عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-16-2015, 08:03 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/12_10_15144460713383153.jpg');border:3px inset darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




الفصل الخامس
الجريمة الثانية


مازلت اذكر ساعة يقظتي من النوم صباح اليوم الخامس والعشرين من شهر يوليو
واعتقد ان الساعة كانت النصف بعد السابعة
كان بوارو واقفا بجانب فراشي يهزني برفق من كتفي
وما ان فتحت عيني والقيت نظرة على وجهه حتى تنبهت من نومي تماما
قلت وانا انتصب جالسا
- ماذا حدث ؟
فقال ببساطة تخفي وراءها انفعال مكبوت :
- لقد وقع ما كنت اخشاه.
فهتفت قائلا :
- ماذا ؟ ولكننا في اليوم الخامس والعشرين .
- لقد وقعت الجريمة في الواحدة بعد منتصف الليل اي في الساعة الأولى
من اليوم الخامس والعشرين ..هذا اليوم.
فوثبت من فراشي واغتسلت بسرعة وراح بوارو يحدثني بما سمعه في التليفون وانا ارتدي ملابسي فقال :
- وجدت جثة فتاة شابة على شاطىء مصيف بكسهيل .وعرفت انها لفتاة تدعى بيتي بارنارد .
واسمها الكامل هو "اليزابيث بارنارد" وكانت تعمل مضيفة في احد المقاهي وتعيش مع والديها في بيت
صغير من طابق واحد مبني حديثا ويقول الطبيب الذي فحص الجثة ان الوفاة حدثت فيما بين
الحادية عشرة والواحدة صباحا .
فسالته بسرعة وانا اضع الصابون على ذقني :
- وهل ايقن رجال الشرطة ان هذه هي الجريمة التي كنا نتوقع حدوثها ؟
- عثرو تحت جثة الفتاة على دليل برادشو للسكة الحديدية .
فقلت وانا ارتعد :
- ان هذا امر رهيب..
- تمالك نفسك يا هاستنغز فانا لااريد ماساة اخرى في مسكني هذا .
مسحت قطرات الدماء التي انبعثت من جرح في وجهي اثناء الحلاقة وقلت : ماذا تنوي ان تفعل ؟
- ولسوف تاتي سيارة الشرطة بعد لحظات لتقلنا الى مسرح الجريمة.
وفي خلال ربع ساعة كانت سيارة الشرطة السريعة تنطلق بنا خارج مدينة لندن
وكان معنا المفتش كروم الذي شهد المؤتمر في اليوم الأسبق والذي عهد اليه بالتحقيق في هذا الحادث
وكان كروم يختلف كثيرا عن المفتش جاب فهو اصغر سنا واميل الى الصمت والى الترفع عمن حوله
واكثر علما وثقافة وكان يبدو لي شديد الإعجاب بنفسه لاسيما بعد ان نال وسام الكفاءة الممتازة عقب قضائه
على عصابة خطف الأطفال قبل ان يتسع نطاق اعمالها
والواضح انه كان الشخص المناسب لتولي هذه المهمة الخطرة ولكن عيبه الوحيد انه كان يدرك
هذه الحقيقة فيزهو في اعماق نفسه ويعامل الذين حوله كانهم اطفال صغار.
قال بوارو بلهجة الرئيس المترفع الذي يتحدث الى انسان بسيط :
- تحدثت طويلا مع الدكتور ثومبسون وهو كما نعرف شديد الإهتمام بهذا النوع من الجريمة "المسلسلة"
او " الجريمة التي ترتكب على حلقات " ويعتبرها نموذجا على الإضطراب العقلي الذي يتميز بطابع معين
وقد افاض الدكتور في شرح نظريته طويلا وضرب المثل عليها بآخر قضية عن
القضايا التي كانت في عهدتي ولعلك قرات عنها انها قضية مابل هومر الطالبة في مدرسة مازويل هل .
ثم راح يفيض في الحديث عن هذه الجريمة الغامضة التي استطاع ان يكتشف غموضها ويقبض على مرتكبها في اسرع وقت
وبعد ان سادت بننا فترة من الصمت قال كروم عندما تجاوزنا محطة نيوكروسي :
- اذا اردت ان تستفسر عن شيء عن هذه الجريمة فيمكنك ان تسالني .
- هل وصلتكم بعض التفاصيل عن شكل الفتاة ؟ وعن بعض ظروفها الإجتماعية ؟
- كانت في الثالثة والعشرين من عمرها وتعمل في مقهى جنجركات
- ترى هل كانت جميلة ؟
فرفع كروم حاجبيه ثم قال في اقتضاب :
- هذا ما لم نعرفه بعد.
وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي بوارو وهو يقول :
- اترى ان هذا لا اهمية له حسنا انني ارى ان لجمال الفتاة في مثل هذه الظروف الأهمية الأولى.
ويبدو ان المفتش كروم قرر ان يضع للمحادثة نهاية اذ قال ببرود :
- آه نعم....
وظل الصمت مخيما حتى بلغنا بلدة سيفن اوك عندما قال بوارو :
- هل عرفت على نحو ما كيف خنقت الفتاة وباي شيء ؟
فاجاب كروم بايجاز :
- خنقت بحزامها ..وهو حزام ثوبها كانت ترتديه ..حزام مفتول متين معقد .
فاتسعت عينا بوارو وقال :
- آها لقد استطعنا اخيرا ان نعرف شيئا محددا .
- انني لا ارى في هذا ما يدل على شيء معين.
- اعتقد انه يدل على عقلية المجرم الوحشية المضطربة .
وساد الصمت بقية الرحلة ...
واستقبلنا في بكسهيل نائب الحكمدار سكس المفتش كارتر وكان معه شاب وسيم باسم هو
المفتش كيسلي الذي عهد اليه بمعاونة المفتش كروم في مهمته
وقال المفتش كارتر
- اعتقد انك تفضل القيام بتحرياتك الخاصة يا كروم ولهذا ساكتفي بذكر الخطوط
العامة للجريمة لكي اترك لك الحرية البحث والتحقيق على طريقتك الخاصة
فقال كروم :
- شكرا يا سيدي...
- لقد ابلغنا النبأ الى والديها وكانت الصدمة بطبيعة الحال قاسية وقد تركتهما
حتى يستردا بعض هدوئهما وعليك ان تبدا بسؤالهم الآن اذا شئت .
وسال بوارو :
- هل هناك افراد آخرون يهمهم الأمر في محيط اسرتها ؟
- ان لها اختا تعمل على الآلة الكاتبة في لندن وهناك شاب يقال انه
خطيبها وانها كانت على موعد معه للخروج بالأمس .
وسال كروم قائلا :
- هل استطعتم ان تجدوا شيئا جديدا من دليل السكة الحديدية الذي وجد تحت الجثة ؟
فاشار نائب الحكمدار الى منضدة في غرفته وقال :
- انه على هذه المنضدة ولم نجد عليه اتة اثار لبصمات اصابع وهو دليل جديد
وقد وجدناه مفتوحا على الصفحة التي فيها اسم بكسهيل ويبدو ان المجرم اشتراه من مكان بعيد
عن هنا لأننا سالنا جميع اصحاب المكتبات الموجودة في المنطقة .
- ومن الذي اكتشف الجثة يا سيدي ؟
- ضابط متقاعد برتبة الكولونيل وقد اعتاد الخروج مبكرا في السادسة صباح كل يوم مصطحبا كلبه
لإستنشاق الهواء النقي وبينما هو يسير على الشاطىء في اتجاه البلاج كورين انطلق كلبه فجاة
وراح يشتم شيئا على الشاطىء فلما تبعه صاحبه شاهد الجثة فاسرع _ دون ان يلمس شيئا_
لإبلاغ الشرطة بالأمر
وتحدد وقت الوفاة بمنتصف الليلة الماضية
- نعم فيما بين الحادية عشرة والنصف والواحدة صباحا ..وهذا مؤكد ويبدو ان مجرمنا المجنون
مصر على ان يكون عن وعده .وهكذا ارتكب جريمته في اللحظات الأولى من اليوم الخامس والعشرين كما وعد.
فاوما كروم براسه وقال :
- نعم..هذه عقلية مختلفة قطعا ..ليس ثمة تفاصيل اخرى ؟ الم ير احد شيئا قد يفيد التحقيق ؟
- لاشيء حتى الآن ولكننا ما زلنا في ساعة مبكرة واكبر ظني ان كل واحد شاهد امس شخصا يسير
مع فتاة في ثوب ابيض سوف ياتي ويدلي الينا باقواله واعتقد ان عدد الفتيات ذوات الملابس البيضاء
اللآتي سرن امس مع رجال او شبان لا يقل عن خمسمائة وعلى هذا سيكون عدد الشهود ضخما.
فقال كروم
- حسنا يا سيدي يحسن ان ابدا عملي الآن وهناك بيت الفتاة والمقهى الذي كانت تعمل فيه وساذهب الى اثنين بادئا بالمقهى .
وتساءل نائب الحكمدار قائلا وهو يلتفت الى بوارو :
فقال هذا وهو ينحني براسه للمفتش كروم :
- يسرني ان اذهب معه .
- ولاح لي ان كروم لم يعجبه هذا.. اما المفتش الشاب كيسلي الذي لم يكن راى بوارو من قبل
فقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة
وقال كروم :
- وماذا عن الحزام الذي كان اداة القتل ان المسيو بوارو يعتقد ان له دلالة كبيرة ولاشك انه يريد ان يراه.
فقال بوارو بسرعة :
- لا..لا..يبدو انك اخطات فهم ما اقصد.
وقال المفتش كارتر :
- انك لن تستطيع ان تجد في هذا الحزام ما يفيد التحقيق انه ليس حزاما من الجلد الذي
قد تكون عليه بصمات اصابع وانما هو حزام من الحرير المفتول الذي يصلح تماما لمثل هذا الغرض .
وارتعدت مرة اخرى بينما قال كروم :
- حسنا هلم الى العمل .
- وبدانا اولا بزيارة مقهى جنجركات الذي يقع في مواجهة البحر وكان من المقاهي النموذجية
الصغيرة التي تكثر في المصايف حيث يشرب فيها الرواد القهوة والشاي والمرطبات او يتناولون
بعض الوجبات الخفيفة وكان بعض الرواد المبكرين قد جلسوا الى موائدهم يشربون قهوة الصباح
ومن ثم اسرعت مديرته وادخلتنا الى غرفة خاصة لاتلفت تلينا الأنظار
وقال لها المفتش كروم متسائلا :
- المس ماريون :
فقالت المديرة بصوت ناعم يشوبه الحزن :
- أجل هذا هو اسمي ان ما حدث أمر رهيب مزعج اخشى ان يكون له اثر سيء على العمل هنا .
وكانت المس ماريون سيدة في نحو الأربعين من عمرها نحيفة جدا وفي حالة اضطراب عصبي
تدل عليه حركات اصابعها التي كانت تنقبض وتنبسط بلا توقف
وقال لها المفتش كيسلي مشجعا :
- بالعكس يا مس ماريون ان ما حدث سيدفع الكثيرين الى الحضور الى هذا المقهى بالذات بدافع الفضول .
- آه هذا محتمل ولكنه شيء منفر مزعج انه يدل على قسوة الطبيعة البشرية .
ولكن وميض السرور بالرواج المنتظر كان واضحا في عينيها ..
وسالها المفتش كروم قائلا :
- ماذا يمكن ان تحديثيني به عن المجني عليها يا مس ماريون ؟
- لاشيء..لاشيء اطلاقا .
- منذ متى وهي تعمل هنا ؟
- منذ الصيف راضية عن عملها ؟
- نعم كانت مضيفة بارعة وسريعة في تقديم الطلبات
وسالها بوارو قائلا :
- وهل كانت جميلة ؟
ورمقت المس ماريون بوارو بنظرة وكأن لسان حالها يقول يا لوقاحتكم ايها الأجانب ثم قالت :
- كانت وسيمة لطيفة الشكل .
وسالها كروم قائلا :
- متى انصرفت من عملها في الليلة الماضية ؟
- في الساعة الثامنة مساء اننا نغلق المقهى في مثل هذا الوقت لأننا لا نقدم وجبة العشاء لأحد.
- ألم تذكر لك كيف كانت تنوي ان تقضي سهرتها ؟
فقالت المس ماريون بلهجة تاكيد :
- طبعا لا ان علاقتنا الخاصة لم تصل الى هذا الحد.
- ألم يحضر احد للخروج معها او للسؤال عنها .
- لا..
- هل كانت في حالتها الطبيعية ؟ أعني الم يبد عليها اضطراب او انفعالات نفسية معينة ؟
فقالت المس ماريون في حذر :
- انني لا اعرف على وجه التحديد .
- كم عدد المضيفات العاملات في هذا المقهى ؟
- اثنتان بصفة دائمة واثنتان بصفة احتياطية ابتداءا من اليوم العشرين من يوليو حتى آخر أغسطس
- وهل كانت بيتي بارنارد مضيفة احتياطية ؟
- لا بل كانت مضيفة اصلية .
- وماذا عن الأخرى ؟
- أتعني المس هيلي ؟ انها فتاة لطيفة.
- هل كانت هي وبيتي بارنارد صديقتين ؟
- هذا ما لا أجزم به .
- هل يمكننا اذن ان نتحدث مع المس هيلي ؟
- الآن ؟
- اذا امكن.
فنهضت المس ماريون قائلة :
- سابعث بها اليكم وارجو الا تحجزها طويلا لأن رواد المقهى يكثرون في هذه الساعة .
وبعد لحظات اقبلت فتاة ممتلئة الجسم سوداء الشعر متوهجة الوجه بالإنفعالات لاهثة الأنفاس وهي تقول :
- لقد ارسلتني المس ماريون .
- انت المس هيلي ؟
- نعم .انا
- أكنت تعرفين بيتي بارنارد ؟
- أوه طبعا اليس ما حدث لها رهيبا ؟ اني لا اكاد اصدق ما حدث لااكاد اصدق ان بيتي
التي كانت امس متوقدة بالحياة تصبح اليوم جثة هامدة ..اني في حلم مزعج.
وسالها المفتش كروم قائلا :
- هل كانت علاقتك بها متوطدة ؟
- كانت اقدم مني في العمل لأني بدات عملي في مارس الماضي ورايي عنها انها كانت فتاة
هادئة لطيفة لا تميل الى الضحك والمزاح هذا لا يعني انها كانت ثقيلة الظل او باردة العواطف وانما اقصد ان
اقول انها كانت متحفظة في علاقاتها مع زميلاتها هنا.
وبعد حديث طويل فهمنا من المس هيلي انها لم تكن صديقة للمجني عليها وانها اي _بيتي بارنارد_
كانت تتبادل الحب مع شاب يشتغل كاتبا في مؤسسة لتأجير المساكن والمنازل المفروشة
بالقرب من المحطة وان الشاب وسيم وتتمناه كل فتاة
وبعد انصرافها تحدثنا مع المضيفتين الإحتياطيتين ولكننا لم نخرج من حديثنا معهما بشيء جديد.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________