عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 06-21-2016, 10:54 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_06_16146653772184443.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

الفصل الثالث:


خرجتْ من مركز جامود و ما ارتديه من ملابس كان بنطال جينز وتي شيرت آخر لفرقة روك موسيقية . قمت بسحب شعري للخلف لتسريحة ذيل حصان ثم وضعت بعض المساحيق التجميلية ، – مُرطب شفاه ، ماسكرا ليس بالزينة الملحوظة ولكنها كانت أكثر من المعتاد ، ثم أغلقت سوسته سُترتي وحملت حقيبتي الأُرجوانية وجلست بجانب أودري في درج الشرفة الأمامية . " مرحبا ، أنـا كلارا ، كلارتي "
مسحت أودري أثار دمعٍ متجمعٍ في عينيها بِكُـم يدها قبل أن تجيبها قائله : " أودري "
وبعدها عمت فترة صمت مُريبة لبضع دقائق ، ابتدأت العصافير بالمبادرة لخرق السكون بزقزقتها وتغريدها من على الأشجار ثم تلتها نسمات الرياح الباردة تُشجعها تبعث برحيها الهادئة تارة لتدعم العصافير وتارة نحونا كأنها تحثني على أن أتشجع فانصت لها وبدأت بدوري : " لقد مررتِ بظروفٍ صعبة ، أستطيع تفهمك "
نظرت أودري بعيداً محاولة التحرر من الدموع حبيسة أجفانها ، أوضحت حُنجرتها وقالت : " أنت تعيشين هنا ؟ "
" أجل" اجبتها قائلة ثم أكملت حديثي :" مع أبي . دكتور هارمان ، آنـا تعمل لدينا في بعض الأيام ثم الممرضة الجديدة ماريا أعتقد بأنها صديقة والدتك تناوب في الليل ، و جميعهم يبلون حسناً "
" ألا يخيفك الأمر ؟" قالت أودري بقلق ثم واصلت حديثها " بقائكِ بجانب كل هؤلاء .. " توفقت عن الحديث ولم تتمكن من اكمال جملتها بصوتها الذي خذلها وأصبح مبحوحاً كئيباً عندها اجابتها كلارتي تُرِيحها من عنائها .. أومأت برأسها قاله : " لا ، لا يخيفني ، قد اعتدت على الأمر ، وأمي مصابه بالمرض منذ وقتٍ طويل .. منذ أن وعيت على هذه الحياة "
نظرت إلي أودري نظرة استعطاف وقالت بنبرة مُتردده :" كيف .. "
اعتراني الضيق فبانت تكشيرتي على وجهي إذ لم أحب الخوض في الموضوع أكثر ، ولكن الحديث عن هذا الجزء تحديداً لم يكن سِراً . أردفت قائلة : " تناول الأودية في ذات اليوم الذي ولدت فيه ، ذلك فعل والده عظيمه أليس كذلك ! " . واستمرت بمواصلة الحديث في سرها تقص الجزء السري من قصتها لنفسها ( ما كان سِرا لم يخفيه والدي عني يوماً أن أمي وأبي لم تكن علاقتهما موفقه بالبقاء سوياً ، ووالدي ليس بالأب الحقيقي لي )
" آه .. فهمت " قالت أودري تحث كلارتي على اكمال حديثها فتنهدت الثانية وواصلت الحكاية :" ولكن لأكون صريحه ، فلم تكن لتعرف بالنتائج المترتبة على تناولها للعقار ، فعبد كل شيء هي أول مصاب بمرض فاكهة العفريت جامودي في الولايات المتحدة "
" رائع ! " بنبرة مُتحسرة قالت أودري كلمتها ثم قطفت بُرْعُم شجرة صغير وسحقته في يدها وهي تقول :" كان آندرو يعلم بما سيحدث معه مع ذلك تناولها "
ثم فتحت قبضة يدها الغاضبة ، لتلك الأجزاء المُنسحِقة من براعم الأشجار الساكنة في كفها تاركه للبعض منهم حرية الخِيار بالتسلسل والهرب بعيداً ، وأردفت قائله مُتشاغله بما في يدها :" لقد تناولها في حفله رافقني فيها لإصراري بقدومه معي . لم يرغب حتى بحضورها لولاي ! " ثم حررت بقية الأجزاء القابعة في كفها في حال سبيلها .
لطالما كرهت ذلك .. طريقة العائلات في القاء اللوم على أنفسهم ! . " ذلك لم يكن بخطئك ! " قلت ذلك للتخفيف عنها ثم واصلت حديثي " لربما لم يحدث ذلك معه من المرة الأولى ، فلبعض لا يتأثرون بالفاكهة لدى تناولها لأول مرة "
ضحكت أودري بمراره لمعرفتها بمحاولة كلارتي في المواساة والتخفيف عنها فقالت :" ذلك لا يجعلنني أتحسن ، لقد كنا دائماً معاً في كل شيء ، ومع ذلك لم الحظ تناوله لتلك الفاكهة ! "
أحنيت رأسي للأسفل ، فلو حاولت مواساتها فسأزيد الأمر سوءاً ، لذا غيرت الموضوع لآخر :" والدتك كثيراً ما تأتي لهنا لذا من الغريب ان أراكِ وحدكِ .. لزيارتك أخـاك "
" الوضع مريب بجانب أمي ، فلم أتمكن من رؤيتها معه في هذا المكان "
فُتح باب المركز خلفنا وظهر أبي ، بمظهره وملابسه الرثة المُتسخة ووجهه المتعب كعادته في صباح كل يوم ، قميصه غير مرتب ولا ربطة عنق تزين رقبته . قال يخاطبني :" أأنت جاهزة ، كلارا "
وبملاحظته لوجود أودري بجانبي أردف قائلا :" أوه ! .. مرحبا ، أنـا فرانك ، دكتور
هارمان "

وقفنا كلاينا أنـا وأودري وعدّلت من وضعية حقيبتي التي كانت تزن أطنانا بدفاتري وكتبتي بداخلها لوضعٍ مريح أكثر. "مرحبا ، أنـا أودري أورتز " قالت أودري وهي تعرّف بنفسها للدكتور وأقبلت تهذب وترتب ملابسها من بقايا الأوراق المُنسحِقة ، بينما أومأ هارمان برأسه ورد قائلا : " أجل أعرفك ، أخت آندرو ، أخبرتني والدتك أنك ستأتين إلى هنا ، تشرفت بزيارتك وبمعرفتك "
" وأنـا أيضاً .. لي الشرف "
ابتسم والدي مُحرجاً وقال :" يجب أن اصطحب كلارتي للمدرسة الآن ، فليس مسموحاً لها بالقيادة بعد ، سأغيب قليلاً ولكن سأعود سريعاً في حال رغبت بالتحدث عن أخاك "
" لا باس بذلك " قالت أودري وهي تزيح بيدها بعضٍ من شعرها لخلف أذنها ، ثم تابعت كلامها :" ربما في وقتٍ آخر ، فسآتي لاحقاً لمعرفة الأخبار "
" لا تقسي على نفسك ! ، فقد مضى على بقاء أخاك هنا أسبوعين فقط وأنتِ هنا الآن "
أومأت أودري برأسها تخبره بتقبلها لنصيحته ، فاستمر بطرح المزيد من الأسئلة :" هل استقريتِ ؟ ، أبدأت الدراسة ؟"
" سأذهب للتسجيل اليوم برفقة أمي "
شعرت بالسعادة لمعرفتي بتسجيل أودري للدراسة لأنني قد أحببتها حقاً ، كنت قد علمت بعنوان اقامتها عندما سجلت والدتها أخيها آندرو للدراسة ، بأنها تعيش في مجمعٍ سكني يبعد ميلاً واحد عن هنا ، لربما كنا سنذهب لمدرسةٍ واحده ونتشارك الحصص مع بعضنا ، و فكرة أن نكون بمدرسة معاً جعلتني أتحمس أكثر لأن تتحقق ففتحت فمي أحادثها وأقترح عليها بشغف :" حاولي ان تتواصلي مع السيدة نيلسون للغة الإنجليزية ، إنها رائعة!"
أومأت أودري برأسها موافقه وقالت :" حسناً ، سأفعل ذلك "
قال أبي :" آمل ألا يكون قد فاتك الكثير في الدراسة "
" اعتقد بأنني سأكون بخير ، كنت أدرس برامج التعليم المنزلي في المنزل مع أخي عندما كنا نتجول كثيراً للسياحة ، أما الآن وقد انتهى كل ذلك ، باتت أمي تفضل أن أدرس بمدرسة اعتيادية "
شرد ابي بنظرته البعيدة لمكانٍ آخر كما يفعل في العادة ثم عاد للوعي بتهلل أسارير وجه لفكرةٍ تذكرها :" آه صحيح ، بالمناسبة أنتِ كنتِ في فرقة بنجماي اليس كذلك ؟ ، جميعكم كنتم مشهورين في تلك الفترة "
سألته أودري مندهشة :" اسمعت عنا هنا ، في نيو مكسيكو ؟ "
" في الحقيقة ..لا " اعترف بخيبة أمل يجيبها وواصل حديثه :" لقد سمعت عن ذلك من والدتك لأنها أخبرتنا عنكِ ، وكلارتي قد قامت بتنزيل البومكم الغنائي في هاتفها الآيفون " ثم التفت إلي يخاطبني :" ماذا كان اسم تلك الأغنية التي احببتها ؟ "
آه ، تبـا ! ، انتابني الحرج والتردد ، إذ لم ارغب بإجابة سؤاله ، فبادرت أودري بقولها :" دعيني أخمن إذن ، ( الوحيد ، والأول من بين الكثير ) "
أومأت برأسي موافقه ، أغنيه حزينة وساخرة سُميت باسم كهذا ثم بعد فترة قليله أصيب صاحبها بمرض الجامودي ، ولكنها كانت أغنية رائعة "
" أوه ! " أجاب والدي بصوتٍ غير مرحب لمعرفة المزيد عن الأغنية ، فركلت اودري بقدمها بعض الأوراق المتساقطة المتجمعة ككتلة من على الشرفة وقالت تجيبه :" لا تقلق ، اعرف بأنها كانت ساخرة جداً ، والآن الفرقة لم يعد لها وجوداً ، وآندرو منْ كتب كل الأغاني "
" ولكنكِ كنت عازفة بـاز جيده " اخبرتها مشجعه بينما حركت أودري يديها نفياً وقالت :" لا ، أنـا لست كذلك ! ، آندرو منْ كان يؤلف أغاني تناسب آلة الباز ليسهل عزفي عليه ، وقد جعلني في الفرقة لأنني .. كنت أخته الصغيرة .. فقط لأجل ذلك "
قال أبي مقاطعا : " لا أعتقد ما تقولينه صحيحاً ، لقد سمعت بأنه كان لديك الموهبة "
" لم يعد ذلك مهماً .. فقد أنتهى كل شيءٍ الآن " نهضت من مكانها وذهبت لأسفل السلالم وفي طريقها للمخرج أدارت رأسها قائله :" يجب أن أذهب الآن "
قال أبي مودعاً : " تعالي لزيارتي لاحقاً ، فسنتحدث بشأن أخـاك "
" حسناً " ثم ذهبت في طريقها وعبرت الشارع بينما مضيت أنـا للسيارة وجلست في مقعد السائق وربطت حزام الأمان ثم التفت لأبي ومنحته نظرة غاضبه أخبرته بها بأنه مجنون ثم اردفت قائله : " لماذا اخترت أن تصبح طبيباً نفسياً "
قال بباسطه يجيبني :" لأنني أردت مساعدة الآخرين "
أغلقت عيناي استياءاً ثم قلت :" ولكن ألم تكن تعلم بأنك ستتحدث معهم ؟ "
شعر بالذهول لنبرتي ما قصدته من عبارتي فأكملت حديثي :" قد اخرست نفسي هناك ، ألم افعل ؟ "
" فالواقع لطالما كنت أفضل الجانب البحثي للأمور ، أن ابحث عن تساؤلاتي بمفردي "
" أنت محظوظاً إذن لأن كل مرضاك زومبي ! "
اشغلت محرك السيارة والأغنية التي تحدثنا عنها مسبقاُ ( الوحيد ، والأول من بين الكثير )
كانت أغنية رائعة حقاً ، انصت لها باستمتاع أحرك رأسي يمنة وشمالاً مع الإيقاع بينما نستعد لمغادرة المكان .


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]