عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 07-03-2016, 01:32 AM
 

الفصل السادس
"لم تعذبني!"

لم تفلح محاولات ايلا الفرار من هذا الكابوس!! كان تعلق السنيور سلفادور بها يزداد يوماً بعد يوم..., وزاد اقتناعه بأن إيلا تنتمي لهذا القصر..وبأنها العروس الملائمة لريكاردو- كما كان يخطط هو ودايفيد منذ زمن بعيد-!!

" مرحباً!"

أبعدت إيلا كتابها للحظة, ونظرت الى مصدر الصوت..آه! إنه الشاب الوسيم الذي ظنته ريكاردو في حفل أول القطاف!!

ردت مستغربة:" أهلاً!"

ابتسم الشاب وهو يجلس على الكرسي الطويل بجانبها...." لا بد أنكي ساندريلا!"
دهشت إيلا كثيراً...وقالت بحدة:" هل هذا مكتوب على جبيني أم ماذا؟"

ضحك الشاب عالياً...وقال من بين ضحكاته:" أنتي...أنتي حقاً حادة المزاج..وخفيفة الظل أيضاً! لم يخطأ ريكاردو في وصفكي أبداً!"

لمعت عيناها وهي تردد هامسة:" ريكاردو اذاً؟"

لكنه لم يستطع اكتشاف ما يدور في خلدها..خاصة مع تلك النظارة الشمسية السوداء الكبيرة التي تخفي معظم وجهها...., فقال باسماً:" أنا غوستاف!"

وهو يمد يده مصافحاً,...ابتسمت وصافحته:" وأنا إيلا....ولندع لقب الساندريلا جانباً لو سمحت!!"

قال ضاحكاً:" اتفقنا...فاسم إيلا جميل للغاية!"

ردت باسمة:" أشكرك! أنت صديق لريكاردو اذاً؟"

قال وهو يتمدد على كرسيه الطويل:" لست أي صديق! يمكنكي أن تقولي...بأنه بمثابة الاخ لي!!"

ابتسمت ايلا :" هذا جميل!"

" ولكن..ما الذي تفعلينه بحق الله ...ياجميلتي؟ الشمس حارة...والمسبح أمامك..وتكتفين بالجلوس هنا..وبكامل ثيابك..وتطالعين أيضاً؟؟؟أين هو ريكاردو؟؟انه لا يقوم بواجب الضيافة أبداً كما يجب!!"

ابتسمت مجاملة..وردت بأدب:" أنا لا أعرف حقاً سنيور غوستاف أين هو ريكاردو!!كما وأنه لا دخل له أبداً بما أفعله!!"

" نادني (غَس) يا جميلتي....هكذا يناديني جميع أصدقائي!!"

" لا أظن بأنني أرقى الى هذا الشرف!!فنحن لم نعرف بعضنا سوا من دقائق قليلة!!"

ابتسم غوستاف وهتف بدهشة...:" لسانك لاذع حقاً يا فتاة...وذلك يعجبني كثيراً!!"

" أهناك من لاتعجبك يا صديقي؟"علق صوت من خلفهما...فرفعت إيلا رأسها..التقت نظراتها بنظراته المستهزئة..., حاولت عدم الاكتراث..وعادت لتدس رأسها في كتابها..وهي تنصت له بكل اهتمام وانتباه....

" آه..ريكاردو! أتيت أخيراً؟ كنا نبحث عنك!!"

اقترب ريكاردو وجلس على كرسي آخر..وتمدد عليه....

" كنت تبحث عني وأنت جالس مع السنيورا إيلا؟؟حقاً تستحق ما جاءك منها!!"

حاولت إيلا أن تمنع ابتسامتها خلف صفحات كتابها...

قال غوستاف معاتباً:" أهذا ما أجنيه منك أيها اللئيم؟ لن أرد عليك...سأذهب الى ملكة قلبي!"

ابتسم ريكاردو:" انها تنتظرك في المطبخ..ولديها مفاجأة لك!!"

ضحك غوستاف بفرح:" حقاً؟ حسناً..أنا أحب مفاجآتها أكثر مما أحب صداقتك...ولولاها لتركتك منذ زمن بعيد...!! اعذروني..لا أستطيع التأخر عن حبيبة قلبي!!"

وغادر مسرعاً..بينما كان ريكاردو يقهقه عالياً., رفعت إيلا رأسها وتساءلت بدهشة:" ومن هي حبيبة قلبه التي أدارت رأسه بهذا الشكل؟"

عادت القساوة والبرودة تكسو ملامحه من جديد:" هل هي الغيرة؟"

أجابت بصراحه وقد استغربت تحوله السريع:" بل الفضول! فلا يوجد في القصر من أستطيع تخيلها حبيبة لغوستاف!"

" بلى يوجد..., انها مارغريتا!"

هتفت ايلا بدهشة:" ماذا؟ مارغريتا؟! ولكن؟؟"

أجاب بابتسامته التي تعشقها..." إنه بالطبع يعتبرها كوالدته..ولكنه يحب طهوها والاطباق التي تعدها بشكل مدهش, فيظن السامع بأنه يتحدث عن حبيبته..لا عن أطباق مارغريتا الشهية!!"

تساءلت إيلا وهي تضحك:" وماهي هديتها الرائعة؟!"

" حلوى التراميسيو!!"

ضحكت ايلا من قلبها.." هذا عشق لذيذ ولا شك!!"

تلاشت الابتسامة شيئاً فشيئاً عن وجه ريكاردو....:" العشق لذيذٌ بكل أنواعه يا ساندريلا!!"

لماذا يصر على تعذيبها؟؟ انه لا يحب أن يراها هانئة ..مرتاحة البال!! يجب أن يحرقها دائماً بكلماته ونظراته...!!هو من دون كل العالم..يتحدث معها الآن عن العشق..ومدى لذته وحلاوته!!وكأنها تتحمل النظر الى عينيه..حتى تبوح شفتيه بهذا الكلام...أوه!!تباً..تباً..تباً! تمالكي نفسكي أيتها الحمقاء...! لن تكوني أبداً سهلة!!أبداً..أبداً!!!
ارتدت قناع البرود مرة أخرى..فهو في النهاية أفضل مفر لها....قالت وهي تعود لتصفح كتابها....:" أنت الخبير هنا!!"

ابتسم ببرود وقال بعينين ضيقتين...وبلهجة لم تكن أقل سخرية منها:" لماذا تصرين على التمسك بمظهر الطفلة البريئة؟أتريدين أن تقولي بأنكي لم تجربي الحب يوماً يا ساندريلا؟؟لست ساذجاً الى هذه الدرجة يا صغيرتي؟؟"

أقفلت الكتاب بعصبية واضحة وهي تخلع نظاراتها:" لن أعطيك الفرصة لاستفزازي مرة أخرى...سنيور!"
قهقه عالياً..ونهض عن كرسيه..وخلع عنه قميصه وهبط بجانبها...وهو يلاحظ ارتعاشها وارتباكها مما فعل.., فابتسم وقال بصوت هامس...:" ألم أفعل بعد؟!"

لم تتحمل أكثر!!نهضت وهمت بالذهاب...لكنه سحبها من ذراعها..وجذبها اليه.., ذعرت من الموقف..وعينيها تتنقل مابين عينيه الرماديتين وشفتيه...محاول معرفة مايجول برأسه....وقال أخيراً:" لم لا تنضمين الي في السباحة؟الطقس حار فعلاً..ولست أدري لم تتمسكين بهذه الملابس؟"

اشتاطت ايلا غضباً...ونست توترها وخجلها منه....ونست أنها بين ذراعيه...

:" لست مهتمة أبداً بالانضمام اليك سنيور...كما وأنني لا أكون مرتاحة أبداً...حينما أكون شبه عارية...كما تلمح!!"

زاده جوابها اصراراً وعناداً...فنظر اليها نظرة ثاقبة كادت تفضح مشاعرها....

" لستي سوا طفلة عنيدة مغرورة...سنيورا ايلا!!"

ترقرقت الدموع في عينيها..كأنها حبات بلور مكسور...وبدأت شفتها السفلى بالارتجاف...!!لكن ريكاردو..كان قد فقد السيطرة على نفسه..., فما ان رآها على هذا الحال...حتى أخذ يهزها بقوة من كتفيها...

" هل ستبكين الآن؟! حقاً تصرف متوقع جداً منكي أيتها الطفلة المدللة...!!متى ستعرفين ما تريدين؟؟؟ الى متى ستظلين مختبئة في قوقعتك الهشة هذه؟؟؟!!تباً لكي!! لقد....لقد أفقدتني صوابي!!"

انفجرت دموعها...وهي تضرب صدره بيديها صائحة:" أكرهك ريكاردو...أكرهك كثيراً!"

كان يود لو أنه يخنقها حينها لما أثارته في نفسه...لكن منظرها وبكاؤها غيرا رأيه بسرعة...فلم يستطع الا أن يضمها الى صدره بقوة...وهي ما تزال في هستيريتها تلك..." اتركني..قلت لك اتركني أيها الوغد!!"

وشيئاً فشيئاً..خارت قواها..وبدأت تبكي بحرقة....أخذ ريكاردو يمسح على شعرها بحنان...:" اهدأي يا صغيرتي!..اهدأي...سيكون كل شيء على ما يرام..."

كانت كلمات ريكاردو تزيد من بكائها...! كانت بحاجة لهذا البكاء منذ وقت طويل..طويل جداً! وبعد فترة..هدأت ولم تعد قادرة على ذرف الدموع أكثر من ذلك...استدركت نفسها..فرفعت رأسها فوراً..لتلتقي عيونها المحمرة بعيني ريكاردو..لكن هذه المرة..لم تكن باردة وقاسية كما هو الحال دوماً...لقد ظهر فيهما شيء جديد..أحست فيهما بالدف والحنان والعطف...وهو ما استغربته..!
ابتسم بحنان..وقال وهو يمسح آخر دمعة انسابت على وجنتها الناعمة...:" هل تشعرين بتحسن الآن!"

أجابت بتلعثم وهي تسحب نفسها من على صدره العاري...ومن بين ذراعيه القويتين...وتلملم شعرها بحركات لا ارادية سريعه...:" أجل..أجل...أنا بخير!! لست أدري ماذا أصابني؟"

" إيلا؟؟" .. نادى بصوت عميق دافئ...رفعت رأسها اليه...., لكنه ما ان لمح عينيها حتى عدل عما كان يود قوله......

"أرجو أن ترتاحي قليلاً حتى موعد العشاء!!"

أحست إيلا بخيبة أمل..." نعم..نعم...هذا ما أود عمله بالفعل..!!عن..عن اذنك!"

وبسرعة انسحبت من أمامه.., ما الذي حصل لها هناك بالضبط؟؟وكيف انتهى بها الحال بين أحضان ريكاردو؟؟ دخلت غرفتها وألقت بنفسها على سريرها..كان الصداع شديداً بسبب شدة انفعالها واسرافها في البكاء...فما ان لامست برأسها الوسادة حتى راحت في نوم عميق!!!