عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 03-14-2016, 07:35 PM
 


ماهيَّ إلا ثوانِّ قليلة حتى قامَ " إيرل " بسؤال عمي حول التبرعاتْ و ما إن كانت تسير بشكل جيد ، أماء عميْ بأجل إلا أن وجهه تلون بالحيرة والغضبْ الطفيف معا حيثُ أردف مستفسرا : هنالك شيء ما يحيرني ، أنا متأكد بأنني قد أحصيت تماما كمية المال الذي تبرع إلي به المتبرعون إلا إنني عندما عدت لأتحقق منه ثانية قبل موعد نومي رأيت بأن هنالك مبلغا كبيرا من المال قد اختفى ، وأذكر بأن هذه ليست المرة الأولى ، لطالما اختفت مبالغ من أموال التبرع سابقا .. أردف موضحا : المال الوحيد الذي يختفي أما الأغراض والأشياء الأخرى لم تمس ! ..
بعد إنصات حذر هتفت السيدة " لورينز " وعقدة صغيرة تربط مابين حاجبيها : إن هذا منطقي " ويلبرت " من الذي قد يرغب بسرقة أغراض ما دام الوقت سانحا له لسرقة الأموال .. أكملت بغموض : لطالما أخبرتك بأن تحذر من الأشخاص حولك ، فقد يغدر بكَ القريبْ أولا ! ..
تلك السيدة تلمح إلى شيءِّ ما ، وذلك واضح تماما ، من الذي قد يستطيع سرقة أموال تخص الملاجئ والأطفال المساكين ! ، إنه بالفعل خالِّ من الرحمة ، لمْ يدم من الوقت الكثير حتى رأيت " إيرل " يتحدث مع السيدة براحة كبيرة حتى أنه يضيف القليل من المزحاتِ أيضا ، علمت فيمَ بعد بأنه قريبٌ منها إلى درجة كبيرة ، وقد يكون هذا هو السبب الذيْ جعله يفكر في زيارة عميْ بمثل هذا الوقت المبكر ، أما عن السبب الرئيسي الذيْ جعلها تحضر هيَّ لأنها ترغبُ في دعوة عميْ " ويلبرت " إلى أمسية حفل ستقيمها بعد أيام قليلة في العاصمة وبدافع اللباقة قامت بدعوة والدي أيضا ، هل سنعود إلى العاصمة قبلَ أسبوعين يا ترى ؟ ، بهذه السرعة ! ..





ما بعدَّ الظهيرة يصبحُ الطقسُ حارًا جدًا هنُا لدرجة أنك لا تستطيع الخروجَ من المنزلْ أبدًا ، كنتُ قد فكرتُ بأخذ قيلولة صغيرة أستطيع بها أن أريح رأسيْ من أفكار قد تزاحمت به إلا أننيْ لمْ أستطع بسبب عميْ الذي طلبَ منيْ إحضار صندوقِ تفاح في الخارج كان قد ملأه صباح اليوم ، أتساءل لماذا لم يدخله معه حينها ! ، هل يجبُ أن أفعل ذلك أيضا ! ، كنتُ قد حسدتُ " إيرما " تلك التيْ حظيت بقيلولة طويلة منذ عدنا من الملجأ إلى هذا الوقت ،ضغطتُ على أصابعيْ بتضجر قبلَ أن أستدير قاصدة الخروج ، لن يكونَ بإمكانيْ الرفضْ ليسَ ووالديْ ينظر إلي على الأقَلْ ! ..


أدرتُ رأسيْ يمنة ويسرة أبحث عن ذلك الصندوقِ المزعج إلا أننيْ لمْ ألمحه ، ربما يمكننيْ الدخولُ الآن وإخباره بأنيْ لم أجده ، سعادتيْ تلك لم تدم طويلا لأننيْ استطعتُ رؤية القليل منه خلفَ جذع أحد الأشجار القريبة ، كلُ شيء ضديْ هذا اليومْ ، تقدمت بخطواتِّ متثاقلة إلى هناكْ ، لقد كان ثقيلا إلا أننيْ استطعتُ حمله أخيرا ، منذ أن رأيتها لأول مرة عشقتُ لونها الأحمر الذيْ سلب عقليْ للحظات وجعلني أفكر بأهمية تناول قضمة منها فور عودتيْ للمنزلْ ..
ارتددت على عقبيْ قاصدَّة العودة لولا سماعيْ لصوتِ غريبْ ، بل صوتين حقيقة ، أحدٌ يلهثْ وصوتِ شيءٍ آخر يبدو وكأنه يحتكُ بالتربة هنا ، ومن علوِّ الصوت استنتجتُ بأنَّه قريبٌ جدًا من مكان وقوفيْ ، لم يستطع عقليْ فرضَ أمره وإجباري على العودة إلى المنزل فيكفيني القلق الذي اعتراني من ذاك الشخص المتجولِ في الأنحاء هنا ، لحظة .. هل من الممكن أن يكون ذلك الشخصُ قد عاد إلى هنا مرة أخرى ؟ وهل يبحثُ عن شيءِّ ما أيضا ! ..


آوه ، لقد طفح الكيل منه بالفعل كيف يجرؤ على الظهور أمامي مرة أخرى بعد أن نظر إليَّ بتلك الطريقة المخيفة هذا الصباح حتى أنه لم يتراجع خطوة واحدة رغم معرفته بأنني اكتشفت مكانه واستطعتُ إيجادَه ، هل من الممكن أن يكونَ مريضا نفسيا آخرًا ؟ ليس مستغربا فمزرعة عميْ تعجُ بالأشياء الغريبة ، عموما لم أستطع كبح فضولي الذي جعلني أتقدم خطوة واحدة إلى الأمام إلا أن تلك الخطواتِ الصغيرة تحولت إلى هرولة بعد مدة قصيرة حتى أنني استطعتُ سماع الصوت بشكل أفضل هذه المرة حتى أنه باشر بالازدياد ، تباطأت خطواتي عندما اقتربت من جذع شجرة قريب من مصدر الصوت فأملت رأسيْ يمينا علني أستطيع الرؤية بشكل أفضل وبالفعلْ رأيت ذلك الجسد المنحنيَّ ، يتحرك للأعلى وللأسفل استجابة لأمر ذلك المحراث الخشبيِّ في يده فقد بدى ذلك الجسد الممتلئْ وكأنه يحفرُ في التربة أمامه ، عرفت فورا بأنه يختلف عن ذلك الشاب فذاك يبدو مختلف الهيئة ، هذا الرجل عريضٌ فعلا ! ..


ترك المحراث جانبا بعدها جثى على ركبتيه ليدخل كفيه لجوف تلك الحفرة ذات الحجم البسيط وأخرج منها حقيبة سوداء متوسطة الحجم نفض التراب عنها ومن ثم تلفت يمينا ويسارا قبل أن يقوم بفتحها ،هل هو لصٌ يا ترى ؟ أمره غريبْ ! ، عقدت حاجبيْ في محاولة منيْ لمعرفة مالذي قد يوجد بداخل هذه الحقيبة الذي حرص على إخفائها عن الأنظار بهذا الشكل ، لمْ أستطع أن أخفيَّ دهشتيْ حال رؤيتيْ له يخرج ثلاث حزم من الأوراق النقدية فيمَّ لا زالت الحقيبة تحتفظ بالكثير ، وَ بسبب إصداريْ لذلك الصوت استطعتُ جذب انتباهه نحوي إذ أنني استطعت تمييز تلك الانتفاضة التيْ احتلت جسده بسرعة والتفاتته المباغتتة نحويْ ، حاولت التقاط أكبر كمية من الهواء حينما لاحظت نظراته القاتلة ذات الشرر المتطاير مصوبة نحويْ ، لم يكتفِ بذلك فقط بل نهض من مكانه بحذر واستدار لجهتيْ لم أستطع مقاومة غريزة الحياة التي طالبتني باللوذ بالفرار والابتعاد عن هذا المكان سريعا فملامحه الأخيرة تلك لا تبشر بخير على الإطلاق ، أفلتُ الصندوق من بين أصابعي ليقع على الأرض ويتناثر التفاحُ الأحمر سريعا ، أجزم بأن مزرعة عميْ تضم مجانين وغريبي أطوار ، كنتُ قد نظرت إلى المنزلِ أخيرا لأسرع من ركضيْ إلى هناك لولا خروج عميْ من الباب الرئيسي وملامح وجهه المستغربة تفيض بأسئلة لا حصر لها ، رفع أحد حاجبيه متسائلا : " لوسيانا " هل يستغرق منك جلب التفاح كل هذا الوقت ؟ .. نظر إلى يدي الفارغتين ليرفع بصره نحوي مجددا ويسأل : ألم تجديه ! ..





رحتُ ألتقط أنفاسيْ بصعوبة ولم أعرفْ بأيِّ شيءِ أستطيع إجابته ، هل أخبره بأن هنالك أشخاصا غرباء حولَ هذا المنزل ! ، واحد منهم يريد الإضرار بك أما الثانيْ فهو لصٌ غريبْ الطباع مخيفْ ، رفعتُ كفيْ أتحسس مكان قلبيْ الذي بدأ يخفقُ بقوة ، أنا خائفة كثيرا ، لم يستطع عمي " ويلبرت " أن يخفيَّ اندهاشهُ من مظهريْ ليتقدم نحويْ أكثر ، لاحظت نظراته المتفحصة التيْ بدأت تنظر إلى وجهي بتعجبْ ، رفع كفه ليمسك بكتفيْ قائلا : مالذي حدثْ ؟ لماذا ترتجفين ؟! ..
ابتلعت ريقيْ بصعوبة وكدت على وشكِ إخباره بكل شيءْ لولا سماعيْ لذلك الصوت الخشن من خلفيْ : لقد أخفتها ، أنا أعتذر ! ..


كاد قلبيْ يتوقف عن النبضَ حينها ، هل من الممكن أن يكون هو ؟ لقد لحق بيْ إلى هنا ؟ كيف تجرأ ؟ ألا يخشى بأننيْ قد أشيْ به على الأقلْ ! ، التفت للخلفِ بصعوبة متجاهلة عميْ الذيْ تحركَ من مكانه متقدما نحوَ ذلك الرجل الذي وضع صندوقَ التفاح أرضا ، مالذي أراه ؟ هل قام عميْ بمعانقته الآن ؟ إنه يقوم بالترحيب به أيضا ! ، شعرتُ بقلبي يرقصُ بين أضلعي ليجعل شعور الاضطراب يرفرف بشكلٍ أكبر في داخليْ عندما رأيت نظراتُ ذلك الرجلْ المصوبة نحويْ وابتسامة غريبة ظهرت على ملامحه المقيتة ، ما علاقة ذلك الرجل بعميْ ؟ لماذا أشعر بموقفيْ يضعفُ تدريجيا ! لا أستطيعُ فعل شيءِّ أبدا ، ارتعاشة غريبة استولتْ على جسديْ عندما أحسست بكف أحدهمُ توضع على رأسيْ ، أدرت عنقيْ يمينًا أرقبَ والديْ ينظر إليَّ ببسمة بشوشة إلا أن ملامحه تلك تقلصت لقلق شديد عند رؤيته لملامحيْ الشاحبة ، عاد ينظر صوبَ عميْ " ويلبرت " الذي تقدم نحونا جاذبا معه ذلك الرجل المخيفْ ، أشرق وجهه المليح سعادة عندما وضع كفه على كتف ذلك الرجلْ هاتفا : " هارولد " هل تذكره ؟ إنه " جريجُر " صديقٌ قديم ! ..


لا أستطيعُ أن أصف ملامح والديْ ، هو قطعا ليس بسعيد وليس متفاجئا أيضًا ! ، مالذي يفترض أن يفعله عند مقابلته لصديق قديم ! ، أن ينظر إليه بملامح خالية ؟ ، أستغربُ ذلك فعلا ، تبسم أخيرا بعد أن رفع زاوية فمه فقط ، صافحه لمدة قصيرة هاتفا بنبرة غريبة : أهلا بك " جريجُر " ، لقد مرَّ وقتٌ طويلْ ! ..
لم تظهر أي ملامح محددة على وجه ذلك الرجل الذي تحدث هو أيضا : أجل ، وقت طويل ..صمت لعدة ثوان بعد أن نظر نحوي هاتفا : لدرجة أنه أصبح لديك ابنة بهذا الطول ! ..
تحاشيت النظر إليه إلا أنني أحسست بأصابع والدي التي راحت تعتصر كتفي برفق ، هل يعلم بمقدار اضطرابي يا ترى ؟ لا تبدو علاقته بتلك الرجل قوية فعلا حتى أن ترحيبه به كان باردا ، لم يمض من الوقت الكثير حتى طلب عمي " ويلبرت " من ذلك الرجل أن يدخل قائلا بأن هناك الكثير من الأحاديث بينهما ، سمعت بأن ذلك الرجل قد جاء من العاصمة حوالي ثلاثة أيام وذلك حينما أجاب على سؤال عمي المتعجب ، بدأ صوتهما يضمحل تقريبا عندما دخلا إلى المنزل ، زفرت بقوة بينما بدأت أشعر بدوار طفيف ، أخشى بأن أصاب بالجنون تقريبا ، شعرت بأبيْ الذيْ أدار جسدي نحوه سريعا لينظر إليَّ بجدية غريبة لم أعهدها على ملامحه أبدا ، لم يسبق ليْ وأن رأيت هذه الملامح المخيفة على وجهه ، إنه يبدو قلقا ومتوجسا ! ، هل سبَّبَ له ذلك الرجل كل هذا الاضطراب يا ترى ؟ ، لأول مرة أشعر بالقلق والخوفِ منه في آن واحد وذلك عندما سألنيْ قائلا : مالذيْ حدث ؟ هل قابلتِ ذلك الرجل ؟ .. لم يحتملْ أكثر لذا حثنيْ على الحديثِ قائلا وبقوة : " لوسيانا " تكلميْ ! ..

__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس