عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10-18-2015, 01:01 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://dc20.arabsh.com/uploads/image/2015/10/17/0c3e424362f104.jpg');border:2px outset gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل السادس
مزيد من الغموض

كان والدا بيتي بارنارد يعيشان في فيلا صغيرة بين خمسين مسكنا مشابها لها مشيدة
في ضاحية المصيف وكان الوالد _ المستر بارنارد _ رجلا كبير الجسم حائر السمات
في نحو الخامسة والخمسين من عمره ويلوح انه رآنا مقبلين فوقف ينتظرنا عند مدخل مسكنه.
وقال بعد ان حيانا عند هبوطنا من السيارة :
- تفضلوا بالدخول ايها السادة.
واخد المفتش كيسلي يقدمنا اليه الواحد بعد الآخر حتى اذا علم الوالد ان
المفتش كروم من رجال اسكوتلانديار قال بحماس :
- هذا شيء طيب جدا ..نعم يجب ان تبذل اسكوتلانديار جهدها
للقضاء على ذلك المجنون الذي قتل طفلتي.
واختلج وجهه بالألم الممض فلم يتم عبارته وفي غرفة الإستقبال قال :
- لاادري هل ستستطيع زوجتي المسكينة ان تحضر لإستقبالكم او لا ؟
فالواقع ان الصدمة هدت كيانها.
ولكن زوجته استطاعت بعد فترة وجيزة ان تحضر وهي تحاول جاهدة ان تسيطر
على نفسها فلا تستأنف البكاء وكانت عيناها متورمتان تدلان على كثرة الدموع
الحارة التي ذرفتها طيلة الليل
قال زوجها وهو يربت على كتفها ويهيء لها مقعدا تجلس عليه :
- لقد كان ناءب الحكمدار شفوقا بنا ..ابى ان يسالنا عن شيء بعد ان بلغنا
النبأ ولا شك انه اراد ان يتركنا بضع ساعات نسترد فيها بعض هدوئنا.
وغمغمت المسز بارنارد بصوت كله الدموع :
- انه لأمر فظيع ..انها قسوة مريرة ..قسوة ليس لها مثيل.
وقال المفتش كروم :
- ان الأمر فظيع حقا يا سيدتي ولهذا ارجو ان نعرف كل ما يمكن من
الحقائق حتى نقبض على القاتل في اسرع وقت .
وأومأ المستر بارنارد موافقا.
بينما اردف كروم قائلا :
- كانت بيتي تقيم معكما هنا كما فهمت وكانت تشتغل مضيفة
في مقهى جنجركات ؟
- أجل..
- وبيتكم هذا جديد ..اليس كذلك ؟..اين كنتم تقيمو من قبل ؟
- كنت اعمل في تجارة الحديد بمدينة كنجتون واعتزلت العمل منذ عامين ..
وكنت ارجو دائما ان اقضي بقية عمري في بيت على شاطىء البحر.
- ان لك ابنتين ؟
- أجل..الكبرى تعمل في مكتب بلندن.
- ألم تنزعج حينما تأخرت ابنتك عن الحضور امس ؟
فقالت المسز بارنارد بصوتها الباكي :- والدهت وانا ننام عادة في ساعة مبكرة
ننام في الساعة التاسعة مساء ولهذا لم نعرف ان بيتي تأخرت في الحضور
الا بعد ان جاء رجال الشرطة.
وتهدج صوت الأم وتوقفت عن اتمام الحديث فقال كروم :
- هل كان من عادة ابنتك ان..تتأخر في العودة الى البيت ؟
فقال الوالد :
- انت تعرف كيف تتصرف الفتيات في هذا الزمن يا سيدي المفتش ..انهن
يرفضن القيود ويتمادين في التحرر من رقابة الآباء ..ولكن بيتي بوجه
عام كانت لاتتأخر عن الحادية عشرة مساء.
- وكيف كانت تدخل البيت ؟ هل هناك من يفتح لها الباب ؟
- لا...كنا نضع لها المفتاح تحت مشاية الباب .
- يقولون ان ابنتك ...مخطوبة لشاب ؟
- انها لم تكن مخطوبة رسميا ولكن علاقتها به كانت مقدمة للخطبة
وهو يدعى دونالد فريزر ..شاب لطيف مستقيم ولاشك انه سيحزن اشد الحزن..
- انه يعمل كاتبا في مؤسسة لتأجير المنازل ؟
- أجل ..مؤسسة كورت وبرنسكيل .
- هل كان معتادا ان يلتقي بابنتك كل ليلة بعد ان يفرغا من العمل ؟
- لا. ليس كل ليلة ..مرة او مرتين في الأسبوع فقط.
- الم تعرف ما اذا كانت تنوي مقابلته الليلة الماضية ام لا ؟
- انها لم تقل لنا شيئا عن هذا ..ولم تكن بيتي تكثر الحديث عن شؤونها الخاصة
معنا او مع غيرنا ولكنها كانت فتاة طيبة مستقيمة ..أوه انني لا اصدق لا اصدق.
- تمالك نفسك يا مستر بارنارد.
- انني اتمنى لو استطيع ان اضحي بحياتي لأعاونكم في القبض على ذلك
المجرم لقد كانت بيتي فتاة مرحة ضاحكة مقبلة على الحياة كالطائر الغريد
ولا اذكر انها اساءت الى احد او ارتكبت شيئا تستحق الوم عليه انها لاتستحق
هذه الميتة لست ادري لماذا قتلها ذلك المجرم المجهول لا ادري اطلاقا.
فقال كروم مواسيا :
- تاكد يا مستر بارنارد اننا لن نستريح حتى نضع ايدينا على ذلك المجرم
والآن احب ان القي نظرة على غرفة بيتي الخاصة اذ ربما نجد بين اوراقها
او رسائلها ما ينير لنا السبيل.
فنهض المستر بارنارد وقال :
- تفضلوا معي .
ومضى قبل الوصول الى غرفة بيتي لأحكام رباط حذائي وعندئذ سمعت
سيارة مأجورة تقف امام باب المسكن فنظرت من النافذة فرايت فتاة في نحو
الخامسة والعشرين تقفز منها وما كادت تراني حتى تسمرت في مكانها وتمتمت قائلة :
- من انت ؟
وهبطت الدرجات القليلة التي تفصلنا وانا في حيرة من امري ..اذ لم اكن ادري
هل اذكر لها اسمي او اكتفي بالقول باني من رجال الشرطة واراحتني هي بقولها :
- آه ..استطيع ان استنتج من انت .
ورفعت قبعتها البيضاء الصغيرة وامعنت النظلا الى وجهها الذي لم يكن بالغ
الجمال وان لم يخل من الجاذبية..وقلت لها :
- انك المس بارنارد ..اليس كذلك ؟
- اجل ميجان بارنارد..انك من رجال الشرطة اليس كذلك ؟
- الواقع انني.
فقاطعتني قائلة :
- لا اظن ان لدي ما اقوله لك فقد كانت اختي فتاة طيبة مستقيمة
ليس لها اي اتصال بالرجال ..طاب صباحك
وارسلت ضحكة قصيرة تنم عن التحدي واردفت قائلة :
- ان هذه هي العبارات التقليدية التي تقال في مثل هذه المناسبة ..اليس كذلك ؟
- انني لست مندوبا صحفيا اذ كان هذا ما ظننت.
فتلفتت حولها وقالت :
- حسنا من انت اذن ؟ اين ابي وامي ؟
- ان اباك مع رجال المباحث في غرفة اختك الخاصة.
وارتسم التردد على وجه الفتاة برهة ثم اذا هي تقول فجأة :
- تعل معي .
وتبعتها الى غرفة صغيرة بجوار المطبخ وفيما انا احاول اغلاق الباب
اذا بوارو ينفلت داخلا وراءه وهو يقول منحنيا للفتاة :
- المس بارنارد كما اظن ؟
وقلت لها انا :
- هذا هو المستر هركيول بوارو المخبر السري الخاص.
وقالت الفتاة :
- سمعت عنك الكثير يا سيدي..يقولون انك بارع في الكشف عن الجرائم
المعقدة التي يعجز رجال اسكوتلانديار عن حلها.
- انهم يبالغون يا آنستي..
وجلست الفتاة على حافة مائدة في وسط الغرفة وتناولت من علبة سجائرها
واحدة وضعتها في جانب فمها واشعلتها ثم قالت وهي ترسل سحائب
الدخان من شفتيها :
- انني لا افهم لماذا يهتم المسيو بوارو بجريمة عادية كهذه ؟
فقال بوارو :
- ان الذي لا تفهمينه يا آنستي والذي لا افهمه انا قد يملأ مجلدات
ضخمة ولكن هناك اشياء يمكن ان يفهمها كل انسان .
- مثل ماذا ؟
- مثل الموت الذي يجعل الأحياء لا يتحدثون عن الموتى الا بالخير مع ان
هذا قد لايكون من الصدق في شيء ..لقد سمعتك الآن مثلا وانت تقولين
لصديقي الكابتن هاستنغز ان اختك كانت فتاة طيبة مستقيمة ليس لها علاقات
بالرجال وقد ادركت من نبرات صوتك انك تريدين ان تقولي عكس ذلك
وسواء كنت مصيبا في هذا الإدراك او مخطئا فالمهم اني اريد ان اتحدث
مع شخص يعرف كل شيء عن بيتي ويذكر كل ما يعرفه بلا مجاملة
او مراوغة حتى نستطيع ان نحدد موقفنا من هذه الجريمة.
وصمتت الفتاة برهة كانت خلالها تحملق في وجه بوارو ..وفجأة قالت :
- كانت بيتي فتاة حمقاء متهورة.
وانحنى بوارو للفتاة في اعجاب وقال :
- انني احيي فيك هذه الصراحة يا مس بارنارد وقد صدق حدسي
بانك فتاة لاينقصها الذكاء .
- كنت احب بيتي كل الحب ولكن هذا الحب لم يكن يحجب عن عيني
الحقيقة وهي انها كانت غبية متهورة لا تعرف ما يضرها وما ينفعها وكثيرا
ما قلت لها هذا في بعض المناسبات وهذا ما تفعله الأخوات عادة.
- وهل كانت تهتم بملاحظاتك ونصائحك ؟
- لا اظن.
- ارجو ان تكون اجاباك محددة يا آنستي.
فترددت الفتاة برهة ثم قالت اخيرا
- لم تكن بيتي ابدا شريرة بطبعها او منحلة الأخلاق واحب ان تتاكد من
هذه الحقيقة تماما..انها لم تكن من النوع الذي يقضي نهاية الأسبوع مع
اي رجل يدفع الثمن لا مطلقا..كل ما في الأمر انها كانت فتاة لعوبا في براءة
تحب ان تخرج مع الشبان الى النزهات والى دور السينما وان تسمعهم وهم
يرددون عبارات الغزل لها..هذا عو كل ما في الأمر.
- هل كانت جميلة ؟
وعندئذ تناولت ميجان من حقيبة يدها صورة صغيرة وقدمتها الينا
وقد راينا في الصورة وجها باسما لفتاة لا تستطيع ان تقول بانه جميل.
وقال بوارو وهو يعيد الصورة لميجان :
- انها كبيرة الشبه بك ..
- لا..كانت اجمل مني .
- حسنا ..وكيف كانت علاقتها بالشاب دونالد فريزر ؟
- كانت تبادله الحب ولكنه كان يحبها بجنون بينما كانت هي تحبه باعتدال
وكثيرا ما كنت اخشى ان ينفض يديه منها يأسا بسبب تصرفاتها التي طالما اثارت المنازعات
بينهما هذا كل ما لدي من اقوال طاب يومكما .
ولكن بوارو اسرع يقول لها قبل ان تنصرف :
- مهلا يا آنستي..ان الجريمة التي ذهبت اختك ضحيتها ليست من الجرائم
البسيطة التي تحدث كل يوم انها اخطر من هذا بكثير ومن ثم ارجوك
ان تتريثي قليلا وتزيدي من تعاونك معنا..
ثم راح يسرد عليها ما حدث في اندوفر ودليل السكة الحديدية برادشو
الذي وجدت نسخة منه في مسرح الجريمة الأولى ثم في مسرح الجريمة
الثانية وقرأ عليها الرسالتين اللتين تلقاهما من المجرم المجهول فلما
فرغ نظرت الفتاة اليه في دهشة بالغة وقالت :
- هل حقا هذا كله يا سيدي ؟
- نعم..
- اتعني ان تقول ان قاتل اختي رجل مجنون تطغى عليه شهوة سفك الدماء ؟
- تماما ..
- أوه بيتي ..بيتي..يا للمسكينة اذن لم يكن لها ذنب فيما حدث لها ؟
- ان في مقدورك الآن يا آنستي ان تحدثينا بكل ما تعلمين حتى
تستطيع ان نقدم هذا القاتل المجنون الى العدالة.
- نعم..نعم..هذا ما ينبغي
- اذن لنصل حديثنا الذي انقطع لقد فهمت ان دونالد فريزر كان ناقما على
تصرفات اختك وان المنازعات كانت تكثر بينهما بسبب غيرته الشديدة عليها.
فقالت ميجان بارنارد بهدوء :
- سوف اضع ثقتي فيك يا مسيو بوارو وارجو ألا تخبر احدا بما ساقوله
لك عن اختي والواقع ان دونالد من الشبان الهادئين الذين يتحملون كثيرا
ولكنهم يختزنون الإساءات ويكبتون المشاعر ثم ينفجرون بعنف شديد
وهذا ما كان يحدث مع اختي كان شديد الغيرة عليها وكان يحبها بعنف
ولكن بيتي لم تكن تحبه بمثل هذا العنف ..كانت تحبه حقا ولكنها لم تكن
من النوع الذي يكتفي بحب شخص واحد فلا ترى غيره في الدنيا.
- نعم انها لم تكن من هذا النوع وان كانت تحب الوسامة والجمال في كل شاب
تتعرف اليه وتقضي معه فترة من الوقت في نزهة او سينما وكانت بحكم
عملها في المقهى طبعا كثيرة التعرف بالشبان والرجال لاسيما في موسم
الإصطياف وأؤكد لك ان الأمر لم يكن يزيد بينهما وبين اي شاب او رجل
عن الخروج معه في نزهة قد تستغرق اليوم كله او الذهاب في صحبته
الى دار سينما وبمعنى آخر
انها لم تكن جادة في علاقاتها باي شخص آخر غير دونالد
وكثيرا ما كانت تقول لي انها سوف تتزوجه في النهاية وتستقر معه في
حياة زوجية سعيدة بعد ان اشبعت نفسها باللهو والمرح.
وتوقفت ميجان برهة عن الحديث فقال بوارو :
- انني افهم تماما هذا الوضع يا مس بارنارد ..استمري
- ولكن دونالد فريزر لم يكن يفهم هذا الوضع ..وانما يفهم انه كان عليها
ان تحبه كما يحبها تماما..بنفس القوة والإخلاص والتفاني
وقد ادى هذا الإختلاف في فهم الحب الى المنازعات الشديدة بينهما.
- متى كانت آخر هذه المنازعات ؟
- منذ شهر تقريبا ..كنت قد عدت من عملي في نهاية الأسبوع عندما
علمت انهما تشاجرا بعنف حتى لقد فرغت بيتي من دونالد ولكنني صالحتهما
واسرفت في تعنيف بيتي وحاولت ان ابين لها خطأ ذلك التمادي في العبث
واللهو مع الشبان الآخرين وقد اكدت لي بدورها انها تحب دونالد
وان كل علاقاتها بغيره مجرد صداقة عابرة بريئة وتسلية لا ضير فيها
وكانت قد تعودت بعد منازعة شديدة سابقة..ان تكذب عليه احيانا
خوفا من اثارته وكان مبدؤها ان الذي لايعرفه العقل لا يحزن القلب
وقد حدثت هذه المنازعة الأخيرة لأن بيتي قالت له انها ستذهب لقضاء يوم
في بلدة هاستنج مع صديقة لها ولكن دونالد اكتشف انها ذهبت الى بلدة
ايستبورن مع صديق ..وعلم ان هذا الصديق متزوج وانه كان يخرج مع بيتي سرا
وهذا ما اثاره
واخرجه عن طوره وقد احتجت بيتي على غضبه قائلة انهما لم يتزوجا
بعد وان من حقها ان تخرج مع من تشاء وقد ضاعف هذا من ثورة دونالد
حتى كان يرتعد ويصيح قائلا : انه سيضطر ذات يوم الى..
والى....
- الى ماذا يا مس بارنارد ؟
فقالت بصوت خافت :
- الى ارتكاب جريمة.
- وهذا ما يجعلك خائفة من الحديث في هذا الموضوع ؟
- انني لم اكن اظن انه جاد في تهديده اطلاقا..ولا اعتقد لحظة انه هو
القاتل ولكنني كنت اخشى
ان اتحدث بهذا كله فالفت اليه انظار رجال المباحث لاسيما وان عددا
كبيرا من الناس قد سمعوه وهو يقول هذا.
فقال بوارو :
- لولا غرور المجرم المجهول الذي يبدو في وضعه لدليل السكة الحديدية
كل مرة مع الجثة لتركزت الشبهات على دونالد فريزر فعلا.
وفي تلك اللحظة صلصل جرس الباب الخارجي فاطلت ميجان براسها
خلسة من النافذة ثم عادت تقول :
- انه دونالد....
فقال لها بوارو :
- دعيه ياتي الينا اولا قبل ان يراه اصدقائي المفتشين .
والتفت ميجان حيث غابت لحظة ثم عادت ومعها الشاب دونالد فريزر.



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________






التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 10-18-2015 الساعة 02:36 PM