك الزائر من العودة ..
كان فمي مفتوحاً أحدق به ... تحرك عقلي بسرعة لكني لم ادرك شيئا... شعرت بجسدي يبرد جداً و الدماء تنسحب مني لذكر الزائر ذو العيون الحمراء !.
_ الفتاة .. مالذي جرى لها ؟!
سأل دانييـل بلا مبالاة وهو يضع يديه بجيبه ... لكزني ليونارد في كتفي , فلتفت إليه بحده , رفع حاجبيه وقال يحدث رفيقه :
_ أنها لا تزال حية ...!
رفعت يدي و دلكت كل وجهي بسرعة ثم حدقت بهما... قلت أسألهما بقلق ويدي منقبضتين فوق قلبي :
_ ما ذلك الشيء ؟!, ومالذي يريده منا ؟!.
لم يجبني أحد لثوان طويلة , فقط تحرك صاحب العيون الزئبقيه و همس ببرود يحدث رفيقه : أرسلها للنوم !.
جزعت و قلت برعب وأنا أرى المدعو ليونارد يقترب مني خطوة : لا ...!
_ الوقت غير مناسب للكلام الآن..
_ ماذا تعني . أنا أريد...
قاطعني بنفاذ صبر : هدئي من روعك.
وقبل أن أهرب أو أحاول الهرب حتى , مس جبيني بيده الباردة كالثلج . وشعرت بدوار غريب... ثم الظلام يطبق فوق جفوني... .
---.
_ هل كل شيء بخير ؟!.
رفعت بصري ببطء ولاحظت نظرة والدي المتوترة... هززت كتفي و بقيت جامدة لا أفكر بشيء معين , كنت أشعر بالاهتزاز قليلا فقط ..
_ لم تنطقي بشيء منذ استيقاظك ولا يبدو بأن ذهابك للمدرسة غير شيئا !.
انطلقنا بالسيارة الى المستشفى و جيني نائمة في كرسيها الآمن بالخلف , لقد مر نصف اليوم الدراسي فقط و أتى والدي لأخذي في موعدي , لم يكن مزاج والدي جيداً أيضاً .. و أراهن بأن الطبيب لوك لن يفرح حقاً برؤيتنا...
حدقت به وهو يقترب منا بسرعة وقد رسم ابتسامه رائعة على شفتيه .. قال بمرح و ذراعيه مفتوحه ومعطفه الأبيض يتحرك حوله :
_ اهلاً بكما , صباح جميل .. كيف حالك أيتها الشابة ؟!
سلم على والدي الذي رد مبتسما قليلا , ثم صافحني بحرارة , وداعب وجنة جيني النعسة ليجعلها تضحك برقة ..
حسناً .. أعرف بأني أظن بأن كل الناس عابسين بوجهي .. وهذا من عذري لأني تلقيت زيارة غير ودي ما قبل منتصف ليلة أمس لشابين معتوهين كلياً ساحرين ربما , شكلاً و افعالاً .. كذلك أرغماني على النوم , لذا لا اعتقد بأني بمزاج لطيف لأجل الفحص !
دخلنا في غرفة الفحص الكبيرة , وساعدتني الممرضة بلطف على الجلوس فوق السرير العالي جداً , بينما والدي وجيني يستريحان فوق أريكة جلدية سوداء في الطرف البعيد , و أنا محاطة بأجهزة ضخمة مخيفة في الأعلى معلقة و قرب السرير...
تقدم مني لوك وهو يحمل ملفا للأشعة بين يديه قال بلطف أبوي : استرخي فقط كلارا , سنصور بعض الأشعة لنرى تحسنك ثم سيأتي الاخصائي لرؤيتك ..
قال والدي من بعيد مشجعاً : سيكون كل شيء بخير حبيبتي...
ابتسمت بوهن ولم أنطق .. قال الطبيب بدهشة : ما بك كلآرا ؟! , تبدين مرهقة...
قال والدي بعبوس من بعيد : أنها صامتة منذ الصباح لا أدري ما بها ؟!.
رفع لوك أحد حاجبيه والتفت لينظر لوالدي ثم إلي , ابتسم بحنان : متوترة من لقاء الاخصائي , آوه لا تقلقي بهذا...
فكرت بعبوس , هذا آخر شيء أقلق لأجله .. تبا !.
أجريت الاشعة بهدوء .. وكانت قدمي مخدرة بغرابة و الآخر تؤلمني قليلا مع أنني لا أدري ما شأنها... لكن ربما لا تزال متضررة من شيء ما ..
قال الطبيب فجأة بعبوس : سنجري اشعة للرأس ..
حدقت به و نطقت بدهشة و توتر : ماذا ؟!.
ابتسم لي بشكل مكلف سريع ثم التفت نحو والدي وحدّثه : للأطمئنان على الأعصاب , الشيء الغريب هو أن العصب الحسي يعمل بضعف و يتوقف أحيانا , أما الأعصاب الحركية فهي متوقفة تماماً و الأربطة توقفت عن النمو فجأة .. يجب أن أطمئن على الغدد في الدماغ , فـ كلآرا لا تزال بطور النمو كما أن هناك أمور أخرى معقدة .. و أخشى أن يتطور الوضع إلى نفسي عميق .
كنت مدهوشة و مرتعبة حقاً , بينما تحولت نظرة والدي للصدمة , وجيني بين ذراعيه , نظر نحوي بقلق بالغ لا يستطيع اخفائه أو أنا من يلاحظة بهذا الوضوح ..
_ الوضع ليس خطيراً بهذا الشكل , مع الأدوية يتحسن هذا , لكن الأعصاب تقلقني ..على كلٍ الاخصائي الدكتور "لايت" سيراك .
صور لي أشعة رأسي وأنا أفكر ببرود ربما خلل ما حقاً .. ربما أن أتخيل حقاً كل تلك المصائب .. آه ~~" .
دخلنا غرفة المكتب و نهض رجل عجوز مسن , لكنه طويل القامة جداً و رشيق كذلك , شعره فضي مصفف بعناية و ملامح وجهه طيبة كان يرتدي بذلة رمادية وليس المعطف ..
قال بمرح وهو يصافح أبي بينما عيناه تحدقان بي بشكل خاطف : مرحبا سيد موند , أنا سيركل لايت .. يمكنك مناداتي لايت فقط ..
داعب جيني بسعادة ظاهره وهي تضحك له , قال : يا ألهي كم أحب الأطفال .. أنها تبدو كملاك حقاً , ماسمها يا ترى ؟!
_ جيني ...
_ جيني ! , أنها فاتنة , مرحبا ياحلوتي ! , هل تأكل الحلوى؟! , لدي هنا حلوى بمكان ما...
ضحك أبي و قال بمزاح : أنها تآكل كل شيء تقريباً .. شهيتها دوما مفتوحة ..
_ أليست ظريفة ؟!.
بينما جيني تضحك بسعادة والجميع متهم بها , شعرت بأنني مختفية حقاً , فـ الفرار من هنا أفضل هيهيهي...!
_ كــلآرا !.
وتجمدت بينما يدي فوق العجلات أريد حقا التحرك , صوت والدي اخترق عقلي.. كان الكل يحدق بي الآن !! , ياربي اهتمامهم بي دوماً يأتي في وقت خاطئ متأخر...!
تقدم من العجوز بسرعة وكأنه يراني للتو !, أمسك بيدي كلاهما معاً وهزهما برقة وهو يبتسم بوجهي , قال بلطف :
_ لديك ملكة جمال آخرى هنا يا سيد موند , يالك من محظوظ !.
جعلني أضحك تبا له ! .. أحمرت وجنتاي سعادة , أحب الأطراء بعد أن فقدت ثقتي بنفسي , ربما لا أزال جميلة المظهر حقاً ..
كان الاخصائي ظريفاً حقا , ويمزح كثيراً .. اختفى تخيلي لرجل عجوز عابس وقاسي .. ارتحت لهذا الرجل المضحك .. وكذلك والدي ضحك كثيراً .. و ثرثروا بكل شيء تقريباً وكأننا في زيارة عائلية وليس موعد في المستشفى ..
جلب عامل ما العصير و شربنا كلنا وتناولنا الكعك وكذلك جيني , ثم لاحظت فجأة البرق و المطر بدأ يهطل بالخارج , حدقت بالساعة إلا بها الثالثة والنصف ..
أخيرا تطرقوا لموضوعي .. وكان السيد لايت قد قرأ ملفي مسبقاً , وعرف بحادثتي لكنه لم يذكرها أنما شعرت بهذا فقط .. نهض و نادى الممرضة لنذهب لغرفة فحص صغيرة وبسيطة ..
وتحت اضاءة بسيطة جلست فوق السرير وكلا قدمي فوق وسادة خاصة , توقف أمام قدمي و ظل يحدق بهما بعيون ذكية دقيقة بينما والدي و الطبيب لوك يقفان خلفه صامتين .. أمسك بقدمي بلطف وحركها شيئا يسيراً ..!
لم تكن قدمي اليمنى المصابة حقاً تؤلمني , أنما فقط لا أشعر بها .. سألني هذا السؤال وقلت له بأني لا احس بها حقاً , فعبس .. ثم تركها و عندما لمس الآخرى شعرت بالوخز .. فقلت له قبل أن يسأل : أنه ألم بسيط...
_ أين تحديداً تحسينه ؟!
_ آمم , كاحلي عند المفصل .
_ طيب , خذي نفسا يا عزيزتي ..
تركني و طلب مني أن اخفضهما من السرير دون أن تلامسا الأرض , ثم طلب بأن أحرك اليمنى , فلم أقدر , ثم طلب بأن أحرك اليسرى , فحركتها شيئا يسيراً بألم .. وقلت بأنها تؤلمني بعض الشيء...
أومأ برأسه و شكرني ثم طلب من الممرضة أن تصنع لي ضمادتين .. وقال لي بأني ربما سأترك العربة بعد قليل من الأيام ...
تبا ! , حسبتني سأتركها اليوم .. آه ليس لدي سوى الصبر ..
قال لي الطبيب لوك بهدوء : لا تحركي قدميك أبداً , كلاهما .. اتركيهما يرتاحان كي تلتئم الأربطة , فهمتني يا كلآرا...
واقفه كذلك الاخصائي , تمتمت أنا مطأطأ الرأس يأساً : حسنا !.
رتب والدي على كتفي , ثم ودعناهما على أن يراياني في موعد بعد ثلاث أيام .. وقفنا قرب البوابة وكانت السماء تمطر بغزارة وهناك رياح قوية .. قال والدي بضيق و جيني بين يديه متوترة : يجب أن أجلب السيارة .
قلت بتوتر أيضا وأنا أراقب الطريق الذي لم يبين منه سوى خيالات السيارات السريعة بسبب المطر المنهمر والرياح :
_ حسنا أبي , اعطني جيني ..
اعادني للداخل و لكنه لم يعطني جيني , بل بقي ممسكا بها بأحكام وحقيبتها الصغيرة , قال لي بهدوء : سأجلب السيارة قرب البوابة لا تتحركي حتى آتي أنا وأساعدك.
لم يعطني فرصة للرد بل غطى جيني بمعطفه وبقي هو بالقميص الخفيف ثم هرع مسرعاً للخارج . لا أدري لكني فزعت بشدة لرؤيته , وصعب علي تخيل شيء مرعب لكنه هاجم عقلي ... وكأنني رأيت والدي وجيني وسط الشارع وقد أتت سيارة مسرعة نحوهما ..
ناديت برعب : أبيييي !!... مهلاً...!!
دفعت بنفسي بقوة تجاه الباب الزجاجي الكبير , لم يكن هناك أحد سواي ... فقررت الخروج للرصيف ... كان المطر يضرب وجهي , ولم اقدر على الرؤية جيداً .. فجأة رنّ صوت صغيف بجيب بنطالي , ثم آلمني كاحلي المصاب بشدة و بسرعة وكأن كهرباء مرت به !!.
تأوهت و ترنحنت لكن لم ابقي واقفة بل تحركت فوق الرصيف أريد رؤية أبي وجيني , لكن علقت العربة الغبية عندما هبطت من الرصيف و اوقفتني في طرف الشارع المبلل بالمطر..
شتمت متألمه ولم أقدر على رؤية ما خطبها أو فيما علقت !... فكرت كثيراً بأن أقف و أركض بيأس لكن الضوء الذي ظهر أعماني ولمحت سيارة قادمة مسرعة , ظننته أبي يريد التوقف قربي , لكنها ظهرت شاحنة مزرعة مستعجلة زرقاء كبيرة ...
توسعت عيناي رعباً , ربما لم يلاحظني بسبب المطر والرياح !!
كانت تبعد عني ثانية تقريباً وأنا أستعد للقفز بقوة للجانب .. شعرت بأني أطير ! , غريب أنا لا أذكر بأني قوية في القفز لهذه الدرجة ...
أنما كانت هناك يدان تقبضان على خصري بأحكام وتسحبانني بسرعة خاطفة عالياً من مكاني , تمسكت بخوف بذراع قوية وأنا لا أرى شيئا من شدة الهواء الذي ضرب وجهي وجسدي فجأة !.
_ سحقاً !.
شتم صوت قريب من أذني و سمعت صرير عنيف لحديد ما... قلت فزعة : عربتي !.
لم ادرك بأني مرفوعة عن الأرض وأن هناك من يحملني فقط بذراعين إلا عندما وضعت فوق كرسي خشبي جانبي تحت مظلة ما ... والشخص الطويل الذي استقام أمامي وسحب يديه بسرعة وكأنني قمامة ما ..
زمجر بحده وهو يعطيني ظهره : ليــوون ؟!.
_ هاك !.
ابعدت شعري عن وجهي وأخذت أحدق جيداً... بينما تجمد عقلي عن التفكير و شعرت بالبرد الشديد...
سحب أمامي عربتي السوداء ووضعها تماماً امام قدمي .. شاهدت خيلاً آخر يختفي بسرعة خلف الشارع ..
_ اجلسي هنا بسرعة !
تعثرت بقولي : ممـ..ماذا ؟!
_ آآوه ><
زمجر الشاب مغتاظاً نافذ الصبر جداً , ثم انحنى قليلا فقط و قبض بقوة على وسطي بكلا يديهإلا بي فوق كرسيي المتحرك ..!
ما أن استقريت حتى قال بعصبية مخيفة شعرت أنه يود ضربي : لا تتحركي !
و التفت مختفياً بسرعة مثل ذلك الخيال , عرفت أذناي أصواتهما ومن يكونان قبل أن تدرك عيناي الأحداث السريعة جداً... لقد انقذاني أولاً ثم كرسيي .. وها هما يختفيا فوراً ...
توقفت أمامي سيارة عادية سوداء و خرج والدي قافزاً ...
هتف بذعر : كلآرا !!!

اقترب مني بسرعة تحسس وجهي و ذراعاي , قال موبخاً بخوف : ماذا تفعلين هنا !!.. تعالي بسرعة أنتِ مبلله , ألم أقل انتظريني حتى أجيء بالسيارة ... آه منك !
قلت آسفة بسرعة شاعرة أنني على وشك البكاء : آسفة أبي أنا....
مالذي أخرجني حقاً ؟!, تخيلاتي و خوفي... ~~"
وضع حولي الحزام ثم كرسييّ في صندوق السيارة تحرك سريعاً , ثم انطلقنا .. ظل يوبخني طوال الطريق على أنني لا اسمع الكلام و أتصرف كالحالمة المذهولة ... فكرت ببؤس أن هذا جنون , و أنني يوماً ما سأنتهي في مصحٍ عقلي !!!
كما أن جيني أخذت تبكي بحرقة مما عكر والدي أكثر و أكثر...
طلب مني البقاء قليلا , حمل جيني أولا للداخل .. ثم جلب كرسيي المتحرك , دخلت في غرفتي مباشرة قائلة بأني أريد تجفيف نفسي... كان المكان مظلماً والساعة تقريباً الخامسة مساءاً... كما أن الغيوم و المطر جعلا الجو أكثر عتمة وكأننا بمنتصف الليل ..
مسحت وجهي بالمنشفة ثم ما أن أنزلتها حتى صدمت وأنا أحدق بهما في غرفتي .. كانا يقفان متجاورين بينما رفع المدعو ليونارد
يده قليلا فقط فأغلق الباب خلفي بالمفتاح كالسحر .. بقي صاحب العيون الزئبقيه يحدق بي ببرود .
قال ليون بهدوء : يجب أن نتحدث , مالشيء الذي رأيته ؟!
دخل مباشرة بما يريد .. ضيقت جبيني و قلت بتوتر: مهلا ! , مالذي تفعلانه هنا ؟!. ثم أنت لم أرك بالمدرسة ...!
رفع ليونارد أحد حاجبيه وهمس : كنت موجوداً لكن ليس المهم أن ترينني.. إذن ... مالذي رأيته ؟!
_ رأيت ماذا ؟!.
_ تلك الفتاة بلهاء حقاً.
علق صاحب العيون الرمادية اللامعة ببرودة لكن بغضب مخفي , فتقدم خطوة وقال ببطء : هناك واحد آخر يسعى ورآءك كما يبدو كما أن هناك شيء ما يجذبهم , تبا ألا تفهمين ؟!.
قال ليونارد بصوت هادئ يحدث رفيقه ذو العيون القاتلة : دان . نحن نفترض أن هناك علامة ما , لكن الفتاة مسكينة لا تدري !.
حدقت بهما وقلت بتوتر : علامة ؟!
حرك دانييـل يده بملل واضح وهمس ببرود : يجب عليها أن تنتبه لنفسها أكثر , أحيانا تشكل خطراً على الاشخاص الذين أحميهم .. قلت لك لنقتلها فقط و ليبدو الوضع حادثاً... والدها سيتجاوز المحنة .
زاغت عيناي و فغرت فمي , قلت بحده أخاطبه : مالذي تعنيه بأني أشكل خطراً أيها المجنون ؟!!.
نظر نحوي بحده و تحولت عيناه للون الذهبي علامة الخطر , قال يزجرني : بلى أنتِ خطر !! و خطر أحمق أيضاً... فقط لو أقتلك !. لكن هناك ما يمنعني !
كدت أبكي مصدومة و مرعوبة , فهو بلا شك قادر على قتلي ... نظرت بذعر و توسل نحو ليونارد العابس... وعندما لاحظني قال بحده يخاطب رفيقه المرعب :
_ دانييل ! أرعبت الفتاة ! هذا ليس أسلوبنا .. ونحن لسنا متأكدين من..
نظر نحوي بضيق مخفي وأكمل : من .. أنها لديها... آه شيئا...!
بردت عينا المدعو دانييل , وعاد لونهما رمادي داكن .. همس ببرود بشيء ما يكلم رفيقه ثم أظلم الجو فجأة و عاد الضوء الخافت , لأرى فقط أمامي ليونارد الذي قال بهدوء :
_ هدئي من روعك , اتفقنا ؟! لا داعي للخوف هو لن يقوم بإيذائك نحن نقوم بالعكس تماماً.
حاولت أن أتحدث لكن حلقي جاف جداً , تنفست بعمق و مرت الثوان , ثم نظرت إليه وقلت بنبرة متوسلة خائفة لا أدري كيف ظهرت مني :
_ كيف... يمكن... يمكن أن أكون ..خـ... خطراً على عائلتي؟!.
كتمت شهقة و ضمتت يداي لقلبي الخائف أكاد أبكي .. رقت نبرته فجأة وهو يقول بلطف غريب وصوت ناعم :
_ قلت بأننا لسنا متأكدين , ثم من المستحيل أن تؤذي شخصا تحبه.. فقط تماسكِ أنها فترة عصبية لكنها ستمر ..
ارتجفت شفتاي و همست : أنا لن أقدر على أخبار والدي عن هذا ... كل شيء أعني...
رفع حاجبه و أجاب بهدوء : لا أظن هذا كلآرا , هل تفكرين بهذا ؟!
فكرت فقط بأن والدي سيصدم جداً , وأنه لن يصدقني , سوف يجلب لي طبيباً نفسياً و عقلياً ... وسأجلب له الكثير والكثير من المشاكل , وهو لا تنقصه هذه ...!
ابتعلت غصتي وحدقت به قلت بتوتر و قد داهم عقلي فكر آخر : لكن... ذلك الشيء هل سيعود ؟!. وما علاقته بي وكيف يمكنني أن أؤذي ؟!.
_ ما دمنا هنا لست واثقا من عودته , لكنه ماكر .. كما أننا لا نفهم ما يريده منك أو من تلك الرضيعة .. هم بالأحرى يريدون الصغار أكثر لأنهم انقياء وسهل ال... سهل جدا عليهم فعل الكثير , وهو بالطبع يريد القضاء عليك أنتِ و والدك لأنكم عائق أمامه !.
توترت وقلت وأنا أضغط زر المصباح لأن الجو أصبح معتما جداً : ح..حسنا.. لم تقل لي كيف يمكنني أذياء من أحب ؟!.
رفع حاجبه ثم ضيق جبينه متضايقا من الضوء , تراجع للنافذة وقال بهمس بارد : راقبي تصرفاتك فقط... و سترين بنفسك !.
ابتعلت لعابي وقلت بتوتر يخفي خوفاً : حسنا.. و.. تظنون بأن قتلي هو الحل ؟!.
هز كتفه وقال بهدوء عادي : ليس تماماً...
هذا الجواب غير مريح أبداً... شعرت بمعدتي تؤلمني بقوة من شدة التوتر والخوف .. قلت وأنا أتذكر العينان المتقلبتان بين الذهبي والفضي :
_ رفيقك ذاك يود قتلي بشدة .. مالذي يجعله يريد هذا مالذي فعلته ؟!
كنت أسمع صوت ضربات قلبي بأذنيّ .. فتأوهت بضيق , هذا يدل على رعبي الشديد و أشعر بأني وحيدة بمواجهة كل شيء...
_ أنه... دانييل لا يريد هذا أنما يود لو ينهي الأمر بسرعة.. ربما كان الطريق الأسهل لحل المشكلة قتلك فقط !.
حدقت به بعيون زائغة , قبل قليل كان رقيق الصوت , لكنه الآن بارد عادي وكأنه يتكلم بموضوع ممل .. و ليس موضوع يتعلق بحياتي أو موتي !.
قلت بسهولة : أنا لا أثق بكما !.
رفع حاجبيه : ثقتك بنا ليست مهمة !
آآخ شعرت وكأنه طعنني , أنه أيضا وقح !!... كلاهما متشابهان . لكن هذا الشاب أكثر هدوءا من صاحب العيون الزئبقية والمزاج البركاني !
تنفست بصعوبة فهما ليسا الوحيدان اللذان لا يهتام بمسألة الثقة ! والدي لا يثق بي أيضا !. أنا أشعر وقتا بأني لا أثق بنفسي...
هززت رأسي و شعرت بالحقد تجاههما ...
قلت ببرود : حقا ! , أليس قتلي سيسهل الأمر على ذلك الوحش لأخذ جيني ؟!. أنتما لا تفكران جيداً.
ظل ينظر نحوي ببرود و مال برأسه وهو يهمس : أشك بأنك أنت من يفكر جيداً , انتبهي لنفسك , نحن نشعر بأن لك علاقة بالوحش .. فقد أتى مرة بسبب صوتك !.
التفت في الظلام و قفز من النافذة ليختفي كلياً...
تاركاً إياي أغرق بدوامة من الرعب والصدمة !!.
لي علاقة بالوحش !!!!!!

فجأة بدت فكرة قتلي ليست بالسيئة !!! ~~"
هل وصل بي البؤس لهذا الحد ....!!
لكن قالوا شيئا عن... شيء آخر يلاحقني ! .
أغمضت عيني بقوة , أتخيل منظري أن دخل والدي الحمام فجأة ووجدني قد قطعت شرياني وسط المغطس لأموت وحدي....
... آه لا كلآرا أنت لا تستسلمين بهذا الشكل ..لن تفعلي ...
__________________


رد مع اقتباس