عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 05-28-2016, 11:34 PM
 
الفصل الخامس : الوجه الآخر للذئب



عدت إلى جناحي وحيدة بعد ذهاب ذلك الرجل الوسيم ، أظن الآن أنه علي إفساح المجال ليتكلم الراوي عني فهناك أمور لا علم لي بها و لكن يجب أن تلموا المعرفة بها .....
دخلت ماريا جناحها الخاص ، و كان فارغا ليس من الآثاث و إنما من العنصر البشري ، تبادر سؤال إلى ذهنها : أين الفتيات؟
o_o
اليانور الفتاة الحالمة ، من الطبقة الفقيرة التي جعلت والدتها تعمل في قصر/ سولت هافان/ التابع للعائلة الحاكمة ، اين التقت بماريا و صديقتيها .قالت لها امها قبل موتها بلحظات معدودة : ( لا تاخذي بزلة قوم فتبقي في الزمان بلا رفيق )وقد صدقة ..... كم بكت في ذلك اليوم الممطر و الحزين ، يوم كانت انيستها ورفيقة دربها .... امها الحنون قد فارقتها مدى الحياة . ولكن صديقاتها وقفن بجانبها ، خاصة ماريا ، صحيح انها لا تتذكر اي شيء عن الايام الخوالي ، ولكن ذلك غير مهم البتة ....... سمعت صوت همهمة أخرجها من الغق في بحر الذكريات ... اختبأت خلف الجدار و أحنت رأسها إلى الأمام قليلا حتى تكون عيناها في مجال الرؤية ... و رأت ما جعل الحرارة تغزو وجنتيها رجل ، من الحراس و احدى الخادمات في وضع مخل بالحياء هذا إذا صنفنا تبادل القبل في الخلاء ضمن تلك الأوضاع ، " إنه لأمر مخجل " ... قالتها بصوت خافت و لكن على مايبدو لم يكن كفاية ، فالشخص الواقف خلفها تمكن من سماعها لأنه قال : ( نعم إنه لأمر مخجل التجسس على الغير ، ألا توافقينني الرأي آنستي الصغيرة ؟ . ) . اجفلت اليانور و كادت ان تطلق شهقة ، لولا ابتلاعها لها ، استدارت ببطا شديد و الخجليكاد يفتك بها ، كانت نظرة ولد ضبط و هو يسرق الحلوى ، تعلو محياها ، .... حسنا ماذا يمكن القول في موقف كهذا .... فكري اليانور ..... فكري ، و فجاة قالت : ( مرحبا )
بدت التسلية على ملامح الشاب ذو الشعر الكستنائي الفصير و العينين الخضرواتين بلون الزمرد اللامع تمعن النظر فيها طويلا مما اصابها الارتباك و لكنه في الاخير قال مرحبا بلغة انجليزية تشوبها لكنة اسبانية .
_ انا اليانور احدى وصيفات الملكة ماريا .
امسك يدها و قبل ظاهرها مما ارسل رجفة في اوصالها .
_ لي الشرف العظيم في التعرف الى كل هذا الجمال الذي يسلب الالباب
اطلقت ضحكة رقيقة وقالت : (ليس من الأدب عدم اطلاعي على اسمك )
_ اغفري لي خطأي الجسيم هذا لايدي ليا.... اوكتافيوس في خدمتك .... مي روسا .
فكرت اليانور : " لو ظل على كلامه المعسول هذا لأسقط تحت قدميه فورا "
ماذا تتوقعون من فتاة حالمة
_ مارأيك لو تأتي اليوم ... مساءا ، لاحظ الذعر في عينيها فسارع ليقول : ( أعني ..... يأعرفك على المنطقة ، يمكنكي إحضار صحبة ، لتتأكدي من حسن نواياي . )
قالت بتعلثم مترددة : ( أنا .... لا ... أعرف ما أقول )
اقترب منها و رفع ذقنها قائلا : ( فقط وافقي مي كوراثون ) هي لم تفهم تلك الكلمات و لم تدري كيف قالت نعم فهي كانت واقعة تحت تاثير عبينيه
عادت اليانور أدراجها بينما ذهب هو إلى المكان الذي يجتمع فيه مع أصدقائه ، و صادف أن يكون كوخا صغيرا .
_ أنت دعوت فتاة ؟ .
_نعم .
رغم علمك أن كريس لا يحبذ وجودهن .
_ نعم .
_ و تريد مني إبعاده عن المكان بينما تكون هي هنا .
_ و إن لم أفعل تخبروالدتي عن علاقتي السرية مع الدوقة أناستازيا .
_ بالضبط ، و جلالتها ستستاء و يخيب أملها فيك .
_ أنا أعرف مايطلق على هذا .... الإبتزاز .
_ لنقل رد للجميل كنت قد فعلته سابقا . أنا الطيب ابن خالتك .
أذعن ماكسيم قائلا : ( حسنا أيها المتلاب بالكلام سارى مايمكنني فعله. )
ذهب ماكس برفقة كريس ، مبعدا اياه عن الكوخ .....
سألت سوزانا بشك : ( هل أنتي متأكدة أنه المكان الصحيح )
زمجرت غريتا و هي قاطبة الجبين : ( الدعوة موجهة إليكي فما الداعي من وجودنا نحن ؟ )
تدخلت ماريا في الحديث : ( كفي عن التذمر غريتا ، ... إليانور صديقتنا و من الواجب مساندتها و البقاء بجانبها و لا تنسي فلا مأمن من الرجال ، فهم دائما و أبدا ذئاب بشرية . )
نظرت إليانور إلى ماريا ممتنة و قالت : ( شكرا لك ماريا يبدو على أوكتافيوس الطيبة و لم أرى منه أي مشين ......... ثم أكملت بخجل .... : أنا أنوي التعرف إليه .... لأن ... لأن قلبي رهف إليه .... ها هو ذا الكوخ ..... أرجوكي سوزانا أقفلي ذلك الكتاب . )
_ حسنا أمرك أيتها العاشقة .
ترددت إليانور في دق الباب الخشبي ، و لكنها في الأخير تشجعت ، فتح أوكتافيوس لهن و رحب بهن و لكنه صرخ حانقا عندما وصل إلى ماريا قائلا : ( أنتي )
قالت سوزانا بوجوم : ( ألم تتعلم الأدب ، كيف تخاطب ملكة إنجلترا بهذه اللهجة المستفزة و المليئة بالوقاحة . ؟ )
ردد بصدمة : ( ملكة ..... في الحقيقة لم أعهد من الملوك تسلق الأشجار كالقردة ... خاصة النساء منهم )
قالت غريتا بغضب : ( كيف تجرؤ على تشبيه جلالتها بالقردة أيها الوقح . )
كانت ماريا من تحمل غصن الزيتون : ( هل سننتظر طويلا ... هنا أمام الباب . )
قال بارتباك : ( لا ... لا تفضلوا .... أرجو العفو جلالتك . )
قالت غريتا عندما مرت بجانبه باستهزاء واضح للعيان : ( ها ... لقد عاد لسانك يعمل جيدا )
اغتاظ من لهجتها ، جلست الفتات على مقاعد من جلد الحيوانات ، و خيم الصمت على المكان لا يقطعه سوى تنهدات غريتا المليئة بنفاذ الصبر ، و تمر الدقائق حتى دخل عليهم رجل ساحر بشعر البني المحمر و القصير و جسده النابض بالرجولة ، سارع هذا الأخير في القول مستغربا : ( هل أخطأت العنوان ، إن لم تخني ذاكرتي ، هذا أنت يا أوكتافيوس . )
انقض عليه أوكتافيوس و كأنه و جد الملاذ في صديقة : ( تعال كارلو .... يا إلهي أين كنت طوال اليوم) قال كارلو : ( لو عرفت أنك ستشتاق لي ، لتركت كل شيء وهرعت إليك ، فحدث مهم كهذا نادرا مايأتي .... لنقل مرة كل مائة عام ) ورمى بغزلة صغيرة ملطخة بالدماء مما أثار فزع الفتيات ، باستثناء ماريا التي دخلت في دوامة من الصدة جراء رؤيتها لما يفتح ذكريات ألمها ، زمت سوزانا شفتيها الجميلتين و قالت بغضب يملأ المقلتين : ( هل قتلت هذا الحيوان المسكين ، أيها الوحش الشرير . )
صحح لها كارلو قائلا : ( اصطدت ، الكلمة الأبلغ و الأدق معنى ، و صديقيني إنه لهدف نبيل و هو لاستمرار الحياة فنحن نأكل لنعيش صغيرتي . )
عضت سوزانا على أسفل شفتيها ، وهذه الحركة لفتت انتباه كارلو الذي أحس بفرقعة في بطنه ، وجلبت إلى ذهنه تخيلات هو في غنى عنها و لكنه طردها و قال : ( عزيزتي .. أنتي ... )
قاطع أوكتافيوس صديقه قائلا : 5( مارأيكم بالتجول خارجا .)
سارعت إليانور للتأكيد على فكرته : (نعم لنخرج ... )
وافق الآخرون على مضض .
أُضرمت النارفي خشب شجر الصنوبرالقاتم ، و جلسالجميع حولها و لهب النار يتراقص على و جوههم الشاردة ، بالقرب من الغابة الموحشة ،لم يعرف اوكتافيوس مايفعل ليزيح الصمت عن عرش المكان ، إِلى ان قال فجأة : ( كارلو .... مارأيك لو تخبر الفتيات عن الغابة )
اجاب كارلو بالنفي قاطعا : ( لا ... لا أريد . )
ألح عليه أوكتافيوس : ( هيا بربك ... لا تكن مملا يارجل . ) فكر في نفسه : " لا أحد هنا ممل غيري ."
_ حسنا .... هذه الغابة التي أمامكن آنساتي تسمى بجنة الموتى ، تيمنا بعدد الجثث التي وُجدت فيها ،تعتبر هذه الغابة من اخطر الأماكن في اسبانيا ، حيث سُمع عنها بعض الروايات المختلفة من الناس عن رؤيتهم للاشباح ، و عيون تتربص بهم ، و خلال هذه السنوات الأخيرة تم العثور على عدد هائل من الجثث المتعفنة ، لذلك اعتبرها الملك أرضاً محرمة حفاظا على الرعايا ، فهي مقبرة الأحياء و جنة الموتى نظراً لجمالها الخلاب .
قالت سوزانا بوجومها المعتاد : ( من اين أتيت بالغزالة . ايها البطل المغوار )
اجاب بتعجرف : ( من الغابة .)
قالت بسخرية : ( لا بد ان الغابة اعتبرتك خارج لائحة المطلوبين ، الست خائفا من الموت ؟)
قال بتشدق : ( من الموت .... لا .... أما من المشعوذة المخيفة القابعة أمامي ... فنعم . )
ضحكت غريتا على كلامه ن و لكنها سرعان ما كبتت ضحكتها لدى رؤية سوزانا و الشرر يتطاير من عينيها . تركت ماريا الجميع و هم في غفلة عنها ، و ذهبت لتتمشى قرب النهر .
عاد ماكس و كريس بعد أن فشل ماكس في مهمته .
قال كارلو فور رؤيته لماكس( ماكسيم ... كريستيان ، أين كنتما . ؟ )
و قفت الفتيات و انحنين للأمير ، و سرعان ما انتبهت غريتا لغياب ماريا ، استفسرت عن ذلك هلعة : ( ولكن أين ماريا ؟ )
افترق الجميع بحثا عنها ، فذهب كل من إليانور و أوكتافيوس ، مع بعض ، و سوزانا مع كارلو ، رغم أن غريتا أبدت امتعاضا من الذهاب مع صاحب القناع لبمخيف الذي يغطي وجهه ، أما ماكس فذهب وحيدا .
كانت غريتا تكاد تجري لتلحق بخطوات كريس ، و عندما لا حظ هذا الأخير لهاثها خفف قليلا ، كانت غريتا تفكر في سبب وضعه للقناع ، لا بد من وجود شيء يريد إخفاءه ، لكن ماهو ..... بدأ الفضول يتآكلها ، و لكنها ماإن سمعت صوتا و حركة بين أعشاب الخشخاش حتى التصقت برفيقها بذعر و هي تصرخ في خوف : ( ياإلهي سنموت ، سيأكلنا و حش الغابة ... و أصبح جثة هامدة يتحسر عليها الناس ... أنا لا زلت صغيرة على الموت .... لم أتمتع بشبابي ... لا أريد أن أكون شبحا بائسة تحوم بين الأشجار لتخيف الصغار . ) سكتت ما إن رأت أرنبا يخرج من بين الشجيرات .... أوه لقد كان أرنبا ، يالا غباءها ، نظرت إلى كريس ، ثم إلى يدها المتشبثة بذراعها ، و بسرعة فائقة ابتعدت عنه ، و نبضات قلبها كأنها تعدو مع الرياح ، لم تعرف ما أخافها أكثر ، الأرنب أم نظرات كريس ... رجحت الخيار الثاني **************************************************************
ذهب أوكتافيوس و إليانور باتجاه الجرف ، كانت إليانور تناديعلى ماريا و لم ترى الغصن الجاف و الغليظ الذي كاد أن يوقعها لو الذراعان اللتان امتدتا للاتقاطها فتصطدم بجدار صدره العريض ، و كم كانت دهشتها كبيرة عندما أبى تركخا و سقطت هي أسيرة لهيب عينيه ، كان هنالك سحر خاص لأكتافيوس ، ربما وسامته الرائعة ، أو ثقته الأمتناهية في نفسه ، و لكنها على يقين بأنه لعوب ن متبجح ، و هي تعرف أن الإنجذاب بعيد عن الحب الذي تريده هي ، فتحت جفنيها باستغراب و همست : ( أتركني )
قال بنبرة حازمة : ( أريدك . )
شعر بها بين ذراعيه ، إنه يريد لمس بشرتها الحريرية كالساتان ، و ينفذ إلى أعماق عينيها ، ليصل إلى بئر روحها و يغرق فيها ، أراد أن يضعها بين الزهورليعانقها و يغيب معها في لحظات من الشغف و يجعل النجوم شاهدا على تلك اللحظات و يتوج القمر انجذابه الشديد لها ... حسنا إنه يريد أكثر من ذلك ، يريد منها شيئا هو نفسه لا يفهمه ... و هذا ما جعل كل عصب منه مشدودا ، منذ أن رءاها لأول مرة ، عرف أنها تنتمي إليه ،
__________________


إقرأ ما تكتبه أناملي ياصديقي
رد مع اقتباس