عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-14-2015, 12:02 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]{الفصل الأوَل : أين نحنُ؟!}

في غُرفة واسِعة غلب عليها اللون الأبيض والبيج تسللت أشعة الشمس من الستائر الشفافة لتوقِظ شابة بُرتقالية الشعر! من نومِها.
فتحت عيناها لِتنظُر حولها وكأنها لأول مرة تري المكان ثم نهضت بحماس لِتقفز من فوق السَرير!
:لا اُصَدِق! أخيراََ أتي اليوم!

وقفت أمام طاوِلة الطعام تحشُر مِن كُل صِنف لُقمة لتأتي امرأة بنفس لون الشَعر لكن أغمق : سيرين أجلسي لتناول الطعام كبقية البشر الطبيعيين!
رمشت الشابة لثانية بعيونها الزرقاء وهيّ تبلع الطعام لترُد بسعادة : سينا أيتُها الجميلة!.. سأذهب لأوقِظ أولادِك!
تعجبت المدعوَة سينا فـ إبنتها ليست من هواة إيقاظ الناس عادَةََ.

دفعت سيرين أحد الأبواب بقوة وأخذت تُحاول إيقاظ شاب شعرُه أشقر طويل بشتي الطُرُق وهوَ يُبعدها كما لو كانِت ذُبابة مُزعِجة : أسرِع لوكي! الطُلاب لن ينتَظِروا مُحاضَرَتَك للأبد!
لم تنتَظِر منهُ رداََ بل خرجت علي عجل لتدخُل الغُرفة المُجاوِرَة لكن تلك المرة صائِحة : جوليو! إن المَنزِل يَحتَرِق!!
ليرُد صوت ناعِس قادِم من كُرة بُنية : قَديمة!
لِتَرُد بِلا مُبالاة مُصطَنعة : لوكي لن ينتَظِر حضورَك ليبدأ المُحاضَرَة.
فينتفض : ذلك الـ... لقد طردني بالأمس, أتُصَدقين هذا؟!
تركتهُ يُبدِل ثيابُه وهيّ تتساءل "تُري ماذا سيفعل إن عَلِم أن لوكي لم يستيقظ أصلاََ؟"
كانوا يمزحون علي طاوِلة الطعام كأي اُسرة طبيعية ثُم أنصرف الثلاثة أبناء لجامِعاتِهم, لوكي وجوليو فـ جامِعة وسيرين فـ اُخري مُجاوِرَة لها.

___

بـ نهاية اليوم كانت تسير حامِلة صندوقاََ من الورق المقوي بِداخلُه أوراق كثيرة, وإلي جوارَها تسير فتاة وردية الشعر, عيونها أرجوانية تتلألأ كجنية خرجت للتو مِن قصص الأطفال : لا اُصدِق أنك بالفعلِ سترحلين اليوم!
-لورا, إنهُ عامُُ واحِد لا تكوني كالأطفال, كما أني ساُحدِثكِ أسبوعياََ!
نفخت لورا وجنتيها الورديتان كشعرها : يومياََ وإلا لن تُغادِري تلك الجامِعة أبداََ!!
ثُم شد إنتباهها شيئاََ لتنسي تماماََ ما كانت تقوله : أنظُري! رين! ألن تودعيه؟!
-أوَدِع من؟ الشاب الذي لم اُكلِمهُ أبداََ؟!! إنهُ لا يعرفني حتي يا لورا..
ومرا بجوار شاب أزرق العينين بلا أدني إشارَة علي معرفَتِه,.. لأنهُما فالواقِع, حقاََ لم يَعرِفاه!

___

لم تكُن الدموع قادِرة علي التوقُف عن الهطول من عيون السيدة سينا العسلية, بينما أخذ زوجها يُملي علي سيرين أشياء كـ : لا تسهري خارج السكن المُخصَص لِطُلاب البِعثة! ولا تأكُلي شيء لا تعرفين مِمَ صُنِع.
أخفضَت السيدة سينا المنديل عن أنفها الذي بات يُشبِه الجزَرَة : كفي جارود..
ثُم ضمتها طويلاََ, لتلتفت سيرين بعدها لِأحد أخويها : جوليو لو سَمحت أوصِل لورا لمنزِلها هيّ كالأطفال كما تعلم مع ذلك أصرت علي القدوم للمطار.
لِتَجُر بعدها حقيبتيها خلفها علي أرضية المطار اللامِعة مُعلنة التقدُم لمرحلة أعلي في حياتها.

___

لم يكُن قد مر الكثير من الوقت, تقريباََ رُبع ساعة مع ذَلِك فقد نام العجوز الذي يُجاوِرها علي كَتِفها بعد خمس دقائِق من ركوبِهم وعَلي صوت شخيرُه, ولم يُطاوِعها قلبها لأيقاظُه فتركته وقد بدأ كَتِفها يؤلمها.
أخرجها من تأمُلها للغيوم صوت الطيار مُعلِناََ عن عاصِفة مُفاجِئة لن يستطيع مناورَتها يميناََ أو شِمالاََ وعلي الرُكاب أرتداء أقنعة الأوكسجين! التي سقط أحدهم علي رأسها, فكرت مِراراََ هل توقِظ العجوز أم لا؟ أنتهي بها المطاف بأن تُلبِسُه قناعُه بِهدوء فلا فائِدة من إيقاظُه ليشهد موتُه!
إنهُ محظوظ ألا يشعُر بشيء وينتهي في نومُه هكذا! وكأن حياتُه كُلها مُجرد حُلم, وهوَ علي وشك الإستيقاظ, لكن علي ماذا؟!
سقطت حقيبة صغيرة علي رأسها بقوة لتُفقِدها الوعي!!

__

لم تدرِ كم مر من الوقت, فتحت عينيها التي أزعجتها الشمس النافِذة من زُجاج الطائِرة المكسور, نظرت حولها فلم تجد أي شخص من الرُكاب! ولا حتي الرجُل العجوز!
كادت تجزع لكنها لم تفعل,نهضت لتخرُج من الطائِرة المهجورة ويدها علي جيبها!
أخرجت هاتفها المحمول الذي طُلِب منها إطفائُه عند ركوبها الطائِرة وأعادت تشغيلُه, كانت تبحث فالأسماء وهيّ تسير بين الكراسي حتي خرجت من الطائِرة لتجد نفسها في غابة!
شدت قبضتها علي الهاتِف خوفاََ من أن ترميه علي شجرة : تباََ! لا شبكة!
يُمكِنُنا القول إنها سارت بعد أن نطقت بتلك الجملة مالايقل عن الساعة حتي رأت رجُلاََ, بدا مألوفاََ جِداََ!, ما هيّ إلا لحظات حتي عرفتهُ, إنهُ والِدها!
لا بُدّ إنهُ أتي ليُعيدها للمنزل فالطائِرة لم تتحطم خارج البلد!
ركضت إليه بسعادة وضمتهُ : أبي!
نظر لها الرجُل بإستغراب : مَن؟
-أبي إنها أنا أبنتك, سيرين!
-لا أبناء لي! أنا حطاب فقير !
ضحكت ببلاهة : حطاب فقير؟! في أي قرنِِ نحن؟ أبي توقف عن المُزاح, لقد كدت أفزع بِشدة وينتهي أمري في تلك الغابة!!
قال بحنو : هل أنتِ تائِهة يا أبنتي؟
جمدت ملامحها لثانية لتزفُر : نعم يا أبي أنا تائِهة, وأنتَ قد جِئت لأخراجي!
بدت علي ملامحُه الإستغراق فالتفكير لثانية, تجعدت قليلاََ الجبهة السمراء لتُضيء عيونه الزرقاء : ساُخرِجك للمدينة!
وبدأ بالسير أمامها, كادت تُلقي دُعابة لولا إنها أخيراََ أزاحت عيونها عن وجهُه ونظرت لثيابُه فتجمد الدم في عروقِها : أبي؟
-ماذا يا أبنتي؟
-لماذا ترتدي هذه الملابس؟! وَ.. لماذا تحمل خشباََ؟
أجاب العجوز مُبتسِماََ : ألم اُخبِرِك بعد؟ أنا حطاب.
هُنا بدأت فعلاََ تستوعِب أن الرجُل ليسَ أباها حقاََ, وإنها كمن شَرِب سوائِل الصبار فالصحراء ظناََ مِنهُ إنها ماء لكنهُ لم يكُن إلا مُهلوِساََ!
ما أحتمالية أن يوجد رجُل فالجُزء الريفي من البِلاد يُشبِه أباها؟
هزت كتفيها بِقلة حيلة, هوَ فقط يُشبِهُه ليس الأمر أكبر ولا أقل مِن هذا.
بعد المشي لساعة اُخري خلف الحطاب وصلا للمدينة أو ما ندعوه "المدينة الريفية" , رأت عربات تجُرها الأحصِنة ولم تستغرِب شيئاََ.
-معذرة, أي مُقاطَعَة هذِه؟
-المُقاطَعَة الـ(.....)
لم يرن الأسم في رأسها أي جرس ولم تكُن الأبرع فالجُغرافيا فسألت مُجدداََ : كم تبعُد هذه المُقاطَعَة عن (.....) ؟
-لا مُقاطَعَة بِهذا الأسم!
قالها بِهدوء تام, فتوقفت عن السير وقد ضاقَ صَدرُها, وبدأ جبينها بالتعرُق.
لاحظ العجوز هذا فأردف بسُرعة : إنّ بيتي هُنا وقد أعدت زوجتي الطعام بحلول الآن, يُمكنِك أن تستريحي عِندَنا قليلاََ أو يُرسِل أبواكِ من يجِدِك.
هدأت قليلاََ, لا بُدّ إن حادِث سقوط الطائِرة مشهور وأقسام الشُرطة فالمنطِقة مُتَحفِزَة! ويبحثون عنها الآن! رُبما يبحثون عن آخرين أيضاََ.

___

كانت تشُم رائِحة شهية قبل حتي أن تدخُل, حكي الحطاب لزوجتُه كُل الموقِف والتي بالمُناسَبة لا تُشبِه والِدة سيرين البتة! هكذا علقت في عقلها بإطمئنان, كانت وجبة غريبة تلك التي أكلتها برغم كونها لذيذة لم تأكُل مثلها قبلاََ ولم تسأل حتي ما هي خشيةََ أن يظُنوها هازِئة بهم لأنهم فُقراء.
كانت زوجة الحطاب حنون جداََ معها , رُبما بسبب إنها لم يكُن لديها أي أبناء. حضرت لها حماماََ بالرغم من تواضُعُه إلا إن سيرين كانت مُمتنة.
وجلست العجوز تُمشِط لها شعرها بعد أن أستحمت والنُعاس يوشِك أن يغلبها من التعب حتي دق الباب.
نهض الحطاب في حماس : لا بُدّ إنهم جاءوا للبحث عنكِ!
تنبهت سيرين بسُرعة وهي تدعو بداخِلها أن يكون الأمر كما يقول, وقفت خلفُه وهوَ يفتح الباب ليُطِل علي شاب غريب الملابِس : المَلِكَة! تأمُركُم بتسليم أبنة العرافة! إن كانت عِندَكُم, علامتها المُميزة شعر بُرتقالي!!
رمشت سيرين تُحاوِل إستيعاب الموقف : أي مَلِكَة؟! أين نحنُ؟!
ساد الصمت علي الكوخ الصغير لدقيقة بدت كالدهر ليبتعد الحطاب ويسحبها الشاب مِن ذِراعِها وسط بُكاء زوجة الحطاب الصامِت.

-أنتهي الفصل الأول.[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:23 PM
رد مع اقتباس