عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 12-27-2015, 11:53 AM
oud
 
~ نسـّاء يــّعلمن مـّا يــّردن ~

فيّ أحدى ضـّواحي مديّنة الضّباب لنـدّن حيثّ كـآن الشّفق يـّزن السمـآء بـّلونه العجّيب ، سقطّت ورقّة وردّية منّ بينّ أغّصان تلكّ الشجّرة العـمّلاقة
إلى شّرفة غـّرفتها الصـّغيرة ، أغّلقت عينيها بإنزعـّاج تآمّ و قدّ آثار ضـّرب فّلور المسّتمر لها آخر خيطّ من أعّصابها فـّوقفت بـّغيضّ و رمـّت الغطاء
أرضا بكلّ أسى ثمّ خـّرجت عـآبرة ذلكّ الـّرواقّ لتـّصل إلى الصـآلة ،جـّلست بـّقوة على الأريكّة و شـّغلت التلفاز لتنظرّ إليه بكآبة عندّمـّا رمّت فلور
كّلمـّاتهـّا أمـّام مـّاري ، كـآن ذلّك بمّثابة إنذار أخيـّر و وحيـدّ ينبئها بـأنّ لا تـّقدم على هـذه الخـطـّوة و أنّ تتـّركّ عـّائلة لبّير و شـأنهـّا ، أنّ تختفي من أمامّ
نظّري نايتّ للأبدّ و تمضّي قدّما في حيّاتهالكّن هنـّاك سـّر ، سّر صّغير لا يعلمّ به أحدّ سوهاّ و هي خـآئفة من أن تكتشفه نسمة الهـّواء حتّى ، ذّلك السـّر هو
من يتأرجح بينهّا فكّرها البسيطّ عـّالقّآ بينّ خّياراته المتـّاحة لكنّ ألمّ يحنّ الوقـّت لكشّفه ؟ تنهـدتّ بـّبرود حينّ تفـاجأّت بـمجيء فـّلور من الخـّلف و بين يدّيها
فنجانيّ قـّهوة سـّوداءّ وضـّعتهما على تلكّ الطاولة المزينة بشراشّف وردية ثمّ ابتسمت بحماس متـّابعة المسلسل بينمـّا نظراتها و في الحقيقة متصلبة على
أختها الصـغرى كيّف تجعلّ ماريّ تتخلى عن نايتّ و هي متمسكةّ به بشدة ؟ ألا تـّوجدّ طـّريقة لتـّركه ؟ ليسّ كما لو كـأنهّ ملاك خالي
من الأخطاء لكيّ تتـّعلق به لكنهّ شيطآن بـّهيئة بّشريّ ، شخصّ آنانيّ نرجسيي من أجلّ مصّلحته قآم بّخلق فّوضى و هآته الفّوضى من شـأنها أن تدّمر ماري
، همسـّت فـّلور بـّحدة
ـ إبليسّ
هـّي لنّ تسمحّ لهـآ باتخاذ قّرار خـاطّئ و الذّهاب معّ ذّلك المتعجّرف المعـّتوه إلى لعّبته الخـّاصة ، بطّريقة أو بـأخرى لنّ يحدّث هذّا ، ستعيدّ الـ 500
ملّيون بنفسها إليه و حينها ستقول له باحتقار وادعا ،التفتت إليها ماري باستغرابّ
ثمّ قـالت متسائلة بعدمـّا رّفعت فنجان قهـوة إلى مستوى شفتيها الوردّيتينّ و قدّ حاولت أن تبعد هذا الصّمت المطّبق
ـ هـذّا غـّريب ، كيـّف قدّ غـّيرت رأيكّ فيّ المجيّء إلى العّيش بّشقتي بـّعدما كـآن رفـّضك قـآطّعا غّير قـآبل لثّنيه ؟
ابتسمـتّ فلور بلطّف ، لنّ تدّعها فيّ شقتها لوحدّها كي يـأتي ذّلك المعتوه و يـجّعلها تّقبل دون تّـردد بهذا الزّفاف اللعينّ ، سوف تبّقى هنا فرّدت على أختها
ـ أهذّا يعني أنكّ لا ترغّبين بوجودّي ؟
أومأت مـاري نافية و قدّ أحمرت وجنتيها من الإحراج لآن نبرة فـلورّ كانت مستاءة قليلا فـردّت بخفوت و تـّوتر ـ لآ طـّبعا لقدّ أسـأت فهميّ كليـآ ،
فـأناّّ أتتـّوق للعـّيش معكّ كعـآئلة مجـددا لكنّ فقطّ تـّغيركّ لـرأيكّ هو ما آثـار استغـرابي
مـّررت فـّلور إصّبعها على حـافة فنجان القهوة بكلّ هدوء و عينيها تّراقبان ماريّ المتوترة بينما شفتيها تنطّقان بـّمغزى من خلفّ كلماتهاّ
ـ سنعيشّ للأبدّ معـاّ و لنّ يهمّ المكـآن
ابتسمت ماريّ بـلطفّ و ارتشفت القّليل من فنجانهاّ فيّ حين كادّت أن تـّعود لّشّرودها و بّئر أفكارها لوّلا رنينّ جرّس المنـزلّ فجـأة مما جـّعلها تـّقف
بّسرعة و قدّ ظهرت عليّها ملامحّ التـّرحيبّ و السعادة بينما قالت فلور بـّنبرة قدّ كان غير الرضا فيها واضحا ،
ـ أتتـّوقعين زائرا ماري؟
ضحكتّ بّسرور و هيّ تقوم بّفتحّ البّاب ليّظهر منّ خلّفه ويّليام بّقامته الـّرشيقة و تقاسيم وجهه الـّوسيمة ، شّعره الأشّقر ربطّ بعضهّ و تـّرك بّعضه حيثّ
أن عينيهّ تجّولان بماري محـاولاّ تّقييم حالها الآن قّبل إلقاء التحية، كـآنّ هـذّا الشـآب الذّي يّقف هنـا هو أول صديق مـاري قدّ حضيت به لذاّ سوف تبقى
تكّن له دومـا محبة و الوفـآء ، فاقترب و احتضنها بـخفة قـائّلا
ـ أنا آسف لأننيّ لمّ أكنّ هناكّ عندما تـّوفي والدّك، لمّ أكن أعلمّ
شـّعرت بالخـّجّل و التـّوتر لكنهـا وضّعت يدّها خّلف ظهره متـّرددة و هي تـّرتجّف ثمّ قالت بهدوء و لطّف
ـ أشكـّركّ فما قّلته الآن يكّفيبجانبه كانت تقفّ سيدة فرانسيس و مهما جاهدتّ في إخفاء دموعها رثاء على حال جارتها الصغرى لم تستطّع
فالتفتت نصّف التفاتة و قـّالت بلهجة متكبرة مصّنعة و هي تمدّ يدّها مليئة بّشتى أنواع الحّلويات و عـّلبة قهوة
ـ خـذيّ هآته الأشيـاءّ أناّ لا أعطيّها لكّ لأنني أشّعر بالشّفقة نحوكّ فلا تّسيئي فّهمي بّل أناّ أقدّمها لكّ فقطّ لكيّ لا تـّطّرقي أبوابّ الغـّير على الـراّبعة صّباحا
، لديّ عمـّل لذاّ وداعا
أمسكّتهمّ ماري متفاجئة منّ رحيّل سيدّة فرانسيسّ و اضطرابها الشديدّ ، فـّوضع ويليام يدّه على كـّتف مارّي و هو يتـّقدم عـابرا ذلكّ الـرواقّ الصغير قـائّلا بتهكمّ
ـ لقدّ كانتّ تبكيّ عندما علمتّ بّوفاة سيدّ جوناثانّ و طلّبت منيّ القدومّ معهاّ كيّ تستجمعّ الشجاعة الكّافية لتعـّزيكّ لكن يبدوا أننيّ كنت بلا فـائدّة
فضحكّت الأخيرة و وضّعت جميـّع الأشياء فّوق المنـّضدة القـّريبة منهآ لتدّع ويلّيام يدّخل بينمـّا ظهرت فلور آتية من غرفة المعيشة ، عندمـا رأى ويليـام
فـلور تّوقف و امتنع عن التقدم أكثّر فقـالت ماري و هي تشير على أختها بابتسامة
ـ ويل أعرفكّ بفـلورا روبـرت أختي الكبـرى ، فـلور هـذا ويليام دويـّل جـاريّ و صديقي المفـّضل
ابتسمت فلور بتكّلف و مـدّت يدّها مكّرهة نـحوه فـأمسكهـّا ويليـام ثمّ ضـغطّ عليها بـخفّة و كـذّلك فـّعلت هيّ بينمـّا حّرب النـظّرات قدّ أعلت البـدآية ، إنهاّ لا
تـّعلم أنهمـّا قدّ تعـارّفا و كـّرهـا بّعضهمـّا بعضـّا فقـآل ويـليام بلهجته العـابثة و المبطّنة بّسخرية مخفّية
ـ لي الشـّرف فـلورا ، لكّ جمـآل فـّريد من نـّوعه
رمّقته بـحدة ، و رغـبت فعلا حينها بـّقول له أنه لا داعي لتملقـها لكنّ وجود مـاري عـّرقل كّلماتها و اضطرت لردّ عليه بلبـاقة و تهذيب إن أرادت
رّبح مـاري إلى جانبها
ـ بّل لي الشّرف سيدّ دّويل ،
صّفقت ماريّ فجـأة بّمرح ثمّ أمسكتّ كل واحدّ منهما منّ ذّراعه و عينيهاّ تـّلمعانّ بّشدة، لتـّتحدثّ بّحماسّ جّعلهما يجّفلان رّعبا
ـ ألّيس من الـّرائع لو أنّ أعز أصدّقائيّ يتـزوجّ من أختيّ ؟ سيكونّ ذلكّ مدّهشا هـكذاّ لنّ أفقدّكما أبداّ
رّمق ويليام بعينيه المشدوهتينّ فلور و قدّ تمنى حينهاّ لو أنهّ يبّقى عـازبّا أو يّصبح راهبّا طّوال فترةّ عيشّه في حينّ أرادّت فلور أن تلقى حتفهاّ قبّل مجيء
ذلكّ اليومّ المشئوم فحتّى لو بقي ويليام الرجل الوحيد فيّ هذاّ العـالمّ فلنّ تلتفت إليه ، ضحكتّ ماريّ و هي ترى ملامحّ الصدمةّ عليهماّ ثمّ قـّالت بسذاجّتها
المعتـادّة و هيّ تدفّعهما إلى غرفة المعيشة
ـ أوه يـا إلهي لقدّ نسيتّ أنهّ لديّ محاضرة مهمـة على سـّاعة الحادّية عشّر ، يجبّ عليّ الاستعداد ها لا تعيرانيّ اهتماما
ثمّ أسرعتّ راكضـّة إلى غـّرفتها و فكـّرة ربطّهما معهاّ قدّ بدأت تدورّ بخلدّها لترسخ شيئا فّشيئا بّعقلها ، فتقدمّ ويليامّ بلامبـالاة و جلّس على الكرسيّ بينما
قدّ خابّ ظنه قـّليلا فكيّف سيتسنى له الحديّث مع ماري و إقناعها بـّفكرة الزفافّ مادامتّ هآته العـمّلاقة هيلك بجانبها ؟ سكبّ القّليل من القـهوةّ لنفّسه و
التقط قطعةّ حلوى ليبدأ فيّ مشاهدةّ التلفاز بانسجام مصطنعّ فـوقفّـت فلور أمامه و هي تعلم تماما أنه يحاول تجنبّ الكلامّ معها ،قالت بنبرة هامسةّ و حـادة
ـ إنّ كنت قدّ أتّيت لإقناعّ ماري بـزواجّ من صديّقكّ المتعجرّف فـّلا تحلمّ حتىّ بذلكّ لأننيّ لن أسمحّ لكّ أبدا
قطبّ ويّليام بـّاستياء منها ، ما الذيّ هي قدّ تـّعرفه عن نايت لتناديه بالمتعجرّف ؟ و منّ هي لتـّقول هآته الكلمـآتّ عديمة الأخلاقّ له ؟ لكنّ و بالرغم من
فـّظاظتها و بالرغمّ من نظرتها التيّ تقطّر بحاراّ منّ كراهيةّ فقدّ بـادرّها بابتسامة لطيّفة
ـ و منّ أنت حتىّ تخبرينيّ بهذا ؟ أظنّ أن مارّي شآبة راشدّة يحقّ لها إختيـّار ما تريدّ و أناّ هناّ حتى أطلّب منهاّ تأنيّ قبّل الاختيار لست مثلكّ أحاول أن أمليّ
عليها ما تفعله بـّعد أن دّخلت حياتها منذّ أسبوعين
أمسكتّ فلور بّقبضتها و قدّ كادتّ أن تفقدّ أعّصابها فّعلا فابتسامته تستفزهاّ لهاويات الجنون لكنهاّ تحاملت على نفسهاّ و أجّابته بنبرةّ متهكمةّ
ـ حقـّا ؟ أتلومني لأننيّ أردتّ أن أبعدّ ذلكّ الرجلّ المتشكلّ بهيئة إنسانّ بينماّ هو خالّي من أيّ صفة تمدّ للإنسانية منّ طريقّ أختي ؟ ذلكّ الرجلّ الذي تدعي
أنهّ صديقك .. ذلكّ الرجلّ الذي لم يعرّ حزن ماري أيّ إهتمام بل تهجمّ عليها بكلّ همجية ضـآربّا بمشاعرها عرضّ الحائط ؟
وقفّ ويليامّ فـّورا ، كيفّ لها أن تهين نايت هكذا أمامه ؟ فـّكشّر عن أسنانهّ ثمّ استدارّ ليتنفسّ بعمق بعدهاّ وجه نظراته ناحيتها و هو يقول بّبرود
ـ ما مشكلتكّ بالضبط ؟ بلّ من أنت حتى تهيني نايتّ هكذا بينما أنتّ لست أفضّل منه ؟ أنتّ يا إمرأة من تدّعي إنقاذّ ماريّ في حينّ أنك لا تباّلين فعلا بما تـّريد هي
، أليس هذا أيضّا نوعاّمن ضّرب مشاعرها بالحـائط ؟
صمتّ لدّقائّق ثمّ ابتسمّ بلطفّ و هو يـّكمل حديّثه محاولاّ استمالّة عطفّها
ـ نحنّ بّشر يّا فلور و لسناّ ملائكّة، نحنّ نخطـأ و نتعّثر و نفّشل فّلا أحدّ مناّ كاملا لذّلك منّ فضلكّ امنحي ماريّ و نايتّ فرصةّ
استاءت كيّف استطاع أن يّلين قّلبها قّليلا ناحية ذلكّ المدعو بنايتّ فـّأمسكت بّمعطّفها و وشـاحها لتّغادر مسّرعة ، لقدّ خطـّرت فيّ بالها فكرة

/

جّالسا على كرسيه في مكّتبه الكّبير ذلكّ ، جـدّران غـرفته مغطاة بزخّارف ذهبية تمتد إلى سقفّ حيث وجدت ثرية عـملاقةّ ، مكتبة لا بـأس بها تحتوي على
عدد كبير من الكّتب و نـافذة من أسفل الأرضية إلى الأعلى تطّل على حديقة منّزله فيّ فّرنسا ، وّضع نظارته جانبا و هو يفّرك عينيه بإرهاق ، بينمّا جرائدّ
عديدة تحتوي على نّفس الصّورة الملتقطة ، صـّورة لرئيسّ شركة جونسونّ و بجانبه تـّقرير عنّ تمـّويل خفيّ سـّاعد جونسون للوصّول إلى ماهي عليه الآن،
وٌّقف ببرودّ ثم رمـى الصّحيفة جانّبا و قدّ صّر على أسنانه بكّل حدة لّيخرج صوّته البّـارد و المّبحوح كمّا لو كـأنهّ صدى في تلكّ الغرفة الواسعة رّفع هـاتفّه
و ضغطّ على أرقامّ محفوظة في ذاكّرته
ـ .. حّاول الاتصال الآن بصوان و أقترح عليهم شراكتنا ، سوف يّقبلون بالفعّل ، أينّ هو ذّلك المـّعتوه ؟ حسنّا أعتمدّ عليك فرانسوا
تنهد بحدة بعد إنهاءه للمكالمة ، يا لها من لعبة سخيفة تدخله فيها جونسون ، ألا تعلم أنه يمتلك بالفعل السوق ، أولائك البلهاء يحاولون إدخال عائلة لبير
بشـأنها العظيم في لعبتهم السخيفة عديمة الخبرةرفّع سّترتهّ الجلديّة الّبنيةّ و وضـّع قّبعته على رأسهّ ثمّ سـّارع بالخـّروج ، يجبّ عليه أنّ يخـطّوا الخـطّوة
الأولى ناحيّة شـّركة جونسّون قّبل أنّ يـّعلم أيّ أحدّ بذلكّ ، ركبّ سّيارتهّ اللامبّرغيني الجديدّة و التيّ استوردّها فرانسواّ منّ أجلّه منذّ ما يـّقاربّ يّومين فقطّ
لّيكون محطّ استعمالها بّفّرنسا ثمّ أداّر المقودّ باحترافية ليتجّه إلى حيثّ تـّلحّ عليه أفكـّاره الذّهاب
بـّعد مـّرور سـّاعتينّ تمكنّ من الـّوصول فيهّا إلى حيّ مهجور بني فيهّ مصنـّع تّهالكّ من شدّة قدّمه ، ركّن سّيارتهّ أمامّ البـّوابة ثمّ خـّرج و سار وسطّ قطّرات
المـطرّ المنهطّل بكلّ كسّل بينماّ عينيهّ تـّقاومانّ النومّ فتـّح البـآب بركّلة قـّوية ثمّ وضـّع يديّه فيّ يجبّ سترتهّ ببرودّ ، و كشّر عن أسنانهّ مستعداّ للمواجـّهة
بينماّ قـدّ ظهرت حالة الخـطرّ من حـّوله و احتدّت ملامحّ وجهه بكلّ تقاسيمهاّ ، كـّان المصنـّع مليّئا بصـّناديقّ عدة و فيّ حالة فـّوضى ، معظمّ هذه الصـّناديق
كانت مرميةّ و قدّ فتحتّ لتـّظهر بّضاعتها بشكلّ واضحّ لنايتّ تّوقف عنّ السّير عندماّ وصلّ إلى وجهته و ركّز عينيهّ بتقّييمّ شـاملّ على ذلكّ الـّرجل الذيّ
ربطّت قدّميه و يدّيه إلى الكـّرسي فيّ حين كانّ التعبّ واضحا عليه و بجانبهّ توجدّ صينية أكلّ صدئة ، رمقّه نايتّ باحتقار ثمّ قـّال بـّنبرة حادةّ
ـ لقدّ التقينا أخيـّرا وجهاّ لوجّه يـاّ ... رئّيس
ببطّء شديدّ قّاوم ذلكّ الشـّاب تّعبه و ألاّم جسدّه المرّهق لينـظرّ إلى نايتّ بـّحقدّ دّفين ، ثمّ همسّ بّصوت خـّافت كالأفعى
ـ لمّ أكنّ لأظن أبداّ أنّ هـذّه هي طّريقتكّ فيّ اللعبّ سيدّ نايتّ ، بل بالأحرّى ظننتكّ شخصـّا مستّقيماّ آسفاه فقدّ خابّ أملي بكّ
عمّ السكونّ قـّليلا ، عندماّ أتى فـّرانسوا فجـأةّ ليّقفّ بإحتـّرام و استعدادّ خلفّ نايتّ ، فيّ حينّ تـّقدم الأخير بـّكل برودّ ناحيّة ذلكّ الشـآب ، سددّ قّبضته
إلى مـّعدته بكلّ قوة فإرتدّ الكرّسي للخلّف و سقطّ لّيعم الغـّبار فيّ كل مكانّ ،إنحنى و أمسكّه من ذّقنه لّيقول بـّصبّر
ـ لستّ هنا لدّردشة معكّ ، أخّبرني كيّف حصّلت على مستندّات المشّروع ؟ كيّف تجـرأتّ على خيانتيّ أناّ ؟
رمقّه الشـّاب بـّغيضّ ثمّ قـّال بّصوتّ غـّاضب و عّصبي
ـ أتظننيّ بهذه البّلاهة لأكشّف عن أوراقّي لعّدوي ؟ بربكّ
قـطبّ نايتّ و رّفع يدّه على ذّقن شـّاب ، سحبّ مندّيله و قـّام بّمسحّ يديّه ليّرميه بعدها بينماّ يّراقبّ فرانسوا الوضّع محاولّا كتّم ضحكـّته ، لقدّ بدأ يّفقدّ أعصابه
و عندماّ يّفقد نايتّ أعّصابه تحدثّ العـجّائبّ ، عـدّل من وضّعية الكرّسي و تحدثّ
ـ إسمـّع أتظن أن أوراقّك فعلا مهمة بـّعدما قدّ خسرتّ ملايين الأسهم و أصبحتّ مدانا بالبلايين ؟ يجبّ عليك فيّ هذه اللحظة أن تتوسّل لعقدّ شراكة معي
لعلني أنقذكّ لكن لا بـأسّ فلا بدّ أن رأسكّ قدّ تـأذى تماماّ كجسدّك لذلكّ سوف أعطيكّ فّرصة آخيرة ، فإن أخبرتنيّ منّ الذيّ تجرأ اللّعب بذّيله من حولي
سوفّ أساعدك بانتشال مؤخرتكّ من الأرض
نـظرّ إليهّ جايسّون بّعينيهّ الـحادّتين و لو أنّ يديّه لمّ تكوناّ مربوطّتين فقطّ ، لوّ أن قدّميه لمّ تكوناّ مشلولتينّ عنّ الحركّة فيّ هـذه اللحـظّة فقطّ لأراه منّ
يكونّ فعلاّ رئيسّ شّركة جونسونّ لأمسكّ بّفمه هذا الذيّ يّقطر سّما و قطـع لسّانه لإشّلاء ، لكـّنه ابتسمّ بسّخرية لاذّعة و هو يـّرد عليه بّكل ّثقة لا تلاءم موقفه
ـ بّل من هـّؤلاء الذّين يّلعبون منّ حولكّ ، نحنّ ذّئـّاب يّا نايتّ و الذّئابّ لا تـّخرجّ لوحدّها
تـّقدم منهّ فـّرانسوا و بينّ يدّه عصى حديدّية التقطها قّبل فّترة ، كـّان يّسحبها على الأرضّ لتصّدر صّريرا مزعـّجا يصّم الأذانّ ، رفّعهاّ فجـأة و هوى بّها
على قـّدم جايسونّ اليمنى بكلّ قـّسوة لّيمتزجّ صوّت أنينّه معّ صوتّ انكسّار عـّظمه ،
تخّللت أصّابع فـّرانسوا شّعر الشـّاب الأشّقر و دّفعه لّيكون بّمستواه ، حيّث أن المسّافة بينّ وجهيهماّ لا تـّكاد تبعدّ سنتمترينّ و لّيتحدثّ بّنبرة مخّيفة حـاّقدة
ـ هلّ أجلّب لكّ قـّلما و ورّقة لكّتابةّ أسّمائهمّ أمّ يجدرّ بيّ أنّ أصنعّ حبّرا منّ دمكّ ؟ يـّا فتى
لمّ يكنّ يملكّ جايسون فيّ هذا الوقتّ سوى نـظرّاتهّ التيّ قدّ تّشفع لهّ غـّليل بركّان حقدّه ، أنّ يكونّ لعبةّ بينّ أيادّيهم هو أّسوء مصّير قدّ سقطّ فيه ،
فّهمس بّنبرة سّاخرة بّالرغم منّ آلامه
ـ قدّ تبدواّ يّا نايتّ الآن قّويا ، متملكّا و لا تهـّاب شيّئا لكنّ صدّقني سّوف يـأتيّ اليومّ الذيّ تّخسر فيه كلّ شيء .. هـذاّ الجّبروت و هـذاّ الكّبريـّاء و هـذّه الكـّرامة
، سّوف يّسقطّ قناعّ بّرودكّ يوماّ و سوفّ أحرصّ على أن أكونّ أناّ منّ يّدفعك للحّضيض
لكـّمه فـّرانسوا فـّإندّفعت الدماّء من فمه ، فيّ حينّ أدارّ نايتّ ظّهره لهّ و ليّتجه بخـطّوات كسّولة نـّحوّ المخـّرج عندماّ تّوقفّ فجـأة و استداّر نصّف دورة ينظرّ فيها
إلى جايسون ، ابتسمّ بـّهدوء و أشّار لفرانسوا كيّ يّنزع الحبّال ثمّ تـّحدث بنبرة سّاخرة محّتقرة
ـ يسّرني أنّ أراكّ تحـّاول
شّعر جايسون بالدهشةّ و هو يرى نايتّ يرحلّ غيرّ مباليّ به و بجانبّه يده اليمنى و حاّرسه الشخصّي فـّرانسوا ، طرّيقة سّيره الكّسولة و ملامحّ وجههّ البـّاردة
جّعلته يشّعر كما لو كـأنهّ حشّرة قذّرة منّ المستحيلّ لها أبدا أن تصل إلى مكانته ، لقد أحتقره و استهان به ، استهزأ به هو رئيس شركة جونسون ، وقفّ بإرهاق
و بخـّطوات متمايلة سريعةوصـّل إليهما ، حيثّ كان نايت يهمّ بالّرحيلّ و هو يّصعد إلى متن سّيارته ، صّرخ بّقوة و حقدّ قدّ أعمى بّصيرته و حتىّ فكـّره بينما على شفتيه
ابتسامة شماتة
ـ هلّ يعني لكّ إسمّ ديـّمتري شيئا ؟
تّوقف نايتّ بّصدمة و إلتفت مسّرعا إلى حيّث كانّ جايسون يّقف ، ملامحـّه قدّ تغيرت و لأولّ مرة رأى فرانسوا نايت يظهر تعبيرا على وجهه عدى البرود ،
كانت عينيه تنطّقان بّالصدمة و الدهشةّ .. ثـّواني حتى تحولّت هـذه النظراتّ المشدوهة إلىّ نيّران وقودّها الغّضب ، سّارع نحوه و أمسكه من يّاقته ليّرفعه عن
الأرّض ، صّرخ بّحدة و نبرةّ عالية مزمجرةّ
ـ أّين هو ؟ أخبّريني أينّ هو قّبل أن أفصّل رأسكّ عن جسدك ، أينّ هو ؟
ضحكّ جايسون بّقوة و قدّ أعجبّه فقدانّ نايت لأعـّصابه ، لمّ يكن ليتخيّل أبداّ أنّ تّفوه باسم ديـّميتري فقطّ قدّ يّوقظ مشـآعره أو يجـّعله بهـذا الشكلّ فّأكملّ
كلامه قـّائلا بخبثّ
ـ ديميتري هو قـّائد القطيّع

/

فّي منـّزل غّلوريّ ، على عكّس آرثّر الذّي لمّ يـّعدّ بإمكانهّ إيجـّاد لّقمة العيّش ، كّان السيدّ رويّ يّترأس الطـّاولة و يـحتّسي النبيذّ بكّل هدوءّ لـّوحده بّعد
أنّ رفّضت زوجّته ليكسّ أنّ تكّلمهّ ، و فيّ ظّل انسجامه الشديدّ معّ الأنبـّاء رّن جـّرسّ منـّزله فأشّار للخـّادمة بـانّ تفتحّه نفذتّ أمرهّ ثمّ بـّعد بّرهة أتتّ و
انحنت بأدّب و لبّاقة
ـ سيدّي تّوجدّ شّابةّ فيّ الخّارجّ تـّقول أنهّا تدعى فـّلور روبّرت و تّريدّ أن تراكّ فـّهل أدّخلها؟
أشـّار لها بيدّه فـأسّرعت و أدّخلت فـّلور التيّ تقدّمت منهّ و صاّفحتهّ باحترام لتجّلس أمـّامه على الكـّرسيّ ، فقـاّل العمّ رويّ بتسـّاؤل
ـ ما الأمرّ فلور ؟ هل حدّث شيء مـّا ؟
أجـّابتهّ فلور بّنبرة بـّاردة و هيّ تضعّ يدها على الطـّاولة لتسندّ رأسها عليهّا بينماّ قدّ بدى عليهاّ الملّل الواضحّ
ـ لا لّم يحدثّ شيء، لقدّ أتيتّ فـقطّ لأنهّ لديّ بضعة أسّئلة أريدّ منكّ الإجـّابة عليهاّ
أومـأ لهّا مشّيرا لكيّ تكّمل كلامها و قدّ استرعتّ انتباههّ ، بينما فتحت فلور حقيبتها و أخرجتّ بضعة مستنداّت لتّضعهما على الطـّاولة بجـّانب كـأس
العمّ روي تمـّاما ثمّ قـّالت بـّهدوء
ـ لقدّ وجدتّه هاتّه الأوراّق فّي مكتّب والديّ و كلّ ما أريدّ منكّ الآن هو أن تخبرني ما الذي قد تعنيه هذه الأّوراق ؟
حمل رويّ الملّف بفّضول ثمّ فتحـّه ، ابتسـّم بـّهدوء و هو ينـظرّ إلى ذلك الـّعقد الذيّ زينه توقيع جوناثانّ و بجـّانبه توقيعه هوّ ، لقدّ كان عـّقدا وهمّيا
عندماّ أرادّ كلاّهما أن يزوجّا أبنائهما منّ بعضهماّ البّعض ، نـظرّ إليها للحظات ثمّ ردّ قـّائلا
ـ ما الأمر ؟ لقدّ ظننت أنكّ تّعلمين أنه مزيفّ ؟
تنهـدّت فلور بـّغيضّ ثمّ أشـّار على بـّند المبـّطل لهذا العقدّ حيثّ كتّب بوضوحّ إن أرادّ جوناثان التملصّ منه فّيجب
عليه أن يدّفع الـ 500 مليونّ دولاّر كتـّعويضّ لخسّائر التي ألحقّها بّعائلة غلوري ، فعـّادت تتـّحدث مجددا
ـ أناّ أعلمّ ، كّلانا نعلمّ و ماّري تعلمّ أيضّا لكنّ و بسّبب هذا العقدّ المزيّف جلّبت ماريّ الـ 500 مليونّ دولارّ و أظنكّ تـّعلم تمـّاما مصدرّ هذه الأموال ؟
أومـأ عمّ روي بالإيجاّب ، إنهّ واضحّ تماما أنّ ماريّ قدّ جلبت هاتّه الأموالّ من خطيّبها نايتّ لكن ما الأمر الذي تـّريد فلور أن تـّصل إليه لا يزّال
مبّهما بالنّسبة له ، فّعقدّ يديه بـجاّنب صدّره لتـكملّ فلور كّلامها بـّغيض
ـ أريدّ منك أن تجدّ حلاّ يجّعل ماري تعدّل من فكرةّ الزواج بّهذا المدعو نايت ، أظنّ أنّ قّصة الـ 500 مليونّ دولاّر تخفيّ أكثّر مماّ نعرفه لذلكّ أفّضل
أن تنسحّب ماريّ من هذه الزيجةّ
قطـّب رويّ بعدم استيعابّ لكّلماتهّا ثمّ صّاح بّاستنكـّار بّعد أن تـّدارك الوضعّ
ـ هل أنتّ مجنونة أم ماذا ؟ منّ هذا الذيّ يّرفضّ أن يكونّ نسيبّا لّنايت ؟ أرجوكّ لا تتدّخلي فلور فـماري و مماّ رأيته هيّ تحبّ ذلك الرجّل حبّا جماّ و
بـّفرضك لرأيكّ فـأنتّ تـّحطّمين ما بنيته أنت و أختكّ تواّ ، لا تنسيّ أنّه تمّ إعادة لمّ شملكما منذّ شهرّ تقريبّا و أن تتدخلي فيّ خصوصياتها قدّ يهدمّ العلاقة التي بينكما ،
ـ لكـّن .. سيدّ رويّ أنتّ لا تـّفهم فـّنايت ليسّ كما يبدوا
ضّربّ رويّ بّقبضته على الطاّولة فـّتّوقفت فلور عن الكلامّ و رمقته بكل دهشةّ ليّكمل هو حدّيثه بـّهدوء
ـ أناّ أعلمّ عن الإشـّاعات التي تدورّ حوله ، أنهّ رجلّ أنانيّ بّلا أخلاق يّسعى لتدميّر كل من يّقف بطـّريقه و أعّلم أيضّا أنهّ لّن يترددّ فيّ القّضاء عليكّ إن
حاولت إعتّراضّ زواجه من ماريّ ، فـحسّب ما رأيتّ فهو يّحب ماريّ
تـأوهتّ فلور بـّتعّب و وضعت وجهها بين يديها غير مصدقة ، لقد سمع منتصفّ الكلام فقطّ فلو جلّس روي حتى النهاية لرأى كمّ هو وضيع ذلك الرجلّ
فوقفّت بـّغيضّ و أمسكت حقيبتها لتـّخرج مسرعة ، لما لا يساندها أحد ؟ كلهم يعلمون أنه سيء الطباع فلما لا يقفون فيّ وجه هذا الزفاف ؟
بينماّ وقف روي و حملّ ذلك الملفّ لكيّ يضعه فيّ مكتبه و يـّخرج هو الآخر بعدّ أن ضاقت به أجواّء البيت، خـّلف حديث هذين الاثنين كانّ هناك مستمع ثـّالث.
. تسللتّ ببطء إلى مكتبّ والدها ثمّ أغلقّت البّاب خلفهاّ بإحكامّ لتتجّه إلى حيثّ كان الملف مرميّا بإهمال و على شفتيها ابتسامة نصٍّر و أخذتّ تفتحّ درجاّ تلوّ
الأخّر بّفضول ، الآن بـّعدما قدّ وجدتّ هـذاّ الملفّ يجبّ عليها أن تّسرع لإحداث ضّربة ، ضّربة تـّجعل تلكّ المدعوة بماريّ تـّرتجفّ رعـّبا ، سوفّ تجّعلها الـماردّ
الخّاصّ بها ، هيّ تـأمر و تلكّ تنفذّ

/

فيّ إحدى تـّلك الغـّرف العـديدّة ، كـّانت هي تـّجلسّ على أريكة واسعة واضـّعة قدّما على الآخرى و قدّ بدى عليهـّا الإنغـّماس فيّ أفكـّارها الخاصة ،
فتـّارة تـبتسمّ و تـّارة آخرى تـّعبسّ بشكلّ واضحّ ، مـدتّ ذّراعها و سحبّت هاتفها الـّبعيدّ عنها إلى حضّنها ثمّ أخـذتّ تـّدور بينّ أسمـّاء المسجـّلة ، يّا ترى من
هو الأنسّب لمهمتهاّ ؟
حسنـّا لا بـأسّ بهـذاّ الـّرجلّ فهو بـّعد كلّ شيء يدّها اليمنى كمـّا أنهّ يّفضل أن تعطيّ مهمتها إلى شخصّ تـّثق جيدّا به كيّ و إذاّ انكشفت ألألاعيبها فّلن يّقوم
هذا الشخصّ بّفضحها ، يجبّ عليها أن تتوخى الحـذرّ أكثّر و يجبّ عليها أن تـّقدم على خـطّوتها الآن مـّا دامّ نايت لّيس هناّ فيستحسنّ كونهّ بعيداّ ، هكذاّ
سترتـّاح فيّ تـّنفيذّ خطتهاّ
اقتربّ منهاّ فجـأة محتّضنا إيّاها من الخـّلف بّقوة و بكلّ اشتياق فالتفتت إليزابيثّ ناحيته و على شـّفتيها ابتسـّامة بـّارعة الجمـّال ، مـّرتدّية فـّستان حـرّيريّا قـّرمزي
يّصل إلى منتصّف ركبّتيها جـّعلها كمـّلكة لا تـّقاوم بينماّ همسّ كايل فيّ أذنها بـّنبرة كسـّولة عـاّبثة
ـ لقدّ اشتقت إليكّ كثيـّرا عـّزيزتي ،
قـّبلها على خـدّها بـّخفة ثـّم قفـّز بّبسـّاطة ليستلقي واضعـّا رأسه على حـّضنها، فـّتخللتّ أناملهاّ شـّعره البنيّ بـكلّ لطّف لتـّقول هي هـّامسة
ـ أنـّا أيضـّا عـّزيزي ، كيـّف كان العـّمل ؟
كشـّر عن ملامحـّه بضّيق فبدا حيّنها كماّ لو كـأنه طـّفل فيّ الـّخامسة ، يكونّ مستمتـّعا باللعـّب بأشيـّائه عندماّ فجـأة يتـّم أخذّ لعبته منـّه مـذّكرينه بـّواجباته
فـأجـّابها بـتّعاسة
ـ أيجبّ عليكّ دوماّ أن تفتحيّ هـذا المـّوضوع ؟ لقدّ أخبرتكّ مسبّقا العـّمل يّبقى فيّ مكانهّ ، لذاّ من فـّضلكّ غـّيري دّفة الحديّث
ردتّ عليه إليـّزابيثّ بـّضيق هي الآخرى و قدّ سحبّت يدّها منّ خصـّلاته
ـ لماذاّ أنت هـكذا ؟ أنـتّ تـّعلم جيـداّ أنني أريدّ أن أسـّاعدكّ فـّلو تـّخبرنيّ بّصفقـّاتّك لسـّاعدتكّ لنيّلها ، لديّ معـّارفّ عدةّ
تنهـدّ كـّايلّ و وضـّع ذّراعه على عينيهّ ، العمـّل فيّ شـّركة مـّع جـدّه بمثـّابة الذّهابّ للإعـّدام بإرادّتكّ فـّهو شديدّ و قـّاسيّ مـّا إن يـّعلم بتـّواجـّده فيّ
مكتـّبه حتّى يّرسل له مـّلفات لا تحصى و يـّطلب منه الذّهاب إلى مقـّابلات عـّدة قدّ نسي مّعظمها عمـّا كانتّ تـّدور ، بّتصرفـّات جـّده عديّمة الـّرحمة
جـّعلته يـّظن أنّ نايتّ سوف يـأخذّ منصبّ الـّرئيس لا محـّالة ، تـّحدثّ فجـأة و هو ينـّهض مسـّتقيما لّيعتدل فيّ جّلسته
ـ ما الذيّ قدّ فعلته بمـّا يّخص موضوع خـّطيبة ذلكّ السـّافل مـّاري ؟
هـّزت رأسها نفّيا و رفـّعت كّتفيها دّلالة على عدمّ فعلها لشيءّ فـّوقف كـّايل و أخـذّ هـّاتفه الموجودّ على الطـّاولة ليّستعد إلى الـّرحيلّ و هو يّقول
ـ يجبّ عليكّ الإسـّراع فـّلا يوجدّ لديّنا الكثّير من الـّوقت

/



بينّ جدران الـكّلية الكبـّيرة ، فّي إحدى القـاعات المنتشرة بـكّثرة كـآن هو بجانب أخته جـّالسّا و علاماتّ الضجّر على وجهه الـجمّيل ، و كذّلك كليـّر لمّ
تكنّ تـّقل عنهّ تهجمـّا بعدّما قدّ نقلت له مـّا قاله والدّه بجّميع حواّفره ، المحاضرة قدّ انتهت منذ مدة لكنهمـّا لا يـزاّلان عالقان هنـّا، لنّ يتحّركا قبّل إيجاد
حّل لمشّكلة عائلتهما الصـّغيرة تلكّ و لنّ يسمحّا بـجثـّمان رجّل مّيت أنّ يعرّقل سـّعادتهمّا ، و مهمـّا كّلف الأمـرّ ، كـآن ينتـّظران ظهورّ مـّاريّ ، فـّكلير
لا تّعلم أينّ تعـّيش و الفـّرصة الوحيدّة لإمساكها هيّ عندّما تكّون بّين قّضبان الكّلية ، فجـأةّ قدّ رأتّ كليـّر مـارّي تمـّر منّ الـرواّق قبّل أن تسقطّ جميعّ
كتبهـّا و تضطّر للجّلوس كّي تّجمّعهم ،أسّرعت كليّر إليهـّا ثمّ رفعت نفّس الكتاب الذّي كـآن بيدّ ماري لتنـظّر إليها الأخيرة بعينيها الواسعتين ،
رمّشت مـاري قـّليلا قّبل أن تنـّزع الكـتاب بّقوة و قّد أضطرب قلبها ، فابتسمت كليـّر بـبرود و دّفعتها لدّاخل القـاّعة لتّغلق البـاّب خلّفهما بّهدوء و هي
تقّول بلهجة مهددة
ـ لدّينا حدّيث لمّ نكمله صّغيرتي مـاري ،
بّلعت ماري رّيقها بـّتوتر ثمّ وقفّت و قـّالت بارتباك
ـ ألمّ تسمعي ما قاله نايت عن الاقتراب مني ؟ أتردينّ الموت فعلا ؟
ابتسمت كلّير و على شفتيهّا مكـّر ، ثمّ وضعت يدّها على كتّف ماري المرتجّفة و أمالت رأسها قّليلا
ناحيتها لتّهمس بّخفوت
ـ عـزيزتيّ ، جميـّع الصـّحف قدّ نشّرت أنّ خطيبكّ البـّطولي قدّ ذهب في رحلةّ عمّل إلى فرنّسا لذّا حبيبتي ، هذّا حدّيث خاّص جداّ فدّعينا لا نشّركه به
تّقدم آرثّر منهـّا بهدوء فنـّظرت إليه بذّعر ، كـان يّكفي وجودّ فردّ واحدّ من عـاّئلة غلوري لكنّ الآن ما الذّي سوف تفعله ؟ وضعّ آرثر يدّه على
كّتفها الآخرى ثمّ قـالّ باستياء
ـ مـاّري ، كّيف لكّ أن تفعلي هذا بّي ؟ ألنّ تـرأفّي بّقلبكّ الذّي أحّبكّ طواعية ؟
ابتعدّت مـّاريّ عنهمـّا بّسرعة ثمّ ضّغطّت على زّر هاتفها الموجودّ بّدّاخل جّيب معطّفها، ثمّ قـّالت بتّرددّ
ـ لما أنـّا ؟
أجـّابتها كلّير بـّبرودّ
ـ لأنـكّ الحّلقة الأضّعف طّبـّعا ، يّسهل خدّاعكّ ، الآن مـّاريّ صـّغيرتنا مـّاريّ دّعينا ننتّقل إلى الأهمّ ،
نـّريدّ منكّ أن تنفذّي لنا أمـّرا مـّا
قطّبت مـّاريّ عندمـّا اجتاحتها كّلمّات نـّايت سّابقّا ، كّيف قدّ غضّب منهـّا ؟ و كمّ كـان مـّؤلمـّا سمّاعّ تّوبيخاتهّ فقـّالت بـّخفوت
ـ أنـّا لستّ مطّالبة بفّعل أي شـيء لكّما ، لذّا دّعاني أرحّل
رمّقتها كلّير بـّغضّب ثمّ نـّظرت لآرثّر فاقترب هو منّ مـّاري و أمسكّها من ذّقنها بّقوة جّعلتها تّجفّل ، فقـّال بـّحدة
ـ أنتّم السّبب فيّ جعل والدّي يطّردني من المنـّزل و يحّرمني من جميـّع مصّروفي بّشتمي و حّرماني من رؤية عـّائلتي
لذّا لا تّقولي أنكّ مطـّالبة لأنكّ لست كذّلكّ ، بّل أنتّ مجّبرة عـزيّزتي على تـّنفيذّ أوامـّرنا
رمّقته مـّاريّ بـّاشمـئـزازّ شديدّ ثمّ رّفعت يدّها و دّفعته لكّنه لمّ يتحّرك أنشا واحدّا من مكـّانه ممـّا جـّعلها تـّرتبكّ فرّفعت قّبضتها بـّخفة و
أّغلقت عينيهـّا للوهلة ثمّ فّتحتهمـّا مجددّا
حّينهاّ كـّانتّا مشّبعتينّ بالكبـّريـّاء ، بنـّظرة عمّيقة من التـّعجرّف و الآنـآنية كمـّا لو كـأنهاّ لست مـّاريّ فإرتبكّ آرثّر لكنّ هذّا لمّ يمنعه من
إبـّعادّ يده لتّقول مـّاري بهدوء
ـ أنتّ مخطـأ ، جميـّع ما حدّث لّك لّيس بّسببّنا بّل لآنّ تصّرفاتكّ اللا أخلاقية و إنحـطّاطكّ همـّا سّبب جّعلكّ في هـذّا الموقفّ تبحّث عن
شخص لتّلصّق بهّ أخطـّائكّ أنتّ كيّ لا تّشعر بالذّنب و كيّ لا تضطّر للاعتذّار ،
ـ أجّل سّلوكيّ هو خطئي أنـّا و أنّا فقطّ لكنّ من أنتّم حتّى تّعاقبوني ؟ من أنتمّ حتى تحّرموني من عائلتي ؟
إرتبكّت مـّاري ثمّ عـادّت تـّغلق عينيهـّا محاولة التفكّير فيّ نايتّ كي تستمدّ منه القوة مجددّا بينمـّا نـّظرت إليها كلّير ّغيّض و كـّادّت أنّ
تّقوم بلكّمها لولا أنّ آرثر أوقفها بإشـّارة من يدّه ، يّغضبه كيّف تّرد عليه ، فقـّال بحدة مكمـّلا كّلامه
ـ و أنتّ مجبرة على إصلاح خطأ والدّك بـمّا أنه قدّ توفي ، أفهمت هذا ؟
كـآنت تّفكر ، كيّف يجّب عليها أن تتخّلص من هذه الـورطّة قبّل تـّطور الأمورّ لشيء لا يحمدّ عقـّباه فطـأطـأتّ بـرأسهاّ قـّليلاّ ثمّ رفعته و قـّالت بـّتردد
ـ ما الذّي تريدّ مني فعله ؟
ابتسمتّ كليّر بـحقدّ و وضعت يدّها على رأّس مـّاريّ لتنّثر شّعرها بكّل خشونة و قسوة قّبل أنّ تنظّر إلى عينيهـّا و هي تقّول بـتسـاؤل
ـ أتستطعن إعادة والدكّ و أن تطّلبيّ منه ألا يدّخل أنفه فيّ شـؤون الآخرين مجددا ؟
دمعّت عّيني مـّاريّ فـابتسمت كليّر بانتصار ، هاّ قدّ عادّت ماري الضّعيفة إلى جـّانبهمّ و هي التّي ظنت أنه و بعدّ خطّبتها قدّ تغيرت فـضّربت
خدّها بّرفق لتّقول بكلّ شّفقة
ـ لا أظن ذّلك ، حسنـّا مـا رأيكّ أن تطّلبي من خطّيبك المشهور أن يّرسّل لنـّا عشرة مّلايين أو أكثّر ربمـّا مئة مليونّ حتى يـؤسس آرثّر عمله
الخاص و يّعترّف والدّي بنجاحه لتعودّ عـائلتنا كما كانتّ لكن آكثر ثراء
شهّقت مـاّري من كمية المّبلغ الكّبيرة و قدّ شحّب وجهها ، هي لنّ تستطّيع أن تطّلب هذا من نايتّ مهماّ قدّ فعلوا ، فّرفعت رأسهـّا بكبـّريـّاء و قـاّلت
ـ لا
أمسكّت كلّير بّقبضتها قّبل أن تندّفع نحوها و تّلوي رّقبتها تلكّ ، أمـّا آرثر فّرمقها بـحدّة ثمّ نـّظر ناحية أخته ، ليّقول بغضب
ـ من أنت لكّي ترفّضي ؟ ألم أخبركّ أنكّ مجبرة ؟ أيتها الغّبية الحّقيرة ، كلّير أخرّجيّ ما بجّعبتك
ابتسمت كليّر ببرودّ ثمّ أخرجتّ ملّفا من حّقيبتها الصّغيرة من مـاّركة المشّهورة شـانيّل و رّمقت مّاري بإستهزاء قّبل أن تّرمي ذّلك الملّف
بين يدّيها ، فـأمسكته الآخيرة بترددّ ثمّ فتحّته و دّقات قلبها تّرفضّ الصّمت كـّانت تّوجدّ نسخة من العقدّ المزيّف الذّي كانّ جّوناثـّان سّوف
يجّبر فلور على توقيعه مـّا إن أكمّلت المسرحية و سندّات عنّ ملكّية و أّيضـّا بضعة تسّجيّلات قـّامت كليّر باخراجها من الكـّاميرات المنصّوبة
فّي منزّلهم و تمّ تسجّيل فيها كلّ محادثة كـّانت بينّ والدّها جوناثان و العمّ روّي ، نـّظرت إليهمّا مـّاري بإستنكـّار
ـ لقدّ صّرناّ نعـّلم أنّ هذا العقدّ مزّيف من وصّية والدّي الأخيرة لذّا ما الذّي تحاولونّ الوصول إليه ؟
لمّعت عيناي آرثّر بالانتصـّار و هو يّسحبّ المّلف من بينّ يدّيها لّيقول بلهجة عـّابثة و مهددّة فّي نفّس الوقّت
ـ أنـّا أعلمّ و كلّير تـّعلم و أنتّ تـّعلمين و أختكّ تـّعلمّ لكن يـّا ترى هل الصّحافة تـّعلم ؟ ما إنّ يخرجّ هذا المّلف إلى العامة فـّيا ترى كّيف
سّتكون نّظرة المجتمـّع إلى محبوبة الجمـّاهير سنـدّريلا ؟ تلكّ التيّ نالتّ قّلب نـّايت يتـّضحّ أنهّا ليسّت سوى دّجالة تسعى لمـاّله ، و قدّ خدعته من
أجّل الـ 500 مّليون دّولار المـّزيفة ؟ مـّا رأيهمّ أن هـذّا الـعقدّ كـّان مـجردّ تـّزوير من أجّل الحّصول على شّفقة أميّرك فيّ مسـّاعدّتك ؟ أخّبرينيّ
يـّا أيتها الحلوة اللطّيفة ماري ؟
شّحبّ وجّهها كّليـّا كمـّا لو كـأنّ دّماء عـّروقها قدّ سحّبت فـنـّظرت نحوه بـّعينيها البنّيتينّ الزائغتين من الصدّمة و بّلعت ريّقها مرارّا و تكّراراّ قـّبلّ أن
تـكّمل كلّير كّلامها و هيّ تّلتف حّول مـّاريّ كإلتفاف الأفعى حولّ فريستها
ـ لقدّ خاّب ظنيّ بكّ فعلا يـّا ماري ، لّم أكنّ أظن أنكّ بهـذّا الانحـطّاط و لدّيك كّل هـذّا المـكّر لكنّ فعلا لقدّ خدّعتنا كّلنا
ارتجّفت مـّاري كـّورقة في الخـّريفّ و أنـّزلت رأسهـّا إلى الأسّفل بينمـّا دّموعها على وشكّ السـّقوط ، ما الذّي يمكنها فعله الآن ؟ كّيف يمكنهاّ
قّلب الطـّاولة لصـّالحها ؟ لمـاذّا تـأزمت الأمور إلى هذه الدّرجة ؟ سّوف يّغضب نـاّيت ، مسحّت دّموعها ثمّ قـّالت بـّخفوت
ـ حسنـّا لقدّ فهمت ،
ضربت كليّر خدها بّخفة و غمزت لآرثّر لأنّهما قدّ نجحا ، فجـأةّ رّفعت مـّاريّ نـّظرها نـّاحيتهم و قدّ تـّغيرت ملامحـّها الخـّائفة المـّرتعبة إلى التمـّاسكّ
، ثـمّ قـّالت لهمّا بـّتوتر
ـ إنّ أردّتمـّا أنّ يّغفر لك يـا آرثر عمّي رويّ خطـئكّ فـسأتحدّث له و أترجاه لكنّ فقطّ لا تـّدخّلا نـّايت ، أرجّوكمـّا لا تّعبثـّا معه
قطّب آرثّر و ضّرب خدّها بّخفة قـّائّلا و لهجة التـّلاعب تّغزو كّلماته العـّابثة
ـ لمـّا ؟ هل تحّبينه مـّاري ؟ أأنت خـّائفة عليه منا ؟
ابتسمّت بشجـّاعة و شدّت حّقيبتهـّا إلى صّدرهـّا ثمّ ردّت على كّلماته العـّابثة بلهجة أشدّ قوة كلمـّا كـّانت تتحدّث عن نايت فيها
ـ خـّائفة عليكّما منه و لّيس منكمـّا ، أنتمّا لا تـّعلمان مـّا نايت قـّادر على فعله و لا أنتمـّا تـّعلمان مـّا قدّ تـّورطّان نفسيكمـّا فيهّ لذّا نصيحتيّ أنّ لا تّلعبـّا معه
زّفرت كلّير بغيّض عندّما قدّ طّال الحدّيث عن المعـّتادّ ، فـّقـّالت بـإنـزعاجّ
ـ هل أنت غـّبية أم ماذا ؟ أتريدّين من نايت خطيبكّ أن يكتّشف لعبتك الـوقحة في سلبّ أمواله ؟ أيتهـّا الخـّرقاء ماذا يوجدّ بدّاخل رأسكّ ؟
فجـأةّ رنّ هاتفهاّ فيّ جيّب معطّفها لتّدّخل كليّر يدّها و تخّرجه ، كـّان اسمّ نـّايت ينيـّر الشّاشة كمـّا لو كـأنهّ قدّ عـّلمّ بـّفعلتهما الشنيعة هذهّ فارتجفت أوصـّال
كلّير فقطّ من فـّكرة سمـّاعهم لحّوارهم لكن هدأت عندّما تـّذكرت أنه لا يجّب عليه أبدّا أن يسمـّع ما دّار هنـّا إن كـّانت مـّاري ترّغب فّي سـّلامتها الخـّاصة ،
فّضغطّت على زّر التجـّاهل و رمّت الهاتف مجددّا لدى مـّاري لتقول بـّعدم اهتمام
ـ لقدّ تغّيرت مـّاريّ ، لكنّ لا يـّزال أمامكّ الكثير لتجّارينا نحن
خرجّ كلا من آرثر و كلّير صّّوت ضحكاتهما تّملئ القـّاعة بينمـّا أمسكّت ماري الهاتفّ جيدا و جـّلست بهدوء على الكـّرسي ، أفكـّار عديدّة تدورّ في رأسهـّا
مؤخرا و لمّ تلقى لها جواّبا كذلكّ العـدّيد من الجملّ التي بّقت عـّالقة في ذّهنهـّا
ـ أنت ضـّعيفة مـّاري ، مـّاكرة مـّاري ، حفّل الزفـّاف فيّ نهاية هذا الشـّهر ، لقدّ توفيّ والدّك مـّاري ، كّفي عن التـظاهر ، أعملّي بّوصية والدناّ ماري ،
مـاري لا تتـّركي نايت مهما حدث ،
هـزّت رأسهـّا نفيـّا و تخللت أصـّابعها شّعرها البني القّصير بّعدم حيلة، لما هيّ الحلقة لأضّعف ؟ لماّ دوماّ ما ينالّ بغض الغّّير بالرّغم من أنها تحاولّ
جاهدة كسّب حّبهم ؟ كمّ تشعر بالّشفقة على نفّسها الآن ، ما الذي قدّ يقوله نايت عندما يعلمّ ما حدث ؟ لقدّ أخبرها سّابقّا أنها خـطّيبته و هي تمثـّله
عندما يّكون غائبا ، لكنّ الآن .. همستّ بصوتّ خافتّ مشجـّع و قدّ رسمتّ على شفتيها ابتسامة بسيطـّة
ـ قدّ أكون غبية سـاذّجة و ضـّعيفة لكن أنـّا لا أستسـلمّ بـّسهولة مهمـّا تطّلب الأمـّر،

/


الـهواء المنعش يحّرك يّاقة مـّعطّفه بإتجّاه الـّريـّاح و المـطّر الخّفيفّ يّضـفي جّوا من الـرومانّسية و الهدوءّ ، أغّلق عينيهّ الـزرقاّوتين الداكّنتين بتعّب
و أرخـّى رأسه على الكـّرسيّ محـّاولا التنّعم بّقليلّ من الراحةّ لكنّ هيمتاه فهـّاهمّ يعلنونّ عنّ رحـّلته إلى لندّن الجميلّة زفّر بّغيضّ و وضـّع القّبعة على
وجههّ فـتقدّم أحدّ الـرجّال ذو البدلات السـّوداء منهّ و إنحنى بـّخفة لكّي يـّقول بـكلّ لبـّاقة و تهذّيب
ـ سيدّي ، لقدّ تـّمّ الإعلان عن رحّلتك
فتحّ نايت عينيه و نـّظر إلى ذّلك الـرجّل ذّو الـّقامة الطّويلة ، عندّها قدّ احنى جميع الحراسّ رؤوسهمّ و عمّ الصمـّت فـقـّال نايت لذّلك الرجّل القـّريب منه
ـ أليّس جميـّلا لو أننـّا نستطّيع البقـّاء هنـّا أكثر فـرانسوا ؟
أومـأ فـّرانسوا و لمّ يّقل شيئـّا فتنهد نايت و وقّف لتّعادل قـامته طولّ قامة فـّرانسوا و إتجه إلى طـّائرته خّلفه أربعة حرّاس قـّائدهم المدعو بفـّرانسوا ،
جّلس فيّ مقـعده و عـّلامات الضجّر بـّادية على وجهه ، فجـأة سمـّع جّلبة في الخلّف لمّ يهتمّ بل وضـّع سمـاعات في أذّنه و همّ بالضـغطّ على زّر الموسيـقى
قّبل أن يـأتيّ رجّل مجنونّ مّلابسه ملطّخة بالدماء و سترتهّ قدّ فسدّت أمسكّ بياقة نايت و أشهرّ بذلكّ المسدّس على رأسه غيّر مبّالي بّصراخ الركّاب أوّ
موظفّاتّ ،و قـّال بـّنبرة غـّاضبة و حادّة
ـ أيّها السـّافّل ، كيّف تتجـرأ بوضّع يديكّ القذّرتين على والدّي ، أيهاّ الشيطان ..لقدّ أصبحّ مقعـداّ ألا تّوجدّ في قلبكّ رحمة ، سّوف أقّتلك
نـظرّ إليه نايتّ بعينين بـّاردتين خـّاليتين منّ أيّ تعـّبير ، كماّ لو كـأن حيّاته ليسّت مهددةّ للخـطرّ فيّ هـذه اللحـظةّ بل ابتسـمّ بـّغـّرابة و هو يـّرفع يدّه بسّرعة
خـّاطفة أجفّل عليها جايسون ليجّعل المسدسّ لدّيه ثمّ قـّال بـّسخرية
ـ أخبـّر نيكولاّس أننيّ أنتـظره ، و إنّ أرادّ أن يهاجمني مـّرة آخرى فـّلا يّرسل كلابه
رمقـّه جايسون بدّهشة ، كيفّ التقط المسدسّ بّسرعة و كيّف رماه ناحية فرانسوا ليمسكه و كيّف أصبحّ فيّ غـّضوان ثـّواني محـّاط بّالشـّرطة و العـّديد
منّ الحـّراسّ لقدّ حان وقّت سّقوطه و هذه هي النهاية ، حيّن تقدمّ نايتّ بهدوء نـّاحية فـّرانسوا و همسّ بـّبرود
ـ لا تـّدعهم يمسكونه
أومـأ فّرانسوا بـالإيجـّاب ثمّ أشـّار لرجـّاله كيّ يـّقوم إثّنين منهما بالسيّر خلفّ جايسونّ الذيّ تـّقوده الـشرطّة رغمـّا عنه بينماّ عادّ نايت للجّلوس فيّ
مكانه ثمّ وضع سّماعات الأذّن و شـّغل الموسيقى لـّيغلق عينيه ، احتدّت ملامحّه بّقليل من الغّضب ذلكّ المدعو بجايسونّ متهورّ أخرقّ فعوضّ أن يستغـّل
إطّلاق سّراحه راحّ يجولّ فرنساّ حاملا مسدّسا فيّ جيبّ سترته ، تنهدّ و دّلك جّبينه قـّليلا فقدّ بات يّظن أن فـّكرة تركه و شـأنهّ ليستّ بالفكـّرة الـجيدّة ربما
كان من الأفّضل لو أنهّ تركه محبوسا في ذلك المصنع لمدة أطول، فيّ حينّ كانّ معظم ركـّاب الـّرحلة فيّ الدرجة الأولى ينـظرونّ إلى نايتّ بإستنـكار و
إستغـّراب شديد ، كـأنه لمّ يتعرضّ لتهديدّ توا ؟ هل هو معـّتاد على مواقفّ مثل هـذه فيّ حياته اليومية أمّ ماذا ؟ كـذلّك فـّرانسوا كـّان يجـّلسّ خلفّ نايتّ
يـّقـرأ كـّتاباّ بإنسجـّام ، هـزتّ المـّوظفات رؤوسهن نفيّا و قدّ كـّانت هـّالة عدمّ الاقتراب منهما واضحـّة تماما

/

لمـّا وضـّع الليل بسـّاطه و أنـّارت النجومّ طـّريق ضـّائع السّبيلّ ، عندمـّا دّقت سّاعة ثـّانية عـّشر أبوابهّا و كـّتب التـّاريخ يومـا جديدّا مليـئّا المفـاجـآت ،
فيّ تلكّ الـشّرفة ذات الظّلمة الحالكةّ كـّانت تّقف بـّهدوء و بين شفتيها آخر سّيجارة ، تمسكّها بإحكـام و تّضع يدها على جّبينها بّقلقّ و تـّوتر ثمّ رفعت
الهـّاتف و اتصّلت به ، مسـّاعدها الأيمنّ ، كـّان يّقف كـّايلّ خلف الستـّائر يستمـّع إلى حدّيثها إنه فيّ غـّاية الفّضول لمعرفة خطّطها لكنّ للأسّف قدّ خاّب
ظنه عندما سمـّعها تتكلمّ بلغتهـّا الأمّ فـعـادّ خـّائب الأرجـاء إلى السّرير ، لقدّ أرادّ أن يعلمّ إلى أيّ مدى قدّ تـّذهب إليزابيث لكنّ يبدوا أنهّ لنّ يـّعلم إلا إنّ
أرادت أن تـّخبره هو ، بـّعدّ لحـظاّت أتّت نـّاحيته و سحّبت معـطّفها ثمّ قـّالت باهتمام و هي تصّلح شّعرها الأسودّ و تـّضع ملمّع الشّفاه على فمهـّا
ـ كّايل عـّزيزي لدّي عملّ مهم الآن لذّا ألقـاكّ فيما بـّعد
كـّادت أن تـّرحّل لولا إمسـّاك كّايل لمعّصمها، نـظرت إليهّ بتسّاؤل فـّقـّال هو بـّنبرة خـّافتة و حـذّرة
ـ إليزابيث أنتّ لا تـّقومينّ بشـيء خطير أليس كذلك ؟
إستدارت إليه و رمّقته بعينيها المثيرتينّ ثمّ ابتسمت و أرسلتّ له قّبلة كعادّتها العـّابثة ثمّ غـّمزت و قـاّلت بـّصوت يحـّاكي النايّ رقة
ـ لا تـّقلقّ عليّ كـّايل ، أنا إمـرأة تعلم تمـّاما مـّا تريد
قطّب و إقترب منها ثمّ أمسكها من ذّراعها بـّهدوء لكنها قّبلته مسرعة فيّ خده و سـّارعت بالرحّيل غـّير آبهة لّقلقّ كـّايلّ ، إنها تـّريد من زوجها نّيل
حصّة الأسدّ عند وفاة الجدّ و إنّ لمّ يتمّ ذلكّ فلن تسمحّ لأحدّ أن يكونّ بجانبّ نايتّ قبل أن تسلبّه هي جميـّع الأموال التي بحّوزته كّل ما يهم الآن هو المّال
و المـّال ثمّ المـّال

/

مـّرت أيـّام و لا تـّزال جـاّلسة فيّ شقتها بنفسّ المـّكان على تلكّ الأريكة تنـّظر إلى نفّس البّقعة بينمـّا فـّلور تـّروح و تجيء من أمامهـّا دون جـّدوى ،
إنهـّا لا تـعّلم سّبب عـّزلتها و لمـّا هي تفـّعل هـذّا بنفسهـّا ، لكّن الأغـّلب أنها تـّريد أخـذّ قّرار حـّاسم بّحياتهـّا فإمـّا تـّسليم المـّال و العودة إلى مـّا كان
مـجرى المياه عـلّيه سـّابقّا أو القـّبول و ركوبّ السّفينة وسطّ تلكّ الـّرياح العاصفة
جّلست أمامها و لوحتّ بيدّها فلمّ تستجّب لها مـّاري ، وضـّعت قدّما على الأخرى و احتست القّليل من كـّوب الشـّاي ثمّ نـظرت إلى النـّافذة سوف تقومّ
ببيعّ منزلهمّ و تجمـّع المـّال ، بعدها سوف يغادران لنـدنّ ليّعيشا حياة هادئة خـّالية من الأخطـّار إنّ مـاريّ ستختـّارها هي بكّل تأكيد لأنها طّفلة ضعـّيفة
لكّي تّمثل شيئا بمثلّ هـذا الحـجمّ ، لقدّ انتصّرت هي علّيهمـّا كّلا من نايتّ و ويّليـّام لدّيها الأفّضلية ، فجـأة تحدّثت مـّاريّ بهدوء
ـ فـّلور ، أظنّ أننّي قدّ وقعت في الحّب
كحّت فلور و كـادت أن تسكّب الكوبّ على السجـادة لولا أنها تمالكت أعصّابها في آخر لحـظة و نـظرت بعينّين واسعتين إلى أختها التّي قدّ ارتسمت
عليها ملامحّ الجدّية ،
ـ أي حّب ؟ من تّحبين ؟
نـّظرت إليها مـّاري عميّقا قّبل أن تنطّق بكّلماتهّا، تلكّ الكلماّت التّي بقت مـطّولا بدّاخل قّلبها الصـّغير ،
ـ أحبّ نايت
شهقّت فلور من الصدمّة و لمّ تستطعّ أن تنطّق بحرفّ ، ما الذي تّقصده بـأنها تحّب نايت ؟ و هل هو بشّر لتحبه ؟ فـأكمّلت ماري حديثّها
ـ بحّضوره أشـّعر بـّالقوة كـأننيّ قادرة على فعلّ المستحـّيل ، عندمـّا يكون موجـّودا نبّضات قّلبّي تّدّق بجّنون و أصبحّ عـّاجزة عن التعبّير ،
أنـّا لا أقدّم على الـزّفاف لأننيّ مجّبرة بّل لأننيّ أريدّ التعّرف عليه أكثّر و أنّ أحبه و أنّ أفهمه أكثّر ، فنايتّ هـذّا ليسّ بالشـّاب السيئ كمـّا يظن الجميع
لقدّ أنقذني من دّين والدّي حتى لو كـّان مزّيفا و أنقذّني من بينّ مخاّلب كليّر حتى لو كـان غيّر مهتمّ ، أنهّ من سّرق قّبلتي الأولى بالـّرغم من أننيّ أنا
من كنت أحتاجه في البـدّاية لكنهّ هو من يحـّتاجني أيضـّا بجـّانبه
قطّبت فـّلور غّير مصدقة كّلمات مـاّري و أنصتتّ حتى النهـّاية بينمـّا ابتسمت مـّاري و أسندت رأسها على يدّها البّيضـّاء النـّاعمة ثمّ قـّالت بـّحماسّ
و هي سـّعيدة لإعتـرّافها
ـ لطـّالمـّا كـّنت جـّبانة لكنّ و بمجيئه هو استجمعّت شجـّاعتي فّي رمشه عيّن و أنا التيّ حاولت طـّوال عـّامين كيّ أكّسب الجـّرأة الكافية التي قد تجعلنيّ
أقدم لزيـّارتكمـّا لذّا لا تـّقولي عنه لّيس بّشـرا بّل هو بحـّاجة لّشخص من يّفهمه و أنّا سـأبذّل جهدي لذّلك
ثمّ أكمـّلت كـّلامهـّا و قدّ ظهرت نبرة المرحّ فيّ جمّلتها البسيطة هذه
ـ ألا تـعّلمين أن ماري إذا وجدّت فـّارسّ أحلامها لن تتركه بّل ستـطّارده إلى نهاية العـّالم حتى يّعترفّ لها بـّحبه ، إنهاّ مـّعركة يجّب عليّ خوضهـّا كيّ
لا أندّم مستّقبلا لأنني لمّ أحـّاول ،
تنهدّت فلور ثمّ أمسكت بيدّ مـّاري ، قـّالت بـهدوء
ـ ماّري مـّازال لدّيك الوقت لتـّراجّع ، و إن تـّراجعت سـأحرّص بنفّسي على إيجـادّ فتى أحلامكّ لا بّل سـأجدّه لكّ لذّا من فـَّضلك أتركّي ذّلك المعتوه
و شـأنه لا تـّطارديه أرجوكّ إنه أكثّر مما تـّقدرين على تحمله
ضحكّت مـّاري و احتضنت أختهـّا بّفرح لأنها قدّ أخرجتّ أخيرا السّر الذّي أرهقهـّا ثمّ أحكمت قّبضتها و قـّالت صـّارخة
ـ سـأتزوجّ ، وداعـّا للـعزوبية
و أخذّت تدّور في الأرجـّاء بكّل جنـونّ فـسـّارعت فـّلور بإمساكها لتّسقط الاثنين أرّضـّا ، ثّبتتها فـلور و قـّامت بمسّ جبينها لا توجدّ علامات على
أنها الحمى إذن فماذا هذا ؟ قـّالت باستنكار
ـ متى أحببته ؟
ـ عندّما التقيته لأولّ مرة ، كـّان حبّا من أول نظرة
زفّرت فلور بّغيضّ ، هذه الفتاة مجنونة بحقّ كيّف تحـّب شخصّا مثّله ، بـّارد المشـّاعر و أناني من الدّرجة الأولى فقـّالت للمرة الأخيرة تحاول
إقناعها في العدول عن رأيها
ـ هل أنتّ واثقة ؟
أومأت مـّاري بـرأسها مرارا و تكـّرارا ثمّ وقفت فّوق الأريكـّة الممتـّلئة بّشتى أنواع الأوراقّ و ملّفات دّروسها لتكملّ كّلامها بتشجيـّع و نـّبرة فـّرحة
ـ أنـّا إمـرأة تـّعلم تمّاما ما تـّريد
وضعت فلور يدها على ذقنها بانزعاج و استلقت على الأرّض لتغيّر قناة التلفاز و هي تهمس باستياء شديد
ـ بّل طفلة لا تـّعلم تمـاما مـّا تـّريد ، نبّضات قّلبها تدّق كلما رأته قالت حبا بّل خوفّا منه يـّا بلهـّاء ، أيّ حب هـذّا ينتجّ بعدّ أن عمـّلها كالخدم ؟ لديها عقدة نفسية
تبّا ، أتظنه حيّوان أليّف كّي تعتني به ؟وّقفّت عندّما طّفح الكّيل بهاّ و ارتدّت حذّائها ثمّ قـّالت بـبرودّ محدّثة ماّري
ـ سّوف أذّهب إلى العمّ رويّ كيّ نـّجدّ شيئا نفعله بّخصوصّ المنـّزل ، لذّا قدّ أعّود متـأخرة
ثمّ أغّلقت البّاب خّلفها بكّل عنّف ، بينمّا ابتسمت ماّري بّسذاجّة إنهـّا لا تّدركّ أن فلور لا تستلمّ بكّل بسّاطة بّل هي سوفّ تّذهب كّي تجدّ فكرة أخرى
تقنعها بالعدّول عنّ رأيهاّ فهيّ لن تسمحّ لها أبدّا بأخذّ زوجّ مثّل نايت ، لقدّ كانت تـّعلم جيداّ أن ماري تـّحب نـّايت لكّنها كـّانت تـّأمل و لآخر لـحـظّة أن
يكون هـذاّ مـّجرد وهمّ أو سّراب ، الجميـّع يّعلم أنها تـّحبه من العـّم رويّ إلى ويـّليـّام ، من سيدّة فرانسيس و زوجـّها إليها هيّ

/

يحمّل حّقيبته الصّغيرة على ظهره و يّضع نـّظارتيه غـّاليتا الثمّن، كـآن مستاء جدّا لأنهّ موجودّ فيّ حيّ قذر مثّل هـذّا ، هو الذّي اعتادّ على جميـع
أساليب الـّرفاهية و كّل مقّومات الحّياة الجيدّة يضطّر للعيشّ هنا ؟ نـّظر إلى محـّفظته حيّث قدّ أعطّته كلّير آخرّ نقدّ تملكّه بـعدّ أن رّفض والدّهمّا أنّ تسحّب
أيّ مبلغّ نقدّي من حسّابها و قدّ قّام بإغّلاقه تماماّ لأنهّ يعلم تماماّ إن كليّر لنّ تسمحّ لأخيها أبدّا بالعيّش المبتذّل و الفقير جدا
دّخل ذّلك المبنى و كانت السـّاعة تشّير إلى الراّبعة مساءا ، إتجه إلى الشقّة الأولى و طّرق البّابّ بقوة قّبل أن يّقوم بمسحّ يده بكّل قرّف ، و عكّس توقعاتهّ
فيّ أن يخرجّ عـجوزّ رثّ المّلابسّ و قدّيم الفكّر ، خـّرجتّ سيدة ترتدّي فستاناّ جميـّلا أزرّق اللونّ داكنّ و شّعرها مصّفف بعّناية على شكّل وردّة معّ ابتسامة
لطّيفة قـّالت
ـ أوهّ أظن أنكّ أنتّ الجـّار الجديدّ ألّيس كذلك ؟
أومـأ آرثر بـّعدّم اهتمام و هو يجّول بعينيه في المكـّان ، لو لمّ يكنّ في ضيقة ماّليه لمّا فّكر أبدّا باللجوء إلى هذا المبنى القذّر ، فأكمّلت السيدة كّلامهاّ بحماّس
ـ لقدّ أخبرني زوجّي بـأنّك سـتـأتيّ لذّا تّعاّل لأريكّ الشّقة بالرغمّ من أنهّا قديمةّ لكنّ لا تّزالّ تحتّفظ بأناّقتها ،
تقدّم خّلفها إلى تلكّ الشّقة التيّ تحدّثت عنهـّا ثمّ فتحتّ البّابّ بكّل هدوء ، ليدّخل آرثّر و علامات الدّهشة على وجهه ، كّانت عكّس المبنى تماماّ فهي مـّرتبة جدّا
و مـؤثثة كمـّا أنهّ لا تـّوجدّ ذرة غّباّر بها ، نـظرّ إليها و قال بتسـاؤل
ـ لمّ يّقل زوجكّ ليّ أنهـّا مؤثثة ؟ هلّ هذاّ يعنيّ أن السّعّر لّيس كمـّا هو مذّكور فيّ الإعّلان أيّضا ؟
ابتسمّت السيدّة بلطّف ثمّ وضعت يدّها على كّتفه و قـّالت بـحـّنانّ
ـ لقدّ أخبرنيّ زوجّي عنّ أوضـّاعكّ و عنّ طّردّك من الملهى الذّي كنتّ تعيشّ فيه لذّا فقمناّ نحنّ بمـّا نستطّيع فعله ، أعّلم أنها ليستّ من مستواكّ
لكّن إنهاّ أفّضل من لا شيء ألّيس كذّلك ؟
نـّظر إليها آرثّر بّعدم تصدّيقّ ثمّ أومـأ بّرأسه ، كمّ يّكره الشّفقةّ لكّن لا بـأسّ مـا دامّ لا يمتّلك حّلا أخر يّلجـأ إليهّ ، يـّا ليتّ مـّاريّ تـّقدمّ لهمّا المـّالّ
فيّ أقّرب وقّت ممكنّ ، قّبلّ أن يّصل إلى الحّضيضّ ،

/





فّي الشّقة المقـّابلة حّيث كـّان ويّليام ينعمّ بنومّ هانئ عندّما رنّ جّرس فجـأة متسّببا باستيقاظه فحكّ شعره بـّكّسل ثمّ قّام بـّرفّع تلكّ الخّصل التّي
تّساقطّت على وجهه بكلّ إهمـّال و اتجه إلى المدّخل ، فتحّ بّاب بهدوءّ ليرى إليّزابيثّ تقفّ خّلفه بّمظهرها الأنيّق و ابتسامتها المثّيرة فّرفع حـّاجبه
دّلالة على الاستنكـّار ثمّ كادّ أن يّغلقه لوّلا أنهّا دّخلت ، رمتّ معطّفها بينّ يدّيه ثمّ قـّالت بّصوت هـّادئ و رقّيق
ـ هلّ اشتقت إليّ وّيلي ؟
تنهدّ بّقلة حّيلة و رمى معطّفها على الأرضّ ثمّ اتجه إلى غّرفة النومّ و أغلّق الباّب خّلفه بالمفّتاحّ ليبتسمّ بكّل هدوءّ ، غطّى نفسه جيدّا و كـّاد أن يخلدّ
مجددّا إلى النومّ لولا صوتّ إليزابيث المـّزعجّ بجـّاذبيته
ـ ويّليام ، أنـّا ذاهبة لرؤية مـّاري فّهل تذّهب معي ؟
قطّب ويّليام بّغيض و جـّالت فيّ باله فكرة الاتصال بكّايل كّي يرى أفعال زوجته الطـّائشة لكّن وّقف مجددّا و فتحّ الباب مجددّا و نـّظر إليها بإستياء شديد
ـ ما الذّي تريدينه ؟ إنّ كانتّ لديكّ شكوى فلماذا لا تّذهبي إلى أحضّان زوجكّ ؟
جّلست إليّزابيث على الأريكة مظهرة سّاقيها الطويلتين و بّشرتها النّاعمة فزّفر ويّليام و رّفع نـّظره إلى السّقف محـّاولا اكتساب القـّليل من الصّبر
لمواجهتها ، لتتحدّث إليزابيثّ بكّل بـراءة
ـ لا أريدّ أن أشتت فكّره فيكّفيه مجـّاراة نايتّ الآن ، بالمنـّاسبة أتّعلم قّياسات خصّر ماري ؟
رمّقها بـبّرودّ و اتجه إلى المـطّبخ ليّضع إبريق الشـّاي على الموقدّ متجـّاهلا نـّغزات إليّزابيث الوقحة ، كمّ يّقلقه وجودهـّا ؟ و فجـأة رنّ جرّس المنـّزل
فّصرخّ ويليام بكـآبة
ـ بربكّ ، من هـذا الذّي يأتي على الـواحدّة لّيلا ؟
سّارع بفتحّ البّاب لّيرى نـّايت بّقامته الطويلة و شحوبّ وجهه الدّائم ، نـّظراته الحادة و المشبعة بالكبريـاّء و ملابسه الـسوداء الكـّئيبة ، شّعره الحـّريري
الذّي احتلّ جبّهته و أنفه المّسلولّ ، كـّان يبدوا كعـّارَض أزيّاء مشهور ، و كـّاد أن يدّخل لولا أن ويّليام قدّ دّفعه للخـّارج و على شفتيه ابتسامة مرتبكة
فّرمقه نايت باستغراب ليّقول بتوتر
ـ نايتّ ، آهـ لدّي رفقة الآن و ربمـّا هذا ليّس بالوقت المنـّاسب كمـّا تّعلم
نـظرّ إليه نايتّ بعينين نـّاعستينّ و مـّلامحّ مـّرهقة ، يّضع يدّيه فيّ جيبّ ستـّرته و لا يبّدوا أنهّ بـّخير فـّعلا ، فـتّحدث بنبرة خـّافتة مبحـّوحة
ـ أهـذه هي الـطّريقة التي تستّقبل فيها صدّيقكّ من سّفره ويّليام ؟
ابتسمّ ويّليام بإرتباكّ أشدّ خـّائف من فكّرة أنّ يجدّ نايتّ إليـزاّبيثّ لديه أو أنّ يلتقي بهـّا فقطّ فـّسـّارع إلى شّقة مـّاري المـّقابلة و رنّ الجـّرس دّافعا نايتّ
أمامهّ ، فّتح الباّب منّ تّلقـّاء نفسهّ و هـكذّا قدّ كّشف سّبب إقتّحامّ الكّل لّشّقتهاّ ، لأنهّا لمّ تـّغلق البـّاب يّوما فربتّ على كتفّ نايت قـّائلا
ـ ابق هنـّا إلى غـّاية التـّخّلص منهـّا ، لا تّقلق لنّ يستغرقّ الأمّر أكّثر منّ نّصف سـّاعة اسّتغل الوقتّ لتعويض ما فاتكمـّا ،
ابتسمّ ويليّام بتوترّ خوفّا من أنّ تخّرج إليزابيّث في أيّ دقيقة من الآن و دّفعه إلى شّقة مـّاريّ بينمـّا لا يّزال نايتّ مرتاباّ لتصّرفاتهّ الغّير مدروسة
ثمّ اتجه إلى شّقته ركّضا بالّرغم من أنهّا لاّ تبّعد سوى مسّافة مّترين ، دّخل و أغلّق البّاب خلفه بّالقفّل و نـّظر إلى إليزابيثّ المبتسمّة بخّبث ، كـّانت
واّقفة في الـّرواقّ و يبدّوا أنهّا سمعتّ كلّ شيء ، زفّر ويّليامّ بغّيض فّاقتربت منهّ إليزابيّث بخّفة و وضعت كّلتا يدّيها خّلف رّقبته ، قـّالت بصوتّ مثيّر و هـاّمس
ـ أعذّرني عزيزيّ لكّنكّ لستّ من مسـّتواي ، أتتذّكر هـذه الكّلماتّ ويّليام ؟
احتدّت نـّظراتهّ و دّفعها بكّل قسوة إلى الخّلفّ ثمّ قـّال بـغضّب و قدّ اختفى مرحه أدراجّ الـريّاح فإنّ إليزابيث تّعلم جيدّا نقاطّ ضعفه
ـ لما لا تخبريني ما تريدينّ باختصار فإن كانت غايتك منذ البداية ماّري لماذا أتيت إلي إذن ؟
إليّزابيّث ببرودّ
ـ ما بكّ ياّ رجّل ؟ كمّا لو كـأننيّ قدّ نشرت السمّ فيّ جسمكّ بمجردّ ملامستي لكّ كما أنتّ تـّعلم جيدّا لمـّاذا أتيت إلى هنـّا فلا داعي لسـّؤال
أمسكّ ويلّيام قّبضته خاّئفا من أنّ يلوي رّقبتها فوّرا و الآنّ دون تـّردد أو ندّم بينمـّا ابتسمتّ إليزابيّث بـّسّخرية منهّ ، كّيف يّسعى للحفـاّظ على أعصـّابه
فّرّفعت معطّفها و نـّظرت إليهّ بكّل برودّ لتقّول بخبّث
ـ محّاولاتكّ لنّ تجدّي نفّعاّ و أنتّ تـّعلم ذّلك جيدّا ، أعنّي مـّاريّ و نايتّ ؟ فقطّ اسميهمّا ليسّ لائّقينّ بجّانب بعضهمـّا البعضّ و مهمـّا فعلت لكّي تقّربهمـّا فلنّ تنجّح ،
همسّ ويّليامّ بـّعد أن استرجّع القّليل من هـدوئه ،
ـ كيّف أفّعل ذّلك و لقدّ نجّحت بالفـّعل ؟ فـنايت سوفّ يتزوجّ ماري يّا إليزابيّث ، و خـططكّ أنت لنّ تنجّح سّأقّف لكّ أنا بالمّرصاد
ابتسمت إليزابيث بتحدي ثمّ وقفّت على أصابع قدميها لتّقبله بسّرعة على خده ثمّ غمزتّ له بواسطّة عينيهـّا العسليتينّ كثيرتا الرموّش و قـّالت بخفة
ـ سنـّرى ذّلك ،
خرجّت فّقطّب ويّليام بعصبية و ضّرب الجدّار الذّي أمامهّ بكّل غّضب ، تخّللت أنامّله شعره الأشّقر الذّهبيّ لمّ يسمحّ بهـذّا أبدّا ، أبدّا ، لنّ يسمحّ لها بإيذّاء
نايتّ مجددا
/
فّي الشّقة المقـّابلة ،
شـجرة كرز كبيـرة ، طـويلة ذات وريقـات وردية تسـاقطت من خلال تـلك النافذة الـمفتوحة على الأرضية ، في غـرفة بسيطة لم يـوجد فيها سوى سرير
و مكتب مع دولاب للمـلابس ، إن فـتح البـاب ظهر رواق ضيق منه صـالة بـأريكة واحدة ، يـطل عليها المـطبخ الصغير .
كــان الـتلفـاز مفتوحا على قـناة تـذيع الأخبـار و إن تـمعن بالنـظر لأسفله وجدت شـابة ذات شـّعر بني مسترسل على ظهرها بقـوام ممشوق و عيـنين
بنفس لون شعرها، بـشرتها البيضاء صـافية .. كـانت وسط أوراق عـدّة ، ممـاّ يظهر أنها كّانت تـذاكر بـطريقة أقل ما يقـال عنها فـوضوية و قدّ وضّع
غـطّاء على جسّمها الممددّ فيّ الأسّفل ،
بينمـّا كّان هوّ يقفّ بكّل صّبر أمامّ عّتبة البّابّ راّفضـّا التّقدمّ خطوة واحدّة للأمـّامّ ، تنهدّ بـّتعّب عندّما شّعر بالدّوار فاستسّلمّ رّغبته الشديدّة في الاستلقّاء
و اتجّه إلى صـّالة المعيشةّ حيثّ ينّبعث صّوت المـذّيعّ بكّل هدوءّ
تقدّم من الأريكّة و كـّاد أنّ يسّقطّ لولاّ أنهّ تماّسكّ في آخر لحظة ، حـّول عينيهّ الدّاكنتينّ إلى الشيّء الذّي عـّرقل سيّره فـرأى مـّاريّ كعادّتها الفـّوضويةّ
مستلقية على الأرضّ ،
جـّلس بهـدوءّ ثمّ سحّب الغطّاء من فوقهـّا و وضـّعه على قدّميهّ الممدّدتين على الـمـّائدة الزجـّاجيةّ ، غّير القـّناة و هوّ متذّمر من هـذّا التلّفاز الصّغيرّ
الذّي لا يستـطّيع أنّ يرى فيهّ شيئـّا واحداّ ، عندّما وصّل إلى قناةّ الإخبارية رفّع الصّوت قّليلاّ مصغيـّا
ـ فّي أنبـّاء عـّاجلة و مثّيرة لدّهشة ، إنّ شركّة جونسّون الفـّرنسيةّ قدّ خسرّت حجمـّا هـّائلاّ من أسهمـّها ممـّا أدىّ إلى سـّقوطهاّ المبـّاشر في الحّضيضّ
و هـذّا كلّه فيّ ظرفّ ثّلاثةّ أيّام فقطّ ، يشـّاعّ أنّ السببّ هو إلغـّاء شـّركة لبيرّ تعـاّملها معهـّا و إلغـّاء الشـّراكةّ قبّل الإعـلان عن التضخمّ الكّبير الذّي
راحّت من خّلفه معّظمّ الشركات
ابتسمّ بسّخرية لاذّعة و هو يتذّكر ذّلك الـّشابّ المجنونّ الذّي حـّاول قّتله هـذه الليـّلة ، لقدّ كانّ هو رئيسّ شركّة جونسـّونّ ، كمّ أنبـأهّ نايتّ من مـّرة على
ضّرورة الانتباه لخـّطواته لكنّه لمّ يصـّغي ، ألمّ يخبّره مـّرارا أنّ يـتّوقفّ عنّ حيـّاكة المـّؤامـّرات ؟ و أنّ يكتفيّ فقطّ بّعقده مـعهم ؟ هـذّا ماّ يحدّث لكّل من
يجـّابهه فـإنّ أوامـّره فقطّ يجبّ ألاّ تـّرفّض
أغلقّ عينيهّ بتـّعبّ ، ثمّ أماّل رأسهّ على الوسـّادة التّي خلّفه و قدّ استغرّق فّي نـّومّ عمّيق حّين دّخل وّيليّام الشّقة بــّاحثّا عنهّ ، اقّترب منهّ و قدّ
رسمّت شّفتيه ابتسامّة حـّزينة ، قّلبه يـّؤلمه لدّرجة الجـّنونّ و لا دّواءّ يقيه من هـذّا الألمّ ، وضّع يدّه بهدوء على جّبينّ نايتّ البـّاردّ كالجّليدّ ثمّ همسّ بـخفّّوت
ـ لنّ أسمحّ لها بإيذّائكّ مجددّا و هـذّا وعدّ
عندّ كـّان الصّباحّ في أوجّ مجيّئه و شـّمسّ الّمشرقة منبـئة بقّدومّ أمـّل جديدّ، قدّ رحّل ضّبابّ لندّن المّغشّي على جوّ سكّانهّا فعلى قّلوبهمّ و أنـاّرتها شمّس
السمـّاءّ بّأشّعتهـاّ المنـّبثقة من الأعـّالي
نـّادّر الحدّوثّ بّلندّن ، وريّقـّات الشّجّر قدّ تسللتّ إلى أنّفهـّا محـّاولة مدّاعبتهـّا بكّل حّنـّان لتوقّظهاّ من نـّومها حيّث دّخلتّ فـّلور شّقة متّسائلة عنّ سّبب
تركّ البـّابّ مفّتوحّا لتكمّل سيّرها إلى غـّرفة المعيشّة ،
و بمجردّ مـّا أنّ سقطّ نـّظرها على مـّاريّ المستلّقية بالأرّض و نـاّيت النـّائمّ على الأريكّة بينماّ حبّات العـّرقّ قدّ تسللتّ إلى وجّنتيه فّشيئّا إلى رّقبتهّ ،
حتى صّرختّ بّرعبّ و رّفعّت حّقيبتها كّيّ تّقومّ بّضّربه لولا أنّ قدومّ ويّليام من المـطّبخ قدّ منعهـّا ، قـّال بإزعـّاج
ـ سحقّا فـّّلور كدّت أنّ توقّظيهمّ
استدارتّ ناحيتهّ و كادّ أنّ يغمى عليهـّا فجـّلست على الكرّسي بّقلة حّيلة محـّاولة جمـّع الكّلماتّ لتخّرج من شّفتيها ، وضّع صّينية على الطـّاولة التيّ
أمامهّا ثمّ ابتسمّ ببراءة ، قـّالت بكّل غّضب
ـ ما الذّي تظن نفسكّ فّاعلا أيها المنحرّف برّفقة صدّيقك ؟ كيّف تجرؤان على الدّخول إلى شّقة مـاّري فّي غّيابي ؟ هيّا قّل أعذّاركّ الواهية
ـ ليسّ الأمرّ بذّلك السّوء فّلور فقدّ أرادّ نايتّ زيـّارة ماريّ البّارحة و عندّما وجدّها نائمة لمّ يّرغبّ في إيقاظهاّ لذّلك جّلس على الأريكّة في إنتـظّار صّحوتها
كّمّا ترينّ لكنه غّفى
رمّقته بـّعدم تصدّيق ، ثمّ تنهدّت و أخذّت كوبّ الشّاي لتّشربه دّفعة واحدّة فبّعد زيّارة منزلهمّ الموحشّ و قضّاء ليّلة واحدّة كـّادتّ خلالها أن تصّاب
بالجّنونّ هي الآن تحـّتاجّ إلى أكبّر كمية من الـطّاقة ، ابتسّم ويّليام و قـّال بـّمرح
ـ لقدّ شربتّ توّا منّ كوبّي ألا يـّعني هـذّا أننـّا متـّوافقّان ؟
لمّ تـّردّ عليهّ بـّل إكّتفت بإرجـّاع الكّوب بينمـّا لاّ يـّزاّل ويّليّام يّثرثّر كـّعادّته ، ربمـّا فلوّرا ليّست الشخصّ المنـّاسبّ للحدّيث معه لكنّ هي الـوحيدة
المتوفّرة الآنّ و هو يـّرغّب أيّضـّا بالتّخلصّ من هذه الأفكـّار السّلبية و نسّيانها أيّضا
ـ ألسنـّا فيّ الـعّشرين من الشهر؟
ـ إذّا ؟
أجـّابها بـحمّاسّ بـّالـّغ و هو يّشير على الثـّناّئيينّ النـّائميّن بكّل عـّمق ،
ـ لقدّ بـّقّي أسّبوع على زواجّهما ، هـذّا رائعّ سـأكونّ أشيبنه و أنتّ وصيّفة الشّرف
لمّ تتعبّ نفسها بالنظّر إليهّ أو حتىّ الردّ عليهّ بلّ قّامت بّضربه بقدّمها فّي ركبتهّ ليتـأوه متألمّا كمّ هيّ قاسيّة، وسطّ تلكّ الضوضـّاء قـّام نايتّ بفتحّ
عينيه فجـأة و شحبّ وجهه بشدّة كما لو كـأن تدفّق الدماءّ قدّ أنقطع عنّ السّيران لّيقفّ بسرعة مستنداّ على المنضدّة فّي حينّ لمّ تقوى قدّميه على
حمـّله لّيعودّ إلى مكـّانه جاّلسا مستندا على الأريكة و قدّ ظهرت عليهّ معالمّ الألمّ فـأمسكّ بـرأسه حينّ داهمه صداّع شديدّ و قـّال بنبرة خافتّة مبحوحّة
ـ أينّ أنا ؟
تّوقفّ ويّليام عن الابتسّام و أسّرع فيّ خطواتهّ كيّ يّصل إليهّ ، حبّاتّ الـعّرق التّي قدّ اتخذّت نايتّ ملجـئا لهـّا ، وسطّ هذه الجّلبة استيّقظت ماّري ثمّ و
بكّل هدوء جّلست على ركّبتيها و وضعتّ يدّها على جّبينه ، حيّنها قدّ سّرت القّشعريرة فيّ جميـّع أنحـّاء جسدّها من شدّة بّرودّته ، كمـّا لو كـأنّه لّيس
حيّا فـّقـّالت بّقلقّ
ـ إنهّ محمومّ بشدّة ، أظنّ أننيّ أملكّ الدواء
كـادّت أنّ ترحّل لولا قّبضة نايتّ التي اشتدت حول معصمهاّ ، أومـأ بالنفيّ فـابتسمّ ويليّام بارتباكّ و هو يتحدّث
ـ لابدّ أنهّ من تـّغير الجوّ، من فرنسـّا إلى لندّن لا بـأسّ ماّري سوف تّزول هذهّ الحـّمى سّريعـّا
نـظرّت إليهما ماريّ بإستيـّاء منّ استهتارهماّ الشديدّ بّصحته فـّوقفت و بخـّطواتّ غـّاضبة إتجـّهت إلى غـّرفتها كيّ تـّغير مـّلابسها و تـّستعدّ
جيـّدا بينمـّا لا تـّزالّ فّلور مندّهشة من عدّم مـّلاحظة مـّاريّ لوجودّ أشـخّاصّ غّريبّين فّي شّقتها ؟ لابدّ أنهّا تمتلكّ تحصينـّا ،

/

تحتّ تـّلك البنـّاية القـديمّة التيّ أصّبحت و فجأة مرّتعـّا للمشـّاهير منـذّ قدومّ ويلّيام دّويلّ إلى هـذّا الحـّي ، لذّا لّيسّ غـّريّبا أن توجدّ سيـّارة
مضللة سـّوداّء بهـذّا الجـّانبّ يّقودّها رجّل يـّرتدّي بذّلة رسمية سـّوداء و يـّضع نـّظارتينّ مخفّيا لوجـّهه فقدّ بات هذا منـظرّا عاديّا لسكانّ الحيّ ،
رنّ هاتفّه فـرّفعه بسّرعة ليجّيب بكلّ صّرامة
ـ أجّل سيدّتي أنـّا فّي الموقـّع تمـّاماّ كـّما طـّلبت
فابتسمـّت تلكّ السيدّة ببـّرودّ و أغـّلقت السمـّاعة بكلّ رضى ، جـيدّ عندّما يكّون لدّيك أتبـّاعكّ يّقومونّ بكلّ أعـّمالكّ القذّرة ، همسـّت بنـّبرة
خـّافتة و رّقيقة فمنّ يسمـّعها لنّ يصدّق أنّ خلّف هـذّا الصوتّ الأنثوي المثّير عـّقلّ ممتـلئ بـأفكـّار خـطّرة ،
ـ ثـروتكّ ملّكيّ يـّا أميـّري و لنّ يـأخذّها أحـدّ غـّيريّ
فتحّ كـّايلّ درجّ مكتـّبه بـّاحثـّا عن مـّلفّ يخصّ إحدى سنـداّت عندّما انسلتّ يدّ إليزابيّث إلى خصّره ، دّهش ثمّ رّفع حـّاجبه قـّائّلا بمـّرح
ـ لقدّ أخفتنيّ ليّزا
زمتّ إليزابيثّ شّفتيها بلونّ الكرزّ و بـّقتّ ممسكـّة إياه راّفضة تـّركهّ ، فاستنـكّر كّايلّ تّصّرفها و لمّ يكّن فيّ مقدّرته رؤية مـلامحّ وجههاّ لأنهّا قدّ
دّفنتهّ بقّميصهّ ، تحدّثت بـّهدوء و نبّرة خـطّرة
ـ لا داعّي للخـّوفّ عـّزيزي ، مـّادّمت أنـّا بجـّانبّ سيكونّ كلّ شيء تمامّا كمـّا نـّريدّ
ضحكّ و دّفعهاّ بـّخفة لكيّ يكملّ بحّثه قـّائّلا بمـّزاح
ـ ألا يفترّض بّي أنا من أقّول هـذه الجـّملة ؟
ابتسمـّت إليـّزابيّث و قدّ غـادّر فكّرها إلى حّين تـّابعها الخـّاصّ ، يـّا ترى هل ستـنجّح خـطّتها في التـّخلصّ من مـّاري ؟ سوفّ يكونّ الأمّر واضحـّا
للصّحافة أنهـّا مّحاولة اغتيال لكنّ و لأنّ شركة جـّونسونّ قدّ أفلست بّسببّ نايتّ و لأنّ رئيسها قدّ هـددّ نايتّ في الطـّائرة بكّل وضوحّ فّسوف تّلصق
التـّهمة بهمّ ، هـذّا ما هي بّارعة فّي فّعله ، الكذّب و الخـدّاع

/



سّـلام عـّليكم و رحمة الله

آهـــــّلين بـنـّـات ، آحـّوالكن ؟ مـّع العـّيد و الحـّلويـآتّ ؟ يمّ يمّ بسّ e106
بـّعد سّبــات دآم شـــّهر قدّ عـّدت إلى روايـّتي العـّزيزة ، بّشـآبتر أتمنىّ
أنّ يـّكون كـآفّيا لتـّعويضّ غـّيابيّ فللأسّف لقدّ دّخلت إلى مدرّسة خـآصة
صيـّفية بـأوامـّر من المحـكمةّ العـّليا e408 و مـّع صيـآم رمضـآن لمّ أستطّع
أنّ أفتـّح عّينـّا حـّتى ، لذّا e411 أرجـّوا أنّ يـّعجبكمّ مـّا قدّ خـطاّه قلميّ
و فيّ نـهـآيةّ ،
أتمنــّى لكّ عـّيدا مبـآركّ سـّعيـداّ و كل عـآم و آنــّتم بـألفّ خيـّر ،

كـالعـّادة لـدّي فـّضول إتجـآه تـّوقعـاتكمّ فـّياليتكنّ تـّجبن علىّ هـآته الأسئلةّ
> آحس نفـّسي فيّ إختبـآر خخخ e105
1 ـ ما الذيّ قدّ تتـّوقعون من إليـّزابيثّ فعله ؟ و كيفّ يّفترض بها أن تلّصق
التهمـّة بّشركـّة جونسون ؟ أيضـّا ما هـدّفها من زيـّارة ويـّليام تحـديدا ؟
2 ـ هل ستـّرضخّ مـّاري لمـطاّلب عـآئلة غـّلوري أم تـّجد لنفّسها مخـّرجـّا ؟
3 ـ أخـّيـّرا ديـّمتري ، أوسكـآر ؟ من يكونـآن و هل سيكونـآن بّجانبّ نايتّ
و الـبّقية أمّ في الجـآنب الآخر ؟

هع هع هع و آخيـّرا أنتهـّيت ، فـّي آمان الله و رعـآيته
__________________