عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 03-27-2016, 09:57 PM
 


ضممتُ شفتيْ بقوَّة فيمَ رمقتُ المسافرين من حوليْ يسعون في تجهيز أنفسهم ونفضِ الكسل عن أجسادهمْ ، ظهرت رغبتي الصادقة في الهروب حينما شعرتُ بأن عدد الناسْ بدأ يتكاثر أمامي لدرجة أني إن استطعتُ الهروب قد لا يستطيعون رؤيتي ، تبدد حلميْ في خيالي حالما قبضَ ذلك الرجل المتينُ على ذراعيَّ بقسوة فيمَ أجلسني على كرسيِ المارة بقوة ليجلسَ هو بدوره بجانبيْ ، أطلقَ ضحكة خفيفة ولمحته يرمقني بسخرية قبل أن يهتف متوعدًا : إن فكرتِ بالابتعاد خطوة واحدة أقسمُ بأنكِ ستلقين مصير والدكِ ! ..

عقلي متوقف عن العمل ، مالذي أستطيع فعله ! ، رفعت بصري صوبه أرمقه بصمتْ أعلمُ بأننيْ لن أكونَ قادرة على الهروبْ أو تخليصِ نفسيْ من بين أيديهما ، تأوهتُ بألم حالما رفع كفه ليضرب جبيني بقوة بينما عاد ليهتفَ بحدة أقل ذلك حتى لا يلفت انتباه المسافرين : أقسم بأنني سأقتلع هاتين العينين إن نظرت إليَّ هكذا ثانية !
شعرتُ بأصابعه تقبضُ بقوة على ذراعيْ بينما آثرتُ السكوتْ فلو تحركت حركة واحدة لقامَ بإردائيْ قتيلة ، أشعر بذلك لأن نظرة عينيه المتوعدتين لا تحملان الرحمة أبدًا ، كيف له أن يتكلم ويضحكَ بشكلٍ عاديْ بعد فعلته الشنيعة تلك ، آمل من كل قلبيْ أن يكون والديْ بخير ، رفعتُ بصريْ صوبَ ذلك الرجل الآخر والذي وقف أماميْ مباشرة فيمَ يحملُ التذاكر للصعودِ إلى القطار إلا أن نبرة الانزعاج اتضحت بصوته حالما هتف فيم ينظر إلى صاحبه : القطار المتوجه إلى النمسا لن يأتيَّ إلا بعد ساعة ونصف ..






أضاف مقترحا عندما رفع كفه متثائبا بكسل : ما رأيك بفرنسا ليست فكرة سيئة ، على الأقل سنستطيع الحصولَ على مال وفير عن طريقِ خطف واحدة من أولئك الحسناوات وطلبِ فديَّة بقيمة ، أليس ذلك جيدًا ! ..
لم تعجبْ تلك الفكرة الآخر إذ أنه نهره عن ذلك بنبرة منزعجة ليستطرد : ليسَ الأمر وكأنني سأحبُ انتظار ساعة أخرى معرضا نفسيْ لخطر إمساكيْ في أيَّة لحظة إن لم تكن تعلم فالشرطة منتشرة فيْ كل مكان وهوياتنا المزيفة قدْ تُكتشف في أيَّة لحظة ..
ضغطت على شفتيْ بقوة حالما أحسست بأصابعه تعود لتضييق الخناق عليَّ مجددا إذ أنه عاد يضيف بينما أشعر بنظراته تحرقنيْ : لكننيْ لن أَضيع فرصة الحصول على مال وفير من أجل دقائق فقط ..

هرع الآخر إلى إحدى المقاعد المجاورة بعد أن هتف لصاحبه بلا مبالاة أن بفعل ما يشاء في حين قرر هوَّ أخذ قسط من الراحة فللحق الطريق للوصول إلى المحطة يستلزم منا وقتا طويلا كما أعتقد فالشمسُ الآن على وشك الغروب ، ابتلعتُ ريقي بصعوبة حينما مددت بصريْ نحوَ سكة القطار فأرهفت سمعيْ قليلا ألتقط صوت صافرته المعروفة ،القطار المؤديْ إلى باريس قد وصل وذلك اتضح حينما عادت تلك الموظفة لتنبيه المسافرين ، حقائبُ السفر الثقيلة مركونة بجانب أقدامهم والأخرى تعتلي ظهورهم ، تعالى صوتُ صياح الأطفال حال رؤيتهم للقطار يتأهبُ للوقوف ، حينها فقط .. بدأ قلبيْ يعودُ يخفق بقوة أكبر من ذيْ قبلْ بينما تلتقط عيناي أقدامهم الراحلة بخطوات بعيدة تعتلي أرضية القطار في هدوءْ بعيدا عن الصخبِ الثائر في نفسيْ ، ضممت شفتي بقوَّة ، وقبضت على أصابعيْ بذات الطريقة أيضا ، حاولت التقاط نفس عميقْ قبلَ أن أدير بصريْ نحوه وأهتف به مستغلة وجود بعض المسافرين قريبا من مكان جلوسنا : أريد الذهاب إلى دورة المياه ! ..

عصيت أوامره لأتحرك يمنة ويسرة علني أستطيع الخلاصَ من قبضته المزعجة تلك ، حركتيْ الدائمة أثارت سخطه وكذلك استغراب المسافرين الآخرين الذين ظلُّوا يرمقونه بشيءٍ من الاستغراب ، قرر تنفيذ ما أردتْ بينما يصيحُ بيْ بكلمات متوعدة ذلك إن قررت الهربْ ، جذبت العديد من الأنفاس الضائعة إلى داخل صدري الملتهب فيم شعرت باللون الأسود يلوح أمام عيني ثانية ، جسدي يشعر بالتعب ، عادت تلك الجروح في أنحاء جسدي تعود تنبض بالألم من جديد ، لا أحتمل السير أريد أن ينتهي هذا سريعا ، فكرت بأن هذه قد تكون فرصتي الوحيدة في الخلاص ، هذا ليس الوقت المناسبْ ، ليس الآن ، قد تكون هذه هي فرصتي الوحيدة في الهربْ لذلك عليَّ أن أتحلى بالقليل من الصبر ، سينتهيْ كل شيء على خير ما يرام ! ساعدنيْ يا إلهي ! ..







دخلت سريعا نحوَ دورة المياه عندما دفعنيْ بقوة للداخل وقد أخبرنيْ بأنه سيعلمُ في حال فكرت في الهربْ ، لنْ يهم مجرم مثله اقتحام دورة مياه للفتيات لذلك عليَّ أن أستغل وقتي جيدًا !، التقطت أنفاسيْ المختنقة لأخلع القبعة سريعا فيمَ بدأت أتلفتُ يمنة ويسرة لا توجد نوافذ هنا مجرد فتحاتُ تهوية بشباك عالية كما أنها صغيرة أيضا ، استندت على طرف المغسلة خلفي حينما انتهيت من رحلة تفتيشي للحمامات الخمسة باحثة عن نوافذ ، غمرتُ رأسيْ بالماءْ علني أستطيع التفكير بشكل جيد ، بعدها عدت لأنتصب واقفة فاحتضنت خصلات شعري المبتلة بين أصابعيْ ونظرت إلى ملامحي المنهكة والمنعكسة على المرآة أمامي ، غير معقول ! ، هل هذه أنا حقًا ! ، لقد مالت ملامحي للاصفرار والشحوب خلال هذه الفترة البسيطة و قد عادت الهالات السوداء حول عيني للظهور من جديد ، كيف يمكنني الخروج من هذه الورطة ؟ ..

لحظة ، صوتٌ غريبْ ، جفلتُ حينما أحسست بالبابِ يُفتح ، استدرت سريعا أرقب خيال ذلك الشخص الذي دخل عنوة ، للحق كنت سأفقد وعيي من شدة الخوفْ ولكنني حينما رأيت تلك الخصلات الشقراء الطويلة والعيون الرمادية شعرت بطمأنينة عجيبًة ، كانت قد دخلت فتاة شقراء بالإضافة إلى صديقتها التيْ امتلكت ملامحا انجليزية بحتة بعينين زقاوتين وشعر بني رفعته عاليا بعد أن خبأته بقبعة غريبة الشكل ، بدى على الأولى الضيق والانزعاج الشديد حيثُ وضعت حقيبتها على الجانبِ منها لتستدير نحوَ صديقتها مردفة : لا يحقُ له أن يجبرنيْ على البقاءْ ، لقد خططت لهذا منذ زمنْ ! ..

لم تبديْ الأخرى ملامحا واضحة لتستطرد قائلة : لا تستطيعين فعل شيءْ تعلمين بأن القرار عائدٌ إلى والدكْ ! ..
بدتْ ملامح الانزعاج تظهر أكثر على الأخرى إذ أنها استدارت نحوَ المرآة تتفقد مساحيقَ تجميلها فتتحدثُ بحنقِ قائلة : آوه ، لقد كنتُ أتطلع للسفر فعلا ولستُ أرغبُ بسماع سخرية " سامانثا " مجددا .. أعقبت بضجر : لا أحبها إنها مدللة ! ..
إنه حديثُ فتياتِّ بحتْ ، لا أملكُ الوقت للتحديقِ بهما هكذا وهما يرشقان بعضهما بكلمات فارغة لا معنى لها ، المصيبة التيْ أنا فيها عظيمة ، قبضتُ على أصابعيْ ورحتُ أحدقٌ بهما قليلا إلى أن نقلتُ بصريْ إلى حقيبة الملابسِ المركونة بالقربِ منهما ، أعلمُ بأنَّ فكرتيْ مجنونة تماما إنما ما عسانيْ أفعل فهيَّ الطريقة الوحيدة للهروبْ ، فكرتُ بأننيْ سأستطيع استعارة أحد تلك الملابسْ بعدها سأخرجْ راكضة لأهربَ منهما ، التفكير بذلك سهل فعلا ولكن هل سأكون قادرة على التنفيذ ! ، الأهمُ من هذا وذاكْ هل ستوافق تلك الفتاة على إقراضي ملابسها ! ، رفعت بصري نحوهما في الوقت الذي شعرت بأنهما قد توقفتا عن الكلام ، إنهما تنظران إلي باستغراب ، يتساءلان عن أمر تلك المخيفة التي تنظر إليهما بصمت ، كالجسد بلا روح ! ، ابتلعتُ ريقيْ بصعوبة قبل أن أستمد قوة غريبة مكنتني من الحديث أخيرا : عُذرا .. !






بقيَّ يقف بلا أعصاب بالقرب من الباب ينتظر أمر خروجها المزعوم من ذاك المكان ، لقد كان يعلم بأن أفكارا غبية كالاختباء لمدة طويلة ستراودها لذلك كان قد فكر بالدخول لولا مفاجأته بوجود اثنتين أخريين تدخلان ، ارتد على عقبيه بعد أن قام بتعديل قبعته خوفا من وضوح ملامحه ، صحيح بأنه قد نزع قطعة القماش ذلك لأنها قد تلفت الأنظار من حوله إذ أنَّ المعطف والقبعة يلفتان النظر بشكل كبير ، خبأ وجهه أسفل ياقة معطفه فيم راح ينتظر بنفاد صبر تلك الفتاة الغبية ، لعبة الاختباء هذه لن تدوم طويلا ، سيقتحم المكان بعد ثوان بسيطة ! ، ما كاد يعدُ إلى الستة حتى فتح الباب ليخرج من خلاله جسدٌ ما ، إنها ليست هيَّ ! ، نظر إلى المعطف الجلدي غال الثمن وفكر بأن صاحبته قد تكون من عائلة معروفة ربما بالتالي سيكون والدها ثريا ذلك يؤدي إلى حصوله على غنيمة كبيرة لو قام باختطافها ، لن يفكر في مثل هذه الأمور الآن ! أيُّ غباء هذا ، لقد خرجت واحدة وبقيت الثانية في الداخل وذلك سيصعب من أمر دخوله ، ضرب الأرض بقدمه وراح يفكر بطريقة أخرى ، استدار ينظر صوب زميله الذي لازال نائما على كرسي المارة بلا حراك حيث أخلى نفسه من المسؤولية ، ياله من رجل ، تنبه إلى صوت غريب يصدر من خلفه ليلتفت برأسه صوب فتاتين كانت قد خرجتا عبر الباب ، ظل يحدق بهما قليلا لينقل بصره خلفه ، فكر بأن ذلك مستحيل ، اقتحم المكان بسرعة ضاربا بالقانون الذي يمنعه عرض الحائط ، إنه خالِّ ! ، أي مشكلة هذه ؟ ..
عاد يستدير سريعا نحو تلكما الفتاتين ينظر نحوهما يتفحصً ، إنهما تبتعدان سويَّة ، إذَّا من خرجَ قبلَ قليل .. كانتْ .. هيَّ ّ ! ..






تلك الفكرة كانت الطريقة الوحيدة لخلاصيْ ، ولحسن حظيْ كانت تلكما الفتاتين كريمتين معيْ ، أقرضتانيْ بعضَ الثيابْ حيث كانتْ بنفسِ مقاسيْ ، علمتُ بشأنِ تلك التساؤلاتِ التيْ راحتْ تتمحور حول ثيابيْ الملطخة ولكننيْ لم ألقِّ لذلك بالا ، المهمُ هو أنْ أخرجَ من هذا المأزق سريعًا ، كنتُ قد سُعدتُ لأن فكرتيْ قدْ سارت بالشكل الصحيح فها أنا ذا أقتربُ من الباب الذيْ يؤديْ للخروجِ من المحطة ، بضع خطوات يسيرة وينتهيْ كل شيءْ ، بضع خطوات قصيرة وسألتقيْ بوالديْ من جديد ، لن أجعله ينتظر أطول من هذا ، سأعود ! ..

لمْ أكد أخطو خطوةْ حتىَ رأيت ظلَ أحدهم ْينتهز الفرصة ليظهر أماميْ على بعد متر واحد ، لحظة إنه واحدٌ منهما ، يا إلهيْ لقد اكتشفا أمريْ ، عدتُ أستدير سريعا للجهة الأخرى لأرى ذلك البدين يركضُ نحويْ حيثُ ترسل ملامحه إنذارات واضحة ليْ ، قبضت على المعطفِ بقوة قبل أن أتراجع عدة خطوات وأعودُ للركضِ من جديد لأختلط بين المسافرين لفترة من الوقتْ ، وبطريقة لم أعرفها .. أصبحتُ بين مجموعة من الأشخاص المزدحمين .. طريقة سيرهم العشوائية جعلتني أتبعهم بطريقة غريبة ، أجسادهم تدفعنيْ بينما لم أملك القوة للمقاومة ، اغتصبت نفسا من العدم حينما وجدت نفسيْ أقفُ منتصف القطار ، كيف وصلتُ إلى هنا ؟ و مالذي سأستطيع فعله ! ..


تمَّ البارت الخامسْ ..

هل يستطيع أحدكم أن يشاركني رأيه في طريقة أخرى لهروب " لوسيانا " !
المجال مفتوح وسأسعد حتما بقراءة اقتراحاتكم ..

أعتذر عن التأخير ..
إنني ْمنشغلة هذه الأيام ..
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag

التعديل الأخير تم بواسطة غسَقْ | ; 03-27-2016 الساعة 10:15 PM
رد مع اقتباس