عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-31-2015, 09:55 PM
 
الكون حولنا - مولدات النجوم وحاضنات الشموس

- سلسلة : الكون حولنا - - من تأليفي / عبدالله خضر

مولدات النجوم وحاضنات الشموس

عندما إنفجرت الكتلة الكونية الأم ( التي تحوي بداخلها جميع كتل الأجرام الفضائية ) قبل تكوّن الكون منذ مليارات السنين ؛ قذفت من داخلها جميع العناصر التي نعرفها الآن في الكون ، حصل ذلك إبّان الإنفجار الكوني Big Bang ، ومن هذه العناصر المقذوفة بعنف من القلب الكوني إنفصلت كتل عظيمة هائلة من الغازات والغبار الكوني لتشكل مستعمرات وأمم مستقلة في مناطق متعددة ومختلفة في أنحاء هذا الكون العظيم .

هذه الكتل الغازية الغيمية تسمى ( السُدُم : جمع سديم Nebula) ، ومسماه بمعنى : سحابة أو غمامة ، والسديم الكوني يتكون من عنصري غاز الهيدروجين وغاز الهيليوم بنسبة %99 ، والـ %1 الباقي يتكون من جسيمات الغبار الكوني وعناصر معدنية ثقيلة منها : الكربون والنيتروجين والماغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم والحديد ! ، بسبب ذلك يمكننا القول أن السديم هو مخلوق كوني غازي سحابي .



صورة سديم رأس الساحرة

السديم هائل الحجم جداً ! ، هو ثاني أكبر مخلوق ظاهري يعرفه الإنسان بعد المجرة ! ، إذ يحتل مساحات يقدر أبعادها بعشرات أو مئات السنوات الضوئية ، وشكله غير منتظم ، مثل غيمة أرضية كبيرة ، سترى أن شكلها غير محدد يمكن أن تأخذ أشباه أشكال عشوائية لاتـُحصر ! .



صورة سديم النسر

وهنالك نوع آخر من السديم ، نوع سببه إنتشار إنفجار نجمي ، أي يتكون من غبار وشتات الجثث الشمسية الميتة التي إنفجرت لتضع حداً لحياتها الطويلة جداً ، لتصبح سديماً كوكبياً أو بقايا للسوبرنوفا ، وكذلك للسديم أنواع أخرى مثل : الإشعاعي (او الإنبعاثي) ، والعاكس ، والمظلم .

قد يرى البعض عدم وجود جدوى لتشكيل غازي ضخم مثل السديم ، وقد يظن آخر أن السديم مادام غازي الهيئة وخفيف التكوين فإنه مع مرور الأيام سيضمحل ويتشتت ويتبخر ، وهكذا دواليك ! .

الأمر الغريب وغير المتوقع لوظيفة وعمل السدم والسحابات الكونية هو كونها الأم التي تلد الشموس وتحتضنها حتى إكتمالها ؛ ثم تطلقها في فضاء الكون الرحب ؛ لتصبح هذه الشموس فيما بعد أمهات لكواكب تدور حولها ! .



صورة سديم رأس الحصان

ففي قلب أرحام هذه السدم تتحد جسيمات غازية مع بعضها لتشكل كتلة ، وهذه الكتل التي تشكلت من إتحاد واندماج الغازات تندمج هي الأخرى مع كتل أخرى ، وهكذا حسب متوالية هندسية عجيبة حتى تتكون نواة وكتلة نجمية بحجم شمسنا أو أقل أو أكبر ! ، ثم تبدأ في دوران رهيب غير مستقر في أحشاء السديم ( تماماً كطفل سئم المكوث في رحم أمه ويريد الخروج عاجلاً ) ، وبعد ذلك عند إكتمال الهيئة النجمية تنطلق هذه الشمس الجديدة في أي إتجاه في فضاء الكون لتكون ميسرة لما خلق لها ؛ لتـُتِمّ ما خلقت لأجله .

عملية التوليد هذه وكذلك الإحتضان تحصل تقريباً في كل سديم يعرفه الإنسان ، وفي كل سديم واحد تولد ملايين الشموس والمليارات من أجزاء الأنظمة الشمسية التابعة لها ، وتصل فترة عملية الولادة والإحتضان هذه لمئات الملايين من السنين ! .

وطبعاً ليست كل شموس الكون ولدت من قلب السدم ، فهنالك شموس تكونت مباشرة من الكتلة الكونية الأم ، ولكن للسدم الكونية نصيباً كبيراً فاعلاً في ولادة وتنشأة أكثرها ، ومن السدم المعروفة : سديم الجبار ، سديم ترنتولا ، سديم النسر ، سديم تريفيد ، سديم عين القط ، سديم هيليكس ، وغيرها .



صورة سديم عين القط

في بعض أنواع السدم وأقصد ( السدم الكوكبية ) نلاحظ مبداً غريباً كونياً يقول :

(( مافني وتلاشى يعود مرة أخرى ليصبح شيئاً آخر جديد ))

وتفسير هذا المعنى هو أن ملايين الشموس الميتة القريبة من بعضها تصبح تدريجياً ( سديماً واحداً ) يجمع شتاتها المنفجر ، ثم يعيد تكوين وولادة شموس حية أخرى من جسد الشموس المنفجرة الميتة ، وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها !! ، " صنع الله الذي أتقن كل شيء " ، " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " صدق الله العظيم .



صور سديم الوردة

رد مع اقتباس