عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 07-01-2016, 04:16 PM
 
part 2

صباح اليوم التالي .. و قد كانت الساعة تشير إلى السابعة ..!
كنت في المطبخ اتفقد ما فيه .. لقد نسيت كلياً أنه لا طعام هنا .. فنحن لم نتناول العشاء بالأمس بحجة أن تلك الكعكة اصابتنا بالتخمة ..!
دخل ريك عندها و هو يقول : يبدو أننا سنخرج للتسوق ..!
التفت إليه بهدوء : ألن تبدأ بالدراسة ؟!..
- لن أبدأ بمعدة خاوية مهما حدث ..!
- لقد رأيت دكاناً في الأسفل .. أعتقد أنه بإمكاننا شراء بعض الفطائر المغلفة منه ..!
- اه حسناً .. سأحضر سترتينا ..!
اغلقت باب الثلاجة و أنا أقول : نحن حتى ليس لدينا أواني لنطهي شيئاً بها ..!
تنهدت عندها : هناك الكثير من الأشياء التي تنقصنا .. أعتقد أن ريك لا يملك الوقت للتسوق و أنا ليس لدي خبرة في الأمر .. حتى خالتي لن تعود إلا في صباح الغد و إلا لكنت طلبت المساعدة منها ..!
سمعت نداء ريك عندها : لينك هيا .. لنخرج الآن ..!
خرجت من المطبخ : ها أنا خلفك ..!
ناولني سترتي السوداء فارتديتها و ارتديت حذائي الرياضي ثم خرجنا سوية ..!
أغلقت الباب عندها دون أن أقفله : لنستقل المصعد ..!
- ربما الدرج أفضل ..!
التفت إلى ريك باستغراب : لما ؟!..
- أنظر إلى الساعة .. الناس الآن يذهبون لمدارسهم و أعمالهم .. لا شك أن المصعد الآن مزدحم ..!
- وجهة نظر جيدة .. إذاً للنزل الدرج ..!
بدأنا بالنزول بالفعل و نحن نتبادل الأحاديث فقد سأل ريك : أتعتقد أن كيت ذهبت لمدرستها ؟!..
بهدوء أجبته : لا أعلم .. ربما تكون كذلك ..!
- إنها في الإعدادية صحيح ؟!..
- أجل ..!
- إذاً ليست في ذات مدرستنا ..!
- اعتقد هذا ..!
كنا عندها قد تجاوزنا الدور الرابع و نحن في الطريق إلى الثالث : توقف !!.. ليو توقف !!!..
التفتنا إلى الخلف إثر ذلك الصراخ لنرى ذلك الفتى الذي ينزل الدرج بسرعة و كأنه يهرب من شيء ما !!..
تجاوزنا عندها و قفز بقيت الدرج في لحظات !!..
لا زال هناك صوت ينادي : ليو أحذر .. ستسقط إن ركضت هكذا !!..
توقف ذلك الفتى و نظر للأعلى و صرخ بغضب : سيكون هذا بسببك أنت يا مجنونة !!..
ركض بعدها متابعاً طريقة !!..
بينما نظرت أنا و ريك بتلقائية للأعلى لنرى تلك المرأة التي أطلت برأسها من الدور الرابع ..!
تلك المرأة .. لقد رأيتها بالأمس قرب ساحة اللعب .. أجل لقد كانت تنادي ذلك الطفل لوسيان .. أهذا ابنها الآخر يا ترى ؟!!..
مستحيل ..! لقد دعاها بالمجنونة !!..
ربما أخوها الأصغر ؟!..
لكنه لا يشبهها ..!
تلك المرأة صرخت باستياء و الواضح أنها تكاد تبكي : أنت ولد سيء و أنا لم أعد أحبك .. لن أكلمك بعد الآن !!.. لن أطعمك من الحلوى .. سأعطي لوسيان فقط !!..
ما القصة ؟!..
ذلك الفتى هرب بعيداً و هو يصرخ : سيكون هذا يوم سعدي ..!
بينما عادت المرأة أدراجها و هي تبكي ..!
هدأ الجو عندها فتابعنا سيرنا إلى الأسفل دون أن نعلق على الأمر ..!
ذلك الفتى بشعره الذي يملك لون التوت الأزرق القاتم و عيناه كذلك .. لقد رأيته بالأمس أيضاً قرب ساحة اللعب و هو يستلقي على احد المقاعد ..!
يبدو أنه يرتدي ثياب المدرسة قبل قليل .. اعتقد أنه في الخامسة عشر .. إذاً لا يزال في الاعدادية ..!
و قبل أن نتجاوز الدور الثاني : أنا ذاهبة الآن ..!
التفت إلى مصدر الصوت لأرى فتاة صغيرة تبدو في التاسعة من العمر تحمل على ظهرها حقيبة مدرسية ..!
إنها جميلة .. لها شعر بني مموج طويل نوعاً ما و عينان ارجوانيتان واسعتان و وجه جميل متورد ..!
خرج رجل بدين من تلك الشقة وهو يقول بحماس : سأوصلك للمدرسة ..!
بانزعاج صرخت الفتاة : لا أبي .. أنا سأذهب بنفسي ..!
بدا الخوف على الأب : لكن قد ينزل الثلج و أنت في الطريق .. أنت لا تعلمين كم أنا قلق عليك ..!
خرجت امرأة خلفهما و الاستياء على وجهها : بدل أن تتبرع بإيصالها للمدرسة أسرع و بدل ملابسك كي لا تتأخر على العمل ..! دع الطفلة و شأنها فخوفك المبالغ هذا سيجعلها تحقد عليك ..!
صرخ برعب : لا يمكن أن يحدث هذا ..!
ركضت الطفلة ناحية الدرج : إلى اللقاء ماما ..!
ودعتها الأم بابتسامة : كوني حذرة ..!
لكن الأب صرخ بخوف : توقفي إيميلي .. أنا قادم انتظريني !!..
امسكت الأم بذراعه و سحبته إلى الداخل باستياء : توقف عن الصراخ ستزعج الجيران ..!
تجاوزتنا تلك الطفلة حينها و هي تقول بحيوية : صباح الخير ..!
بتلقائية قلت : صباح الخير ..!
بدأت بنزول الدرج و هي تهمهم بسعادة .. متجاهلة ما كان يفعله والداها منذ قليل ..!
- هذه العمارة .. مليئة بالمجانين ..!
هذا ما تمتم به ريك .. فتنهدت أنا بتعب : أنت على صواب في هذا ..!
واصلنا سيرنا إلى الأسف و حين خرجنا من المبنى اتجهنا فوراً إلى مكان الدكان الذي كان قريباً من البوابة ..!
كانت ساحة اللعب فارغة ..!
- آركيف .. حين تعود سجد طعامك في الفرن ..!
- حاضر ..!
التفت إلى الخلف فرأيت ذلك الطفل الذي بدا انه في العاشرة من عمره وهو يركض و يحمل حقيبته المدرسية بينما كان هناك رجل شاب بالقرب من البوابة و يبدو أنه من كان يحدثه .. أهو والده ؟!..
- أهذا هو الدكان ؟!..
التفت إلى ريك : آه .. أجل هذا هو ..!
كان مغلقاً للأسف : انه مغلق ريك ..!
- أجل .. يبدو أن الوقت لا زال مبكراً على أن يفتح ..!
قبل أن أعلق على الأمر : أتريدان شراء شيء ما ؟!..
التفت إلى الخلف حالاً ..!
كان هناك رجل خلفي .. يبدو في الثامنة و الأربعين من عمره و هو طويل القامة و ذو جسد متناسق .. لديه شارب بني و عينان بنيتان .. يرتدي قبعة صوفية و لا تنزل منها أي خصلة شعر : آه .. بلا ..!
تقدم قليلاً فابتعدنا عن طريقه .. فتح الدكان عندها بمفتاح كان في جيبه : أنا هو صاحب هذا الدكان .. تفضلا ..!
دخل أولاً و نحن من خلفه .. و حين خلع قبعته الصوفية كان كما توقعت .. أصلع الرأس ..!
التفت ناحيتنا بابتسامة : تفضلا بشراء ما تريدان ..!
التفت إلى ريك : خذ شيئاً للإفطار ..!
أومأ موافقاً و تقدم ناحية رفوف الخبز .. بينما سأل الرجل الأصلع و قد جلس على مقعد خلف طاولة المحاسبة الصغيرة : أأنتما أخوان ؟!..
أومأت إيجاباً .. فسأل مجدداً : تبدوان في سن واحدة .. أيكما أكبر ؟!..
- نحن توأمان .. لكني أكبره بخمسة دقائق ..!
- هكذا إذاً .. لم أركما في المنطقة مسبقاً .. هل دخلتما إلى هنا لشراء شيء من الدكان ؟!..
- في الحقيقة .. لقد انتقلنا إلى هنا بالأمس ..!
- هكذا إذاً .. في الدور الخامس ؟!.. إنها الشقة الفارغة الوحيدة ..!
- أجل ..!
- أنا أيضاً اعيش هنا ..! لقد كنت شرطياً سابقاً لكني اصبت بإصابة جعلتني أترك عملي ..! شقتي في الدور الأول .. و قد استأجرت هذا الدكان للعمل به منذ ثلاث سنوات ..! يأتي الكثيرون من خارج العمارة للتبضع هنا ..!
- هكذا إذاً .. لذا اعتقدت أننا من الخارج ..!
- أجل .. أنا جاك .. ينادونني العم جاك ..!
- تشرفنا عم جاك ..! أنا لينك .. و أخي الأصغر هو ريكايل ..!
انتبهت لريك الذي سأل : لينك .. أتريد فطيرة بالجبنة .. أم بالشوكولا ؟!..
- الشوكولا ..!
- حسناً .. و العصير ؟!..
- لا بأس بالتفاح ..!
- فهمت ..!
دخل رجل آخر إلى الدكان : صباح الخير جاك ..!
أجابه العم جاك بصوته العميق : صباح الخير توماس ..!
التفت إلى الخلف لأرى ذلك الرجل العجوز الذي يبدو في الستينيات ربما ..!
و قبل أن يقول أحدهم كلمة واحدة : صباح الخير ايها الجد توماس ..!
نظرت بصدمة إلى ريك المبتسم بينما أجابه ذلك الرجل : صباح الخير يا ريكايل ..!
باستغراب سألت : أتعرفه ريك ؟!..
أومأ إيجاباً بابتسامة : أجل .. لقد ساعدني في الأمس بحمل الصناديق من سيارة هاري إلى المصعد ..!
هكذا إذاً .. لقد اعتقدت أنه يعرفه من قبل فريك لم يغادر الشقة بالأمس ..!
نظر ذلك الرجل المدعو توماس إلي وهو يقول : ها هو أخوك إذاً .. أنتما توأمان ..! أسمك لينك ؟!..
أومأت إيجاباً باستغراب .. فلا احد ذكر اسمي منذ دخل هذا الرجل ..!
ابتسم لي عندها : حدثتني زوجتي عنك .. لقد قالت انك تسكن مع اخيك فعلمت أنك شقيق ريكايل ..!
زوجته ؟!.. من هي ؟!..
سألت بتردد : زوجتك ؟!..
أومأ إيجاباً بذات ابتسامته : أجل .. زوجتي مادلين ..!
مادلين ؟!!..
هتفت عندها : الجدة مادلين ؟!!!.. هي زوجتك ؟!..
أومأ إيجاباً فتدخل العم جاك عندها : أنه يبدو أصغر منها بكثير صحيح ؟!.. لكن قد تصدم إن علمت أن هذا الرجل أمامك سيلامس الثمانين قريباً ..!
نظرت إلى ذلك الرجل مجدداً .. صحيح أنه يبدو يبدوا عجوزاً لكن ليس إلى حد الثمانين : هذا مفاجئ .. ظننتك أصغر ..!
- في شبابي كنت بطل ألعاب قوى .. و هذا ما حافظ على صحة جسدي إلى هذا العمر ..!
ابتسمت له عندها : الرياضة هي أفضل شيء للجسد ..!
بالفعل .. من يرى جسده القوي و قوامه المستقيم لن يتوقع أن هذا هو عمره الحقيقي ..!
كان ذا شعر ملأه الشيب بلون ابيض مائل للرمادي .. وجه به بعض التجاعيد و تظهر عليه ملامح الوقار و عينان ضيقتان سوداوان ..!
وضع ريك ما أراد شراءه على طاولة المحاسبة فبدأ العم جاك بحسابها ..!
بينما أخذ الجد توماس يتجول في ذلك الدكان الصغير و المليء بالمواد الغذائية ..!
وضع العم جاك ما اشتريناه في الكيس وهو يقول : بما أنكما زبونان جديدان فسأخصم لكما هذه المرة ..!
ابتسم له ريك : شكراً لك .. عم جاك ..!
دفع الحساب و خرجنا بعدها لنعود للشقة : انهما شخصان لطيفان .. العم جاك .. و الجد توماس ..!
هذا ما قاله رايل و على وجهه ابتسامة صغيرة فابتسمت أنا الآخر : صحيح .. الجدة مادلين أيضاً .. مع أنها تبدو مزاجية للغاية ..!
- متى ألتقيت بها ؟!..
- بالأمس حين نزلت وحدي قبل الغروب ..!
- هكذا إذاً ..!
- ريك .. ذلك الفتى الذي كان يركض في الدرج .. اعتقد أن المرأة نادته ليو ..!
- بالتفكير بالأمر .. هاري ذكر أسمه بالأمس ..!
- بلا صحيح ..!
- أعتقد أننا سنتعرف على الجميع قريباً .. لا تستعجل ..!
- انت محق ..!
هذه المرة صعدنا من خلال المصعد ..!
الجو بارد : لم يكن علينا شراء العصير .. الجو بارد و من الأفضل شرب شيء ساخن ..!
بملل أجاب ريكايل : لكن ليس لدينا حتى أبريق كي نسخن الماء فيه و نصنع الشاي أو القهوة .. علينا أن نصبر بعض الوقت ..!
فتح باب المصعد فخرجنا منه و اتجهنا إلى شقتنا ..!
حين فتحت الباب : هناك رائحة جيدة ..!
هذا ما تمتمت به فهتف ريك برعب : ليس تلك الماندي ثانيةً ..!
أومأت سلباً : لا .. إنها رائحة طعام !!..
بلا شعور خلعت حذائي في الحال و ركضت إلى المطبخ ..!
و ما إن دخلت حتى استقبلتني تلك النبرة المستاءة : لقد تأخرتما ..!
دخل ريك خلفي حالاً و هتف بدهشة : كيت !!!..
أجل .. كانت تلك المجنونة تجلس خلف طاولة الطعام ..!
أمامها كانت هناك بعض أصناف الافطار من البيض المقلي و الجبنة الفرنسية .. و الأهم من ذلك .. أبريق شاي ساخن ..!
باستغراب سألت : ماذا تفعلين هنا ؟!..
بضجر أجابت : أخبرني هاري بأنكما لم تشتريا أوني للطبخ .. لذا اعتقدت أنكما ستواجهان مشكلة بالنسبة للإفطار !!.. لذا احضرت هذا لنتناول الفطور سويةً .. وجدت الباب مفتوحاً فدخلت .. و حين لم أجدكما قررت أن أنتظر حتى تعودا ..!
يا لها من فتاة !!.. لم أعتقد أنها قد تفكر بنا ..!
إن لديها جانب جيداً للغاية ..!
ابتسمت لها : هل تناولت فطورك ؟!..
أومأت سلباً : اخي خرج قبل قليل و أخبرني بأن أكل معكما ..!
- أخذتي أبرتك ؟!.. يفترض أن تكون في السابعة ..!
- لقد أعطاني إياها هاري قبل أن يخرج ..!
- متأكدة ؟!..
- بالطبع ..!
لم أستطع أن أنفي كلامها فهاري بالتأكيد كان سيطلب مني أن أعطيها إياها إن لم يكن قادراً على هذا .. غير أني لا أعلم ما كمية الأنسولين التي يجب أن أحقنها بها ..!
جلس ريك على الطاولة وهو يقول : لقد أنقذتنا بالعفل كيت .. كان من الممكن أن نتناول الفطائر المغلفة و العصير على الإفطار ..!
بهدوء قالت : بالصحة و العافية ..!
جلست بقرب رايل : شكراً لك كيت ..!
بدأنا بتناول الطعام .. إنه لذيذ فحتى البيض قد أضيفت له بعض البهارات الرائعة ..!
باستغراب علق أخي : لم أعلم أن هاري يجيد الطهي ..!
- لكن أنا من أعد هذا .. و ليس هاري ..!
نظرنا إليها بصدمة بينما كانت تحسي الشاي ..!
صحيح أن هاري ذكر أنها تجيد إعداد الوجبات الخفيفة .. لكن لم يذكر شيئاً عن مهارتها العالية في هذا ..!
- أنه لذيذ للغاية أتعلمين ؟!..
نظرت إلى ريكايل باستغراب : حقاً ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. أنت ماهرة ..!
توردت وجنتاها لكنها أوشحت بوجهها العابس ..!
هل أتخيل ؟!.. أم أنها تصبح شخصاً آخر عندما لا يكون هاري موجوداً ؟!!..
عموماً .. لا زال علي أن أبعد هذا الغموض الغريب المحيط بها ..!
أريد فعل هذا بأسرع ما يمكن ..!
.................................................. ..
رد مع اقتباس