عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-02-2015, 12:24 AM
 

5- صدمة الحقيقة

في الصباح، بدت مالون متماسكة مره أخرى/ وان كانت حائرة قليلاً لما أثاره هاريس فيها من مشاعر حين عانقها بحنان ورقة الليلة الماضية .
ستنتبه أكثر في المستقبل ولكن هذا لا يعني أن الامر نفسه سيتكرر، فهي لن تترك غرفتها في منتصف الليل. فلا شيء حتى ولو كابوس سيحملها على ذلك .
اعترفت بأنها تشعر بشيء غريب هذا الصباح . قال لها هاريس انها كانت بحاجة إلى عناق خفيف وبسيط ، لكن قوله لم يحتوي على اي مديح .
أنها تفكر في ذلك الآن ، وهي تجد في قوله وقاحة ! كانت تفضل أن يعانقها لانه لايستطيع مقاومه ذلك ، وليس لرفع معنوياتها.
لذلك قررت أن تتجنبه قدر الإمكان لقد فات وقت الندم لانهالم تذهب إلى الفندق الليلة الماصية ، غذا طلبت الذهاب إلى الفندق الليلة ، فستلفت الانتباه إلى حقيقة مشاعرها.
بعد ان أرتدت ثيابها ، نزلت إلى الطابق الاسفل لتجد أن هاريس قد سبقها و أخذ يجول في انحاء المنزل
نظرت من نافذه المطبخ فرأته يتحدث الى بوب ميلر. لقد جاء بوب مبكراً عن العادة . هل تعمد ذلك عن سابق تصميم أن أن هاريس اتصل به هذا الصباح؟
عاد هاريس إلى المطبخ، وشملها بنظراته وهي مرتدية الجينز الطويل، والقميص المقفل.
- كيف حال وكيلتي المفضلة ؟
قالها بعفوية وهو يتقدم ناظرا في وجهها وكأنه يقيم حالتها، واجابت بمرح :" في أحسن حال".
لم تكن تريده ان يعلم أنه شغل بالها ليلاً:" احضر باز بعض البيض الطازج أمس. اتريدها مسلوقة أم مقلية؟"
تبادلا النظرات، ولكن نظره واحده منها إلى وجهة جعلت قلبها يخفق. وعندما بدأ بيتسم حولت عينيها بعيداًواجاب :" لم آكل بيضاً طازجاً منذ سنوات".
سكبت مالون الشاي وناولت بوب ميلز فنجانه من نافذة المطبخ، ثم انشعلت بسلق البيض لتصرف ذهنها عما تشعر به من توتر و اضطراب.
وأثناء تناولهما الفطور ، سألها:" هل تلقيت رداً حول طلب العمل الذي أرسلته؟".
- وهل تطلب مني الرحيل ؟سألته وهي ترتجف ، فادركت أن توترها يزداد، أكثر مما كانت تظن، وخصوصاً عندما نظر إليها بدهشة :" مالذي جعلك تظنين ذلك؟ الم أقل لتوي أنك وكيلتي المفصلة؟".
أحمر وجهها ارتباكاً:" نعم ، هذا ما فهمته منك ، حسناً ، إنهم لا يريدونني في الوظيفة".
- خسارتهم هي ربح لي. بمناسبة الحديث عن الرحيل ، ربما من الافضل ان تغيبي هذا النهار.
نظرت إليه باتزان :" لكنك لا تطلب مني الرحيل ؟"
- لا ، بكل تأكيد . هناك أكثر من لوح خشب واحد مهترئ على فسحة السلم. وقد رتبت الامر ليغيروا كل الالواح القديمة ، ولا شك أن الضجة ستكون مروعة"
اعتادت مالون على جلبة البناء، لكنها تفهمت وجهة نظره :"شكراً لهذه الفكرة المفيدة".
- يمكنني أن آخذك إلى المدينة بسيارتي ، وبهذا يمكنك أن تتسوقي كما تشائين.
لكن قلقاً اعتراها ولم تفهم سببه، كانت تعلم أن جلوسها بجانبه في السيارة لم يكن جزءا من خطتها في تجنبه قدر امكانها .
- انه يوم جميل ، واظنني سأذهب في نزهة طويلة على الاقدام .
- اتريدين صحبة؟
سألها بحذر .
فأجابت ببط وصدق :" هناك أشياء علي أن اقوم بها بمفردي.
ابتسم هاريس مشجعاً :" يا لوكيلتي الماهرة"
لكنها شعرت بسرور بالغ .
انطلبقت حلما انتهت من غسل الاواني ،
كان اليوم جميلاً، كما قالت لهاريس، وشعرت بالبهجة للخروج،
لم يكن لديها فكرة عن المسافة التي قطعتها إلى أن اكتشفت فجأة انها في منطقة "شروين" وبدا لها المكان جيد لتوقف.
وفيما استدارت متوجهة إلى الدكان ، رات رجلاً يخرج منه نحو سيارته المتوقفة ، كان رولاند فيليبس، وبما انه لم يرها ، يمكنها ان تختفي في الطريق الذي جاءت منه، ثم تبقى متوارية حتى ينطلق في سبيله .
لكنها ترددت كان تفكيرها صائبا، لكنها تذكرت فجأة قول هاريس فادركت ان هربها لن يقضي على مخاوفها الشخصية .
تابعت سيرها، وراها فوقف وقال بلؤم :" حسناً، هاهي رفيقة هاريس الصغيرة ".
واخذ يتفحصها بنظراته، بينما استمرت هي في طريقها دون كلمة ، ويبدو أن الامر بم يعجبه لانه قال لها :"انا ذاهب في اتجاهك ، إذا شئت سأوصلك".
- لا، شكراً.
- هيا ، لا تكوني عيندة.
ووضع يده على ذراعها لمنعها من السير .
شعرت بالاشمئزاز لمسته. وبدلاً من شعورها بالخوف ، احست فجأة بالغضب ، فقالت بحزم :" إرفع يدك عني".
فقال بابتسامة ظنها خلابه :"لا تكوني فظة ".
واذا بغضب مالون يزداد، لانها تركت هذا المخلوق يسبب لها كل تلك الكوابيس المرعبة ،
ازداد غضبها إلى درجة جعلتها تقول :" انت لا تعجبني، انت في نظري كرية للغاية . وفي العادة، أنا لا احط من قدري بالحديث إلى أمثالك ، لكنني أقوم باستثناء هذه المره لاخبرك بانك إذا اقتربت منى مره أخرى، فأنا لن اتردد في أن أتقدم بشكوى ضدك إلى الشرطة".
لم يعجبه كلامها، لكنها لم تهتم، فلم يعد لديها شيء تقوله له . نزعت ذراعها من قبضته ، ثم تابعت طريقها إلى الدكان، ومن هناك سلكت طريق إلى هاركورت هاوس لو انها فكرت مسبقا في احتمال مواجهتها مع رولاند ، لظنت انها ستنفجر باكية ، لكنها شعرت الان بالبهجة .
كلما اقتربت من هاركورت هاوس كلما كانت صورة رولاند تبهت في ذهنها، لتحل مكانها صورة هاريس.
لدى وصولها إلى طريق المنزل، بحثت عيناها عن سيارته. كان معظم العمال قد فرغوا من العمل ، ورأت سيارة بوب وسيارة سيريل إضافة إلى سيارتين أخريين ، ولكن لم تكن أي منهما سيارة هاريس.
دخلت المطبخ ، فتبدد شعورها السابق بالبهجة ، كلياً ، وحل مكانه الكآبه، رغم انها رات أن الارض فرشت بمزيد من السجاد لكتم الضجيج الذي يصم الآذان.
في الساعة الرابعة والنصف ، انهى العمال تغيير الألواح وذهبوا إلى بيوتهم ، فأخرجت مالون المكنسة ونظفت السلم والردهة مزيلة الخطام والغبار عن الباب الخلفي.

عندئذ دخلت سيارة فان تابعة لبائع الادوات الكهربائية ، وقفت تنظر، امله في ان لا يكون السائق قد رأها فدخل ليسألها عن مكان ما ... فباستثناء دكان "شروين" ومنزل "آلمورا لودج" كانت غريبة عن هذه المنطقة .
- الانسة بريتويت؟
هتف السائق باسمها وهو يترجل من السيارة، وقبل ان تجيب، تابع يقول :" احضرت لك تلفزيون" فتحت فمها، لتبتسم ، بانت سيارة هاريس في الطريق ، فعادت بانتباهها إلى الرجل
- من الافضل أن تحضره إلى المطبخ، لا اظنه ضرورياً في غرفة الاستقبال.
- بل هو ضرروي . لقد سبق واتى احدنا اليوم .
ثم ارته المكان، وكانت في المطبخ عندما تبعها هاريس بعد ان توقف ليتحدث قليلاً إلى الرجل.
اقترب منها :" كيف كانت نزهتك".
لم تشأ أن تتحدث عن رولاند
- بخير
بدأ هاريس متوقعا مزيداً من التعليقات فأضافت :" ظننتك عدت الى لندن"
- وهل هذا يعني انك مسرورة أم أسفة؟
ولكنه استدار مبتعداً وهو يقول خارجا من المطبخ :" ذاك هو جهاز تلفزيون".
كانت واثقة من ان الابتسامة تغزو وجهة فتكهنت بانه صعد الى الطابق الاعلى ليتفحص أرض السلم الجديدة.
فكرت في أن تصعد هي أيضا وتغير ملابسها التي ارتدتها طوال النهار ، لكنها فجأة شعرت بالخجل .
ركزت افكارها على العشاء.لقد استرت بعض اللحم المفروم آمله في ان يحب هاريس المعكورنه السباغيتي. وعندما سمعته ينزل السلم ويتجه نحو غرفة الاستقبال تسللت إلى غرفتها لتغير ملابسها.
غسلت يديها ووجهها وارتدت ثوباً قطنياً ثم نزلت فوجدت أن العامل الفني قد ذهب وكان هاريس قادما إلى المطبخ مع صندوقين يحويان بقالة .
- ماذا يحويان؟
- ربما أشياء عديمة النفع.ولكن ، ما دمت ترفضين القدوم معي، فتصوري ماذا بإمكان رجل أن يشتري من سوبر ماركت ؟

ضحكت ، وكانت تبتسم عندما رأت أن عينيه استقرتا على وجهها. وتملكها الذهول فجأة لمنحنى الذي اتخذته أفكارها، ففارقتها الابتسامة وشعرت بالارتباك.
سألته بعد فتره :" هل تحب المعكرونه السباغيتي؟"
ثم انتبهت إلى انه يحدق فيها وكأنه يتساءل عما حدث لها فجأة فساءها الامر. توقعت أنه سيطلب معرفة السبب في تحولها من الابتسام إلى الجمود ، لكنه ترك المر يمر.
- المعكورنه السباغيتي هي أحد الأطباق المفضله لدي.
رد بشيء من الفتور فأدركت أنه لا يحبها وانه يكذب عليها.

لكنها لم تشعر برغبه في الضحك، وغادر هو المطبخ بعد دقائق، وبعد نحو دقيقة سمعت صوت التلفزيون.

أثناء العشاء اخذ يتحدث برقة بالغة وطلاقةن ففارقها التوتر. تملكها اهتمام حقيقي عندما حدثها عن خططه للمنزل، وبدأت تشعر بالاسترخاء والراحة ، إلى درجة أنها تضايقت قليلاً حين تحول الحديث إلى مناقشة الكتب التي قرآها.
لاحقاً ، وقف هاريس يجفف الصحون التي كانت تغسلها فعاد إليها ذلك التوتر المزعج .
- أظن اننا انتهينا.
قالت وهي تنظر حولها لتري إذا نسيا شيئاً، ثم فكرت في ان تذهب قبل ان يلاحظ توترها . شعرت بأنها تعرفه الآن إلى حد انه سيسألها عن سبب توترها. ماذا تول له بينما هي نفسها لا تعرف؟
قال لها مداعباً :" أظنك حظيت بسهرة لطيفة أمام التلفزيون".
نظرت إليه فقفز قلبها بجنون. عندئذ، أدركت أن هذا التوتر والاضطراب اللذان يتملكانها لن يسمحا لها بالجلوس معه صامتين في غرفة الجلوس.
- أنا ... سوف... أصعد إلى غرفتي .
اجابته شاعرة بالذعر لما بدا عليه صوتها من تكلف، واضافت كاذبة :
- وصلت في كتابي إلى قسم مشوق.
نظر إليها، لكن لهجته كانت لينه حين قال، بعد ان تأملها قليلاً
- لن ندير التلفزيون إذا شئت أن تحضري كتابك إلى غرفة الجلوس.
آه هذه فظيع، مالذي جرى لها؟
- أظنني سأنام باكراً
رغبت في إنهاء الحديث، فدارت حوله لتخرج لكنه استدار وتقدمها
- هل حدث شيء، يامالون؟
- لا شيء . صدقني.
- أتعلمين؟ ليس عليك أن تقلقي من شيء. أم تريدينني أن أرحل؟
انحبست أنفاسها .لا.. إنها لا تريده أن يرحل . وأجابته بمثل حدته:
- لا،لا أريدك أن ترحل.
- تعلمين انني ليست مثل فيليبس؟
فهتفت:" طبعاً أعلم! وانا لست قلقة بتاتاً . أريد فقط .. تصبح على خير.
حدق إليها قليلاً ، ثم أفسح لها المجال لتمر وخرجت هي بسرعة .لماذا لايمكنها ان تكون طبيعية معه ؟ لماذا يجعلها مضطربه ومتوترة؟
وصلت
إلى غرفتها ، فتمكلها القلق مره ثانية وهي تشعر بحافز قوي يدفعها إلى العودة إلى الاسفل لتطمئن هاريس إلى انها تثق به كلياً.ولا تشعر للحظة وواحدة بالقلق لجلوسهما معاً تحت سقف واحد . لكنه سيظنها مخبوله إذا ما اصرت على إبلاغة انها غير قلقة .
أخذت كتابها إلى الكرسي قرب النافذة .
كان الهدوء دوماً يتملكها عند تأمل المناظر من نافذتها، لكن اضطرابهامنعها من الهدوء، او النسجام مع كتابها ، فوضعته جانباً شاعرة بالحاجة إلأى القيام بشيء ما.
دخلت الحمام لتغسل وجهها واسنانها، متمنية لو ان الدوش صالح للعمل . جربته مره أخرى ، دون فائدة ، أترى يملك هاريس واحداً صالحاً في غرفته؟ لا .. رفضت الفكرة . ثم تذكرت أن هناك حماما عند فسحة السلم .
بعد ذلك بدقيقة ، فتحت بابها ثم أصغت . كان صوت التلفزيون الخافت صادراً من غرفة الجلوس. أغلقت بابها بخفة، ثم خلعت ملابسها بسرعة ولبست مئزرها القطني، اختطفت صابونه ومنشفة ، وبلمحة البصر، خرجت إلى فسحة السلم، وإذا بها تجد أن باب الحمام يحتاج إلى أكثر من دفعة لينفتح .

دفعته بوركها .. فانفتح أغلقت الباب خلفها و اخذت تختبر الماء لترى إن كانت آمالها خائبة . لكنها وجدت الدوش في حالة جيدة! عقدت شعرها إلى أعلى ثم دخلت الدوش.
وقفت تسكب الماء على كتفيها مدة طويلة قبل أن تستعمل الصابون. ولكن كل الأشياء الجميلة تنتهي، لذا غسلت جسدها من الصابون واقفلت صنبور الماء، ثم لفت نفسها بمنشفة كبيرة ، غطت جسمها كله.
أغلقت شاردة باب الدوش قبلأن تخرج. ولكن عندما داست على ارض الحمام ، التقتت لتتفقد موضع قدميها.. في هذا المنزل المليء بالمخاطر حيث لا يعرف المرء متى يقفز شي ويعضك . . كما سبق واكتشفت .. واذا بها تشهق برعب بالغ وهي ترى هاريس واقفا هناك يتأملها والماء يقطرمن ساقيها.
كان ترتدي قميصاً وبنطلوناً وعلى كتفية منشفة . ويبدو أنه دخل لتوه، وقد استدار بعد أن أغلق الباب خلفه . بدا عليه الافتتان بمظهرها ، وجمدت مالون مكانها، وعندما أصبح اللون القرمزي لون وجهها الوحيد، أطلقت صلرخة ذعر حادة وقفزت راكضة نحو الباب . وعلى الفور، عرف ما تنوية،فخطا إلأى يمينه بسرعة ، مبتعداً عن طريقها. ولسوء الخظ خطت إلى شمالها، فاصطدما. مد يده ليسندها فاحرقتها لمسته، وتسمرت نظراتها على الباب. دفعته عن طريقها ثم اندفعت نحو الباب بقوة ، فوجدته مغلقاً لا يفتح!

تملكها الذعر، فيما راح هاريس يفكر بهدوء. رأي أغراضها حيث تركتها،
فلحق بها وأدركها عند الباب وهو يخفف عنها قائلاً بهدوء:"لا بأس عليك يا مالون. أنت آمنة ، لن يؤذيك أحد".
ورغم ان ذعرها خف قليلاُ ، إلا أنها لم تستطع أن تخفي استياءها فانفجرت قائلة
- كيف تدخل من دون أن تتأكد من خلو الحمام.
واستدارت تواجهة وتحدق إليه، فقال مداعباً :" أسف لتطفلي سيدتي الجميلة .

لم تصدق حين وجدت نفسها تبتسم. وتكهنت بأن هذا ما يريده وقالت :" كنت أريد أن أبلغ السباك عن حمامي لانه كان معطلاً هذا الصباح.
- وكذلك الامر في غرفتي . عندما سمعت تدفق الدوش، رأيت أنها فكرة جيده ، فجئت لأرى إن كان الدوش هنا صالحاً للعمل .
ثم ابتسم وسألها : " هل أنت بخير الأن".
فقال متلعثمة :" نعـ...... نعم "
لقد تجاوزت الصدمة. لكن وجوده قريباً منها إلى هذا الحد جعل إحساسها به يزداد.
فقالت :" سأذهب".
ثم استدارت إلى الباب مستعدة لجذب مقبضة مره أخرى بشكل أعنف أما هاريس فمد يده إلى المقبض في الوقت نفسه وهو يقول :" هذا عمل للنجارين".
ثم أراد أن يزيحها، وإذا به يضع ذراعه، من دون تفكير على مقربة من كتفيها

جعلها الشعور بيده وبذراعه قرب كتفيها تتجمد مره أخرى،لم تكن تتحرك على اي حال . التفتت قليلا نحوه . والتفت هاريس بدوره ، واذا بهما يتواجهان مره أخرى ليحدق إلى عيني بعضهما البعض .
أبعد يده عنها، وسحبت يدها عن مقبض الباب.
- مالون.
تمتم باسمها. ببطء ، احنى رأسه ، وما كانت مالون لتدير رأسها عنه.
عندما عانقها جاء عناقة كما تريد هي، رقيقاً وانتهى بمثل السرعة التي ابتدأ بها .
شدها إليه، و كأنه لم يستطع المقاومة ، فدفن وجهه في عنقها وقال بصوت خافت
- رائحتك رائعة .
وابتدأ قلبها يخفق بجنون، وشعرت بقضبته تشتد على خصرها لثوان ثم ما لبث أن تركها و تراجع إلى الخلف . نظر في عينيها متأملاً ثم سألها
- هل ستسامحينني لاني تصرفت كالرجل ؟
اختفى شعورها بالذعر، ولكن قربها من هاريس أرسل في جسدها كل أنواع
المشاعر:" أظن... علي أن أذهب".

لكن قرارها لم يكن ثابتاً لانها لم تكن ترغب في الذهاب على الاطلاق.
سألها وقد سقطت يداه إلى جانبيه:" ألست خائفة مني؟".
شعرت مالون بكل شيء عدا الخوف ، واجابته باسمة :" على الاطلاق"
ثم أضافت ، بما بصدق أقل قليلاً:" انا لا ... أعني... أعلم انه كان مجرد عناق صغير؟ لكنني لا اريد مزيداً منه".
عناق صغير؟ لقد اطاح بدماغها!
بادلها هاريس ابتسامتها ثم ابتعد ، نصف خطوه، وهو يقول :" مالو بريتويت الصغيرة...."
كانت دوماً تظن نفسها طويله... لكنه تابع قائلا :" ألم تتعرضي للإغراء مره:"
كان بإمكانها أن ترفض الرد على هذا السؤال ، لكنها لم تفعل . وفجأة ، شعرت بالسعادة ، انها تشعر بالسعادة والارتياح معه مره أخرى، وكلذلك بالقدرة على إخبارة بكل شي . فقالت مقرة
- بلى ، منذ شهرين أو نحو ذلك
- ماالذي حدث ؟
من الغريب أن مالون اكتشفت أن لا ضرر في ان تخبره :"قال انه يحبني، وقد تواعدنا معاُ في عطلة الاسبوع. ولكن في أخر لحظة، لم أذهب، فأخذ صدقتي بدلاً مني".
فتمتم :" يا للحبيبة المسكينة".
- حسناً، كانت هي صديقته أيضاً. كنا، نحن الثلاثة ، نعمل معاً.
- هل هذا هوالسبب لتركك عملك؟
كان سؤالاً فطناً، لكنه لم يكن يبتسم . لم يكن يريدها أن تجيب ولكنهٍألها فجأة :" هل كنت تحبينه".
نظرت مالون إليه بنفس الجد الذي يبدو عليه، ثم شهقت بدهشة .لقد خطر لها في اللحظة أمر وقع كالصاعقة عليها فشاع الاضطراب في كيانها لانه فسر السبب الذي جعل مشاعرها مؤخراً، تعتمل في داخلها نحوه.
- لا . لم أكن أحبه
- ولكن ، وفقاً لشخصيتك، لابد أنك كنت مولعة به حتى قبلت الخروج معه.
- كان ذلك منذ وقت طويل.
صرفت عن ذهنها الموضوع بمرح وهي ترى هاريس يتقبل ذلك وكأنه شيء حدث في ماضيها ومات ودفن. ثم تابعت تقول :" من الافضل أن أذهب و أتركك تستحم".
قالت هذا رغماً عنها، فسألها :" هل أستطيع معانقتك قبل ذهابك؟".
ابتسمت مالون له فيما لم يجرحها قوله هذا ، ولن تجد أفضل منه ليعانقها . علاقتها القصيرة مع كيت مورغان لم تعد تؤلمها الآن، وهي سعيدة بذلك.
تقدمت منه فوضع يده على كتفيها ، فشعرت وكأن تياراً كهربائياً مسها . كانا متقاربين يحدقان ببعضهما البعض. فجأة، بدا وكأنهما تحركا معاً، وسرعان ما تعانقا . لم يكن عناقه هذه المره شبيهاً بما اختبرته معه من قبل، حيث كان عناقه رقيقاً حنوناً... وسرعان ما أذعنت مالون لرغبتها في أن تدنو منه أكثر، فطوقت عنه بذراعيها فيما أخذها هو بين ذراعيه ، وعانقها بشعف أكبر.
- مالون الحلوه .
تمتم بذلك، ثم أبعد وجهه لينظر في عينيها، وقال برقه بالغة وكأنه لا يستطيع المقاومة : "يا عزيزتي".
كانت متلهفة إلى عناق آخر، فازداد عناقه هذه المره عنفاً، وعاد يحتضنها مطولاً.
طوقته بذراعيها، فيما جذبها إليه بمزيد من الشدة.
ألقت رأسها على كتفه، وقربه منها يكاد يصيبها بالجنون. عانقها مره أخرى فكاد يخطف أنفاسها.
وابتدأت تغرق في فيض الأحاسيس التي أثارها فيها، وصدرت عنها شهقة مؤثرة .
وصل إلى مسامع هاريس هذا الصوت الخافت فجمد مكانه، ثم تراجع و أخذ ينظر إلى وجهها.
قال يطمئنها بهدوء :" أنت لست في خطر".
- أنا....
كان هذا كل ماستطاعت قوله عندما استقرت عيناه على وجهها . أخذ ينظر متفحصا إلى عينيها المضطربتين ، وكانت هي تجاهد بيأس لكي تجمع شتات نفسها.
قالت كاذبه :"لا اريدك أن تعانقني مره آخرى".
- ما كان لي أن أفكر في هذا السلوك الشائن.
لكنه كان جاداً عندما سمح للضوء بأن يفضل بينهما ن وقال :" أنا أعني ما أقوله يا مالون ... فأنت بأمان".
- أعلم هذا.
أجابته بذلك ثم تحولت عنه . لكنها كانت مضطربه ولم تتمكن من فتح الباب الموصد.
تقدم هاريس إلى نجدتها يفتح لها الباب لتخرج . وقبل ان يتركها، سألها
- هل أنت بخير، يا مالون؟.
كيف يمكنه أن يكون بكل هذا الهدوء بينما هي ثائرة الأعصاب بهذا الشكل ؟ واجابته تطمئنة : " انا بخير، فلا تقلق".
ثم رمت بجانبة متجهة إلى غرفتها .
آمنه ؟ لقد أثار فيها مشاعر و احاسيس صاخبة خارجة عن السيطرة ولكن من الواضح جداث انه يتحكم بمشاعره طوال الوقت وهو يقول لها ( انت في أمان) لقد عانقها، وكانت مشاعرها متدفقة ، لكن عناقهاما لم يؤثر عليه على الاطلاق.. وإلا كيف استطاع أن يتركها بهذه السهولة ؟ أمنه ؟ وما هو الامان وهي تحب رجلاً لا يريد أن يعلم ؟

نهاية الجز ء الخامس
__________________


آللحن ألآخير + زهرة الوآدي! = ألقابي