عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 07-10-2016, 01:21 AM
 





السلام عليكم ..
جمعة مباركة ع الجميع يارب ..

شكرًا جزيلًا لكل الحلوات اللي يتفاعلون معي و يكتبون لي توقعات جميلة و ذكية و توسع الصدر ..
ما ننحرم منكم يا رب ..

بخصوص الرواية : لا أبيح نقلها أو أخذها دون ذكر اسمي عليها !!

و جميع الشخصيات في الرواية خيالية , و كذلك أسمائهم ..
و إن حصل و كان فيه أشخاص واقعيين بنفس الأسماء فذلك مجرد صدفة ..


.
.

يلّا نبدأ .. ؟!

.
.


الفصل الثامن :



في إحدى الطرق المزدحمة ظهرا في الرياض , يمشي سلطان بسيارته متجها بهدوء إلى منزله , بعدما وقف في إحدى المستوصفات طالبا من الممرضين خياطة ذاك الجرح الضئيل في رأسه , ثم عاد إلى ذاك المنزل الذي ينظر إليه سلطان بأنه مكان للنوم و الأكل فقط , و لكن هذه المرة كان قد كسر هذه القاعدة التي اعتادت عليها زوجته - دلال - التي لا تراه سوى في الصباح عند الاستيقاظ , و في آخر الليل عندما يهم بالنوم و هو لا يدري عن أي شيء بخصوص تفاصيل يومها الممل ...

دخل سلطان إلى منزله متحاملا على الصداع المصاحب لظهيرة الرياض و المعروف لدى الكثيرين , و رمى بشماغه الأحمر لونًا و دمًا على الطاولة ..

ثم اتجه إلى غرفته متجاهلا باقي أركان بيته الذي قد بدأ بنسيان مرافقه , أكمل طريقه إلى غرفته و هو يقف عند المطبخ لثواني و هو ينظر إلى دلال التي تطعم ابنتها ذات الثلاث سنوات - حنين - ....

شعرت دلال به عندما دخل و أحسّت بخطواته المتجهة إلى الغرفة , التي تقع بعد المطبخ بعدة خطوات ,
انتبهت بأنه توقف قليلا بجانب الباب , و نظرت إليه نظرة طويلة ,

و قد رأت نظراته المقابلة لها , تلك النظرات التي اعتادتها منه منذ اليوم الأول من زواجهما , و التي لم تكن في الواقع سوى نظرات باردة و كأنها غير موجودة ...

صمتت قليلا ثم قالت بهدوء :" أهلًا "...

أطال النظر بدلال و حنين وهو يفكر بكلام فيصل ..

( هل الممكن أن يؤذيهما !؟ و لكنهما لا تستحقان أدنى ضرر .. )

( يا إلهي , لم وضعتهما في عمق مشاكلي ؟! .. لم أظن يومًا بأني قد أندم على ذلك .. )

اقترب من زوجته و هو يقول بهدوء :" أريدك أن تجهزي أغراضك و أغراض ابنتك , ربما أسافر اليوم و أعود غدًا , و سأوصلك إلى منزل عائلتك "..

استغربت زوجته كلامه ..

( لطالما كان يسافر و يخرج من المنزل و لا يعود لأيام و لم يكن ليهتم بي أو بابنته .. )
( ولن يكترث إن عشنا أو سقط هذا المنزل علينا .. يا للغرابة !! )

تحدثت و هي تشعر بغرابته :" ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تسافر فيها , لقد اعتدت أنا على ذلك , لا تقلق يمكن الذهاب و تركنا ".. قالت كلماتها و أعطته ظهرها لتعود و تطعم ابنتها ..

" ولكن هذه المرة مختلفة , أنا .. أنا قلقٌ عليكم بعض الشيء , هيا اذهبي و ضعي لنفسك القليل من الملابس , هيّا لقد اتصلت على أخيك و قلت له بأنك قادمة " ..

" لا أريد الذهاب إلى عائلتي هناك , أنتم يا سلطان عائلتي , أنت و حنين ... "

اقترب منها و هو يمسح على شعرها بهدوء , و يطيل التحديق بها ... ثم همس لها : " أنا لا أشعر بأن الأمور ستكون على ما يرام , و أنا أصدِّق حدسي دومًا .. هيا اتركي ما بيدك و تجهزي "...

تركها سلطان و دخل غرفته خالعا ملابسه و متوجهًا إلى دورة المياه , ليتوضأ و يصلي بسرعة تلك الصلاة التي لا يخشع فيها بركعة و لا يستوعب من سورها آية ...

أنهى صلاته و ارتدى ثوبا و شماغًا جديدين و خرج مرة أخرى وهو يحمل معه ظرف ورقي صغير , و هو يعي تماما بأنه يحمل في يده نهاية أسرة ( آل سليمان ) كاملة ...

ركب سيارته و انتظر زوجته و سرعان ما خرجت له و أوصلها إلى منزل عائلتها ..

همس لها قبيل نزولها :" استودعتكم الله " ..

وقفت أمام الباب و هي تحث ابنتها على رفع يدها و توديع والدها ..

أكمل سلطان طريقه إلى الشركة و مقر عمله , و نزل إلى المواقف الأرضية و ركن سيارته في أقصى زاوية , و نزل بهدوء و هو يمشي بخطوات ذات تناسق ..

رأى أمامه مصعدين , أحدهما يؤدي إلى جميع أدوار الشركة الإحدى عشر .. أما الآخر فلا يؤدي إلا لمكان واحد فقط :


.. ( المكتب الخاص بعادل سليمان ) ...


مشى بثقة نحو المصعد الخاص بعادل , و هو يضع إصبعه في المكان المخصص للبصمة المسئولة عن فتح الباب , و كان جهاز البصمة هذا مبرمج لبصمتان فقط ..

- بصمته هو و عادل - ..

ابتسم برضا عندما شاهد ذاك الوميض الأخضر و الصوت الدال على قبول البصمة , فُتِح له الباب و دخل و هو ينظر إلى المرايا التي على جوانب المصعد , محاولا تعديل شماغه بينما يصعد للأعلى ...

لم يكن يتوقع يوما سلطان – السكرتير الخاص لعادل سليمان – بأنه سيضطر إلى خيانة رئيسه في العمل و طعنه من ظهره و من الأمام أيضا ..

, و لكن كان يعلم أن حال الإنسان قد تتغير رأسا على عقب خلال نصف يوم أو نصف دقيقة حتى , و كان شعور اللامبالاة يكبر في سلطان يوما بعد يوم , و كأنما خلق هذا الكون ليخدمه هو فقط , غير آبه أبدا بما يجول في خواطر الآخرين , و غير مستوعب أبدا للعبارة القائلة :

" احذر مما تتمناه ".

وصل سلطان إلى مكتب عادل , ذاك المكتب الذي ينبض بألوانه الرجولية الأنيقة , و تلك النوافذ الزجاجية العالية التي تطل على أجمل الشوارع و الأحياء في الرياض , و ألقى بنظره إلى تلك الرفوف الواسعة الزاخرة بالكتب , و التي تقع على يمين الغرفة ,

أخرج سلطان الظرف الورقي من جيبه و أخرج منه ( قرصًا مدمجًا ) بتأني شديد خشية إفساده , أخذ من المكتب محارم ورقية و وضعهما أسفل و أعلى القرص , ثم فعل تماما ما أمره عبدالرحمن بفعله قبل عدة أيام مضت , عندما سلمه القرص :

" اسمع يا سلطان , افعل ما أقوله لك بالضبط , و لا أريد نسبة خطأ أبدا "...

" حسنا , ماذا لديك ؟ " قال سلطان بفضول ..

أخرج عبد الرحمن القرص المدمج الذي كان يحمله معه في سيارته , ثم قال :" خذ هذا , لا أريدك أن تفتحه أو ترى ما فيه أبدا , أو أن يعلم أحدا بوجوده , كل ما عليك فعله هو أخذ القرص , و وضعه في مكتب عادل بعد يوم من اختطافنا له ".

" حسنا , أين تريد أن أضعه بالضبط , في الأدراج , الرفوف , حدِد "..

" يا إلهي يا سلطان , لا تستعجلني , أريدك أن تضعه بين بضع محارم ورقية , وتذهب إلى رفوف الكتب , في الرف الثالث من الأعلى , ستجد في يساره كتابان يحملان اسم ( المعاجم اللغوية ) و ( تفسير القرآن الكريم ) , أريدك أن تدس القرص بينهما بالضبط , و بعد ذلك , أريدك أن تنسل إلى خارج المكتب , مثل الشعرة من العجين , أهذا واضح ؟ " ..

نفذ سلطان ما قيل له , و هو يمشي بهدوء بجانب الكتب , متذكرا تلك الصورة التي وجدها قبل عدة أشهر بين الرفوف , تلك الصورة القديمة و المهترئة, و التي وضعت سلطان في هذا الوضع الراهن ...

نزل سلطان إلى مواقف السيارات و هو يتنهد براحة بعدما أنهى إحدى مهامه , لا يعلم ما الذي يحتويه القرص , أو ما الغرض من وراءه , و لكنه كان لا يريد إفساد المفاجأة على نفسه , كان يعلم أن – فيصل و عبد الرحمن – لا يفكران إلا بما هو جهنمي بالفعل .. !

كان على وشك الرحيل عندما استوقفه صوت شخص يبغضه سلطان بالفعل , على الرغم من أنه لم يرى منه شيئا أبدا , ولكن أسلوبه المتودد في الحديث يجعل سلطان يود لو كان معه سلاحا يفرغه في فمه:

" سلطان , لم أر شخصا مكافحا مثلك يا رجل , إن اليوم عطلة للموظفين , ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ ".

قال سلطان في نفسه :

( لدي دقيقتان للحوار معه قبل أن تنفلت أعصابي المربوطة بإحكام ...

و أرد هذا البغيض صريعا على الأرض ... )

" أهلا متعب , ما الذي تفعله أنت هنا ؟ " رد سلطان بابتسامة دبلوماسية ..

" لا , أنا سألتك أولا ".. قال متعب و هو يبتسم بمرح ..

كاد سلطان أن يهوي به إلى سابع أرض , فهو ليس بالمزاج الذي يسمح له باستقبال بعض ( خفة الدم ) ..

" لقد وصاني عادل على بعض الإجراءات في مكتبه , قبل أن تبدأ عطلتي , و أنت ؟ "..

قال متعب بـ هم كبير :" لدي الكثير من الملفات و الأوراق الأمنية التي يجب انجازها , يجب أن أعيد النظر في بعض الحصون الأمنية في الشبكة الإلكترونية في الشركة, يبدو أن عطلة عادل للموظفين لن تفيدني , من الغريب أن عادل أعطانا هذه العطلة لليوم الوطني , يبدو أنه كان يعلم بأننا في حاجتها بشدة "..

" كان الله في عونك , سأخبر عادل لاحقا عن هذا , ربما تحصل على ترقية أيها المناضل ".. قال سلطان باستهزاء وهو يتوجه إلى سيارته ..

" أقابلت عادل مؤخرا ؟ " أتى سؤال متعب مباغتا لسلطان , الذي قال في نفسه :

( حسنا , يبدو أنه ينوي أن يكمل أعماله و هو مفقوء العين , مكسور الذراع ... )

" بربك يا متعب , كيف إذنا طلب مني أن أتي إلى هنا , ليس عبر الهاتف بالطبع " .. قال سلطان و هو يركب سيارته و يمشي خارجا من المواقف ..

تاركا متعب يتجه بملل إلى سيارته , برفقة ملفاته و أجهزته ..

" و هو يجهل تماما بأن يوم غد سيكون أكثر الأيام سوء في تاريخ عمله كاملا ... "

.
.

نهاية الفصل الثامن ..


رد مع اقتباس