عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 12-21-2015, 12:57 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:700px;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_12_15145035209314512.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




- 21 -


لم يصبني شعور بالأسف مثلما أصابني اليوم؛ لأن جوزفين لم تشهد شيئاً من هذا
المشهد كله، يا ليتها كانت! إذن لاستمتعت به كثيراً.

تعافت جوزفين بسرعة، و كان متوقعاً أن تعود في أي يوم، لكن حادثاً آخر هاماً فاتها.

كنت في حديقة الصخور مع صوفيا و بريندا ذات صباح عندما اقتربت من الباب
سيارة، خرج منها تافيرنر و الرقيب لامب. صعدا الدرج و دخلا المنزل.

وقفت بريندا جامدة تحدق إلى السيارة، و قالت:

- هذان الرجلان! لقد عادا، كنت أظن أن كل شيء قد انتهى.

رأيتها و هي ترتجف.

كانت بريندا قد انضمت إلينا قبل عشر دقائق، و كانت تلتف بمعطف من الفرو الثمين.
قالت:

- إذا لم أتنفس الهواء و ألعب التمارين الرياضية فسأصبح مجنونة، و إذا ذهبت
خارج البوابة فهناك صحفي يتربص بي لينقضّ علي. إنني كالمحاصرة، إلى متى؟

قالت صوفيا بأن الصحفيين سيملّون الانتظار عما قريب، و أضافت:

- بوسعك أن تخرجي بالسيارة.

- أقول لك بأنني أريد أن أقوم بالتمارين الرياضية.

سكتت. ثم قالت فجأة:

- لماذا أنهيت خدمات لورانس يا صوفيا؟

أجابتها صوفيا بهدوء:

- إننا نُعدّ ترتيبات أخرى من أجل يوستيس. و سوف تسافر جوزفين إلى سويسرا.

- لقد أزجعت لورانس كثيراً. إنه يشعر أنك لا تثقين به.

لم ترد صوفيا عليها و في هذه اللحظة وصلت سيارة تافيرنر. قالت بريندا متذمرة
و هي تقف هنا ترتجف في هواء الخريف الرطب:

- ماذا يريدان؟ لماذا جاءا؟

كنت أعرف سب مجيئهما. و لم أخبر صوفيا شيئا عن الرسائل التي وجدتها قرب
الصهاريج، لكنني أعلم أنهم حملوا هذه الرسائل إلى النائب العام.

خرج تافيرنر من البيت مرة ثانية. و مشى فوق الممر و المرجة الخضراء و جاء
إلينا فارتجفت بريندا أكثر. قالت بعصبية:

- ماذا يريد؟ ماذا يريد؟

ثم وصل تافيرنر إلينا. تكلم بغلظة و نبرة رسمية و كان كلامه رسمياً:

- هذا تبليغ باعتقالك. أنت متهمة بحقن أريستايد ليونايدز حقنة الإيسيرين في التاسع
عشر من أيلول الماضي. لابد أن أنبهك أن أي شيء تنطقين به قد ينقلب دليلاً عند
محاكمتك.

انهارت بريندا. صرختْ:

- لا. لا. لا. هذا كذب! تشارلز – و تعلّقتْ بي – أخبرهم أن هذا ليس صحيحاً. لم
أفعل ذلك! لم أكن أعلم أي شيء من ذلك!... مؤامرة. لا تدعهم يأخذونني! هذا
كذب... افهمني! هذا ليس صحيحاً. لم أفعل شيئاً!

كان مشهداً فظيعاً، فظيعاً حتى لم أصدقه!

حاولت تهدئتها، و أرخيت أصابعها القابضة على ذراعي، و وعدتها أن أعيّن لها
محامياً يتولى كل شيء، و عليها أن تهدئ من روعها.
كلّمها تافيرنر بلطف. قال لها:

- هيا يا سيدة ليونايدز. هل تريدين قبعة؟ لا؟ إذن نذهب في الحال!

تراجعت و هي تنظر إليه بعيني قطةٍ جاحظتين و قالت:

- لورانس... ماذا فعلتم بلورانس؟

قال تافيرنر:

- إن السيد لورانس براون هو الآخر رهن الاعتقال.

سكن جسدها المرتجف و سالت الدموع على خديها و تبعت تافيرنر عبر المرجة إلى
السيارة. رأيت لورانس براون و الرقيب لامب يخرجان من البيت، و ركبوا جميعاً في
السيارة و انطلقت بهم.

نظرتُ إلى صوفيا. كانت شاحبة و تلمح في وجهها الألم. قالت:

- إنه أمر مخيف يا تشارلز!... مخيف!

- أعرف.

- لابد أن تحضر لها محامياً قديراً. أحسن محامٍ. يجب... يجب أن تأتي بكل مساعدة
ممكنة!

- لا أفهم هذه الأمور. لم أر أحداً يُعتقل أمامي من قبل.

- أعلم. فالمرء لا يكون عنده فكرة عن هذه الأشياء.

صمتنا و ما زلت أفكر في الرعب اليائس على وجه بريندا. ثم، فجأه أدركت السبب.

كانت هذه هي ماللامح التي رأيته على وجه ماجدا في أول يوم دخلت فيه البيت المائل
ساعة كانت تتحدث عن مسرحية إيديث تومبسون. كانت قالت: ((و بعدها، الرعب
التام، ألا تظن ذلك؟)).

الرعب التام. هذا ما كان على وجه بريندا. إنها لم تكن من الصنف المقاتل، وتساءلت
إن كانت أعصابُها تهيئها لارتكاب جريمة قتل، و لعلها لم ترتكبها. ربما فعلها لورانس
براون بسب هوسه الشديد و شخصية المتقلبة. وضع محتوى زجاجة صغيرة في
زجاجة أخرى صغيرة... عمل سهل بسيط من أجل امرأة أحبها!

- إذن فقد انتهى الأمر – و تنهدت بعمق – ... لكن، لماذا يحبسونهما و لم يظهر
بعدُ دليل كافٍ؟

- بل ظهرت بعض الأدلة. رسائل.

- تعني رسائل حب؟

- نعم.

- و هما يحفظان مثل هذه الأشياء؟ يا للحماقة!

نعم. كانا أحمقين حقاً. إنها الحماقة التي تجعلهما لا يستفيدان من خبرة الناس! لا
يمكنك أن تفتح صحيفة يومية فلا تقرأ مثالاً لهذه الحماقة: الرغبة في الاحتفاظ
بالكلمة المكتوبة، الحب الأكيد المكتوب.

قلت:

- انه عمل وحشي يا صوفيا، لكنْ لا تغضبي من أجله، فهذا ما كنا جميعاً نأمله من
البداية، أليس كذلك؟ هذا قولكِ انت في فندق الماريوت في أول ليلة التقينا. قلت بأنك
تتمنين أن يكون الشخص الذي تفكرين فيه هو من قتل جدك. بريندا هي التي خطرت
بالك، أليس كذلك؟ بريندا أم لورانس؟

- توقف يا تشارلز. إنك تبعث في قلبي الرعب!

- الآن نستطيع أن نتزوج يا صوفيا؟ لا تصدّيني أكثر؛ فعائلة ليونايدز بريئة من
القضية.

حدقت إلي. لم أدرك من قبل لمعة عينيها الزرقاوين. قالت:

- نعم. أعتقد أننا أبرياء الآن منها. إننا أبرياء منها. هل أنت متأكد؟

- يا عزيزتي، ليس لأجدٍ منكم ذرّة من دافعٍ لقتله.

شحب وجهها فجأة:

- إلاّ أنا يا تشارلز... لقد كان عندي دافع.

قلت ذاهلاً:

- أجل، بالطبع، لكنه لم يكن يدفعك في الحقيقة، فأنت لم تكوني تعلمين بأمر الوصية.

همستْ:

- بل كنت أعلم يا تشارلز.

- ماذا؟

- قد كنت أعلم أن جدي أوصى بماله لي.

- كيف؟

- لقد أخبرني جدي ذلك قبل أسبوعين من مقتله. قال لي فجأة: ((لقد تركت ثروتي
كلها لك يا صوفيا. يجب أن تعتني بالعائلة من بعدي)).

حدقت من الدهشة.

- إنك لم تخبريني يوماً بذلك!

- كلا. اسمع: عندما أوضح الجميع أمر الوصية و أنه وقعها فقد ظننتُه ارتكب خطأ
بحديثه معي و أنه يحسب أنه ترك لي وحدي. أو أنه – إذا كتب وصية يترك فيها
ثروته لي – فإنها إذن قد ضاعت و لن تظهر أبداً. لم أكن أريد أن تظهر الوصية.
كنت خائفة.

- خائفة؟ لماذا؟

- أظن... لعله بسبب القتل.

تذكرت نظرة الرعب على وجه بريندا و الهلع غير المبرّر، و ذكرت الرعب الذي خطر
ببال ماجدا، الرعب التام، حين فكرتْ أن تمثّل دور القاتلة.

لم يكن الذعر ليدخل في قلب صوفيا، لكنها كانت واقعية و كانت تستطيع أن ترى
تماماً أن وصية ليونايدز ستجعلها في موقع الشبهة.

قد عرفت الآن أكثر لماذا رفضت زواجنا و إلحاحها عليّ لأكشف الحقيقة. لا شيء
سوى الحقيقة ينفعها. لقد قالت ذلك برغبة عارمة و لهفة أذكرها جيداً.

عدنا نسير نحو البيت. و فجأة، في مكان ما، تذكرت شيئاً آخر كانت قد قالته. لقد
قالت صوفيا إنها تقدر أن تقتل شخصاً ما و لكن ذلك سيكون من أجل شيء يستحق القتل.





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]