عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-18-2015, 05:16 AM
 

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_15143292576287492.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]الفصل الأول : أميرتي هل تسمحين لي برقصة ؟

زمان أمضى هذا الشاب أيام طفولته في مدينة أشبه بالمجزرة ،


جراء حرب اقتحِمت الأرض من أمرٍ أصدرته عائلة حديثة الثراء .

وكان الشاب يعيش بين عائلته متوتراً ، قلقاً من صراعات بين أمه وأبيه ، انتهت بالطلاق .

فعاش متشرداً ، هارٍباً إلى مكان يأوي إليه ، ظاناً بذلك أنه السبب في جعلهما ينفصلان .

وفي نهاية الحرب التي مضت ثلاثون عاماً ، شاء القدر أن آب إلى مسكنه الذي لم يكن


سوى منطقة قد هشمت بالرماد !

وعندما رأى أعضاء عائلته متناثرة ، جن جنونه ،


وبدى يستجمعها على أمل أن ما يفعله سيعيدهم للحياة .

وعندما شعر بالهزيمة ، وأن أفعاله تلك ليست إلا أوهاماً متراكمة على وشك السقوط ،

انهد على ركبتيه صارخاً ، تاركاً الأعضاء تسقط دفعة واحدة ،


ظل في هيئته ساعة كاملة إلى أن أغشي عليه .

-
خفقان قلبه ، تنفساته الذي تكاد أن تسلب منه ، كانا الوحيدان اللذان قد نجاه من المصير ،


لكنهما لم يعجباه رغم تحقيق مراده ، فقد أفاق من قيلولته القصيرة باكياُ ، يتمتم بكلمات

تكاد أن تسمع ، وحالما استجمع بكامل طاقته على يده المقبوضة تلك

وقذفها نحو الأرضية بقهر ، ألقى كلمات مزمجراً :

- سأضع حداً لهذه المهزلة

-
يتكرر ماضيه الأسود في عقله كل يوم ، إلى أن قرر وضعه في طي النسيان .

أغلق عيناه الزرقاوان بهدوء ، يتحسس من صرخات وآهات ونداءات ذلك الماضي


الشاحب ، حتى ولما أطال الإستماع ، أحس بوخزة قلبية جعلته يصم كلتا أذنيه بقوة .

هو لا يريد سماع ولو وقعة صغيرة تطن ، إلى أن تدارك نفسه أنه في الحفلة .

وحالما أفاق من شروده الذي استغرق وقتاً ، تداعى الشيء من يده وانكسر !

كان الأمر مخجلاً وتمنى لو أن الأرض ابتلعته بأكمله ،


حيث أنه أطال النظر الى الشيء المكسور ثم التفت إلى الجميع وهم يتهامسون ،

لم يلفته تجمهرهم وإنما شخص أتاه بغتة

مرتدياً بدلة بيضاء رسمية مع بنطال أسود قائلاً بغضب :

- رايزن!

فزع المدعو برايزن من ذلك الشبح الواقف أمامه


لينهار على الأرض بقوة أدى إلى ضحك الجمهور .

بعدما أحس ذلك المذنب خطأ فعلته ، وضع يده على رأسه مشفقاً على حال رايزن بقوله :

- مجدداً؟

تقدم هو لمساعدته لكن رايزن بات صامتاً ، وحينما أمد يده إليه قال رايزن بهدوء :

- ميهو

ارتعدت فرائص ميهو لوهلة ليقول بخوف وارتباك :

- نعم

ظل الآخر صامتاً للحظة ، وكأنها لحظة انتظار السبع لطريدته المختبئة

وما هي إلا لحيظات معدودة حتى ظهرت على محياه ابتسامة ذات مغزى ثم نطق :

- نظف المكان رجاءً

- ماذا؟ فيم تفكر؟

لم يعره رايزن أي اهتمام ولكنه وقف على قدميه وذهب بصمت ، تاركاُ ميهو متأملاً

في كيفية تنظيف تلك الكومة المنكسرة على الأرض .

حينها تحول وجهه إلى طفل صغير ، ثم أردف :

- كيف تقول هذا وأنت الفاعل؟ متبلد مشاعر

من جهة أخرى

أكمل رايزن سيره فكان المكان من حوله أشبه بقصر الأحلام ،


حيث تتواجد أنواع من الأكواب المرصعة بالألماس على طاولة كرستالية

والكراسي التي اتخذت ذات لونها ، إضافة إلى الساحة الملكية للرقص ،

حيث يتواجد فيها أناس من عوائل مرموقة وفوق كل ذلك ،

مسرح ضخم فيها مقعد ملكي من الذهب الخالص ،

وأنواع مختلفة من الأكلات الشهية ، وبينما كان يستكشف المكان استوقفته فتاة رشيقة ،

متوسطة قامتها ، ذهبي شعرها ، صفراء العينين كشعاع الشمس الساقطة في أول

الضحى ، كانت أمامه تحدق فيه بمرح كعادتها .

أمسكت إحدى يديه ثم ركضت نحو المسرح الملكي


وعندما أوشكت على الإقتراب ، توقفت ثم التفتت نحوه بابتسامة تقول :

- رايزن ، ما رأيك أن ترقص معي؟

لم تكن سوى أميرة حمقاء ، بلهاء ،


تعشق خادمها الذي لا يعرف لتلك الحفلة مغزاها ،

فقد أطال النظر إليها ثم أعاد بصره نحو المسرح وما نطق!

ازداد ذلك البرود حرقة في قلبها فاختارت أن تشيح وجهها إلى الجهة الأخرى ببلاهة ،

وما هي إلا دقائق حتى أعلنت البيقان الذهبية اللون وصول ملكها .

فقد أطفئت المصابيح ، وأسدلت الستائر ، ولم يعد للضوء مكاناً يضاء فيه ،


إلا أن فتح مصباح من أعلى المسرح ليعلن وصول الملك لها .

كان الجميع في ذهول ، فقد كان الملك وسيم الوجه ، طويل القامة ، متجعد الشعر


يصل إلى حد كتفيه ، قام بإلقاء كلمة بصوت جهوري :

- يا أبناء مدينتنا الحبيبة ، مدينة فيوسيل ، ها أنتم ذا تضعون أقدامكم في قصري المتواضع


، وفي هاته الحفلة أنتم منيروها فأهلاً بكم .

أصوات قد علت أرجاء المكان بحماس مفرط ،


لكن سريان الدم الفاسد في عروق رايزن لم ترحل ،

فقد أطال النظر إلى الملك بحقد دائم ،

ولكن حنكية الملك ودهائه جعلاه يلتفت إلى أنظار رايزن بثقة .

وفي حين غرة ابتسم بعفوية ، وكأنها صفعة خدية تلقاها رايزن منه


لكن سرعان ما أشاح إلى الجهة الأخرى .

ثم أكمل الملك كلمته بذات النبرة :

- والآن لن أفسد عليكم حفلتكم الرائعة ، بإمكانكم البدء بالرقص.

ثم أعلن اللحن بدايته وبدء الجميع بالرقص ، وفي حين أحس رايزن بوخزة صغيرة


من أميرته البلهاء ، جعلته يلتفت لها بتعجب .

أمسكت يداها فستانها الكرستالي اللون ثم انحنت أمامه قائلة :

- رايزن أتسمح لي برقصة ؟

-
هربت ضحكة صغيرة من عنده قائلًاً بسخرية :

- رقصة ؟ ألا تملين من هذه التفاهات أيتها الأميرة جراسيا؟

أردفت هي حينما كان ميهو يتجول في الأنحاء باحثاً عنهما ،

وحالما عثر عليهما ابتسم بمرح قائلاً:

- وها قد عثرت ....

وقبل إكماله للجملة ، قالت بغضب :

- متبلد كعادتك !

وما أن نطقت تلك الجملة ، حتى انهار ميهو ضحكاً على رايزن

ما بات يستطيع إكمال مسرحيتهما المضحكة ، فاقترح عليهما الصفح ،

ولكنهما أخرساه قائلين :

- اصمت أنت!

أكمل رايزن باستهزاء متعال :

- لا أعرف الرقص أبداً ولم أعد أهتم لتلك المهزلة

ردت عليه جراسيا غاضبة :

- ومن قال لك أني أريد الرقص مع أمثالك ؟

أطال الشجار بينهما حتى استفحل ، وقد بلغ الأمر حده ،


ليربت ميهو على كتف رايزن بقوله :

- هيا إنها مسألة وقت يا صديقي !

ثم أدار للخلف وسحب رايزن بغتة من ياقته ليردف :

- اسمع يجب أن ترقص

- قلت لا

- ولكن...

التفت ناحية جراسيا ، وهي في غاية الغضب منتظرة ما ستؤول إليه الأمور

ثم أعاد نظره إلى رايزن قائلاً بذات النبرة :
- أرجوك !
- قلت لا يعني لا

جهارة صوته هي ما قد استثارت انتباه الحاضرين ومن بينهم ذلك الملك الذي


كان خادمه الشخصي يملأ كأسه عصيراً

انتصب واقفاً ثم مشى وذلك الخادم يتبعه بجمود ،


وحالما وصل إلى حيث كان رايزن ، ابتسم مردفاً بهدوء :

- ما الأمر ؟

نظر إليه رايزن بعينين ناعستين ثم أعاد نظره إلى الجهة الأخرى ولم يتكلم ،


لكن ميهو أجاب بينما ربت على كتف رايزن ببلاهة :

- إنه لا يريد الرقص

- لماذا؟
أراد رايزن الكلام أخيراً وحالما استجمع شتات كلماته لينطق قاطعه ميهو بقوله :

- إنه خجول كما تعلم ، ولكني متأكد أنه قريباً سوف يرقص

وكأنما يحاول تغطية الأمور بطريقته الخاصة ، لكن سرعان ما ابتسم الملك بسخرية ليجيب:


- هكذا إذاً ، ابذل ما بوسعك أيها الخادم رايزن

ثم أدار رأسه نحو المسرح الملكي ومشى .

لحظة صمت قد أحال بين هؤلاء الثلاثة ،


ليرمق رايزن وجه ميهو بعيون غاضبة بينما الآخر ينتظر عقوبته الأزلية

قالها بنبرة غليظة :

- ميهو ، سوف أنهال عليك ضرباً حالما أنتهي

ابتلع ميهو ريقه ثم قال بارتباك واضح :

- حاضر!

التفت رايزن نحو جراسيا التي تراقبه منتظرة رده بفارغ الصبر ، بينما هو أحس بالشفقة قليلاً ليجيب :

- ليس لدي خيار آخر إذاً؟

ابتسامة قد شقت طريقها بين ثنايا شفتيها لتقول بوجه حبور :

- خادم مطيع

وحالاً ابتدآ بالرقص ، حيث أمسكت بيدي رايزن وبدأت تدور بكل خفة وانسيابية مثلى ،

بينما هو لم يفهم معنى الرقصة ولكنها أجابت عن تساؤلاته :

- انظر إلى أقدامي وحاول تقليدها

اتسعت عيناه بذهول ثم نظر إلى قدميها لوهلة محاولاً تقليدها ، بشتى حذافيرها ،

أصبحت رقصتهما جذابة بالفعل ، مما أدى إلى توقف البعض ومشاهدتهم لها ،

أما ميهو فكان يراقبهما من بعيد متأملاً .

في تلك الأثناء قالت جراسيا لرايزن بابتسامة :

- أتعلم ؟ كنت أنتظر هذه الرقصة بفارغ الصبر

رد عليها بسخرية :

- والأخيرة طبعاً ، لذلك أقترح أن تغتنميه جيداً

صرخت هي بغضب :

- ماذا؟

توقفت عن الرقص محاولة كتمان بكاءها ثم أجابت :

- بليد

هربت إلى غرفتها تاركة رايزن في حسرة من أمره ،

لكن سرعان ما نسي أمرها فلم يعد مهتماً لها

أحس الملك بذلك الفعل فقام من مكانه وذهب ناحيته غاضباً ،


وحالما وصل إليه صفعه بقوة جعلت من خده الإحمرار!

ازداد ذلك الفعل غضب رايزن وحالما التفت ناحية المصدر نطق:

-كيف تجرأ على فعل ذلك؟

أوشك الخادم الشخصي للملك بالرد على تلك الجملة القبيحة ، ولكن الملك أردف:

- ولا كلمة

ثم أكمل بعد مدة بصوته الأجش :

- لم ينفعك لين الجانب مني ، ولا حتى اللطافة ! ما عدت أدري أي الإتجاهين سأسلك معك الآن .. ولكن ...

أظهر ذلك الوجه البارد قائلاً :

- كنت مخطئاً حينما أعرتك خادماً لأختي

ساد المكان بالصمت قليلاً وبعدما أحس رايزن بالذل والهوان ، نكس رأسه غاضباً يتمتم :

- تباً للساعة التي دخلت فيها هذا القصر!

ثم توجه نحو الدرج الكرستالي صاعداً.

-
تقطن في غرفتها ، باحثة في شتى الطرق لإزالة تلك المساحيق الكاسية لبشرة وجهها ،


شاءت أن ترجئ البصر لصوب المرآة لترى شكلها بعدما غسلته بماء لا بذاك الزمهرير ولا

الساخن فإذا بمنظر وجهها قبيح !

استاءت من شكلها فأجهشت بالبكاء المرير

خطت خطواته القوية نحو غرفتها محاولاً تهدئة غضبه الشديد ،


وحالما وصل إليها طن في أذنه بكاؤها ، ولكنه لم يهتم لذلك ،

فلطالما كانت تقوم بأشياء كهذه وأكثر!

ترجل رايزن في هيئته ليطرق الباب عدة طرقات قائلاً بهدوء :

- أميرتي ، هل أستطيع فتح الباب؟

وحالاً أدارت رأسها نحو الباب بذهول ثم أجابت :

- رايزن!

رد هو بدوره :

- آسف ، لقد كنت غير مهذب معك ، وربما جرحت مشاعرك الجياشة لذا هل سمحتِ لي بفتح الباب ومحادثتك وجهاً لوجه؟

راقبت الباب لتقول باستياء وحزن:

- كيف تستطيع مشاهدتي بعدما أصبحت قبيحة الوجه؟

- لا أهتم لهذا ، كونك لم تتغيري ، فأنت أميرتي بعد كل شيء

اتسعت عيناها بذهول ، بينما تسللت دمعة ساخنة من عينيها البريئتين ، حينها فتحت الباب

بهدوء مراقبة له باستياء ، وحالما صوبت عيناها على خده المحمر ،

تفاجأت صارخة بتساؤل :

- من فعل بك هذا؟

أمسك رايزن على خده ليردف بابتسامة:

- وهل أنت مهتمة إلى هذه الدرجة؟

أشاحت إلى الجهة الأخرى وبظرافة زفرت ، بينما واصل المسير نحو نافذتها ليقوم بفتحها

تسلل هواء عليل في غرفتها ، ليشعرها بالطمأنينة والسعادة ، طمأنينة لا تعرف من أين


جاءت ، وقد فتحت باعيها تستنشق بابتسامة .

بينما هو يراقب القمر وبتأمل نطق :

- هكذا أنت ، وهكذا أصبحت ، جميلة في كبد السماء كما القمر

أثار انتباهها كلامه وفجأة هربت ضحكة منها لتقول باستهزاء :

- أعرف أن جمالي كاسح ، لا داعي لذلك

أعاد نظره إليها وقد قبض ذراعه اليمنى ليسندها على ذقنه

بينما يشير بالأخرى لها وهو يقول بابتسامة :

-ناهيك عن فعلك السخيف ، ولكن ...

انتصب واقفاً ليمد يده ناحيتها مردفاً :

- أما آن الأوان لنرقص؟

اتسعت عيناها لوهلة مستغربة تصرفاته الغريبة ، فلم تتوقع يوماً أن يكتب القدر منيتها .

أكمل رايزن جملته الأخيرة :

- أو لنقل أميرتي أتسمحين لي برقصة ؟

ضحكت جراسيا منه لتقول بنبرة غليظة :

- ألا تمل من هذه التفاهات أيها الخادم رايزن؟

انطلت عليه الحيلة منها فانفجر ضاحكاً بصخابة لتشاركه حينها ضحكاته بسعادة تقول:

- هذا من دواعي سروري
برب لا أحد يرد ~



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة ماتسوزوكي ; 06-18-2015 الساعة 07:31 AM
رد مع اقتباس