عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 09-30-2015, 06:59 PM
 

·
الفصل الخامس

*بعد مرور أسبوعٍ شاقٍ على جميع أبطالنا

- يومُ السبت
إنه يوم عودة "أوليفر" من لندن .
- قبل بضع ساعات من موعد رحلته ..
- في أحد قصورِ لندن الفخمة .
اشتد نقاش حاد في أحد غرفه الكبيرة , كان اللون البني الداكن يحتل معظم الغرفة , بينما حظيت ثلاث جدرانٍ من الغرفة بمكتبات تحتلها جميعها و تحمل الكثير من الكتب عليها , و قد كان الجدار الأخير لها عبارة عن نافذة كبيرة تدخلمنها أشعة الشمس لتضيء المكان بشكلٍ جميل , و توسطها مكتب متوسطُ الحجم بلونٍ أسود , و يجلسُ خلفه على كرسي بنيّ اللون رجل في الأربعين من عمره , شعره الأشقر امتلئ بالشيب و عينيّه الذهبيتيّن تملكُ نظراتٍ حادة بشكلٍ مُهيب .

- لكن يا سيد " باركر "
احتج الشخصُ القابعُ أمامه على قرارٍ ما بسخطٍ و عدمِ رضى
- لقد حسمتُ أمري يا بني و لن أتراجع
بصوته الهادئ الغليظ حاول إغلاق الموضوع بشكل نهائي , لكن هذا لم يرضي الطرف الثاني بتاتاً , فهو ما زال يُحاول جاهداً لتغييرِ رأيه و إقناعه :

- أتعلم !! أنت الآن ترمي بـ " نيكولاس " للهلاك من أجلِ مصلحتك !
ظهرت معالم الانزعاج في وجه السيد " باركر" لأنه ظن أن الطرف الثاني يشكك في حبه لابنه و تحدث بحدة :
- " أوليفر " انتقي كلماتك جيداً !!
تنهد الأخير بضيق , و أصبح يدلكُ جبينه بأصابعه , في محاولةٍ لتمالكَ أعصابه :
- أعتذرُ حقاً فأنا لم أقصد , فخوفي على " نيكولاس " يدفعني للجنون .. صمت قليلاً ثم أردف برجاء :
- لكني أرجوكَ الآن أن تعيد التفكيرَ بقرارك , فلا أظنكَ تريدُ خسارته كما " صوفي " !
- بقائه هنا لن يقتله
- بقائه بمفرده سيقتله , التفكير بـ " صوفي " في كل ثانية يقضيها لوحده سيقتله ! أنتَ تعلم كم يحمِّل نفسه ذنب مقتلِها , سيصاب باكتئابٍ شديد إثر هذا الموضوع , فلتدعه يذهب معي حتى يتناسى الأمر و يعود كما كان , أرجوك تنازل عن بعض الأمور لأجله !
- أنا و والدته سنكون بجانبه دائماً
- هه أنت تمزح بالتأكيد , بدأ " أوليفر " بفقدان أعصابه و نطق هذا بتهكم ثم أتبع :
- أنتما بالكاد بقيتما متفرغين حتى إنتهاء عزاء " صوفي " و ستعودان لانهماكِكُما في الأعمال كما السابق , و لن تتفرغا للاهتمام به حتى !
لقد كان يتحدثُ بانفعال شديد , ممّ أغضب السيد " باركر" فأشار بإصبعه السبابة لوجهه و نطق بصوتٍ محذر :
- أنتَ لن تعلمني كيف أهتمُ بابني .. هل فهمت !!
و أخيراً انتهى الأمر بانفجار " أوليفر" غاضباً جداً , و قد وقف ثمّ ضرب كفيّه بالطاولة مُهدداً :
- صدقني إن حدث له شيء , فلن نسامحك لا أنا ولا "صوفي" !!
ثم أدار ظهره مغادراً المكان و الغضبُ يهزُ كيانه .












* مطار نيويورك .
ما بين ضجيج المغادرين و العائدين من و إلى نيويورك , كان هو يجلسُ في أحد مقاهي المطار , يعبث بهاتفه و الضجر بان على تقاسيم وجهه , منتظراً صديقه الذي كان من المُفترض أن يكون هنا قبلَ خمسة عشر دقيقة تماماً , وقف متوجهاً ناحية طاولة الطلبات ليطلب له فنجان قهوةٍ مُرة , ثم عاد إلى مكانه واضعاً يده على خده و ينظرُ للعابرين أمامه , لفتَ نظره فتاة تتلفتُ بريبة حولها , و معالم التوتر احتلت ملامحها , تفحص شكلها جيدا , فقد كانت تملكُ عينين سوداء و شعرٌ بُنيّ داكن , ترتدي بنطال جينز فاتح , و كنزه صوفية باللون الأزرق الداكن , و قد كانت تحتضن حقيبة سوداء بشدة و كأنها خائفة من أن تفقدها , شدة انتباهه بشكلٍ مُريب , ما سبب خوفها و توترها هذا , هل هي هاربة من منزلها , أم تنوي فعل شيء ما يجعلها هكذا , و سيطرَ الفضول على صديقنا , لكن ماذا سيفعل ؟ .

أوصل النادل قهوته له , ارتشفَ منها قليلاً و عينيّه ما زالت متعلقتيّن بتلك الفتاة التي لم تبرح مكانها بعد , أصبح يُقلب خطته في دماغه , مد يدهُ لهاتفه لينظر كم الساعة الآن , ثم تمتم بصوتٍ خافت :
- أعتذر " أوليفر " لكنك تأخرت كثيراً .
وقف بهدوء و هو يدخل يده في جيبِ سترته الجلدية , ليخرج قيمة قهوته و يضعها على الطاولة , حمل حقيبته ذات اللون البنيّ على كتفه , و مشى مقترباً من الفتاة التي رن هاتفها معلناً وصول رسالة نصية , فتحتها و حين قرأت محتواها , أنزلت الهاتف و بانت رجفةِ يديّها , أدخلت الهاتف في جيبها , ثم أخذت نفساً عميقاً و بدأت تمشي بِخُطَى متسارعه , تبعها بخطى بطيئة نوعاً ما في محاولةٍ منه ألا يثير انتباهِها , توجهت هي للبوابة التي تُخرجها من المطار , و ظَلَّ هو يلحقها بتخفي , و قد نالت علاماتُ الاستغراب وجهه .. لما خرجت ؟

قادتهُ لحديقة لا تَبعدُ كثيراً عن المطار فقد كانت خلفهُ تماماً , لكنها كانت خالية من الحياةِ , فالأشجار لا أوراق لها , و الأراجيح صدئه , الدواليبُ الدوارة مُحطمة , لا حشائش , لا أطفال , لا شيء يَدلُ على أنها حديقة أبداً .
توقفَ " ويليام " بعيداً خلفَ إحدى الشجيرات الموجودة , و هو يترقبُ الفتاة التي أخرجت هاتفها فور وصولها , و ضغطت عدة أزرار و رفعتهُ لأذنها , انتظرت حتى أجاب الطرفُ الآخر , بينما ضيق " ويليام " عينيّه مُركزاً ليسمع حديثها , لكن لا جدوى , فقد كان صوتها منخفضاً جداً و لا يصلُه , بقيَ واقفاً مكانه مُنتظراً أي حركةٍ منها , لحظة واحدة فقط حتى وصلت سيارة بيضاء و توقفت بالقربِ من الفتاة , ترجلَ منها الشخصُ الذي كان يقودُ السيارة , و قد كانت بُنيته كبيرة جداً , فَتح الباب الخلفيّ لسيده , الذي نزل بجبروت و عظمه , كان يرتدي بدله سوداء اللون , و ربطةُ عُنق حمراء , و نظارات شمسيه يضعها على عينيّه و قد كان يملكُ شعراً أشقر, ما إن ترجل هو من السيارة حتى بدأت الفتاة بالتراجعِ للخلف من الخوف , لقد كان منظرهُ مهيباً بالنسبة لها , رغم أن شكله يدل على أنه رجلِ أعمال إلا أنها كانت تراه رجلِ عصابات مخيف .
- اتركني أيها الأحمق اتركني !!!
صراخُ من هذا ؟
وجَّه " ويليام " أنظاره للفتاة , لكنها كانت متحنطة مكانها , عقد حاجبيّه بحيرة .
صَدرَ صوتُ جسدٍ أُلقيَ بقوة على الأرض , شدَ ذلك أنظارُ " ويل " ناحيته , فتى يتلوى ألماً بجانب تلكَ السيارة , بينما تقدم السائقُ ناحيته و أمسك كتفه بقوة , وقف الآخر بتثاقل على قدميّه و رفع رأسه لتظهر ملامحه المُتألِمة و وجهُ المليء بالكدمات و الجروح !! ما هذا بحقِ الجحيم ؟
وقد وجّه نظرة مستنجدة للفتاة التي تقف على مقربةٍ منه .
- يا عديمي الرحمة , توقفوا عن إيذائه !
صرخت من بينِ دموعها التي انهمرت فورَ رؤية ذلك المنظر , رمت تلك الحقيبة التي كانت تحتضنها مُسبقاً جانباً و ركضت ناحية الفتى لتحتضنه و تربتُ على شعره , تشبثَ الأخير بها بقوة و بصوتٍ لا يخلو من الرجفة :
- لا ت.. تركيني معهم مجدداً .
تقدم السيد الذي كان يَنظر للحدثِ بلا اهتمام , وقف بجانبِهما , مما جعل الفتاة تخافُ أكثر , مدَ يدهُ ناحيتهم ليبعدهم عن بعض , فقد قام بدفعِ الفتى للخلف , و أمسك بمعصمِ الفتاة بشدة :
- هل أحضرتِ الأوراق ؟
بنبرة خالية من المشاعر نطق بذلك و هو يُحدقُ بعينيّها من خلفِ النظارات , و ما كان منها إلا أن تجيب بخوف :
- أ أجل .. إنها ه هُناك في تلكَ الحقيبة .
- " تيمز " اجلبها
كان كُل هذا يَحدث أمام أنظارِ " ويل " كان عاجز لا يَعلمُ ماذا يفعل ؟ هل يتدخلُ أم يضل ينظرُ بصمت , قطع تفكيره " تيمز " الذي انحنى لالتقاط الحقيبة فقد لمح سلاحاً أسود خلف ظهره مخبأ في حزامه , كان هذا فقط ما دفع " ويل " للتحرك , فوجود سلاح في المكان يعني شيئاً واحداً فقط , و هو هدرُ الدماء .
أنزل حقيبته و أخرجَ منها مسدسه الذي أعطاهُ إياه "ستيف" تحسباً لأي أمرٍ طارئ كهذا , أدخله في حزامه و ثبته حتى لا يسقُط , ثم التقط هاتفه ليتصل بـقائده , و ما هي إلا ثوانٍ حتى أجاب :
- ماذا تريد " ويليام " ؟
تحدث الأخير بخفوت حتى لا يسمعه أحد :
- " ستيف " أنا في ورطة لا أعلم ما هي تماماً , لكني أحتاجُ دعماً بسيطاً .
- كيف ذلك ؟
صمتَ " ويل " قليلاً و هو يرى " تيمز " الذي أشهر بسلاحه أمام الفتى و الفتاة بينما كان سيده يتفقدُ الأوراق و ابتسامة خفيفة راضية تعلو شفتيّه .
- " ويل " ما بك ؟ هل حدث شيء ؟
تحدث " ستيف " بقلق جراء صمت " ويل " المفاجئ , لكن الأخير أجاب بعد أن استوعبَ ما يحدث :
- أرجوك لا تُكثر الحديث و أسرع بإرسال الدعم هنا فوراً
- أيــ ....
أغلق " ويل " الهاتف بسرعة خوفاً أن يحدثَ شيء لهما و هو يتحدث , و نسي أمر إعطاء " ستيف " العنوان , أعاد الهاتف للحقيبة و تركها جانباً , ثم ترجل ناحيتهم بلا أي خطة , كُلُ ما يجول في عقله أن لا يحدث شيء سيء أمامه مُجدداً و هو مكتوف اليديّن .

وضعت قدمها على الأرضِ لتنزل من السيارة , فتاة ذاتُ شعرٍ أشقر مموج مُنسدل على كتفيّها , عينيّن فيروزيتين , ترتدي فستاناً أسود يصل لركبتها , أبرز لون بشرتها البيضاء بشكلٍ جذاب , تحدثت و هي تنظر للشخص الذي يُمسك الأوراق بنشوة انتصار بنبرة هادئة :
- أبي لا يُمكنك قتلهما , فقد وعدت الفتاة أن تطلق سراح شقيقها ما إن تحضر هذه الأوراق لك .
- لكني لم أعدها أني لن أقتلها .. صمت للحظة و هو مستمتعٌ برؤيتهما يرتعدان خوفاً من الموت .. ثم أردف بخبث :
- و لا يُمكنُ للصبيّ أن يعيشَ وحده فالموتُ أرحمُ له .
- أرجوكَ سيدي لا تقتلنا .. لن نخبرَ أحد بما حدث أبداً .. أقسمُ لك !
كانت تلك الفتاة تبكي بترجي أن يكون أرحم لهم من الموت , لكن لا جدوى .
- أبي .. يبدو أن أحداً غير مُصرح بوجوده هنا قد أتى ثم أردفت :
- ولا أظنك ستسعدُ بوجوده .
كانت تلكَ الشقراء تتحدث و هي تنظرُ لفتى قادمٌ باتجاههم , يرتدي بنطالاً أسود , و قميصٌ أبيض فوقه سترة جلدية سوداء , ذو عينيّن زرقاء حادة , و شعرٍ أسودَ فاحم .
- إنه " ويليام " !!
صرّ السيد على أسنانه و ضيق عينيّه وهو يحملق فيه بضيق .










* مقر عمل الفريق .

- " بيل " حدد موقع آخر اتصال ورد من " ويل " .
آمراً نطق " ستيف " له , و قد كان يمشي ذهاباً و إياباً , يفكر في المأزق الذي أوقع " ويل " نفسه به .
بينما رد عليه " بيل " :
- اتصل بـ " أوليفر " فقد كان يُفترضُ أن يستقبله في المطار قبلَ ساعة من الآن .
- صحيح !
حملَ هاتفه الذي كان موضوع على الطاولة بجانبه , ما إن ضغطَ عدة أزرار حتى رفعهُ لأذنه منتظراً إجابة من الطرف الآخر :
- " أوليفر " !!
- ماذا !!
أجاب " أوليفر" مرعوباً من صوت " ستيف " المتوتر , رد الأخير بسرعة :
- هل " ويليام " معك ؟
- كلا , لقد تخلفَ عن استقباله لي , إني أنتظره منذُ نصفِ ساعة .
بنبرةٍ خائبة أجابه , في حين تحدثَ " ستيف " معه بجدية :
- لم يتخلف عن ذلك , لكنه وقع في مصيبةٍ ما .
- ماذا !!!
هكذا صرخَ " أوليفر " ثم أكمل :
- ما هذا الاستقبال بحقِ الجحيم , أعود لنيويورك بمصيبة جديدة !! .. و أين ذلك المتهورُ الآن ؟
- لم نعلم بـ ...
- خلفَ المطار تماماً , في منطقة مجهولة لم تظهر في الخارطة لكنها خلف المطار .
نطقَ " بيل " مُقاطعاً حديثَ " ستيف " :
- حسناً " بيل" أرسلِ دعماً هناك , و أكمل مُحدثاً " أوليفر " :
- و أنت إن مازلتَ في المطار , فاذهب خلفه تماماً و ستجدُ ذلك الأحمق .
- لكني مجردٌ من السلاح ماذا أفعل ؟
- ليسَ و كأنك كنتَ ستستخدمه ؟ فكر بعقلك هيا " أوليفر "
و أغلق الخط في وجهه , لأنه لا يريد سماعَ حججٍ واهية , فهو يثقُ به و بذكائه .










من ناحية " أوليفر " .
كان ينظرُ للهاتف بحقد :
- أهكذا يستقبلون عضواً غابَ عنهم لفترة , يا لهم من أشخاصٍ سيئين !
- من كانَ يُحدثك ؟
- " نيكولاس " إنه أمرٌ يصعبُ شرحه في هذا الوقت الضيق ... لكن يبدو أني سأوقعك في ورطة معي الآن .
تحدث للشخص الواقف بجانبه و هو ينظرُ لعينيّه الذهبيتيّن بخبث , بينما توتر المعنيّ بالأمر و نطق بحيرة :
- ماذا تقصد ؟
- الحقني !
ركض " أوليفر " مُسرعاً تاركاً " نيكولاس " خلفه محتاراً وهو ينظرُ لحقائبهم , بعد التفكير ركضَ خلفه آملاً ألا يفقد أثره .


توقف " نيكولاس " ليلتقط أنفاسه قليلاً , ثم نقل نظره لـ " أوليفر" الذي يتلفتُ هنا و هناك يبحثُ عن شيء ما لا يعلم ما هو :
- ماذا نفعلُ هنا أخبرني !!
بصرامة نطق " نيكولاس " فقد نفذ صبره من اللحاق بـصديقه و هو لا يعلم لما !
أجاب الأخير بقلة حيلة :
- نحنُ نبحثُ عن شخصٍ أحمق أوقع نفسه في مأزق و يحتاجُ للمساعدة .
- و ما شأننا نحنُ فيه ؟
- حسناً , أنتَ لا شأن لكَ فيه , لكني أنا لي .

و ظلا يجولان بأعينهما في الأرجاء باحثين عن الأحمق ذاك , لكن لا أثر :
- فلنبحث في تلكَ الحديقة هيا .
تحركَ " أوليفر " فتبعه " نيكولاس " .
وصل الدعمُ الذي أرسله " ستيف " في نفس المكان , و في أثناء بحثهم عن " ويليام " , لفتَ أنظار أحدُ الرجال بُقعة دم بجانبِ أثارُ سيارة , فهتف لـ " أوليفر " , تقدمَ الأخير ليتحسس البقعة :
- سُحقاً إنها حديثة !!
- ماذا تقصد ؟ هل هيَ لـ" ويليام " ؟
- من يعلم .. لا يُمكننا استبعادُ ذلك !
زفر " أوليفر " ببؤس , و فكرة أن " ويليام " أوقع نفسه في مشكلة كبيرة لا تُغادرُ باله .








قطَبَ حاجبيّه بألم , فَتحَ جفنيّه بتثاقل , رغم ذلك فهو ما زال لا يرى شيئاً , فالظلامُ حالكٌ جداً , لقد كانَ ملقى على أرضية متحجرة , اعتدلَ بجلسته و استندَ على الجدارِ خلفه , لامسَ جبينه بتأوه و قد أحسس بشيءٍ سائلٍ عليه , وعاد يتذكر ما حدثَ له بسبب تهوره , همسَ مؤنباً ذاته :
- يا لي من فاشل , كيف وقعتُ رهينة بين أيديهم !!
اشتدَ ألم رأسه عليه , وقد ظهرَ ذلكَ على ملامحه , تحاملَ على نفسِه ليقفَ , تلفتَ حولَه لكنه لم يُبصر أيَ مخرج , سوا بابٍ حديديٍ أسود بالكادِ انتبه له , توجه ناحيته أمسك بمقبضه و شده ناحيته بقوة , لكن لم يُفتح , و حاولَ دفعها بأقوى ما لديه لكن ذلك لم يُفلح معهُ أيضاً
صرّ على أسنانه مُستفزاً من الوَضعِ الذي وُضِعَ فيه , و ركل الباب بقدمه ساخطاً :
- سُحقاً لهم !!
عاودَ أدراجه للمكان الذي يَجلسُ فيه , و هو يتأفف بضيقٍ من حاله , حاولَ جمعَ أفكاره ليخرجَ من هذا المكان , لكنَّ ألم رأسه بدأ يزداد بشكلٍ موجع , لا يعلمُ ماذا يَفعل الآن , خائفٌ هو من أن يفقدَ وعيه مُجدداً , أرخى عضلاته , و بدأت عينيّه بالتراخي هي كذلك , لكن صوتُ صرير الباب , أيقظَ ذهنه , و فتحَ عينيّه لكن ليست إلا لحظة حتى أعاد إغلاقها إنزعاجاً من الضوء المتسللِ للغرفة , ثم فتحها بخفة حتى يعتاد على الضوء , رأى أمامه تلك الفتاة الشقراء ذاتِ العيون الفيروزية , حامله في يدها حقيبة بيضاء صغيرة الحجم , اقتربت منه بهدوء لتهمس :
- هل أنت بخير ؟
استفزته كلاماتها , فكيف تسألُ عن حاله و هم السبب في وجوده هُنا و التسبب في أذاه :
- أحقاً تسأليني عن حالي ؟
أتته إجابة سريعة منها و قد علمت مقصده :
- أنا آسفة حقاً , على ما فعله أبي , لم يكُن الأمرُ بيدي , أعتذر
لقد كانت تُقدم الاعتذارات بإسهابٍ له , مما أثارَ استغراب " ويليام " , دنت منه و هي تفتح الحقيبة التي بيدها :
- هذا لا يُهمُ الآن , الأهم معالجة جروحك فقد تفقد وعيك مجددا بسبب النزيف .
مُنذُ دخول الضوء توضحت ملامح " ويل " , فقد كانَ جبينهُ من الناحية اليسرى ينزفُ, بينما هُناك جروح سطحية على وجهه .
أخرجت منديلاً مُبللاً لمسحِ الدماء أولاً من وجهه , ثمّ أخرجت قطناً معقما و وضعتهُ على الجُرحِ في جبينه و قامت بضغطه بقوة حتى يتوقف النزيف , شعر " ويل " بالألم الشديد عند ضغطها عليه فهمس متألماً :
- برفقٍ يا فتاة !!
ابتسمت بخفة :
- أمسكه ريثما أُخرجُ الضماد , انصاع لأوامرها و أمسك بالقطن , و راحَ يُحدقُ بوجهها الملائكيّ و هي تبحثُ عن الضماد في الحقيبة , يرى أمامَهُ فتاة تحملُ جميعَ معالم البراءة و اللطف , هَمس بلا وعيٍ منه :
- كيفَ لفتاةٍ مثلكُ أن تكونَ مُجرمة ؟
توقفت عن البحث حين وصلَ لمسامعها سؤاله , ابتسمت بخفوتٍ مجيبة :
- حينَ لا يُمكننا اختيارُ أباؤنا , لا يُمكننا اختيارُ مصيرِنا .
- أنتِ مُحقة , لا يمكننا اختيارُ أباؤنا .
أخرجت الضمادة من الحقيبة أخيراً , و وضعتها على جبينه , مسحت بقية الجروح السطحية بمعقم حتى لا تتلوث , ثم أغلقت حقيبتها و وقفت :
- سيأتي أحدُ الخدم بمسكنٍ للآلام و طعام , تناول الطعامَ أولاً ثم المسكن .
- ألا يمكنكم وضعي في غرفة يتسللُ إليها الضوء على الأقل ؟
هكذا نطقَ بضجر :
- أعتذر , فنحنُ لا نلبي طلبات الرهائن .
أجابتهُ بسخرية على سؤاله , ثم خرجت مغلقة الباب خلفها .
- ماذا عن الوسادة ؟
تمتم مُحدثاً نفسه و هو يَنظُرُ للأرضِ المتصلبة بيأس .




انتهى .










السلام عليكم و رحمةُ الله و بركاته
كيفَ حالُ الجميع ؟

أودُ الاعتذار حقاً على هذا التأخير الفظيع , أرجو منكم أن تسامحوني
و سأحاول أن لا يتكرر مرةً أخرى .






__________________
رد مع اقتباس