عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 07-03-2016, 01:37 AM
 
الفصل العاشر...
" رحلة الأحلام..."

وما ان وصلا..حتى انهلت على ريكاردو شتى أنواع الترحيب من رواد ذلك المكان. اكتشفت ايلا كم هو محبوب في مجتمعه ومن مختلف الشرائح. بدأ ريكاردو يعرف ايلا على الجميع, كانوا فرحين جداً بها, وهي أيضاً استمتعت كثيراً بصحبتهم. لكنها شعرت فجأة بالحر, فخلعت سترتها الفضية, وتفاجأت بريكاردو يسحب عنها سترتها ويضعها جانباً.., ثم يسحب ايلا من ذراعها لتلتفت اليه, وما ان فعلت حتى أخذ يحدق فيها بملء عينيه وكأنه يحاول أن يحتويها فيهما, فلا يعود بمقدور أي كان رؤيتها!!

كانت ايلا ترتدي فستاناً أسود متهدل, بدون أكمام, بياقة مثلثة مغرية..كان يضيق عند الخصر ليبرز نحوله وجماله, ثم ينساب بهدوء حتى ركبتيها, وكانت ترتدي حذاءاً أسود لماع ذو كعب عال...وزاد أناقتها تلك السلسلة الفضية الطويلة المتدلية في عنقها الجميلة, وتلك الاقراط الدائرية الكبيرة الفضية في أذنيها الصغيرتين..مما أضفى نوعاً من العصرية مع مظهرها الكلاسيكي...! أما شعرها فعقصت منه عقصات عشوائية ليضفي تموجاً رائعاً على خصلات شعرها الناعمة, وتركته لينسدل على ظهرها....!أما مازادها سحراً ودلالاً...فهو خجلها وبراءتها الظاهرين في عينيها ووجهها الملائكي.

همس ريكاردو بصوت مخملي:" أنتي جميلة جداً يا ساندريلا!"

ابتسمت ايلا وقالت بخجل:" وأنت أيضاً...لست سيئاً!"

ضحك ريكاردو :" ماهذا التواضع يا طفلتي!"

كانت ايلا تنظر اليه بهيام! انه الرجل الذي تمنته في أحلامها منذ الصغر..آه كم هو وسيم وجذاب! كان يرتدي بذلة عصرية ذات لون أزرق داكن..كانت تبرز أكتافه العريضة وخصره النحيل وطول قامته...!كان مثالياً فيها تماماً..اما شعره فكان مبللاً ومسرحاً الى الخلف, كان شعره يجذبها..كم كانت ترغب أن تتخلل أصابعها خصلات شعره الكثيفة واللامعه....خاصة تلك المتهدلة على عنقه!

أيقظها من أحلامها..غوستاف وهو يقدم لها كوباً من شراب الكرز المثلج, وقال ضاحكاً:" لا تغضبي مني! فقد حذرنا ريكاردو من جلب أي شيء آخر!"

ابتسمت ايلا ورشفت رشفة من كأسها..وقالت بفرح:
" لا عليك! أي شيء مثلج لذيذ في هذا الجو الحار!"

" كيف السهرة؟ هل تعجبكي؟ أم أن ريكاردو يحول دون ذلك؟"

" على العكس...أنا فرحة جداً! لم أحضر حفلة كهذه..منذ..!(وصمتت قليلاً..ثم أردفت)..منذ زمن!"

أحس غوستاف بلمحة حزن على وجهها للحظة..لكنها مالبثت ان اختفت...

" كنت أعرف بأنني سأجدك هنا!"

نظرت ايلا الى مصدر الصوت, رأت شاباً طويلاً ربما في الثلاثين من عمره..أشقراً وأزرق العينين.., وكان يبتسم وهو ينظر لإيلا...

" أهلاً ماريو!..ولكن كيف أفلت من براثن ليزا؟"

" لقد ذهبت لتصلح زينتها, مرحباً سنيورا...لابد أنكي ايلا..أليس كذلك؟"

ابتسمت ايلا وقالت بدهشة :" هل أصبحت مشهورة الى هذا الحد؟!"

ضحكوا جميعاً وأردف ماريو قائلاً:" طبعاً! فالفتاة التي أعادت اهتمام ريكاردو بالجنس الاخر, لابد وأن تكون جديرة بالاهتمام والشكر أيضاً! لقد بدأنا نقلق من أن يعيش حياته ناسكاً..ولكن أرى جيداً بأن ذلك لن يحدث!! أنا ماريو! سررت بلقائك يا حلوتي!"

لم تفهم ايلا ماذا قصد ماريو بكلامه ذاك! هل يعني هذا بأنه لايوجد حبيبة أو رفيقة لريكاردو؟؟؟!! والآن هو يلمح بأنها الفتاة المنشودة!! لم تشعر بأن في الامر سراً؟؟!

" ماريو؟ آن تستشيط غضبا ....أظنها قد رأتك تغازل ايلا؟" قال غوستاف بخبث...

انتفض ماريو بذعر:" أين؟ أين هي؟"

وانفجرت ايلا وغوستاف ضحكاً, حينها عرف ماريو بأنه قد تعرض للخدعة..

" مضحك ها؟ حسناً يا غس...سوف تدفع ثمن هذا في أقرب فرصة ممكنه...سررت بمعرفتك سنيورا ايلا!"

وهي تبتسم:" وأنا أيضاً ماريو!"

وتابع غوستاف نكاته ومزاحه وايلا لا تكف عن الضحك...خاصة بعد أن أحضر ماريو آن ليعرفها على ايلا..فتعالت الضحكات من جديد...!

كان ريكاردو يراقب ايلا من زاوية بعيدة في النادي..حيث كان يقوم باجراء مكالمة ضرورية, وما ان أغلق السماعة حتى ظل يحدق بها وهي تضحك تارة..وتحمر تارة أخرى من الخجل...

" اذاً ...وقعت في الفخ يا صديقي!"

تلفت ريكاردو, ما كان المتكلم الا كرستوف العجوز, صديق ريكاردو منذ زمن وصاحب المكان, وكان بمثابة الاب لريكاردو. قال ذلك وهو يقدم له كوباً مثلجاً وينظر اليه مبتسماً.

" أي فخ؟"

رد كرستوف مبتسماً:" وماذا غيره؟! الحب!!"

ابتسم ريكاردو ورشف كوبه مرة واحدة, وقال قبل أن يغادر.."أجل...وماذا غيره؟!"

اقترب من ايلا وأمسك ذراعها, تفاجأت لكن ما ان رأته حتى ابتسمت ونهضت مطيعة..,أخذها بعيداً عن مكان جلوسها..وأشار برأسه لكرستوف فخفتت الانوار وبدأت تنبعث الالحان الرائعة الهادئة من جهاز التسجيل الخاص بالمكان, وبدأ بعض الاشخاص بالرقص في الساحة المخصصة لذلك. سحب ريكاردو ايلا الى وسط الساحة قائلاً..

" هل تسمحين لي بمراقصتك سنيورا ايلا؟!"

أجابت بحركة خفيفة من رأسها..لابد أنها فقدت القدرة على الكلام..ازاء كل هذا السحر والخيال!! انها تشعر بأنها في عالم الاحلام...وبأنها تحلق مع ريكاردو عالياً في السماء...حيث تتناثر عليهما بتلات الورود..وتحلق الجنيات الصغيرات حولهما وتفتح أكياسها الصغيرة التي تحملها على اجنحتها الشفافة لتنثر بريق وسحر العشق والسعادة عليهما...فلايعود بمقدور أي كان التفريق بينهما..ولاسلب هذه اللحظات الرائعة منهما...!!

أحست ايلا بالتوتر والجو المشحون بالمشاعر والاحاسيس الخطرة! لقد كان ريكاردو يضمها اليه كثيراً! وهي تشعر بأنفاسه وبنبضات قلبه المتسارعة, وبعطره المثير للاعصاب!

قالت في محاولة للهرب من هذا الجو الحالم العاصف.....

: " هذه أغنية جميلة جداً! مع انني لا افهم كلماتها!"

ابتسم ريكاردو وقال وهو يرمقها بنظرات آسرة جذابة...
" يسعدني أنها تعجبكي, فهي من احب الاغنيات الى قلبي واخترتها خصيصاً لكي..! أتحبين أن تعرفي كلماتها؟"

مرة أخرى لم تجد ايلا القدرة على النطق في عالمها السحري المقتصر عليها وعلى ريكاردو...فهزت رأسها بالايجاب....

وبصوت دافئ ومثير..:" انها تقول.....

سأفعل أي شيء من أجل الحب...
سأذهب للجحيم وأعود...ان احتاج الامر..

أحياناً تكونين مشتعلة...وكأنكي تتنفسين اللهب!
وأحياناً...تبتعدين....وتكتسين بالجليد والثلج!

لكن في بعض الليالي........أراكي كما لم أر أي أحد من قبل!
ولن أر حتى بعد!
قد أكون مجنوناً...............أجل أنا مجنون وهذا صحيح!
أعرف بأنك الوحيدة....انتي الوحيدة التي يمكنها انقاذي!

طالما الكواكب تدور................وطالما النجوم تحترق
وطالما الاماني تتحقق...
فالافضل لكي أن تتأكدي.....بأنني سأفعل أي شيء من أجل الحب!
ومن أجل أن أحقق أمانيكي!
سأفعل أي شيء من أجل الحب!
ولن يعود هناك طريق للرجوع!

أثناء ترجمته للكلمات كان يضمها اليه أكثر حتى عبقت انفاسه برائحة عطرها المميز الذي يعشقه, فدس أنفه في شعرها..وهو يقبله بين كل كلمة وأخرى..
ثم طبع قبلة على جبينها وعلى أذنها...فاستثارها الى ابعد حد..حتى دفعت بيديها خلف عنقه ضامة اياه..!

لم يستطع ريكاردو تحمل عاطفتها! هذه أول مرة تستجيب معه وتظهر مشاعرها, فقال كلمته الاخيرة وهو ينظر في عينيها بشوق...

" سأفعل أي شيء من أجلك ساندريلا!"

لم تصدق ايلا أذنيها, لكن عينا ريكاردو كانتا تؤكدان لها ماسمعته! انحنى رأسه باحثاً عن شفتيها...ورفعت رأسها لتصل الى شفتيه وهي تشعر بالبراكين تتفجر داخلها...., وقبل أن تتلامس الشفاه المحرومة...؟؟

" ريكاردو حبيبي!"

وكأن كوباً من الماء البارد انسكب على وجه ايلا, فابتعدت قليلاً حينما رأت امرأة بشعر أشقرر داكن وعينين رماديتين وجسم مثير فاتن..تعانق ريكاردو بحرارة وتقبله كما لو كانت حبيبته!

أبعدها ريكاردو بلطف, خاصة بعد أن لمح الصدمه على وجه ايلا..تباً! لم الان؟؟لقد كان يتحرق للوصول الى شفتي ايلا!!لقد كان ذلك بمثابة حلم راوده منذ سنوات طويلة! لقد خيل اليه انه يعيش الآن احدى احلامه اللذيذة...التي كانت دوماً ايلا هي بطلتها....لماذا لاتنفك المنغصات بالتهافت عليه؟؟؟وفي أسعد لحظاته؟؟! قال بضجر وملامح الضيق بادية على وجهه....

" لم أعرف أنكي هنا صوفيا؟"

" طبعاً حبيبي أنا هنا, ولكن عقلك مشغول بالعمل والحسابات حتى في وقت المرح كما هو الحال دوما..فلم تلحظ وجودي!"

ثم التفتت لايلا قائلة ببرود:" اعذريني يا صغيرتي! لم ارحب بكي أنا صوفيا!"

ردت ايلا محاولة أن تكون طبيعية:" أهلا!..أنا ايلا!"

" آه..اسم ظريف لفتاة صغيرة ظريفة مثلك...هل أحضرتها الى هنا للاعتناء بها يا ريكاردو؟لابد أنها قريبتك؟ولكن بالله عليك يا رجل...كيف تحضرها الى مكان كهذا؟ هذا المكان لا يليق بالصغيرات أمثالها!"

ردت ايلا ببرود وخاصة حينما لاحظت التجهم البادي على وجه ريكاردو:" أشكر لكي اهتمامك سنيورا!"

" نادني عزيزتي باسمي...صوفيا! والآن سأسرق منكي ريكي للحظة..فهذه أغنيتنا المفضلة!"

وتأبطت ذراع ريكاردو الذي كان مقطب الجبين وعابس الوجه..ومع هذا لم يقل كلمة! بل رافق صوفيا الى حلبة الرقص..وانسجما في رقص مثير كحركات صوفيا الاغرائية...والتي فهمت ايلا بانها المقصودة منها..وبأن هذه السيدة تحاول الحفاظ على ممتلكاتها..كما يبدو واضحاً!!اذاً لم يكن كلام ماريو عن تنسك ريكاردو صحيحاً! هذا شأنه...ولكن ؟؟أيعني ذلك أنه كان يمثل علي؟؟وانا البلهاء الغبية التي صدقته وكدت انساق وراء مشاعري الغبية..!! لم يكن الا حب الاستكشاف والفضول..بالتأكيد هو ذلك! فهو لم يقابل في حياته من يعارضه او يتحداه! ويبدو ان ذلك أعجبه مني...فقرر قبول التحدي والحصول علي وبأي ثمن؟؟؟ أوه..ذلك البائس...ولكن..سأريه كيف تثأر الساندريلا من أميرها الاحمق!


لمحت غوستاف واقفاً غير بعيد منها وهو يطلب كوباً منعشاً..اتجهت اليه وطلبت منه ان يراقصها..طبعاً كان ذلك من دواعي سروره.., وما ان أمسك بخصرها..ورفعت يديها الى كتفيه..حتى أحست بيد غليظة حديدية تنزع يدي غوستاف عن خصرها بقوة...! وبالطبع لم يكن الا ريكاردو...لم تستطع أن تقول عن نفسها انها انتقمت منه أو انتصرت عليه..لأنه لم يترك لها سبيلاً الى ذلك..بل سحبها بسرعة من ذراعها الى جانبه وكأنه يتملكها..وقال بجفاء..

" المعذرة..علينا الذهاب!"

وأحضر سترة وحقيبة ايلا وخرج من النادي مسرعاً وهو يجرها من ذراعها...كانت تركض خلفه حتى تلحق بخطواته الواسعة السريعة ولا تتعثر او تقع...! كان واضحاً أن ذلك لا يهمه كثيراً الآن..بل على العكس...ربما تهدأ نيران صدره ان حصل لها ذلك!

وما ان وصلا السيارة حتى فتح لها الباب وقال بعصبية :" اركبي!"

خافت منه وبسرعة ركبت.., ألقى سترتها وحقيبتها في الكرسي الخلفي بغل..وكأنه يقذفهما في وجهها....ثم أغلق الباب خلفها بعصبية واضحة...وركب بدوره والشرر يتطاير من عينيه...وما ان حرك السيارة حتى انطلق كالمجنون..

كاد قلب ايلا ينخلع من الخوف...ومع هذا آثرت السكوت...على الاقل ريثما يهدأ وتعود له انسانيته...بدلاً من الوحش الذي كان يجلس على مقربة منها! لقد كانت ملامحه مخيفة حقاً! لن تجرؤ أبداً على الكلام معه الآن..ولا توضيح أي شيء!!كما انها ليست مضطرة للتوضيح..!فهو المنافق التعس الذي حاول غوايتها ليحصل عليها ويضيفها الى سجل نسائه!! لن تخاف منه حتى وان خنقها بيديه الحديديتين!!

قطع افكارها توقفه المفاجئ..فتمسكت بالكرسي لئلا تندفع للامام...ونظرت اليه غاضبة ...لكنها هدأت قليلاً حينما رأت كمية الغضب والحقد الظاهرة في عينيه القاسيتين....وما لبث أن صاح بصوت كالرعد....

" ماذا كنتي تظنين نفسك فاعلة؟!"

نظرت اليه ايلا ومشاعر الحزن والغضب والخوف كلها تتضارب وتتصارع في داخلها فآثرت السكوت..وأشاحت بوجهها عنه, لكنه سألها سؤالاً ويتوقع منها اجابة..مع انه يعرف بأن أي اجابة لن تكون كفيلة باخماد نيران صدره!! فسحبها من ذراعها بقوة آلمتها...مجبراً اياها على الالتفات اليه..وقال بصوت أكثر غضباً

:" أجيبيني الآن!! لم فعلتي ذلك؟! أيعجبكي غس؟! أتجدينه لا يقاوم؟؟أجيبي الآن عليكي اللعنة!!!"

لم تستطع ان تفتح فمها لتقول اي شيء...كيف يمكن أن يتبدل من حال الى حال بهذا الشكل؟؟! ومع ذلك بلعت ريقها بصعوبة...وقالت بصوت حاولت ان تغلفه بالهدوء والبرود...

" فعلت ماذا؟!"

قال وقد بدأ صبره ينفد:" لا تلعبي معي الآن يا صغيرتي!! لقد بدأت أفقد أعصابي حقاً..وهذا مالن يعجبكي..ثقي بي!"

نظرت ايلا أمامها وتنهدت...ثم نظرت اليه وقالت بألم:" أتعلم؟ لايهمني ان كان هذا لا يعجبك, ولكنني لا أتقن مهارة ذو الوجهين ! وان كان غس يعجبني..فذاك شأني وحدي..وأنت؟لا دخل لك بي! "

قال أخيراً وقد أخذ منه الغضب كل مأخذ..:" لن تحدثيني بهذه الطريقة أبداً يا ساندريلا! ليس بعد كل ما جرى! لهذا سيكون عقابك أكبر مما كنت قد خططت!!"

قالت بخوف:" ماذا تنوي أن تفعل ..!!"

لكنها لم تكد تكمل جملتها حتى كان ضاماً اياها الى صدره بقسوة..وكأنه ينوي سحق ضلوعها..لم يكن عناقاً جميلاً محموماً كما اعتادت منه!بل كان عناقاً تملكياً قهرياً مؤلماً...كرهته بكل جوارحها...كرهت لمسته ورائحة عطره المختلطة برائحة جلده التي كانت تعشقها!! حاولت ان تقاوم..ولكنها كانت كالريشة بين ذراعيه القاسيتين...فاستسلمت ونزلت دموعها رغماً عنها...وبدأت تتعالى شهقاتها وهي تحس نفسها عاجزة مهانة, ومسلوبة الارادة بهذا الشكل....حتى تركها ريكاردو فجأة....وفتح باب السيارة وخرج وملامحه لا تنذر بالخير...أشعل سيجاره وبدأ ينفث الدخان...والألم يكاد يعتصر فؤاده...وهو يسمع أنات ايلا الرقيقة...!!!

لم يعد بمقدوره ان يتحمل..فألقى السيجار جانباً وعاد الى سيارته.. نظر اليها كانت ما تزال تذرف الدموع السخية وهي تنظر الى يديها اللتين كانت تفركهما بقوة في حجرها...كانت تشبة فتاة صغيرة قد تعرضت للعقوبة ظلماً...!! آه..كم منظرها يعذبه....اقترب منها وفتح الباب وسحب ذراعها ليخرجها وتصبح أمامه تماماً..وهي لم تعارض لقد خافت أن يعاقبها ثانية ان هي رفضت الانصياع له....لكنها ما ان أصبحت أمامه من جديد حتى أشاحت بوجهها عنه...

همس بصوت دافئ:" انظري الي!"

كانت دموعها تنساب بصمت..فلم تحب أن يرى ذلك..بل انها تلعن نفسها الحساسة التي سرعان ما تذرف الدموع...سيظنها الآن غير قادرة على مجابهة قسوته واستبداده, سيتبين له انها ما تزال طفلة صغيرة! لقد كرهت دموعها وبكاؤها السخيفين...ومع هذا لم تستطع التوقف!

" قلت انظري الي!"

بلهجة أكثر تهديداً....رفعت ايلا رأسها قليلاً حتى التقت عينيها الدامعتين بعينيه القاسيتين...لكنهما تبدلتا في الحال...فظهر فيهما الحنان والعطف الذي اعتادت عليهما مؤخراً....., وظهرت ابتسامة دافئة صغيرة على فم ريكاردو....وهو يمسح دموع ايلا بأصابعه.....

" توقفي عن البكاء ! فدموعكي هذه غالية علي "

لكن جملته تلك أثارت شجونها أكثر فانفجرت اخيراً بالبكاء...لكنه احتضنها بحنان وهي دفنت رأسها في صدره وهي تجهش بالبكاء....تحسس شعرها ووجنتيها وهو يضمها اليه أكثر...ويقول بحنان..

" أنا؟؟؟؟؟....... آسف؟! هل بامكانك مسامحتي؟"

رفعت رأسها وقالت من بين الدموع:" لم فعلت ذلك؟! أنا أكرهك! أكرهك يا ريكاردو!"

عاد لمسح دموعها بيديه...ثم لمس ذقنها ورفع رأسها....

" أرجوكي أن تكفي عن البكاء! لا أستطيع تحمل ذلك!"

بدأت تهدأ تدريجياً وهي تحدق في عينيه الرماديتين....كانت تبدوان مختلفتين الآن عن أي وقت مضى....وما ان مسح آخر دمعة سالت على وجنتها...حتى قال :

" والآن؟ هل حقاً أنتي تكرهينني؟؟!"

أشاحت بنظرها الى الاسفل محاولة التهرب من الاجابة...عاد لرفع رأسها

" ايلا؟"

لم يتعمد نطق اسمها بهذه الطريقة الجذابة...؟؟ هذا الجذاب اللعين! بالطبع هي لا تكرهه!! بل هي صريعة هواه...

قالت بصوت خافت:" لم أقصد ذلك!"

صدرت منه تنهيدة ارتياح...وعاد لضمها اليه :" أنت تنتمين الي ساندريلا! منذ ولادتك..كنت لي! وستظلين لي!!"

رفعت ايلا رأسها مستغربة...:" لا أفهم كلامك ريك!"

نظر اليها ريكاردو بحب...وهو يقبل طرف أنفها..

" لا عليكي حبيبتي! هيا بنا الآن...وسيكون هناك الوقت المناسب لنتحدث بكل شيء!"
ابتسمت موافقة...قبلها على جبينها وانطلقا في رحلة العودة من الاحلام!


وعلى باب غرفتها......

" تصبحين على خير يا صغيرتي..نامي جيداً فالغد سيكون مليئاً بالمفاجآت,وسنتحدث عن كل مايشغل بالك بشأن هذه الليلة! لهذا ارتاحي اليوم...فأنتي متعبة للغاية!"

ابتسمت ايلا وهزت رأسها موافقة " تصبح على خير ريك"

قبلها على جبينها ثم همس بصوت دافئ :" لو لم أكن مجبراً...لما تركتك تذهبين يا زنبقتي البيضاء...ولكنني سأكون بانتظارك.. ما ان تشرق الشمس..وترسل أشعتها الذهبية..لتبعثر خصلات شعرك الناعم ( وهو يعبث بخصلات شعرها)...وتداعب جفونك الناعسة (وهو يلمس بأنامله جفونها..فتغمض ايلا عينيها وقلبها يخفق بشدة)..فتوقظك..وتقول لكي..بأنني بانتظارك, ومتلهف للقائك!"

" أوه ..ريك!" وعانقته بقوة...وبادلها العناق لهنيهة...ثم جذبها عنه بصعوبة وهو يلهث...., طبع قبلة سريعة على جبينها " الى الغد يا ملاكي!"

" الى الغد!"

تأكد أنها دخلت غرفتها ثم أغلق الباب خلفها...وأسند ظهره عليه..لاهثاً فرحاً..ذائباً من العشق! كانت تسمع صوت تنفسه السريع اللاهث..ولم تكن حالها بأحسن من حاله..اتجهت الى سريرها وألقت بجسدها عليه وهي تضحك بسعادة...! لم تصدق شدة حب وعشق ريكاردو لها...بالرغم من وجود تلك البغيضة صوفيا! الا انها لن تدعها تكدر عليها سعادتها! ريكاردو يحبها وهي تحس بذلك جيداً! فهل يمكن أن تضحك لها الدنيا أخيراً!

هدأ ريكاردو قليلاً..ثم التفت ليذهب الى غرفته....

" سنيور ريكاردو!" التفت ريكاردو بدهشة..من هذا الذي لا يزال مستيقظاً حتى هذه الساعة المتأخرة؟

" آه! انه انتي!"

اقتربت منه بثقة وعينيها تقدح شرراً مما رأته وسمعته بينه وبين ايلا..

" هل تسمح لي بالقليل من وقتك!"

رد بجفاء وهو يهم بالذهاب:" لا أظن بأن مالديكي يهمني! عمتي مساءاً سنيوريتا!"

أمسكت فران بذراعه:" لدي شيء مهم لأطلعك عليه..., وهو..يخص ايلا!"

التفت ريكاردو بسرعة نحو فران, فابتسمت بخبث لأنها عرفت بأنها استحوذت اهتمامه...

" لن أستطيع التحدث هنا!"

أشار بيده بنفاذ صبر نحو المكتبة, ابتسمت فران...." هذا أفضل!"

وسارت وسار وراءها ريكاردو...وهو يتساءل, ماهو السر الذي تخفيه فران..ويخص ايلا؟!!
دخلا المكتبة...وأغلق ريكاردو الباب!

استمتعوا...*__^