عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-29-2016, 01:25 AM
 
الفصل الرابع عشر...
"حبيبتي..... حتى الموت!"

يمر يومين دون أن تراه........ومع هذا تعرف بأنه يقضي وقته في المزرعة الجنوبية...وبدا بأن لاأحد على علم بماحدث بينهما!!!

" لوسي؟؟ تعالي حالاً...لدينا ضيوف!!" صرخت أماندا من أسفل السلم...
كانت مستلقية على سريرها تقلب صفحات مجله دون ان تركز فيها....فكل تركيزها كان مع ذلك الاسمر الذي خطف قلبها منذ زمن!!! لكنها ما ان سمعت صوت أماندا....حتى ألقت بها بعنف...وهي لا تعرف ماسبب مزاجها السيء لهذا اليوم!! ونهضت عن سريرها...ألقت نظرة الى نفسها في المرآة....ثم هبطت في الحال.....وما ان وصلت الى غرفة الضيوف...حتى فوجئت بذلك الشاب الوسيم...والذي تشعر بأن ملامحه مألوفة لها بعض الشيء!!
تقدمت لتحييه.....
" مرحباً!"
"أهلاً..كيف حالكي؟" قال مبتسماً بعينين مضيئتين..وهو يصافحها...
" بخير...وأنت؟" قالت وهي تنظر الى أماندا مستنجدة..فذاكرتها لا تسعفها...وبدا بأن هذا الشخص يعرفها.....
اقتربت أماندا وهي تضحك:" انه تيد!! ألا تذكرينه؟؟"
" آه تيد! كيف حالك؟؟" وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها....هل يفترض بأن يذكرها اسمه بهويته؟
ضحك تيد وقال:" أنتي لا تذكرينني؟؟؟"
ابتسمت بحرج:" حسناً...تبدو مألوفاً لدي...ولكن ذاكرتي لا تسعفني هذه الايام!!"
صرخت اماندا وهي تضحك:" ألا تذكرين رفيقكي ...من الحفل الريفي؟؟"
وهنا صرخت لوسي:" آه الآن تذكرت!!! كيف نسيت هذا؟؟ انه لمن المفرح ان اراك حقاً بعد كل هذه السنين...كيف حالك؟"
" أنا في احسن حال...وأرى أنكي كذلك!!"
" لكن؟؟كيف حدث وتعارفتما؟؟" تساءلت لوسي..
" انه صديق ستيف! " هتفت أماندا....
" أوه! لم أعرف هذا!"
" لا عليكي!! فصداقتنا حديثة العهد!!"..
" حسناً..ألن نجلس؟ سيحضر ستيف قريباً..!"
تساءلت لوسي وهي تجلس..:" والى أين ذهب مبكراً هكذا؟؟"
" ذهب لمعاونة أندرو في المزرعة الجنوبية!! فالعمل شاق ومنهك هذه الايام! وأظنهما سيعودان معاً!!"
ارتبكت لوسي....لكنها عادت لتنظر الى تيد الذي كان ينظر اليها محدقاً...
فوجدت نفسها تقول:" هل تشرب شيئاً تيد؟ شاي أم قهوة؟؟"
" فنجان من الشاي سيكون رائعاً..أشكرك!" قال برقة...
بينما انسحبت هي بهدوء...الى المطبخ..لتلتقي السيدة ماير..وتنخرطان معاً في الحديث عن هذا التيد......

ويأتي الليل...لينشر أجنحته ويلف المكان......هذا السكون والعتمة......يخرقه صوت عزف غيتار ...وأصوات غناء وضحك هستيري...تنبعث من...بيته!!!
نظر باستغراب الى ستيف....بادله الاخر نفس النظرات.....
تقدم أندرو..وفتح الباب ومن خلفه ستيف...خلع معطفه وحذائه الملطخ بالطين....وارتدى الحذاء المنزلي....تقدم الى مصدر الصوت....حتى وصل الى غرفة المعيشة....
ليجد لوسي تتوسط أماندا وتيد على الاريكة المقابلة للمدفأة...وهي تدق على غيتارها..وتغني بصوتها الشجي...ومما يبدو بأن السهرة كانت أكثر من ممتعة...فهاهي اماندا..وكذلك تيد...يغنيان باعلى صوتهيما في محاولة لمرافقة غناء لوسي....
والجميع في ضحك واهتياج.....ولمعت عيني اندرو..وهو يرى ذراع تيد المرتاحة على كتفي لوسي....
لكن ما ان لمح ستيف تيد حتى هرع الى الداخل مرحباً..........
" أكل هذه الجلبة منك أيها المحتال؟؟؟" قال ستيف وهو يعانق تيد......
" وماذا سنفعل؟ ان كانت هذه الحسناء تفقدنا صوابنا؟؟" وهو ينظر الى لوسي
بهيام....
مما أجفل المسكينة..خاصة وهي تلمح نظرات اندرو النارية......
تقدم اندرو وقبل شقيقته على رأسها...واكتفى بالقاء تحية جافة على لوسي...
بينما وقف أمام تيد وهو ينظر اليه بتحدي....
شعر ستيف بحرب اثبات الافضل بينهما..فسارع الى تقديم كل منهما للآخر...
" ومن لا يعرف أندرو ماير....الاعزب الوسيم!! انك حلم كل فتيات البلدة يا رجل!!"
ارتفعت زاوية فمه بشكل بسيط وقال بسخرية:" لم أكن أعرف هذا! تفضل بالجلوس!!"
ولم يعرف تيد لم لم يعجبه ترحيب اندرو...بل هو للحق يبادله الشعور...فوجد نفسه يمسك بمعطفه...وهو يقول معتذراً
" أرجو ان تسمحوا لي الان بالانصراف...لقد تأخر الوقت..ولم ألحظ ذلك!"
" وكيف ستفعل ذلك...وقد أفقدتك هذه الحسناء...صوابك- على حد تعبيرك-؟؟؟" قال باستهزاء وهو ينظر الى لوسي بشزر....
ابتسم تيد بدون مرح...وقال:" هذا صحيح! أراك لاحقاً ستيف! عن اذنكم!" وهو يغادر....
نظر اندرو الى لوسي وعينيه تقدحان شرراً.... لو أن النظرات تقتل...لأرداها قتيلة على الفور!!مما جعلها تحول ناظريها بعيداً عنه...وماذا فعلت حتى ينظر اليها بهذه الصورة؟؟؟!
قال بغضب غير مبرر:" أرجو المعذرة!!" وهو يغادر كالثور الهائج.....
تساءلت أماندا بحيرة:" ماذا يجري ستيف؟؟ماباله أندرو؟؟"
وبدا بأن ستيف ايضاً يشعر بالحيرة...:" لست أعرف حقاً! كان بخير منذ لحظات!!ولكن؟؟" وهو يحول نظره ليستقر على لوسي....
" هل هناك شيء ستيف؟" تساءلت لوسي بقلق....
" لا..أبداً! يبدو أنني شردت...اعذراني حقاً..فانني منهك وليس لدي اية فكرة عما يحدث!!"
اقتربت اماندا معانقة اياه:" أوه حبيبي...لابد أنك تعبت كثيراً اليوم...هيا اصعد لتأخذ حماماً منعشاً ريثما احضر لك شيئاً تأكله!!"
قبل رأسها وهو يقول:" لا حبيبتي...لقد تناولت العشاء برفقة اندرو...لايمكنك توقع بقائي حتى الآن بلا طعام..خاصة بعد المجهود الذي بذلناه...يا الهي !! كان يوماً متعباً بحق!! "
ابتسمت أماندا ثم قالت:" حسناً اذاً أنت بحاجة الى الراحة!!"
" وأنتي كذلك حبيبتي ...هيا بنا!" وهو يضمها اليه...ويساعدها لتمشي...
" ألن تنامي لوس؟" تساءلت أماندا.....
بينما استيقظت لوسي من شرودها على صوت صديقتها...:" أوه..أجل بالطبع!! تصبحان على خير...." وهي تنهض وتصعد الى غرفتها بسرعة.......
لكنها لم تستطع التحرك من مكانها.....بعد دخولها الى غرفتها..كان هناك مايشغل تفكيرها......أندرو!!!
مضت ساعة.....وهي تخرج الى الشرفة تارة...وتارة تذرع أرضية الغرفة جيئة وذهاباً....
جلست على سريرها...وهي تحضن رأسها بين يديها....ولم تشعر الا والباب يفتح على مصرعيه...ويظهر اندرو بملامح غاضبة جداً......
تراجعت للخلف مذعورة....وهي تتمتم:" أن...درو!"
كان كالعاصفة الهوجاء....كالزوبعة.....وهو يجذبها من ذراعيها بقوة...ويسحبها حتى غرفته.....
وهي حتى لم تعترض....بل ان الصدمة ألجمت لسانها......
وحينما أصبحا هناك......دفعها الى الداخل..وأغلق الباب......
التفتت بسرعة...وهي تنظر اليه مرتاعة....نظر اليها مطولاً......ثم قال آمراً....
" لن تقابلي هذا التيد مرة أخرى!"
نظرت اليه غير مصدقة:" م..ماذا؟"
"سمعتني!" قال بجفاء.....
حينها لم تستطع تمالك غضبها...:" ومنذ متى أتلقى الاوامر منك؟؟"
" منذ اليوم!!"
نهضت وهي تهم بالخروج:" اذاً أنت واهم كبير!!"
أمسكها من ذراعها....وكان يهم بقول شيء..لكنه عاد فقال....وهو يبتسم بسخرية
" نسيت أنكي مولعة بالتحدي!!"
نظرت اليه وهي تبتسم ببرود......دون ان تضيف شيئاً...
"حسن اذاً! لكي هذا!! أمسكي الغيتار!!"...
قالت مصعوقة:" ماذا؟؟؟"
" أنا أتحداكي ايتها الاميرة....ماذا؟ هل أنتي خائفة من الخسارة!!"
" كان هذا في الماضي!!" قالت بتحدي....
" حسناً..أرني ما لديكي!!" وهو يقول بتصميم لايقل عن تصميمها....

أمسكت بالغيتار الذي أعطاها اياه.....وجلست على كرسي خشبي وسط غرفته..بينما جلس هو على الارض كعادته....وتناول غيتاراً اخرا من مجموعته...
نظر اليها.....
ياللسماء....كم تفقده عقله!!!
كانت ترتدي قميصاً أزرقاً ضيق من الكاروهات..وبنطالاً من الجينز الضيق...بينما ينساب شعرها بتموجات رائعة ويحيط بجانبي وجهها....
حسناً..لقد كانت حافية القدمين..حينما جذبها من غرفتها....فظهرت أصابع قدميها الصغيرة المطلية باللون الاحمر.... مما زاد من شكلها المغري...برأي اندرو بالطبع..فهي لم تقصد اي من هذا.....
ربما لهذا فقد عقله حينما رآها بصحبة تيد....كاد الفتى يأكلها بنظرات عينيه!!وكان أهون على أندرو أن يقتلع عينيه من محجريهما على ان يحدق بحبيبته بهذا الشكل!!

نظرت اليه بحقد...وقررت بأنه يجب ان يخسر بأي ثمن...
بدأت بعزف مقطوعة فرنسية...وهي متأكدة من أنه لن يعرفها لأنها مغمورة جداً..وحديثة العهد....ورافقتها بغنائها الرائع....

" أنا المطر ..وأنت قطراتي...
أنت المؤكد....وأنا الشك...
أنت الباقة....وأنا الزهور....
أنت اللحظة وأنا السعادة...
أنت شروق الشمس...وأنا غروبها....
أنا جحيم كل خطاياك.....
أنت حبي...أنت حبي..
أنا الحكيم....وأنت المجنون...
أنت لاشيء وأنا كل شيء..."

كانت تغني هذه الكلمات بتمهل...وبصوت فيه بحة رائعة...وهامسة...أثارت عواصف مشاعره وزوابع العاطفة في جسده وقلبه....
وبما أنه لم يكمل معزوفتها..توقفت وهي تبتسم لأنها هزمته....لكنها تفاجأت به...يقول بحزم..لا يحتمل الرفض...
"أكملي!!!"
نظرت اليه مستغربة...لكن نظرات عينيه أفهمتها أنه لا نقاش...فعادت تدق أوتار غيتارها..وتكمل أغنيتها..وقد أصبحت على النمط السريع....وهي تهز رأسها تأثراً باللحن...وتبتسم حيناً...ثم تعود لتنظر اليه حيناً بتحدي....
لكنه كان أبعد ما يكون عن التحدي....لقد كان سارحاً معها ومع عذوبتها التي تدفعه للجنون....
وأخيراً...وصلت لمقطع الذي تقوم فيه فقط بتلفظ الكلمات بدون لحن...مرافقة عزفها....بنفس بحتها الشقية..
" أنا كتابتك.....وأنت صورتي...
أنت روايتي....وأنا مرآتك....
أنت الرغبة....وأنا الايماءة...
أنت الليمون.....وأنا قشرته....امممممم (وهذه الاممممم أفقدته صوابه...!!)
أنا الشاي....وأنت الكوب
أنت الغيتار...وأنا الناي....
أنت حبي....أنت حبي...

رفعت رأسها..ونظرت اليه بتحدي.....وقالت بسخرية وهي تبعد الغيتار جانباً:" هل اعجبتك مقطوعتي؟"
فهي تعرف بأن كلمات أغنيتها سخيفة جداً....لكنها اختارتها لأنها متأكدة من عدم معرفته بها....مما يعني فوزها في التحدي أخيراً!!!! امم....لقد كانت محتاطة اذاً هذه المرة!!!
نهض من مكانه وهو لا يكاد يسيطر على نفسه..واقترب منها وهو يشد ذراعها لتقف هي الاخرى وتواجهه...وهي تنظر اليه بتوجس....
" بل أنتي من أعجبتني...!!"
" أندرو..!!!لا...!!" قالت محذرة....
ولكنه لم يعطها اي فرصة..اذ ضمها اليه في عناق محموم...مجنون....لم تستطع الهرب منه!! وظلا هكذا لبرهة من الوقت...حتى بدأت تستيقظ على مايحدث....فحاولت التململ....
" أندرو...اتركني!!"
ابتعد قليلاً وهي ماتزال بين ذراعيه.....نظر اليها...ثم عاد فأسند جبهته على جبهتها...قائلاً مغمض العينين ......
" أنا...أعتذر! أعرف بأنه لم يتوجب علي ذلك....لكنكي المذنبة الوحيدة هنا!اللعنة..فلم أر من هي بمثل اثارتك وجمالك وهي تغني....وأنا لست حجراً! بل في الحقيقة..أنا أبعد مايكون عن الحجارة...كما تعلمين!!"
انتفضت مبتعدة من كلماته ولمساته التي هزتها...." أنت لا تحتمل!!وقد كانت غلطتي من البداية.مجيئي معك الى هنا!!كان علي أن أعلم أنك لست أهلاً للثقة؟"
جذبها اليه من جديد:" وهل أنتي كذلك؟؟؟"
" ماذا تقصد؟؟"
قال بسخرية:" أعني أنكي لا تثقين حتى بنفسك....حينما أطلقتي لها العنان...وكنتي دافئة ورائعة بين ذراعي قبل قليل....!!فكيف تريدين مني أنا منع نفسي؟؟؟؟"

نظرت اليه بحقد وهي تحاول تخليص نفسها من قبضته..:" أنت وغد كبير!!!"

ضحك بسخرية...:" حسناً...أيتها الحمل الصغير!!!" وهو يتركها......فسارت باتجاه الباب حانقة وهي تود لو أن بامكانها صفعه....لكن صوته استوقفها وهي تفتح الباب لتخرج...

" لم تقولي؟ماهي هديتك؟فأنتي في النهاية قد ربحتي التحدي ..!!"

نظرت اليه بغضب...قائلة:" أريدك أن تتركني وشأني.....!!"

" هذا أمر غير قابل للنقاش..!! فأنا لن أتركك حتى الموت حبيبتي!!!"

" آهههه!" قالت بحنق....وخرجت وهي تصفق الباب خلفها.....
لكنها لم تدر لم شعرت بالراحة لكلمته تلك......حسناً هذا واضح!! فهذا يعني بأن حبه لها لم يمت...ولكنها لا تعرف....لم تفقد السيطرة على اعصابها ...حينما يقترب منها؟؟؟ لم لا تستطيع اخباره بكل بساطة.....كم تحبه!