عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 10-18-2015, 11:41 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الحادي عشر
دهاء المجرم


لم يكن في مقدور بوارو او رجال المباحث ان يفعلوا شيئا قبل وصول الرسالة الرابعة إلا الإنتظار
وكانت هذه الفترة مرهقة للأعصاب الى حد مزعج ولكن ما ان وصلت الرسالة الرابعة حتى انطلقت
جميع القوى ككلاب الصيد لمطاردة الفريسة
لقد اسرع المفتش كروم بالقدوم الى مسكن بوارو وفيما هو يبحث الموضوع معه اقبل فرانكلين
كلارك وميجان بارنارد ..
قال كروم لبوارو :
- سوف آخذ هذه الرسالة معي يا مسيو بوارو ..يمكنك ان تحتفظ بنسخة منها إذا شئت.
- لا لاداعي لهذا.
وسال فرانكلين المفتش كروم قائلا :
- ماذا تنوي ان تفعل يا مستر كروم ؟
- ان اليوم الحادي عشر يوافق يوم الأربعاء من الأسبوع التالي وهي فترة كافية لنثير اهتمام الراي
العام ونجعل الجميع يتعاونون معنا لمطاردة هذا المجنون ولاشك ان كل مخلوق يبدأ اسمه بالحرف "د"
سيكون على حذر كما اننا سنملأ البلدة برجال المباحث في ملابس مدنية..وقد بدأنا فعلا في اتخاذ هذه الخطوة.
فقال فرانكلين كلارك :
- من السهل ان يعرف الإنسان انك رجل لا تهوى الألعاب الرياضية يا سيدي المفتش.
- ماذا تعني يا مستر كلارك ؟
- لأنك لاتعرف ان يوم الأربعاء التالي هو يوم الحفلة الرياضية السنوية في دونكاستر وان سباق الخيل
المعروف باسم سانت ليجير سيجري في ذلك اليوم عندئذ قال المفتش في حيرة.
- آه نعم هذا حق.
- ان "ا.ب.س" ليس بالرجل الأبله وان كان مجنونا.
وخيم الصمت علينا برهة كنا خلالها نتصور بلدة دونكاستر وهي تزدحم بمجموع هواة الرياضة
وسباق الخيل الوافدين من كل حدب وصوب
وقال كلارك اخيرا
- اعتقد ان الجريمة ستتم في حلبة سباق الخيل وربما اثناء انطلاق الجياد في مضمار السباق.
فنهض المفتش قائلا :
- هذا من سوء الحظ.
وتناول قبعته وانصرف ..وسمعناه يتبادل الحديث في الردهة الخارجية مع شخصية نسائية ولم تلبث
تورا جراي ان اقبلت قائلة بانفاس لاهثة :
- اخبرني المفتش كروم ان الرسالة قد وصلت.
واجاب فرانكلين كلارك هذه المرة بينما كانت تورا تخلع معطف المطر :
- انها بلدة دونكاستر هذه المرة وفي اليوم الحادي عشر من هذا الشهر اي في عيد سانت ليجير.
وقال بوارو
- لايجب يا ابنائي ان نفقد الأمل ..لسوف نبذل جهودنا لنحول دون وقوع هذه الجريمة باي ثمن
.ومهما يكن ازدحام البلدة في ذلك اليوم بهواة الرياضة فان الضجة التي ستثيرها الصحافة تجعل كل
شخص في تلك البلدة لاسيما الذي يبدأ اسمه بالحرف "د" يشك في الواقف بجانبه ..انني واثق ان
نهاية المجرم المجهول قد اقتربت.
وتنهدت تورا جراي وقالت :
- لو اننا فقط نعرف عنه شيئا لو اننا نعرف فقط ما اذا كان طويلا او قصيرا عجوزا او شابا.
وفجأة قال بوارو لها
- بهذه المناسبة يا مس جراي هل انت واثقة تماما انك لم تري شخصا غريبا بالقرب من المنزل
في يوم مقتل السير سيرميكال كلارك ؟
- نعم كل الثقة.
- عجبا ولكن الليدي كلارك شاهدتك من نافذتها وانت واقفة امام مدخل القصر تتحدثين الى رجل غريب.
- لابد ان تكون اللديدي كلارك واهمة ..أو هو لكن.
واضطرم وجه تورا جراي وقالت بسرعة :
- لقد تذكرت ..تذكرت..يا لي من حمقاء الواقع انني نسيت هذا الرجل ولكني اعتقد انه ليس للأمر
هذه الأهمية كلها انه مجرد مندوب لبيع الجوارب رجل من المحاربين القدماء الذين يكتسبون رزقهم ببيع
بعض منتجات الشركات وكان قد اعترض سبيلي وانا في طريقي الى مدخل القصر ولكنني اعتذرت له ولم
اشتري منه شيئا ..انه رجل مسالم هادىء من النوع الذي لايترك في النفس اي اثر.
وكان بوارو في تلك اللحظة يضع راسه بين يديه ويهتز الى الأمام والى الخلف وهو يتمتم لنفسه
" جوارب جوارب..ولا شيء غير الجوارب منذ ثلاثة اشهر سمعت هذه الكلمة وسمعتها منذ ايام وهانذا
اسمعها الآن.."
وانتصب في جلسته ورمقني بنظرة حادة وقال :
- اتتذكر يا هاستنغز عندما كنا في اندوفر وعندما دخلنا الدكان وصعدنا الغرفة نوم المسز آسكر
الواقعة خلفه وراينا على المقعد زوجا من الجوارب الجديدة واني لأذكر الآن انني اهتممت لسبب ما
عندما حدثني يا مس بارنارد عن والدتك التي اشترت زوجين من الجوارب لأختك بيتي وعن بكائها
الحار لأنها اي بيتي ماتت قبل ان تراها وكان ذلك في نفس يوم الحادث.
وتوقف بوارو قليلا عن الحديث ثم راح يدور بعينيه في وجوهنا قبل ان يستطرد قائلا :
- اترون ؟ لقد تكرر هذا الأمر ثلاث مرات فلا يمكن ان يكون مجرد مصادفة ..والآن اخبرني
يا مس بارنارد هل اشترت والدتك الجوارب من متجر او من بائع متجول ؟
- من بائع متجول ..واني اتذكر حديثها عن اولئك المندوبين البؤساء الذين يدورون على المنازل
لبيع منتجات بعض الشركات والمصانع.
وهنا هتف فرانكلين كلارك قائلا :
- ولكن ما هي العلاقة بين البائع الجوارب المتجول وهذه الجرائم الرهيبة يا مسيو بوارو ؟
فقال بوارو بحماس :
- ساقول لكم ايها الأصدقاء ..ان الأمر لايمكن ان يكون مصادفة لقد وقعت ثلاث جرائم وقبل وقوع
كل جريمة كان ثمة رجل يبيع الجوارب في مسرحها فما معنى هذا ؟ معناه انه كان يستكشف الميدان الذي
سترتكب فيه الجريمة.
ثم استدار نحو تورا جراي وقال بسرعة :
- صفي لنا ذلك الرجل يا مس جراي.
فارتسمت الحيرة على وجهها وهي تقول:
- انني لا ادري تماما..كان رجلا عاديا ..فوق الأربعين يضع النظارة على عينيه ويرتدي معطفا قديما.
- وماذا ايضا يا مس جراي ؟
- لا اذكر كان متخفيا فلم ار شيء الكثير من ملامحه المهم انه رجل من النوع الذي لا يترك
في النفس اي اثر.
فأومأ بوارو براسه وقال :
- صدقت يا آنسة ..ان هذا الرجل هو القاتل فعلا انه الشخصية الباهتة التي لا تثير الإنتباه فارادت
ان تثبت وجودها بهذه الجرائم الرهيبة.

×××

جلس المستر الكسندر بونابرت سوست في مكانه لا يريم وكان طعام الإفطار امامه كاملا باردا لم
يلمسه وعلى المائدة صحيفة مفتوحة كان المستر سوست مستغرقا في قرائتها
ونهض من مكانه فجأة وراح يذرع غرفته جيئة وذهابا ثم لم يلبث ان تهالك جالسا على مقعد
وثير بجانب النافذة ووضع راسه بين يديه وراح يكتم تأوهات الألم
ولم يسمع صوت صرير الباب وهو يفتح ولا وقع اقدام المسز ماربري صاحبة المسكن المفروش
وهي تدخل ثم تقف وتقول :
- مستر سوست ؟ ماذا بك ؟ هل انت مريض ؟
فرفع الرجل راسه وقال :
- لا..لا..لاشيء يا مستر ماربري ..انني فقط متوعك الصحة هذا الصباح.
والقت المسز ماربري نظرة على مائدة الإفطار ثم قالت :
- انك لم تلمس طعام افطارك أهو الصداع مرة اخرى ؟
- نعم..نعم..وشيء من الدوار.
- انني آسفة من اجلك يا مستر سوست هل ستخرج اليوم الى عملك ايضا ؟
فوثب المستر سوست ناهضا يقول :
- آه نعم ان علي ان اقوم بعمل مهم مهم جدا.
ولاحظت المسز ماربري ارتعاد يديه من فرط الإنفعال فقالت :
- وهل ..وهل ستمضي بعيدا اليوم ؟
- لا..انني ذاهب ذاهب ..الى بلدة ..شلتام.
والتقطت المستر ماربري الصحيفة الواقعة على الأرض لتعيدها الى المائدة فلما وقعت نظراتها
على العناوين الضخمة في الصحيفة الأولى قالت بصوت ينم على الخوف :
- ليس في الصحف اليوم حديث إلا عن الجرائم الأبدية الرهيبة انني اشعر بالإرتعاد كلما قرات
عنها واتدكر جرائم "السفاح جاك"
وتحركت شفتا المستر سوست ولكن لم يصدر عنهما صوت فاستطردت السيدة تقول :
- دونكاستر انها البلدة التي قال انه سيرتكب فيها جريمته الرابعة غدا اليس هذا شيئا رهيبا ؟ لو
اني كنت اقيم في هذه البلدة واسمي يبدأ بحرف "د" لهربت منها الى اقصى مكان..ما رايك يا مستر سوست ؟
- لا ادري يا مسز ماربري ..لاادري.
يقال ان آلاف من رجال الشرطة سيندسون بين المحتفلين بعيد سانث ليجير غدا للبحث عن ذلك
المجرم المجهول ..أوه..ان حالتك تسوء يا مستر سوست هل آتي اليك بقليل من البراندي ؟ من رايي
الا تخرج اليوم فشد سوست قامته وقال :
- لابد من الخروج اليوم لأني على مواعيد كثيرة ولا مندوحة للإنسان من ان يحافظ على مواعيده
اذا اراد ان يثق الناس به ومن طبيعي ان اقوم بكل ما اتخذه من قرارات لأن هذه هي الطريقة الوحيدة
التي تضمن النجاح في ميدان العمل.
- ولكن اذا شعر الإنسان بالمرض ؟
- انني لست مريضا مجرد صداع بسيط وبعض الدوار لأني لم انم جيدا ولم يسع المسز ماربري الا
ان تهز كتفيها وتحمل صحفة الطعام وتغادر الغرفة بينما كان المستر سوست يضع حقيبة سفر صغيرة
" بيجامته وادوات الحلاقة وعشر علب مسطحة من الكرتون"
وبعد ان القى نظرة على دليل السكة الحديدية الموضوع على المائدة غادر الغرفة والحقيبة في يده
وفي الصالة وضع قبعته على راسه وارتدى معطفه وهو يتنهد بعمق فانتبهت اليه فتاة كانت خارجة
من غرفة في الجانب الآخر فنظرت اليه بقلق وقالت :
- هل تتالم من شيء يا مستر سوست ؟
- لاشيء يا ليلى.
- لقد كنت تتنهد بشدة.
- لاداعي لأن تقلقي بشاني انني بخير طاب يومك.
- طاب يومك يا مستر سوست الى اين انت ذاهب هذه المرة ؟ الى الشاطىء ثانية؟
- لالا بل الى شلتام.
- انه مصيف لطيف فعلا ولكن ليس اجمل من توركاي لسوف امضي الصيف القادم فيه وبهذه المناسبة
لقد كنت في توركاي عندما وقع حادث قتل السير سيرميكال كلارك اي كنت جد قريب من مسرح الجريمة.
- لا لا ان توركاي تبعد عن سيرستون نحو ستة او سبعة اميال.
- انها مسافة قصيرة جدا ومن يدري فلعلك رايت القاتل دون ان تعرفه آه ماذا بك
يا مستر سوست هل انت مريض ؟
- لالا انني بخير شكرا يا مسز ماربري ..وطاب يومك.
وقالت ليلى ماربري لنفسها وهي تشيعه بنظراتها :
- انه رجل مسكين يخيل الي ان عقله ليس في حالته الطبيعية.

×××

وقال المفتش كروم لمساعده :
- اكتب لي قائمة باسماء جميع منتجي الجوارب النسائية ثم اتصل بمديريها واعرف منهم اسماء
جميع مندوبي البيع الذين يتعاملون معهم واعني بهم اولئك المندوبين المتجولين.
- اهذا كله يتعلق بجرائم ا.ب.س ؟
قال المفتش كروم على مضض :
- اجل..انها فكرة بوارو وربما لاينتهي الى شيء الا انه علينا الا نهمل اية فكرة معقولة.

×××


وقال الشاب توم هاريتيجان لخطيبته ليلى ماربري :
- لقد رايت في الصباح نزيلكم العجوز العجيب.
- من تعني ؟ المستر سوست ؟
- رايته في بلدة اوستن يبدو كدجاجة الضالة كالمعتاد اعتقد ان هذا المسكين نصف مجنون ولابد
ان يكون معه احد يرعاه في الخارج لقد سقطت من يده الصحيفة اولا ثم سقطت منه تذكرة السفر دون
ان يشعر اطلاقا فلما اعدتهما اليه شكرني في اضطراب ولكنني اعتقد انه يتعرف علي.
- انه لم يرك الا نادرا يا توم ولكن ماذا كنت تفعل في اوستن ؟
- كنت في طريقي منها الى شلتام.
- وهكذا كان ايضا المستر سوست.
- لا كانت تدكرة سفره تدل على انه ذاهب الى دونكاستر.
- بل شلتام.
- دونكاستر لقد قرات اسم البلدة بوضوح على التذكرة.
- ولكنه قال لي ولأمي انه ذاهب الى شلتام.
- ربما سمعتما الإسم الخطأ ولعله ذهب للفرجة على سباق الخيل.
- ولكن دونكاستر هي البلدة التي ستحدث فيها الجريمة الرابعة غدا.
- لاتجزعي عليه ان اسمه لا يبدأ بحرف "د"
- العجيب انه كان في توركاي بالقرب من سيرستون في المرة السابقة.
- انها لمصادفة عجيبة اليس كذلك ؟
وكان الإثنان يتمشيان على طريق نهر التايمس عندما اردف توم هارتيجان قئلا وهو يضحك :
- ولعله كان ايضا في بلدة بكسهيل وقت وقوع الجريمة الثانية.
فجمعت ليلى ما بين حاجبيها مفكرة ثم قالت :
- كان غائبا عن غرفته فعلا وانا اذكر لأنه كان قد نسي ثوب السباحة وكانت امي ترتقه له وقد
قالت لي في اليوم التالي " لقد نسي المستر سوست ثوب السباحة الذي كان ينوي ان ياخذه معه هل
سمعت بالفتاة التي وجدت مخنوقة على شاطىء البحر في بكسهيل امس؟"
وهنا ابتسم توم هارتيجان وقال :
- مادام كان ينوي ان ياخد معه ثوب السباحة فلا شك انه ذهب الى احد المصايف يومذاك مارايك
فيما لو كان نزيلكم العجوز هذا هو القاتل "ا.ب.س".
فضحكت ليلى وقالت :
- المستر سوست المسكين ؟ انه لايستطيع ان يؤذي ذبابة.

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________