عرض مشاركة واحدة
  #41  
قديم 03-27-2016, 08:46 PM
 





كوبٌّ من القهوة أو العصير بجانبك عندما تقرأ ..
هذا الجزء أطولُ قليلا + مختلف + تغيير مسار الروايَّة




تضطربُ الموسيقى الكلاسيكية داخلَ جدرانِّ عتيقة احتضنت بداخلها أشخاصًا كثُر ، لا أحد يعلمُ مالذيْ يعلجُ في قلبِ الآخر ! أو مالذي يفكر فيه ! ، أكاذيبٌ لُفقَت وأسرارٌ لمْ تُحفظْ ، أيٌ نوع من العلاقة هذه التيْ تقومُ على أساس الخداع والنفاقْ ! إنها تدومْ إنما ليس لوقتِ طويلْ ! .
هذه الأجواءُ المقيتة لمْ تخلقْ ل " هارولد " الذيْ عجِز عن الانضمام إليهمْ وَ عن مجاراتهمْ ، فكَّر بأن المشاكل التيْ كانت تواجهه مع زملائه في العمل لا تتطلبُ منه كلَّ هذا الحرصْ ، تنفسَّ لوقت طويلْ قبلَ أن يرفع راية استسلامه وينزويَّ جالسا فيْ بقعة قريبة ، أرخى من ربطة عنقه قليلا ولمْ تفتأ ملامح وجهه المنقبضة تحكيْ قصة انزعاجه ، كان لا يزال يسكتُ جوعه ببضع قطرات من العصير رغمَ وعده لنفسه بتناول شرائح اللحم الشهية حيثُ لا يتسنى له أكلها دائما بالطريقة التي يحبْ ، لمْ يستطع التصرفَ على راحته وذلك أزعجه كثيرا ! ..






تنبه إلى ذلك الشخصِ الذيْ دفع بالكرسيْ القريب منه ليجلسَ عليه ، أدار " هارولد " عنقه نحو شقيقه الأكبر ذاك الذي راح يسأله عن أحواله ، هوَّ يعلمُ تمامًا بأن أجواء المناسبة لم تعجبه إنه حتى لا يعرفُ أحدا هنا ، لم يتدخل و لمْ يتجرأ على إقناعه بعدم المجيءْ ، إذ أنه أراد منه أن يختبر عالمه البسيط ناهيكَ من أنه قد يفسر ذلك بشكل خاطئ ، صمتَ الأكبر فيمَ استمع إلى صوت " هارولد " الذي أخبره عن مقدار انزعاجه حيثُ بدأ يتضاعف في داخله : كنتُ أعلمُ بأن هذه المناسبات لا يوجد بها مكان لمن هم مثليْ ، إننيْ مجردُ عاجز أمامهم " ويلبرت " ، لا أستطيع مجاراتهم أو حتى التصرف كواحد منهم ، إنهم مختلفون عني كثيرا .. أمسك بالبطاقة التيْ طبعت عليها حروفُ اسمه الستة بالإضافة إلى لقبه ، أردفَ ساخرًا : حتى إنهم قد اختاروا مسبقا المكان الذي سأجلسُ عليه ، يا للعدلْ ! ..


بقيَّ " ويلبرت " يتطلعُ إليه بقليل من الهدوءْ وعندما أدرك بأنه لن يتجرأ على النطقِ بحرف زائد قرر هوَ سؤاله من جديد ، صمت لثوان معدودة قبل أن يرفع بصره صوبه ويستطرد : كفَِّ عن ذلك وأخبرنيْ عن ما يزعجكَ حقا ! ، هل تظن بأن حيلتك القديمة انطلت علي ، أنت لم تشتق إلى المزرعة ولم تأت لقضاء العطلة فيها ! وإن كنت قد فعلت لجئت وحيدا ؟ ، أنت تعلم بأن " لوسيانا " لا تحب القدوم إلى هناك كثيرا إلا أنك أرغمتها على ذلك ، لماذا " هارولد " ؟! ..
كان يعلمُ بأنه لن ينجح في إخفاء ذلك الأمر كثيرا ، فَـ " ويلبرت " على معرفة تامة به ومن المحالِ أن يخطئ ، لمْ يستنزف من الوقت الكثير ليجيب فيم أظهرت ملامحه التعاسة التيْ ألمت بحاله حينها : لقد شعرتُ باليأسِ فعلا ، " لوسيانا " لا تنفكُ تتكلمُ يوميا عنْ رغبتها في قضاء العطلة مع " صوفيا " ، هيَّ تعلمُ بأنيْ لا أستطيع قول [ لا ] لها لذا بدأت بالتجهيز للمبيت هنالكِ منذ وقت قصير ، أصًدقكَ بأنيْ لم أستطع أنْ أرسلها إلى هناك ، لم أرغب في ذلك حقيقة ، ماذا لو أعجبها العيش في ذلك المكان وقررت أن تبقى هناك دائما ؟ ، ذلك ما أخاف منه ! ، إنها تتعلقُ ب " صوفيا " كثيرا ناهيكَ من أننيْ أواجه مشكلات كثيرة في عمليْ استطعت أن أتدبر أموري قليلا بتلك الأموال التي ترسلها إلي سابقا حتى أنَّ أجري أصبح أقل بكثير من السابقْ ، لقد واجهت أياما عصيبة " ويلبرت " ! ..






رغمَ أنه لا يملك الحقَ فيْ أسبابه السابقة إلا أن " ويلبرت " لمْ يتمكن من الرد عليه ، على الأقلْ ليسَ الآن ! ، فكر بأنه رغمَ أن " لوسيانا " مرتبطة بوالدتها كثيرا إلا أنها لن تستطيع العيشَ بعيدا عن " هارولد " ، وأما بالنسبة لوضعه الصعبْ فهو لا يملك حيلة فيه ، لقد عانى من ذلك منذ عدة سنواتْ منذ تلك الليلة التيْ أخبره فيها بأنه يحتاج إلى المالْ ! ، حيثُ اضطر إلى إرسال جزءٍ له منه ْ ، ارتبكَ الاثنانْ إلى صوتِّ غريبْ سلبهما انتباههما لوهلة كما فعل مع الجميع ، هدأت الموسيقى لفترة من الوقتْ واختنقت تلك الضحكاتْ أيضا ، هدوءٌ إلا منْ تساؤلاتِ غريبة حول سيدة وقفت فيْ منتصفِ القاعةْ تتأنقُ بفستان غال الثمنْ أكسبها الكثير ، لم تقم بافتعال الكثير لتجذب انتباههم ، وقوفها في ذلك المكان كان كفيلا لجعلهم يفهمون السبب وراء ذلك ، تنفست بعمق قبل أن تبدأ بالترحيب بأولئك الضيوف الأعزاء معبرة لهم عن سعادتها في تلبية دعوتها ، عقِبَ ذلك بسمة مصفرة ، أيُخيلُ إلى " هارولد " أم أنها تضغط على الكأسِ بأصابعها بقوَّة ! ، ذلكَ شيءٌ غريبْ ! ، قطعا لا يبدو بأنها متوترة إذا مالسبب خلف ذلك ! ، لم تستنزف من الوقت الكثير لتجذب انتباههم مرة أخرى بحديثها المبطَّن : أعلمُ بأنَّ أغلبكمْ يرغبُ في معرفةِ السبب الحقيقي وراء هذه الأمسية حتى وإن لمْ يكن ذلكَ واضحا إلا أننيْ أستطيع قراءة الأعينْ .. تبسم الأغلبُ مجاملة وبقيت تلك الأعين المحتارة تحدقُ فيها بانتظار ذلك الأمر الجلل الذي ستهتفُ به ، تركتْ الكأسَ جانبا واستدارت تجولُ بعينيها باحثة عنْه ، لقد غابَ عن ناظريْها تماما منذ بداية الحفلْ ، هل يتسكعُ يا ترى أمْ أنه قامَ بافتعال المشاكل .. مجددًا ! ..


تصرفاته المتمردة باتت تزعجها كثيرا في الآونة الأخيرة إنما لنْ يكونَ بمقدورها السخط عليه لأنها هيَّ من علمته تلكَ الطبَّاع الطائشة ، توقفتْ عن البحثْ عندما لمحته يقفُ بعيدًا كما الجميعُ ينظر إليها بتساؤلِ إلا أن ملامحه تبدلت سريعا فور أنْ وقعتْ عينيها عليه ذلك لأنها طالبته بالاقترابْ عندما بسطت كفها إليه بطريقة مستغربة ، تهافتت تلك الأعين ترقبُ ذلكَ المحظوظ المدلل ، تسلل الاضطرابُ رويدًا إلى " إيرل " ذاكَ الذيْ حاولَ الحفاظَ على أعصابه وهو يفكر جليَّا في السبب الذيْ جعلها توقف الحفلَ لتلقيَّ بكلمتها الغريبة ، كان يعلمُ بأن الأمر متعلقُ به ، أخرجَ كفيه من جيوب سترته راسما بسمة غريبة تقلصت لها ملامح وجهه ، وجدَ صعوبة في السير وهو يشعر بتلك الأعينْ التيْ تكاد تطرحه من شدة حملقتها وتساؤلاتها ، هوَّ يعلمً بأنها تخطط لشيءِّ ما ويأمل بأن يروقه نهايَّة ، وقفَ قريبا منها مستسلما لعناقها المفاجئ ، حيث بات موقنا حينها بأنها تنويْ على شيءِّ غريبْ ، هو لمْ يحظى بعناقها منذ زمنْ عوضا عن حديث مبسط معها ، انتصبت واقفة مربَّتة على كتفه برفقْ ، ظلَّ يحدقُ بها باسما إلا أنها تجاهلت تساؤلات عينيه الكثيرة ، فتحتْ صندوقا غريبا كانْ قد جُهز مسبقا على الطاولة جوار مكانِ وقوفها لتخرج منه شيئَّا ما ، ذهبيُّ ولامع ،حوافه مصنوعة من الإبريز أما فيْ الوسطْ فقط حُفر عليه حروف اسمُ " براسيت " بمخمليَّة حمراء برَّاقة ، ظلَّ يحدقُ في ذلك الشيءْ لبعضِّ من الوقتْ ، يحاولُ استيعابَ ماهيَّ بصدد فعله ! ، هل هيَّ تنويْ على ذلكَ فعلا ! ، رفعَ بصره مترددًا نحوها فيْ ذات الوقت الذيْ وضعت فيه الرمز بين أصابع كفه ، ضغطَت على كتفه هاتفة : حافظْ عليه جيدًا ، رمزُ عائلة " براسيت " سيكونُ تحتَ تصرفكَ ، عند بلوغكَ سنَ الثالثة والعشرينْ سيكونُ هديتكَ حينها ! ..








تجاهلت ملامحه التيْ لانت فجأة وكأنه غير مستوعبْ لكلماتها السابقة ، عادت تنظر نحوَ الآخرين هاتفة : سنعودُ لنلتقيْ مجددا بعدَ شهرين ، إلى ذلكَ الحينْ أتمنى أن يؤخذ " إيرل " بعين الاعتبار كوريثِّ للعائلة ! ..
لقد جرَّب مسبقا ذلك الوضع الذي يمقته البعضْ ، أن يكونَ محطَّ أنظار الجميع ، إلا أنه لم يستمتع بتلك اللحظة ، دهشته كانتْ أكبر من أن يستوعبَ الوضعَ الذي هوَّ فيه الآن ، لقد وضعتْ ثقتها فيه بكل سهولة ! ، عاد ينظرُ صوبها تجيبُ أولئك الذين انشغلوا بنقل تبريكاتهمْ لها وله إضافة ، لا يستطيع التصديق بعد، هل هيَّ حقا فعلت ذلك بطيب نية أم أنها تقومُ باختباره لا أكثر ! ، ذلك غير مطمئن على الإطلاقْ ! ، على كلِّ عليه أنْ يعيشَ هذه اللحظات قبل أن تنتهيْ فحتى هو لا يستطيع التنبؤ بتصرفاتها ، استدار مجاملا الجميعْ ، مبتسما ، يردُّ على تحية هذا ويقومُ بشكر ذاكَ على تهنئته ، حملت بسمته اضطرابه الواضح حينما اقترب من مكان وقوف " ويلبرت " و "هارولد " ، حيثُ قام ذلك الأول بالابتسام ملء شفاهه إذ أنه رفع كفه مبعثرا شعر الشابِ بسعادة ، هتف مهنئًا : لقد أبليتَ حسنا حتى الآن ، أستطيعُ القولَ بأنك نلتَ على إعجابها سريعا .. أضاف مازحا : أيها المشاكسْ ! ..
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس