عرض مشاركة واحدة
  #54  
قديم 09-20-2015, 01:51 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]##


{الفصل الحادي عَشر : ما بعد النهاية !}

مُعَلقانِ فالهواء ! هيّ وجهُها مدفوسٌ بِحُضنُه ، تُغمِض عيناها بِقوة غير مُحتَمِلَة الضغط الجوي بينما ينظُر هوَ للسماء وكِلتا عينيهِ مفتوحَتان علي مِصرعيهما كبواباتِ قَصرٍ فارِه يستعد لأستقبال المواكِب ! فقط وكأنهما يقومان بِموازَنَةٍ من نَوعٍ ما !!

[لماذا لا نَسقُط ؟!]
كانت تلك الجُملة الوحيدة التي يترَدد صداها في عقل رين ! كان يؤمِن إنهُ لن يموت إن سَقط لكنهُ ظن إنهُ علي الأقل سيسقُط !!

مازالت تُغمِض عيناها بِقوة : هل أرتَطمنا بالأرض بالفِعل ؟!
أجاب بِنبرة لم تستطع فهمها : إننا لا نسقُط فإتجاه الأرض ، سيرين .

بدا لها كمن يُقرر أمرٌ واقِع ففتحت عيناً لِتنظُر إلي عينيهِ المُتوسِعَتان بِصَدمَة : إلي أين نسقُط إذن؟!
بِذات الصَدمَة أجاب : إلي السماء !!

ماالذي يعنيه بأنهما يسقُطان إلي السماء ؟! هل أنقلَبَت الجاذبية وأصبحت تجذب لأعلي؟! لكن ألا يُفتَرَض أن تجذِب الجميع بِنفس الإتجاه إن كان هذا هوَ الأمر؟!

أبتَعَدَت عنهُ لِتُصبِح إلي جِوارُه ، ظهرُها مُعطي لحيثُ ما أدارَ لهُ ظهرُه ، تنظُر إلي ما ينظُر إليه ، فقط مازال كَفُ كُلٍ مِنهُما يُمسِك بِكَف الآخَر ! ، نطَقَت بِهدوء غير طبيعي مُقارَنَةً بالموقف الحالي : هل .. سنَتجمَد للموت؟

بدت هيّ الأُخري وكأنها تتحدث عن أمر طبيعي واقِع ! ليُجيب : فقط إن لم نتوقف عن السقوط ! أعني الإرتفاع !!

صَمَتا لِثانية حتي قَطَعت الصَمت : حسناً ! سيبدو هذا غريباً لكن أنا لم أنم مُنذُ أيام !! ، هل يُمكِنُني النَوم؟

أطلق ضِحكَة قصيرة وهوَ يمُد يدُه ليُحيط بِها خِصرها ويجذِبها إليه : إن كان بإمكانِك النَوم في هذا الجو فَنامي ! سأُمسِك بِكِ حتي لا تَبتَعِدي فالسماء !!
مازَحَت : ماذا ؟! أليس الطيران حُلم كُل طِفل؟! لا يُفتَرَض أن يكونَ جواً مُزعِجاً !
نَظَرَ لها كمن يقول "فِعلاً سيرين؟!" لِتُتابِع : فقط أوقِظني حين نتوقَف ..!
أبتَسَم : سأفعل إن كُنت ماأزال حياً ..!

علي وشكِ أن تُغمِض عيناها : سيرين !!
نظرَت لهُ بإستفهام ليُكمِل : أوقِظِيني علي الجانِب الأخَر إن مُتنا !!
أطلق ضِحكة أُخري دَمِعَت عيناه بعدها !

"لماذا تزوجتُ شاباً ذكياً مرة أُخري؟!"
لجُزء من الثانية تَساءَلَت لكنها لم تُطِل التَفكير بل ذهب تفكيرها لِسؤال آخَر ! ، هل ستترُكُه فِعلاً في ذلك الموقِف وحدُه لِتنام؟!

أقتَرَبَت قليلاً لِتَضُمُه : لِماذا لا تَنَم أنتَ أيضاً ؟
أشاح بِوجهُه كُلُه لها ليُقابِل عيناها تماماً : أنا عبقريٌ ولكنني لستُ مجنوناً ! لا أستطيع النَوم فالعاصِفَة !

إذن ، هل تبقي مُستَيقِظَة من أجلُه؟! لكنها مُستيقِظَة مُنذُ يومان ! ضَمتهُ بِقوة أكبَر ! لِتَغِط بَعدها في سُباتٍ ..

___

كم مَر مِن الوَقت ؟! لا عِلم لها بِهذا ، تَلَقَت هزَة خفيفة أوقَظَتها : لقد .. توقَفنا ..!
فرَكَت عيناً : هل نِمتُ كثيراً ؟
تحرَك وهوَ يجذِبها مِن ذِراعِها معُه : فقَط ساعة ! أعتَقِد !

بالطَبع يَعتَقِد فلا مؤقِت لديه سِوي مؤقِتُه الداخلي ! حتي الشمس لا يراها لكن يصلُه منها الضوء !

أعتَدَلا ليُصبِحا واقِفانِ فالهواء ! ، أقتَرَبَ من غَيمَة ! أرادَت قَول "إنها غازات وماء مُحَمَل علي الهواء لا تستطيع الوقوف عليها!" لكنهما بالفِعل واقِفان بالهواء ضِد كُل مَنطِق !!

وَقَفَ عليها ليبدأ فالسَير بَعدها ! هاها ! أصبحا يَسيران علي الغيوم الآن !!
لَحِقَت بِه أو بدأت بالقَفز من غَيمَة لِأُخري كَطِفل يركُض خَلف فَراشَةً ! : عجيبٌ أننا لم نتجَمَد ..!
قَفَزَ إلي غَيمَة أُخري برشاقَة ! : الجَو ليسَ بارِداً حتي ..!!
قَفَزَت خلفُه مع ضِحكة خفيفة : إلي أين الآن رين ؟!
ظَهرَت أسنانُه الناصِعة حين أبتَسَم : لا فِكرة لديّ !!
تَذَمَرَت مازِحة : ليتَنا عُدنا إلي الماضي ! أو ذلك البُعد الأخَر هوَ مُسَلٍ أكثَر من .. هذا .. التَيه .. فالسماء !!
نَطَقَ بِبُطء : نسيت أن أُخبِركِ شيئاً مُهِماً ..!
بلا أكتراث رَدَت : ماذا؟

ما المُهم بعد أن أصبحا مُعلقَان فالسماء؟!

أعتَرَف بِنوع من البلاهَة : لقد أنضَمَمت لفريق الظلام في ذلك البُعد الأخَر ..!
ساد الصَمت لثوانٍ حتي صَرَخَت : فَعَلت ماذا؟!!
رَد وكأنهُ يُحاوِل تفادي أرتِطام الصَدي بِهِ : هل يُهِم هذا الآن؟!
هدأت : لَيسَ فِعلاً ! ، ليسَ ونحنُ مُعلقانِ بين السَماءِ والأرضِ كَحرف الواو ..! أنا فقط لا أفهم كيف يحدُث هذا!! ولِماذا؟! أتظُن إننا ...

رَد بِسُرعة : لا ! لم نمُت ! لم نرتَطِم بالأرض أبداً !!
صَمَت ليُردِف : هل علي كُل شيء أن يوجَد لهُ سَبَباً ؟
قَرَصَت أُذُنُه : عُد لِعقلَك !
تآوَه : حسناً !! لا بُدّ وإن هُنالِكَ سَبباً لِما يحدُث ! نحنُ فقط لا نفهمُه ! متي أصبحتِ مُتَسَلِطَة؟!

ضَمَت نَفسها : مُذ وضِعت علي هذا الإرتفاع وأنا أخشَ المُرتفَعات والغريب ... لا يُمكِنُني السِقوط حتي !!

وكأنهُ تَذَكَرَ شيئاً : تُري كيفَ آلين الآن؟!
حاوَلَت تَصَنُع الطبيعية لكنها فَشِلَت وَعَلِم إنها كانت تُفكِر بالطِفل مُعظَم الوَقت ! كُل هذا بِنَظرَة واحِدَة ! : لديهِ أُمانا ليَعتَنيا بِه ..!
هَمَسَ وكإنما يُحدِث نفسُه : آمَل إنهُما لا تَتَشاجَران !!

___


مرَت ساعَتان وهُما في قَفزٍ من غَيمَة لأُخري ! ، أرتَطَمَت بظهرُه لكنهُ لم يُبدِ إعتراض ، إعتَدَلت لتقول بنَبرِة من يَروي رِواية : وبقي كِلاً مِن رين وسيرين مُعلقان بين السَماء والأرض ! لا هُما من أهل الأولي ولا الثانية !
رَفَعَ حاجِباً : كانَ هذا .. جيداً !!
أبتَسَمَت بِفَخر : أعلَم ! إن كانَ أحدهم يكتِب قِصَتَنا فإنّ ذلك الشخص نحن !
وكَزَتهُ : تابِع عني !
قَفَزَ لغَيمَة أُخري ليَضَع يداه خلف رأسُه بعدها : ماذا نَكونُ ؟! أحياءٌ أم مِن الأموات ؟! رُبما لَسنا هذا ولا ذَاك !!
ضَحِكَت : فلسَفَة ؟! خالِدون أم فانون ! ؟
صاحَ فجأة : إن لم يقتُلنا الضغط الجوي أو البَرد فإننا سَنموتُ .. جوعاً !
جَلَسَت علي غَيمَة بِتَعَب : يبدو إننا مازلنا مُرتَبِطان بِهما !! هربنا من ذلك البُعد الأخَر ! وبُعدَنا ! كي نموت جوعاً فالهواء مِثلَما يحدُث لهُما في ذلك البُعد الماضي ..!
بدأت بالنَحيب فجأة ! : فقط لِماذا يحدُث لنا هذا؟! لا يُفتَرَض أن تجري الأمور بهذا الشكل ! ما الخطأ الذي أرتكبناه؟! ألم نُفَكِر؟! ألم نَعمَل؟! ألم نُحاوِل؟! هل أستَسلَمنا وأنتَظرنا أن نُقتَل؟! لا ! لم نَفعَل ! إذن لماذا؟! ألا يُفتَرَض أن نُكافَأ؟! ألا يوصِلك العَمَل لِشيءٍ ما !! لِماذا تركت أبني علي الأرض إذن؟! كي أكتَشِف أنّ لا فائِدَة من كُل ما أفعَل ؟! أنّ لا فِرارَ مِن القَدَر؟! فَقَط ..! هل كانَ مَعَنا أم عَلينا كُل ذلك الوقت!!

جَلَسَ أمامُها ليَسحَبها في حُضنُه ، هوَ الآن مُرتاحٌ ! علي الأقل هيّ تُثبِت لهُ إنها ليسَت مجنونة ! مازالت تشعُر وتُفَكِر ..!
بدأ يزفُر بِصَوتٍ عال نسبياً وكأنهُ يستَحِثُها علي التوقُف عن البُكاء وتَنظيم تَنَفُسها. !
-مُتأكِدٌ إننا سَنجِدُ جواباً إن أستَمرينا فالبَحث ! لا يجب أن نتوَقف الآن !

مسَحَت دِموعَها لِتوميء وتَقِف مرة أُخري وتُتابِع السَير معُه !

___


الشَمس تغرُب الآن ! حيثُما هُما أينما يكون ذلك !!
تلك المرة لم تجلس علي غَيمَة بَل قَفَزَت من فوقها وإلي الأسفَل ! لِتَرتَفِع إليه مرة أُخري ! : أرأيتَ هذا؟! مُسَلٍ جِداً !
ضَرَبَ جبهتُه بِقلِة حيلة ، هيّ تعبث الآن بعد أن عَلِما أن قوانين الجاذبية مُعطَلة معهُما لِسَبَبٍ ما !

أستَمَرَ بالسير للأمام ! لتَصيحَ فيه : هيه ! رين ! إلي أين؟!
لكنهُ لم يَلتَفِت لها ! لِتَلحق بِه بِسُرعة ، عيناهُ تُضيئَان !! مُجدَداً كالنجوم !! : أخيراً أجوبة !! حَمداً لله أننا لم نَستَسلِم !

وقَفَت أمامُه : رين؟ ماذا تري؟!
ألتَفَت رقبتهُ إليها بِحِدَة ! ، ماذا بِه؟! ما خَطب تِلك النَظرات؟!
عيناهُ مُتوسِعَتانِ جِداً وبِهُما شيء لم تَرَهُ قبلاً ! شيء من العُنف وكأنهُ يُريد تَحطيمُها !

تراجَعَت للخَلف : هاه؟ بِجِدية؟! هذه الإجابة التي أنتَظَرت من أجلها؟! سنتَقاتَل فالسَماء؟!

لكن لِماذا؟! هُما ليسا عَدِوان حتي !!
هل تركُض؟! تراجَعَت ! عيناهُ عليها وكأنهُما تُحلِلان كُل حرَكَة !!
هل تَستَسلِم الآن؟!
وتموتُ علي يَدَي مَن!!

لا ! هيّ لن تَستَسلِم ! لكنها أيضاً لن تركُض ! لن تهرُب ! ستواجِهُه !

تَصَنَمَت في مَكانِها ، يقتَرِب ، يقتَرِب أكثَر ! حتي أصبَحَ أمامُها تماماً ! أمسَكَ بكتفَيها بِقوَة حتي ظَنَت بإنّ أظافِرُه سَتَختَرِقُها !!
أصبَحَ واضِحٌ جِداً إلي ماذا يؤول الموقِف !

هذا الشخص لم يعُد رين ! لقد سيطَرَت عليهِ تلك القوة تماماً !!

بَعد أن حارَبا الجَميع مِن أجلِ أن يَبقيا معاً ! هاهُما يُحارِب كُلٍ منهُما الأخَر !
أرادَت دفعُه ! أو حتي رَد الصاع ! فهيّ لن تهرَب ! لكن ما أن رَفَعَت عيناها في عيناه حتي بدأت بالبُكاء !

تُخادِع نَفسَها إن ظَنَت إنها ستستطيع الوقوف بوجهُه يوماً !

ضَمَها فجأة لِصَدرُه بِقوَة وَقَفَز ! لكنها لم تكُن قَفزَة بالمعني الدقيق ! الأمر أشبه بالطيران ! لا بإندفاع الصاروخ !!

وكأنها أدرَكَت إن كُل تلك القوَة لم تكُن عَليها بَل مَعَها؟ لكن لِماذا بدا وجهُه هكذا؟! هل يواجِه صِعوبة في إحتواء تلك القوة؟!
والسؤال الأهم ! إلي أين يندَفِع بِها بهذا الشَكل!!

سَقَطَ فجأة علي أحد الغيوم ! كي تخرُج من بين ذِراعَيه : رين !!
فَتَحَ عيناه لينظُر لها : أنا بخير !
سَحَبَ بعدها نفساً لينهض ويبدأ بالسَير مُبتَعِداً ! ، صاحَت مرة أُخري : رين ! إلي أين؟!
لماذا يستَمِر في تجاهُلها!!

لم يرُد فأضطَرَت للحاق بِهِ لتقف مشدوهة فاهها مفغوراً أمام شَجرَةٍ ما ..!
نعم ! شجرة فالهواء !
كبيرَة جداً ! ،أوراقُها خضراء ، أفرُعها فالسماء ولها جِذور لا تدرِ من أين تستَمِد غِذائَها !

شجرة؟ فالسَماء؟!
لم تَطُل صَدمَتها فهُما بالسماء !! ماذا إن كانَ هُناكَ شجرَة؟!

كانَ قَد سَبَقَها إليها لكنهُ توقَف في مكانُه بِحَذَر وكأنهُ يَدرِس الموقِف لِتَقتَرِب هيّ أكثَر !
الغريب إنها لم تكُن مُجرَد شجرَة ! كانَ بِها ثِمار؟

أصدَرَت مَعِدِتها صَوتاً لِتَقطِف تُفاحَةً بِلا أهتِمام وتَقضِم منها ! ، أراد رين الصُراخ "لا!" لإيقافَها لكن لم يُسعِفهُ الوقت !

ظَل ينظُر لها بِلومٍ لثوانٍ كي ترُد : ماذا؟! أموت جوعاً؟!
خَطَفَها مِنها ليقضُم قضمة : لا أريد البَقاء وحدي في .. صَحراء السماء تلك !.. إن كُنتِ ستَموتين مسمومة لأنكِ تأكُلين كُل ما تقع عيناكِ عليه فسأموت آسِفاً بِذات الطريقة ..!
ضَحِكَت : وهل رأيتَ حلاً أخَر؟!
تظاهَر بالتفكير : ممم لا ! أنتِ مُحِقَة فقط لِنُقَلِص وَقتنا ! بدلاً من المَوت جوعاً ستقتُلنا فاكِهة مجهولة !!
سَحَبَتها مِنهُ : ليسَت مجهولَة ! إنها تُفاحة !!

ساد الصَمت ليَكسَرهُ فجأة : هيه سيرين؟
نظرَت إليه بإنتباه ليُتابِع : إن سألتِك "يقينٌ هذا أم أوهام ؟!" ماذا ستقولين؟!

ضَحِكَت : أنبدو لك مُتيقينَ من شيء؟!
فَكَر : لا ..!
رَدَت : أنبدو لك كمن يتوهَم؟!
قضَبَ حاجبيه : أيضاً لا ..!

قضَمَت قضمَة أُخري من التُفاحة ليقول : إذن ماذا؟! لا يقين كُلي لا وهم كُلي؟! يقينٌ ووهمٌ مُمتَزِجان؟!
رَمَت بالتُفاحَة إليه ليَلتَقِطها ببراعَة : سأقول [بَين اليَقين والوَهم حُلم] !

قَضَمَ من التُفاحة : إذن سنستيقِظ؟
رَمَت بِظَهرِها فَوق غَيمَة : أظُنُ هذا !.. وسَنَجِدُ يقيناً !! مُتأكِدَة !
بقت تُحَملِق في غَيمة أُخري تمُر مِن فَوقِها ..!

وهوَ أستَمر في تناول التُفاحة بِصَمت في سَلامٍ غَريب أعتَري كِلاهُما : سيرين ، [بَين اليَقين والوَهم حُلم] ! سيكون هذا أسم قِصَتُنا ..!

-تمت-

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 07:01 PM
رد مع اقتباس